السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام

إنّ السيّدة أُمّ كلثوم هي عمّة السيّدة رقيّة وبنت الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه واله.
Thursday, October 26, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام
 السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام



 

إنّ السيّدة أُمّ كلثوم هي عمّة السيّدة رقيّة وبنت الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه واله.
فقد ذكرها ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» وكذا سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص» حيث قال : إنّ أبناء فاطمة الزهراء كالتالي :
١ ـ الإمام الحسن عليه السلام
٢ ـ الإمام الحسين عليه السلام
٣ ـ زينب عليها السلام
٤ ـ أُمّ كلثوم عليها السلام.
كما أشار إليها العلّامة السيّد محسن الأمين في «أعيان الشيعة» وفي نهاية تعرّضه لسيرتها قال : وقد تزوّجت من عون بن جعفر الطيار رضوان الله عليه (١).
وفي الخبر : أنّه لمّا ماتت الصدّيقة الزهراء عليها السلام اجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهنّ وهن يقلن : يا سيّدتاه ، يا بنت رسول الله ، وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى الإمام علي عليه السلام وهو جالس والحسن والحسين بين يديه يبكيان ، فبكى الناس وخرجت أُمّ كلثوم وعليها برقعة وتجرّ ذيالها متجلّلة برداء عليها تسحبها وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله الآن حقّاً فقدناك فقداً لالقاء بعد أبداً (٢).
ونقل الشيخان ـ المفيد والطوسي ـ في أماليها : أنّه لمّا ضرب أمير المؤمنين عليه السلام احتمل فادخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أُمّ كلثوم عند رجليه ففتح عينيه ونظر إليهما وقال : الرفيق الأعلى خير مستقر وأحسن مقيلاً ، فنادت أُمّ كلثوم : وا أبتاه ثمّ جاءت إلى عبدالرحمن بن ملجم وقالت : يا عدوّ الله قتلت أمير المؤمنين عليه السلام قال : إنّما قتلت أباك ، قالت : يا عدوّ الله والله إنّي لأرجو أن لا يكون عليه بأس. قال : فأراك تبكين عليه والله ضربته ضربة لو قسّمت بين أهل الكوفة لأهلكتهم.

خطبتها في الكوفة

بعد أن ذكر السيّد ابن طاووس في اللهوف خطبة بنت الإمام الحسين عليه السلام أشار إلى خطبة أُمّ كلثوم عليها السلام حيث قالت :
يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموهنّ فتبّاً لكم وسحقاً ، ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم؟ وأي وزر على ظهركم حملتم؟! وأي دماء سفكتموها؟! وأي أموال نهبتموها؟! وأي كريمة أصبتموها؟! وأي صبية سلبتموهنّ؟! قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه واله ونزعت الرحمة من قلوبكم؟! ألا إنّ حزب الله هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ، ثمّ قالت :
قتلتم أخي صبراً فويل لأُمّكم / ستجزون ناراً حرّها يتوقّد
سفكتم دماءً حرّم الله سفكها / وحرّمها القرآن ثمّ محمّد
ألا فابشروا بالنار أنّكم غداً / لفي سقر حقّاً يقيناً مخلّد
وإنّ لأبكي في حياتي على أخي / على خير من بعد النبي مولد
بدمع غزير مستهلّ مكفكف / على خدّ منّي دائماً ليس يجمد

التحدّي العظيم

كتب صاحب «ناسخ التواريخ» : أنّ السيّدة زينب عليها السلام عندما فرغت من خطبتها شرعت السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام بالحديث فقالت : يابن زياد! إن كان قرّت عينك بقتل الحسين عليه السلام فقد كانت بعين رسول الله صلى الله عليه واله قرّت برؤيته وكان يقبّله ويمصّ شفتيه ويحمله هو وأخوه على ظهره فاستعدّ غداً للجواب.

