
أحياناً تذكر في القرآن هذه المعارف المعنوية مع بيان ألفاظ خاصة ، لأجل أن يفهمنا أن لغة الحوار أعم من المذكر والمؤنث وإذا بين أحياناً مسألة بلغة الناس فليس المقصود هو الرجل في مقابل المرأة يطرح آيات مثل آيات سورة آل عمران التي تتعلق بهجرة المهاجرين في صدر الإسلام ، لأنه عندما هاجر علي بن أبي طالب عليه السلام كانت معه الفواطم ، وهاجرت بعض النساء معه أيضاً .
قال تعالى في ذيل بحث الهجرة هذا :
( اني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى ) (1) .
فالمرأة إذا هاجرت تكون مأجورة والرجل أيضاً إذا هاجر فهو مأجور . في هذه الآية ضمن إنه حكم بتساوي المرأة والرجل في فضيلة الهجرة ، ولكنه اختار لفظاً بنحو يفهمنا أن سائر الألفاظ إذا كانت مذكرة ، فليس المقصود بها الرجل في مقابل المرأة ، لأنه قال في هذه الآية :
( إني لاأضيع عمل عامل منكم من ذكرٍ أو أنثى ) فكلمة ( من ذكر أو أنثى ) هذه ، بيان المقصود من كلمتي ( عامل ) و ( منكم ) إذ لو كان المراد بهما خصوص العامل الذكر في مقابل العاملة لا يمكن القول ، ( عامل من ذكر أو أنثى ) . وإذا كان ( منكم ) في مقابل ( منكن ) . عند ذلك لا يمكن القول ( من ذكر أو انثى ) ، فيتضح انه يجب عدم تفسير ( عامل ) بأنه في مقابل ( عاملة ) وكذلك ( منكم ) في مقابل ؛ ( منكن ) . وهذا شاهد جيد على هذا الادعاء وهو انه إذا جاءت التعابير القرآنية بصورة مذكر فهي على أساس لغة الحوار وليس على أساس الأدبيات الكتابية . وقال تعالى في سورة النحل المباركة :
( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة حياة طيبة ) (2) .
حيث بين في هذه الآية ثلاثة ألفاظ ، جاءت كلها بصورة مذكر ، ولكن في أثناء الآية ، تعالى : ( من ذكر أو أنثى ) وهذا لا ينسجم مع القسم السابق في الآية ولا مع القسم اللاحق له ، لأنه جاء في أول الآية ( من عمل صالحاً ) حيث بين كلا اللفظين ( من ) و ( عمل ) بصورة مذكر ، طبعاً يمكن ان يقال في شأن ( من ) أنها تشمل المرأة والرجل ، أما اللفظ الثاني وهو ( عمل ) فهو خاص بالمذكر . ثم قال تعالى :
( ... من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه ) .
هنا أيضاً لفظ ( مؤمن ) ، وضمير ( هو ) والضمير المفعولي في فلنحيينه جاء مذكراً ، وفي الحقيقة ذكر في الآية أربعة ألفاظ مذكرة لفظاً مذكراً قبل ( من ذكر أو أنثى ) وثلاثة ألفاظ مذكرة بعد ذلك .
بناء على هذا ، يجب البحث عن أن ( من ذكر أو أنثى ) هذه ، بيان لماذا ؟ لو كانت بيان ( عمل ) فـ ـ ( عمل ) تشمل المذكر فقط وضمير المذكر اللاحق الذي يقول ( فلنحيينه ) يعود إلى خصوص المذكر ، فقوله تعالى : ( من ذكر أو أنثى ) في وسط الآية ، لا ينسجم مع المذكر السابق ولا مع المذكر الذي يأتي بعد ذلك .
فالجواب الصحيح هو أن الله تعالى يريد أن يفهمنا هنا ، أنه عبر بصورة مذكر على أساس لغة الحوار لا ان العمل يكون خاصباً بالرجل وبناء على هذا يجب على الوقوع في مشقة تفسير انه لماذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« طلب العلم فريضة على كل مسلم » (3) .
