من أعظم الجوارح التي تفتح باب المعاصي لهذا الإنسان اللسان، وقد ربط الإسلام بين استقامة الإيمان عند الإنسان واستقامة سائر جوارحه باستقامة لسانه. وقد ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتّى يستقيمَ قَلْبُهُ، ولا يستقيمُ قلبُهُ حتّى يستقيمَ لسانُه"1.
وكذلك ورد عنه (صلى الله عليه واله وسلم):"إذا أصبحَ ابنُ آدمَ أصبحَتْ الأعضاءُ كلُّها تستكفي اللِّسانَ، أي تقولَ: اِتَّقِ الله فينا فإِنّكَ إِن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنا، وإِن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا"2.
إنّ الذنوب التي يقع فيها الإنسان بسبب لسانه كثيرة جداً، وقد يؤاخَذُ الإنسان على ذنبٍ ويظنُّ أنّه لم يرتكبه، ولكنّه يغفل عن أنّ كلمة خرجت منه أدتّ به إلى هذا الذنب، ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"يعذّبُ الله الّلسانَ بعذابٍ لا يعذّبُ بِهِ شيئاً من الجوارحِ، فيقولُ: أَيْ رَبِّ عذّبْتَني بعذابٍ لَمْ تُعَذِّبْ بِهِ شيئاً؟! فيُقَالُ لهُ: خَرَجَتْ مِنْكَ كَلِمَة فَبَلَغَتْ مَشارِقَ الأرضِ وَمَغارِبَها، فَسُفِك بها الدَّمُ الحرامُ، وانْتُهِبَ بِها المالُ الحرامَ، وانْتُهِكَ بِها الفَرْجُ الحَرامُ" 3.
اللسان هو من أعظم الجوارح التي تـُوقع الإنسان في المعاصي، ولذا يرتبط إيمان الإنسان باستقامة لسانه.
ونتعرّض في هذا الدرس، لبعض الذنوب التي قد يقع بها الإنسان بسبب لسانه
أولاً: الكذب
الكذب هو كلّ قول يخالف الواقع، ولا ينطبق عليه، يصدر من الإنسان وهو عالم بعدم صحّته، وهو من كبائر الذنوب، بل هو مصدر الشرور والآثام، وأكثرُ ما يقع الإنسان في الذنوب نتيجة الكذب.
وهو مفتاح باب جهنّم لهذا الإنسان، ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) ـ وقد سأله رجل عن عمل الجنّة؟:"الصّدق، إذا صدقَ العبدُ بَرَّ، وإذا بَرَّ آمنَ، وإذا آمنَ دخلَ الجنّةَ"، قال: يا رسولَ الله(صلى الله عليه واله وسلم) وما عملُ النّار؟ قال:"الكذب، إذا كذب العبدُ فجرَ، وإذا فجَر كفرَ، وإذا كفرَ يعني دخلَ النّار"4.
1-فقدان الثقة وسوء سمعة هذا الإنسان، فإنّ من يقع في الكذب لن يصدّقه الناس، ولن تَقْبَلَ له قولاً.
2-قد يرتكب بعض الذنوب لكي يستر ما وقع فيه من الكذب، وهكذا يجرّه الكذب إلى المعصية تلو الأخرى.
ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) ـ لما قال له رجل:"أَسْتَسِرُّ بِخلالِ أربعٍ: الزّنا، وشربُ الخمر، والسرقةُ، والكذبُ، فَأَيَّتهُنَّ شِئْتَ تَرَكْتُها لَكَ: دَع الْكَذِبَ. فَلَمّا وَلىَّ همّ بالزّنا، فقال: يَسْأَلُني، فَإِنْ جَحَدْتُ نَقَضْتُ ما جَعَلْتُ لَهُ، وإِنْ أَقْرَرْتُ حُدِدتُ، ثُمّ همَّ بالسّرقة، ثمّ بشرب الخمر، فَفَكّرَ في مثل ذلك، فرجع إليه فقال: قَدْ أَخذْتَ عليَّ السّبيلَ كُلَّهُ، فَقَدْ تَرَكْتُهُنّ أَجْمَع"5.
