يجب عدم اختصاص الأعمال التنفيذية ، بمجموعة خاصة ، هناك وظائف عينت للرجال مثل مسؤولية المجتمع ، والقضاء ، والمسائل الدفاعية والحربية وأمثالها ، حيث أن العاطفة والعفة الوافرة في هذه المسائل مضرة .
ولكن الرجال تولوا هذه المناصب ضررهم ناتج عن أنهم لم يستطيعوا ان تكون لهم عشرة بالمعروف مع نساء المجتمع ولم يستفيدوا من مشاعرهن ورقة قلوبهن . حيث اطلقوا الحرية للمرأة وأصبحن مسخرات للغرائز بدون ان يصبحن مسخرات العواطف . ولكن الإسلام حرر المراة وسخر المجتمع لعواطفها لذا بني مجتمعاً عاطفاً ، وأقام رأفة رحمة في المجتمع الإسلامي .
أما ما يلاحظ من عدم وجود أية عاطفة في بعض المجتمعات وأحياناً يحرق أكثر من ماثتين وتسعين شخصاً في الجو بواسطة القوى الكبرى الغربية في قضية إسقاط الطائرة الإيرانية بواسطة سفينة امريكية ـ أو يلاحظ ان مناطق مثل حلبجة ، تتعرص إلى أسوأ وضع من التسمم بالقنابل الكيمياوية ، ويقتلون الرجال والنساء معاً مع انهم كانوا أنصار حرية المرأة وجاؤوا بالمرأة إلى الساحة وعاشوا مع المرأة ، من أجل أهم أصبحوا مسخرين لغريزة وطبيعة المرأة لا مسخرين لعاطفتها ، أي انهم محرومون من الفن والفضيلة والجمال الذي أعطاه الله إلى المرأة باسم العاطفة والرحمة والرقة .
ما اعطاه الله إلى طبيعة المرأة قاموا بتسليطه على انفسهم . إن ما اعطاه الله تعالى إلى فطرة المرأة وروح المرأة اعطاه إلى المرأة بوصفه فضيلة . ولكن الدنيا المادية لم تستفد من ذلك باسم الرحمة والعاطفة والعفو والرقة ، لذا قام العالم المعاصر بعرض المرأة وكثرت وحشية المجتمع . أما العالم الإسلامي فيأتي بالمرأة إلى الساحة حتى يسخر المجتمع لعواطف المرأة ، وليس الغريزة المرأة . الرواية التي تقول : ( المرأة عقرب ) (1) .
هذا الرواية تشير إلى ذلك الشيء الذي ابتلي به في العالم الغربي ، أما الرواية التي يقول فيها أمير المؤمنين عليه السلام لابنه :
( فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانه ) (2) .
فهي الفضيلة التي تكامل بها المجتمع الإسلامي ، لذا ترون أن ذلك العنف الموجود في الحروب غير الإسلامية غير موجود في الحروب الإسلامية ولا تشاهد عند المسلمين تلك الوحشية التي لدى الآخرين . ومع أ، المسلمني يدعون المرأة إلى الحجاب ، ولكنهم يستفيدون من عاطفة المرأة بوصفها محوراً تربوياً .
الإسلام يأتي بالمرأة إلى الساحة في ظل الحجاب وسائر الفضائل حتى تصبح معلمة في العاطفة ، والرقة واللطف والصفاء والوفاء وأمثال ذلك ، والعالم المعاصر سلب الحجاب من المرأة حتى تدخل إلى السوق بوصفها لعبة وتؤمن الغريزة ، عندما تأتي المرأة إلى المجتمع برأسمال الغريزة ، عند ذلك ليس هي معلمة في العاطفة ، فتأمر بالشهوة وليس العفو ، لذا ترون في الغرب أن الشفقة والرحمة قليلة الأثر وما هو سائد هي القوة . لا يحق للبلدان الضعيفة ان تحيا ، لا يحق للناس المحرومين الحياة بأي وجه ، الذين يرسلون طاقماً لمساعدة السفن الفضائية .
