الکمال لکلا الجنسين

ان الإسلام لم يشترط الذكورة في أي كمال من الكمالات المعنوية . ان طريق الكمال مفتوح لكلا الطرفين وكل شخص يقطع هذه الطريق بدرجة قابليته ، وموضع التمايز هو في الأعمال التنفيذية المتعلقة ببناء بدن الإنسان والموزعة على أساس
Monday, February 19, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الکمال لکلا الجنسين
 الکمال لکلا الجنسين


ان الإسلام لم يشترط الذكورة في أي كمال من الكمالات المعنوية .
ان طريق الكمال مفتوح لكلا الطرفين وكل شخص يقطع هذه الطريق بدرجة قابليته ، وموضع التمايز هو في الأعمال التنفيذية المتعلقة ببناء بدن الإنسان والموزعة على أساس الخصائص الجسمية للطرفين .
المعايير المطروحة لفضيلة لفضيلة الإنسان ليس هناك امتياز بين المرأة والرجل في نيلها ، وما هو امتياز بين المرأة والرجل ليس عامل امتياز معنوي ، وهذه المسألة تبين بصورة ( منطقية ) هكذا : ما هو عامل كمال ليس في فرق بين المرأة والرجل ، وما يؤدي إلى الفرق ، ليس له دور في الكمال ، وإذا كان نجاح طرق أقل أحياناً من الطرف الآخر في الحصول على التكامل ، فهذا النقص من أثر الاختيار السيّئ لذلك الطرف نفسه ، لا أن الإسلام لم يفتح له الطريق ، وهناك فرق بين ان ينسد الطريق أمام طرف من قبل الدين وبين أن لا يقطع الإنسان الطريق بسوء اختياره .
في التكامل المعنوي ليس هناك فرق بين المرأة والرجل ، وأما الفرق الذي يلاحظ في المجتمع فهو يتعلق بنفس الأشخاص ، فإذا لم ترغب امرأة ان تهذب نفسها فهذا طريق لم تقطعه هي ، وإلا فالطريق مفتوح أمامها . كما ان رجلاً من الرجل إذا لم يهذب نفسه فهذا ليس لأن طريق التكامل مسدود بوجه الرجال بل لأن نفس هذا الشخص لم يهذب نفسه .
الموت الطبيعي والموت الإرادي :
وتوضيح هذا الكلام هو ان الإنسان له حياة وموت طبيعي ، وفي هذه الحياة والموت الطبيعي يشترك مع الحيوانات أو أحياناً مع النباتات .
إن للإنسان حركة وتخيلاً وتوهماً وتغذية ونمواً وأمثالها ، وبعض هذه الأعمال مشتركة بين الإنسان والنبات وبعض آخر من هذه الأمور مشتركة بين الإنسان والحيوان ، وأحياناً تسلب هذه الأمور حيث يعبر عن ذلك الموت الطبيعي ، وأحياناً ، تثبت هذه الأمور حيث يعبر عن ذلك بالحياة الطبيعية هذه ليست علامة على الكمال إلا في حد الكمال النباتي أو الكمال الحيواني .
ولكن الإنسان له موت وحياة أخرى أيضاً تتعلق بحسن اختياره أو سوء اختياره . الإنسان يستطيع ان يميت نفسه بسوء الاختبار أو إحياء نفسه بحسن الاختيار . الذين يميتون أنفسهم بسوء إختيارهم يذكرهم القرآن بوصفهم كافرين حيث يذكر أن الكافرين هم الذين فقدوا الحياة المعنوية بسوء الاختيار أو لم يسيروا في اتجاه تهيئة تلك أو اعتزموا على دفعها أو قاموا برفعها أو لم يستعدوا لأن يصلوا إلى حياة معقولة ، أو أنهم سقطوا بعد الحياة المعنوية والعقلية ، كأولئك الذين يرتدون بعد الإسلام معاذ الله . هذه هي أنواع من الموت من أثر سوء الاختيار .
هناك مجموعة من أنواع الموت بحسن الاختيار حيث يميت الإنسان نفسه قبل ان يموت . ان الذي قال انني أموت من الإنسانية مرة أخرى وادخل في عالم الملائكة يشير إلى هذا الموت الاختياري حيث يموت الإنسان بحسن اختيار ، وهذا النوع من الموت هو بأن يميت غرائز الأنانية ويحطم حالة الوحشية والتمني ، فإذا حطم حالة الغرور والأنانية ، وانقذ نفسه من قبضة الحيوانية بحسن اختياره ، فهذا موت حسن حصل عليه بحسن اختياره ويقال لذلك موت إرادي . وفي هذا الحد يصل الإنسان إلى مستوى الملائكة .
وهذه المسألة وردت في بعض الكتب الفقهية مثل الجواهر وغيره من الكتب الفقهية حيث ذكرها المرحوم السيد محمد كاظم ( ره ) في كتاب العروة ، وقال في أحكام الصيام المستحب في باب فضيلة الصوم في أواخر البحث ، في فضيلة الصوم يكفي ان الإنسان يصبح شبيه الملائكة .
