اثر المادة علی الدراسة

التّوزيع المكانيّ للمتعلّمين في الصّفّ ليس أكثر من وسيلة متاحة للمعلّم من أجل تأمين ظروف تعلّم مناسبة. يمكن للمعلّم توزيع المتعلّمين على المقاعد بشكل تقليديّ أي في صفوف مستقيمة أو على شكل نصف دائرة أو مجموعات.
Thursday, March 8, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
اثر المادة علی الدراسة
اثر المادة علی الدراسة


التّوزيع المكانيّ للمتعلّمين في الصّفّ ليس أكثر من وسيلة متاحة للمعلّم من أجل تأمين ظروف تعلّم مناسبة. يمكن للمعلّم توزيع المتعلّمين على المقاعد بشكل تقليديّ أي في صفوف مستقيمة أو على شكل نصف دائرة أو مجموعات. ويمكنه أيضًا تقسيمهم إلى مجموعات على أساس المستوى أو الجنس أو القبول المتبادل في بعض النّشاطات. وأيّا يكن شكل التّوزيع المعتمد من قبل المعلّم، يجب أن يخدم تسهيل المشاركة والتّواصل والاستقلاليّة في العمل، وأن يخدم توليد التّفاعل وخفض العدوانية وزيادة التعاون والإنتاجيّة في صفوف المتعلّمين.
لا يمكن، بالرّجوع إلى ما تقدّم، اعتماد شكل واحد من التنظيم يلبّي كلّ الحاجات. ولهذا كان تنظيم المقاعد في الصّف بأشكال متنوّعة، حسب النّشاطات، يسمح لكلّ متعلّم بأن يجد حاجته في الجلوس المريح الميسّر للتعلّم. إنّ من متطلّبات اعتماد التنّوع في أشكال توزيع المتعلّمين في الصّفّ سعة مساحته وتوفّر مقاعد إفراديّة للمتعلّمين تسمح بحريّة الحركة، على أن يكون الكرسيّ مستقلّاً ومريحًا وصحّيًّا لا يقوّس الظهر.
فكما أنّ المتعلّم يكتسب عادات وقيمًا في المدرسة فهو قد يرث تشوّهات جسديّة بسبب طريقة الجلوس في المدرسة، وبصريّة أحيانًا بسبب زاوية مكان وجوده بالنّسبة إلى اللّوح.
توجد قواعد صحيّة وتربويّة في اختيار تحهيزات الصّف، لا بدّ للمدرسة من مراعاتها حين شراء التّجهيزات المدرسيّة. إنّ عدم مراعاتها يمكن أن يشكّل سببًا غير مباشر على الإدارة الصفّيّة. فالمتعلّم غير المرتاح، على سبيل المثال في جلسته، لا يستطيع التركيز والمتابعة بشكل طبيعيّ مع المعلّم.

تنظيم موجودات الصّفّ

ونعني بذلك حسن توزيع واستثمار موجودات الصّف، ( الطّاولات، الكراسي، مكتب المعلّم، تعليقة الثياب، الأجهزة السّمعيّة والبصريّة، اللوحات، المجسّمات، المكتبة، الوسائل...) إذ يحتاج تنظيم محتويات الصّف إلى اتخاذ قرارات مناسبة أساسها خدمة الوظائف المعدّة لها وتوفير ظروف تعليم وتعلّم فعّالة ومريحة.
على المعلّم الاهتمام بترتيب الجدران واللّوحات والسّقوف وتزيينها من دون إفراط تجنّبًا لتشتيت انتباه المتعلّمين. والانتباه إلى نوعيّة اللّوح وسعته وحسن استثماره والمحافظة على نظافته، والاهتمام بالتهوئة والإنارة. كما ويمكنه، بمساعدة المتعلّمين، إضافة لمسات شخصيّة إلى موجودات الصّف: نباتات، حوض أسماك، أقفاص، طيور أو حيوانات أليفة (سلاحف، أرانب...) متحجّرات، ساعة حائط... من المفيد إذًا، إشراك المتعلّمين في تنظيم موجودات الصّف وإعادة توزيعها من وقت إلى آخر تجنّبًا للملل.
إنّ تنظيم موجودات الصّف، وقبل ذلك المواصفات المعتمدة في شرائها، تعكس فلسفة المدرسة والمعلّم التربويّة. يجب الالتفات إلى خمسة أسس للترتيب الجيّد لموجودات الصّف:
- ترتيب موجودات الصّف بشكل منسجم مع الأهداف والأنشطة التّعليميّة.
- جعل أماكن المرور والحركة الرئيسيّة خالية من الاكتظاظ.
- التّأكد من مشاهدة المعلّم لجميع المتعلّمين بسهولة.
- وضع الموادّ التّعليميّة ولوازم المتعلّمين أو الصّفّ، التي تُستخدم باستمرار، في أماكن يسهل الوصول إليها (زاوية المصادر والمراجع، سلّة المهملات، تعليقة الثياب، المغسلة...).
- التأكد من أن جميع المتعلّمين يتمكّنون من مشاهدة الوسائل واللوح واللوحات والعروض التّعليميّة.

