السيّدة رقيّة في الادب العربي

من أبيات الصحابي الجليل سيف بن عميرة النخعي قال فيها : وسكينة عنها السكينة فارقت / لمّا ابتديت بفرقة وتغيّر ورقيّة رقّ الحسود لضعفها / وغدا ليعذرها الذي لم يعذر
Thursday, October 26, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
السيّدة رقيّة في الادب العربي
من أبيات الصحابي الجليل سيف بن عميرة النخعي قال فيها :
وسكينة عنها السكينة فارقت / لمّا ابتديت بفرقة وتغيّر
ورقيّة رقّ الحسود لضعفها / وغدا ليعذرها الذي لم يعذر
ولأمّ كلثوم يجد جديدها / لثم عقيب دموعها لم يكرّر
لم أنسها وسكينة ورقيّة / يبكينه بتحسّر وتزفر
يدعون أُمّهم البتولة فاطماً / دعوى الحزين الواله المتحيّر
يا أُمّنا هذا الحسين مجدلاً / ملقى عفيراً مثل بدر مزهر
في تربها متعفّراً ومضخّماً / جثمانه بنجيع دم أحمر (١)
للعلّامة المرحوم شاعر أهل البيت الشيخ عبد المنعم الفرطوسي المتوفّى ١٤٠٤ هـ :
أنزلوهم في خربةٍ ليس فيها / غير مهد الثرى وسقف السماء
لا تقيهم حرّ الهجير بظلٍ / وهو يصلي ولا لهيب ذكاء
والإمام السجّاد يخرج حيناً / بعد حين من شدّة البرحاء
هارباً من حرارة الشمس فيها / مستجيراً بالظلّ بعد العراء
كان يلقى سهلاً فيشكو إليه / ما يلاقي من الأذى والعناء
فتجيء الحوارء عدواً إليه / وهي تدعو بنديةٍ ورثاء
يا حمانا الزاكي إلى أين تمضي / أنت بُقايا الآباء والأبناء
فيخلي عنه ويمضي إليها / مستظلاً من عطفها برداء
وتراءى الحسين يوماً لعيني / طفلةٍ عند ساعة الإغفاء
فاستفاقت وطالبت بأبيها / وتعالى الصراخ بين النساء
فأتوها برأسه فأكبّت / فوقه مستغيثة بالبكاء
شهقت شهقة فماتت عليه / حين أهوت على صعيد الفناء
حرّكوها وما بها من حراكٍ / فنعاها السجّاد للحوراء
وهي كانت في أصلها حين تنمى / خير بنت لسيّد الشهداء (2)

السيّدة رقيّة في الادب العربي

للعلّامة الكبير رائد المنبر الحسيني وشيخ الخطباء الدكتور الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله :
في ربى قاسيون قبر صغير / فيه غصن من البتول نظير
تربة هومت رقية فيها / حضن الطهر رملها والحفير
عندها من محمّد وعلي / والحسين الشهيد شيء كثير
والسمات الطيبات تراث / يتجلّى به البشير النذير
يحمل العبرة الصريحة إن / الحقّ يبقى ويذهب التزوير
والضريح الذي يضمّ نسجاً / علوياً بالاحترام جدير
يطل الورد عاطش الروح منه / وبيوت النبي نبع نمير
وبدرب العيون صرح تسامى / الفنّ فيه وأبدع التعمير
روضة تأشب النظارة فيها / ويجلي أبهاءها التنوير
إن أطلت شمس الصباح عليها / يتبارى بها السنا والعبير
وصخور تماوجت بالمرايا / فكأنّ الشعاع فيها غدير
ويخطّ البلّور والذهب الإبريز / ما عنه يعجز التصوير
حفلت بالشموخ مبنىً ومعنىً / فالمزايا جنباً لجنب تشير
أيه بنت الحسين يومك يُسر /وأمام الطغاة يوم عسير
المدى فيك بالخلود طويل / والمدى عند شانئيك قصير
والرقيم الذي على صرحك الشا مخ فيه البيان والتفسير
أن يحيق الهوان الآسر الباغي / ويسمو كما يشاء الأسير
وتروح القصور والترف الفاجر / والوشي لامعاً والحرير
والعروش التي على البغي قامت / وجنود ومنبر وأمير
