يری الکثير من المفکرين في ان المشارکة في نظم الحکم هو جزء من الواجب الخدمي الذي يستطيع من خلالة المبلغ الاسلامي ان یصل الی اهدافه بطريقة اسرع واسهل وان تکون کلمته مسموعة في وسائل الاعلام المختلفة .. وهناک انصار لفکرة المشارکة في الدولة وهناک معارضون ..
من أقوال أنصار الدخول إلى الحكومة في لبنان:
أ- إن المسار السياسي الذي يؤدي إلى المشاركة في الانتخابات النيابية يقتضي متابعة الطريق في الدخول إلى الحكومة، وإلا كان الأداء ناقصاً ومعه يخسر الحزب استثمار جهوده المبذولة.
ب- إن تركيبة النظام السياسي في لبنان تتحمل الدخول في الحكومات مهما كان اتجاهها وأداؤها، لأنها عبارة عن توافق مبني على تقاطع مصالح...
ج- تعطي المشاركة في الحكومة نموذجاً تطبيقياً مميزاً لوزراء الحزب، ما يجعلهم مثالاً يحتذى...
د- يحقق الوزير خدمات مناطقية وفردية تساعد في تشكيل رافعة إضافية للحزب في الحياة الاجتماعية العامة(1)...
ثم يعرض الشيخ نعيم آراء المعارضين للدخول إلى الحكومة بالتالي:
أ- لم ينطلق الحزب في رؤيته الجهادية السياسية وبرنامج عمله في اعتبار هدفه النهائي في الوصول إلى سدة الحكم... إنما وضع جملة من الأهداف يريد تحقيقها أبرزها: مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لتحرير الأرض، وتقديم تجربة إسلامية نموذجية في العمل السياسي تواكب الضوابط الشرعية الإسلامية...
ب- مهما ميز الحزب نفسه داخل الحكومة فإنه يتحمل وزر أعمالها، فإذا اتجهت الحكومة للتفاوض مع إسرائيل ضمن إطار التسوية في المنطقة، لا يمكن للحزب أن يوافق أو يشارك فيما يعتبره خلافاً رئيسياً في مواجهة المشروع الإسرائيلي...
ج- أما التغيير من الداخل أو فرادة السلوك في مقابل الآخرين ففيهما نقاش، إذ تنعدم إمكانية التغيير في بعض الحالات، خاصة عندما تتألف الحكومة من عشرين أو ثلاثين وزيراً ويكون للحزب وزير أو وزيران، فالنسبة لا تشكل قدرة كافية للتأثير، ومع وجود نظام المحاصصة بين الرؤساء الثلاثة... إن ما تقدم يرقى بالأصل إلى عدم المشاركة في الحكومة، بحيث تكون المشاركة هي الاستثناء فيما لو توفرت الإجابات المقنعة على التساؤلات المطروحة(2).
طروحات المؤيدين للمشاركة السياسية
وقد حدد المؤيدون للمشاركة السياسية مع الأنظمة الوضعية أدلتهم الشرعية والسياسية بالتالي:1- سئل الإمام ابن تيمية عن رجل متولٍ ولايات، ومقطع إقطاعات، وعليها من الكلف السلطانية ما جرت به العادة، وهو يختار أن يسقط الظلم كله، ويجتهد في ذلك بحسب ما قدر عليه، وهو يعلم أنه إن ترك ذلك وأقطعها غيره وولّى غيره فإن الظلم لا يُترك منه شيء، بل يزداد، وهو يمكنه أن يخفف تلك المكوس التي في إقطاعه، فيسقط النصف، والنصف الآخر جهة مصارف لا يمكن إسقاطه... فهل يجوز لمثل هذا بقاؤه على ولايته وإقطاعه؟
وقد عُرفت نيته واجتهاده... فأجاب: "الحمد لله. نعم إذا كان مجتهداً في العدل ورفع الظلم بحسب إمكانه، وولايته خير وأصلح للمسلمين من ولاية غيره، واستيلاؤه على الإقطاع خير من استيلاء غيره، كما ذُكر، فإنه يجوز له البقاء على الولاية والإقطاع، ولا إثم عليه في ذلك، بل بقاؤه على ذلك أفضل من تركه إذا لم يشتغل إذا تركه بما هو أفضل منه. وقد يكون ذلك واجباً عليه إذا لم يقم به غيره قادراً عليه. فنشر العدل، بحسب الإمكان، ورفع الظلم بحسب الإمكان -فرض على الكفاية- يقوم كل إنسان بما قدر عليه من ذلك إذا لم يقم غيره مقامه، ولا يطالب والحالة هذه بما يعجز عنه من رفع الظلم"
2- يقول أبو الأعلى المودودي في مجال الوصول إلى قيام الدولة الإسلامية: "فإن كنا نريد اليوم أن نصرف نظام الحياة في بلادنا عن طريق الضلال والفساد والفسق والعصيان إلى طريق الإسلام المستقيم، فلا مندوحة لنا من أن نبذل سعينا بطريق مباشر في إزاحة الفساد عن منصة القيادة والسلطة وإحلال الصلاح مكانه...
