التکفير

أراد الإسلام لمجتمعه أن يكون مجتمعاً قائماً على التسامح والرحمة ، وأن تكون أبواب المجتمع المسلم مفتوحة مشرعة على أبناء البشرية جمعاء لا استقطابهم واحتوائهم تحت راية الإيمان بالله والخضوع لشريعته. لذلك لم يتشدّد
Thursday, September 14, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
التکفير
التکفير



 

أراد الإسلام لمجتمعه أن يكون مجتمعاً قائماً على التسامح والرحمة ، وأن تكون أبواب المجتمع المسلم مفتوحة مشرعة على أبناء البشرية جمعاء لا استقطابهم واحتوائهم تحت راية الإيمان بالله والخضوع لشريعته. لذلك لم يتشدّد الإسلام في وضع شرائط ومؤهّلات الانتماء لكيانه الاجتماعي. فمجرّد إعلان الشهادتين ( لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ) كاف لقبول عضوية الفرد في مجتمع المسلمين ، بأن يصبح جزءاً منهم له ما لهم وعليه ما عليهم. ثمّ يبقى المجال مفتوحاً لتفاوت مستوى الإخلاص ودرجات الإيمان والتقوى بين أفراد المجتمع.
ولأنّ في الناس من يحاول إلباس الدين ثوب أنانيته ونظرته الضيّقة أو المصلحية فقد حارب الإسلام ورفض أيّ دور بوليسي على بوّابة الإسلام ، بأن ينصب أحد من نفسه شرطياً يطرد الراغبين في الدخول إلى رحاب المجتمع الإسلامي ، أو يحكم بإخراج أحد ممن يعيش في ظلال الإسلام.
فبنصّ قاطعٍ صريح ينهى الله سبحانه وتعالى عن رفض من يتظاهر بقبول الإسلام وإن كان ذلك المتظاهر قد خاض لتوّه معركة ضدّ الإسلام وقاتل المسلمين ، يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (١).
ففي الحرب إذا وجّه أحد المحاربين الكافرين تحيّة الإسلام ( السلام عليكم ) لأحد من المسلمين كإعلان منه بالانتماء للإسلام وجب على المسلمين قبوله واعتباره فرداً منهم مهما كانت دوافعه وخلفيّاته وسوابقه.
ونستعرض فيما يلي بعض الأحاديث والنصوص وآراء العلماء التي تؤكّد تسامح الإسلام وسعة رحاب كيانه الاجتماعي :
يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أحد أعلام السلفيين المعاصرين :
إنّنا نحكم لشخص ما أو لقوم ما بالإسلام إذا ظهر لنا من أحوالهم أو في إشارة ترشد إلى ذلك كأن نجدهم يصلّون أو يسيرون في طرقات المسلمين ، أو يلبسون ملابسهم ، أو يسمّون على طعامهم كالمسلمين ، أو يشهدون أمامنا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله.
والدليل على ذلك أنّ الله تعالى يقول : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) (2)
وهذا من الله إنكار على بعض المسلمين الذين قتلوا في الحرب رجلاً مع رفع يديه مستسلماً للمسلمين شاهداً شهادة الإسلام ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة بن زيد الذي قتل في الحرب رجلاً بعد أن قال لا إله إلّا الله : أقتلته بعد أن قال لا إله إلّا الله! وما تفعل بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة! فقال أسامة يا رسول الله ، أنما قالها متعوّذاً! فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هلا شققت عن قلبه! وذلك أنّ هذا الرجل الذي قتله أسامة كان قتل طائفة من المسلمين فلمّا علاه أسامة بالسيف قال : لا إله إلّا الله! وفي هذه قرينة أكيدة تبلغ درجة الدليل أنّ مثل هذا كافر القلب وأنّه لم يقل ذلك إلّا خوفاً من السيف ومع ذلك أمرنا الرسول أن نكفّ عنه حتّى مع عدم أمننا من انقلابه علينا بعد ذلك وقتاله لنا. وهذا من أعظم الأدلّة على أنّ لا إله إلّا الله تحرّم علينا دم قائلها حتّى لو قطعنا بيقين أنّه كاذب في هذه الكلمة.
ومن الأدلّة أيضاً على وجوب معاملة الرجل معاملة المسلمين حتّى لو لم يقم عندنا الدليل على إسلامه حقيقةً قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (3).
ولهذا قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كافّة الوفود التي جاءته إسلامها وشهد لها بذلك وعاملهم معاملة المسلمين مع أنّ كثيراً منهم لم يكن الإيمان قد دخل قلوبهم بعد ، وكثير منهم كان يجهل حقائق الإيمان ، كما قال تعالى : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (4).
