![فقه الحريات في الإسلام فقه الحريات في الإسلام](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/%D9%81%D9%82%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.jpg)
الحرية، تلك الأنشودة التي تجدها على كل شفة ولسان، يتكلم عنها الفلاسفة والفقهاء، والأدباء، وتعني في قاموس كل واحد من هؤلاء معاني خاصة. ولقد كانت في تعريف القدماء البسيط تعني أن لا يكون الفرد عبداً مملوكاً أو أن لا يكون مسجوناً. وهذا ما كان متناسباً مع ذلك العصر، حيث كانا أي العبودية أو السجن هما القيدين الوحيدين اللذين يحدان من حرية الإنسان.
ومع تغير الزمن وتطور الوسائل وتغير الحياة وظهور أنماط جديدة من العلاقات، تعددت التعريفات وتوسعت إلى مدى ليس من السهل الإحاطة به، وبدأت الحرية كمفهوم تأخذ صوراً وتعريفات متعددة ومتنوعة.
فهي بالمعنى العام:حالة الإنسان الذي لا يتحمل أي قسر والذي يتصرف وفقاً لارادته وطبيعته(1)
وهي بالمعنى الاجتماعي "المقدرة على القيام بكل ما لا يمنعه القانون"
ما بالمعنى السياسي فإن: "الحرية هي مجموعة الحقوق المعترف بها للفرد والتي تحد من سلطة الحكومة".
وهي بالمعنى النفسي والأخلاقي حالة ذلك الإنسان الذي لا يقدم على أي عمل، خيراً كان أو شراً، إلا بعد تفكير عميق، وبادراك كلي للأسباب والدوافع التي جعلته يقوم بهذا التصرف.
ويرى ديكارت أن الحرية تتلخص بالمقدرة على القيام أو عدم القيام بشيء معين، وهذا يعني أن الإنسان لا يكون حراً إلا إذا امتلك امكانية معينة لتقرير موقفه.
وينظر كانط Kant إلى الحرية على أنها خيار اخلاقي مع الشيء أو ضده فيقول في كتابه "نقد العقل العملي" Critiعليه السلامue de laصلى الله عليه وآله وسلمaison صلى الله عليه وآله وسلمratiعليه السلامue:
إن الحرية هي:"خيار أخلاقي مع الخير أو ضده، مع العقل أو ضده، مع الكونية أو ضدها"
"أما اسبينوزا فإنه يرى أن الحرية الأخلاقية تعني خضوع الإنسان للعقل، وأن الإنسان الحر هو ذلك الإنسان الذي يعيش وفقاً لتوجيهات العقل"(2)
ويذهب هنري برغسون الفيلسوف الفرنسي الشهير (1859-1941)إلى أن الحرية هي واقعة، إن لم تكن أكثر الوقائع الملموسة وضوحاً وتحديداً، ولكن عبثاً يحاول المرء أن يبرهن على وجود الحرية، فما الحرية بشيء يمكن تحديده بل هي في الحقيقة إثبات للشخصية وتقرير لوجود الإنسان، إنها ليست موضوعاً يعاين، بل هي حياة تعانى.
وهكذا نرى مدى الاختلاف في تحديد معنى الحرية المجرد. غير أن ما يميز هذه التعريفات أو معظمها أنها تنظر إلى الحرية باعتبارها مفهوماً ارادياً عاقلاً ومدركاً فهي ليست فوضى على الاطلاق.
