أعظم مفتدٍ لأعظم مفتدىً

احدی المناقب العظمی التي انفرد بها ابا الحسنين عليه وعليهما السلام دون سواه مبيته في فراش الرسول الاعظم (صلی الله عليه وآله وسلم) وفي احلک الظروف واخطر اللحظات مع العلم اليقين بمؤامرة الاغتيال ..
Tuesday, November 21, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
أعظم مفتدٍ لأعظم مفتدىً
أعظم مفتدٍ لأعظم مفتدىً



 

احدی المناقب العظمی التي انفرد بها ابا الحسنين عليه وعليهما السلام دون سواه مبيته في فراش الرسول الاعظم (صلی الله عليه وآله وسلم) وفي احلک الظروف واخطر اللحظات مع العلم اليقين بمؤامرة الاغتيال ..
أعظم مفتدٍ لأعظم مفتدىً ، لم يحدثنا التاريخ بأروع من قصة الفداء هذه ، فالملأ من قريش مجمعون على قتل محمد في فراشه ، وعلم محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)بذلك وأخبر علياً ، فبكى خوفاً على الرسول ، لكن الرسول حين أمره أن يبيت على فراشه ، قال له علي : اوتسلم يا رسول إن فديتك بنفسي ؟! فقال (صلی الله عليه وآله وسلم): نعم ، بذلك وعدني ربي. فاستبشر عليٌّ وانفرجت أسارير وجهه ابتهاجاً بسلامة النبي ، وتقدم إلى فراشه مطمئن النفس ثابت الجنان نام فيه متشحاً ببرده اليماني.
فلما كان الثلث الأخير من الليل خرج النبي من الدار وهو يقرأ : .. ( وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فاغشيناهم فهم لا يبصرون .. ) ومر على الملأ من قريش وأخذ حفنة من التراب وجعل ينثرها على رؤوسهم وهم لا يشعرون ، ولما حان الوقت المحدد لهجومهم على الدار إقتحموا ، ! ، فثار علي عليه‌السلام في وجوههم ، فانهزموا منه ، ثم سألوه عن النبي فقال : لا أدري أين ذهب (وفي تاريخ اليعقوبي : أن الله تعالى أوحى في تلك الليلة الى ملكين من ملائكته المقربين ـ وهما جبريل وميكائيل ـ أني قضيت على أحدكما بالموت ؛ فايكما يفدي صاحبه ؟ فاختار كل منهما الحياة. فاوحى إليهما : هلا كنتما كعلي بن أبي طالب ، لقد آخيت بينه وبين محمد ، وجعلت عمر أحدهما أطول من الآخر ، فاختار علي الموت وآثر محمداً بالحياة ونام في مضجعه ، إهبطا فاحفظاه من عدوه ، فهبطا يحرسانه في تلك الليلة وهو لا يعلم ، وجبريل).