3-مهانة الآخر: ومن الآثار السلبية التي يؤدّي إليها الكذب حتّى لو كان عن مزاح، هو أن يُوجب مهانة إنسان آخر، فإنّ ذلك يُضيف إلى الكذب ذنباً عظيماً آخر عند الله، جاء في الرواية عن الإمام الصادق(عليه السلام):"مَنْ رَوَى عَلى مُؤْمِن رِوايةً، يريدُ بِه شَيْنَهُ [تعييره بعيب] وهَدْمَ مُرُوّّتِهِ، لِيَسْقُطَ مِنْ أَعْيُنِ النّاسِ، أَخْرَجَهُ الله تَعالى مِنْ وِلايتِهِ إلى وِلايةِ الشّيطانِ فَلا يَقْبَلُهُ الشّيْطانُ"6.
من أسباب وقوع الإنسان في الكذب
إنّ الانحراف الخـُلقيّ له أسبابه، ومن هذه الأسباب
1ـ العادة، إنّ الكذب يستتبع الكذب، حتّى يصبح عادة لدى الإنسان.
2ـ ضعف الشخصيـّة، فإنّ الإنسان إنّما يلجأ إلى الكذب نتيجة ضعف شخصيّته، ولو أنّه يمتلك القوّة والصلابة، لما أقدم على فعل الكذب، لأنّه لن يخشى من عاقبة الصدق، وقد ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"لا يَكْذِبُ الكاذبُ إلّا مِنْ مَهانَةِ نَفْسِهِ عليه"7.
3ـ العداوة والحسد: إنّ حسد الإنسان لغيره عندما يشاهد النعمة عليه، يوجب عداوة في نفسه له. وحيث يعجز عن سلب هذه النعمة عنه، فإنّه يلجأ إلى الكذب وسيلة، لكي يتوصّل من خلالها لسلبه النعمة، فيفتري عليه بما ليس فيه.
استنتاج
من أسباب الوقوع في الكذب، العادة، وضعف شخصيّة الإنسان، وعدم امتلاكه الجرأة على تحمّل المسؤوليّة، والعداوة والحسد.
احذر الكذب مازحاً
يستحلي الكثير من الناس المزاح، وعندما لا يجد طريقاً لذلك إلّا الكذب يلجأ إليه وسيلة لكي يُضحِك الناس من حوله، وهو لا يعلم أنّ ثمن هذا الضحك سوف يكون البعد عن الله، وفقدان الثقة لدى الناس، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال:"فلعنة الله على الكاذب وإن كان مازحاً"8.
ثانياً: التنابز بالألقاب
من الأمراض اللسانيّة التي يكثر في الناس الابتلاء بها، إطلاقهم ألقاباً قبيحة على بعضهم البعض، فلا يعرفون بعضهم إلّا من خلال تلك الألقاب، قال تعالى:﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾9.
وهذه الألقاب هي التي تتضمّن الذمّ والتحقير، وأمّا الألقاب التي تتضمّن الاحترام والتقدير فإنّه أمر حسن.
لا يرضى الله بإهانة المؤمن لأخيه المؤمن ولو بتلقيبه بألقاب سيـّئة.
وقال أحد الشعراء:
لا يكذب المرء إلّا من مهانته / أو عادة السوء أو من قلّة الأدبِ
لعضُّ جيفة كلبٍ خيرُ رائحةٍ / من كِذبةِ المرءِ في جَدٍّ وفي لعبِ
المصادر :
1- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 68، ص 287.
2- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج4، ص 2778.
3- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 115.
4- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج9، ص 89.
5- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج3، ص 2674.
6- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج12، ص 294.
7- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج69، ص 262.
8- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج11، ص 372.
9- الحجرات:11.
