![عبد الرحمن بن أمّ الحكم عبد الرحمن بن أمّ الحكم](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86%20%D8%A8%D9%86%20%D8%A3%D9%85%D9%91%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85.jpg)
هو عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة ، وقيل : هو عبد الرحمن ابن عبد الله بن أبي عقيل الثقفيّ ، وأمّه (أم الحكم) أخت معاوية بن أبي سفيان. (1) ولد بالطائف.
ولّاه (خاله) معاوية بن أبي سفيان إمارة الكوفة سنة 57 ثمّ عزله سنة 58 للهجرة ، وعيّن مكانه النعمان بن بشير الأنصاريّ (2).
وكان جدّه عثمان بن عبده ، يحمل لواء المشركين في معركة (حنين) قتله الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
وعبد الرحمن بن أمّ الحكم ، هو الّذي قتل عمرو بن الحمق في الجزيرة ، وقيل إنّ أوّل رأس حمل في الإسلام ، كان رأس عمرو بن الحمق. (٣)
وحينما وصل عبد الرحمن إلى الكوفة ، أخذ يعامل أهلها ، معاملة سيئة ، فغضب عليه أهل الكوفة ، وطردوه ، وقالوا له : (إلحقّ بخالك) (٤).
وعند ما رجع عبد الرحمن إلى الشام ، قال له خاله معاوية : سأوليك خيرا منها ، فولّاه إمارة مصر ، وعند ما وصل إلى مصر ، لقيه معاوية بن خديج (٥) فقال له : (ارجع إلى خالك ، فو الله لا تسير فينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة). فرجع عبد الرحمن إلى خاله أيضا ، (فحنّ قلب خاله إليه) فولّاه الجزيرة ، وبقي عليها إلى أن مات معاوية. (٦)
وذهب معاوية بن خديج إلى الشام ، فدخل على معاوية بن أبي سفيان ، وكانت عنده أخته (أم الحكم) ، فقالت : من هذا يا أمير المؤمنين؟
قال معاوية : هذا معاوية بن خديج.
فقالت أم الحكم : لا مرحبا به ، (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه). (٧)
فرد عليها معاوية بن خديج : (على مهلك يا أم الحكم ، أما والله لقد تزوجت فما أكرمت ، وولدت فما أنجبت ، أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا ، فيسير كما سار في إخواننا من أهل الكوفة ، ما كان الله ليريه ذلك ، ولو فعل ذلك لضربناه ، ضربا يطأطأ منه ، وإن كره ذلك الجالس). فالتفت معاوية إلى أخته ، وقال لها : كفى ، (اسكتي).
وطلبت (أم الحكم) من أخيها معاوية أن يزوج ابنها عبد الرحمن من إحدى بناته فقال لها معاوية : (إنه ليس لهن بكفؤ). فقالت له أخته : لقد زوجني أبو سفيان من أبي عبد الرحمن ، وأبو سفيان خير منك ، وأنا خير من بناتك. فقال لها معاوية : (يا أخية ، إنّما فعل ذلك أبو سفيان ، لأنّه كان آنذاك يشتهي الزبيب، وقد كثر عندنا الآن الزبيب ، فلن نزوج إلا كفؤنا) (كفئنا).
ومدح عبد الله بن الزبير عبد الرحمن بن أمّ الحكم (أمير الكوفة) فلم يعطه شيئا ، عندها هجاه ابن الزبير وقال :
تبقّلت لمّا أن أتيت بلادكم / وفي مصرنا أنت الهمام القلمس
ألست ببغل أمّه عربية / أبوك حمار أدبر الظهر ينخس
وكان بنو أميّة إذا شاهدوا عبد الرحمن يلقبونه ب (البغل) حتّى غلب / عليه هذا اللقب ، وأخذ عبد الرحمن يشتم كلّ من ذكر (بغلا) ظنا أنهم يقصدونه. (8)
وقتل رجل من بني الأشيم من جماعة عبد الله بن الزبير ، قتله جماعة من علقمة بن قيس الأعشى ، فتوسط عبد الرحمن بن أمّ الحكم لحلّ النزاع بينهما ، وكان يميل إلى أهل القاتل ، فقال لعبد الله بن الزبير : (خذ من بني عمّك ديتين لقتيلك).
فرفض ابن الزبير ، فغضب عليه عبد الرحمن ، وذهب إلى الشام ، وذهب عبد الله بن الزبير هو الآخر إلى الشام ، ولكن على طريق غير الطريق الّذي سلكه ابن أمّ الحكم.
ولمّا وصل عبد الله إلى دمشق استجار بيزيد بن معاوية ، فطلب يزيد من عبد الله أن يهجو عبد الرحمن ، فقال عبد الله قصيدة طويلة نقتطف منها : (9)
أبى اللّيل بالمران (10) أن ينصرما / كأنّي أسوم العين نوما محرّما
إلى الله أشكو لا إلى الناس إنّني / أقصى بنات الدر (11) ثديا مصرما
وسوق نساء يسلبون ثيابها / يهادونها همدان رقا وخشعما (12)
على أي شيء يالؤي (13) بن غالب / تجيبون من أجرى عليّ وألجما
وهاتوا فقصوا آية تقرأونها / أحلّت بلادي أن تباح وتظلما
وإلّا فأقصى (14) الله بيني وبينكم / وولّيّ كثير اللؤم من كان ألأما
وقد شهدتنا من ثقيف رضاعة / وغيّب عنها الحوم قوام (15) زمزما
ومنها :
وأنتم بني حام بن نوح أرى لكم /شفاها كأذناب المشاجر (16) ورّما
فإن قلت خالي من قريش فلم أجد / من الناس شرا من أبيك (17) وألأما
وكنتم سقيطا (18) في ثقيف ، مكانكم / بني العبد ، لا توفي دماؤكموا دما
ولمّا سمع عبد الرحمن بهذه الأبيات غضب على ابن الزبير فهدم داره ، فعوضه معاوية وأعطاه ألف درهم.
مات عبد الرحمن بن أمّ الحكم في خلافة عبد الملك بن مروان. (19)
المصادر :
1- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٥ / ٥١٩. والزركلي ـ الأعلام. ج ٣ / ٣١٢.
2- تاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٣٦.
3- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٦ / ٢٥.
4- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٤ / ٢٢٢.
5- معاوية بن خديج : شهد فتح مصر والإسكندرية وولي الإمارة على غزو المغرب عدّة مرات.
6- ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات. ص ٢٩٨.
7- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٤ / ٢٢٢.
8- ابو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني ج ١٤ / ٢٤٩.
9- المصدر السابق. ج ١٤ / ٢١٨.
10- المران : أسم مكان على بعد ليلتين من مكّة على طريق البصرة.
11- الدّر : اللبن (الحليب).
12- همدان وخشعم : قبيلتان عربيتان من أهل اليمن.
13- لؤي بن غالب : يعني معاوية وعشيرته.
14- أقصى : أبعد.
15- قوّام : أي القائمون على زمزم ، المتولون سقاية الحاج منها.
16- المشاجر : وهي أعواد الهودج.
17- أبوه : هو عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحرث الثقفيّ.
18- السقيط : الأحمق الناقص العقل.
19- ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات. ص ٢٩٨. والزركلي ـ الأعلام. ج ٣ / ٣١٢.