علم الأديان

في زمن تعدّدت فيه الملل والأديان وتنوّعت مشاربها. وفي لحظة حسّاسة وربما مصيرية بعد عقود من الحروب والصراعات المريرة والقتل الذي لم يعرف الحدود بين أبناء الجلدة الواحدة، وبعد تجربة الحروب الكونية
Wednesday, April 25, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
علم الأديان
 علم الأديان


في زمن تعدّدت فيه الملل والأديان وتنوّعت مشاربها. وفي لحظة حسّاسة وربما مصيرية بعد عقود من الحروب والصراعات المريرة والقتل الذي لم يعرف الحدود بين أبناء الجلدة الواحدة، وبعد تجربة الحروب الكونية والعالمية المدمّرة وغطرسة الأهواء الاستعمارية الفتاكة. وفي عصر أصبح العالم برمّته أشبه بقرية كونية تتلاقى فيه الشعوب بيسر وسهولة ودون عناء ومشقة رغم اختلافها وتباينها الشديد فيما بينها على مستوى التشريع والفكر والمعتقد.
وفي زمن لم يعد فيه حدود للعلم وتلاشت الحواجز أمام المعرفة، بتنا نحن البشر أحوج ما نكون فيه إلى معرفة الآخر وفهمه كما هو، هذا الآخر الذي هو شريكنا في الإنسانية من دون أحكام مسبقة وتحليلات عشوائية مغلّفة بإطار الجهل والعصبية، لما لهذا الفهم الصحيح والمعرفة الواقعية من آثار طيبة في تلاقي العقول والنفوس وما يمكن أن ينتج عن هذا التلاقي من فوائد جمة وآثار طيبة.
فنحن أبناء آدم لدينا الكثير من القواسم المشتركة فيما بيننا على مستوى الفكر والمعتقد، كما نتشارك في الإنسانية والعبودية لإله واحد وإن اختلفت طرق ومشارب هذه العبودية، إلا أنها في نهاية المطاف جميعها تهدف إلى تحقيق أمر واحد وهو السعادة والراحة للنوع الإنساني.
من هنا برزت الحاجة الماسة لعلم الأديان لما لهذا العلم من مدخل مهم للمعرفة بالآخر وفهم أبعاد شخصيته العقائدية والفكرية، التي قد يختلف فيها مع غيره بأمور كثيرة ولكن لو دقّقنا النظر وتفحّصنا الواقع جيداً لوجدنا أنه يشترك معه في أمور أكثر...
وهذا الكتاب "دروس في الأديان" بمضمونه الجديد وإسلوبه الذي تميّز بلغته العلمية السهلة, التي تعتمد على المصادر الرئيسة عند الأديان بالغالب، هو محاولة في هذا الطريق، لكي لا يكون الدين عائقاً أمام رقي الشعوب وتلاقيها فيما بينها من أجل بناء حياة إنسانية أفضل، حياة ملؤها السلام والمودة التي دعا إليها الإسلام بشدة. ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ . على أمل أن يكون نقطة مضيئة في درب التلاقي والمعرفة الصحيحة بعضنا بالبعض من أجل مستقبل إنساني أرقى وأفضل.
بالرجوع إلى المعاجم اللغوية كالقاموس المحيط، ولسان العرب أو غيرهما قد لا يستطيع الباحث أن يرسو على برٍّ حول معنى كلمة الدين، وقد يخيل إليك أن هذه الكلمة الواحدة يصح أن تستعمل فيما شئت من المعاني المتباعدة، وحتى المتناقضة "فالدين هو الملك، وهو الخدمة، هو العزَّ، وهو الذّل، هو الإكراه، وهو الإحسان. هو العادة وهو العبادة. هو القهر والسلطان وهو التذلل والخضوع. هو الطاعة، وهو المعصية. هو الإسلام والتوحيد، وهو اسم لكل ما يعتقد أو لكل ما يتعبد الله بــه...." .
