يكفي فيه البحث عن كنيته بأبي تراب دون بقية كناه كأبي الحسن وأبي الحسين أو أبي الحسنين أو أبي الرياحنتين أو أبي السبطين ، ونحو ذلك ما هو حادث بعد ولادة الأبناء له ، وإن كانت بعضها كنّاه بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كأبي الريحانتين ، وقد سلّم بها عليه كما في حديث جابر قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « سلام عليك أبا الريحانتين ، أوصيك بريحانتي من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك والله خليفتي عليك » ، قاله لعلي ( أبو نعيم وابن عساكر ـ عن جابر ) (١).
ولمّا كان الحديث عن كنيته ( بأبي تراب ) يستدعي معرفة الزمن الذي حصلت فيه ، وإذا عرفنا أنها وردت في أحاديث كثيرة وكانت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد كنّاه بها مراراً حين يراه في كل مرّة متوسداً التراب وقد أثر فيه ، فيقول له : أنت أبو تراب ، وتلك الأحاديث اختلف زمانها وتفاوتت أحداثها ، فلابد لنا من عرضها حسب تسلسلها الزمني :
المرة الأولى في حديث المؤاخاة :
وهو حديث مستفيض نقلاً ، أخبت بصحته الحفّاظ ، وأخرجه أصحاب الحديث والسير والتواريخ ، ولا يتطرق إليه ريب ، ويكفي في روايته المصادر التالية : المعجم الكبير (2) والأوسط وهما للطبراني ، ومجمع الزوائد للهيثمي (3) عن ابن عباس قال :
لما آخى النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) بين أصحابه من المهاجرين والأنصار ، فلم يؤاخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم ، وخرج مغضباً حتى أتى جدولاً فتوسّد ذراعه فسفت عليه الريح ، فطلبه النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) حتى وجده ، فوكزه برجله فقال له : قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب ؟ أغضبت عليّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم ؟ أما أن ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي ، ألا من أحبّك حُفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام.
أقول : وأخرجه المتقي الهندي في كنز العمال (4) ، والخوارزمي الحنفي في المناقب (5) ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة (6).
وهذا الحديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه (7) بسنده عن سماك بن حرب ، قال : قلت لجابر : إنّ هؤلاء القوم ـ يعني بني أمية ـ يدعونني إلى شتم علي ، قال : وما عسيت أن تشتمه به ؟ قال : أكنيه بأبي تراب.
قال : فوالله ما كانت لعلي كنية أحب إليه من أبي تراب ، انّ النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) آخى بين الناس ولم يؤاخ بينه وبين أحد ، فخرج حتى أتى كثيباً من رمل فنام عليه ، فأتاه النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : قم أبا تراب ، وجعل ينفض التراب عن ظهره وبردته ويقول : قم أبا تراب ، أغضبت إن أنا آخيت بين الناس ولم أواخ بينك وبين أحد ؟ قال : نعم ، فقال له : أنت أخي وأنا أخوك. وجاءت عدة أحاديث بهذا المعنى.
وإذا عرفنا أنّ المؤاخاة كانت مرّتين مرّة قبل الهجرة وأخرى بعد الهجرة بخمسة أشهر ، فإنّ تكنية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي بأبي تراب كانت في الثانية ، كما هو صريح حديث ابن عباس ؛ لذكر المؤاخاة فيها بين المهاجرين فقط ، وبناء على ذلك فتكون تكنية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأبي تراب قد وقعت بعد الهجرة بخمسة أشهر ، وهذا التحديد الزمني يعني أنّها كانت قبل ولادة الحسن أول أبنائه بأكثر من سنتين ونصف تقريباً ، لأنّ ولادة الحسن عليهالسلام كانت في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
ولئن كانت تلك المرة هي الأولى التي كنى بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً بأبي تراب ، فانّها لم تكن الأخيرة ، فقد تكررّت أيضاً مرّة أخرى.
المرة الثانية في غزوة العُشيرة :
أخرج ابن عساكر في تاريخه (8) بأسانيده عن عمار بن ياسر ، والنسائي في الخصائص (9) عن عمار بن ياسر واللفظ له ، قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العُشيرة من بطن ينبع ، فلما نزلها رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) أقام بها شهراً ، فصالح فيها بني مدلج وحلفاءهم من ضمرة فوادعهم ، فقال لي علي : هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء النفر من بني مدلج يعملون في عين لهم ، فننظر كيف يعملون ؟ قال : قلت : إن شئت ، فجئناهم فنظرنا إلى أعمالهم ساعة ، ثم غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظل صور (10) من النخل وفي دقعاء (11) من التراب فنمنا ، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يحرّكنا برجله ، وقد تربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها.
