المرأة الصابرة المواسية لزوجها

عن معاوية ابن قرّة ، قال: كان أبو طلحة يحب ابنه حباً شديدا ، فمرض فخـافت أم سليم على أبي طلحة الجزع حين قرُب موت الولد ، فبعثته إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فلما خرج أبو طلحة من داره توفي الولد ، فسجّته أم سليم
Wednesday, August 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
المرأة الصابرة المواسية لزوجها
المرأة الصابرة المواسية لزوجها



 

عن معاوية ابن قرّة ، قال: كان أبو طلحة يحب ابنه حباً شديدا ، فمرض فخـافت أم سليم على أبي طلحة الجزع حين قرُب موت الولد ، فبعثته إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فلما خرج أبو طلحة من داره توفي الولد ، فسجّته أم سليم بثوب ، وعزلته في ناحية من البيت ، ثم تقدمت إلى أهل بيتها ، وقالت لهم .. لا تخبروا أبا طلحة بشيء .
ثم إنها صنعت طعاماً ، ثم مست شيئاً من الطيب ، فجاء أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : مـا فعل أبني ؟ فقالت له : هدئت نفسه ، ثم قال : هل لنا ما نأكل ؟ فقامت فقربت إليـه الطعام ، ثم تعرضت له فوقع عليها فلما أطمئن قالت له : يا أبا طلحة أتغضب من وديعة كانت عندنا فرددناها إلى أهلها ؟ فقـال : سبحان الله ، لا ، فقالت : أبنك كان عندنا وديعة فقبضه الله تعالى ، فقال أبوطلحة : فأنا أحق بالصبر منكِ .
ثم قام من مكانه ، فغتسل ، وصلى ركعتين ،ثم أنطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بصنيعهما ، فقال لـه رسول الله صلى الله عليه وآله : ( فبارك الله لكما في وقعتكما ، ثم قـال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمد الله الذي جعل في أمتي مثل صابرة بني أسرائيل ……)( 1 ).
التنازل عن المهر :
إن من الأسباب التي توجب المودة والألفة بين الزوجين وتمتين العلاقة بينهما فيما إذا كان للزوجـة على زوجها صداق مؤجل ووهبته لزوجها أو كان عندها من المعجل ، وقدمتـه لزوجها خصوصاً قبل أن يدخل بها فإن ذلك يدخل السرور على قلب زوجها .
فقد جاء في خبر السكوني عن الإمـام الصادق عليه السلام قال : ( قال النبي صلى الله عليه وآله : أيما امـرأة تصدّقت على زوجها بمهرها قبـل أن يدخل بها إلا كتب الله لها بكل دينار عتق رقبة. قيل : يـا رسول الله فكيف بالهبة بعد الدخول ؟ قال: إنما ذلك من المودة والإلفة )( 2 ).
الزوجة البِكر :
تعددت الروايات في مدح الزوجة إذا كـانت بِكراً وقـد تقدم في محاسن العروس أن تكون بكراً ، وهي أقرب للمودة واثبت في المحبة .
فقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله : ( تزوجوا الابكار فإنهن أعذب أفواهاً وأرتق أرحاماً واسرع تعلماً ، وأثبت للمودة )( 3 ).
وعنه صلى الله عليه وآله : ( تزوجوا الأبكار فإنهنّ أعذب أفواهاً ، وأفتق أرحاماً ، وأسرع تعليماً ، وأثبت للمودة )( 4 ).
وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال : ( تزوجوا الأبكار فإنهنّ أعذب أفواهاً ، وأنتق أرحاماً ، وأسرعهنّ تعلماً ، وأثبتهنّ مودّة …)( 5).
إن البكـارة في المرأة المتزوجـة لها أهميـة كبرى في الحياة الزوجية السعيدة فلها مميزات على غيرها :
1 – أن البنت البكرلم تألف أحداً من الرجال قبل زواجها فزوجها هو أول محبوب لها وهذا أدعى للبكرأن تحب زوجها وتعشقه وتتفانى في مودته كما قال تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةًوكذلك الروايات المتقدمة التي قـالت ان البكر ( أثبت للمودة ) بينما المرأة الثيب التي مرت مع رجل آخر في حياة زوجية قد لا ترتضي بعض صفـات الزوج الثاني ويبقى قلبها مع الأول أو تفضل بعض صفـات الـزوج الأول وهذا مما يؤثر في انسجامها وعلاقتها مع زوجها الحالي .
