الظالم يقتل بسيفه

لقد أكثر (بخت النصر) في ظلم الناس والتعدي علیهم وسجن أحد أنبياء الله سبحانه وهو النبي النبي دانيال (علیه السلام) في بئر.. والله سبحانه أمهله حتی يمتحن الناس به، ويمتحنه بالناس، فقد قال سبحانه: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
Tuesday, October 10, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الظالم يقتل بسيفه
 الظالم يقتل بسيفه



 

لقد أكثر (بخت النصر) في ظلم الناس والتعدي علیهم وسجن أحد أنبياء الله سبحانه وهو النبي النبي دانيال (علیه السلام) في بئر.. والله سبحانه أمهله حتی يمتحن الناس به، ويمتحنه بالناس، فقد قال سبحانه: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون).
ورأي (بخت نصر) ذات ليلة رؤيا هالته، فجمع المعبرين واستفسرهم عن تفسير الرؤيا، لكن الكل أحجموا عن الجواب وقالوا: لا علم لنا بها…
فغضب علیهم أشد الغضب: كيف يتصرفون في الدولة بكل رفاه ولكن يعجزون عن تفسير رؤيا الملك؟.
قال أحدهم: إن في ملكك عالماً واحداً يتمكن من تفسير رؤياك.
قال: ومن هو؟
قال: ذلك هو النبي دانيال (علیه السلام) الذي يدعي النبوة وقد سجنته أنت.
قال الملك: علی به.
فاخرجوا النبي دانيال (علیه السلام) من سجنه وجاءوا به الی الملك.
قال الملك: رأيت رؤياً هالتني، فهل عندك تعبيرها؟
قال النبي دانيال (علیه السلام): نعم.
فقص علیه الملك رؤياه.
قال النبي دانيال (علیه السلام): إن هذه الرؤيا تدل علی إنك تقتل في يوم كذا، في ساعة كذا، من شهر كذا.. فاستشاط الملك غضباً، وقال: إنّا نسجنك الی يوم الوقت المعلوم، فإن لم يكن كما ذكرت قتلتك.. فأمر بسجن النبي دانيال.
ثم.. إن الملك أمر بإخراج كل من في القصر قبل الیوم الموعود وأمر جلاّده أن يكون في ساحة القصر، وقال له إذا رأيت أحداً هنا فاضرب عنقه كائناً من كان، وبدون مراجعتي، ودخل بخت النصر غرفة من غرف القصر وهو ممتلئ رعباً وخوفاً، وأخذ يعدّ اللحظات الی الساعة التي ذكرها النبي النبي دانيال (علیه السلام).
وقبل الساعة بلحظة ازداد خوف الملك وحسب ألف حساب وحساب، فخرج من الغرفة ليری هل دخل القصر أحد، وإذا بالجلاد يسمع وقع الأقدام من خلفه، فحمل علی الشبح الذي ترائي له بدون أن ينظر الیه ليتبين له من هو؟
وكان ذلك الشبح هو الملك بنفسه، ولما قدّه الجلاد نصفين، وإذا به يري أن المقتول هو الملك بعينه وصدق كلام النبي دانيال (علیه السلام) ولم ينفع الحذر، وكان قتل الملك الجبار علی يد من كان أوثق المعتمدين عنده.
نعم.. (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
وانتهت بقتل هذا الرجل صفحة سوداء من تاريخ الجبارين وخلّف عبرة لمن يتبوّء السلطة ظلماً وعدواناً، ولكن ما أكثر العبر وأقل المعتبر، كما في الحديث الشريف.