فيومئذٍ قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) لعلي : مالك يا أبا تراب ؟ لما يرى عليه من التراب ، ثم قال : ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبلّ منها هذه ، وأخذ بلحيته.
وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده (12) ، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (13) عن البزار ، والأسفراييني في معالم الاسلام كما في تاريخ ابن الوردي (14) ، والديار بكري في تاريخ الخميس (15) ، وورد في شرح المواهب للزرقاني (16) ، ودلائل النبوة لأبي نعيم ، وليس فيه : ( قم أبا تراب ) فمن الذي حذف ذلك يا ترى ؟ وأخرجه الحسكاني في شواهد التنزيل ، والحمويني في فرائد السمطين (17) وغيرهم.
أقول : إنّ غزوة العُشيرة ـ بضم العين مصغراً بالشين وقيل بالسين المهملة آخرها هاء ـ بخلاف العسرة فهي غزوة تبوك ، أما هذه فمنسوبة لموضع بني مدلج بينبع.
وإذا رجعنا نستجوب كتب السيرة عن زمانها ، فهي تعيّن زمانها بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج إليها في جمادى الأولى أو الآخرة على رأس ستة عشر شهراً من الهجرة ، وسبب تلك الغزوات كانت وقعة بدر ، وقد ذكر الحلبي (18) حديث تكنية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي بأبي تراب ، فعلى هذا التحديد الزمني ظهر أن التكنية كانت للمرّة الثانية ، وبعد مرور ما يقرب على سنة بعد المرة الأولى ، وأيضاً هي قبل ولادة الحسن عليهالسلام أول أبناء الإمام بأكثر من سنة ونصف.
المرة الثالثة في المسجد النبوي الشريف :
أخرج ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام (19) بأسانيده عن أبي حازم أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال :
هذا فلان ـ لأمير المدينة ـ يدعو علياً عند المنبر ، قال : فيقول ماذا ؟ قال : يقول له : أبو تراب ، فضحك قال : والله ما سمّاه إلاّ النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وما كان له اسم أحبّ إليه منه ، فاستطعمت الحديث سهلاً وقلت : يا أبا عباس كيف ؟ قال : دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد ، فقال النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) : أين ابنُ عمّكِ ؟ قالت : في المسجد ، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول : اجلس يا أبا تراب يا أبا تراب مرّتين.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في أربعة مواضع بتفاوت في ألفاظه مع انتهاء إسناده إلى راوٍ واحد ، وتلكم المواضع هي :
١ ـ كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي بن أبي طالب .
٢ ـ كتاب الصلاة في باب نوم الرجال في المسجد .
٣ ـ كتاب الأدب في باب التكني بأبي تراب .
٤ ـ كتاب الاستيذان في باب القائلة في المسجد .
ورواه أيضاً في الأدب المفرد في باب من كنى رجلاً بشيء هو فيه.
ورواه الطبري في تاريخه .
وأخرجه مسلم في صحيحه في مكانين :
١ ـ في باب مناقب أمير المؤمنين .
٢ ـ كتاب الصلاة في باب نوم الرجل في المسجد .
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى .
وتوجد عدة أحاديث وردت فيها تكنية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام بأبي تراب ، ولم يذكر فيها زمان أو مكان يمكن أن نحدد على ضوئها زمان الصدور.
١ ـ فمنها حديث علي عليهالسلام قال : طلبني رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فوجدني في جدول نائماً ، فقال : ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب ، فرآني كأنّي وجدت في نفسي من ذلك ، فقال : قم والله لأرضينّك ، أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل على سنتي ، وتبرئ ذمتي ، من مات في عهدي فهو كبّر الله ، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه ، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت ، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام. أخرجه أبو يعلى في مسنده ، والسيوطي في الجامع الكبير كما في كنز العمّال (20) ، وقال البوصيري : رواته ثقات.
٢ ـ ومنها حديث أبي الطفيل قال : جاء النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) وعلي نائم في التراب ، فقال : أحق اسمائك أبو تراب ، أنت أبو تراب. أخرجه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام (21) ، والطبراني في معجمه الكبير والأوسط ، وعنه الهيثمي في مجمع الزوائد (22) وقال : ورجاله ثقات.
٣ ـ ومنها ما رواه ابن هشام في سيرته بعد ذكره لحديث عمار المتقدم ، قال ابن إسحاق : وقد حدّثني بعض أهل العلم أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) إنّما سمّى علياً أبا تراب أنّه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلّمها ولم يقل لها شيئاً تكرهه إلا أنّه يأخذ تراباً فيضعه على رأسه ، قال : فكان رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) إذا رأى عليه تراباً عرف أنّه عاتب على فاطمة ، فيقول : مالك يا أبا تراب ؟
وعقّب ابن هشام على ذلك بقوله : فالله أعلم أيّ ذلك كان ، وليس في تعقيبه ما يدعونا إلى التعليق عليه إذ يبدوا أنّه لم يجزم بواحد منهما ، ولكنه لا يعدوها.