2 – أن الزوج مهما كان تدينه فإنه يحب أن يتحد بزوجته ويأنف أن يمسها أحد قبله وهذا النفور يختلف من شخص إلى آخر ، وهذا ما يؤكد على المرأة من وجوب محافظتها على عفتها .
3 – ان المرأة الثيب لا يبعد أن تحن إلى زوجها الأول إذا كانت مواصفاته أعلى من مواصفات الزوج الثاني وزوجها الأول قد توفى أو أنها مطلقة بغير رغبة منها أو برغبتها في البداية وبعد ذلك ندمت ؛ فإن كل ذلك تجعل حبها لزوجها الأول يفوق حبها لزوجها الثاني كما قال الشاعر :
ما القلب إلا للحبيب الأول / وحنينه أبداً لأول منزل
نِقّل فؤادك حيث شئت من الهوى / كم منزل في الأرض يألفه الفتى
4 – إن البنت البكر باعتبارها أول ممارستها للحيـاة الزوجية يتمكن الزوج أن يربيها ويوجهها على رغباته وأخلاقه ولها قابليـة الانقياد والمطاوعة أكثر من الثيب التي عادةً قد استقرت على أخلاقية معينة يصعب تبدلها .
وهذا ما أكدت عليه الروايات المتقدمة أن البكر ( أسرع تعلماً ).
المحافظة على الحياة الزوجية :
ومما تقدم يتبين لنا أهمية محافظة الزوجة البكر على حياتها الزوجية مع زوجها التي بدأت مسيرة الحيـاة معه ، وتعرف جيـداً أن مستقبلها الزاهر منوط بمستقبل زوجها وارتباطها به ، فعندما تفك ارتباطها معناه أنها هدمت مستقبلها وسعادتها ، ولا يجوز لها أن تحوّل نظرها عنه ، فتحـاول بكل ما أوتيت من قوة ومعرفة وصبر أن تتكيف معـه وتتحمل الشدائد والصعوبات التي تمر بها ، ولابد لكل زوجة مـن مشـاكل ومتاعب تعترضها في طريق حياتها.
ولابد أن تضع الزوجة في حسابها أنها إذا هدمت حياتها الزوجية مع زوجها الأول فلن تسعد مع زوجها الثاني بمقدار ماسعدت مع الأول وتندم حيث لا ينفع الندم . يلزمها أن تركز في اختيارها لشريك حياتها في البداية
وبعد اعطاء القرار والزواج منه فلابد من الصبر والتحمل مهما كلف الأمر.
رؤية الزوج للزوجة قبل العقد :
إن تعرف كل من الزوجين على الآخرقبل الزواج له الأهمية الكبرى في استقامة الحياة الزوجيـة ودوامها لهما وبالأخص نظر الزوج للزوجة قبل العقد فينبغي أن لا يقدم الزوج على العقد إلاّ وهو مقتنع بها تماماً .
فقد أورد السيد الرضي في ( المجازات النبوية ) عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة :
( لو نظرت إليها فـإنه أحرى أن يُؤدَمَ ( يُودمُ خ ل ) بينكما )( 6 ).
وعنه صلى الله عليه وآله ، أنه قال لرجل من أصحابه وقد خطب امرأة : ( انظر إلى وجهها وكفيها ، فإنـه أحـرى أن يُؤدَمَ بينكما المودة والألفة )( 7 ).
" يُؤدَمَ بينكما : أي تكون بينكما المحبة والاتفاق . يقال أدَمَ الله بينهما يأدِم أدْمـاً – بـالسكون -: أي ألَّفَ ووفَّق. وكـذلك يُـودمُ – بالمد – فَعَلَ وأفْعَل " ( 8).