ولم يقل ( مسلمة ) وفي بعض الروايات أضيفت كلمة ( مسلمة ) أيضاً ، أو ان بعض المحدثين روى ( مسلمة أيضاً ) . ان القرآن الكريم في نفس الوقت الذي يعرفنا بعظمة ذلك المعنى ، يرشدنا أيضاً إلى خاصية لغة الحوار ، ويقول : إن الكلام إذا كان عن المذكر ، فهو ليس من أجل ان هذا الوصف هو وصف المذكرات بل من أجل انه يعبر هكذا في مقام اللفظ ، الخلاصة ان تلك الشواهد المعنوية ، وهذه الشواهد اللفظية ، تثبت أن ما يعود إلى العلم وإلى العمل في المعارف والكمالات ليس الكلام فيه عن الذكورة والأنوثة .
حالات من التساوي في الاستفادات المادية والمعنوية :
أحياناً يمكن ان يحكم القرآن الكريم بالتساوي ، ولكن ذلك النوع من الحالات هو من باب القضية الموجبة الصادق بصدق الموضوع والمحمول ، وبإيجاب الموضوع والمحمول ، كما في قوله ( سواء العاكف فيه والباد ) (4) ، هنا حقيقة ( العاكف ) قسم و ( الباد ) قسم آخر .ان أهل المدينة قسم وان أهل ( البدو ) والبادية قسم آخر ، هنا يمكن القول ( سواء العاكف فيه والباد ) لأن هذا يعود إلى الجسم ، لأن السكن في المدينة أو البادية لا يعود إلى روح الإنسان ، التقسيم إلى قارة أو أقليم جغرافي أو الخصائص المدينة أو القروية ، هذه تتعلق بجسم الإنسان وليس بروح الإنسان ، فروح الإنسان ليست مدنية ولا قروية ، لا هي عرب ولا عجم ، أو الفارسية ولا تركية ، لا عبرية ولا عربية ، لأنها جاءت من عالم ليس فيه حديث عن العبرية والعربية ، أو الفارسية والسريانية ، أو الرومية والتركية وأمثال ذلك ، قطعاً في الروح لا يكون الكلام على العاكف والباد ولكن جسم الإنسان يقطن أحياناً في المدينة وأحياناً في القرية ، لذا قال الله سبحانه : ان الشخص الذي جاء من البادية له استفادة من الحرم ، والشخص الساكن في المدينة ويقطن في نفس مكة ، له أيضاً استفادة ( سواء العاكف فيه والباد ) .
في قسم آخر حكم أيضاً بالتساوي وهذا الحكم بالتساوي إذا كان متعلقاً بالمسائل المادية ، فان الأبدان متساوية وإذا كان متعلقاً بالمسائل المعنوية ، فالأرواح متساوية ، فمثلاً قال بشأن الرزق .
( وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام ) (5) .
ثم قال :( سواء للسائلين ) .
ان المقصود من السؤال هنا هو السؤال العملي والاستيعابي . كل من لديه قابلية كسب وقدرة على الاستفادة من المصادر الأرضية يمكنه الاستفادة بدون امتياز ( سواء للسائلين ) .
وفي ما يتعلق بالمعارف أيضاً كل من سأل أخذ الجواب أيضاً . ورغم انه تعالى قال في هذه الآية : ( قدّر فيها أقواتها في أربعة أيام ) لكنه قال في سورة عبس :
( فلينظر الإنسان إلى طعامه ) (6) .
هذا الطعام قسمّوه إلى مصداقين وطبقوه على مصداقين ، احدهما هو الطعام المصطلح ، والآخر هو طعام الروح ، حيث روح المرحوم الكليني في ذيل هذه الآية عن الإمام الصادق عليه السلام قال آية ( فلينظر الإنسان إلى طعامه ) أي :
( فلينظر إلى علمه الذي يأخذه عمّن يأخذه ) (7) .
فالطعام قسمان ، والله تعالى قال : ( سواء للسائلين ) ، أي كل من سأل طعام بدن في كل الظروف يستلم في مقابل السؤال . وطعام الروح كذلك فكل من سأل في كل الظروف يحصل عليه ، فليس هناك اختلاف بين الطالبين في مسألة الجسم ، ولا هناك اختلاف بين الطالبين في مسألة الروح ، الأرواح متساوية في طلب العلوم والفضائل ، كذلك الأبدان متساوية في طلب الأرزاق الظاهرية ، في مثل هذه الحالات هناك محل للتساوي ولكن ليس هناك أي اختلاف بين الأرواح ، لا ان الأرواح بعضها مذكر وبعضها مؤنث والمذكر والمؤنث متساويان ـ كما مر سابقاً من كونها سالبة بانتفاء الموضوع ـ وهذه الآيات المذكورة التي كان قسم منها في سورة النحل المباركة وقسم آخر في سورة آل عمران ـ تتعلق بهذا الموضوع وأن ليس في الأمر أنوثة وذكورة .