وهذه شهادة من الله سبحانه على أناس أنّهم لم يدخل الإيمان في قلوبهم بعد ومع ذلك أمرهم سبحانه أن يقولوا : أسلمنا ، ولا شكّ أنّ قولهم أسلمنا يلزم المؤمنين أن يعاملوهم بالإسلام فيكفّوا عن دمائهم ويلقوا عليهم السلام ونحو ذلك من حقوق المسلم على المسلم.
بل أمرنا الكتاب والسنّة بالحكم بالإسلام لكلّ من أظهر شيئاً من الدين وأعلن الدخول في الإسلام حتّى لو كان منافقاً كاذباً كالأعراب الذين أعلنوا الإسلام ولم يفهموه ولم يعلموا حقائق الإيمان بعد ، وكالمتعوّذين الخائفين الذين قد يعلنون الإسلام ويخفون من الكفر ما الله به عليم ، وكلّ أولئك أمرنا الله أن نقبل علانيتهم وندع سرائرهم إلى الله سبحانه وتعالى ، كما قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم علانية المنافقين وعاملهم بذلك ، ولم يعاملهم بما أظهر الله سبحانه وتعالى للنبي من أسرارهم ، وبما وقف عليه الرسول نفسه من أخبارهم بل ترك معاقبتهم على سوء نيتهم لله سبحانه وتعالى (5).
وفي صحيح البخاري بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
مَنْ شهد أن لا إله إلّا الله ، واستقبل قبلتنا ، وصلّى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا فهو المسلم ، له ما للمسلم ، وعليه ما على المسلم (6).
وفيه أيضاً بالإسناد إلى أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَن صلّى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته (7).
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الحرقة فصبّحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلّا الله ، فكفّ الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتّى قتلته ، فلمّا قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك فقال : يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلّا الله؟ قلت : كان متعوّذاً.
قال : فما زال يكرّرها حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (8).
وفي الصحيحين ـ واللفظ للبخاري ـ بالإسناد إلى المقدار بن عمرو أنّه قال : يا رسول الله ، أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفّار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثمّ لاذ منّي بشجرة فقال : أسلمت لله ، أأقتله يا رسول الله ، بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تقتله فإن قتلته فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله ـ أي أصبح مؤمناً ـ وأنك بمنزلته قبل ان يقوم كلمته التي قال ـ أي تكون كافراً حربياً ـ (9).
ويعلق السيّد شرف الدين رحمه الله على هذا الحديث قائلاً :
ليس في كلام العرب ولا غيرهم عبارة هي أدلّ على احترام الإسلام وأهله من هذا الحديث الشريف ، وأي عبارة تكايله في ذلك أو توازنه وقد قضى بأنّ المقدار على سوابقه وحسن بلائه لو قتل ذلك الرجل لكان بمنزلة الكافرين المحاربين لله ولرسوله ، وكان المقتول بمنزلة واحد من أعاظم السابقين وأكبر البدريين الأحديين ، وهذه أقصى غاية يؤمها المبالغ في احترام أهل التوحيد فليتق الله كلّ مجازف عنيد (10).
وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام في خبر سفيان بن السمط قال : الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس ، شهادة لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت وصيام شهر رمضان (11).
وقال سلام الله عليه في خبر سماعة : الإسلام شهادة ان لا إله إلّا الله ، والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبه حقنت الدماء ، وعليه جرت المناكح والمواريث ، وعلى ظاهره جماعة الناس (12).
وقال الإمام محمّد الباقر عليه السلام في صحيح حمران بن أعين من جملة حديث : والإسلام ما ظهر من قول أو فعل ، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها ، وبه حقنت الدماء ، وعليه جرت المواريث ، وجاز النكاح ، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فخرجوا بذلك من الكفر وأضيفوا إلى الإيمان (13).
قال مغنية : قال صاحب مصباح الفقيه الآغا رضا الهمداني في الجزء الثالث من كتاب الطهارة ص٤٩ : من أقر بالشهادتين يعامل معاملة المسلمين من جواز المخالطة والمناكحة والتوارث حتّى ولو علم نفاقه وعدم اعتقاده (14).
وهكذا أراد الإسلام لأبنائه أن يتربّوا على سعة الأفق ورحابه الصدر وروح التسامح ليستوعبوا ما قد يحدث بينهم من اختلاف في الرأي وتفاوت في الأفكار.
فما دام الجميع يرفعون شعار الإسلام ويعلنون الالتزام به فهم مسلمون مهما تعدّدت مذاهبهم وتنوّعت فرقهم. كيف والأصول واحدة متفق عليها بين المذاهب ، والأُسس واحدة ينطلق منها الجميع؟!