الدعاء ليلة الزفاف :
إن عمل الزوجين المستحبات المتقدمة ليلة الزفـاف من الوضـوء ، وصلاة الركعتين ، والدعاء المخصوص ، وتأمين الحضور عليه، وذلك عندما تدخل العروس على زوجها له الأثر البليغ في إيجاد المحبة بينهما وأستمرارها ؛ فقد جاء في صحيحة أبي بصير قـال : سمعت رجلاً وهو يقول لأبي جعفرعليه السلام: جعلت فداك ، إني رجل قد أسننت ،وقد تزوجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخـل بها ، وإني أخاف إذا دخلت عليّ فرأتني أن تكرهني لخضابي وكبري ؟ قـال أبو جعفرعليه السلام: ( إذا أُدْخِلَتْ عليك إن شاء الله ، فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضيّة ، ثمّ لا تصـل إليها أنت حتّى توضأ وتُصليّ ركعتين ، ثمّ مرهم يأمروهـا أن تصلي أيضاً ركعتين ،
ثمّ تحمد الله وتصليّ على محمد وآله ، ثمّ ادع الله ، ومُرْ من معها أن يؤمنوا على دعائك ، ثمّ ادع الله وقل : اللهمّ أرزقني إلفها ، وودّها ، ورضاها بي ، وأرضني بها ، واجمع بيننـا بأحسن اجتماع وأنفسِ ائتلاف ، فـإنك تحب الحلال وتكره الحرام .
واعلم أن الإلف من الله والفِرْك من الشيطان ليكرّه ما أحل الله عزّ وجـلّ )( 9 ).
والفِرْك : البغض .
ولا تنسي الإبتسامة :
من أهم العوامل التي تدعو إلى المحبة والود والانسجام هي ابتسامة الزوجة في وجه زوجها وذلك بـأن تكون هذه الابتسامة عادة لها في أكثر حالتها حتى تحول بيتها إلى حياة زوجية سعيدة .
1 – فعن الرسول صلى الله عليه وآله قال :( يـا بني عبدالمطلب إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فألقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر )( 10 ).
2 – وفي صحيح الفضيل قال ( الباقر أوالصادق عليهما السلام ): ( صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبة ويدخلان الجنة والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ويدخلان النار )( 11 ).
3 – وعن الإمام موسى بن جعفرعليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله : ( حسن البشر يذهب بالسخيمة )( 12).
فحسن البشر وطلاقة الوجه والإبتسامة من الزوجة تبث المحبة بينها
وبين زوجها وتمتنها وتثبتها ، وتجعل الحياة بينهما سعيدة.
4 - فعن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال : ( أطلبوا الخير عند حسان الوجوه فإن فعالهم أحـرى أن يكون حسناً )( 13 ).
ومن هـذا الحديث يفهم أن الابتسامـة تحسن الوجه وتضيف عليه مسحة من الجمال حتى وإن لم يكن الوجـه جميلاً مـن حيث الخلقة والأمر بالعكس فإن تقطيب الوجه وعبوسه يعكس على الوجه عدم الجمال حتى وإن كان الوجه في حد ذاته جميلاً.
فـالمرأة التي تريد أن تعيش مع زوجها عيشة سعيدة فعليها ان تلازم الابتسامة في مختلف حياتها الزوجية .
بل إن الابتسامة وبشاشة الوجه من الزوجة هي الشبكة التي تصطاد الزوجة بها محبـة زوجها ، كما عـن أمير المؤمنينعليه السلامفي حكمه قولـه : ( والبَشَاشَةُ حُبَالَةُ المَوَدَّةُ ) ( 14).
ومن حكم أهـل الصين قـولهم ( إن الذي لا يُحسن الابتسام ، لا ينبغي له أن يفتح متجراً ).
" إن الابتسامة لا تكلف شيئاً ولكنها تعود بخير كثير ، وهي لا تفقر مـن يمنحها مـع أنها تغني آخذيها ، ولا تنس أنها لا تستغرق لحظة ، لكنها تبقى ذكرى حلوة إلى آخر العمر ، وأنه ليس هناك من هو فقير إلى درجة أنه لا يملكها ، ولا من هو غني إلى درجة أن يستغني عنها ، وكن واثقاً من أنها راحة للمتعب ، وأمل للبائس ، وفيض سعادة للسعيد ، وهي إن كانت لا تشترى أو تباع ، فإن خيرها يعم آخذها ومعطيها . فابتسم ) ( 15 ).