أما كيف يتأتى هذا التغيير، فليس له من سبيل في نظام ديمقراطي إلا السعي في الانتخابات، وذلك أن نربي الرأي العام في البلاد وننشر الوعي السياسي الصحيح فيها ونغير مقياس الناس في انتخابهم لممثليهم في المجالس النيابية، ونصلح طرق الانتخاب ونطهرها من اللصوصية والغش والتزوير، ثم نسلم مقاليد الحكم والسلطة إلى رجال صالحين يحبون ويقدرون أن ينهضوا بصرح نظام البلاد على أسس الإسلام وهدي الكتاب والسنة"(3)
3- ويشير الشيخ حسن البنا إلى أهمية وصول الدعوة الإسلامية إلى منبر البرلمان من خلال الانتخابات "ليس منبر البرلمان وقفاً على أصوات دعاة السياسة الحزبية على اختلاف ألوانها ولكنه منبر الأمة تُسمع من فوقه كل فكرة صالحة ويصدر عنه كل توجيه سليم يعبر عن رغبات الشعب أو يؤدي إلى توجيهه توجيهاً صالحاً نافعاً...
وعن الحرج من القسم على احترام الدستور يقول... ويوجه بعض المتسائلين سؤالاً جميلاً فيقولون وماذا تصنعون في اليمين الدستورية -إذا نجحتم- وفيها النص على احترام الدستور، وأنتم معشر الإخوان تهتفون من كل قلوبكم: القرآن دستورنا؟ والجواب عن ذلك واضح مستبين، فالدستور المصري بروحه وأهدافه العامة من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات لا يتناقض مع القرآن ولا يصطدم بقواعده وتعاليمه، وبخاصة وقد نص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام"(4)
4- وسئل الشيخ محمد أبو زهرة عن ترشيح الإخوان أنفسهم لكراسي النيابة فقال: "إن ترشيح بعض الإخوان المسلمين الذين يستمسكون بالعروة الوثقى، وللدين الاعتبار الأول في نفوسهم أمر واجب جدّ واجب، لأنه يحمي جماعة الإخوان وينشر دعوتهم ويفيد الحياة النيابية في مصر"(5)
5- وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن حكم دخول مجلس الشعب ليس للتشريع وإنما لمطالبة الحاكم بتطبيق شرع الله، وحكم استخراج بطاقة الانتخاب فقال: "إنه لا حرج في الالتحاق بمجلس الشعب إذا كان المقصود من ذلك تأييد الحق وعدم الموافقة على الباطل، لما في ذلك من نصر الحق والانضمام إلى الدعاة إليه. كما إنه لا حرج كذلك في استخراج البطاقة التي يستعان بها على انتخاب الدعاة الصالحين وتأييد الحق وأهله"(6)
6- ويقول المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ مصطفى مشهور عن دور الإخوان في مجلس الشعب: "نحب أن نوضح أننا حينما نسعى لتطبيق شريعة الله، لا يعني أننا نقرّ أخذ رأي أعضاء مجلس الشعب على شريعة الله وعلى مدى صلاحيتها للتطبيق، ولا يجوز أن يدور ذلك بخلد أحد من الناس، إذ لا يجوز في حق الله أن نأخذ رأي خلقه في شرعه على الإطلاق، لأننا نعتقد أن شريعة الله جاءت لتطبق، والحاكم عليه أن يلتزم بها، وأهل الرأي أو الشورى يحاسبون الحاكم على تطبيقها على الوجه الصحيح، وإذا كان ثمة حوار أو رأي فيكون حول طريقة التطبيق وما يستلزمه من إجراءات أو مؤسسات.
كما إننا لا نقرّ من حق مجلس الشعب أن يقرر قوانين تخالف الأصول الشرعية أو أن يشرع بجانب تشريع الله، ولا يعني أيضاً دخولنا مجلس الشعب موافقتنا على كل مواد الدستور وعلى كل القوانين القائمة ولكننا نرفض كل مادة في الدستور تخالف شرع الله ولا نقرّ أي قانون مخالف لشريعة الله ونسعى لإلغاء كل هذه المواد والقوانين المخالفة لتحلّ الشريعة كاملة محلها".