القوانين والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة

يحدّد القانون المدرسيّ والصّفيّ توقّعات أو معايير عامّة للسّلوك المرغوب في المدرسة والصّفّ (اللطف مع الآخرين، احترام ملكيّة الغير، منع الركض في الممرّات الدّاخليّة وعلى الأدراج، حرمة كسر أغصان أشجار المدرسة، المحافظة على نظافة المدرسة، المحافظة على ممتلكات المدرسة...). بينما يمثّل الإجراء التوقّعات الخاصّة بالسّلوك مطبقة على نشاط محدّد (تقديم الفروض والواجبات، التّعامل مع التّأخير، مغادرة الصّف، إنهاء الحصّة، العناية بموجودات الصّفّ، طلب الإذن لاستعارة غرض من زميل...).
من الإجراءات ما هو خاصّ بالمدرسة، ومنها ما هو خاص بالمعلّم، ومنها ما هو خاصّ بالمتعلّمين. وهنا لا بدّ من المحافظة على التّوافق الدّاخلي والتّكامل بين القوانين المدرسيّة والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة، فالتكامل والاتساق في ما بينها يسهّل موضوع تطبيقها.
يخدم حسن تطبيق القوانين والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة فهم المتعلّمين للسّلوك المتوقّع منهم فيها، وتعريفها وتوضيحها وتقديم أمثلة عنها وخاصّة في الصّفوف الدنيا (التزام الدّور، عدم المقاطعة في الكلام، تجنّب الشّجار، طلب الإذن عند استعارة غرض ما من الزّميل وشكره عند ردّه...).
ومن المفيد أيضًا مشاركة المتعلّمين في وضع هذه القوانين والإجراءات إذا أمكن ذلك، أو نقاش أسبابها وفوائدها من أجل تحمّل المسؤوليّة وتعزيز الالتزام بها، ومن ثَمَّ التّدرب عليها والتّأكد من فهمها وتشجيع المتعلّمين والثناء عليهم ومكافأتهم عند احترامها، والتذكير بها عند عدم الالتزام بها.
يُنصح المعلّم بأخذ الوقت في بداية العام الدّراسيّ من أجل تقديم وصف محدّد وملموس لتوقّعات السّلوك ومتطلّبات المادّة ومعايير العمل. والالتفات إلى تقديم القوانين والإجراءات بنبرة إيجابيّة، كأن يقول للمتعلّم: "يمكنك الكلام بعد أخذ الإذن"، عوض القول: "ممنوع عليك الكلام". كما وعلى المعلّم أن يكون حازمًا ومنصفًا في تطبيق القوانين والإجراءات، وأن يبرهن عن اتساق في التّعامل معها، بمعنى الاحتفاظ بنفس التّوقعات للسّلوك المقبول وغير المقبول في نشاطات معيّنة، ممّا يعني تطبيق التّوقعات على الجميع بدون تمييز في جميع الظّروف ومن قبل جميع المتعلّمين. من مسبّبات عدم الاتساق:
- كون القوانين أو الإجراءات غير معقولة .
- إخفاق المعلّم في التّأكد من التزام المتعلّمين بالقوانين والإجراءات.
- الشّعور بعدم الحاجة لتطبيق القانون أو الإجراء.
يُطلب من المعلّم عندما يستنتج عدم الاتساق:
- إعادة تعليم الإجراء وتوضيحه والتّأكيد على الالتزام به.
- تعديل الإجراء ثمّ إعادة تقديمه.
- ترك الإجراء أو عواقبه أو استبداله بآخر.
يزيد من فرص الالتزام بالقوانين والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة الإعلان عنها خطّيًّا من خلال كتابة المناسب منها على لوحة في الصّف وفي الممرّات والملاعب وفي مفكرة المتعلّم والحصول على نوع من الالتزام الخطّيّ بها من قبل المتعلّم والأهل، واللجوء إليها في كلّ مرّة لا يلتزم بها أو التّذكير بها.
إنّ التّوقيع عليها بعد نقاشها وأخذ العلم بها على مفكّرة المتعلّم أو عند التّسجيل في بداية العام الدراسي يشكّل نوعًا من العقد بين المتعلّم وأهله من جهة، والمعلّم والمدرسة من جهة أخرى. وقد يكون من المناسب والمفيد الذهاب أبعد من ذلك في العقد، حين ترد فيه حقوق المتعلّم وليس فقط واجباته!
نشير أخيرًا، إلى أهميّة الاتّساق في فهم القوانين والإجراءات وتطبيقها بين المعلّمين أيضًا، من أجل زيادة فرص الالتزام بها من قبل المتعلّمين.