حسن الخلق من الزوج :
زيادة على ما تقدم في حُسن الخُلُق من الزوجين بشكل عام يلزم أن يكون الزوج على رصيد كبير من حُسن الخُلُق .
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قوله : ( ولا قرين كحُسْن الخُلُق )( 16 ).
إن الزوج باعتباره رب الأسرة والولي عليها فله أكبر الأثر في استقرار الحياة الزوجية واستمرارها ؛ فحسن الخلق منه ليس فقط يساعد على ترسيخ العلاقة الزوجية بل هو العمود الفقري في سعادة الأسـرة بكاملها وقد أكد الإسلام على هذه الناحية من الزوج سواء كـان في الحيـاة الدنيا ونتائجها الإيجابية والسلبية ، أو من الناحيـة الأخرويـة ، فقد وردت روايات أن من أسباب عذاب القبر هو سوء خلق الزوج مـع زوجته كما سوف يأتي في الفصل القادم .
إن الزوج إذا ابتسم لزوجته وقال لها عنـد الصباح ( صباح الخير يا عزيزتي ) إن هـذه الكلمة سـوف لن تنساها ويكون لها وقع عجيب في مشاعرها وأحاسيسها ، إن كثيراً من النساء يتمنون لو كان أزواجهن يبادلهن البشاشة والابتسامـة والمشاعر المرهفة والكلمة التي تدخل السرور عليهن .
وهذا يفقده الكثير من الأزواج.
وفاء الزوجة لزوجها :
إن أحد العوامل الأساسية لاستمرار الحياة الزوجية السعيدة هو وفاء المرأة لزوجها في الشدائد والمحن ، فإن الزوج قـد يصاب بنكسات في حياته وهنا يأتي دور الزوجة في ذلك .
ينقل عن معاوية أنه كان قد أرسل عبدالملك بن مراون حاكماً إلى الكوفة ، وكان في الكوفة رجل خسِرَ في تجارتـه وأفلسَ وكانت له زوجة وفيّة . طلب والداها منها أن تطلب الطلاق من زوجها ، فقالت هذه الزوجة الشابة : إنني كنت معه عندمـا كان غنيـا ، فلماذا لا يكون زوجي عندما أفلسَ ؟.
أرجو منكم أيها الأباء أن تتـركوا أولادكم يعيشون معـاً في هكذا أوضاع ، ولا تتدخلوا في أمورهم ؛ فعندمـا يراجعني الناس أرى أن 50% من الاختلافات هي بسبب الـوالدَيْن ، فعندما ترون روابطها الوثيقة لماذا لا تفرحون لذلك ؟ .
ولماذا يكون الوالدان سبب كثير من الاختلافات بين الزوجين ؟ .
سبب والدا زوجين شـابين اختلافاً بينهما . فذهب الوالد إلى الإمام الحسين ، فغضب الإمام عليه السلام وقال له : سمعتُ أنكَ وزوجتكَ سببتَ ذلك! فعقوبـة عملكم شديـدة وكأنكم مثلتم بالزوجين . حديثُ التفرقـة بين الزوجين بمنزلة قتل النفس.
واستمر النـزاع حتى وصـل إلى الحاكم ، وعندما جاء الوالدان والزوجان إلى مروان نظر مـروان إلى الزوجة فعشقها . فعندما تثور الغريزة الجنسية عند الرجل فإنه يلاحق نسـاء الآخرين وإن كانت له زوجة ؛ فقد كانت له نساء كثيرات ولعله لم يصلها في الشهر مرة لكنه لم يكتفي بذلك .
فقال للزوجة : إن هذا الزوج لن ينفعكِ فاطلبي الطلاق منه.
قالت : كلا .
