
إنّ الوحدة هي قوّة لابدّ أن نعدّها لساعة المواجهة في برنامج طويل علينا أن نجهد أنفسنا من أجل تطبيعه ، فالوحدة تمثّل بناء متكاملاً لابدّ أن نضع لبناته الواحدة فوق الأخرى ، فهي تبدأ من الأفراد ، ثمّ المجاميع الصغيرة حتّى تبلغ ذروتها على نطاق الأمّة الإسلامية ، وهذا البناء المتكامل لا يمكن أن يشيّد مرّة واحدة ، بل بشكل تدريجي ، وبعد أن يجهد العاملون أنفسهم في وضع أحجاره ولبناته فوق بعضها ، والوحدة لا يمكن أن تتحقّق عندما يتبع البعض أفكاراً غريبة عن الأمّة ، وإنّما تتمّ إذا كان مصدر التوجيه واحداً ، ولذلك يؤكّد القرآن الكريم هذه الحقيقة قائلاً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) (١)
فعندما يطيع المؤمنون فريقاً من الذين أوتوا الكتاب فإنّ وحدتهم سوف يعتريها الضعف والنقص ، لأنّ هؤلاء لا يستهدفون تقوية الكيان الإسلامي ، بل تقويضه وهدمه.
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الوحدة لا تتمّ إلّا بعد إيجاد قيمتين متفاعلتين في الأُمّة وهما : قيمة الرّسالة ، وقيمة الرسول.
فالرسول أو الإمام هو الذي يجسّد المنهج ، ويكون مَثَلاً حياً له ، وهو وليّ الأمر ، ولذلك يقول سبحانه وتعالى : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ) (٢).
وهذان هما الثقلان اللذان أوصى بهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اللحظات الأخيرة من حياته قائلاً : إنّي تارك فيكم الثقلين ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي ... (3).
إنّ الله وعجل الله تعالى فرجه هو الذي أنزل الآيات ، وبعث الرسول ؛ فهو بالتالي المحور الذي يلتفّ حوله ، وعندما يذكّرنا القرآن بضرورة الاعتصام بحبل الله فإنّ هذا يعني التمسّك بكتاب الله ، واتّباع رسوله.
الاستقامة أداة الوحدة :
ومن أركان الوحدة الاستقامة والثبات على المبدأ ، وإلّا فإنّنا سوف لا نستطيع أن نبني كياناً مستقلاً موحّداً ، كما أنّ الآخرين سوف لا يعود بإمكانهم أن يعتمدوا علينا ، لأنّنا في هذه الحالة سنتحوّل إلى أشخاص مهزوزين ، ففي لحظة واحدة من الممكن أن ننقلّب على أعقابنا ، وهذا ما يهدّد الوحدة الإسلامية.
ولذلك نرى أنّ السياق القرآني الكريم يذكرنا عند حديثه عن الوحدة بهذه الحقيقة فيقول : (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (4).
فالاستقامة هي التي تجعل عاقبة الإنسان إلى خير ، وهي التي تجعله لا يخشى الموت ، كما يقول الإمام علي عليه السلام : والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت ، أم وقع الموت عليه (5)
أمّا الإنسان الذي يتردّد ، ويكون له في كلّ يوم شأن فإنّه إنسان متعلّق بالدنيا ، وهو يخشى على نفسه من الموت.
ومن أجل تكريس الوحدة والمحافظة عليها وبقائها ، لابدّ أن يكون هناك تجمّع من المؤمنين الصالحين الذين يشبهون إلى حد بعيد الهيكل الحديدي الذي يدعم بناء الأُمّة ، ويحول دون انهيارها ؛ هؤلاء المؤمنون يمثّلون التجمّع الطليعي ، والتنظيم القيادي ، والمجموعة التي نذرت نفسها في سبيل الله تعالى ، وهم الصنف الأوّل الذي يشير إليه أمير المؤمنين عليه السلام في قوله : الناسُ ثلاثةُ : عالمٌ ربّانيّ ، ومتعلّمٌ على سبيل نجاةٍ ، وهمج رعاع (6).