انسجام لسان الأحاديث مع فهم المخاطبين :
تكلم الأئمة المعصومون عليهم السلام معنا بعدة طرق ، أحياناً يقولون لنا بان نصوم حتى نجوع لنعرف ألم جوع الفقراء . وهذا التعليل هو للأشخاص الضعفاء جداً ، لماذا نكون جاهلين بأحوالهم ، و نتذكرهم في شهر رمضان المبارك فقط ونتيجة الشعور بالجوع ؟
وفي مرحلة أعلى من هذه المرحلة قالوا لنا : أن نصوم حتى نتذكر الجوع والعطش يوم القيامة ، وهذا التعليل هو للمتوسطين . لماذا نحن غافلون من القيامة في أيام السنة ، ونتذكر المعاد بسبب الجوع والعطش .
مجموعة أخرى ، هم الذين يصومون حتى يصيروا في مستوى الملائكة ، أي ان الإنسان إذا صام فليس من أجل أن يتذكر الفقراء بسبب الجوع والعطش أو يتذكر الجوع والعطش يوم القيامة ، بل ليقول بانه أكبر من أن يستهلك وقته في الطعام والشراب ، وهو أكبر من أن يعيش من أجل الأكل .
والمقصود من الأكل هو مطلق التصرفات الحيوانية وليس الأكل في مقابل الشرب أو النوم ، حين يقول تعالى :
( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ ) (1) .
فالمقصود ليس خصوص الأكل بل هو مطلق التصرف وهذا تعبير أدبي رائج .
فإذا غصب شخص بساط شخص آخر يقال : أكل مال الناس ، وإذا غصب دار شخص يقال : أكل مال الناس . المقصود من الأكل في هذا النوع من الحوار هو مطلق التصرفات المادية والطبيعية والحيوانية . ان قولهم لنا بأن نصوم ونصرف النظر عن الأكل والشرب حتى نصبح مثل الملائكة ، يعني أن نتجنب مطلق الأعمال الحيوانية ، وليس أن لا نأكل أو لا نشرب فقط ، لذا فالكذب يبطل الصوم ، ليس فقط الكذب على الله والنبي ، لأن هذه المسائل تشير إلى البطلان الفقهي ، بل هي هذه الأكاذيب المصطلحة حيث إذا كذب شخص فصومه صحيح يقيناً من الناحية الفقهية ولكن لأن هذا الشخص لم يصبح في مستوى الملائكة ، فليس له صوم ، مقبول رغم ان صومه صحيح في الفقه الأصغر ، أو إذا قام بذنب آخر فهو ليس صائماً ، لأنه لم يسر في مستوى الملائكة ، إذا اغتاب فهو ليس صائماً . ان القول بأن لا نأكل حتى نصبح ملائكة ، أي ان نترك مطلق التصرفات النباتية والحيوانية ، حتى نكون كالملائكة كما ان ورقة التوت إذا وقعت في معمل حرير تصبح حريراً ، فكيف تصبح الورقة حريراً واستبرقاً ولا تصبح الإنسان ملكاً ؟ إن الإنسان يستطيع ان يتحرك في مستوى الملائكة .
بناء على هذا فإن المجموعة الثالثة هم الذين قالوا بحسن اختيار ، وغضوا النظر عن العالم الحيواني والنباتي بموت إرادي . كما ان الإنسان يموت أحياناً بسوء اختياره . وبعض الآيات تعتبر الكافرين أمواتاً . وقال أمير المؤمنين عليه السلام بشأن العالم بلا عمل :
( ذلك ميت الأحياء ) (2) .
هذان الطريقان مفتوحان للجميع سواء الرجال أو النساء ، كل من يختار الطريق الأفضل ويقطعه بصورة أسرع يكون أكثر نجاحاً .
في البحوث السابقة تبين ان المرأة إذا كانت مثلاً ضعيفة في المسائل النظرية والتفكرات العقلية ، فهي أكثر قبولاً للموعظة في المسائل القلبية ، ويؤثر طريق المناجاة فيها أكثر . خاصة ان القرآن الكريم عرّف بوصفه موعظة قال تعالى :
( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدىً ورحمة للمؤمنين ) (3) .
شبهة نقصان ايمان المرأة :
يطرح أحياناً ان المرأة حرمت من بعض المزايا الدينية لأنها لا تستطيع ان تؤدي الفرائض الدينية في بعض أيام السنة . وهذا الأمر يحسب عامل نقص فيها . كما أشير لذلك في الروايات أيضاً ، وفي البلاغة ذكر أمير المؤمنين عليه السلام النساء بسوء :
( معاشر الناس ، ان النساء نواقص الايمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ، فاما نقصان أيمانهن ، فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن ، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد ، وأما نقصان حظوظهن فموارثيهن على الانصاف من مواريث الرجال .... ) (4) .
ومثل هذا المضمون روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً (5) .
للإجابة عن هذه الشبهة من اللازم ذكر مقدمة في مجال المدح والذم الذي ورد في بعض الآيات والروايات .