أيدانيك ظالم بسريرٍ / وقد انحطّ للهوان السرير
ممّن اجترّ حقد بدر وأُحدٍ / وتمادى سُعاره الشرير
من رعيل دم الشهادة فيهم / ملأ قرقارة الشراب خمير
ولأسنان أُمّهم في لحوم / ممّن استشهدوا بأُحدٍ صرير
فذريهم إلى الهوان مصيراً / وليدم منك للخلود مصير
يا ابنة المتّقين عاقبة الأبرار / عمّا ينالهم تبرير
أُنظري خربة أقمت بها بالشام / تُرُب فراشها وحصير
إنّها عبرة على شفة التاريخ / يشتارها السميع البصير
أنت فيها رمزٌ وضرخةُ حقٍ / عند سمع الطغاة منها هدير
صاح فيها صوت الضمير وعدل / في الموازين لو أفاق الضمير
سيطال الخراب أروقة الظلم / ويجتاح صرحها التدمير
وسيبدو للتائهين بأن الله / في فعل ما يشاء قدير
أيّها الشجنة التي أذبلتها / لوعة الأسر والفلا والهجير
فهي من زحمة القيود على الصـ ـدر أنين شهيقها والزفير
طفلة يكمن الذهول بعينيها / فيبدو بدمعها التعبير
حملت قلبها الكسير على يُتمٍ / وقلب اليتيم قلب كسير
إنّها برعم وما اشتدّ منها / عودها الغضّ والفؤاد الغرير
لم يزل مثلها تهدهده هذه الدنيا / والحلم والفراش الوثير
فإذا بالزمان يُثقل كتفيها / بما قد ينوء منه ثبير
فهي جسم يدافع السوط بالكفّ / وعين بدمعها تستجير
يالوجدي وقد مررت عليها / وعلى القبر من أساها سطور
فبدى طيفها لعيني نِضواً / من سياط حدا بهنّ الغرور
قد تعاورنها ودرن عليها / وهي من وقعها الأليم تدور
وبراها السرى ففي عودها الناحل / وهن مبرح وضمور
تسأل الأُمّهات أين أبوها / كيف أغضى وهو الشفيق الغيور
كُنّ يوهمنها بأنّ أباها / غائب حان عوده والحضور
غير أنّ الغياب طال عليها / والعشي امتدّت بها والبكور
وألحّت تريده ذات يومٍ / فهو في قعر ذهنها محفور
فأتوها بالرأس أذيل خدّيه / هجير ونحره منحور
فهوت فوقه وأغفت كما أغفى على دفء أُمّه عصفور
حضنت رأسه وأسلمت الروح / وجفت كما تجفّ الزهور
أيّها الزائرون في ودّ ذي القربى / سعيتم فسعيكم مشكور
هل لمحتم شمائل الأُمّ في البنت / فللفرع ما روته الجذور
ما هو القبر بل شعائر قدسٍ / في محاريبها يطوف الشعور
يُكتب السعي في المسير إليها / فهي آثار فضلها مأثور
الثمو تربها الطهور احتساباً / إن ترباً ضمّ الطهورَ طَهورُ
وانظروا كيف يزدهي القبر فيها / والتراتيل والشذى والنور
فلكم أوحشت قبور بأهليها / وشعت بساكنيها قبور
للمرحوم العلّامة الشاعر الدكتور السيّد مصطفى جمال الدين المتوفّى ١٤١٧ هـ ق :
السيّدة رقيّة في الادب العربي
في الشام في مثوى أُميّة مرقد / يُنبيك كيف دم الشهادة يخلد
صرح من الإيمان زهو أُميّة / وشموخ دولتها لديه يسجد
رقدت به بنت الحسين فأوشكت / حتّى حجارة ركنه تتوقّد
كانت سبية دولة تبني على / جثث الضحايا مجدها وتُشيّد
حتّى إذا دالت تساقط فوقها / بأس الحديد وقام هذا العسجد
هيّا استفيقي يا دمشق وأيقظي / ترفاً على وضر القمامة يرقد
وأريه كيف تربّعت في عرشه / تلك الدماء يضوع فيها المشهد
من راح يعدل ميل بدر أمسه / فُلت صوارمه ومال به الغد
ستظلّ هند في جحيم ذحولها / تجترُ أكباد الهدى وتعربد
ويظلّ مجدك يا رقيّة عبرةً / للظالمين على الزمان يجدّد
يذكو به عطر الأذان ويزدهي / بجلال مفرقة النبي محمّد
ويكاد من وهج التلاة صخره / يندى ومن وضح الهدى يتورّد