يحترق أقرب محيط بظلمهم ، سر ذلك هو أن المرأة بدون عاطفة . تأمر الغريزة والشهوة ، والشهوة لا تحمل معها إلا العمى والصمم . ان المراة مع الحجاب فتأمر بالعاطفة والعاطفة تحفظ البنيان المرصوص ، هذا البنيان المرصوص صرح ، لا يمكن أبداً بناء صرح كله من الحديد والحجر الصلب ، بل من اللازم وجود مادة لينة ، حتى تحتضن الأحجار الباردة والصعبة والحديد المتصلب ، المرأة هي مظهر العواطف والمشاعر ، وإذا سلب العاطفة من المجتمع فكأنه سلب هذه المادة من طبقات هذه الجدران والأحجار والصخور ، مما يؤدي إلى سقوط ذلك الصرح ، لذا يؤكد الإسلام أن تأتي المرأة إلى المجتمع ولكن بحجاب ، أي تأتي لتعطي درس العفة والعاطفة لا درس الشهوة والغريزة ، وان ما يلاحظ من محاولة العالم الاستكباري الاستعانة بالغريزة والشهوة فهو من أجل أنه يريد ان يقلع هذه الآصرة من مكانها وإضعاف هذا البنيان المرصوص ، ولكن الإسلام يسعى إلى حفظ هذه الآصرة في الحجاب حتى يظل هذا البنيان المرصوص سليماً .
المرأة في ثقافة الغرب :
إن سر أن العالم العربي لديه ثقافة منحطة في هذا المجال هو ان معرفتهم للإنسان هي كمعرفتهم للكون ، وبعبارة أخرى إن معرفتهم للإنسان هي فرع من رؤيتهم للكون ، رؤيتهم الكونية هي في مستوى ( ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدهر ) (3) ، ولأنهم يرون العالم محدوداً في نشأة الطبيعة ، وليس لديهم معرفة بما وراء الطبيعة ، لذلك يعتبرون الإنسان محدوداً في حدود الطبيعة ، وهم يعرفون الجسم فقط وليس الإنسان .
إنهم يرون ان بدن الإنسان يشكل كل حقيقة الإنسان ، ولأنهم يرون ان بدن الإنسان على شكلين ، أما بصورة امرأة أو بصورة رجل ، لذا يظنون ان المرأة والرجل يختلفان ، كما أن أبدانهما مختلفة .
الشخص الذي تكون معرفته للإنسان على أساس رؤيته الكونية المادية ، لا يسير سيراً عمودياً في العالم أبداً ولا يعلم ما هو مبدأ ومنتهى سير حياة الإنسان ، بل يسير أفقياً دائماً ، وكما أن معرفته في النجوم والبحر والنبات والحيوان ، والأرض والمعدن وغيرها معرفة مادية ، كذلك معرفته بالإنسان ، فهو لا يعتبر للإنسان مقاماً أفضل مما هو في عالم الطبيعة ، ولا يفهم مسائل من قبيل الملائكة والوحي ، ولا يفهم ان المرأة مثلاً تستطيع أن تتكلم مع الملائكة وتسمع كلامهم ، وتتلقى بشارة ، ولايدرك ان الملائكة لا يتكلمون مع إحدى النساء لأنها عضوة في عائلة مكرمة ، بل يقولون لها مباشرة بإنها منشأ كرامة وأنهم أوصلوا إليها كرامة ولا يقولون ، لها : إنها عضوة فرعية في عائلة تتمتع ببركات ورحمة خاصة . قالت الملائكة لأم إسحاق :
( اتعجبين من أمر الله ؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) .
بناء على هذا يتضح ان رؤية الماديين للإنسان هي نفس الرؤية التي لديهم فيما يتعلق بعلم النبات ، لذا تكون نتيجة علومهم عبارة عن مجموعة من الشبهات التي يطرحونها ، من قبيل أنه لماذا تختلف دية المرأة والرجل ، أو لماذا إرث المرأة في بعض الحالات أقل من إرث الرجل وأمثال ذلك ؟ ورغم انه لا يبقى محل لمثل هذه الأسئلة بعد اتضاح معيار القيم ، فاننا سوف نجيب بعون الله عن هذه الشبهات في المحل المناسب .