والواقع أننا إذا نظرنا في اشتقاق هذه الكلمة ووجوه تصريفها نرى من وراء هذا الاختلاف الظاهر تقارباً شديداً، بل صلة تامة في جوهر المعنى، إذ نجد أنّ هذه المعاني الكثيرة تعود في نهاية الأمر إلى ثلاثة معان تكاد تكون متلازمة، بل نجد أن التفاوت اليسير بين هذه المعاني الثلاثة مردّه في الحقيقة إلى أن الكلمة التي يراد شرحها ليست كلمة واحدة، بل ثلاث كلمات، أو بعبارة أدق أنها تتضمّن ثلاثة أفعال بالتناوب. وبيان ذلك:
الصيغ المتعدّدة للدين
إنّ كلمة "الدين" قد تؤخذ بعدة صيغ:
1- تارةً من فعل متعدٍّ بنفسه: دانه، يدينه.
2- وتارةً أخرى من فعل متعدٍّ باللام: دان له.
3- وثالثة من فعل متعدٍّ بالباء: دان به.
وباختلاف الاشتقاق تختلف الصورة المعنوية التي تعطيها الصيغة .
الصيغة الأولى: وهي "دانه ديناً", تعني ملكه وحكمه، وساسه، وقهره، ودبّره، وقضى في شأنه، وجازاه، وكافأه. فالدين في هذا الاستعمال يدور على معنى الملك والتصرّف بما هو من شأن الملوك من السياسة والتدبير، والحكم والقهر، والمحاسبة والمجازاة ومن ذلك "ملك يوم الدين" أي يوم المحاسبة والجزاء، ومنه قول العرب: الله الديّان: أي الحاكم القاضي... ومنه أنّ عليّاً ديّان هذه الأمة: أي حاكمها ومنه أيضاً: الكيّس من دان نفسه: أي من حاسبها.
وجاء في الموسوعة الفلسفية العربية في مادة "دين" لفظة "دين" العربية تضم معانيَ مختلفة، ولكنها وثيقة الارتباط فيما بينها، فاللفظة مشتقة من فعل "دان" وأصله "دين" ومعناه أذلّ، استعبد، وحاسب، وتدل هذه الأفعال الثلاثة على عمل تنشأ عنه علاقة بين طرفين يتفاوتان في المنزلة، يسمو أحدهما على الآخر في علاقة فعلية، حيث يملي الأعلى إرادته على الأدنى، ويحاسبه على أفعاله. فتنشأ عند من "أُذِلَّ" عاطفة "طاعة" للطرف السامي و"تعبّد" له، وسعي إلى خدمته مسلماً. ثم يتحول الموقف الخضوعي إلى "عادة" و"شأن" سواء في استلهام إرادة الأمر أم في إتمام ما يأمر به. وقد يرافق هذه "العادة" إما شعور "بالورع" تجاه "السلطان" وإما
شعور "بالقهر" مع ميل قوي إلى المعصية. ويرتبط هذان الموقفان المحتملان مع فكرة ملازمة غالباً "للمدين" عن يوم "الدين" وهو يوم "الجزاء" أو "المكافــأة" .
الصيغة الثانية: وهي "دان له", أي أطاعه، وخضع له. فالدين هنا الخضوع والطاعة، ومنه قولهم: "دنت لفلان أي أطعته".
الصيغة الثالثة: وهي "دان بالشيء", أي اتخذه ديناً ومذهباً بمعنى اعتقده أو اعتاده أو تخلّق به ومنه قولهم: "هذا ديني وديدني" أو هذا "ديني ودين آبائي" أي عادتي.