إنّ الصدقة حرام علينا

يقول مسلم الجصّاص : دعاني ابن زياد لإصلاح دار الامارة بالكوفة ، فبينما أنا أُجصّص الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة فأقبلت على خادم كان معنا ، فقلت : ما لي أرى الكوفة تضجّ؟ قال : الساعة أتو برأس خارجي خرج على يزيد ، فقلت : من هذا الخارجي؟ فقال : الحسين بن علي عليهما السلام قال : فتركت الخادم حتّى خرج ولطمت وجهي حتّى خشيت على عينيّي أن تذهبا وغسلت يدي من الجصّ وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الكنائس.
فبينما أنا واقف والناس يتوقّعون وصول السبايا والرؤوس إذ أقبلت نحو أربعين شقّة تحمل أربعين جملاً فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة عليهم السلام وإذا بعلي بن الحسين عليه السلام على بعير وطاء ، وأوداجه تشخب دماً ، وهو مع ذلك يبكي ويقول : يا أُمّة السوء لا سقياً لربعكم.
قال : وصار أهل الكوفة يناولون أطفال الحسين عليه السلام على المحامل بعض التمر والخبز والجوز ، فصاحت بهم أُمّ كلثوم وقالت : يا أهل الكوفة إنّ الصدقة حرام علينا.
ثمّ أنّها لمّا رأت نساء الكوفة يبكون على ما أصابهم أخرجت رأسها من المحمل وقالت لهم : يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم نساؤكم؟! فالحكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء (3).

استجابة دعاءها

نقل صاحب «ناسخ التواريخ» إنّ أهل البيت عليهم السلام حينما قربوا من سيبور كان فيها شيخ كبير وقد شهد عثمان بن عفّان فجمع أهل سيبور المشايخ والشبّان منهم وقال : يا قوم هذا رأس الحسين عليه السلام قتله هؤلاء اللعناء. فقالوا : والله ما يجوزوا في مدينتنا ، فقال المشايخ : يا قوم إنّ الله كره الفتنة وقد مرّ هذا الرأس في جميع البلدان ولم يعارضه أحد فدعوه يجوز في بلدكم. فقال الشبّان : والله لا كان ذلك أبداً. ثمّ عمدوا على القنطرة فقطعوها فخرجوا عليهم شاكين في السلاح.
فقال لهم خولي : إليكم عنّا ، فحملوا عليه وعلى أصحابه فقاتلوهم قتالاً شديداً فقتل من أصحاب خولي لعنه الله ستمائة فارس وقتل من الشبّان خمس فوارس ، فقالت أُمّ كلثوم : ما يقال لهذه المدينة؟ فقالوا : سيبور. فقالت عليها السلام : أعذب الله شرابهم وأرخص الله أسعارهم ورفع أيدي الظلمة عنهم. قال أبو مخنف : فلو أنّ الدنيا مملوّة ظلماً وجوراً لما نالهم إلّا قسطاً وعدلاً (4).

دعاءها على أهل بعلبك

ذكر في ناسخ التواريخ : أنّ أهل البيت عليهم السلام عندما قربوا من بعلبك كتب جلاوزة ابن سعد إلى حاكم بعلبك : بأن الرؤوس التي معنا رؤوس خوارج وهؤلاء أهلهم ونساءهم أخذنا إلى يزيد فأعدّوا المدينة لقدومهم.
فأمر حاكم البلدة أن يخرج أهلها بالدفوف والمزامير تسبقهم المغنّيات فرحاً بقتل أهل البيت عليهم السلام ، آنذاك التفتت السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام وقالت : ما اسم هذه البلدة؟ قالوا : بعلبك ، فقالت : أباد الله تعالى خضرائهم ولا أعذب الله شرابهم ولا رفع الله أيدي الظلمة عنهم (5).