لا يمكن الفرار من حكومته

كان رجل من أعراب البادية و انه أُتهم بقتل إنسان وأُدخل السجن، وقد حكمت علیه المحكمة بالسجن مدي الحياة. قال: فتعجبت من ذلك وقد كنت أعلم أن الرجل بريء من القتل الذي أُتّهم به. قال: فزرته في السجن وقلت له: أنا اعلم أنك بريء، لكن كيف أثبتوا علیك ما أنت بريء منه؟
قال الرجل: نعم … هو كما ذكرت إني بريء من قتل هذا المقتول، وكلما دافعت وأتيت بالشواهد لم ينفع دفاعي، وحكمت المحكمة علی كما تعلم.. ثم أردف الرجل قائلا: لكن هذا بذنب سابق، فإني قد قتلت بريئاً قبل سنوات ولم يعلم بذلك أحد، ولكن الله سبحانه جازاني عن ذلك بهذا السجن.
وهكذا يأخذ الإنسان وبال عمله، إن عاجلاً أو آجلاً.
قيل: إنه ذات مرة أقبل سارق يريد سرقة ملابس عالم وجده مسافراً في الصحراء وحيداً.. لكن السارق خشي أن يأخذه وبال سرقته عاجلاً، حيث إن الرجل عالم.
فسأله هل ان الله تعالی يأخذ الإنسان بذنبه عاجلاً أو آجلاً؟
قال العالم وهو لا يعلم نية السارق : قد يمهل الله فاعل الحرام مدة طويلة تصل أحياناً الی مدة أربعين سنة.
وإذا بالسارق ينقض علی العالم وينزعه ملابسه ويسرق كل ما عنده وكلّما ألحّ الشيخ وخوفه من عاقبة عمله لم ينفعه ذلك، بل قال السارق: سوف أتوب قبل بلوغي أربعين سنة من هذا التاريخ. ولما أخذ السارق ما عنده أخذ يعدو فراراً وإذا به يقع في حفيرة وتنكسر رجله، فلحقه العالم وأخذ ملابسه، قال السارق له: ألم تقل إن الله سبحانه قد يؤخر العقاب؟ قال: نعم.
قال السارق: فكيف أخذني الله بالسرقة، ولم تمرّ ساعة؟
قال العالم: إن أخذه هذا إنما هو بذنب قديم.
وهكذا قد يؤخذ الإنسان بذنب قديم، لكن الأخذ يقيني، فإنه سبحانه (لا يمكن الفرار من حكومته) سواء اعتقد الإنسان بحكومته أم لم يعتقد بها؟.
لذا يجب علی الإنسان خصوصاً الحكام، أن يفكروا ألف مرة ومرة، قبل اقترافهم الظلم، فإن الظلم أخيراً يأخذ الإنسان.
وأيّنا لم ير ظالماً أُخِذ بظلمه؟
وأيّنا رأي ظالماً نجي من العقاب في الدنيا؟
لا تغرنك السلامة إذ ما تظلم الناس فالعقاب قريب

عاقبة الظالمين

كان أحد رؤساء بعض بلاد الإسلام رجلاً ظالماً يقتل الأبرياء ويستحل الحرمات ويهتك الأعراض حتی أهلك الحرث والنسل والزرع والضرع، وأكثر من الظلم والعسف … وكان الله سبحانه له بالمرصاد، فأُقصي من بلده ومات شرّ موتة.
نقل لي أحد الثقاة، أنه بعد موته ذهب الی قبره أحد الأخيار، فرأي بعينه البرزخية: ان قبر الرجل ممتلئ ناراً، وإنه يتصاعد مع شرر النار الی فوق، ويقول: (الويل الويل الويل) ثم يسقط في القبر الذي كان أشبه شيء في نظره بحفرة من نار.
قال ذلك الخيّر: ورأيت معه في نفس وضعه شخصاً آخر قصير القامة لكني لم أعرفه من هو.. وهكذا كان حال الاثنين.
قال تعالی: (لا تدعو الیوم ثبوراً واحداً وأدعو ثبوراً كثيراً).
قلت: للذي نقل لي هذه القصة، إنّا نؤمن بذلك قبل أن نسمع أمثال هذه القصص، ألم يرد في الأحاديث الصحيحة: (القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران).
إن هذا بعض جزاء الظالمين في دار الدنيا، وفي القبر، وهناك لهم( نار أحاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا).
وقد حكي: إن رئيس وزراء بلد إسلامي، كان ظالماً عاتياً، وكان فاسد العقيدة، فكان يقول: لي ألف دليل علی أن الله ليس بموجود…
واتفق أن دارت به الدائرة وفسد قلب الملك علیه، فأمر بسجنه ومحاكمته، وأحضر الطاغوت أمام القاضي وكان القاضي رجلاً مؤمناً بالله.
فقال له القاضي: كنت قد سمعت إنك تقول: إن لك ألف دليل علی عدم وجود الله؟.
قال الرجل: نعم، كنت أقول ذلك.
قال القاضي: لكن لي دليل واحد أقوي من كل تلك الأدلة تدلّ علی وجود الله سبحانه.
قال الرجل: وما هو ذلك الدليل؟.
قال القاضي: الدليل هو أن أحضر مثلك الطاغوت العنيد، في محكمتي أنا القاضي المتواضع العادي ثم حكم القاضي علیه بالإعدام..
ونفذ فيه الحكم وقد خسر الدنيا والآخرة ولم يبق له إلا الذكر السيّئ في الدنيا والعذاب الأبدي في الآخرة.