خلاصة ونتيجة :
ان الآخرين إذا كان لديهم نقد الإسلام ، فذلك بسبب انهم ليس لديهم معرفة بالقواعد الأولية للإسلام . الإنسان الموحد ينظر إلى العالم برؤية الله ، لذا يعتبر الترجيح والتقدم نسبيين ، كما يعتبر النقص والشر نسبيين ، فإذا رآى الإنسان الموحد شرّاً في العالم ، لا يجعل ذلك أبداً محسوباً على هندسة مهندس العالم ، بل يرجع ذلك إلى الفقدان والعدم ، لأنه يعتقد ان مبداً حدوث النظام ليس إلا خيراً محضاً . ويشاهد النظام بنحو أحسن ، وإذا شاهد فوارق وتفاضل بين الناس ينطر إلى ذلك برؤية هندسية ، أي يقيمها بالأسس التي طبقها يتبين انه ليس هناك امتياز بين المرأة والرجل .
لذا إذا كان في نهج البلاغة ذلك الكلام فان فيه أيضاً أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابنه :
( فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ) (4) .
لا تسمح ليد أجنبي أن تصل إلى هذا الوردة وإلا سوف تذبل .
( فإنما امرأة أحدكم لعبة فمن اتخذها فلا يضيعها ) (5) .
لعبة أي ريحانة . لا تضيع ماء الورد من هذه الوردة ، العطر من هذه الوردة ، فالحياة ليست كلها عطراً وليس كل الحياة حديداً الأعمال القوية لازمة وكذلك الأعمال الظريفة . هل الورد أفضل أم الحديد ؟ الورد فيه فضائل ، والحديد فيه فضائل كثيرة أيضاً . الحديد يتولى الأعمال القوية والورد يتولى الأمور الفنية الظريفة ، الرقيقة والعاطفية ، ومن المحال وجود الحديد بدون الورد ، وكذلك لا يمكن وجود الورد بدون الحديد .
إذا اتضحت القواعد القيمية في الإسلام ونظر القرآن الكريم وتعين محور البحث أيضاً ـ ان المراة مقصود منها مقابل الرجل أم المرأة مقابل الزوج ـ فقطعاً تنحذف كثير من الأسئلة والشبهات ، أي عند ذلك لا يسأل شخص انه لماذا تستطيع المرأة ان تصبح وزيرة ، لماذا لا تصبح قائدة و ... لأنه اتصح ان معيار الكمال هو شيء آخر . والأمور التنفيذية هي وظيفة الإنسان ، ومن الممكن أن لا يكون لشخص منصب تنفيذي ويقوم بعمل تحقيقي آخر ، ولكنه يصبح من المقربين ، بحيث لا يصل ذوو المناصب التنفيذية المهمة إلى مقامه . ولكن الذين يم يعرفوا قواعد الإسلام تبدو هذه المسائل التنفيذية لهم مهمة جداً ويطرحون من باب العقدة أو النقد العلمي أو الاعتراض والمعارضة أنه لماذا تستطيع المرأة ان تتقلد العمل التنفيذي الفلاني .
طريقان للحل :
بناء على هذا الدنيا طريقان ، أحدهما لنا والطريق الآخر بوصفه جواباً عن أسئلة الآخرين ، أي في المرحلة الأولى ، يجب أن يحل هذا الموضوع لنا ، حيث أن بعض الأسئلة مثل أنه لماذا لا يمكن ان تتصدى المرأة لكثير من الأمور التنفيذية ، ليست قابلة للطرح ـ توضيح هذا الموضوع يستلزم نكتتين :
أولاً : كثير من الأعمال التنفيذية جائزة للمرأة شرعاً ، من ذلك مرجعية المرأة للنساء وإمامة للنساء والتصدي للأعمال التنفيذية المتعلقة بالنساء ليس جائزاً فقط ، بل أولى والرجل غير مجاز بأن يشترك في بعض الأمور التنفيذية إلا أن تقتضي ضرورة .
ثانياً : إن الأمور التنفيذية ليس مقاماً ، لو كانت مقاماً وكان واجباً ان يتقبل الإنسان هذا العمل التنفيذي ـ بوصفه من الكمالات وليس لحفظ النظام ـ لم يكن علماؤنا الكبار يبتعدون عنه .
المصادر :
1- نهج البلاغة ، فيض الإسلام ، الكلمات القصار ، 58 .
2- نهج البلاغة ، الرسالة 31 .