وعليه أسراب الملائك حوم / وهموم أفئدة الموالي حُشد
وبه يطوف فم الخلود مؤرخاً / بالشام قبر رقية يتجدّد
للسيّد داود بن إبراهيم صندوق الدمشقي وشقيقه السيّد يوسف :
لذ في رقيّة سرّ الله كعبته / شمس بها انشقّ داجي الليل مظلمه
وزر حماها فللزوّار إن دخلوا / ولا أبيها نعيم الخلد تُطعمَهُ
وهو الإمام علي خير منتخبٍ / صنو النبي وسيف الله مخذمه
قد شاد للدين ركناً لا انهدام له / حبل الإله صراط الله أقومه
هذا هو النور نور الله أظهره / بالطور قدماً لموسى إذ يكلّمه
يلوح من حضرة قد قُدّست وسمت / لها من الشرف العلوي أعظمه
مغنىً لدرّة قدسٍ من بني مضر / تبغي الدراري من الآفاق تلثمه
من معشر باهت الأرض السماء بهم / والذكر بالنصّ فيهم جاء محكمه
هم آل بيت رسول الله من بهم / تمّت علينا من الرحمن أنعمه
نثرت من أدمعي درّاً بمأتمه / في سلك حبل ولائي رُحت أنظمةُ
صلّى عليهم إله العرش ما غربت / شمس الضحى وبدت في الأُفق أنجمه
مقامهم في العلى نادى مؤرخه / العرش أرجاه والكرسي معلّمه (3)
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للأُستاذ الخطيب الكبير العلّامة الشيخ جعفر الهلالي :
قف عند جلق واستقرئ بها العجبا / وانظر لعاقبة الأبرار منقلبا
واستنطق الزمن الماضي بما حفلت / أيّامه حيث ضجّت في الورى صخبا
كيف انطوت دولة كانت محصنةً / منها القلاع وقد مدّت لها طُنبا
تسعون عاماً ونيف قد مضت خبباً / للملك ما شيّدوا للملك ما جُلبا
كأنّما هي طيف مرّ منصرماً / أو كالسراب لألباب الورى خلبا
فما السبيل لنيل المجد مملكةً / أو أن تحوز بها الأموال والنشبا
وإنّما المجد بالتقوى وإن قصرت / منك الحياة وعشت الهمّ والتعبا
سل عن أُميّة في دنيا مفاتنها / بالغوطتين تريك المنزل الخربا
تُريك أنّ ديار الظلم خاوية / وأن ما حاولوا قد عاد منقلبا
وسل عن الآل من أبناء حيدرةٍ / أيّام عاشوا بدنيا دهرهم غُربا
فها هو الدهر يحني هامه عظماً لمجدهم حين يسمو عزّةً وأبا
في كلّ بقعة أرضٍ من عبيرهم / رَوح يعطر من أرجائها التُربا
كانت هنا طفلة في دار غربتها / أسيرةً زاد فيها الوجد واضطربا
وكان ثمّة باغٍ عاد منتصراً / بزعمه راح يثني عِطفه طربا
إذا به وهو لا قبرٌ ولا أثر / بذكره وبه ناعي الفنا نعبا
وذي اليتيمة والأيّام تنشرها / ذكراً حديثاً جميلاً طيّباً عذبا
قبر بزاوية مرّت به عصر/ أضحى يناطح في عليائه الشهبا
ثوت رقيّة فيه فاكتسى شرفاً / غداة ضمّ الهدى والهَدي والحسبا
ومن لطه نمتها في أرومتها / أُمٌّ طهور فقد عزت بها نسبا
من قبل ألف ومثواها تقدّسه / هذي الدُنار غمّ من عادى ومن غصبا
للعائذين على أعتابها زمرٌ / من الأنام ترجي عندها الرغبا
حتّى الملائك رهن عند حضرتها / يباركون بها من زار أو ندبا
هذا هو العزّ لا ملك له حشم / هبّت به الريح حتّى صيّرته هَبا
قف بالمساعي التي تسمو النفوس بها / جوداً تريك جميل الفعل مُطّلبا
تريك أنّ ثمار الحبّ ما برحت / تُجنى وأنّ ضياء الحقّ ما غَرُبا
أنّ للخير ما زالت هنا همم / ميمونة القصد ترجو الجنّة الطلبا
سعت لترفع هذا الصرح مرخّصةً / هذي الجهود تريك الصنعة العجبا