أحياناً يمكن ان يفهم ان القرآن يثمن الذكور أكثر ، ويرى الغلبة للذكور ، وعندما يمدح امرأة بمقام فضيلة يعدها في زمرة الرجال ، لا أن يفتح للمرأة حساباً منفصلاً ، والشاهد على هذا هو انه قال في شأن مريم عليهم السلام .
( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) (8) .
ولم يقل : « وكانت من القانتات » . لقد وصفت مريم عليهم السلام بأنها تصدق بالكلمات الإلهية . وتؤمن بالكتب الإلهية ومن أهل القنوت والخضوع ، مع هذا فان الله سبحانه يعطي الرجال استقلالاً ويذكر مريم تحت غطاء اسم الرجال ويقول ( وكانت من القانتين ) لا ( من القانتات ) .
جواب هذا التوهم هو ان لغة الحوار غير لغة الأدبيات الدراسية والكتابية . طبعاً القرآن الكريم يشخص في سورة الأحزاب ان المرأة والرجل متساويان في هذه الفضائل ويعدّ كثيراً من الفضائل الأخلاقية . ويعطي لكل من هذين الصنفين استقلالاً ، ورغم انه قال في سورة آل عمران :
( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ) (9) .
ويبين الجميع بصورة مذكر ، لكنه يقول في سورة الإحزاب :
( ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات ... ) .
ثم يقول :
( والذّاكرين الله كثيراً والذّاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ) (10) .
ان الله تعالى يعبر بطريقة تفهمنا المعنى وتفهمنا انه يتكلم بثقافة الحوار وليس بالثقافة الكلاسيكية . ومع إنه صرح وقال :
( ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) .
ولكنه حين يخبر ، لا يقول : ( أعدّ الله لهم ولهنّ ) بل يقول : ( أعدّ لهم ) ، أي لا تفكروا بانه كلما ورد كلام عن ( كم ) و( هم ) فالمقصود هو الرجل ( إلاّ بقرينة التقابل ) . وعليه فالشخص العارف بثقافة القرآن لا يخطر في ذهنه انه لماذا ورد في تلك الرواية ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) حتى يكون في فكر الجواب ما دام مستأنساً بالقرآن ويفهم ان الله يذكر بصراحة الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات بشكل مشروح في آية واحدة .
بناء على هذا ، فان قوله في شأن مريم عليها السلام : ( صدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) ، لا لأجل انه ليس لدينا قانتات ، لأنه قال صريحاً في سورة الأحزاب : ( والقانتين والقانتات ) بل لأجل حفظ ثقافة الحوار ، وعلامته انه هكذا في جهة العكس ايضاً ، ففي جهة العكس أيضاً يعد المرأة الخاطئة في زمزة الرجال الخاطئين على أساس طريقة الحوار ويقول في سورة يوسف :
( واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) (11) .
لا ( من الخاطئات ) . وهذا لا لأنه ليس لدينا خاطئات ، بل لأجل انه يتكلم على أساس لغة الحوار .
نتيجة الكلام :
أولاً : بيّن القرآن الكريم أنه يخاطب أرواح الناس ، والأرواح ليست مذكرة ولا مؤنثة .
وثانياً : ان موضع الذكورة والأنوثة هو بدن الإنسان ، والبدن ، ليس له علاقة بالفضائل والمعارف .
وثالثاً : إذا لم تكن هناك قرينة خاصة في الكلام ولا تقتضي القوانين الأدبية ، فان آيات القرآن وكلام الله يجب حمله على أساس لغة الحوار .
ورابعاً : أولئك الذين يدعون لمساواة المرأة والرجل عندما يريدون التكلم عن جماهير الناس ـ مجموع النساء والرجال ـ هل يقولون : ان الرجال والنساء ثاروا ، الرجال والنساء اعترضوا ، النساء والرجال صوتوا ؟ أم يقولون : الناس ثاروا ، الناس أدلوا بأصواتهم و .. ؟ هذه هي طريقة الحوار والعرف العالمي . بناء على هذا يجب عدم القول : ان القرآن يهتم بالذكور دون الإناث .