3- سورة الجاثية ، الآية : 24 .
4- نهج البلاغة ، الرسالة 31 .
5- بحار الأنوار ، ج 103 ، ص 224 .
ولكن الرجال تولوا هذه المناصب ضررهم ناتج عن أنهم لم يستطيعوا ان تكون لهم عشرة بالمعروف مع نساء المجتمع ولم يستفيدوا من مشاعرهن ورقة قلوبهن . حيث اطلقوا الحرية للمرأة وأصبحن مسخرات للغرائز بدون ان يصبحن مسخرات العواطف . ولكن الإسلام حرر المراة وسخر المجتمع لعواطفها لذا بني مجتمعاً عاطفاً ، وأقام رأفة رحمة في المجتمع الإسلامي .
أما ما يلاحظ من عدم وجود أية عاطفة في بعض المجتمعات وأحياناً يحرق أكثر من ماثتين وتسعين شخصاً في الجو بواسطة القوى الكبرى الغربية في قضية إسقاط الطائرة الإيرانية بواسطة سفينة امريكية ـ أو يلاحظ ان مناطق مثل حلبجة ، تتعرص إلى أسوأ وضع من التسمم بالقنابل الكيمياوية ، ويقتلون الرجال والنساء معاً مع انهم كانوا أنصار حرية المرأة وجاؤوا بالمرأة إلى الساحة وعاشوا مع المرأة ، من أجل أهم أصبحوا مسخرين لغريزة وطبيعة المرأة لا مسخرين لعاطفتها ، أي انهم محرومون من الفن والفضيلة والجمال الذي أعطاه الله إلى المرأة باسم العاطفة والرحمة والرقة .
ما اعطاه الله إلى طبيعة المرأة قاموا بتسليطه على انفسهم . إن ما اعطاه الله تعالى إلى فطرة المرأة وروح المرأة اعطاه إلى المرأة بوصفه فضيلة . ولكن الدنيا المادية لم تستفد من ذلك باسم الرحمة والعاطفة والعفو والرقة ، لذا قام العالم المعاصر بعرض المرأة وكثرت وحشية المجتمع . أما العالم الإسلامي فيأتي بالمرأة إلى الساحة حتى يسخر المجتمع لعواطف المرأة ، وليس الغريزة المرأة . الرواية التي تقول : ( المرأة عقرب ) (1) .
هذا الرواية تشير إلى ذلك الشيء الذي ابتلي به في العالم الغربي ، أما الرواية التي يقول فيها أمير المؤمنين عليه السلام لابنه :
( فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانه ) (2) .
فهي الفضيلة التي تكامل بها المجتمع الإسلامي ، لذا ترون أن ذلك العنف الموجود في الحروب غير الإسلامية غير موجود في الحروب الإسلامية ولا تشاهد عند المسلمين تلك الوحشية التي لدى الآخرين . ومع أ، المسلمني يدعون المرأة إلى الحجاب ، ولكنهم يستفيدون من عاطفة المرأة بوصفها محوراً تربوياً .
الإسلام يأتي بالمرأة إلى الساحة في ظل الحجاب وسائر الفضائل حتى تصبح معلمة في العاطفة ، والرقة واللطف والصفاء والوفاء وأمثال ذلك ، والعالم المعاصر سلب الحجاب من المرأة حتى تدخل إلى السوق بوصفها لعبة وتؤمن الغريزة ، عندما تأتي المرأة إلى المجتمع برأسمال الغريزة ، عند ذلك ليس هي معلمة في العاطفة ، فتأمر بالشهوة وليس العفو ، لذا ترون في الغرب أن الشفقة والرحمة قليلة الأثر وما هو سائد هي القوة . لا يحق للبلدان الضعيفة ان تحيا ، لا يحق للناس المحرومين الحياة بأي وجه ، الذين يرسلون طاقماً لمساعدة السفن الفضائية .