تُريك من روعة التصميم هندسة / قد أحكمته فأضحى كالسنا لهبا
أنّى تّجهت فروح الفنّ ماثلة / يبدو بها المرمر اللمّاع منتصبا
قد جدّدوه ضريحاً عزّ مفتخراً / فيه تزاحم تلك الفضّة الذهبا
السيّدة رقيّة في الادب العربي
وقال الشيخ جعفر الهلالي أيضاً :
قف عند باب رقيّة تتضرّع / واقصد حماها فهو حصن أمنع
بنت الحسين سمت عُلا وجلالة / لجلالها هذى الخلائق خُشع
أبداً تأمُّ ضريحها وجلالها / وبها لواهب مجدها تستشفع
للعلّامة المفضال الأديب الجليل سماحة الشيخ محمّد جواد السهلاني :
هذا هو الصرح الممرّد مرقد / لرقيّة بنت الحسين الطاهرة
سيظلّ مرقدها مناراً للهُدى / يهدي الذوات من النفوس الحائرة
وترى الملائك خشعاً من حوله /كحجيج مكّة في حشود زائره
هذي اليتيمة من سلالة حيدر / طالبت أرومتها فاضحت نادرة
ما أُمّها ذو حاجةٍ إلّا انقضت / فهي الملاذ من الأُمور الجائرة
هذا هو الشرف العظيم مخلد / بالرغم من كيد الظغاة الماكرة
الله يرفع شأن آل محمّد / ويعيش غيرهم حياة خاسرة
أهديتها هذا الشعور لآلئاً / كيما أنال به ثواب الآخرة
للأُستاذ الكبير الأديب الجليل المبدع الدكتور أسعد علي :
على نيّة نُطقي يفاوض صمته / ونخلة عذراء الهدى تتمايل
ألا ليت قومي يذكرون كرامةً / رقيّة تزجيها لمن يتراسل
رقيّة رمز لا يطوقها المدى / بآدم والعي الحنون يواصل
لتنتخب الموت الجيمل نموّه / تتّت زهرا فالطيوب رسائل
يطوِّر ما قالت رقيّة رُقيَّةً / يقام بها الموتى وتزهو الذوابل
إذا جعفر طارت بكفّيه مؤتة / ففي أُحد يحمي المزارع هاطل
وإن قيل في الدنيا نموت تجيبهم / نموت على الحسنى فموتي باطل
عباءتي الأفلاك تغتمر الدجى / رُقية روحي فالشروق جدائل
كذلك نحيا أو نموت لغايةٍ / فأطوار موسيقي الحياة مراحل
للخطيب الأديب الشاعر العلّامة السيّد محمّد مهدي السويج :
طفلة للحسين في الشام ماتت / وهي ولهى مع الأسارى شجيه
كم أرادوا لها إماتة ذكر / فعلت فوق مستوى فيه حيه
فكأنّ الزهراء فيها تجلّت / فعليها أنوارها النبويه
وهي أيضاً عن فاطمٍ لأبيها / بضعة أحمدية علويه
ولها في رسالة السبط دور / مع أطفاله لشرح القضيّه
في دُنا التضحيات من دون دين / الله جارت عليه أُميّه
وبطيف المنام لاقت أباها / وسريعاً تمّ اللقا بالمنيّه
فغدا قبرها مزاراً يطوف الناس / فيه في غدوة وعشيّه
ويرى عند قبرها الشريف سناء / عبر هذي الأجيال يهدي البريّه
كلّما جدّد البناء عليه / جدّد العهد في قلوب زكيّه
لم تزل ترتقي وتُهوي عداها / فبحقٍ كانت تسمّى رقيّه
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للأُستاذ الشاعر إسماعيل خليل أبو صالح :
خبّريني يا روضة في الشآم / كيف نلت بها رفيع المقام
طفلة لم تناهز الحلم لكن / هي فرع من دوحةٍ للكرام
من أبوها من جدّها من أخوها / سائليها لها أنحنِ باحترام
سائليها تجبك أنّ أباها / بدماه سقى عرى الإسلام
وهي من جدّها تسامى عُلواً / وفخاراً على جميع الأنام
وأخوها ذاك الذي ميزته / ثفنات من فرط ذاك القيام
فلماذا رقية الطهر ذاقت / في صباها أهوال فعل اللئام؟
أكذا الأجر والمودّة في القربى / لطه يا أُمّة الأقزام؟
حكمة الله قد قضت أن يضام / الحرّ لكن الخلد للمستضام
