السيّد عبد الحسين شرف الدين

السيّد عبد الحسين شرف الدين ) ١٢٩٠ ـ ١٣٧٣ هـ / ١٨٧٦ ـ ١٩٥٤ م( من رجالات النهضة الإسلامية الحديثة ولا زال حضوره نابضاً في أدبيات الحوار الإسلامي. كان وعيه مبكّراً بحال المسلمين وحاجتهم إلى الوحدة
Saturday, November 11, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
السيّد عبد الحسين شرف الدين
السيّد عبد الحسين شرف الدين



 

السيّد عبد الحسين شرف الدين ) ١٢٩٠ ـ ١٣٧٣ هـ / ١٨٧٦ ـ ١٩٥٤ م( من رجالات النهضة الإسلامية الحديثة ولا زال حضوره نابضاً في أدبيات الحوار الإسلامي. كان وعيه مبكّراً بحال المسلمين وحاجتهم إلى الوحدة ولسان حاله يقول : كانت تلتمع في صدري منذ شرخ الشباب ، التماع البرق في طيّات السحاب ، وتغلي في دمي غليان الغيرة ، تتطلّع إلى سبيل سوي يوقف المسلمين على حدّ يقطع دابر الشعب بينهم ، ويكشف هذه الغشاوة عن أبصارهم ، لينظروا إلى الحياة من ناحيتها الجدّية ، راجعين إلى الأصل الديني المفروض عليهم ، ثم يسيروا معتصمين بحبل الله جميعاً تحت لواء الحقّ إلى العلم والعمل ، إخوة بررة يشدّ بعضهم أزر بعض ، لكن مشهد هؤلاء الإخوة المتصلين بمبدأ واحد ، وعقيدة واحدة كان ـ وا أسفاه ـ مشهد خصومة عنيفة ، تغلو في الجدال ، غلو الجهّال ، حتى كأن التجالد في مناهج البحث العلمي من آداب المناظرة أو أنّه من قواطع الأدلّة! ذلك ما يثير الحفيظة ، ويدعو إلى التفكير ، وذلك ما يبعث الهمّ والغمّ والأسف. فما الحيلة؟ وكيف العمل؟ هذه ظروف ملمّة في مئين من السنين ، وهذه مصائب محدقة بنا من الأمام والوراء ، وعن الشمال وعن اليمين ، وذاك قلم يلتوي به العقم أحيانا ، وتجور به الأطماع أحياناً أخرى ، وتدور به الحزبية تارة ، وتسخّره العاطفة تارة أخرى ، وبين هذا وذاك ما يوجب الإرتباك فما العمل؟ وكيف الحيلة (١)؟
إنّ هذا الشعور المنبعث من القلب المحترق ألماً من معاناة الواقع حيث الشتات والتفتت ، الجرثومة التي كانت تنتشر في جسد الأمة ، مستفيدة من الجهل وضعف الوعي ، ومدعومة من حبائل مخطّطات الاستعمار ، كان يلازم السيّد شرف الدين دوماً حتى كان أحد مكونات تفكيره في قضايا الساحة والأُمّة.
وقد بدأت مسيرة الجهاد عند الإمام شرف الدين في أوائل القرن العشرين بعد عودته من النجف الأشرف إلى جبل عامل ـ جنوب لبنان ـ فقد كان من أبرز قيادات تيار الممانعة والمقاومة في وجه الاستعمار الحديث لبلاد المسلمين .. ومن الطبيعي ان تكون وحدة المسلمين هي الهدف الذي كان يسعى من أجله شأنه في ذلك شأن كثير من العلماء والمفكرين المسلمين الذين أدركوا ان الهجمة الاستعمارية على بلاد المسلمين لا يمكن ردها إلا في إطار مشروع سياسي توحيدي يعيد للمسلمين شوكتهم ويبعث فيهم ما انكسر من إرادة ومعنويات وثقة بالذات (٢).