يحترق أقرب محيط بظلمهم ، سر ذلك هو أن المرأة بدون عاطفة . تأمر الغريزة والشهوة ، والشهوة لا تحمل معها إلا العمى والصمم . ان المراة مع الحجاب فتأمر بالعاطفة والعاطفة تحفظ البنيان المرصوص ، هذا البنيان المرصوص صرح ، لا يمكن أبداً بناء صرح كله من الحديد والحجر الصلب ، بل من اللازم وجود مادة لينة ، حتى تحتضن الأحجار الباردة والصعبة والحديد المتصلب ، المرأة هي مظهر العواطف والمشاعر ، وإذا سلب العاطفة من المجتمع فكأنه سلب هذه المادة من طبقات هذه الجدران والأحجار والصخور ، مما يؤدي إلى سقوط ذلك الصرح ، لذا يؤكد الإسلام أن تأتي المرأة إلى المجتمع ولكن بحجاب ، أي تأتي لتعطي درس العفة والعاطفة لا درس الشهوة والغريزة ، وان ما يلاحظ من محاولة العالم الاستكباري الاستعانة بالغريزة والشهوة فهو من أجل أنه يريد ان يقلع هذه الآصرة من مكانها وإضعاف هذا البنيان المرصوص ، ولكن الإسلام يسعى إلى حفظ هذه الآصرة في الحجاب حتى يظل هذا البنيان المرصوص سليماً .
المرأة في ثقافة الغرب :
إن سر أن العالم العربي لديه ثقافة منحطة في هذا المجال هو ان معرفتهم للإنسان هي كمعرفتهم للكون ، وبعبارة أخرى إن معرفتهم للإنسان هي فرع من رؤيتهم للكون ، رؤيتهم الكونية هي في مستوى ( ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدهر ) (3) ، ولأنهم يرون العالم محدوداً في نشأة الطبيعة ، وليس لديهم معرفة بما وراء الطبيعة ، لذلك يعتبرون الإنسان محدوداً في حدود الطبيعة ، وهم يعرفون الجسم فقط وليس الإنسان .
إنهم يرون ان بدن الإنسان يشكل كل حقيقة الإنسان ، ولأنهم يرون ان بدن الإنسان على شكلين ، أما بصورة امرأة أو بصورة رجل ، لذا يظنون ان المرأة والرجل يختلفان ، كما أن أبدانهما مختلفة .
الشخص الذي تكون معرفته للإنسان على أساس رؤيته الكونية المادية ، لا يسير سيراً عمودياً في العالم أبداً ولا يعلم ما هو مبدأ ومنتهى سير حياة الإنسان ، بل يسير أفقياً دائماً ، وكما أن معرفته في النجوم والبحر والنبات والحيوان ، والأرض والمعدن وغيرها معرفة مادية ، كذلك معرفته بالإنسان ، فهو لا يعتبر للإنسان مقاماً أفضل مما هو في عالم الطبيعة ، ولا يفهم مسائل من قبيل الملائكة والوحي ، ولا يفهم ان المرأة مثلاً تستطيع أن تتكلم مع الملائكة وتسمع كلامهم ، وتتلقى بشارة ، ولايدرك ان الملائكة لا يتكلمون مع إحدى النساء لأنها عضوة في عائلة مكرمة ، بل يقولون لها مباشرة بإنها منشأ كرامة وأنهم أوصلوا إليها كرامة ولا يقولون ، لها : إنها عضوة فرعية في عائلة تتمتع ببركات ورحمة خاصة . قالت الملائكة لأم إسحاق :
( اتعجبين من أمر الله ؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) .
بناء على هذا يتضح ان رؤية الماديين للإنسان هي نفس الرؤية التي لديهم فيما يتعلق بعلم النبات ، لذا تكون نتيجة علومهم عبارة عن مجموعة من الشبهات التي يطرحونها ، من قبيل أنه لماذا تختلف دية المرأة والرجل ، أو لماذا إرث المرأة في بعض الحالات أقل من إرث الرجل وأمثال ذلك ؟ ورغم انه لا يبقى محل لمثل هذه الأسئلة بعد اتضاح معيار القيم ، فاننا سوف نجيب بعون الله عن هذه الشبهات في المحل المناسب .