ودليلي رقية أن تزرها / تجد التبر راسفاً بالرخام
وحوالي ضريحها تجد الناس / قياماً أو ركّعاً للسلام
ثمّ عرّج على يزيد وشاهد / كيف صار الخرابُ دار الطغام
عظة المرء بين تلك وهذا / كيف يسمو أو يهوي مثل الحُطام
للأُستاذ الشاعر الأديب إبراهيم جواد الدمشقي :
لمن البكاء وحرقة العبرات / لمن العويل ورنّة الآهات
لمن الجموع تلاطمت أمواجها / وتدافعت أفواجها سكرات
نظراتها حيرى وأكبدها لظىً / وقلوبها موقودة الجمرات
لرقيّة بنت الحسين رنينها / وأنينها المشفوع بالزفرات
بنت الإمام أخي الإمام ابن الإمام / أبي الأئمّة سادة السادات
لعظيمة ما جاوزت بعضاً من الأ عوام أو بعضاً من السنوات
قد أشربت لبن الشهادة مترعاً / صافٍ من النزعات والنزغات
قد طهر الله الحكيم فؤادها / من كلّ رجسٍ من هوى الرغبات
فرنت لمرقدها الجموع تبثّه / أشجانها مشبوبة اللفحات
سكبت على القفص المذهب دمعها / وسقته من عبقاتها نفحات
وقفت بأرض الطف ترمق فيلقاً / سدّ القضاء بكلّ باغٍ عات
جاؤوا يصدّون الحسين وصحبه / ويروعون نساءه الخفرات
شهدت بعينيها مصارع أهلها / مستبسلين مشمّرين كماة
منعوا ورود الماء وهو أمامهم / قتلوا على ظمأ بشطّ فرات
حزت رؤوسهم ورضت أضلع / وتوزّعت مزقاً على الفلوات
رأت المشاهد لو رآها ضيغم / صعب العريكة بالغ الفتكات
لتفجّرت منه الدماء تفجّعاً / وقضى صريعاً خامد الحركات
لكنّها بنت الحسين وقلبها / قلب الحسين محصن الجنبات
فاقت أسود الغاب صبراً واحتوت / سيل الكروب بعزمةٍ وثبات
صبرت على البلوى وغالبت الأسى / وعلت كوالدها على النكبات
حتّى إذا رأت الحسين مسربلاً / بدم الشهادة طيّب العبقات
والرأس حُزت والجبين معفر / والشيب خضب بالدما الأرجلات
نادته يا أبتاه من ليتيمةٍ / من للنساء الرُّمل الثكلات
يا والدي لهفي عليك ممزقاً / والقلب ساج ساكن النبضات
أبَ يا أبي ما العيش بعدك سائغ / من عاش بعدك عاش كالأموات
أنا يا أبي ما خفت بعدك كربةً /أبداً ولا هبتُ الذي هو آت
عزّ الفراق عليَّ يا أبتي فما / معنى الحياة وأنت أنت حياتي
خذني إليك أبي فلست قريرة / بالعيش دونك فاستجب دعواتي
خذني إليك فما الوداع يروقني / أبتاه لا أقوى على المأساة
وقد استجاب لها الإمام وضمّها / بين الحنايا حاني اللمسات
أخذت إليها الرأس وهي تشمّه / وتكحل الأنظار بالنظرات
وتخاطب الرأس الشريف مروعةً / والقلب منها دائم الحرقات
بكت الصغيرة والإمام بحضنها / وعلا النشيج فهيّج الصرخات
وغفت على الرأس المخضّب بالدما / مخنوقة الأنفاس والنبرات
فقضت شهيدة حزنها ومصابها / بنت السنين الخمس كالومضات
وقضى لها الله الخلود على المدى / بين الورى وبوارف الجنّات
تأتي الجموع لترتوي من كوثر / ثرّ العطاء مبارك الثمرات
وتعود تحمل زمزماً في فكرها / وفؤادها يزكو مع السجدات
والشام نعم الشام قد أنست بها / وتشوّقت لليُمن والبركان
وتعاهدت تُعلي المقام مكرماً / وتحوطه بالحبّ والدعوات
وتبّرأت من عصبة منبوذةٍ / خانت عهود الله والآيات
عاثت فساداً في البلاد وأظهرت / فيها الفواحش فعل شرّ طغاة
إنّ الملوك إذا استباحوا أُمّةً / جعلوا أعزّة أهلها نكرات
هذي فعال بني أُميّة في الورى / من عهد صخر عابد اللذّات