العين بالعين

قيل لملك: كيف صرت عادلاً؟
قال: كنت ذات مرة أطارد صيداً، فأرسلت الكلب لقبضه، وإذا بالكلب يكسر رجل الغزال، ولم يكن ذلك من عادته، وإنما فعل الكلب ذلك عدواناً.
فلم يمض زمان إلاّ ورفس الفرس رجل الكلب، فكسرت.
ولم يمض زمان إلاّ وسقطت رجل الفرس في حفرة، فكسرت.
فعلمت أن الدنيا دار مجازاة، ومن عمل سوءً لا يجزي إلاّ بمثلها.
وفي المثل (لا يجني الجاني من الشوك العنب).
وورد في حديث: إن موسي (علیه السلام) سئل الله سبحانه أن يريه عدله؟.
فقال له الله سبحانه: اذهب الی (العين) الفلانية، لتري مظهر عدلي.
فجاء موسي (علیه السلام) الی العين، فرأي أن فارساً جاء الی العين يريد الماء ولما رجع سقط منه كيس نقوده هناك.
فلما مضي الفارس، جاء شاب يريد الماء فأخذ كيس النقود وذهب.
ثم إن رجلا أعمي جاء يريد الماء، وفي هذا الأثناء جاء الفارس يطلب كيس نقوده وظنّ أن الأعمي هو الذي أخذه وأخفاه، فطلب الكيس من الأعمي، لكن الأعمي أنكر وقال: الكيس ليس عندي، لكن الفارس لم يقتنع بمقالة الأعمي فجرد السيف وقتل الأعمي وذهب.
فأوحي الله سبحانه الی موسي (علیه السلام) أرأيت عدلي؟.
قال موسي (علیه السلام): وكيف يا ربّ؟ إني لم أر إلاّ سرقة الشاب كيس الرجل الفارس وقتل الفارس الأعمي بدون ذنب؟
فأوحي الله سبحانه الی موسي(علیه السلام): إن الفارس كان استولي علی هذا الكيس الذي كان لوالد الشاب ظلماً، وحيث مات والد الشاب أصبح الكيس للشاب، فأرجعنا المال الی صاحبه الشرعي.
وإن الأعمي كان قد قتل والد الفارس ظلماً، فاقتصصنا من الأعمي علی يد ولد المقتول.
أقول: ينقل عن الإمام الأجل الشيخ نصير الدين الطوسي (قدس سره) إنه كان يقول: إذا فوض الله تعالی الی أمر الكون فرضاً لم أكن أغير فيه شيئاً، بل أديره كحاله الآن.. وكان يقول: إن الله سبحانه أعلم بالصلاح من الكل، فإذا رأيناه يدير الكون بمثل هذه الإدارة، لابد وان تكون الإدارة بهذه الكيفية في غاية الصلاح، بحيث ان أي تغيير تكويني فيه يكون خلاف الصلاح.
وقد علقت أنا علی كلمة الشيخ الطوسي (قدس سره): انه إذا لم يصل الینا من الشيخ أي شيء من تاريخ حياته وعلومه وسائر أعماله الجليلة، إلاّ هذه (الكلمة) لعلمنا أنه في أرفع مكانة من العلم والحكمة.
كما علقت علی كلمة ابن سينا: حيث يقول: (ما قرع سمعك من غرائب الزمان، فذره في بقعة الإمكان ما لم يذرك واضح البرهان)… بمثل هذا التعلیق.
ولك أن تسأل فلماذا يغير الأنبياء والأئمة (علیهم السلام) الاعتقادات والتقالید؟.
ولماذا يغير العُمّار بأمر من الله سبحانه الأرض، الی زرع وعمارة؟.
ولماذا؟.. ولماذا؟.
والجواب: إن كل ذلك داخل في النظام المقرّر علی الأرض الذي لا ينبغي تغيير أي شيء منه. فمعني كلام الشيخ: أن صنع الأرض بهذه الكيفية وخلق البشر بهذا النحو وإرسال الأنبياء والأئمة (علیهم السلام) لأجل الهداية وتمكين البشر لأجل العمران و.. و.. كلّها حسب الصلاح الدقيق، حتی أن أيّ تغيير في شيء من ذلك تكويناً خلاف المصلحة.
ثم إن من الجهل أن ينكر الإنسان المصلحة لمجرد أنه لم يفهمها، كما هو واضح لكل ذي عقل.
قيل: إن أحد الحكماء، كان ينكر الفائدة في وجود قسم خاص من الخنفساء، فاتفق أن ابتلي بقرحة في جسده ولم ينفعها كل أقسام الأدوية.. الی أن أتاه طبيب وقال: إن علاجه أن يقتل هذا النوع من الخنفساء ويحرقه ويضمد الجرح بمحروقه، ففعل ذلك بعد الیأس وبرء بإذن الله تعالی، فقال الحكيم: إن الله تعالی لم يفعل ذلك إلا ليفهمني جهلي.
لنرجع الی موضوع الكلام وهو إن الظلم لابد وأن يجرف الظالم وإن طال الزمن.. وأحياناً ينمو الظلم نمو النبات، فيرجع الی الظالم بأضعاف ظلمه، ونموه ليس اعتباطاً بل بميزان خاص دقيق، أرأيت كيف تقرر القوانين الإعدام أو حبس الأبد، علی بعض أقسام الإجرام الذي ليس له هذا الحجم؟. فانه قد يكون من هذا الباب.
إذا ظلمت فراقب سوء منقلب من يطفئ الضوء لا ينفك في الظلم