بيد أنّ مرضاً خبيثاً تفشّى في بعض الأوساط الإسلامية هو مرض التسرّع في تكفير من يخالفهم في المذهب أو الرأي ، فالإسلام عند هؤلاء المرضى محدود النطاق ضيق الإطار يتلخّص فيما يرونه ويعتقدونه ومن حادّ عنه قيد شعرة خلعوا عنه رداء الإسلام وحكموا بكفره وزندقته!

الخوارج أوّل من ابتدع التكفير :

بعدما اضطرّ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى قبول التحكيم في حربه بصفين ضد تمرّد معاوية بن أبي سفيان سنة ٣٧ هـ ، تكتّل جماعة من جيش الإمام علي معلنين مخالفتهم للصلح مع معاوية وقبول التحكيم ، وخرجوا على طاعة الإمام وبدؤوا بتكوين نظرية وفلسفة لخروجهم ورفضهم التحكيم ، وتطرّفوا في موقفهم إلى حدّ الحكم بكفر الإمام علي ، وشنّ الحرب ضد حكومته وقتل أتباعه وأصحابه (15).
ويذكر التاريخ بعض موارد تطرّفهم منها : أنّهم أصابوا في طريقهم مسلماً ونصرانياً فقتلوا المسلم لأنّه عندهم كافر إذ كان على خلاف معتقدهم واستوصوا بالنصراني وقالوا : أحفظوا ذمة نبيّكم (16)!
وأقبل واصل بن عطاء مسافراً مع رفقه له فاحسّ بالخوارج متمركزين في أحد منعطفات الطريق ، فأصاب الهلع رفاقه من بطش الخوارج لكنّه طمئنهم بأنّه سيؤمّن لهم النجاة بادعائه أنّه وأصحابه مشركون أمام الخوارج ، وبالفعل لم يعتد الخوارج عليهم بل طبّقوا عليهم قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (17)!
قيل : لما أقبلت الخارجة من البصرة حتّى دنت من النهروان رأى عصابة منهم رجلاً يسوق بامرأة على حمار ، فدعوه فانتهروه فأفزعوه وقالوا له : من أنت؟ قال : أنا عبد الله بن خبّاب صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقالوا له : أفزعناك؟ قال : نعم. قالوا : لا روع عليك ، حدّثنا عن أبيك حديثاً سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تنفعنا به. فقال : حدّثني أبي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال : تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه ، يمسي فيها مؤمناً ويُصبح كافراً ، ويُصبح كافراً ويمسي مؤمناً. قالوا : لهذا الحديث سألناك ، فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيراً. قالوا : ما تقول في عثمان في أوّل خلافته وفي آخرها؟ قال : إنّه كان محقّاً في أوّلها وفي آخرها. قالوا : فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال : إنّه أعلم بالله منكم وأشدّ توقّياً على دينه وأنفذ بصيرة. فقالوا : إنّك تتّبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها ، والله لنقتلنّك قتلة ما قتلناها أحداً.
فأخذوه وكتفوه ثمّ أقبلوا به وبامرأته وهي حُبلى متم ، حتّى نزلوا تحت نخل مواقير ، فسقطت منه رطبة ، فأخذها أحدهم فتركها في فيه ، فقال آخر : أخذتها بغير حلّها وبغير ثمن ، فألقاها. ثمّ مرّ بهم خنزير لأهل الذمّة فضربه أحدهم بسيفه ، فقالوا : هذا فساد في الأرض ، فلقي صاحب الخنزير فأرضاه ، فلمّا رأى ذلك منهم ابن خبّاب قال : لئن كنتم صادقين فيما أرى فما عليّ منكم من بأس ، إنّي مسلم ما أحدثتُ في الإسلام حدثاً ، ولقد آمنتموني قلتم : لا روع عليك. فأضجعوه فذبحوه ، فسال دمه في الماء ، وأقبلوا إلى المرأة فقالت : أنا امرأة ألا تتّقون الله! فبقروا بطنها ، وقتلوا ثلاث نسوة من طيّء ، وقتلوا أمّ سنان الصيداويّة (18).
هكذا ابتلى الخوارج بمرض تكفير المسلمين المخالفين لهم في الرأي ، وكانت ظاهرة جديدة في الأُمّة ، حيث لم يتجرّأ عليها أحد قبلهم مع حصول الاختلاف في الرأي والموقف والذي قد يصل إلى حدّ الاقتتال كمقتل الخليفة عثمان وحرب الجمل وحرب صفين دون أن يكفّر أحد من الطرفين الآخر.
وتسرّب هذا الداء الوبيل من الخوارج لغيرهم ، وصار التكفير سلاحاً في معارك الخلاف المذهبي والفكري لدى الفئات المتعصّبة المتطرّفة ، حيث تعتبر كلّ جهة متعصبة أنّ الإسلام محصور في عقيدتهم وفهمهم ، وأنّ من خالف ذلك الفهم ولو أدنى مخالفة فهو خارج عن حظيرة الإسلام محكوم بالكفر أو الشرك!