حتّى يقوم بدوره سفيانها / ابن الطليق وصاحب الغدرات
فإليك يا بنت الحسين تحيّتي / وعليك حزني دائم العبرات
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للدكتور الأديب لبيب وجيه بيضون :
يا آل طه المصطفى أهل الكرم / حزتم فخاراً ليس تنساه الأُمم
أنتم سراج الحقّ ما بين الورى / تاج المعالي أنتم رمز الشيم
لا سيّما بنت الحسين المجتبى / تعلو مآذنها على كلّ القمم
وقبابها مشهورة في جلقٍ / تُلقي الضياء على البسيطة والشمم
في خربة وضعت تلوذ بزينب / ولقد أمض بها وأضناها السقم
لما رأت رؤيا أبيها كامداً / ضجّت لرؤياها تنوح من الألم
طلبت أباها قيل : سافر مدّة / حتّى رأته قطيع رأس كالعلم
آوته في حجر تقبل مبسماً / منه ودمع العين يذرف كالديم
سهقت عليه شهقة فيها الأسى / راحت بها لله تشكو من ظلم
سبحان ربّي يمهل الطاغي ولا / يهمله حاشا فهو عدل إن حكم
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للسيّد عامر الحلو :
بدمشق قبرك يا رقيّة يُشرق / وبه عظات بالحقيقة تنطق
كنت أسيرة دولة مغرورةٍ / فعصفت فيما زوروا أو لفّقوا
وإذا بها عند النهاية عبرة / وإذا بقبرك فيه تزهو جلق
وإذا بمجدك وهو مجد محمّدٍ / زاهٍ ويخترق المدى ويحلق
تلك الحقيقة سوف يبقى نورها / أبد الزمان على العوالم يخفق
ويظلّ هدي محمّد طول المدى / رغم الصعاب وهولها يتعمّق
والكون يخضع للرسالة خاشعاً / ويدين فيها غربُه والمشرق
وهو الذي قد رامه في كربلا / نحر الحسين وفيضه المتدفّق
ويظلّ صرحك يا رقيّة شامخاً / بالطيّبات وبالمفاخر يعبقُ
ولقد ذكرتك يا رقيّة بالشجى / لما رُزئت وغاب عنك المشفق
لمّا غفت عيناك من تعب السبا / ورأيت والدك يحنّ ويُشفق
ففزعت باكية عليه بلوعةٍ / والقلب من وقع الأسى يتحرّق
وعلا النحيب على الحسين بخربةٍ / نطق البكاء بها وكلّ المنطق
وأتوا برأس السبط في غسق الدجى / فحضنته والكلّ فيه أحدقوا
ورقدت رقدتك الأخيرة جنبه / ولقد رحلت وأنت نبع مغدق
نبع الطفولة والبراءة والصبا / نبع يظلّ على المدى يتدفّق
نبع التقى نبع الهداية والنهى / نبع أصيل في الأكارم معرق
ويظلّ قبرك يا رقيّة كعبةً / للزائرين به تطوف وتحدق
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للعلاّمة الحجّة السيّد حسين بحر العلوم :
لهف نفسي لزينب وهي ثكلى / يلتظي قلبها دموعاً وآها
كم رأت في خرابة الشام أحزاناً / تسيخ الجبالُ من بَلواها
رأت الذلّ والهوان وقيد / الأسر ، فازداد حزنها وشجاها
ورأت ما يمضّ من ألم اليُتم / مصاباً يعزّ عن أن يضاهى
طفلة بنت أربع أو ثلاث / يشهق العطر من عبير شذاها
فلذة من فؤاد أحمد يجري / من علي وفاطم ريّاها
هي بنت الحسين لم تعرف اليتم / ولم تدر كيف تنعى أباها
ألفت حجره وثيراً من المهد / وكان الشغوف إذ يرعاها
لم تزل تسأل الأرامل والأيتام / عنه ، ولم تحصِّل مناها
وغفت عينها لتهجع بلواها / وتنسى مصابها وأساها
وإذا بالكرى طيوف حبالي / بالمآسي وليتها لن تراها
رأت الوالد العطوف بعينيها / فهبّت مذعورة من رؤاها
وانبرت تشتكي له الذلّ واليُتم / فتذوي القلوب من شكواها
واستفاقت من غفوة الضيم تبكي / وتنادي ولا يجاب نداها
يا أبي ، يا أبي أُريد أبي ـ الآن ـ فقد كان لي ظلالاً وجاها