في لبنان رفض الطائفية :

يقول الدكتور حسين القوتلي : في أواسط الخمسينات من هذا القرن ، وكنت في بداية العشرينات من عمري عملت إلى جانب دولة الرئيس الحاج حسين العويني ـ رئيس المجلس الإسلامي في بيروت ـ آنذاك ، مقرّراً لهذا المجلس ، ومن خلال كلمة ألقاها الرئيس العويني في حفل تأبين السيّد عبد الحسين شرف الدين ، بدأت بالتعرّف إلى المنهج التوحيدي عند علّامتنا العاملي ، في تلك الكلمة ، قال رئيس المجلس الإسلامي عن الراحل الكبير : إنّه أوّل من دعا إلى نبذ الخلافات الوهمية القائمة بين الشيعة والسنّة وهي ـ يشهد الله ـ من عمل الاستعمار ومخلفاته السياسية ، فمتى كان المسلم سنّياً ومتى كان شيعياً. وأضاف يقول : إنّنا في المجلس الإسلامي نريد أن نخلد ذكرى الراحل الكبير ، لا عن طريق الكلام المنمق ، ولكن عن طريق العمل بما دعا إليه السيّد عبد الحسين شرف الدين ، إنّنا نريد أن نعلن عزمنا وتصميمنا على محو هذه الفرقة بين السنّة والشيعة وافتتاح عهد جديد من الوحدة الدينية نطلق عليها اسم عهد شرف الدين (3).

التضامن مع المسيحيين :

لقد رفض السيّد شرف الدين الطائفية وتأسيس النظام السياسي على قاعدة الطائفية وكانت له محاولات لإصلاح المجتمع طائفياً بإزالة كلّ شائبة تقف والعلاقات الحسنة مع المسيحيين لسدّ الذرائع على الانتداب الفرنسي من اللعب بالورقة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين في لبنان.
وما أدلّ على ذلك من موقفه الإصلاحي في مؤتمر وادي الحجير الذي انعقد سنة ١٣٣٨ هـ / ١٩٢٠ م ، ففي خطبته الشهيرة قال الإمام شرف الدين :
ألا أدلّكم على أمر إن فعلتموه انتصرتم ، فوّتوا على الدخيل الغاصب برباطة الجأش فرصته ، وأخمدوا بالصبر الجميل فتنته ، فإنّه والله ما استعدى فريق على فريق إلّا ليثير الفتنة الطائفية ، ويشعل الحرب الأهلية ، حتّى إذا صدق زعمه وتحقّق حلمه استقرّ في البلاد بعلّة حماية الأقلّيات.
ألا وإنّ النصارى إخوانكم في الله وفي الوطن وفي المصير ، فأحبّوا لهم ما تحبّونه لأنفسكم ، وحافظوا على أرواحهم وأموالهم كما تحافظون على أرواحكم وأموالكم ، وبذلك تحبطون المؤامرة ، وتخمدون الفتنة ، وتطبقون تعاليم دينكم وسنة نبيكم (4)
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) (5).

في القاهرة الحوار الإسلامي ـ الإسلامي :