فمثلاً ينقل عن محمّد بن موسى الحنفي قاضي دمشق المتوفي سنة ٥٠٦ هـ قوله : لو كان لي أمر لأخذت من الشافعية الجزية (19).
كما ينقل عن أبي حامد الطوسي المتوفي سنة ٥٦٧ هـ قوله : لو كان لي أمر لوضعت عليهم [ الحنابلة ] الجزية (20).
ومعنى وضع الجزية اعتبارهم غير مسلمين يعاملون كأهل الكتاب.
وحينما طرح ابن تيمية الدمشقي المتوفّى سنة ٨٦٧ هـ آراءه المخالفة لآراء سائر العلماء والمذاهب نودي في دمشق : من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله خصوصاً الحنابلة (21).
يعني أنّهم كفرة محاربون.
على أنّ الشيخ ابن حاتم الحنبلي يقول : من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم (22).
وعكسه الشيخ أبو بكر الواعظ البكري المتوفى ٤٧٦ هـ في جوامع بغداد ذهب إلى تكفير الحنابلة (23).
وهذا الشيخ الملقّب بسيف الدين الآمدي المتوفى سنة ٦٣١ هـ كان حنبلياً ثمّ صار شافعياً وتعصّب عليه جماعة من فقهاء البلاد وحكموا عليه بالكفر والزندقة (24).
ولعلّ من أعظم تلك الفتن التي وقعت بين المذاهب هي فتنة ابن القشيري الشافعي عندما ورد بغداد سنة ٤٦٩ هـ وجلس في النظامية وأخذ يذمّ الحنابلة وينسبهم إلى التجسيم ، وكتب إلى الوزير يشكو الحنابلة ويسأله المعونة ، وهجم أصحاب القشيري على زعيم الحنابلة عبد الخالق بن عيسى ، ووقع قتال بين الطرفين وأغلق أتباع القشيري الشافعيون أبواب سوق مدرسة النظام ، وغضب أبو إسحاق الشيرازي وكاتب فقهاء الشافعية نظام الملك غضباً لتسلّط الحنابلة واتسعت الفتنة وفكر الخليفة في حلّ هذه المشكلة واهتدى إلى سعيه في الصلح ، فجمع القشيري وأصحابه وأبا جعفر الشريف زعيم الحنابلة وأصحابه بمحضر الوزير ، فقام القشيري رئيس الشافعية والتفت إلى الوزير عندما طلب منه الصلح وقال : أيّ صلح يكون بيننا؟! إنّما يكون الصلح بين مختصمين على ولاية أو دين أو تنازع في ملك ، فأمّا هؤلاء القوم فإنّهم يزعمون إنّا كفّار ونحن نزعم أنّ من لا يعتقد ما نعتقده كان كافراً فأيّ صلح يكون بيننا (25)؟!
المصادر :
1- النساء : ٩٤.
2- النساء : ٩٤.
3- صحيح البخاري ١ : ٩ و ١٣.
4- الحجرات: ١٤.
5- فصول من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله : ٩٦ ـ ١٠٠.
6- صحيح البخاري ١ : ١٠٣
7- المصدر السابق : ١٠٢.
8- المصدر السابق : ج٨ ، ٣٦ «بتلخيص» وصحيح مسلم ١ : ٦٨ «بتلخيص» ..
9- صحيح البخاري ٥ : ١٩ وصحيح مسلم ١ : ٦٦ ـ ٦٧.
10- الفصول المهمّة في تأليف الأمّة : ١٨ ـ ١٩.
11- الكافي ٢ : ٢٤.
12- المصدر السابق : ٢٥.
13- الكافي ٢ : ٢٦ ، الحديث٥ ، باب (الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان).
14- الشيعة في الميزان : ١١٦.
15- الكامل في التاريخ ٣ : ٣٣٤.
16- شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٨٠.
17- التوبة: ٦ شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٨١ (بتصرف).
18- الكامل في التاريخ ٣ : ٣٤١.
19- تاريخ الإسلام ٣٥ : ١٤٨.
20- المصدر السابق ٣٩ : ٣٩٨.
21- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ١ : ٨٩.
22- تذكرة الحفاظ ٣ : ١١٨٧ ، وفي الوافي بالوفيات جاء اسمه هكذا (عتيق بن عبد الله البكري) ج١٩ : ٢٩٥.
23- شررات الذهب ٤ : ٤٩.
24- لاحظ وفيات الأعيان ٣ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
25- ذيل طبقات الحنابلة ١ : ٦ (بتصرّف).
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.