الكلام والحركات والنّظرات

يُطلب من المعلّم التّكلّم بوضوح وببطء نسبيّ، وعدم الإكثار من الكلام، فالسّكوت أحيانًا يكون مفيدًا، وخاصّة من أجل حثّ المتعلّمين على التّعبير وإبداء الرأي والعمل والاكتشاف.
يساعد عدم الإكثار من الكلام، المعلّم، في المحافظة على الاستمرار فيه لمدّة أطول، والالتزام بقواعد التّخاطب والتّواصل الأساسيّة: عدم مقاطعة المتعلّمين، الإصغاء إليهم. ومن المناسب أيضًا، لجوء المعلّم إلى اعتماد حركات مصاحبة للكلام، ولكن بدون إفراط.
أما حركة المعلّم في الصّفّ، فيجب أن لا يقف أمامها أيّ رادع. يختار المعلّم مكانه في الصّف بالرّجوع إلى معيار غير واضح، ويشغل المتعلّمون مساحة الصّف تقليديًّا حسب تسلسل معيّن: مكتب المعلّم، الأقوياء في الصّفوف الأولى والضّعاف في الصّفوف الأخيرة، والمشاغبون في زوايا الصّف.
وهناك حواجز غير مرئيّة تقسّم المتعلّمين حسب الدّور والمكانة، فإذا كان من الصّعب على المعلّم إجبار المتعلّمين، خاصّة في الصّفوف العليا، على الجلوس في أماكن يختارها هو، لهذا عليه تيسير تنقّله في الصّف والتّوقّف في أيّ مكان من أجل إثبات عدم وجود خصوصيّة لأي مكان يجلس فيه المتعلّم، وعدم عزله عن التّواصل مع المعلّم.
أمّا نظرات المعلّم فيجب أن يكون هدفها إشعار المتعلّمين بالاهتمام بهم والتّواصل معهم واستقبالهم بالابتسامة وعدم مراقبتهم باستمرار وتجنّب النّظر الدّائم إلى متعلّم معيّن أو مجموعة متعلّمين وإنّما توزيع النّظرات على الجميع.