وكذلك ورد عنه (صلى الله عليه واله وسلم):"إذا أصبحَ ابنُ آدمَ أصبحَتْ الأعضاءُ كلُّها تستكفي اللِّسانَ، أي تقولَ: اِتَّقِ الله فينا فإِنّكَ إِن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنا، وإِن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا"2.
إنّ الذنوب التي يقع فيها الإنسان بسبب لسانه كثيرة جداً، وقد يؤاخَذُ الإنسان على ذنبٍ ويظنُّ أنّه لم يرتكبه، ولكنّه يغفل عن أنّ كلمة خرجت منه أدتّ به إلى هذا الذنب، ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"يعذّبُ الله الّلسانَ بعذابٍ لا يعذّبُ بِهِ شيئاً من الجوارحِ، فيقولُ: أَيْ رَبِّ عذّبْتَني بعذابٍ لَمْ تُعَذِّبْ بِهِ شيئاً؟! فيُقَالُ لهُ: خَرَجَتْ مِنْكَ كَلِمَة فَبَلَغَتْ مَشارِقَ الأرضِ وَمَغارِبَها، فَسُفِك بها الدَّمُ الحرامُ، وانْتُهِبَ بِها المالُ الحرامَ، وانْتُهِكَ بِها الفَرْجُ الحَرامُ" 3.
اللسان هو من أعظم الجوارح التي تـُوقع الإنسان في المعاصي، ولذا يرتبط إيمان الإنسان باستقامة لسانه.
ونتعرّض في هذا الدرس، لبعض الذنوب التي قد يقع بها الإنسان بسبب لسانه
أولاً: الكذب
الكذب هو كلّ قول يخالف الواقع، ولا ينطبق عليه، يصدر من الإنسان وهو عالم بعدم صحّته، وهو من كبائر الذنوب، بل هو مصدر الشرور والآثام، وأكثرُ ما يقع الإنسان في الذنوب نتيجة الكذب.
وهو مفتاح باب جهنّم لهذا الإنسان، ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) ـ وقد سأله رجل عن عمل الجنّة؟:"الصّدق، إذا صدقَ العبدُ بَرَّ، وإذا بَرَّ آمنَ، وإذا آمنَ دخلَ الجنّةَ"، قال: يا رسولَ الله(صلى الله عليه واله وسلم) وما عملُ النّار؟ قال:"الكذب، إذا كذب العبدُ فجرَ، وإذا فجَر كفرَ، وإذا كفرَ يعني دخلَ النّار"4.
آثار الكذب
مضافاً إلى العقاب الأخرويّ الذي توعّد الله عزّ وجلّ به الكّذب، فإنّ للكذب آثاراً دنيويّة، منها:1-فقدان الثقة وسوء سمعة هذا الإنسان، فإنّ من يقع في الكذب لن يصدّقه الناس، ولن تَقْبَلَ له قولاً.
2-قد يرتكب بعض الذنوب لكي يستر ما وقع فيه من الكذب، وهكذا يجرّه الكذب إلى المعصية تلو الأخرى.
ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) ـ لما قال له رجل:"أَسْتَسِرُّ بِخلالِ أربعٍ: الزّنا، وشربُ الخمر، والسرقةُ، والكذبُ، فَأَيَّتهُنَّ شِئْتَ تَرَكْتُها لَكَ: دَع الْكَذِبَ. فَلَمّا وَلىَّ همّ بالزّنا، فقال: يَسْأَلُني، فَإِنْ جَحَدْتُ نَقَضْتُ ما جَعَلْتُ لَهُ، وإِنْ أَقْرَرْتُ حُدِدتُ، ثُمّ همَّ بالسّرقة، ثمّ بشرب الخمر، فَفَكّرَ في مثل ذلك، فرجع إليه فقال: قَدْ أَخذْتَ عليَّ السّبيلَ كُلَّهُ، فَقَدْ تَرَكْتُهُنّ أَجْمَع"5.
