من أنصار الحسين عليهالسلام عبد الله بن عمير الكلبي (١)
هو عبد الله بن عمير بن عبّاس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي ، أبو وهب ، كان عبد الله بن عمير بطلا شجاعا شريفا ، نزل الكوفة واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا ، فنزلها ومعه زوجته أمّ وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط.
قال أبو مخنف : فرأى القوم بالنّخيلة يعرضون ليسرّحوا إلى الحسين عليهالسلام ، فسأل عنهم ، فقيل له : يسرّحون إلى الحسين بن فاطمة بنت رسول الله .
فقال : والله!! لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإنّي لأرجو ألاّ يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيّهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إيّاي في جهاد المشركين ، فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد
فقالت له : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، افعل وأخرجني معك ؛ قال : فخرج بها ليلا حتّى أتى حسينا فأقام معه ، فلمّا دنا عمر بن سعد ورمى بسهم فارتمى الناس ، خرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله ، فقالا : من يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم ، فوثب حبيب وبرير
فقال لهما الحسين : اجلسا ، فقام عبد الله بن عمير فقال : أبا عبد الله! رحمك الله ائذن لي لأخرج إليهما ، فرأى الحسين رجلا آدم طوالا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين ، فقال [ الحسين ] : « إنّي لأحسبه للأقران قتّالا » اخرج إن شئت ، فخرج إليهما ، فقالا له : من أنت؟ فانتسب لهما
فقالا : لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير. ويسار مستنتل أمام سالم ، فقال له عبد الله : يا ابن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس!؟ أو يخرج إليك أحد من الناس إلاّ وهو خير منك!؟ ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد ، فإنّه لمشتغل يضربه بسيفه إذ شدّ عليه سالم ، فصاح به أصحابه قد رهقك العبد ، فلم يأبه له حتّى غشيه فبدره بضربة فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابع كفّه اليسرى ، ثمّ مال عليه فضربه حتّى قتله ، وأقبل إلى الحسين عليهالسلام يرتجز أمامه وقد قتلهما جميعا فيقول :
إن تنكروني فأنا ابن كلب
حسبي ببيتي في عليم حسبي
إنّي امرؤ ذو مرّة وعصب
ولست بالخوّار عند النكب
إنّي زعيم لك أمّ وهب
بالطعن فيهم مقدما والضرب
قال : فأخذت أمّ وهب امرأته عمودا ، ثمّ أقبلت نحو زوجها تقول : فداك أبي وأمّي قاتل دون الطيبين ذريّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأقبل إليها يردّها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ، وتقول : [ إنّي ] لن أدعك دون أن أموت معك ، ( وإنّ يمينه سدكت على السيف ويساره مقطوعة أصابعها فلا يستطيع ردّ امرأته ) (2)
فجاء إليها الحسين عليهالسلام وقال : « جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهنّ ، فإنّه ليس على النساء قتال » فانصرفت إليهنّ (3).
وقال أبو جعفر : حمل عمرو بن الحجّاج الزبيدي على الميمنة فثبتوا له وجثوا على الركب ، وأشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل ، وحمل شمر على الميسرة فثبتوا له وطاعنوه.
وقاتل الكلبي ، وكان في المسيرة قتال ذي لبد ، وقتل من القوم رجالا فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حيّ التيميّ من تيم الله بن ثعلبة ، فقتلاه (4).
وقال أبو مخنف : ثم عطفت الميمنة والميسرة والخيل والرجال على أصحاب الحسين فاقتتلوا قتالا شديدا وصرع أكثرهم فبانت بهم القلّة ، وانجلت الغبرة فخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها حتّى جلست عند رأسه تمسح التراب عنه وتقول : هنيئا لك الجنّة! أسأل الله الذي رزقك الجنّة أن يصحبني معك ، فقال شمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فضرب رأسها فشدخه ، فماتت مكانها (5).
( عليم ) : بالتصغير ، فخذ من جناب.
( جناب ) : بالجيم والنون والباء الموحدة بطن من كلب. ويمضى في بعض الكتب حباب وهو غلط.
( طوالا ) : كغراب الطويل وكرمان المفرط الطول. ( مستنتل ) : تقدّم معناه.
( رهقك ) : أي غشيك ودنا منك.
( لم يأبه له ) : أي لم يبال ، يقال بالمعلوم ويقال بالمجهول ، والمجهول أكثر.
( حسبي ببيتي في عليم ) : لم يفهم بعض أنّ عليم عشيرته فظنّها عليم وأبدل البيت حسبي إلهي من عليم ، وهو غلط واضح.
( ذو مرّة ) : بكسر الميم أي صاحب قوّة.
( وعصب ) : بفتح العين وسكون الصاد أي شدّة. ( الخوار ) : ككتان الضعيف.
( سدكت ) : لزمت وذلك لجمود الدم عليها من كثرة القتلى.
عبد الأعلى بن يزيد الكلبي العليمي
كان فارسا شجاعا من الشيعة كوفيّا ، خرج مع مسلم بن عقيل فيمن خرج ، فلمّا تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب فسلّمه إلى عبيد الله بن زياد فحبسه.
قال أبو مخنف : ولمّا قتل مسلم أحضره عبيد الله بن زياد فسأله عن حاله ، فقال : إنّما خرجت أنظر فطلب منه اليمين فلم يحلف ، فأخرجه إلى جبّانة السبيع فقتله هناك رحمهالله (6).
سالم بن عمرو مولى بني المدينة الكلبي
كان سالم مولى لبني المدينة ، وهم بطن من كلب ، كوفيّا من الشيعة ، خرج إلى الحسين عليهالسلام أيّام المهادنة ، فانضمّ إلى أصحابه.
قال في الحدائق : وما زال معه حتّى قتل (7).
وقال السروي : قتل في أوّل حملة مع من قتل من أصحاب الحسين عليهالسلام. وله في القائميّات ذكر وسلام (8).
المصادر :
1- عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين عليهالسلام. راجع رجال الشيخ : ١٠٤ ، الرقم ١٠٢٤.
2- ما بين القوسين ليس في المصدر.
3- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٣ بتفاوت ونقص في بعض الكلمات. راجع الإرشاد : ٢ / ١٠١.
4- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٥.
5- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٦ بتفاوت في النقل.
6- تاريخ الطبري : ٣ / ٢٩٢ ، راجع ص ٢٨٧.
7- الحدائق الورديّة : ١٢١.
8- راجع البحار : ٤٥ / ٧٢.