خلاصة ونتيجة :
ان الآخرين إذا كان لديهم نقد الإسلام ، فذلك بسبب انهم ليس لديهم معرفة بالقواعد الأولية للإسلام . الإنسان الموحد ينظر إلى العالم برؤية الله ، لذا يعتبر الترجيح والتقدم نسبيين ، كما يعتبر النقص والشر نسبيين ، فإذا رآى الإنسان الموحد شرّاً في العالم ، لا يجعل ذلك أبداً محسوباً على هندسة مهندس العالم ، بل يرجع ذلك إلى الفقدان والعدم ، لأنه يعتقد ان مبداً حدوث النظام ليس إلا خيراً محضاً . ويشاهد النظام بنحو أحسن ، وإذا شاهد فوارق وتفاضل بين الناس ينطر إلى ذلك برؤية هندسية ، أي يقيمها بالأسس التي طبقها يتبين انه ليس هناك امتياز بين المرأة والرجل .
لذا إذا كان في نهج البلاغة ذلك الكلام فان فيه أيضاً أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابنه :
( فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ) (4) .
لا تسمح ليد أجنبي أن تصل إلى هذا الوردة وإلا سوف تذبل .
( فإنما امرأة أحدكم لعبة فمن اتخذها فلا يضيعها ) (5) .
لعبة أي ريحانة . لا تضيع ماء الورد من هذه الوردة ، العطر من هذه الوردة ، فالحياة ليست كلها عطراً وليس كل الحياة حديداً الأعمال القوية لازمة وكذلك الأعمال الظريفة . هل الورد أفضل أم الحديد ؟ الورد فيه فضائل ، والحديد فيه فضائل كثيرة أيضاً . الحديد يتولى الأعمال القوية والورد يتولى الأمور الفنية الظريفة ، الرقيقة والعاطفية ، ومن المحال وجود الحديد بدون الورد ، وكذلك لا يمكن وجود الورد بدون الحديد .
إذا اتضحت القواعد القيمية في الإسلام ونظر القرآن الكريم وتعين محور البحث أيضاً ـ ان المراة مقصود منها مقابل الرجل أم المرأة مقابل الزوج ـ فقطعاً تنحذف كثير من الأسئلة والشبهات ، أي عند ذلك لا يسأل شخص انه لماذا تستطيع المرأة ان تصبح وزيرة ، لماذا لا تصبح قائدة و ... لأنه اتصح ان معيار الكمال هو شيء آخر . والأمور التنفيذية هي وظيفة الإنسان ، ومن الممكن أن لا يكون لشخص منصب تنفيذي ويقوم بعمل تحقيقي آخر ، ولكنه يصبح من المقربين ، بحيث لا يصل ذوو المناصب التنفيذية المهمة إلى مقامه . ولكن الذين يم يعرفوا قواعد الإسلام تبدو هذه المسائل التنفيذية لهم مهمة جداً ويطرحون من باب العقدة أو النقد العلمي أو الاعتراض والمعارضة أنه لماذا تستطيع المرأة ان تتقلد العمل التنفيذي الفلاني .
طريقان للحل :
بناء على هذا الدنيا طريقان ، أحدهما لنا والطريق الآخر بوصفه جواباً عن أسئلة الآخرين ، أي في المرحلة الأولى ، يجب أن يحل هذا الموضوع لنا ، حيث أن بعض الأسئلة مثل أنه لماذا لا يمكن ان تتصدى المرأة لكثير من الأمور التنفيذية ، ليست قابلة للطرح ـ توضيح هذا الموضوع يستلزم نكتتين :
أولاً : كثير من الأعمال التنفيذية جائزة للمرأة شرعاً ، من ذلك مرجعية المرأة للنساء وإمامة للنساء والتصدي للأعمال التنفيذية المتعلقة بالنساء ليس جائزاً فقط ، بل أولى والرجل غير مجاز بأن يشترك في بعض الأمور التنفيذية إلا أن تقتضي ضرورة .
ثانياً : إن الأمور التنفيذية ليس مقاماً ، لو كانت مقاماً وكان واجباً ان يتقبل الإنسان هذا العمل التنفيذي ـ بوصفه من الكمالات وليس لحفظ النظام ـ لم يكن علماؤنا الكبار يبتعدون عنه .
المصادر :
1- نهج البلاغة ، فيض الإسلام ، الكلمات القصار ، 58 .
2- نهج البلاغة ، الرسالة 31 .
3- سورة الجاثية ، الآية : 24 .
4- نهج البلاغة ، الرسالة 31 .
5- بحار الأنوار ، ج 103 ، ص 224 .