فاستجاشت عواطف الثكل بالحـ ـزين ضجيجاً من أرضها لسماها
وتعالى البكاء واستشرت الآهات / والتاعَ في النفوس جواها
فاستفزّ الصراخ نوم يزيد / وهو في قصره فأبدى انتباها
قال : ماذا جرى لعائلة الأسر / ألم ينسها الكرى شجواها
قيل : بنت الحسين في حلم النوم / رأته ، فاشتطّ منها نهاها
فأفاقت تريد شخص أبيها / فهي لم تقتنع بغير مناها
قال : ذا رأسه احملوه إليها / فعسى تستعيض عنه عساها
فأتوها به فأهوت عليه / بانعطاف أضاع منها هداها
وانحنت فوقه تقبل فاه / وهو من عطفه يقبّل فاها
وتناديه : يا أبي أيّ سيف / جذّ منك الأوداج حتّى براها
يا أبي من تراه خضّب منك / الشيب بالدم ، من ترى أشقاها
يا أبي من إلى الأرامل والأيتام / يعنى بها ، ومن يرعاها
يا أبي أين غبت عنّا ، فقد / ضاقت رحاب الصدور من لؤاها
يا أبي عزّ أن نراك ترى / الأيتام حسى ، والعزّ فضل رداها
واستجاشت بها العواطف حرّى / يفجّر الصخر من شجى نجواها
ثمّ سرعان ما اسكانت على / رأس أبيها تبثّه شكواها
فإذا بالمصاب يضرى فيبدي / جثّة بزّها الحمام رواها
حلم وانطوى وأجهش تأريخ / وظلّت مأساتها تنعاها (4)
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للخطيب الشيخ صادق ابن الشيخ جعفر الهلالي :
قبس شعّ في الشآم بهيّا / يوم وارى الثرى رفاة رقيّا
هي بنت الحسين وابنة طه / فاح منها عطر الولاء نديّا
هي من جدّها علي تسامت / في مقام يزهو به علويّا
راح يهفو الفؤاد من كلّ فجٍّ / عارفاً حقّها محبّاً تقيّا
فهنيئاً لتربة الشام فخراً / علوياً طالت بذاك الثريا
تحضن الطهر تزدهي بشذاها / فتعمّ الدهور عطراً زكيّاً
شتموا جدّها الوصي لدهر / فغدا الفعل منهم مخزيا
أين منهم (يزيد) أين أبوه / أين تلك القصور لم تك شيّا
قد أطاحت تلك الفعال بذكراه / وأفنت عهداً مضى مطويا
وإذا الآل رحمة الله في الأرض / وباب يهدي الصراط السويّا
يا إبنة الطاهرين فيك استضاءت / هذه الأرض بالسناء زهيّا
وضعوك بخربة كالأسارى / واستضاموا مقامك المرضيّا
وعلي السجاد في لوعة الحزن / ومن حوله النساء بكيّا
لم يراعوا كرامةً لرسول الله / فيه ولم يراعوا الوصيّا
هو يوم بيوم بدرٍ أفاضوا / فيه حقداً لدى النفوس غويّا
ورثوه حقداً قديماً على الإسلام / واستهدفوا هناك الوصيّا
فبسيف الإسلام أوترهم كفراً / بأمر من الاثله جليّا
فاشترواها دنيا بآخرة الله / وضنّوا بها البقاء الهنيّا
ثمّ ضاعت دنياهم في سراب / ثمّ ضاعوا فما نرى حربيّا
وإذا بابنة الحسين تحدّث / يوم وافت بصرحها مبنيّا
يا ابنة الأكرمين يا صرخة الحقّ / تعالت على الزمان دويّا
مهجة المرتضى ونفس حسين / مَن هوى في الطفوف المفاوز طيّا
فرأت في المنام وهي تناجي / لأبيها الحسين قلباً حفيّا
فأفاقت مذعورة القلب تدعو / عمّتي شمت والدي المرضيّا
وتعالى البكاء من شدّة الحزن / وراح الصدى يهزّ الدعيّا
قال يا قوم ذاك رأس أبيها / قدّموه لها لتسلو مليّا
عانقته ولا تزال تناغيه / وترجو حنانه الأبويّا
من لنا بعدك الحما ياحمانا / ورجانا وقد فقدنا الحميّا
ثمّ فاضت وفارقت روحها الدنيا / وعاد المصاب خطباً جليّا
إيه يا طفلة الحسين ونوراً / شعّ في هذه الربوع مضيّا