قـال للرجل : طلقها . قال : لا . وبعد ذلك طلَّقها صبراً ، وسجن الزوج وتزوج زوجته . خرج الرجل من السجن ، وذهب إلى معاوية حافي الأقدام وشرح له مـا حـدث . فكتب معاويـة لمروان أن يحضر مع المرأة ووالديهما إلى الشام ؛ فجاء الجميـع وعندمـا دخلوا مجلس معاوية ، كأن البنت كانت جميلة جداً فزلّتْ قدم معاوية وقال : طَلِقْها .
قالت المرأة : كلا .
فنظر إليها معاويـة وقـال : أيتها المرأة ! ( وأرد تحريك عواطفها ) تريدين الخليفة مع قصره ، أو تريدين حاكمه مع قدرته، أو تريدين زوجكِ مع فقره ؟. اختاري بنفسكِ .
فعنـد ذلك قـال الزوج : أمام معاوية ، إلهي شكوت الحاكم عند الخليفة ، فلمن أشكو الخليفة ؟.
فنظرت المرأة الوفيّة إلى معاوية ، وقرأت عدة أبيات من الشعر معناها : لا أعوض شعرة واحدة مـن زوجي مقابـل الخليفة وجهازه ، والحاكم وقدرتـه
، وحتى أمي وأبي ، فـلا أعطيك شعرة واحدة من زوجي مقابل قصرك وقدرتك ، وبالتالي استطاعت الرجوع إلى زوجها ببلاغة لسانها (17).
حفظ الأسرار بينهما :
إن حفظ الأسرار بين الزوجين من الأمور المهمة في استمرار الحياة الزوجية فيجب على كل واحـد منهما أن يحغظ كرامة الآخر في أسراره ، وخصوصاً فيما يرجـع إلى الجانب الجنسي وقد تحدثت الروايات على لزوم كتمان ذلك بينهما ( 18 ).
معرفة الزوجة لزوجها :
كيف تتعرفين على زوجك ؟
ليس مقصودنا من التعرف على الزوج هنا ، المعرفة الإجمالية فهذا قد تم قبل الزواج ، ومقصودنا هنا هو التعرف عليه بعد الاقتران بين الزوجين ، والزوجة عندما تريد أن تعيش مع زوجها فلابد لها أن تتعرف على شخصيته وحالاته ورغباته وميولاته وهل أنه شرس الأخلاق ؟ أو أنه دمث الأخلاق ؟ وهل أنه مدلل أو معقد؟ وكيف هي اتجاهاته وأفكاره الدينية والاجتماعية ؟ فبعد أن تدرس حالته وتتعرف عليها عـن كثب ، يجب أن تتعامـل معه بما يتناسب مع رغباته وميولاته وهواياته إذا لم تخرج عن الحدود الشرعية . ولا يجوز للزوجة أن تضع أمامها عقبات كـأوده وخيـالات وهمية وأفتراضات تعجيزية وتقول أن مثل هذا الرجـل لا يمكن أن أعيش معه ولا أنسجم إياه ولابد من الانفصال عنه .
كثير من الزوجات اللاتي يرددن ، أنهن لا يمكن لهن أن يعشن مع هؤلاء من الرجال السلطويين أو القسات أو شرسي الأخلاق .
وهـذا لا يمكن قبوله بشكل مطلق ، فإن المرأة بيدها مفاتيح السعادة الزوجية ، وعندهـا من القدرة على حل أصعب المشاكل الزوجية بينها وبين زوجها ، ويخاطب بعض الكتاب الزوجـة بقولـه : ( اعلمي أن الرجل في حقيقته ليس لغزاً يصعب حله ، أو مسألة معقدة يتعسر فك رموزها !!
إن الرجل ببساطة شديدة مثل ثمرة جوز الهند صلبة من الخارج ولينة ولذيذة من الداخل !! ، والمدهش أن كثيراً من النساء يجهلن أن كل الرجال من طينة واحدة وذو صفات مشتركة ، قد تبرز صفة منها ، أو تنتحي أخرى نسبياً ولكن مجموع الصفات واحدة !! .