يحدّثنا السيّد شرف الدين عن رحلته إلى مصر وغرضه من هذه الزيارة والأجواء النفسية التي سبقتها يقول : لقد ضقت ذرعاً بهذا ، وامتلأت بحمله همّاً ، فهبطت مصر أواخر سنة ١٣٢٩ هـ مؤمّلاً في نيله ، نيل الأُمنية التي أنشدها وكنت ألهمت أنّي موفّق لبعض ما أريد ، ومتصل بالذي أُداور معه الرأي ، وأتداول معه النصيحة ، فيسدّد الله بأيدينا من الكنانة سهماً نصيب به الغرض ، ونعالج هذا الداء الملحّ على شمل المسلمين بالتمزيق ، وعلى جماعتهم بالتفريق ، وقد كان والحمد لله الذي أملت ، فإنّ مصر بلد ينبت العلم ، فينمو به على الإخلاص ، والإذعان للحقيقة الثابتة بقوّة الدليل ، وتلك ميزة لمصر فوق مميّزاتها التي استقلّت بها.
وهناك على نعمى الحال ، ورخاء البال ، وابتهاج النفس ، جمعني الحظ السعيد بعلم من إعلامها المبرّزين ، بعقل واسع ، وخلق وادع ، وفؤاد حي ، وعلم عليم ومنزل رفيع ، يتبوأه بزعامته الدينية ، بحق وأهلية ...
شكوت إليه وجدي ، وشكا إليّ مثل ذلك وجداً وضيقاً ، وكانت ساعة موفّقة أوحت إلينا التفكير فيما يجمع الله به الكلمة ، ويلمّ به شعث الأُمّة ، فكان ممّا اتفقنا عليه أنّ الطائفتين ـ الشيعة والسنّة ـ مسلمون يدينون حقاً بدين الإسلام الحنيف ، فهم فيما جاء الرسول به سواء ، ولا اختلاف بينهم في أصل أساسي يفسد التلبّس بالمبدأ الإسلامي الشريف ...
وقد فرضنا على أنفسنا أن نعالج هذه المسألة بالنظر في أدلّة الطائفتين ، فنفهمهما فهماً صحيحاً ، من حيث لا نحسّ إحساسنا المجلوب من المحيط والعادة والتقليد بل نتعرّى من كلّ ما يحوطنا من العواطف والعصبيّات ، ونقصد الحقيقة من طريقها المجمع على صحّته ، فنلمسها لمساً ، فلعلّ ذلك يلفت أذهان المسلمين ، ويبعث الطمأنينة في نفوسهم ، بما يتحرّر ويتقرّر عندنا من الحق فيكون حدّاً ينتهي إليه إن شاء الله تعالى (6).
ومن هذه الحوارات كان كتاب المراجعات الذي أعاد الاعتبار إلى البحث العلمي المجرّد والحوار الموضوعي. وفي وصف الدكتور حامد حفني داود إنّ هذه المناظرة كانت : شيئاً جديداً لا نكاد نألفه إلّا في المنهج الإسلامي في فنّ المناظرة والجدل ، ذلك المنهج هو إصرار كلّ من الباحثين على الوصول إلى الحقيقة أنّى وجدها ، فلم يكن أحدهما يبغي من المناظرة الكيد لصاحبه أو النيل من علمه أو حتّى مجرد الفرق بقدر ما يطمع من الوصول إلى الحقيقة ولو كانت متمثّلة في حجّة صاحبه (7).
وقد استغرق هذا الحوار بين السيّد شرف الدين والشيخ سليم البشري مائة واثنتي عشر حلقة ما بين ذي القعدة ١٣٢٩ ، وجمادى الأولى ١٣٣٣ هـ.

أجوبة مسائل جار الله :

طاف الشيخ موسى جار الله بعض الأقطار الإسلامية ، ووقف على أحوالها وأخبارها وفي نهاية مطافه وجّه إلى علماء الشيعة أسئلة يعتقد أنّها في الوحدة الإسلامية ، وعن هذه الأسئلة يقول السيّد شرف الدين : وردت عليّ مسائل موسى جار الله كما رفعت إلى غيري من علماء الإمامية بواسطة جمعية الرابطة العلمية الأدبية النجفية ـ أعزّها الله تعالى ـ مؤرّخة في ٢١ ذي القعدة سنة ١٣٥٣ هـ ووردت عليّ من طريق آخر أيضاً.
فما وقفت عليها حتّى أوجست من مغازيها خيفة على الوحدة الإسلامية أن تنفصم عروتها ، وتتفرّق جماعتها ، إذ وجدت فيها من نبش الدفائن وإثارة الضغائن ما يشقّ عصا المسلمين ويمزّقهم تمزيقاً ، والدور عصيب ، والظروف حرجة ، لا تسع النقض والإبرام ، ولا المشادّة والمناقشة فضلاً عن هذه المحاربة ، التي ليس بعدها مصاحبة ، وكان الواجب ترك هذه الغارات.
... أليس الله وعجل الله تعالى فرجه وحده لا شريك له ربّنا جميعاً؟ والإسلام ديننا؟ والقرآن الحكيم كتابنا؟ وسيّد النبيّين وخاتم المرسلين محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم نبينا؟ وقوله وفعله وتقريره سنتّنا؟ والكعبة مطافنا وقبلتنا؟ والصّلوات الخمس ، وصيام الشهر ، والزكاة الواجبة ، وحجّ البيت فرائضنا ..؟ (8).
وما إن صدر الكتاب سنة ١٣٥٥ هـ حتّى أقبل عليه العلماء والمفكّرون من حملة لواء الوحدة ، ينشرونه ويبشّرون به.
وقد احتوى الكتاب على عشرين مسألة من المسائل الخلافية بين السنّة والشيعة أجاب عليها السيّد شرف الدين بصراحة ووضوح وبما يجمع الأُمّة ويقرّب بين مذاهبها ويوحّدها على قاعدة الاختلاف في الفروع والاتفاق على الأصول ...
الفصول المهمة في تأليف الأُمّة :
هذا الكتاب الذي ألّفه السيّد شرف الدين بعد رجوعه من النجف الأشرف بسبع سنين أي سنة ١٣٢٧ هـ / ١٩٠٩ م يعدّ منهجاً قيّماً في تأليف الأُمّة واتفاقها ... وقد جاءت فصول الكتاب كخطوط رئيسة لمنهج التأليف والتقريب. وهذه الفصول :
الفصل الأول : فيما جاء في الكتاب والسنّة من الحضّ على الاجتماع والتنديد بأهل التفريق والنزاع.
الفصل الثاني : في بيان معنى الإسلام والإيمان وفيه ما يوجب القطع بأنّ جميع أهل الشهادتين والصوم والصلاة والحجّ والزكاة إخوان.
الفصل الثالث : في صحاح أهل السنّة الحاكمة باحترام أهل الأركان الخمسة كافّة ، وحرمة دمائهم وأعراضهم وأموالهم ، وفيه من الأحاديث الصحيحة والنصوص الصريحة ما يقطع شغب المشاغب ، ولا يبقى معه أثر لهذيان النواصب.
الفصل الرابع : في يسير من نصوص أئمّتنا في الحكم بإسلام أهل السنّة
وأنّهم كالشيعة في كلّ أثر يترتّب على مطلق المسلمين.
وهذا في غاية الوضوح من مذهبنا لا يرتاب فيه ذو اعتدال منّا.
الفصل الخامس : في صحاح السنّة الحاكمة على أهل الأركان الخمسة بدخول الجنّة وفيه من البشائر ما تقرّ به النواظر.
الفصل السادس : في لمعة من فتاوى علماء أهل السنّة بإيمان أهل الأركان الخمسة كافّة واحترامهم ونجاتهم جميعاً وفيه فتاوى كثيرة من أعلام الأُمّة.
الفصل السابع : في بشائر السنّة للشيعة ويا لها من بشائر تحكم بفلاحهم في الدنيا وسعادتهم في اليوم الآخر. وهي صحاح متضافرة من طريق العترة الطاهرة ، ومنها ما أخرجه محدّثو أهل السنّة بأسانيدهم وطرقهم.
الفصل الثامن : فيمن تأوّلوا من السلف فخالفوا الجمهور ولم يقدح ذلك في عدالتهم والغرض إثبات معذرة المتأوّلين (9).
منهجية شرف الدين في الوحدة

