النظام الصحي في الاسلام

استمر الانسان في حياته الاجتماعية منذ بداية الخليقة يتساءل ماذا اتناول من طعام حتى احافظ على حيوتي الجسمية ؟ وايهما افضل لصحتي : كثرة الطعام ام كفاية الغذاء ؟
Saturday, September 16, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
النظام الصحي في الاسلام
 النظام الصحي في الاسلام



 

استمر الانسان في حياته الاجتماعية منذ بداية الخليقة يتساءل ماذا اتناول من طعام حتى احافظ على حيوتي الجسمية ؟ وايهما افضل لصحتي : كثرة الطعام ام كفاية الغذاء ؟
ولو ترك الامر للناس في اختيار نوعية الطعام على اساس انه شهي او على اساس انه نافع ، لاختار للناس الطعام الشهي على اساس انه شهي او على الطعام النافعة لان الرغبة الشخصية للفرد هي التي تحدد نوعية الطعام الذي يأكله. فاذا اصبحت شهوة الفرد الحَكَم في اختيار الطعام اضحى الفرد عبداً لشهيته.
ولا يختلف الحيوان في ذلك عن الانسان. فيخضع الحيوان لنفس المنهج المذكور لان شهوته هي التي تحدد كمية الطعام التي يستهلكها حتى لو كان ذلك مضراً لجسمه.
ولكن العلم الحديث والنظام الرأسمالي اخضعا الحيوان لطعام مصنّع يحتوي على نسبة محدّدة من الكاربوهيدرات والبروتينات والدهنيات ، حتى يستطيع المستثمر ، الذي يمتلك قطيعاً من الاغنام مثلاً جني أقصى الارباح عند بيعه تلك الحيوانات الصحيحة المتعافية ، على عكس النتيجة فيما لو باع الحيوانات المريضة ، او الحيوانات التي تستهلك علفاً لا تنفع اجسامها ، فتقل عندئذ الارباح التي يفترض جنيها من تلك الثروة الحيوانية.
ولكن هنا يبرز سؤال مهم ، وهو كيف يستطيع الانسان اختيار طعامه الصحيح وهو جاهل بمحتويات المواد الغذائية التي يتناولها ؟ وللجواب على هذا السؤال يمكن ان يقال ان للانسان طريقين ، اما ان يختار العلم التجريبي ليدليه على المواد الغذائية التي تنفع الجسم ، وهذا ما لم يحصل في تاريخ البشرية الاّ في القرن الأخير.
واما ان يفتش عن نظام غيبي يدليه على اسرار الوقاية والغذاء حتى يتجنب الامراض النازلة بالافراد. والنظام الغيبي الذي نقصده هو الاسلام ، حيث جاء بنظام وقائي ونظام غذائي في غاية الدقة والكمال.
ولو ان المائة سنة الأخيرة التي بحث العلم التجريبي فيها عن اسرار الطعام ومحتويات المواد الغذائية وعلاقتها بصحة الانسان ، صرفت على احكام الاطعمة والأشربة في الاسلام لدفعت العلم البشري اشواطاً عديدة الى الامام ، ولاستغنت اوروبا وامريكا وروسيا واليابان عن ملايين الاطنان من الادوية والحقن والامصال ، التي اريد لها ان تشفي الامراض ، ولكنها لم تحقق الشفاء التام لحد اليوم.
ولو استطرد السائل الآنف الذكر مستفسراً عمّا يعمله الغذاء الجيد بجسم الانسان ؟
لأجبناه بان الفرد الذي يتبع النظام الوقائي والغذائي الذي دعا اليه الاسلام سيكون فرداً سليماً من الناحية الصحية ؛ حيث ان المفترض طبياً ان يتمتع الفرد السليم بالصفات التالية:
١ ـ ان ظهوره العام ظهور صحي مصحوب بحيوية فائقة ، وان تعبيرات الوجه ووضوح العينين ، وسرعة حركتها ، وقوة ملاحظتهما تعكس الحالة الصحية الطبيعية لذلك الفرد.
٢ ـ تركيبة العظام تركيبة جيدة. فيلاحظ ان السواعد والسيقان مستقيمة ، وان الرأس والصدور والاسنان ذات بناء قوي في المادة واعتدال في الاتجاه.
٣ ـ ان عضلات الجسم قوية ونامية بشكل صحيح. ويظهر ذلك في القيام والجلوس والمشي ، والحركة الرياضية.
٤ ـ ان الانسجة الشحمية تحت الجلد تغطي العظام والعضلات بشكل كاف بحيث يكون مظهر جسم الانسان مظهراً طبيعياً.
٥ ـ ان وظائف الجسم تعمل بكفاءة ، فيؤدي الجهاز الهضمي وظيفته في الهضم وامتصاص المواد الغذائية واخراج الفضلات ، وكذلك الجهاز التنفسي ، وان الفرد ينام باطمئنان ويستيقظ بنشاط.
وانسان بهذه الصفات يعتبر من الناحية الطبية كائنا طبيعياً وصحياً.
فالفرد لا يحتاج الى كمية كبيرة من الطعام حتى يكون قادراً على تأدية دوره الحياتي ، بل انه ـ اذا وضع الشهوة الجامحة بأكل اللذيذ من الطعام جانباً ـ يحتاج الى الاساسيات حتى يستطيع القيام بدوره الفعال في الحياة الاجتماعية ؛ فهو يحتاج الى كمية كافية من البروتينات لاصلاح انسجة الجسم ، وكمية كافية من المعادن والاملاح لتنمية العظام والاسنان ، وكمية كافية من الكاربوهيدرات للطاقة ، وكمية كافية من الفيتامينات لاعطاء حيوية للاعصاب والدماغ وحفظ بقية الانسجة ، وكمية قليلة من الدهنيات للحفاظ على ظاهر الجسم. وعندما يتم اكتمال بناء الجسم في العشرينات من عمر الانسان ، تصبح كثرة الطعام من هذه المواد بمثابة حقْن الجسم بالسموم.