والمسألة المطروحة هي هل يمكن أن تكون الحرية حالة فردية؛ وهل يمكن للفرد أن يكون حراً في مجتمع غير حر؟ وما هو الرابط بين حرية الفرد وحرية المجتمع؟ يرى العديد من الفلاسفة والمفكرين أن الحرية كمفهوم تنبع أساساً من وعي المجتمع لها في مراحل محددة من وجوده، وفي هذا المجال يقول الفيلسوف والاقتصادي البريطاني جون ستيوارت ميل Jon.s. Mill:
"إن النطاق المناسب للحرية الإنسانية هو حرية الضمير بأشمل معانيها، وحرية الفكر والشعور، وحرية الرأي والوجدان المطلقة في كل الموضوعات، سواء كانت عملية أم تأملية أم علمية أم أخلاقية أم لاهوتية. وإن أي مجتمع لا يكفل لأفراده كل هذه الحريات لا يمكن أن يكون مجتمعاً حراً، بمعنى الكلمة، أياً كان شكل الحكومة القائمة فيه. والحرية الوحيدة التي تعدّ جديرة بهذا الاسم إنما هي تلك التي تؤكد بمقتضاها مصلحتنا بالطريقة التي تؤثرها طالما كنا لا نحاول أن نستلب الآخرين مصالحهم، أو أن نقف حجر عثرة في سبيل حصولهم على تلك المصالح، أو أن نعرقل جهودهم التي يبذلونها ابتغاء تحقيقها "(3)
فالحرية بحسب هذا المفهوم ليست مجرد شعور خاص وحسب، وإنما هي نتيجة لتفاعل اجتماعي يتبادل فيه الأفراد بالوسائل المناسبة تسهيل حصول كل منهم على مصلحته وحقوقه، فيحققون بذلك المجتمع الحر الذي يستطيع أفراده أن يكونوا أحراراً.
وإلى هذا المنحى بذهب العديد من الفلاسفة أمثال مالينوفسكي(4) الذي يرى أن الحرية هي تلك الأحوال الاجتماعية التي تتيح للإنسان أن يحدد غاياته بالفكر، وأن يحققها بالفعل، وأن ينال حصيلة تحقيقها.
وبتحديد أكثر دقة يرى الفيلسوف هارولد لاسكي(5) أن الحرية هي تلك الأحوال الاجتماعية التي تنعدم فيها القيود التي تكبل قدرة الإنسان على تحقيق سعادته. فالحرية بحسب رؤيتَي هارولد لاسكي ومالينوفسكي إنما هي مفهوم مرتبط بالمجتمع، وعلاقة من علاقاته التي يؤسسها، وليس شيئاً خارجاً عنه، وهي تتطور بتطور هذه العلاقات وتنمو بنموها(6) .
إن هذا المفهوم للحرية الذي يجعل منها مسألة شعور وسلوك جماعي أو اجتماعي هو المفهوم الأوضح والأرقى تعبيراً عن حالة الحرية التي تفقد كل معانيها إذا انتفت عنها صفة الجماعة، فما قيمة إنسان يعيش خارج إطار المجتمع؟
الحرية إذاً مفهوم لا يمكن تلمسه إلا ضمن الجماعة، وهي المجال المعطى لكل فرد من أفرادها ليتصرف فيه بما يتوافق مع قناعاته الذاتية المتكونة لديه نتيجة التدبر والتبصر، بدون ضغط أو إكراه.
ولا يُنْظَر إلى القيود الناتجة عن التزام قيم ومبادئ الجماعة باعتبارها منافية للحرية، لأن ما تفرضه القيم والمبادئ من قيود أو تضعه من حواجز إنما هو في حقيقته جزءٌ من قناعة الفرد لأنها ناتجة عن القيم والمبادئ التي تشكل قناعته الذاتية.
الدين والحرية: علينا أن نميز عند حديثنا عن الدين بين النص الديني الأساسي كما هو في مصادره الأساسية وبين شرح النص الديني، أي الفهم البشري، فهم الفقهاء لهذا النص. فالنص الأساسي غالباً ما يأتي على صورة قاعدة عامة أو عنوان عريض، قابل لتفاوت الأفهام. أما الفهم البشري للنص فهو خاضع لعوامل كثيرة منها الواقع أو الظرف ومنها الثقافة الشخصية والعامة، والعوامل الشخصية النفسية والاجتماعية. وغالباً ما يأتي النص الديني المتعلق بالحرية منفتحاً وشاملاً، فإذا جاء شرح الشراح أوردوا عليه من القيود ما يُضَيّق رحابة هذا النص.