7- ويقول الدكتور حسن الترابي عن مبررات المشاركة السياسية مع النظام الحاكم: "وأياً ما كانت التفسيرات والتبريرات التي كانت تسوقها الجماعة لمشاركتها في نظام حكم غير شرعي ولا مَرضي، فإنما دخلت في الحقيقة إلى تلك المشاركة مهتدية بإستراتيجية خاصة لا تعول على التحول الإسلامي للنظام بل ولا على الأمل في إصلاحه بقدر ما تبتغي اغتنام فرصة حرية بفضل الموادعة، وتتوخى فرصة سانحة بفضل المشاركة لبناء صفها وتطوير حركتها الإسلامية التي هي معقد الآمال في الإصلاح الإسلامي الشافي. وذلك أن العلاقة بالنظام أسست على شروط مهما اقتضت كبت اسم الجماعة ووجهها المباشر، تطلق لها فرص التعبير والعمل بصور كثيرة كيفيتها وهي تناسب الوضع السياسي وتحقق أهداف إستراتيجيتها مهما كلفها ذلك من تكاليف سياسية"(7)
8- ويقول الدكتور فتحي يكن رحمه الله عن المشاركة السياسية، إنما هي مشاركة المسلمين وليست مشاركة الإسلام في الحكم مع الآخرين "إن المشاركة لا تعني مشاركة الإسلام للنظم الوضعية في الحكم، كما إنها ليست البديل عن (الحكم الإسلامي) أو تفرد الإسلام في الحكم. فهذا أمر لا يجوز الاجتهاد فيه، لأنه لا اجتهاد في معرض النص...
إنما المراد من المشاركة وطروحاتها رفع الظلم عن المسلمين... استنقاذ حقوقهم... وقف التآمر الذي يهدف إلى استئصالهم... تدعيم مواقعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، ليكونوا أقدر على التحدي وعلى الصمود في وجه محاولات التذويب والتغريب"(8)
9- أما الدكتور يوسف القرضاوي، فقد سُئل عن الحكم الشرعي في اشتراك حزب الرفاه الإسلامي في تركيا في حكم علماني ديمقراطي، وفي جوابه نرى أنه يكاد يروج للديمقراطية، تحت عنوان فقه الموازنات!، فيقول: "إن الحكم هنا يجب أن يبنى على فقه الموازنات، فإذا وُجد أن مصلحة الإسلام والمسلمين تقتضي الاشتراك جاز ذلك...
والغريب أن بعض الناس يحكم على الديمقراطية بأنها منكر صراح، أو كفر بواح... فهل الديمقراطية التي تتنادى بها شعوب العالم والتي تكافح من أجلها جماهير غفيرة في الشرق والغرب والتي وصلت إليها الشعوب بعد صراع مرير مع الطغاة، أريقت فيه دماء، وسقطت ضحايا بالألوف، بل بالملايين، كما في أوروبا الشرقية وغيرها، والتي يرى فيها كثير من الإسلاميين الوسيلة المقبولة لكبح جماح الحكم الفردي، وتقليم أظفار التسلط السياسي الذي ابتليت به شعوبنا العربية والمسلمة...
هل هذه الديمقراطية منكر أو كفر -كما يردد بعض السطحيين المتعجلين؟؟... الواقع أن الذي يتأمل جوهر الديمقراطية يجد أنه من صميم الإسلام"(9)
10- ويؤيد الأستاذ راشد الغنوشي مسألة المشاركة السياسية مع الأنظمة، بقوله "فإذا تحقق لنا نظام يعترف بالحريات، فينبغي على الحركة الإسلامية أن تمارس حقها كطرف سياسي معترفة بغيرها من الأطراف السياسية الأخرى مقدمة اختياراتها للنموذج الاجتماعي الذي تريد. فتخوض المعارك الانتخابية وتضع مواطئ أقدام لها في البرلمان ومؤسسات المجتمع كالبلديات وتشارك في الحكم ولو جزئياً لتدريب أفرادها على إدارة المؤسسات وعلى قيادة الجماهير وتعبئتها وتوعيتها بأهداف الحركة الإسلامية.
إذ المجتمع الإسلامي لم ينزل من السماء مكتملاً ولا سقط في يوم إنما بني حجراً حجراً وسقط حجراً حجراً، هكذا إعادة البناء. وفي هذه الحالة إذ تعترف الحركة الإسلامية بالشرعية القانونية للدولة على أساس أنها مختارة من الشعب، فإنها ما دامت هذه الدولة لا تحكم بالإسلام لا نعترف لها بالشرعية الدينية حتى يكون الدين هو قاعدة المجتمع والتشريع وهنا ينبغي الحذر من أن يظن الشعب أن السلطة غدت إسلامية لمجرد مشاركة بعض الإسلاميين في أجهزتها"(10)
1- الشيخ نعيم قاسم - حزب الله المنهج؛ التجربة: المستقبل - بيروت - دار الهادي - 2008م - ص289. ص290.
2- الشيخ نعيم - حزب الله المنهج، التجربة، المستقبل - م. س. - ص291-293.
3- أبو الأعلى المودودي - نحو ثورة سلمية - ص105.
4- مجلة الإخوان المسلمون - القاهرة - 4/11/1944، ومجلة الدعوة - لندن - 6/10/1994، ومجلة المجتمع - الكويت - 21/11/1995.
5- مجلة الدعوة - لندن - العدد 29 - 6/10/1994.
6- مجلة الدعوة - المرجع نفسه.
7- د. حسن الترابي - الحركة الإسلامية في السودان - ص199.
8- د. فتحي يكن - أبجديات التصور الإسلامي الحركي - ص165.
9- مجلة الأمان - بيروت - العدد 240 - 17/1/1997.
10- راشد الغنوشي - محاور إسلامية - ص41.