شوب الماء باللبن

كان إنسان صاحب غنم وكان يخلط الماء باللبن عند البيع، ونصحه كثير من الناس أن يتجنب هذا الأمر، لكنه لم يكن يعير لكلامهم أهمية.. واستمر في فعله ذلك.
وذات مرة جاء سيل وذهب بالقطيع كله، فكان يبكي ويصرخ ويولول، فقال له أحد أولئك الناصحين له: لماذا البكاء والعويل؟ إن قطرات الماء التي كنت تشوبها باللبن، تجمعت حتی صارت سيلاً فذهبت بالقطيع!.
ويحكي قريباً من هذه القصة، قصة رجل كان يشوب الماء باللبن، وذات مرة كان راكباً في سفينة تبحر من الهند وإذا بقرد هناك يلفق كيس نقوده ويصعد به الی سارية السفينة وكلّما حاول الرجل ورجال السفينة إغراء القرد بالنزول لم ينفع، فنظروا الیه وإذا به يفتح الكيس ويقذف بليرة ذهبية في البحر وبليرة ذهبية في السفينة، وهكذا، حتی افرغ ما في الكيس.
فأخذ الرجل يبكي ويصرخ، قال له بعض من كان يعرفه ويعرف عمله، لماذا البكاء والصراخ؟ إن القرد طرح حصة الماء في الماء وحصة اللبن الیك.
وهكذا عاقبة الظالم، إن الظلم يتجمع ويتجمع، حتی يكون سيلاً يذهب بكل شيء، أو يصور الظلم في صورة قرد ويذهب ببعض الشيء من الأموال التي جناها بخداع الناس والغش …
ومن حكمة الله سبحانه أن لا يأخذ الإنسان دائماً بأفعاله مباشرةً، وربما أمهله لكي يرجع عن غيّه مرة ومرة ومرة، ولكن ليس معني ذلك إنه أهمله أو تركه.. قال تعالی: ( وإن ربّك لبالمرصاد).
يقال: إنه جيء بسارق الی علی (علیه السلام) وقد اجتمعت فيه شروط الحدّ فأمر الإمام (علیه السلام) بقطع يده، فأخذ في التوسّل والتضرّع، أن يكفّ الإمام عنه؟ لكن الإمام أبي إلاّ قطع أصابعه.
قال: يا أمير المؤمنين والله إن هذه أول مرة أسرق وسوف أتوب فلن تراني سارقاً أبداً.
لكن الإمام علیه السلام أمر بقطع يده.
ولما اخذ لتقطع يده، قال السارق: يا أمير المؤمنين، إن هذه السرقة كانت تمام المائة وقد سرقت قبل ذلك تسعاً وتسعين مرة.
قال الإمام (علیه السلام): وأنا كنت أعلم بذلك، فإن الله سبحانه لا يفضح العبد في أول مرة وكنت أعلم انك تكذب.
نعم.. إن الله سبحانه يمهل السارق ويمهل ويمهل.. ثم يأخذه (أخذ عزيز مقتدر).
وإذا رأيت الستر من رب العلا لا تغترر فلربّما جاء القدر