إدارة الأعمال الرّوتينيّة

يوجد في بداية ونهاية كلّ نشاط تعليميّ وتعلّمي أعمالٌ وإجراءات روتينيّة تشكّل حلقة وصل بين التّخطيط والتّنفيذ.
تصنّف هذه الأعمال إلى ثلاثة أنواع:
أ- روتين اجتماعيّ: ويمتاز بكونه يؤمّن بُنية تحتيّة تحدّد عمل المعلّم مع المتعلّمين: طريقة تنظيم المحفظة المدرسيّة، العناية بغرفة الصّف، وقف الثرثرة والهمسات... يدلّ النقص فيها على إحساس بالفوضى وعدم التقيّد بالنّظام.
ب- روتين دعم وإسناد تعليميّ ومادّيّ: ينظّم هذا الرّوتين الجوانب المادّيّة في العمليّة التعليميّة والتعلّميّة: توزيع الفروض المصحّحة، استعمال الأدوات (الكتب، المعاجم...)، اللوح، القدوم إلى مكتب المعلّم... يدلّ حصول مشكلة في هذا الجانب على غياب المعلّم عن مسرح العمل.
ج- روتين تواصل: وينظّم التّفاعلات والسّلوك اللفظيّ وغير اللفظيّ بين المعلّم والمتعلّمين: رفع الأيدي للكلام، الإصغاء، الإجابة... ويوحي النّقص في هذا المجال بأنّ المعلّم يحكي وحده أو أنّ المتعلّمين لا يتابعونه.
إنّ الصّف مكان غير مستقرّ وغير متحكّم به بالكامل، والتّمكّن من الأعمال الرّوتينيّة يحرّر المعلّم ويمكّنه من الانطلاق لإيجاد حلول للمشاكل غير المتوقّعة، ويساعده على تطوير مستوى الترابط في عمله، ويضمن له مستوى أعلى من الاستقرار في العلاقات مع المتعلّمين، والحصول على إدارة صفّ فعّالة وعلى تعليم نوعيّ لا إضاعة للوقت فيه.
يهمّنا التّأكيد على أهميّة وضرورة تطبيق هذه القواعد السّلوكيّة الطّقسيّة، من أجل الحصول على النّظام والانضباط، وتنميّة مشاركة المتعلّمين، ورفع مستوى التبادلات بين المعلّم والمتعلّمين، وبالتّالي تحسين فعاليّة العمليّة التّعليمية والتعلّميّة.
ولهذا كان من الضّروريّ توضيح هذه الأعمال الرّوتينيّة للمتعلّمين والاتفاق بشأنها معهم، وليس فقط قولها لهم، وإنّما تبيان فوائدها، من أجل الحصول على ثقافة متّفق عليها في النّظام الصّفّيّ. وكذلك الأمر، توحيد ما أمكن منها، بين المعلّمين تيسيرًا للحصول على تعليم انسيابيّ وتعلّم نوعيّ ونظام نسبيّ، وتجنّب كلّ استطراد أو انحراف أو مقاطعة.

