وهو : من بني يربوع من تميم ، ثائر من الشجعان ، كان أيّام إمارة الحجّاج يتولّى (المعونة) في الكوفة (1) ، ثار بالكوفة سنة (٨٢) للهجرة. (2)
ناجية : وبنو ناجية ينتسبون اليها وسميت ناجية لأنها سارت في طريق مقفر مع أبيها فعطشت في الطريق فقال لها أبوها الماء بين يديك (وهو يريها السراب موهما إياها بأنه ماء) حتّى وصلت إلى الماء فشربت منه فسميت (ناجية). واسمها الحقيقي (ليلى) بنت جرم بن ريان وهي زوجة سامة بن لؤي بن غالب ، وذهب سامة إلى البحرين على أثر نزاع حصل بينه وبين أخيه كعب وفي الطريق عضته أفعى وهو على بعيره فمات فرثاه أخوه كعب فقال :
عين جودي لسامة بن لؤي
علقت ساق سامة العلاقة
رب كأس هرقتها ابن لؤي
حذر الموت لم تكن مهراقة
وعند ما جاء الحجّاج بن يوسف الثقفيّ سنة (٧٧) للهجرة لمحاربة شبيب الخارجيّ ، كان مطر بن ناجية اليربوعي على ميمنة الجيش ، وكان خالد بن عتاب بن ورقاء على ميسرته ، ثمّ وبعد أن انهزم شبيب الخارجيّ تتبّع مطر بن ناجية وخالد بن عتاب فلول جيش شبيب المنهزم حتّى وصلوا إلى جسر المدائن. (3)
وبعد معركة (يوم الزاوية) الّتي انتصر فيها الحجّاج على ابن الأشعث وأخذ الحجّاج يطارد ويقتل كلّ من اشترك في تلك المعركة بما فيهم القراء والفقهاء وكبار السنّ ، وحينما سمع أهل الكوفة بذلك هجموا على قصر الإمارة وأعلنوا ثورتهم على بني أميّة فخلعوا عبد الملك بن مروان وطردوا (عبد الرحمن الخصرميّ) (خليفة الحجّاج على الكوفة) وكان يقود تلك الثورة (مطر بن ناجية اليربوعي) ومعه جماعة من بني تميم ، وكان ذلك في أوائل سنة (٨٢) للهجرة. (4)
وبعد أن دخل ابن ناجية قصر الإمارة واستولى على زمام الأمور في الكوفة خطب في الناس فسبّ عبد الملك بن مروان ولعن الحجّاج بن يوسف الثقفيّ ، وأثناء خطبته انكسر المنبر فسقط ابن ناجية على الأرض وكان ابن الأقيشر (5) واقفا أثناء ذلك فقال : (6)
خلعوا أمير المؤمنين وبايعوا
مطرا لعمرك بيعة لا تظهر
واستخلفوا مطرا فكان كقائل
بدل لعمرك من يزيد أعور
أبني تميم ما لمنبر ملككم
ما يستقر قراره يتمرمر
إنّ المنابر أنكرت أستاهكم
فادعوا خزيمة يستقر المنبر
وبعد الانتهاء من خطبته وزّع على الناس (٢٠٠) درهم لكل واحد ، وعند ما وصل عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث إلى الكوفة بعد هزيمته في معركة (يوم الزاوية) خرج أهل الكوفة يستقبلونه ثمّ ذهبوا به إلى قصر الإمارة فمنعهم مطر بن ناجية من الدخول إلى القصر وغلق الأبواب ، عندها أمر ابن الأشعث بالصعود إلى القصر بواسطة السلالم وصعدوا إلى القصر واستولوا عليه وجيء بمطر بن ناجية إلى أبن الأشعث فحبسه ثمّ أطلق سراحه بعد ذلك وأصبح مطر من جماعته. (7)
مات مطر بن ناجية سنة (٨٢) للهجرة. (8)
المصادر :
1- تاريخ ابن خياط. ج ١ / ٣٦٥. وابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٤٦٨.
2- نفس المصدر السابق.
3- تاريخ الطبري. ج ٦ / ٢٧٥.
4- ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٤٦٨.
5- ابن الأقيشر : واسمه المغيرة بن عبد الله بن معرض ، وقد غلب لقبه على أسمه.
6- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١١ / ٢٧١.
7- ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٤٦٨.
8- الزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج ١ / ١٥٧.