ظلم أم عدالة

في أحد البلاد الإسلامية وجد قتيل لم يعرف قاتله، وحيث إن القتل كان فضيعاً ضغط وزير الداخلية علی المدير العام للتحريات الجنائية أن يجد القاتل بكل صورة، وأعمل المدير كل أجهزته الأمنية لمعرفة القاتل، ولكن القاتل ضلّ مجهولاً، ومضت مدة طويلة بدون الحصول علی أي شيء؟
حتی ظنّ الوزير أن المدير العام شريك في الجريمة، فأصدر الیه أمره أنه لابد من تشخيص ومعرفة القاتل خلال ثمانية وأربعين ساعة، وإلاّ يتهم الوزير نفس المدير بأنه شريك في الجناية.
فارتبك المدير وضغط علی الأجهزة للعثور علی القاتل، ومضت سبع وأربعون ساعة بدون جدوي.
وإذا بذهنية المدير تتفتق عن حيلة، فأصدر أمره الی معاونه أن يخرج من الدائرة ويلقي القبض علی أول إنسان يراه، مهما كان ويأخذ منه الاعتراف بكل وسيلة، بأنه هو القاتل.
وخرج المعاون وألقي القبض علی صياد سمك طاعن في السن، وأحضره عند المدير.
قال له المدير: أنت قتلت فلان؟.
قال الصياد: لا أعرف فلاناً حتی أكون قاتله.
قال المدير: نعم، هناك أدلة وشواهد تدل علی أنك القاتل.
قال الصياد: أنا رجل فقير مسكين أصطاد السمك لقوت عائلتي، وعندما ألقيتم القبض علی كنت متوجهاً الی البحر لصيد السمك.
فأمر المدير معاونه بأن يضربه حتی يعترف، وتحت وطأة التعذيب اعترف الصياد بالجريمة.
فخبر المدير الوزير بأنه وجد القاتل.
فأسرع الوزير وأصدر الحكم علیه بالإعدام فوراً، وتجمهر الناس ليروا كيف يلقي الصياد المجرم مصيره بعد أن هزّ البلاد بذلك القتل البشع.
ولما أُحضر الصياد عند المشنقة، قيل له: أوص وصيتك الأخيرة.
فقال: ليعلم هؤلاء الجمع، إني لست قاتل هذا المقتول، وإني أجبرت علی الاعتراف تحت وطأة التعذيب، لكن أنا قاتل إنسان آخر قبل سنوات، وقد ابتلاني الله بهذه العقوبة جزاءاً علی ذلك القتل، لا هذا القتل الذي أعدم لأجله.
وأنصت الجميع الی كلام الشيخ الصياد، ليقول:
كنت أنا في زمان شبابي ملاحاً أعبّر الناس من طرف البحر الی طرفه الآخر.
وفي ظهيرة يومٍ شديد الحرّ وقد توقف المرور كلياً، جاءتني امرأة ومعها طفلان أحدهما رضيع والآخر يزحف وركبوا في السفينة ليعبروا البحر.. وكانت المرأة بارعة الجمال.