حالات التصريح بالذكورة والأنوثة في القرآن :
الحالات التي يذكر فيها القرآن الكريم بصراحة اسم المرأة والرجل ، علّتها انه يريد تخطئة الأفكار الجاهلية قبل الإسلام ، فلأن أولئك كانوا يفرقون بين المرأة والرجل وكانوا يرون العبادات والفضائل منحصرة بالرجال ، لذا جاء في القرآن الكريم بتحليل عقلي أن الذي يجب أن يكمل هي الروح والروح لا هي مذكر ولا مونث .لم تكن تعطى للمرأة قبل الإسلام أية قيمة ، وكانوا ينظرون دائماً إلى المرأة بعين الغضب ، كما انه ليس لها أية قيمة في الأماكن المتقدمة ، صناعياً ، إلا من أجل إرضاء شهوة الرجال ، وكلاهما احتقار لمقام المرأة الرفيع ، ولكن الله تعالى ذكر في القرآن انه يتولى تربية قلوب وأرواح الناس ، وأرواح وقلوب الناس لا هي مذكر ولا مؤنث ، لذا ينفي القرآن موضوع المرأة والرجل لكي لا يبقى محلاً لبيان التساوي أو الاختلاف بين هذين الاثنين ، لذا عندما يبحث في كل القرآن وكذلك في كل كلام العترة الطاهرة عليهم السلام لا يلاحظ حالة اعتبر فيها القرآن كمالاً من الكمالات المعنوية مشروطاً بالذكورة أو عدها ممنوعة عن الأنوثة .
في البحوث القادمة ( فصل العرفان ) سوف يتضح انه في جميع الأسفار الأربعة كلا المرأة والرجل سالكان هذا الطريق ، وإذا كان هناك اختلاف فهو في الأعمال التنفيذية ، والأعمال التنفيذية هي وظيفة لا كمال . وفي العبادة أيضاً ليست هناك أية عبادة تفوت المرأة ، حتى في مسألة ( دعي الصلاة أيام اقرائك ) (12)
قالوا : إذا توضأت وجلست في مصلاها نحو القبلة وذكرت فان لها ثواب الصلاة ، لذا ليس هناك أي كمال شرطه الذكورة ومانعه الأنوثة .
طبعاً في المسائل الفقهية التي تتولى تقسيم العمل وتشرح المسائل التنفيذية ، هناك يذكرون أي الأعمال شرطها الذكورة. والأنوثة مانعة ، ولكن هذا يتعلق بالأعمال التنفيذية . أما في البحوث التفسيرية ، الكلامية ، الفلسفية والعرفانية ، فليس هناك أي بحث عن الذكورة أو الأنوثة ، بل هي تتعلق بإنسانية الإنسان .
بناء على هذا ، إذا كان الكلام هو عن تهذيب الروح ، فالروح ليست مذكراً ولا مؤنثاً ، فالكلام هو عن عدم الذكورة والأنوثة ، ولذا لا يأتي بحث التساوي ويبين بسهولة وذلك الجزء من القرآن الذي تشعر كلماته بالذكورة عدة طائفة من الآيات :
بناء على هذا تقسم آيات القرآن الكريم إلى عدة طوائف :
الطائفة الأولى : هي الآيات التي لا تختص بصنف خاص مثل الآيات التي طرح فيها الناس أو الإنسان ، أو ذكرت بلفظ ( من ) .
الطائفة الثانية : هي الآيات التي تتكلم على الرجل ، مثل الآيات التي استعمل فيها ضمير جمع المذكر السالم ، والآيات التي استفيد المذكر فيها من لفظ ( ناس ) ، وأمثال ذلك ، كأن يقول : ( يعلمكم ، يعلمهم ) .
ولكن هذا هو على أساس لغة الحوار . فحين يريدون التكلم يقولون : ان الناس يقولون كذا ، الناس يتوقعون ، الناس في الساحة الناس يصوتون . هؤلاء الـ ( ناس ) ليسوا في مقابل النساء ، بل الناس يعني ( جماهير الناس ) .
فيجب عدم الاستنتاج إن القرآن له قاموس مذكري من كيفية التعبير الرائجة في قاموس الحوار والأدب .