ولذلك فان الرسل (صلی الله عليه وآله وسلم)والائمة (عليه السلام) كانوا يكتفون بالخبز والتمر واللبن احياناً في وجباتهم الغذائية ، لان الخبز ـ وهو يحتوي على الكاربوهيدرات ـ يمنح الجسم الطاقة. والتمر ـ وهو يحتوي على سكر واملاح وفيتامينات ـ يحفظ حيوية الدماغ والاعصاب. واللبن ـ وهو يحتوي على بروتينات وفيتامينات ـ يصلح الانسجة ويحافظ على حيويتها. وهذا المقدار من الطعام يكفي لتنشيط الجسم الانساني ودفعه لاداء اعماله الحياتية الطبيعية.
اما بقية الحبوب والفاكهة والخضار فقد ورد استحباب اكلها ؛ لانها تحوي على كل هذه المواد النافعة لجسم الانسان. وورد التأكيد على الاعتدال في اكل اللحوم ، خصوصاً الحمراء. وهذه المواد الغذائية البسيطة ، هي الاساس في تقوية الجسم وتحريكه ، وما عداها زائد ليست له قيمة حقيقية في بناء جسم الفرد صحياً.
ومن اعظم الاخطار الصحية التي جلبها التطور الصناعي في الدول الرأسمالية على الافراد هو تبديل النظام الغذائي الذي واكب التقدم الصناعي والزراعي في القرنين الماضيين. فاصبح الفرد سجين نظام غذائي فد يجلب له الضرر او المرض ؛ حيث يستند هذا النظام الغذائي على عوامل خمسة معارضة تماما للنظام الصحي الاسلامي في الاصل ، وهي :
١ ـ ازدياد كمية الطعام المتناول من قبل الافراد ؛ لان كثرة الخيرات وعدم وجود نظام اخلاقي يهذب طريقة الفرد في التعامل مع الغذاء ، ادت الى زيادة شره الافراد نحو تناول الطعام. فمن نتائج هذه الزيادة ان الفرد اصبح يخزن الشحوم الزائدة عن حاجته ، مما يسبب عطلاً في الوظائف البيولوجية للخلايا الجسمية. وقد ورد عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) قوله : ( لو ان الناس قصدوا في الطعام لاعتدلت ابدانهم ) (١).
٢ ـ تناول الطعام بين الواجبات الغذائية. وهو يسبب زيادة في خزن الشحوم ايضاً وارباكاً لنظام الجهاز الهضمي الذي صمم على اساس الوجبات الاساسية. وقد ورد في الرواية عن الامام الصادق (عليه السلام) : ( تغدّ وتعش ولا تأكلن بينهما شيئاً فان فيه فساد البدن ، اما سمعت الله تبارك وتعالى يقول : ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) (2)
٣ ـ كثرة تناول السكّريات والمنتجات المتعلقة بها ، التي تحرم جسم الانسان من توازن الكمية الداخلة في الانسجة والخارجة منها ، فيما لو تناول الفرد الحبوب والفاكهة والخضار. وكثرة السكريات تسبب سرعة تسوّس الاسنان ايضاً. والاصل هنا هو قاعدة الاعتدال ، المتسالم بين العقلاء ، في تناول المواد الغذائية.
٤ ـ تناول الاطمعة المحفوظة ؛ حيث يحفظ الطعام في علب معدنية ، ثم تضاف اليه بعض المواد الكيميائية لحفظ خلال فترة النقل ، والخزن ، والبيع. ولما كان الماء وبعض الاملاح والفيتامينات الموجودة طبيعياً في داخل هذه الاطعمة ، تعجّل في تلف هذه المواد فانها تسحب خلال عملية التعليب ويعوض عنها بمواد كيميائية غير غذائية هدفها حفظ المادة المعلّبة من التفسخ. وهذا يؤدي الى انخفاض النسبة الغذائية في هذه المواد. وقد ورد في الروايات ما يشير الى اهمية الاطمعة الطازجة ، منها قوله (عليه السلام) : ( عليكم بالفواكه في اقبالها ، فانها مصحة للابدان ).
٥ ـ اهمال تناول الفطور في الصباح ؛ لان الفرد في المجتمع الصناعي يفضل ـ تحت ضغط الاقتصادية ـ الاسراع للعمل ، فيهمل تناول الفطور. وتناول الافطار الصباحي مهم لان الجسم يستهلك طاقته الحيوية خلال الليل ، ومع مجيء يوم جديد فان حاجات الجسم ينبغي ان تلبى قبل ان يتحرك من جديد لتأدية عمله اليومي الشاقّ. ولم يقتصر الاسلام على التأكيد على تناول الفطور ، بل اكد على ضرورة تناول العشاء ايضا على نفس مبدأ تناول الفطور لقوله تعالى : ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) (3)
وقوله (صلی الله عليه وآله وسلم): ( لا تدعوا العشاء ولو على حشفة. اني اخشى على اُمتي من ترك العشاء الهرم. فان العشاء قوة الشيخ والشاب ) (4).
والاخطار الصحية الناتجة عن اتباع وممارسة النظام الغذائي الرأسمالي تستهلك من واردات النظام الاجتماعي الكثير على المستوى الصحي والانتاجي للافراد.
المصادر:
1- المحاسن : ص٤٣٩.
2- مريم : ٦٢./ الكافي : ج ٦ ص ٢٨٨.
3- مريم : ٦٢.
4- المحاسن : ص ٤٢١.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.