وقد أدرك الفقهاء ذلك فوضعوا بعض القواعد الفقهية التي تشير إلى اتساع مدى الحرية أصلاً مثل القاعدة الفقهية التي تقول: "الأصل في الأشياء الإباحة" وهي قاعدة تعني أن الأمور جميعها على أصلها
مباحة للإنسان، فاذا أراد أحدٌ أن يمنع أمراً فإن عليه أن يأتي بدليل على وجوب هذا المنع، إذ إن الاباحة لا تحتاج إلى دليل يدل عليها، أما المنع أو التحريم فهو الذي يحتاج إلى دليل يدل عليه.
وإذا عدنا إلى النصوص المتعلقة بما نسميه الفرائض أو الواجبات أو التكليف الشرعي فإننا سنجد أن النص يطلب من المكلف القيام بما كُلِّف به ولكن يترك لهذا المكلف خيار الفعل أو الترك مبيناً جزاء كلٍّ منهما في الآخرة أو في الدنيا والآخرة، وهذا ينطبق على أصل الايمان "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"(7) فالمسألة متروكة لذات الفرد ليعمل بما تؤدي إليه قناعته، فهو حر في اختيار السبيل الذي يسلكه "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً"(8)
فإذا اختار الإنسان سبيل الايمان أي اقتنع بأصل الرسالة فإن من مقتضيات إيمانه أن يصدّق فعله قناعته، وأن يكون منسجماً تمام الانسجام مع الأوامر والنواهي، وإذا اختار سبيل الكفر فهو وما يختاره لنفسه، غير أن الفرد مسؤول عن خياره كائناً ما كان هذا الخيار.
وهنا من الممكن أن نطرح السؤال عن معنى الوعد والوعيد. أليس في ما يقدمه النص من وعد أو وعيد تهديد أو ضغط على الفرد؟ أليس الترغيب والترهيب يشكلان ضغطاً على خيار الإنسان؟
بدون شك إن في الترغيب والترهيب ضغطاً على الفرد. ولكن هذا الضغط هو ضغط معنوي على عقل الإنسان يجبره على التدقيق في
خياراته ويبعده عن اللهو والعبث فيها. إنه يدفعه لتحمل مسؤولية قراره ولإدراك قيمة هذا القرار على مستقبله.
وما يتوعد به النص الذين لا يؤمنون به، ليس فورياً، ولا دنيوياً، بل هو أخروي ويحصل بعد مفارقة الحياة. وقد كفل الدين الإسلامي لأتباعه كما لمخالفيه عدم تأثير خياراتهم على مستلزمات حياتهم الإنسانية، فلكل إنسان أجله ورزقه لا ينقص منهما ولا يزيد فيهما كفرٌ ولا إيمان: "وإذا قال ابراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر، قال ومن كفر، فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير"(9)
مؤدى العبودية لله:
لقد خلق الله الإنسان وخلق له العقل الذي يميز به الصواب من الخطأ. وهو الوحيد على ما نعلم من بين جميع المخلوقات الذي أعطي حق الاختيار بناءً على تلك القدرة العظيمة والنعمة السابقة. وقد قال الفقهاء إن العقل مناط التكليف، أي إن غير العاقل غير مكلف، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:"رُفع القلم عن ثلاث: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" أي عن المجنون حتى يخرج من حالة الجنون. وعلى كل حال فإن الحالات الثلاث التي ذكرها الحديث هي حالات التباس. فقبل البلوغ يكون العقل غضاً، وفي النوم يكون غائباً، وفي حالة الجنون يكون مفقوداً.وإذا كان العقل مناط التكليف، فإن الإنسان إذ ذاك يكون مسؤولاً عن تصرفاته.
ولكننا ندرك جميعاً أن هناك عوامل كثيرة قد تؤثر في قدرة العقل على النجاح في تحديد الخيارات، أهمها: الخوف والرغبة، فالإنسان يخاف المنغصات كلها ويرغب بالمتع كلها، لذلك ترى الذين يريدون أن يؤثروا على قرار أحد ما فإنهم يفعلون ذلك عن طريق ترهيبه من المنغصات أو المكدرات وترغيبه بالمتع.
والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعله كائناً اجتماعياً يعيش في جماعة، وجعل الجماعات متجاورة ومتداخلة، تتبادل المصالح والمكاسب أو تتنازعها وتتنافس عليها ويسعى بعضها لإخضاع بعضها الآخر أفراداً وجماعات. وإذا حصل الإخضاع حصل الطغيان والفساد وتم تجاوز الحدود التي يفترض أنها تكفل الحياة السليمة لبني البشر، وهو ما نسميه بالعدوان.
والله سبحانه وتعالى لا يريد من الخلق أن يطغى بعضهم على بعض ولا أن يعتدي بعضهم على بعض، ولا أن يظلم بعضهم بعضاً. ويريد للإنسان أن يكون حراً مختاراً.
لذلك جاء الإسلام ليقول للإنسان: أنت حر. كيف؟ إن أول آية تدل على هذه الحرية وأعظم آية تتحدث عنها هي قوله تعالى:﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾(10)
ماذا تعني هذه الآية؟ تعني أنه ليس لأحد من الخلق سلطة ولا قدرة للتصرف أو لتغيير ما كتبه الله تعالى للخلق، وبالتالي فإنه ينبغي للإنسان العاقل المؤمن أن لا يخشى أحداً من المخلوقين، وإنما تكون الخشية من الخالق عز وجل، أن لا يخشى أحداً لا على رزقه ولا على أجله ولا على أي أمر يشكل تهديداً له. فالله استأثر لنفسه بكل ذلك، ولم يجعل ذلك لأحد من خلقه:﴿واتخذوا من دونه آلهة لا يَخلقون شيئاً وهم يُخلقون، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً﴾(11) فإذا كانت الآلهة المدّعاة على هذه الصورة من الضعف والوهن، كبقية المخلوقات، فلمَ الخوف منها؟
إن بقية الخلق مثلك أيها المخلوق في أصل الخلقة. فأنت لست أقل منهم ولا أضعف. فإن وجدت نفسك في ضعفٍ فمن نفسك؛ من تقصيرك وإهمالك وقلة عنايتك بتحصيل أسباب القوة المتاحة لك أصلاً ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾(12) . فالوهن ناتج عن سوء تصرف الإنسان فرداً كان أو جماعة.
فإذا استطاع الإنسان أن يتخلص من خوفه، وآمن بقدرته، وسعى لتحصيل أسباب قوته، وأدرك أن الآخرين مساوون له، بمعنى أنه كما توجد لديه ثغرات فإن للآخرين ثغرات، وكما أن للآخرين نقاط قوة فإن لديه نقاط قوة، فعندها يصبح هذا الإنسان حراً، أي متصرفاً بموجب قناعاته وبما ينسجم معها. وبهذا تكون "لا إله إلا الله" قد أخرجته حقاً من دائرة العبودية لكل أحد من الخلق، فعبودية الله تنفي عبودية سواه ومن انتفت عبوديته للمخلوقات صار حراً. وهذا ما يريده الله تعالى منّا أن لا نكون عبيداً لأحد إلا لَهُ، وهو الذي خلقنا وأعطانا حرية أن نؤمن به أو لا نؤمن، أن نعمل بموجب أوامره أو لا نعمل، فكأنه بعد أن هدانا النجدين أو السبيلين؛ سبيل الخير وسبيل الشر قال لنا: اذهبوا في هذه الحياة وكونوا احراراً. فالله قد يغفر للعبد كل ذنب إلا الشرك: ﴿إن الله لا يغفر أن يُشْرَك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾(13) .
لا إكراه في الدين:
في أكثر من آية في كتاب الله عز وجل القرآن الكريم دلالة على أن الايمان لا يكون إلا عن قناعة قائمة على الحجة والبرهان. وقد بين العلماء أنه لا يصح التقليد في العقائد، أي أنه لا يُقبل من المرء مجاراة أحد في موضوع إيماني إلا عن اقتناع بدليله.