3-مهانة الآخر: ومن الآثار السلبية التي يؤدّي إليها الكذب حتّى لو كان عن مزاح، هو أن يُوجب مهانة إنسان آخر، فإنّ ذلك يُضيف إلى الكذب ذنباً عظيماً آخر عند الله، جاء في الرواية عن الإمام الصادق(عليه السلام):"مَنْ رَوَى عَلى مُؤْمِن رِوايةً، يريدُ بِه شَيْنَهُ [تعييره بعيب] وهَدْمَ مُرُوّّتِهِ، لِيَسْقُطَ مِنْ أَعْيُنِ النّاسِ، أَخْرَجَهُ الله تَعالى مِنْ وِلايتِهِ إلى وِلايةِ الشّيطانِ فَلا يَقْبَلُهُ الشّيْطانُ"6.
من أسباب وقوع الإنسان في الكذب
إنّ الانحراف الخـُلقيّ له أسبابه، ومن هذه الأسباب
1ـ العادة، إنّ الكذب يستتبع الكذب، حتّى يصبح عادة لدى الإنسان.
2ـ ضعف الشخصيـّة، فإنّ الإنسان إنّما يلجأ إلى الكذب نتيجة ضعف شخصيّته، ولو أنّه يمتلك القوّة والصلابة، لما أقدم على فعل الكذب، لأنّه لن يخشى من عاقبة الصدق، وقد ورد في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"لا يَكْذِبُ الكاذبُ إلّا مِنْ مَهانَةِ نَفْسِهِ عليه"7.
3ـ العداوة والحسد: إنّ حسد الإنسان لغيره عندما يشاهد النعمة عليه، يوجب عداوة في نفسه له. وحيث يعجز عن سلب هذه النعمة عنه، فإنّه يلجأ إلى الكذب وسيلة، لكي يتوصّل من خلالها لسلبه النعمة، فيفتري عليه بما ليس فيه.
استنتاج
من أسباب الوقوع في الكذب، العادة، وضعف شخصيّة الإنسان، وعدم امتلاكه الجرأة على تحمّل المسؤوليّة، والعداوة والحسد.
احذر الكذب مازحاً
يستحلي الكثير من الناس المزاح، وعندما لا يجد طريقاً لذلك إلّا الكذب يلجأ إليه وسيلة لكي يُضحِك الناس من حوله، وهو لا يعلم أنّ ثمن هذا الضحك سوف يكون البعد عن الله، وفقدان الثقة لدى الناس، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال:"فلعنة الله على الكاذب وإن كان مازحاً"8.
ثانياً: التنابز بالألقاب
من الأمراض اللسانيّة التي يكثر في الناس الابتلاء بها، إطلاقهم ألقاباً قبيحة على بعضهم البعض، فلا يعرفون بعضهم إلّا من خلال تلك الألقاب، قال تعالى:﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾9.
وهذه الألقاب هي التي تتضمّن الذمّ والتحقير، وأمّا الألقاب التي تتضمّن الاحترام والتقدير فإنّه أمر حسن.
لا يرضى الله بإهانة المؤمن لأخيه المؤمن ولو بتلقيبه بألقاب سيـّئة.
التحريف
ينقل التاريخ أنّ معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم على أن يروى عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) أنّ هذه الآية نزلت في عليّ (عليه السلام):﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾وان قوله تعالى:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ الله وَالله رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ نزلت في ابن ملجم,فلم يقبل فزاده حتّى بلغ أربعمائة ألف فقبل! وباع آخرته بدنياه, فبئس ما سوّلت له نفسه.وقال أحد الشعراء:
لا يكذب المرء إلّا من مهانته / أو عادة السوء أو من قلّة الأدبِ
لعضُّ جيفة كلبٍ خيرُ رائحةٍ / من كِذبةِ المرءِ في جَدٍّ وفي لعبِ
المصادر :
1- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 68، ص 287.
2- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج4، ص 2778.
3- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 115.
4- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج9، ص 89.
5- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج3، ص 2674.
6- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج12، ص 294.
7- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج69، ص 262.
8- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج11، ص 372.
9- الحجرات:11.