من مكوّنات ومعالم هذه المنهجية :

١ ـ إذا كان الهدف من مناقشة الرأي الآخر هو خطاب الذات لا الآخر. فقد يجوز في المنهج أن يعتمد الفقيه على أدلّته المذهبية الخاصّة ، وهذا ليس أسلوب الحوار بل هو مساجلة لا تؤدّي غالباً إلى وفاق بل تثبت رأي كلّ فريق في مقابل الرأي الآخر.
وأما إذا كان الهدف إقناع الآخر بوجهة النظر المخالفة ، أو حلّ النزاع بالكشف عن معيار ثالث للموقف في محلّ النزاع أعلى من معيار كلّ واحد من المختلفين ، فإنّ المنهج العلمي الصحيح الذي يتوفّر على شروط البحث العلمي ويتسم بالجدّية ، لابدّ أن يرتكز على الأدلّة التي يعتمدها الطرف الآخر.
وهذا هو الحوار الذي يرتكز على أسس مشتركة بين المتحاورين ، وهو يؤدّي غالباً إلى وفاق أو إلى تفهّم للآخر يفسح مجالاً لاكتشافه وقبوله والاعتراف به.
ونلاحظ أنّ الإمام شرف الدين قد التزم بهذا المنهج التزاماً صارماً فيما وصل إلينا من أبحاثه في فقه الخلاف وفي فقه الوفاق (10).

حاكمية الدليل :

٢ ـ إنّ تعبّدنا في الأصول بغير المذهب الأشعري ، وفي الفروع بغير المذاهب الأربعة لم يكن لتحزّب أو تعصّب ، ولا للريب في اجتهاد أئمّة تلك المذاهب ، ولا لعدم عدالتهم وأمانتهم ونزاهتهم وجلالتهم علماً وعملاً.
لكن الأدلّة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمّة من أهل بيت النبوّة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ، ومهبط الوحي والتنزيل ، فانقطعنا إليهم في فروع الدين وعقائده ، وأصول الفقه وقواعده ، ومعارف السنّة والكتاب ، وعلوم الأخلاق والسلوك والآداب ، نزولاً على حكم الأدلّة والبراهين ، وتعبّداً بسنّة سيّد النبيّين والمرسلين صلّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين.
ولو سمحت لنا الأدلّة بمخالفة الأئمّة من آل محمّد ، أو تمكنّا من تحصيل نية القربة لله سبحانه وتعالى في مقام العمل على مذهب غيرهم لقصصنا أثر الجمهور ، وقفونا أثرهم ، تأكيداً لعقد الولاء ، وتوثيقاً لعرى الإخاء ، ولكنّها الأدلّة القطعية تقطع على المؤمن وجهته ، وتحول بينه وبين ما يروم (11).