وهذا التجمّع القوي في داخل الأُمّة يمثّل في الواقع قدرة الأُمّة على المقاومة ، فكلّما ضعفت نية أو خارت عزيمة بادر هذا التجمّع إلى تدارك ذلك بالنصيحة والتوجيه والعمل والتحريض ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا التجمّع في قوله : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (7).
ولا يغيب عنّا أنّ هذه الوحدة لا يمكن لها أن ترى النور من دون تضحيات ، فالواجب علينا أن نخرج من أنانياتنا ، ونضحّي بمصالحنا ، بل وحتّى بمستقبلنا من أجل مصلحة المجموع ، فأيّ بناء لابدّ أن يقوم على أساس رصين ، والتضحيات هي هذا الأساس.
عقبات في الطريق :
ونحن ـ كأُمّة ـ عشنا إلى الآن ألواناً من التفرقة ، فهناك تفرقة طائفية كانت وما زالت مستمرّة ، وهناك تفرقة عنصرية ، وإقليمية ، وعشائرية ... بل إنّ الخلاف كان ـ للأسف الشديد ـ أصلاً في بلادنا.
ونحن الآن نريد أن نتّجه إلى الوحدة ، ولابدّ أن تعترضنا الحواجز التي إذا لم نستعدّ لتجاوزها فإنّها سوف لا تدعنا نصل إلى أهدافنا ، ومن هذه العقبات والحواجز الرئيسية العادات والتقاليد ، وهذه العقبة لو أردنا أن نتجاوزها فإنّ هناك من يدافع عنها ، ويقف في وجهنا ، وفي هذا الطريق لابدّ أن نكون صلبي الإيمان ، لا نخاف في الله تبارك وتعالى لومة لائم كي يكون بإمكاننا تجاوز هذه العقبة.
أمّا العقبة الأخرى التي تقف حاجزاً أمامنا في طريق الوحدة فهي عقبة المتاجرة بالدّين الذي قد يتّخذ وسيلة للتفريق على أسس مختلفة ، وبأساليب عديدة.
وهناك عقبة ثالثة نجدها في الاختلافات الجزئية الهامشية التي يحاول البعض إثارتها كالتفريق بين مراجع التقليد ، والتعصّب لعالم دون آخر ، في حين أنّ الإسلام هو الأصل ، وأنّ التقليد إنّما هو طريق إلى الإسلام ، فنحن قد عرفنا الله جلّ وعلا أوّلاً ، ومن ثمّ عرفنا رسوله وولاة أمره وقادة شريعتنا ، وبذلك عرفنا ديننا ، ومن خلال معرفتنا به استطعنا أن نقيّم الرجال ، فعرفناهم بالحقّ الذي عرفناه ، وإذا ما عكسنا الأمر فعرفنا الحقّ بالرجال فإنّنا سنكون قد سلكنا طريق الضلال والتفرقة ، فالحقّ هو الأصل ، وهو المقياس ، ونحن نستطيع أن نعرف مدى صلاح الرجال ، أو انحرافهم ، بمقدار قربهم ، أو بعدهم عن محور الحق.
والعقبة الأخرى التي تقف حاجزاً أمامنا هي العقبات الشخصية ، فهناك بيننا حجب لابدّ أن نمتلك الشّجاعة الكافية من أجل اختراقها وإلّا فإنّ كلّ واحد منّا سيعيش فرداً.
إنّ الإنانيّات والذاتيّات والعصبيّات ليست من الإسلام ، فلا يمكن أن يغنينا عن الله شيئاً أن ننتمي إلى الحزب أو التنظيم الفلاني ، بل إنّ بالسعي ، والفرق بين من يسعى وبين من يتمنّى يكمن في الإعداد لساعة المواجهة ، ومن أبرز أنواع الإعداد تركيز الجهود وتكثيفها من خلال الوحدة.