إدارة سلوك المتعلّمين

نقصد بسلوك المتعلّمين، هنا، تعاون هؤلاء مع القوانين والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة ومدى تجاوبهم مع متطلّبات الأنشطة التّعليميّة والتعلّميّة. نميّز في هذا بين السّلوك الإيجابيّ المتوافق مع التّوقعات، والسّلوك السلبيّ المعرقل لعمليّة التّعليم والتعلّم على مستوى المتعلّم وأكثر منه على مستوى مجموع الصّفّ.
1- المحافظة على السّلوك الإيجابيّ
تعكس المحافظة على السّلوك الإيجابيّ، لدى المتعلّمين، انخراطهم في الأنشطة التّعليميّة والتعلّميّة، واحترامهم للقوانين والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة.
من المفيد للمعلّم السّعي لبناء جوّ إيجابيّ بينه وبين المتعلّمين، وتجنّب الإفراط في التّركيز على السلبيّات، واللجوء إلى الثناء الخاصّ، من خلال تدوين مديح على مفكّرة المتعلّم أو مسابقته، أو عبر حديث خاصّ، أو خلال اجتماع مع الأهل، أو توجيه رسالة إليهم. أمّا الثناء العام فيلجأ إليه المعلّم أحيانًا، من خلال التّركيز على إنجازات المتعلّم، والتنويه الشّفهي وتبنّي مقولته وذكره كمثال...
على المعلّم عدم الإيحاء أو القول للمتعلّمين بأنّهم لا يملكون قدرات ولا ينفعون بشيء، بل يُطلب منه دائمًا إعطاؤهم الأمل والتشجيع، والإصغاء إليهم والحوار معهم والسّعي للحصول على إطاعتهم للقوانين وليس له بالرّجوع إلى سلطته، مع شرح فوائد القوانين في حمايتهم من الانحرافات وحفظ حقوقهم.
يساهم في بناء السّلوك الإيجابيّ في الصّف والمحافظة عليه تشكيل مجموعة صفّ وليس جمعًا من المتعلّمين. ويُنصح للوصول إليه: استقبال المتعلّمين وتنظيم العمل منذ اللقاء الأوّل، وتنظيم العلاقات في الصّفّ، وإدماج القادة المؤثّرين من المتعلّمين في العمل، والسّماح بالنّجاح والعمل له والتّشجيع عليه، وشخصنة العلاقات مع المتعلّمين والتقرّب منهم بدون إفراط، وتنميّة الاستقلاليّة وضمان التّوافق في المداخلات، وتقوية الرّبط بين أفراد فريق الصّفّ.
الأصل إذًا في سلوك المتعلّمين أن يكون إيجابيًّا، من خلال احترام المعلّم لشخصيّاتهم، وتشجيع جهودهم، وعدم الاستهزاء بقدراتهم، والعمل على تجنيدهم في المشروع التعلّمي كفريق، وليس كجمع من المتعلّمين.
2- التّعامل مع السّلوك المشكل
فالمعلّم يواجه، خلال عمله في الصّفّ، مشاكل انضباطيّة، ونزاعات مع المتعلّمين، وبين بعضهم البعض، وعدم التزام بالقوانين والإجراءات المدرسيّة والصفّيّة بشكل خاصّ، ولا نعني هنا حالات التّأخر في التّحصيل الدّراسيّ. كيف يتعامل المعلّم معها؟ ما هو شكل التّعامل المرغوب وما هي حدوده؟ إنّ طريقة تعامل المعلّم مع السّلوك المشكل محكوم بالقوانين التربويّة والمدرسيّة، وهو يشكّل بالنّسبة إلى المتعلّم جزءًا من تعلّم العيش في المجتمع، والتّربية على المواطنيّة والعلاقة بالقانون.
يملك المعلّم في الصّفّ، إضافة إلى سلطته الإداريّة والمعرفيّة، سلطة معنويّة يستعملها في التّعامل مع السّلوك المشكل بالتّدرّج الزّمني وبالمستوى. فعندما يشهد المعلّم سلوكًا مشكلّاً يقدّر بأنّه يستحقّ إتخاذ موقف منه يلجأ إلى:
عدم التّدخّل: وخاصّة في بداية حصول هذا السّلوك، أو لإتاحة الفرصة أمام صاحبه لوقفه أو لتقدير المعلّم أنّه غير مناسب الرّد عليه، أي إن المعلّم يتّخذ موقف الانتظار والملاحظة.
التّدخل من دون إزعاج النّشاط الصّفّيّ: وهنا يعتمد المعلّم عدّة استراتيجيّات تبدأ بتحديق
النّظر من غير تهديد ولكن بجدّيّة مع وقف الكلام، إلى صاحب أو أصحاب السّلوك غير المنضبط، يليها الاقتراب الجسديّ واللّمس الخفيف إذا رأى ذلك مناسبًا، وأخيرًا سؤال المتعلّم شخصيًّا عن دوافع سلوكه... يُمكن المعلّم التّعبير للمتعلّم عن الانزعاج من السّلوك مع تبيان أثره والشّعور تجاهه.
التّدخل أمام الصّف: وخاصّة عندما يكون السلوك مزعجًا بدرجة أعلى، وعندما يدوم بعد اللجوء إلى المراحل السابقة. يطلب المعلّم، بنبرة مختلفة، من المتعلّم وقف السّلوك المزعج أمام كلّ الصّفّ (كأن يقول للمتعلم: عندما تتابع الحديث بدون إذن فإنّ ذلك يعطّل الدرس ويجعلني أشعر بالانزعاج، ولهذا أطلب منك التوقّف). يعزل المتعلّم في الصّف مع وعده بالرّجوع إلى مكانه حالما يتوقّف عن السلوك السلبيّ. يأخذ مفكّرته.