مدح وذم :
أحياناً يتعرض الاشخاص في حادثة ما ، وتتعرض ظروف وعلل وأسباب تلك الحادثة ، كمكانها وزمانها ، إلى ذم أو مدح بسبب مجموعة وقائع تاريخية ، ان معنى ذم أو مدح بعض الحوادث أو الأمور الجانبية لتلك الحادثة ليس لأن أساس طبيعة ذلك الشيء قابل للذم أو المدح ، بل إن تلك الأرضية الخاصة سبب هذا المدح أو الذم ، أحياناً تمدح قبيلة من القبائل وذلك بسبب ظهور صالحين من هذه القبيلة في ذلك العصر ، ثم لا تمر فترة طويلة حتى يتغير الوضع ، حيث يظهر أشخاص آخرون من هذه القبيلة يتعرضون للذم ، وأحياناً بالعكس .
في إيران كانت هناك بعض المدن التي تعرضت لذم كثير ، ولكن عندما تغير ذلك التفكير ببركة أهل البيت ، أصبحت تلك المدن وتلك المناطق من المناطق النموذجية والبارزة في هذا البلد ، وظهر في تلك المناطق أشخاص كانوا ممتازين من ناحية الفضائل الأخلاقية والعلمية والنبوغ . هذا الذم كانوا ممتازين من ناحية الفضائل الأخلاقية والعلمية والنبوغ . هذا الذم والتوبيخ ليس ملازماً لتلك المنطقة إلى الأبد ، بل هو مرحلي . ودليله هو أن الرأي السابق يمكن ان يتراجع بتحول فكري ومسألة عقائدية . كما حصل ذلك وإذا كان هناك ذم للمرأة في نهج البلاغة ، فيظهر ان بعض ذلك الذم يعود إلى قضية حرب الجمل ، كما ذمت البصرة والكوفة وغيرهما مع أن البصرة خرجت رجال علم كثيرين ، وقدمت الكوفة رجالاً ثواراص كثيرين للإسلام ، وكثير من الذين قاموا بالمطالبة بدم سيد الشهداء عليه السلام كانوا في الكوفة . والكوفة الآن هي مكان يصلّى فيها بانتظار ظهور الإمام ، فيها مسجد تقع فيه مقامات كثير من الصالحين والصديقين ، ولا يمكن القول : إن البصرة والكوفة سيئتان إلى الأبد وتستحقان الذم لأنهما ذمتا سابقاً . إن قضايا تاريخية في مرحلة حساسة تؤدي إلى الذم أو المدح ثم مع مرور تلك المرحلة ينتفي المدح أو الذم أيضاً .
رؤية الوحي :
وشأن المرأة هكذا أيضاً ، فتأكيد القرآن الكريم بشأن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم دليل على رؤية مسبقة للوحي لحادثة تاريخية مرة . ان القرآن يقول باصرار لنساء النبي :
( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) (6) .
وأمثال ذلك دليل على ان الله تعالى كان لديه رؤية مسبقة لحادثة ، الله تعالى عالم الغيب والشهادة مطلع على المستقبل ، وكان يحذرهن من النتائج المرة لذلك الخروج الذي في غير محله .
لذا قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) ، وبعد ذلك وقعت قضية الجمل وحاربوا ولي الله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام . افرزت تلك المرحلة مجموعة من الكلام في الذم ورافقها مجموعة من الكلام في المدح ، فقد مدحت منطقة مرحوم لأنهم عملوا جيداً في تلك الحادثة ، ووبخت مجموعة ومنطقة لأنهم عملوا سيئاً في هذه الحادثة . هذا الذم والمدح يجب أن لا يحسب على جوهر الشيء ، ولهذا السبب ظهر في البصرة رجال ونساء خيرون وصالحون ، ومدحت الكوفة كثيراً وستكون في زمان ظهور الإمام عليه السلام مركز بركة ، فكما أن ذم البصرة والكوفة لا يعود إلى جوهر هاتين المنطقتين ، فإذا ذمت المرأة بعد قضية الحرب فهو لأ، تلك المرأة وقفت في مقابل علي بن أبي طالب ، كما أن هناك رجالاً كثيرين وقفوا في مقابل الإمام . فإذا ورد ذم لطلحة والزبير وغيرهم من الذين أداروا تلك الحرب في مقابل ولي الله فطبيعي ان تتعرض عائشة التي وقفت في مقابل الإمام وغيرها من الأشخاص الذين ساهموا في هذه الحادثة الصعبة ، إلى الذم . بناء على هذا يجب ألا نرجع هذا النوع من الذم أو المدح إلى جوهر الذات بل يبقى تأثيرها المرحلي محفوظاً .
المصادر :
1- سورة النساء ، الآية : 29 .
2- نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، صبحي الصالح .
3- سورة يونس ، الآية : 57 .
4- نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح ، الخطبة 80 .
5- بحار الأنوار ، ج 103 ، ص 259 .
6- سورة الأحزاب ، الآية : 33 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.