إنّ الوحدة تمثّل بناءً متكاملاً لابدّ أن نبنيه لبنةً بعد أُخرى ، ومن أهمّ واجباتنا اليوم ، وأقربها إلينا تجاوز الحجب والحواجز والعقبات التي وضعها الشيطان وحلفاؤه من الإنس بيننا وبين الأقربين إلينا في العقيدة ، فلنحاول أن نتجاوز هذه الحجب والعقبات لنشيد شيئاً فشيئاً صرح الوحدة الذي سيمكننا بالتأكيد من مواجهة الطغاة وعملائهم ومقاومتهم والقضاء عليهم ذلك لأنّ الوحدة هي سرّ قوتنا واقتدارنا ، ومن دونها نصبح عاجزين عن أداء أيّ عمل مهم.
هكذا نعالج عقبات الوحدة :
ثمّة حقيقة لابدّ من الإشارة إليها ، وهي أنّ سنن الله تبارك وتعالى شاملة وعامة لا تختلف من زمان لآخر ، ولا من إنسان لآخر ، وآيات القرآن الكريم لا تخلو من تفسير وتذكير بهذه السنن ، لذا يجدر بالإنسان أن يستوحي من القرآن الحكيم ما يعالج به أوضاعه ، ويشفي أمراضه.
الانتفاع من القرآن :
ولا يغيب عنّا أن مثل القرآن كمثل الغيث الذي ينزل من السماء ، حيث كلّ بقعة من بقاع الأرض تمتصّ من هذا الماء قدراً معيناً تستفيد منه بالطريقة التي تناسبها.
ولذلك لابدّ أن يكون الإنسان مستعدّاً لتلقّي هذا الغيث ، وهذه الرحمة الإلهية ، ومن أعظم ما يجعل الإنسان يستفيد من القرآن الكريم ، والاعتقاد بأنّ آياته تنفعه ، هو طرد الوساوس الشيطانية عن نفسه والتي توحي له بأنّ هذه الآيات لا تنفعه ، وأنّها خاصّة بالمؤمنين ، أو بأصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وبناءً على ذلك فلا علاقة لنا بالقرآن!
في حين أنّ الآيات القرآنية حتّى ولو تحدّثت عن المشركين ، فإنّها تتحدّث عن السنن الإلهية العامّة التي يخضع لها المشركون باعتبارهم بشر يخضعون لها ، ولذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى عندما يتحدّث عن المشركين الذين جابهوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أمرهم بعبادة إلهٍ واحدٍ فإنّه قال عن لسانهم : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) (8).
وهذه المعارضة لم تكن معارضة شاذّة ؛ أي أنّها لم تكن نابعة من المناخ الذي كان سائداً في مكّة آنذاك ، بل إنّها من طبيعة الإنسان ، ومن انحراف فطرته نتيجة الوسوسة ، فالإنسان يبقى هو الإنسان ، ,الإنسان المكّي في زمن الجاهلية هو الإنسان اليوم في بلاد الإسلام ، فهو يتأثّر بنفس المؤثّرات ، فنحن أيضاً يمكن أن نتّخذ آلهة متعددة ونقول : كيف تكون الآلهة في مصلحة إله واحدٍ؟
ونحن إذا استطعنا أن نفهم القرآن بشكل كامل فإنّه سيكون بالفعل علاجاً لأمراض قلوبنا ، وشفاء لما في صدورنا ، فكلّ واحد منّا يقرأ القرآن ، ويطبّق آياته الكريمة على نفسه وعلى واقعه ومجتمعه ، فسوف يظفر بالسعادة في حياته وآخرته.
الوحدة قضيّة مركزيّة :
ترى لماذا نؤكّد على مسألة الوحدة ، ولماذا نظلّ نركّز على هذه الحقيقة؟
الجواب : لأهمّيّتها وضرورتها ، ولأنّها رمز لمجموعة من الحقائق الأخرى التي لابدّ أن تجتمع إلى بعضها لتكون جسراً للإصلاح.
والوحدة هي رمز لصفاء الذّهن ، وتعبير عن وضوح الرّؤية وعن الإيجابية ، وتعبير عن الأمل ، والخلق الرفيع ، والتسامح والكرم ، والتضحية والفداء ، وتعبير عن الذوبان في القضية.