فوسوسني الشيطان.. وفي وسط البحر، حيث لا يراني أحد ممن في البحر غلبتني الشهوة وطلبت منها الفاحشة، لكن المرأة كانت شريفة فأبت، وكلما أغريتها، لم ترضخ.
وأخيراً هددتها بأنها إن لم ترضخ ألقيت ولدها في البحر، لكنها أصرت علی الامتناع فأخذت ولدها الصغير وألقيته في البحر وهي تبكي وتولول، لكن الشيطان كان قد أصمّني عن نداء العقل والعاطفة.
غرق الولد.. لكن الشهوة أخذت تشتعل فهددتها مرة ثانية بأنها إن لم تستجب ألقيت ولدها الثاني في البحر. لكنها لم تستجب، فاجتذبت ولدها الرضيع عن حضنها وألقيته في البحر وهي تبكي وتستغيث ولكن بدون جدوي.
ثم غلبني الشيطان، وعلوت المرأة بكل شراسة وفعلت معها الفاحشة، وبعد أن أتممت الأمر فكرت أن لو أوصلتها الی الیابسة، فإنها سوف تخبر أقربائها، وأخيراً ستطاردني العدالة، ولذا فكرت في التخلص منها.. فأخذتها وألقيتها في البحر حتی غرقت.
وسمعت بعد ذلك من الناس إن امرأة وطفليها قد فقدوا، ولم يعثر لهم علی أثر وكنت أعلم في نفسي إني صاحب الجريمة.
قال الصياد: والآن يمرّ علی القصة المذكورة ثلاثون سنة … وإني أعلم أن هذا الاتهام انتقام لتلك القصة.
وقد نقلت قصتي، لأمرين:
الأول: لأنه كان يؤنبني ضميري طيلة هذه المدة وحين أنقل الآن القصة فقد أديت أمانة الضمير.
والثاني: إن من يظن أنه يتمكن أن يرتكب جريمة ثم يهرب من وجه العدالة، فليعلم أن ظنّه خطأ وان الله له لبالمرصاد.
ولما نقل الصياد قصته، أخبرت الشرطة الموكّلون بشنقه المدير، وأخبر المدير بدوره الوزير.. فأمر الوزير بتأخير الشنق حتی يحقق عن القصة، فراجعوا ملفات الوزارة لما قبل ثلاثين سنة وإذا بهم يجدون ملف المرأة وطفليها الضائعين الذين لم يعثر لهم علی أثر وتبين صدق القضية التي نقلها الصياد.
ثم أُلقي حبل المشنقة علی عنق الصياد المجرم بين تصفيقات الجماهير ولقي بعض جزائه في الدنيا..
وهكذا ينتقم الله سبحانه من المعتدي ولو بعد حين، فلا يظن الظالم أنه يتمكن أن يفلت من يد العقاب والفضيحة.
المصادر : راسخون2017
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.