
أنّ الشيعة لا يسبّون الصحابة كما قال أعداؤهم ، لكن الشيعة أخذت طريقاً وسطاً وعقلانيّاً ينطبق مع الكتاب والسنّة ، فلم يقولوا بعصمتهم جميعاً كأهل السنّة ، وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة من زنىٰ ومن شرب الخمر ومن قتل النفس ومن حارب سنّة الرسول ومن أشعل الفتن ؟!
ثم إنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه كان يقيم الحدود كحدّ السرقة والزنا وشرب الخمر ، فعلىٰ من كان يقيم تلك الحدود ؟!
أليس علىٰ أصحابه المسلمين ، وإلاّ فالكافر بعيد عن المجتمع المدني بطبيعة الحال.
ولو نظرت إلىٰ كتب الشيعة لرأيتها مليئة بمدح الصحابة الذين لم يغيّروا ولم يتغيروا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتجد هذا كذلك في دعاء أئمة أهل البيت كالصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين عليهماالسلام.
فهذه الضوضاء التي يُثيرها بعض الغوغاء علىٰ الشيعة ليست بأكثر من زوبعة في فنجان ، وهكذا كلّ عقائد الشيعة في الواقع كلّها متطابقة مع العقل والنقل ، لكن الأعراب أبوا إلاّ التهريج وجعلوا أصابعهم في آذانهم.
وكما عرفت فإنّه تسقط بعد هذا عدّة أحاديث مكذوبة ، كحديث « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » فالصحابة اختلفوا وتنازعوا وأفتىٰ بعضهم بخلاف الآخر ، فبأيّ واحد أم بأي فريق نقتدي ؟!
نعم لقد أوصانا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي لا ينطق عن الهوىٰ بأن نتبّع أهل بيته عليهمالسلام فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« تركت فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما ، لن تضلّوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (١)
وهكذا حدّد لنا لمن نرجع بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان ليخفىٰ عليه ما سيقع في أُمته من الفتن خاصة ما سيحدث بين أصحابه ، ولهذا كان من غير المعقول أن يوصي رسول الله والله من وراءه بجميع الصحابة ، فهذا بمثابة اجتماع النقيضين كما يقال.
وارجع إلىٰ كتاب الله لترىٰ قوله تعالىٰ :
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ... ) (٢).
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : « من كنت مولاه فعليّ مولاه »(3)
أو قوله تعالىٰ :
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (4).
وارجع إلىٰ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« أنا مدينة العلم وعليّ بابها » (5)
أو قوله : « يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق » (6) وغيرها كثير كثير.
وهذه الخاتمة لا تسع لئن نستعرض كلّ ما جاء في القرآن والسنّة والسيرة من فضائل أهل البيت عليهمالسلام وهم بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم علي والحسن والحسين وأبناء الحسين من الأئمة إلىٰ الإمام الثاني عشر الإمام المهدي الغائب عليهمالسلام.
كذلك هذا بحث آخر فمن شاء فليتوسّع في هذه المسائل ، لكن وصيّتي لكلّ قارئ حرّ عنده عقل يُميّز به الحق من الباطل أن يقرأ عن الشيعة والتشيّع من كتب أهل الشيعة أنفسهم لا من كتب المستشرقين والنواصب ، حتّىٰ لا ينطبق علينا قوله تعالىٰ :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ) (7).
والسلام علىٰ عباد الله الصّالحين
المصادر :
1- مسند أحمد ٣ : ١٧ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٤٨ وورد في مسلم بألفاظ أخرى ، أنظر مسلم ، كتاب الفضائل : فضائل علي بن أبي طالب.
2- سورة المائدة : ٥٥.
3- مسند أحمد ١ : ٨٤ و ١١٨ ـ ١١٩.
4- سورة الأحزاب : ٣٣.
5- المستدرك للحاكم ٣ : ١٢٦ كتاب معرفة الصحابة.
6- أنظر الحديث في سنن ابن ماجة ١ : ٤٢ فضائل علي.
7- سورة الحجرات : ٦.