ولا يجوز إكراه أحد على اعتقاده ﴿لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصام لها، والله سـميع عليم﴾(14) .
وبيّن القرآن الكريم أنه لا سلطة حتى للرسول صلى الله عليه وآله وسلم على إرغام الناس على الإيمان ﴿ولو شـاء ريك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين﴾(15).
وبيّن أن مهمة النبي هي تذكير الناس ﴿فذكّر انما انت مذكّر، لست عليهم بمسيطر، إلا من تولى وكفر، فيعذبه الله العذاب الأكبر، إنّ الينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهم﴾(16)
وقال أيضاً ﴿ما على الرسول إلا البلاغ﴾(17)
فالبلاغ هو مهمة النبي والحساب على الله عز وجل.
وإذا كان الأصل هو حرية الإنسان وحقه في التزام قناعاته، فمتى تطرأ القيود على هذه الحرية؟
إن الحرية لا تكون حرية إلا في حال اتساق الفعل مع القيم الإجتماعية المتسالم عليها من المجتمع. ولا بد من الاعتراف بنوع من القيود. وهذه القيود يجب أن تكون من ضمن القناعات أو متوافقة معها، أي أن الإنسان يرى في هذه القيود مصلحة، بالمعنى الكلي للمصلحة، وهذا المعنى لا يكون ناتج فكر فردي، وإنما هو ناتج فكر الجماعة، وهو ما يتجسد في القيم التي تكون محل احترام وتقدير الجميع.
وبهذا المعنى نستطيع أن نُميّز بين الحرية والفوضى، فالحرية هي ممارسة القناعات ضمن احترام القيم الإجتماعية، أما الفوضى فهي ممارسة إرادة مخالفة للقيم، بحيث تدفع هذه الإرادة صاحبها للخروج على القيم الاجتماعية ما يؤدي إلى اضطراب الواقع الاجتماعي والإحساس بخروج الفرد على إرادة المجتمع، فالفرق بين الفوضى والحرية أن الأولى هي ممارسة إرادة مخالفة لقيم المجتمع المحترمة، اما الثانية فهي ممارسة القناعة ضمن احترام قيم المجتمع. وبمعنى آخر إن الحرية قد تؤدي إلى مخالفة إرادة المجتمع، ولكنها لا تخالف قيمه، ووفق هذا المنطق فإن كثيراً من الممارسات التي تحصل تحت عنوان الحرية هي في الواقع فوضى، لأنها بخروجها على قيم المجتمع تؤدي إلى اضطراب الواقع الاجتماعي، وتهدد بنيان القيم، ويدخل تحت هذا العنوان ممارسة الشذوذ الجنسي، واتباع الصرعات التي تقوم على التمرد لغاية التمرد فقط.
ومن المؤسف أنه بسبب عدم قدرة بعضهم على تمييز الفرق بين الحرية والفوضى يلتبس عليهم الأمر، فيؤدي ذلك إلى رفض الاثنين معاً، وهذا ما يقع فيه بعض المتدينين، وأصحاب المشاريع الدينية.
المصادر:
1- د. خضر خضر. مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان ص 19 – 20.
2- مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان د.خضر خضر. ص 20
3- المصدر نفسه، ص 23.
4- برونسلاف مالينوفسكي، صاحب كتاب الحرية والحضارة – راجع منيف الرزاز: الحرية ومشكلتها في البلدان المتخلفة.
5- هارولد لاسكي، صاحب كتاب الحرية في الدولة الحديثة. راجع منيف الرزاز- المصدر السابق.
6- د. خضر خضر. مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان ص 19 – 20.
7- سورة الكهف الآية 18.
8- سورة الإنسان الآية 3.
9- سورة البقرة، الآية 126.
10- سورة محمد، الآية 19.
11- سورة الفرقان، الآية 3.
12- سورة آل عمران، الآية 139.
13- سورة النساء، الآية 47.
14- سورة البقرة، الآية 256.
15- سورة يونس، الآية 99.
16- سورة الفاشية، الآيات 21-26.
17- سورة المائدة، الآية 99.