الهجرة

وأوصى رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)علياً بحفظ ذمته وأداء أماناته ، وأمره أن يقيم منادياً بالأبطح غدوةً وعشية ينادي : آلا من كانت له قِبلَ محمدٍ أمانة فيأت لتؤدى إليه أمانته ، وأوصاه بالصبر ، وأن يقدم عليه مع ابنته فاطمة وغيرها من النسوة إذا فرغ من آداء المهمّات التي كلفه بها.
وأمر أبا بكر ، وهند بن أبي هالة * أن يقعدا له في مكان حدده لهما في طريقه إلى الغار ، فلما خرج (صلی الله عليه وآله وسلم)في ظلمة الليل ، إنطلق جنوباً ميمماً غار ثور ، فوجدهما في الطريق ، ورجع هند متخفياً إلى مكة ، ودخل هو (صلی الله عليه وآله وسلم)وابو بكر الغار ، فأرسل الله في تلك الساعة عنكبوتاً نسجت على بابه ، وشاءت قدرته أن تلتجئ إلى باب الغار حمامتان بريتان.
ومضت قريش جادة في طلبه ومعها أهل الخبرة بالقيافة وتتّبع الأثر ، إلى أن بلغوا الغار ، وانقطع الأثر عنهم ، فنظروا ، فرأوا العنكبوت قد غطت بابه بنسيجها ، واذا بالحمامتين على جانب من جوانب بابه مما لا يترك أقل شك في انهما ليسا فيه ، فقال بعضهم لبعض : إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد ! (١).
وبقي الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)وصاحبه في الغار ثلاثة أيام ـ على رواية ـ ثم ارتحلا ومعهما غلام لأبي بكر يدعى عامر بن فهيرة ، أردفه ابو بكر خلفه ، وأخذ بهم الدليل على طريق الساحل.
ولم تتوانى قريش في طلب النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)وجعلت لمن قتله أو أسره مائة ناقة.
ومروا في طريقهم على خيمة أم معبد الخزاعية ، وكانت تقري الضيف ، فسألوها تمراً أو لحماً يشترونه منها ، فلم يجدوا عندها شيئاً ، فقالت : والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم ، ! فنظر رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)وسلم إلى شاة في جانب الخيمة وقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟
قالت : هي شاة خلّفها الجَهدُ عن الغنم ! فقال لها النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): هل بها من لبن ؟
قالت : هي أجهد من ذلك ؟ فقال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟ فقالت : نعم ، فداك أبي وأمي إن رأيت بها حلباً.
فدعا رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)بالشاة ، فمسح ضرعها وذكر اسم الله ، ثم قال : بارك الله في شأنها. فدّرت من ساعتها ، فدعا بإناءٍ كبير فحلب فيه فسقاها وسقى أصحابه حتى رويت ورووا ، وشرب هو آخرهم ، ثم قال :
وساقي القوم آخرهم شرابا
ثم حلب في الإِناء حتى إمتلاء وتركه لها وارتحل. وما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً حيّلاً عجافاً هُزلاً ، فلما رأى اللبن تعجب وقال : من أين لكم هذا والشاة عازبة ؟ ولا حلوبة في البيت ؟!
قالت : لا والله ، إلا أنه مرَّ بنا رجل مبارك ، وقصت عليه قصته.
فقال : والله أني لأظنه صاحب قريش الذي تطلب ؟ صفيه لي !
قالت : رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة ، مُنبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تُعيهِ ثَلجة ، ولم تُزرِ به صلعَة ، وسيمٌ ، قسيمٌ ، في عينيه دعج ، وفي اشفاره وَطَف ، وفي صوته صَحَل ، أحور ، أكحل ، ازَج ، أقرن ، شديد سواد الشعر ، في لحيته كثافة ، إذا صمت فعليه الوقار ، وإذا تكلم سما ، وعلاه البهاء ، حلو المنطق ، لا نزر ولا هذر ، ومضت تعدد صفاته. فلما انتهت من وصفه قال لها أبو معبد : والله هذا صاحب قريش ، ولو وافقته ـ يا أم معبد ـ لإلتمست ان أصحبه ، ولأفعلن إذا وجدت إلى ذلك سبيلا ، وأخيراً هاجر أبو معبد وزوجته إلى يثرب وأسلما.
وبينما النبي في طريقه إلى يثرب إذ عرض له سراقة بن مالك بن خثعم ـ يريد به شراً ـ فدعا عليه رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)فرسخت قوائم فرسه في الأرض ‍‍‍‍‍‍‍! فقال : يا محمد ، ادع الله ان يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي ، فدعا له النبي ، فانطلقت الفرس ، فرجع سراقة ووجد الناس يلتمسون رسول الله ، فقال لهم : إرجعوا ، فقد استبرأت لكم خبره فلم أجد له أثراً ، فرجعوا.