وهذه كلّها حقائق مختلفة ، ولكن رمزها واحدة وهي كلمة الوحدة ، فعندما نقول : إنّنا قد صلّينا في المسجد ، أو جلسنا في المصلّى ، فإنّ كلمة ( المسجد ) أو ( المصلّى ) هي كلمة واحدة ، ولكنّها تعني مجموعة متكاملة من الحقائق.
فالوحدة هي البناء ، وأعمدتها الرؤية الاستراتيجية وجدرانها الصّفات الحسنة ، وسقفها القيادة السليمة ، وأرضيتها الإيمان الخالص ، والنّفسيّة النّقيّة ، وبالتالي فإنّ كلّ هذه المفردات تجتمع مع بعضها لتكوّن حالة الوحدة.
مسؤولية العلماء في إقرار الوحدة :
ونحن ـ طلبة العلوم الدينية ، والعلماء ، والمفكّرين والخطباء ، والموجّهين الدينيين ـ المعنيون أكثر من غيرنا في هذا المجال ، فنحن لو تعمّقنا في أوضاعنا ، وألقينا عليها نظرة فاحصة لرأينا أنّ طائفة العلماء ؛ أيّ الموجّهين في الأمّة إن فسدوا فإنّ الأمّة كلّها سوف تفسد ، وإن صلحوا صلحت ، وحتّى الأمراء والحكّام فإنّ صلاحهم مستمدّ من صلاح العلماء ، فلا يوجد أمير يصلح من تلقاء نفسه ، بل إنّ السلطة بحدّ ذاتها هي أعظم عامل في إفساد الإنسان ، فالعالم ـ إذن ـ هو وحده الذي يستطيع أن يُصلح السلطة السياسية.
وفي هذا المجال يلهج الناس بقولهم الموافق للحكمة والتجربة إذا فسد العالِم فسد العالَم.
إنّ العلم هو سلاح المستضعفين ضدّ المستكبرين ، والعلم هو الذي يوحد الأُمّة ، وإذا سرقت رسالة العلم من قبل أدعياء العلم فإنّ النتيجة ستكون ـ ولا شكّ ـ لمصلحة المستكبرين ضد المستضعفين.
وبناءً على ذلك فنحن المعنيون بأن نبني بناء الوحدة في أنفسنا ، وهذه الوحدة لابدّ أن تشمل ألفاً وخمسمائة مليون إنسان ، فتكون قاعدة وهذا البناء في مكّة المكرّمة ، وعمودها في حرم الله جلّ وعلا ، فطرف من هذه الخيمة يظلّلنا ، ثمّ يمتدّ من عندنا إلى الصّين ، ثمّ إلى نيجيريا ، وقسم منها يمدّ إلى أعماق أوروبا ، وقسم آخر يظلّل شبه القارة الهندية.
وهذه الخيمة الواسعة الممتدّة التي تشمل الآفاق والعناصر والشعوب المختلفة ، بحاجة إلى أن من يغرز أعمدتها وأوتادها في عمق الأرض ، وأن يجعلها تمتدّ لتشمل العالم الإسلامي كلّه.
فالمطلوب منّا أن ننظر بعمق إلى هذه المسألة.
فالسطحية هي التي أفسدت أفكارنا ، وهي التي جعلتنا نحارب بعضنا البعض ، فإذا بالحكّام الطغاة يتسلّطون علينا ، وإذا بالأفكار السطحية القشرية تسود حياتنا بسبب عدم تعمّقنا في قضايانا الهامّة ، وللأسف الشديد فإنّ تبادل التهم ، وسوء الظن وما إلى ذلك من عوامل الاختلاف والتفرقة منتشرة بيننا ، فلمصلحة من كلّ هذه الاختلافات؟!
إنّنا نرى أنّ كلّ واحد منّا يفسّر الوحدة تفسيراً خاصّاً به ، فنحن نفسّر الوحدة بالتمزّق ، في حين أنّ سنّة الله تبارك وتعالى تفسّر التمزّق والاختلاف بالعذاب الشديد ، وهو القاهر فوق عباده.