المحتوى الحضاري للوحدة :

٣ ـ لا تتسق أمور العمران ، ولا تستتب أسباب الارتقاء ، ولا تنبث روح المدنية ، ولا تبزغ شموس الدعة من أبراج السعادة ، ولا نرفع عن أعناقنا نير العبودية بيد الحرية إلّا باتفاق الكلمة واجتماع الأفئدة ، وترادف القلوب ، واتحاد العزائم ، والاجتماع على النهضة بنواميس الأُمّة ، ورفع كيان الملّة ، وبذلك تهتزّ الأرض طرباً ، وتمطر السماء ذهباً ، وتتفجّر ينابيع الرحمة من قلب
المواساة فتجري في سهوب الترقي وتتفرّق في بيد العمران ، وأخاديد الحنان والاتحاد (12).
٤ ـ لم يتكون الموقف السياسي التوحيدي الذي رسم أفق الحركة التوحيدية لديه ، إلّا محصّلة لرؤيته الإصلاحية الأساسية العاملة والملتزمة بوحدة التربية ، ولرؤيته الإصلاحية الاجتماعية الملتزمة بوحدة المجتمع ، ولرؤيته الإصلاحية الداعية إلى وحدة القيم والأخلاق والدين في مجتمع عربي إسلامي ترسي قواعد الحكم فيه دولة عربية واحدة.
٥ ـ فتح باب الحوار المستند على البرهان العلمي والدليل المنطقي ، والبحث الموضوعي بين المذاهب الإسلامية لمعرفة نقاط الاختلاف بدليل ، ونقاط الاتفاق بدليل ، وإزالة كلّ ما هو معارض للعلم والعقل.
٦ ـ لا حياة لهذه الأُمّة إلّا بإجماع آرائها ، وتوحيد أهدافها ، بجميع مذاهبها وشتّى مشاربها ، على إعلاء كلمتها بإعلان وحدتها ، في بنيان مرصوص ، يشدّ بعضه أزر بعض ، وجسم واحد ، إذا شكا منه عضو تداعت له سائر الأعضاء ، حتّى ليكون المسلم في المشرق ، هو نفسه في المغرب ، عينه ومرآته ، دليله ومشكاته ، لا يخونه ولا يخدعه ، ولا يظلمه ولا يسلمه ، وبذلك يكون المسلمون أُمّة واحدة (13).
٧ ـ لا تقولوا بعد اليوم هذا شيعي ، وهذا سنّي ، بل قولوا : هذا مسلم ، فالشيعة والسنّة فرّقتهما السياسة ، وتجمعهما السياسة ، أمّا الإسلام فلم يفرّق ولم يمزّق (14).
المصادر :
1- المراجعات : ٤٩ ـ ٥٠.
2- مؤتمر تكريم السيّد شرف الدين ورقة السيّد محمّد حسن الأمين : ١٢٢.
3- مؤتمر تكريم السيّد شرف الدين ورقة السيّد محمّد حسن الأمين : ١٠٠.
4- بغية الراغبين ٢ : ٤٤٠.
5- المائدة (٥) : ٨٢.
6- المراجعات : ٥٠ ـ ٥٢.
7- نظرات في الكتب الخالدة : ٩٠.
8- أجوبة مسائل جار الله : ٤ ـ ٥.
9- الفصول المهمّة ، الفهرست : ٢٠٥.
10- مؤتمر تكريم السيّد عبد الحسين شرف الدين ، ورقة الشيخ محمّد مهدي شمس الدين : ٤٩.
11- المراجعات : ٦٠ ـ ٦١.
12- مؤتمر تكريم السيّد عبد الحسين شرف الدين : ٩٠.
13- بغية الراغبين ٢ : ٤٤٧.
14- المصدر السابق : ٤٤٨.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.