ولكن هلمّ الخطب فيما يقوله السهيلي في الروض الانف (23) ، وهو في شرح سيرة ابن هشام ، قال السهيلي وقد ذكر الحديثين الأولين في تكنية علي بأبي تراب : وأصحّ من ذلك ما رواه البخاري في جامعه ، وهو أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) وجده في المسجد نائماً ، وقد ترب جنبه فجعل يحث ـ كذا في النسخة ولعل الأصوب يحتّ بالمثناة ـ التراب عن جنبه ويقول : قم أبا تراب ، وكان قد خرج إلى المسجد مغاضباً لفاطمة. وهذا معنى الحديث ، وما ذكره ابن إسحاق عن حديث عمار مخالف له إلا أن يكون رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) كنّاه بها مرّتين ، مرّة في المسجد ومرّة في هذه الغزوة ، فالله أعلم.
أقول : ونحن قد ذكرنا مواضع الحديث في صحيح البخاري ، وأنّه ذكره في أربعة مواضع من جامعه ، وأشرنا إلى أنّه لم تتفق صور رواياته للحديث على صورة واحدة ، مع أنّها عن راوٍ واحد ، وهو أبو حازم عن سهل بن سعد ، مما يكشف عن عدم دقة البخاري في نقله ، ومع ذلك التفاوت في روايات البخاري ، فراجع وقارن بين ما حكاه السهيلي عن البخاري ، وبين ما هو موجود في الجامع الصحيح ، فسوف تجده لا يتفق مع أيّ صورة منها.
نعم ، لقد تخلّص السهيلي بلباقة حيث قال موهماً : وهذا معنى الحديث ! فهل يعني أنّ ما حكاه عن البخاري كان نقلاً بالمعنى لما رواه البخاري ؟ وكان عليه أن يعيّن الرواية التي أرادها ، ومهما يكن ذلك فلا يهمنا تفسيره ، ونتركه له ولقومه.
ذكر الزرقاني في شرح المواهب (24) ما قاله السهيلي ، وما ذكره غيره كابن حجر الذي أبى وأصرّ إلا أن تكون التكنية مرّة واحدة ، وقال بامتناع الجمع بين ما جاء في حديث المؤاخاة في حديث عمار ، وبين ما جاء في حديث سهل بن سعد ، ثم قال : ولم يظهر من تعليله امتناع الجمع فإنه ممكن بمثل ما جمعوا به بين الحديثين قبله ، فيكون كنّاه ثلاث مرّات :
أولها : يوم المؤاخاة في المسجد.
وثانيها : في هذه الغزوة في نخل بني مدلج.
وثالثها : بعد بدر في المسجد لما غاضب الزهراء ( ؟) وإنما يمتنع لو قال في رواية الصحيحين أنه أول يوم كنّاه فيه كما ادعى ابن القيّم.
أقول : أتدري لماذا يصرّ القوم على الالتزام بما جاء في صحيح البخاري في المقام ؛ لأنّه ذكر في رواياته أن سبب خروج علي إلى المسجد كان مغاضبته الزهراء ، وبذلك يكون علي قد أغضب فاطمة ، ومن أغضب فاطمة أغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن أغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد أغضب الله ، ومن أغضب الله فقد باء بغضبٍ منه وعذاب أليم ؟!
فتكون النتيجة أنّ علياً ما دام مغاضباً للزهراء فهو لا يستحق الولاية ، لأنّ الله سبحانه يقول في آخر سورة الممتحنة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) (25) وهذا هو بعض المطلوب لمن لا يخفى نصبه وعناده.
ولنترك البخاري وأحاديثه ومن هلج في تركاضه وراءه ، فيكفي في رد فرية المغاضبة نفس حديث التسمية بأبي تراب ، فإذا عرفنا أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي سمّاه بأبي تراب ـ كما مرّ في حديث ابن عباس وحديث عمّار ـ عرفنا لماذا كان علي يعتزّ بذلك ، ولم يكن أحبّ إلى علي من ذلك الاسم ، كما في حديث سهل بن سعد وجابر ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سمّاه به دون غيره ، وعرفنا كذلك أيضاً لماذا كان بنو أمية ينتقصون علياً بذلك الإسم منذ حياته وحتى بعد وفاته ، لأنّهم كانوا يحسدونه وينفذون من وراء سبّه إلى سبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا ما أدركه غير واحد من الحفاظ.