الدين يساوق الاعتقاد والخضوع

بالعودة إلى الصيغة الأولى والثانية لمعنى الدين من الواضح أن ما تفيده الصيغة الثانية من معنى الخضوع مساوق لما تفيده الصيغة الأولى "دانه فدان له" أي قهره على الطاعة فخضع وأطاع. إلا أن جهة الاختيار أبرز في الصيغة الثانية دون الأولى.
أما بالنسبة للصيغة الثالثة، فهي ظاهرة في أن الدين هو المذهب والطريقة التي يسير عليها نظرياً أو عملياً، فالمذهب العملي لكل امرؤ هو عادته وسيرته، والمذهب النظري عنده هو عقيدته ورأيه الذي يعتنقه.
ولا يخفى أن هذه الصيغة الاستعمالية لكلمة "دين" تابعة للسابقتين، لأن العادة أو العقيدة التي يدان بها، لها من السلطان على صاحبها ما يجعله ينقاد لها، ويلتزم اتّباعها. وزبدة الكلام أن هذه المعاني اللغوية لكلمة "الدين" في العربية تشير إلى علاقة بين طرفين يعظم أحدهما الآخر ويخضع له.
- فإذا وصف بها الطرف الأول كانت خضوعاً وانقياداً.
- وإذا وصف بها الطرف الثاني كانت أمراً وسلطاناً، وحكماً وإلزاماً.
- وإذا نظر بها إلى الرباط الجامع بين الطرفين كانت هي الدستور المنظم لتلك العلاقة أو المظهر الذي يعبر عنها.
بمعنى آخر يمكننا أن نقول إن المادة "دين" تدور كلها على معنى الانقياد والاعتقاد:
- ففي الاستعمال الأول: تستبطن كلمة "دين" معنى الإلزام والانقياد.
- وفي الاستعمال الثاني تستبطن كلمة "دين" معنى الالتزام والانقياد.
- وفي الاستعمال الثالث تستبطن كلمة "دين" معنى المبدأ الذي نلتزم الانقياد له.
وواضح أن معنى اللزوم يشكل قطب الرحى ومحورها في الدلالة اللغوية التي تدور عليها كلمة "دين" فإذا كانت بالفتح تضمّنت إلزاماً مالياً، وإذا كانت بالكسر اقتضت إلزاماً أدبياً .
وأما كلمة "دين" المستعملة في تاريخ الأديان فلها معنيان لا غير:
المعنى الأول: وهو تلك الحالة النفسية التي نطلق عليها اسم "التديّن".
المعنى الثاني: وهو تلك الحقيقة الخارجية التي تمثّل جملة المبادئ التي تدين بها أمة من الأمم اعتقاداً أو عملاً، وهذا المعنى أكثر وأغلب.

الدين عند علماء الاجتماع

تناول العديد من علماء الاجتماع مسألة الدين بالبحث. وقد زعم بعضهم أنّ الدين هو التطوّر الطبيعيّ للسحر وما صاحبه من طقوس، وزعموا أنّ الدين محاولة من الإنسان البدائيّ لتطويع الطبيعة وتسخيرها لخدمته، وتفسيرها تفسيراً وهميّاً. وكان الهدف الأوّل للإنسان هو إغراء الطبيعة بمساعدته في مشاكله التي يعجز عن مواجهتها. ويزعمون أنّ السحر بدأ مع الإنسان في العصور الحجريّة القديمة بشكل غير واع، ثمّ تطوّر إلى الشكل الواعي، على أساس خلق رموز ونماذج للطبيعة، بحيث تتحوّل الطقوس إلى أشياء تحدث في العالم الواقعيّ، وكانت أولى الخطوات نحو ظهور (الطوطم)، وهو الرمز الذي يمنح الإنسان القوّة، وتدريجيّاً صار لكلّ عشيرة أو قبيلة (طوطمها) الخاص، والذي تحوّل تدريجيّاً إلى إله تعبده هذه القبيلة أو العشيرة...، وأقيمت له الطقوس وقواعد العبادة التي هي في الحقيقة (بحسب زعمهم) صورة أخرى للسحر البدائيّ، ولم يعر أيّ أهميّة للجانب السماويّ، لا من خلال المعجزات ولا من خلال الحجج والبراهين... بل زعموا أنّ فكرة الإله وجدت في المجتمعات الأولى بشكل عقائد انبثقت إمّا من الأفراد أو الجماعة، وفي الحالتين يكون من جعل الإنسان.
ويرى بعض علماء الاجتماع أن الدين في مراحله الأولى يشبه السحر الابتدائي إلى حدّ كبير، لأن الساحر والمؤمن يسعيان بأساليبهما لتسخير الوجود، وتوفير الراحة والدعة. فالساحر والمؤمن يبغيان الاستجابة لما يمليه القلب وما يحقّق أمانيهما، فيرفعان أيديهما بالدعاء ويستمدّان العون من القوى المنشودة، مع فارق أنّ الأول يبحث عن القوة التي يستمدّ منها العون في الطبيعة، والثاني يؤمن أنّها في ما وراء الطبيعة.
ويتّفق علماء الاجتماع مع أتباع الديانات على أن الدين كسائر الظواهر الأخرى يتكامل، غير أن أصحاب الديانات يعتقدون أن مراحل الدين تتكامل كتكامل المراحل الدراسية، في حين يرى العلماء أن الدين بدأ من السحر وعبادة الطبيعة والشرك، وختم بالتوحيد، وقد لفتَ انتباههم إلى ذلك وجود أنواع من الأديان البدائية في نقاط بعيدة نائية من العالم.