فالقاعدة العامة : أن كل رجـل يحب أن يكون رباناً لسفينة حياته الزوجية ، محترماً محبوباً ، ومقدراً ممن حوله في العمل ، وممن يعاشرهم في بيته !! ، يحب إذا أمـر أن يطاع .. وإذا طلب أن يجاب .. وإذا التمس الراحة وجدها .. وإذا تمنى الجمال والنظام في بيته رآه .. وإذا اشتهى طعاماً يحبـه يجده ولا يطعم سواه !! ) ( 19 ).
حسن الصحبة من الزوجين :
إن الحياة الزوجيـة بين الرجـل والمرأة هي أطول صحبـة للإنسان يعيشها وأدوم صداقة يتخذها في حياته فالرجل صاحب لزوجتـه ، والزوجة صاحبة لزوجها ، فقد تعددت الروايات في التعبير عـن الزوجين بالصاحب والصاحبة كما تقدم في رواية ابراهيم الكرخي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام: ( إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج . فقال لي : انظر أين تضع نفسك … )( 20).
وهذه الصحبة لابد أن تقوم على أساس تطبيق آداب الصحبة بجميع جزئياتها؛ فيجب على كل من الزوجين أن يصحب كل واحد منهما للآخر بأحسن صحبة .
قـال الإمام الصادق عليه السلام: ( وطن نفسك على حسن الصحبة لمن صحبت ، في حسن خلقك ، وكفَّ لسانك ، واكظم غيضك ، وأقلَّ لغوك ، وتفرش عفوك ، وتسخّي نفسك ) ( 21 ).
يا لها من قواعد وثوابت وأسس أولية يضعها الإمـام الصادقعليه السلاملكل من الصاحبين الزوجين وغيرهما .
1 – فتوطين الزوجة نفسها لزوجها وتواضعها وتذللها لـه وحسن المعاشرة معه يحقق لها هدفها في حياتها الزوجية وكذلك توطين الـزوج نفسه لزوجته في ما يلاقيه من متاعب لاشك أنه عامل كبير في استمرارية الحياة الزوجية.
2 – حُسن الخُلُق منهما .
3 – كف لسان كل واحد منهما عن الآخر فيما لا ينبغي أو لا يجوز .
4 – كظم غيض كل منهما في حق الآخر .
5 – ترك كل منهما اللغو وفضول الكلام .
6 – عفو كل منهما عن الآخر والتنازل عن مطالبه وبعض حقوقه .
7 – أن يجود كل واحد منهما بما في يده للآخر .
كل ذلك يحقق الحياة الزوجية السعيدة .
المصادر :
1- مسكن الفؤاد ، ص 69 وقريب منه في صحيحي البخاري ومسلم .
2- الكافي ج5 ص382 .
3- البحار ج100 ص237 .
4- مستدرك الوسائل حديث رقم 16438 .
5- مستدرك الوسائل حديث رقم 16439 .
6- الوسائل كتاب النكاح باب 36 من أبواب مقدمات النكاح ح 13 ، والجامع الصحيح للترمذي كتاب النكاح ح1087 ، وسنن ابن ماجه ح1865 وفيه : ففعل . فتزوجها . فذكر من موافقتها . وح1866 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح13488 - 13490 .
7- جواهر الكلام ج 29 ص 64 .
8- النهاية لابن الأثير ج 1 ص 35 .
9- التهذيب للطوسي كتاب النكاح ج 7 باب 36 ص 365 .
10- الكافي ج2 ص103 ح1 .
11- الكافي ج2 ص103 ح5 .
12- الكافي ج2 ص104 ح6 .
13- الوسائل كتاب الحج باب 21 من مقدمات النكاح ح4 .
14- نهج البلاغة باب الحكم رقم : 5 .
15- كيف تكسب الأصدقاء ص 30 .
16- نهج البلاغة باب الحكم رقم : 115 .
17- عوامل السيطرة على الغرائز ، ص 79 – 81 .
18- كنز العمال ح44905 - 44909 .
19- كيف تسعدين زوجك وتحافظين عليه ؟ ص 7 و 8 .
20- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب 6 من مقدمات النكاح ح1 .
21- هداية الناسكين ص39 .
 


نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.