الطائفة الثالثة : هي الآيات التي استعمل فيها لفظ الرجل والمرأة ، وهي تصرح بانه في هذه الناحية ليس في الأمر امرأة ورجل او لا يختلفان ، مثل قوله تعالى :
( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (13) .
إن القرآن نزل لأجل تهذيب الروح . حين العبادة والتقرب حكم ذلك العامل ، سواء كان بدنه امرأة ، أو رجلاً ، حكمه لا يختلف ، طبعاً حين العمل والتنفيذيات ، البدن دخيل ، ويقسم البدن بشكل امرأة ورجل ، ولكن الذي يؤمن في مقام المعرفة ، ويؤمن في مقام الإرادة واخلاص النية ، في محل المعرفة والعزيمة ، في محل الجزم والعزم ، ليس هو مذكراً ولا مؤنثاً .
بناء على هذا اتضح ان هذه الأصناف ليس لها دور في المناهج التعليمية ومناهج التزكية في القرآن الكريم ، ولذا يقول تعالى بأن بدنكم هذا ( البشر الأولي ) من التراب .
( إني خالق بشراً من طين ) (14) .
أحياناً يقول من التراب ، وأحياناً يقول : من ( حمأ مسنون ) ، وأحياناً من ( من صلصال ) ، وأحياناُ ( طين ) وأمثال ذلك ، وأحياناً يقول بأن امرأة ورجلاً دخيلان في ظهروكم ( البشر الثانوي ) ، بناء على هذا ، بماذا تفخرون ؟ وإذا أردتم ان تتفاخروا ، فان فخركم هو في اللاّفخر . عامل الفخر هي التقوى فقط التي ترافق عدم الفخر وعدم التفاخر ، هذه الآية المعروفة في سورة الحجرات تتولى قسم البدن وقسم الروح أيضاً ، ان قوله تعالى ( يا أيها الناس ) أي الناس الذين جاء القرآن لهدايتهم .
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) (15) .
أي انكم إذا أردتم الفخر بالبدن فان الرجل خلق من امرأة ورجل والمرأة أيضاً ولدت من امرأة ورجل ، لا ان خلق بدن الرجل أفضل من خلق بدن المرأة ولا بالعكس . حيث انه إذا أراد شخص أو صنف أو عرق التفاخر على عرق آخر ، يقال له أيضاً ان كل فريق منكم هو من امرأة ورجل . من حيث مسألة العرق واللغة أيضاً قال : بانها عامل للتعارف والهوية الطبيعية ، فالإنسان لا يستطيع ان يحمل معه هوية بلده إلى أي مكان يذهب ، الوجوه . الهياكل ، اللغات واللهجات هي هوية طبيعية للإنسان وهي تعود إلى البدن أيضاً ، وإلا فالروح لا شرقية ولا غربية ، لا عرب ولا عجم و ...
( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) (16) .
والهوية ليست عامل فخر أيضاً ، فإذا أراد شخص ان يتفاخر لا محل لذلك ، لأن الجميع هم من ذكر وأنثى ، والشعوب والقبائل تتعلق بالبدن ، والأرواح لها حساب منفصل « الأرواح جنود مجندة » (17) . لها واد آخر ليس فيه كلام عن الهوية وأمثالها ، ثم إذا أراد شخص ان يرتفع يجب أن يرتفع بدون تفاخر ، وذلك : ( ان أكرمكم عند الله أتقاكم ) (18) .
المصادر :
1- سورة آل عمران ، الآية : 195 .
2- سورة النحل ، الآية : 97 .
3- بحار الأنوار ، ج 1 ، ص 171 .
4- سورة الحج ، الآية : 25 .
5- سورة فصلت ، الآية : 10 .
6- سورة عبس ، الآية : 24 .
7- أصول الكافي ، ج 1 ، ص 50 .
8- سورة التحريم ، الآية : 12 .
9- سورة آل عمران ، الآية : 17 .
10- سورة الأحزاب ، الآية : 35 .
11- سورة يوسف ، الآية : 29 .
12- فروع الكافي ، ج 3 ، ص 85 .
13- سورة النحل ، الآية : 97 .
14- سورة ص ، الآية : 71 .
15- سورة الحجرات ، الآية : 13 .
16- المصدر السابق .
17- بحار الأنوار ، ج 61 ، ص 31 .
18- سورة الحجرات ، الآية : 13 .