وتابع ركب النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)طريقهم يقطعون السهول والجبال والأودية ، ويتحملون حرّ الهاجرة وجهد السير سبعة أيام حتى أمنوامن طلب قريش.
وخرج ابو ذر في قبيلتي غفار وأسلم ، للقاء النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)فلما دنا منه الركب ، أسرع إلى ناقة النبي وأخذ بزمامها وهو يكاد يطير فرحاً بلقائه ، فأخبره أن غفاراً قد أسلم أكثرها ، واجتمع عليه بنو غفار فقالوا له : يا رسول الله ، إن أبا ذر قد علمنا ما علمته ، فأسلمنا وشهدنا أنك رسول الله.
واسرع المتخلفون منهم الى الإسلام ، وبايعوا النبي وأعلنوا إسلامهم.
ثم تقدمت أسلم ، فقالوا : إنا قد أسلمنا ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا وحلفاؤنا ، فأشرق وجه النبي سروراً بنصر الله ، ثم قال : غفار ، غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله.
وإستأنف طريقه ، فلما قارب المدينة قال : من يدلنا على الطريق إلى بني عمرو بن عوف.
فمشى أمامه جماعة ، فلما بلغ منازلهم ، نزل فيهم بقبا * في ربيع الأول ، وأراد أبو بكر منه أن يدخل المدينة ، فقال (صلی الله عليه وآله وسلم): ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي وابنتي ـ يعني علياً وفاطمة ـ.
واستقبل رسول الله بالتكبير والتهليل ، وكان في استقباله من بني عوف نحو من خمسمائة.
ثم كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبا إلى علي (علیه السلام) ، فلما ورد كتابه الى علي ابتاع ركائب لمن معه من النسوة وتهيأ للخروج ، وأمر من كان قد بقي في مكة
من ضعفاء المؤمنين أن يتسللوا ليلاً الى ذي طوي ، وخرج عليه‌السلام بالفواطم (2) وتبعتهم أم أيمن مولاة رسول الله ، وأبو واقد الليثي ، فجعل ابو واقد يسوق الرواحل سوقا حثيثاً ، فقال له علي : ارفق بالنسوة يا أبا واقد ، ثم جعل علي يسوق بهن ويقول :
ليس إلا الله فارفع ظنكا
يكفيك رب الناس ما أهمكا
فلما قارب ضجنان (3) أدركه الطلب ، وكانوا ثمانية فرسان ملثمين معهم مولىً لحرب بن أمية ، إسمه : جناح ، فقال علي عليه‌السلام لأيمن وابي واقد : انتحيا الإِبل واعقلاها ، وتقدم وأنزل النسوة ، واستقبل القوم بسيفه ، فقالوا : أظننت يا غدار إنك ناج بالنسوة ؟ إرجع ، لا أبا لك.
فقال عليه‌السلام : فإن لم أفعل ؟! قالوا : لترجعن راغماً ! ودنوا من المطايا ليثورها ، فحال علي بينهم وبينها ، فأهوى له جناح ، فراغ عليٌّ عن ضربته وضرب جناحاً على عاتقه فقدَّه نصفين حتى دخل السيف إلى كتف فرسه. وشد على أصحابه ، فتفرق القوم عنه وقالوا : إحبس نفسك عنّا يا بن أبي طالب ‍‍‍‍!
فقال لهم : إني منطلق إلى أخي وابن عمي رسول الله ، فمن سرّهُ أن أفري لحمه ، واريق دمه ، فليدن مني !!
ثم أقبل عليه‌السلام على أيمن وأبي واقد ، وقال لهما : أطلقا مطاياكما.
وسار بها ظافراً قاهراً حتى نزل ضجنان ، فلبث بها يومه وليلته تلك هو والفواطم يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ، حتى طلع الفجر ، فلما صلوا صلاة الفجر سار بهم حتى قدموا المدينة ، وكان قد تفطرت قدماه ، فلما رآه النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)اعتنقه وبكى رحمةً لما به ، ثم تفل في يديه وأمرهَّما على قدمي علي ودعا له بالعافية ، فلم يعد يشتكي منهما (4).
المصادر :
1- مقتضب من سيرة المصطفى ٢٥٠ وما بعدها.
2- الفواطم : هن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة بنت أسد ام الإمام علي ، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ، وفاطمة بنت حمزة راجع سيرة المصطفى / ٢٥٩.
3- ضجنان : إسم جبل على اربعة فراسخ من مكة.
4- راجع سيرة المصطفى ٢٥٨ وما بعدها
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.