فائدة علم الأديان

إنّ الدافع الأساسي وراء دراسة أيّ موضوع وتحليله هو الاستجابة لغريزة التحرّي والبحث عن الحقيقة، فأنت ترى العلماء يتعمّقون في دراسة الظواهر، دون أن يكون هدفهم جنْي الأرباح الاقتصادية أو المنافع المادية. نعم إن أسفرت عن نتائج مطلوبة، حينها تُستثمر منافعها الاقتصادية. وبهذا الدافع يُفسَّر تعاون الدول وتشجيعها لعلمائها الذين يخوضون غمار التحقيق باندفاع وشوق دون أن يعلموا إن كانت أبحاثهم ستثمر عن نتائج أم لا.
يمكن إبراز فوائد البحث في علم الأديان ضمن النقاط التالية:
أولًا: إنّ الباحث في تاريخ الأديان يستفيد من بحثه في سائر العلوم الانسانية، نظراً للصلات الوثيقة التي تربط بينها، وتتأكد هذه الصلة في العلوم المتشابهة. والدين كظاهرة عاشت مع الانسان منذ أن ظهر على وجه البسيطةـ وقد احتلّ أهمية خاصة عند أهل التحقيق بعد اتضاح تأثيره البالغ في حياة البشر، ودوره الهام والواضح في نموّ ونضوج العلم والفن.
ثانيًا: الفائدة الأخرى المترتبة على البحث في تاريخ الأديان، هي تعزيز العلاقات بين المجتمعات المختلفة. من هنا تعمد الدول الكبرى - كالولايات المتحدة في هذا العصر- بغية إحكام سيطرتها على الدول الصغيرة إلى الاتصال بالمتخصصين في شؤون تلك الدول، للاستفادة من خبرتهم بعقائد الشعوب ونظمهم الروحية.
ثالثًا: إنّ البحث في تاريخ الأديان يوفّر منفعة معنوية لأصحاب الديانات أنفسهم، ويضفي عمقاً لاعتقاداتهم الدينية، حيث يتيح لهم الفحص والتنقيب عن الثغرات والانحرافات التي تعتري الأديان الأخرى، بغية إثبات صحة ما اعتقدوه من دين.
رابعًا: إن الخوض في تاريخ الأديان يفسح المجال للوقوف على العقائد الدينية للشعوب، الأمر الذي يُيسّر سبل هدايتها إلى الصراط السويّ، وإطلاعها على ما يلمّ بعقائدها من نقائص.