- التّدخل بعد الصّف: يستبقي المعلّم المتعلّم بعد الحصّة لنقاش الموضوع معه وحده ومحاولة فهم الأسباب لأهميّة هذا الجانب في علاج المشكل. وإذا لم يكف لقاء واحد، متابعة النّقاش في لقاءات أخرى دوريّة للعلاج. إنّ المعلّم خصم وحكم في الوقت نفسه ولهذا من المفيد في بعض الحالات اللّجوء إلى وسيط (النّاظر، الإرشاد التربويّ، الأهل، معلّم الصّف...).
- العقاب الفوريّ: بعد تكرار السّلوك السلبيّ وإصرار المتعلّم عليه، يلجأ المعلّم إلى العقاب الذي يجب أن يكون طابعه تربويًّا. فالعقاب الجسدي ممنوع بالمطلق لعدم فائدته ولأنّه، حسب ابن سينا، يعلّم الولد النّفاق. يجب أن لا يكون العقاب جماعيًّا، خاصّة عندما لا يستطيع المعلّم حصر المتعلّم صاحب السّلوك السلبيّ لأنّه يطال بهذه الطّريقة أبرياء. وأن لا يكون تحت تأثير الغضب والانتقام. وهنا يستحسن بُعد المعلّم الجسدي عن المتعلّم المخطئ. على المعلّم أيضًا توضيح سبب العقاب وتحميل المتعلّم المسؤوليّة. تلجأ بعض المدارس إلى عقاب المتعلّم بحرمانه من المشاركة في نشاط تعليمي في مادّة أو نشاط يحبّه (الرّياضة أو الرّسم أو الرحلة التربويّة). إنّنا نرى في اعتماد هكذا عقاب خطأ تربويًّا فادحًا. كما وأنّ بعض المعلّمين يلغون، للمتعلّم غير المنضبط، بعض علامات المادّة، وفي هكذا تصرّف خطأ آخر. يمكن للمدرسة اعتماد نظام خاصّ بعلامات السلوك يسمح للمعلّم بإنقاص علامات
من تلك المخصّصة للسّلوك المشكل وبالرّجوع إلى النّظام المعلن والموضّح للمتعلّم، مع توثيق الحالة والإجراء المتّخذ. يأخذ العقاب هنا، بعد تحديد وظيفته وإطاره، شكل نسخ قاعدة للحفظ عدداً غير مبالغ فيه من المرّات، فالمهمّ هنا، هو عنوان الإجراء وليس كمّه حتّى لا يؤثّر تنفيذه في أداء المتعلّم لواجباته المدرسيّة، فنغرقه بدل إعطائه الفرصة للتّغيير. كما ويمكن أن يُطلب منه نسخ جملة تبدأ بضمير المتكلّم (ذكر المشكلة)، ثمّ إضافة وذلك (وصف الأثر السلبيّ) يجعلني (ذكر الشّعور والسّعي لعدم العودة إلى السّلوك). أو أن يُحجز على الفرصة ولكن مع مراقبته. وإذا وجد المعلّم مناسباً إبلاغ الأهل خطّيًّا عبر مفكرة المتعلّم أو عبر رسالة خطّيّة أو شفهيّة خاصّة بسلوك ولدهم، مع اعتماد آليّة للتّأكّد من وصولها، يمكنه ذلك، لخير المتعلّم وعمليّة التّعليم والتعلّم. كما ويمكنه استدعاء الأهل لنقاش الأمر معهم بحضور المتعلّم.
- الفصل من الصّف: ويكون هذا الإجراء آخر الدّواء. لهذا يجب أن يكون استثنائيًّا وبعد استنفاد السّبل الأخرى في تقويم سلوك المتعلّم. لا يُسمح للمعلّم إخراج المتعلّم من الصّفّ عند أدنى سلوك مُشكل. إنّنا نرى عدم جواز إرسال المتعلّم خلال الحصّة لجلب الطّبشور أو أي وسيلة معينة أخرى للمعلّم؛ لأنّ في ذلك تعدِّيًا على حقّه بحضور كامل الحصّة. وإذا رأى المعلّم أخيراً، الحلّ في إرسال المتعلّم إلى النّاظر، فمن المستحسن أن يكون ذلك بعد انتهاء الحصّة إلاّ إذا كان الموضوع مُلحًّا ولا يتحمّل التأجيل. أمّا الفصل من الحصّة للوقوف أمام باب الصّف فإجراء غير مستحسن؛ لأنّ المتعلّم المعاقب لا يخضع للرّقابة وقد يكون ذلك مطلبه!
أخيراً، وإذا كان السّلوك المشكل يستحقّ الفصل ليوم أو أكثر من المدرسة، فهذا الإجراء هو من صلاحيّات المجلس التّأديبيّ في المدرسة الذي يجتمع ويستمع إلى الحالة ويحقّق مع المتعلّم ويوثّق الحالة ويعلم الأهل خطّيًّا بالعقاب المتّخذ.
وهنا لا بدّ أيضًا من إيجاد قانون خاصّ بالحالات والعقوبات للرجوع إليه. إنّ وجود هكذا قانون يُرجع العقاب إلى الأفعال وليس إلى الأشخاص، مع أنّه لا وجود لقانون جامع شامل لكلّ الحالات. من هنا ضرورة وجود مجلس يناقش الحالات ويتّخذ القرارات.
المصدر:
راسخون 2018
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.