وصيّتها لشمر اللعين

ذكر السيّد ابن طاووس في اللهوف فقال : فلمّا قربوا ـ أي أهل البيت عليهم السلام ـ من دمشق دنت أُمّ كلثوم عليها السلام من الشمر وكان من جملتهم ، فقالت له : لي إليك حاجة؛ فقال : ما حاجتك؟
فقالت : إذا دخلت بنا البلد فاحملنا إلى درب قليل النظّارة ، وتقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحّونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال ، فأمر في جواب سؤالها أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً ، وسلك بهم بين النظّارة على تلك الصفة حتّى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي.
يقول مؤلّف «ناسخ التواريخ» : إنّ الشمر اللعين كان يفتخر بحمله رأس سيّد الشهداء عليه السلام ويقول : أنا صاحب الرمح الطويل ، أنا قاتل الدين الأصيل ، أنا قتلت ابن سيّد الوصيين ، وأتيت برأسه إلى يزيد أمير المؤمنين.
ولمّا سمعته السيّدة أُمّ كلثوم يفتخر بذلك قالت : يا لعين وابن اللعين ، ألا لعنة الله على الظالمين ويا ويلك أتفتخر على يزيد الملعون بن الملعون بقتل من ناغاه في المهد جبرئيل ومن اسمه مكتبو على سرادق عرش الجليل ، ومن ختم الله بجدّه المرسلين وقمع بأبيه المشركين ، فأين منل جدّي محمّد المصطفى وأبي المرتضى وأُمّي فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ولمّا سمع خولي كلامها قال : تأبين الشجاعة وأنت بنت الشجاع.

الرجوع إلى المدينة

ذكر العلّامة المجلسي قدس سره في البحار وغيره : أنّ أهل البيت عليهم السلام عندما رجعو إلى المدينة وشاهدوا جدرانها تأوّهت السيّدة أُمّ كلثوم وبكت بدمع يحرق القلوب وأنشدت :
مدينة جدّنا لا تقبلينا / فبالحسرات والأحزان جئنا
ألا أخبر رسول الله عنّا / بأنّا قد فجعنا في أخينا
وقد نسب أرباب المقاتل مجموعة من الأبيات للسيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام انتخبنا منها هذين البيتين.
ونقل أنّها ذهبت إلى قبر أُمّها فاطمة عليها السلام شاكية باكية تصيح واحسيناه وتقول :
أفاطم لو نظرت إلى السبايا / بناتك في البلاد مشتّتينا
أفاطم لو نظرت إلى الحيارى / ولو أبصرت زين العابدينا
أفاطم لو رأيت بتنا سهارى / ومن سهر الميالي قد عيينا
فلو دامت حياتك لم تزالي / إلى يوم القيامة تندبينا

الوفاة الأليمة

نقل في «بحر المصائب» أنّ السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام عندما رجعت إلى المدينة بعد فاجعة كربلاء لم تعش سوى أربعة أشهر ثمّ ماتت مظلومة.
وإذا قلنا بقول العلّامة الحلّي في «منهاج الصلاح» والشيخ الكفعمي في «المصباح» والمفيد في «الإرشاد» أنّ دخول أهل البيت عليهم السلام المدينة كان في العشرين من شهر صفر المظفّر فإنّ تاريخ وفاة هذه السيّدة الجليلة يكون في أواخر شهر جمادى الآخرة سنة ٦٢ ه والله العالم.
أمّا مدفنها فهو في المدينة ولم يذكر أنّ هناك أُمّ كلثوم دفنت في غير المدينة فسلام الله عليها وعلى جدّها وأُمّها وأبيها وأخويها (6).
المصادر :
1- رياحين الشريعة ج ٣ ص ٢٤٥.
2- بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٢٩٨ ح ٢٠.
3- بحار الأنوار ج ٤٥ ص ١١٤.
4- مقتل أبي مخنف ص ١٢٥ ـ ١٢٦.
5- اكسير العبادات في أسرار الشهادات ج ٣ ص ١٣٧.
6- رياحين الشريعة ج ٣ ص ٢٥٦.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.