وفي آية أخرى يقول سبحانه : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ) (9).
مسؤوليتنا كبيرة :
إنّ هناك مسؤولية عظيمة ملقاة على عاتقنا في هذا الطريق ، فمهمّتنا تشبه إلى حدّ كبير مهمّة من يحاول أن يجمع الصخور لكي يمهّد طريقه ، فيما أنّنا عاملون في سبيل الله سبحانه وتعالى فسوف نواجه الصعوبات والعقبات والعراقيل ، فلابدّ ـ إذن ـ من أن نتحلّى برحابة الصدر ، والصبر ، والاستقامة ، والشّجاعة لكي نستطيع تجاوز هذه العقبات بنجاح.
ولتكن أنشطتنا تدور حول محور الدّفاع عن النّفس ، لا الهجوم على الآخرين ، وليكن تحرّكنا إيجابياً ، وتوجّهاتنا إيمانية فإنّنا في هذه الحالة سرعان ما نكتشف أنّنا أقوى من العقبات والعراقيل التي يضعها الأعداء أمامنا ، وحينئذ سوف ننال عند الله الجزاء الأوفى ، ونصبح بين أفراد مجتمعاتنا أُنموذجاً للأناس الناجحين في الحياة.
ولنعلم في هذا المجال أنّ صمودنا ، وعدم التفاتنا إلى كلام الجاهلين ، والمضي في طريقنا بعزم وإصرار ، كلّ ذلك يعتبر بمثابة حجر نلقم به أعداءنا الذين يحاولون دائماً تثبيطنا ، ووضع العراقيل في طريقنا.
وهكذا فإنّ الواجب علينا أن ندافع عن أنفسنا ، وأن نكفّ ـ في نفس ـ الوقت عن مهاجمة غيرنا ، وأن نسعى من أجل توحيد بلادنا وشعوبنا ، وأن نكثّف من أنشطتنا ، وبذلك سوف نستطيع تحقيق أهدافنا بجدارة ، هذه الأهداف التي تتطلب منّا أن نتجاوز فردياتنا وأنانيّاتنا ، وأن نفكّر تفكيراً جدّياً في معالجة مشاكل الأُمّة ككلّ ، فلابدّ من أن نُوطن أنفسنا على الحقّ مهما كانت المشاكل ، والعقبات التي تواجهنا ، ومهما كان حجم المعاناة لأنّ الوحدة تمثّل هدفاً عظيماً وسامياً لا يمكن أن نصل إليه إلّا ببذل حجم كبير من التضحيات.
المصادر :
1- آل عمران : 100
2- آل عمران : ١٠١.
3- بحار الأنوار ٢ : ١٠٠ ، وحديث الثقلين من الأحاديث المتواترة بين الفريقين على اختلاف لفظه نذكر بعض المصادر عن طريق أهل السنة :مسند أحمد ٣ : ١٤ وج٤ ، ص٣٧١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٨ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٦٣ ، المصنف لابن أبي شيبة ٧ : ١٧٦ ، كتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم : ٦٢٩ ، الحديث١٥٥١ و ١٥٥٤ ، مسند أبي يعلي ٢ : ٠٣٣ الحديث١٠٢٧ ، المعجم الأوسط للطبراني ٣ : ٣٧٤ ، وج٤ ، ص٣٣ ، المعجم الصغير للطبراني ١ : ١٣١ وج٥ ، ص١٥٤ وص١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٦ ، الفوائد المنتقاة : ٧٤ ، كنز العمال ١ : ١٧٨ و ...
4- آل عمران : ١٠٢.
5- الأمالي للشيخ الصدوق : ١٧٢ ، الحديث٩ ، المجلسي٢٣.
6- الأمالي للشيخ المفيد : ٢٤٧ ، الحديث٣ ، المجلسي٢٩.
7- آل عمران : ١٠٤.
8- ص : ٥ ـ ٦.
9- الأنعام: ٦٥.