في مقام أعزّه الله فيها / يبعث اللطف بكرة وعشيّا
وضريح لمرقد الطهر يعلو / شرفاً قبرها بدا ذهبيا
فغدى صرخة يضجّ بياناً / تعلن الحقّ كالنساء جليّا
هذه مهجةّ لآل علي / ينشر الدهر فضلها النبويّا
فانحنت دونها عروش بغاة / وغدا الذكر منهم منسيّا
فإذا بالأسير يكتسح الظليم / يجلي ستارة المغشيّا
هكذا آل أحمد وعلي / زاحموا الدهر واستضافوا الثريّا
لا صلاة دون الصلاة عليهم / وكفاهم بذاك فخراً عليّا
تلك دينا فيها أعزّهم الله / ولقّاهم الرضا أُخرويا
آل مروان كم بنيتم عروشاً / وملكتم دنيا وحكماً شهيّا
وحلمتم إنّ الأُمور إذا ما / حزتموها قد فزتموا دنيويّا
قد بنيتم عهداً بظلم أُولى الأمر / ولكنّه اغتدى مفنيّا
نهجكم كلّه على الحقّ بغي / وانحراف جاز الصراط السويّا
ونسيتم يوم المعاد الذي فيه / عذاب للظالمين صليّا
تدّعوها خلافة ولأنتم / طلقاء لم تحظ من ذاك شيّا
ما دهاء فيكم ولكنّه الغدر / ولولاه ما استقمتم مليّا
قد كسبتم دنيا وعشتم هواها / حيث أغضبتم الإله العليّا
قد أتتكم عواقب السوء فيها / قد جنيتم منها ضلالاً وغيّا
فانظروها بجنبكم ترقد الأبرار / تسمو بعزّها أبديّا
السيّدة رقيّة في الادب العربي
للكاتب القدير والشاعر البارع الأخ سلما آل طعمة :
ضريحك إكليل من الزهر مورق / به العشق من كلّ الجوانب محدّق
ملائكة الرحمن تهبط حوله / تسبّح في أرجائه وتحلّق
شممت به عطر الربى متضوّعاً / كأنّ الصبا من روضه الخلد يعبق
إليه غدا الملهوف مختلج الرؤى / وعيناه بالدمع الهتون ترقرق
كريمة سبط المصطفى ما أجلّها / لها ينحني المجد الأثيل ويخفق
أرومتها طابت كحسن خصالها / لديها غدا العاني يحبّ ويومق
إلى ذروة العزّ انتمت وتسابقت / ومن راحتيها بأنّ فضل مطوّق
وأيّدها الباري بكلّ فضيلة / وخير محلّا بالعلى وهو يغدق
كأنّ الدجى ينشقّ عن سحر وجهها / كما يطلع البدر المنير ويشرق
أطلّي على الدنيا كشمس منيرة / لها بقلوب المخلصين تعلّق
أطلّي فهذا الكون يشدو صبابة / لمجدك مهتاجاً ويهفو ويرمق
وبوحي بآيات الجلال فإنّنا / عطاشى إلى بحر المنى يتدفّق
فياجذوة في النفس يحلو أوارها / وكلّ محبّ نحوها يتشوّق
ويا قبساً من نور أحمد يزدهي / بطيب فعّال عبر طيف يطرق
نشأت على حبّ الحسين وفضله / وحزت من الجاه الذي لا يصدّق
وإنّك أهل للخلود وشأوه / فذاك هو المجد العظيم الموفّق
وحبّك هذا ساكن القلب والحشا / سيبقى مناراً للهدى يتألّق
شعائر قدس تملأ الأرض رحمة / مدى العمر تزهر للبرايا وتبرق
وأيّ مزار صار للناس ملجأً / إليه التجى الراجي وفاض التصدّق
يتيمة أرض الشام ألف تحيّة / إليك وقلبي بالمودّة ينطق
السيّدة رقيّة في الادب العربي
المصادر :
1- لبس السواد في عزاء أئمّة النور ص ٢٢٠ نقلاً عن المنتخب الطريحي.
2- ملحمة أهل البيت ج ٣ ص ٣٨٦.
3- موسم العدد ٤ ص ١٠٧٧ وقد أرّخ بها تجديد عمارة قبرها عام (١٣٢٣ ه) وهو يرى أنّها بنت الإمام علي والصحيح هي بنت الحسين كما تقدّم.
4- مقتل الحسين للسيّد محمّد تقي بحر العلوم (٢٩٨) وطبعت في ديوان الشاعر زورق الخيّال

أنصار الحسين عليه‌السلام



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
المقالات ذات صلة