التديّن في العصر الحاضر

كان يراود ثلة من المفكّرين منذ عقود قريبة حلم اضمحلال الأديان. ولكنّ هذا الحلم لم يتحقّق على أرض الواقع قط، بل على العكس فقد ظهر موج من الإقبال المتزايد للشعوب نحو المعنويات والتدين في العالم المعاصر، وقد تجلى هذا الموج في أنحاء مختلفة في شرق العالم وغربه، ففي الغرب ظهرت ميول نحو المعنويات بشكل بارز وملفت، وفي الشرق تبلورت اتجاهات نحو إحياء الأديان المحلية كما برزت بوادر التعصب الذي يلعب دوراً هاماً في الحفاظ على هوية الأديان والشعوب. من هنا نلمس درجات من التعدّدية الدينية في أنحاء العالم حيث تتنافس الأديان فيما بينها لإظهار دعمها للتعايش السلمي.
المفاهيم الرئيسة
- بالرجوع إلى المعاجم اللغوية قد يخيل أن كلمة الدين تستعمل في معانٍ متباعدة، وحتى متناقضة.
- في الواقع إننا إذا نظرنا في اشتقاق كلمة الدين ووجوه تصريفها نرى من وراء هذا الاختلاف الظاهر تقارباً شديداً، إذ نجد أن هذه المعاني الكثيرة تعود في نهاية الأمر إلى معان تكاد تكون متلازمة، وهي الانقياد والخضوع والاعتقاد.
- الدين عند علماء الاجتماع عبارة عن مرحلة متكاملة من السحر، التجأ إليه الانسان من أجل تأمين الحاجات المعيشية، لأن النظرة العلمية تتلخّص في أن كل ما ينزل من السماء يمكن تفسيره وتوضيحه.
- يعتقد أصحاب الديانات أن مراحل الدين تتكامل كتكامل المراحل الدراسية، في حين يرى الباحثون أن الدين بدأ من السحر، وختم بالتوحيد.
- للبحث في تاريخ الأديان فوائد جمّة، منها: الاستجابة لحبّ البحث عن الحقيقة، والانتفاع به في سائر العلوم، وتعزيز العلاقات بين المجتمعات، وإضفاء عمق للاعتقادات.
- يمكن تصنيف الأديان من زوايا مختلفة إلى أديان محلية وأخرى غير محلية.
- من الملاحظ والملفت جداً في هذا العصر الإقبال الزائد على الدين والمعنويات، حتى وصلت عند البعض إلى حد التعصّب.
الأرواحية
يرى الباحثون في العلوم الإنسانية، أنّ الدين ظهر منذ عصر مبكّر في النزوع إلى عبادة الطبيعة، وقد شوهدت اليوم نماذج من هذا النزوع عند جماعات بدائية تقطن في بقاع بعيدة ونائية من العالم، وتجلّى في تعظيم القوى الطبيعية واستمداد عطائها وإحسانها. وتؤدّي الجماعات البدائية في عصرنا الحاضر طقوساً دينية خاصة، يرتدون خلالها ملابس عجيبة وغريبة، ويضعون أقنعة على الوجوه، وينتظمون في رقصات معيّنة، ملتمسين في ذلك العون من القوى الطبيعية، فتراهم مثلاً يخاطبون السحابَ بإنزال المطر، والأنهارَ والجداول بإرواء الأراضي المجدبة بعيداً عن طغيان الفيضانات، والأرض بالخصوبة، والمزارعَ بالبركة في المحاصيل، وأمثال ذلك.
الأرواحية (Animism) دين قديم للعديد من الأقوام الغابرة، ومفاده أن لجميع مظاهر الطبيعة روحاً يجب عبادتها والسجود لها. وقد سادت بين الأقوام القديمة عبادة الأرض، والسماء والأجرام السماوية، والنار، والرعد، والبرق، والسحاب، والبحار، والأنهار، والعواصف، والغابات، والنباتات، والحيوانات لا سيما البقر، وثعبان الكوبرا، وكذلك عبادة طوطم القبيلة وأرواح الأجداد والسلف، والأرواح الخبيثة كالشيطان والجنّ. وقد ذمّ القرآن الكريم النزوع إلى عبادة الجنّ واللجوء إليه .
وتعتقد الأرواحية أن للطبيعة كما للإنسان شعوراً، وما الأصنام إلاّ رموز لقوى الطبيعة، فينبغي عبادتها وتقديم القرابين لها، اعتقاداً منها بأن الطبيعة سترضخ لها. وما زالت آثار هذا الدين لائحة في بعض الأديان الموجودة اليوم كالهندوسية.
المصادر :
راسخون 2018
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.