فمنهم الحاكم ابن البيع فقد قال : كان بنوا أمية تنقص علياً عليهالسلام بهذا الاسم الذي سمّاه رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ويلعنوه على المنبر بعد الخطبة مدة ولايتهم ، وكانوا يستهزئون به ، وانّما استهزأوا الذي سمّاه به ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) الآية (26).
ومنهم الحافظ سبط ابن الجوزي ، قال في التذكرة (27) معقباً على قول الحاكم وقد ذكره : والذي ذكره الحاكم صحيح ، فإنّهم يتحاشون من ذلك ، بدليل ما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنّه دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب ، الحديث (28).
ومنهم أبو رياش قال في شرحه على هاشميات الكميت (29) كما سيأتي : فجعل ذلك بنو أمية من حسدهم ذماً له رضياللهعنه. انتهى.
والشواهد على ذلك كثيرة ، ويكفي أنّ بني أمية كانوا إذا غضبوا على الرجل لموالاته لعلي قالوا له : ترابي. فهذا معاوية ـ وهو أول من سنّ السبّ لعلي بذلك ـ قال لعبد الله الحضرمي ، وقد أرسله إلى البصرة فأوصاه بقوله : ودع عنك ربيعة فلن ينحرف عنك أحد سواهم لأنّهم كلهم ترابية (30).
وجاء في تاريخ ابن الأثير (31) في ذكر سرية أرسلها معاوية بقيادة زهير بن مكحول العامري لتغير على أطراف السماوة ، وبلغ الإمام علي عليهالسلام فأرسل سرية بقيادة الحلاّس بن عمير لردّ عادية الغزاة ، جاء في تلك الحادثة قول الغزاة لراعٍ هناك : أين أخذ هؤلاء الترابيون ؟
وجاء في حديث الحجاج مع الحسن البصري ، وقد سكت عن الخوض في سب الإمام : ترابي عراقي (32).
ويكفي في شيوع ذلك اللقب على الشيعة ما جاء في مختصر فتح رب الأرباب بما أهمل في لب الألباب من واجب الأنساب (33) : ( الترابي ) إلى أبي تراب كنية أمير المؤمنين ـ كرّم الله وجهه ـ وهو في أيام بني أمية من يميل إلى أبي تراب المذكور ، وعلى ذلك جاء قول الكميت بن زيد الأسدي (34) :
وقالوا ترابيّ هواه ورأيه / بذلك أدعى فيهم وألقّب
على ذلك أجرياي فيكم ضريبتي / ولو أجمعوا طُراً عليّ وأجلبوا
المصادر :
1- كنز العمّال ١٢ : ٢٢٠.
2- المعجم الكبير ١١ : ٦٢.
3- مجمع الزوائد للهيثمي ٩ : ١١١.
4- كنز العمّال ١٢ : ٢٠٦.
5- المناقب : ٢٢.
6- الفصول المهمّة : ٢٢.
7- تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام ) ١ : ٢٣.
8- المصدر نفسه ٣ : ٢٨٥.
9- الخصائص : ٣٩.
10- الصور وصيران وأصوار : النخل الصغير.
11- الدقعاء : التراب اللين.
12- مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٢٦٢ ؛ والحاكم في المستدرك ٣ : ١٤٠ ؛ والطحاوي في مشكل الآثار ١ : ٣٥١ ؛ والمتقي الهندي في كنز العمّال ١٥ : ١٢٣ ، وقال أخرجه البغوي ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، وابن عساكر ، وابن النجار.
13- مجمع الزوائد ٩ : ١٣٦.
14- تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١٩.
15- تاريخ الخميس ١ : ٣٦٤.
16- شرح المواهب ١ : ٣٩٥.
17- فرائد السمطين ١ : ٣٨٤.
18- السيرة الحلبية ٢ : ١٢٦ ؛ وسيرة زيني دحلان بهامش الحلبية ١ : ٣٦١.
19- تاريخ ابن عساكر في ترجمة الإمام ١ : ٢٢.
20- كنز العمّال ١٢ : ٢٠٦.
21- تاريخ ابن عساكر في ترجمة الإمام ١ : ٢٤.
22- مجمع الزوائد للهيثمي ٩ : ١٠١.
23- الروض الأنف للسهيلي ٢ : ٥٨.
24- شرح المواهب للزرقاني ١ : ٣٩٦.
25- الممتحنة : ١٣.
26- التوبة : ٦٥ ـ ٦٦.
27- تذكرة الخواص : ٤.
28- صحيح مسلم ٧ : ١٢٠.
29- شرح هاشميات الكميت : ٣٦.
30- تاريخ ابن الأثير ٣ : ١٦٥.
31- المصدر نفسه ٣ : ١٦٥.
32- شواهد التنزيل للحسكاني ١ : ٩٤ ـ ٩٥.
33- مختصر فتح رب الأرباب : ١٠.
34- الهاشميات : ٣٦ ـ ٣٧.