مظهر المؤمن

إنّ الرسالة الإسلامية كما اهتمّت بالجانب الروحيّ والتكامليّ عند الإنسان كبناء الذات وتنمية الأخلاق والحثّ عليها، كذلك اهتمّت بحسن مظهره الخارجيّ وعلاقاته مع الآخرين، حيث حدّدت هذه العلاقة وجعلت لها قيوداً شرعيّة تنظّمها وفقاً لما فيه مصلحة الجميع.
ونطلّ فيما يلي على بعض الأمور المتعلّقة بالمظهر
النظافة
إنَّ لنظافة البدن موقعاً مهماً في حياة الإنسان المسلم، حيث اعتبرها الإسلام من الإيمان، روي عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"النّظافة من الإيمان" 1. وعنه(صلى الله عليه واله وسلم):"تنظّفُوا بكلِّ ما استطعْتُم، فإنَّ الله تعالى بنى الإسلامَ على النّظافةِ ولنْ يدخلَ الجنّةَ إِلّا كُلَّ نظيفٍ" 2، وذلك يوافق طبع الإنسان وفطرته، فالإنسان بطبعه ينفر من القذارة ويشمئّز منها. والإنسان القذر ليس له مكان وموقع بين الناس، بل الجميع ينفر منه. وعنه(صلى الله عليه واله وسلم):"إنَّ الله يُبْغِضُ الرَّجُلَ القاذورةَ، فقيلَ وما القاذورةُ يا رسولَ الله: قال: الذي يتوقَّفُ (يَتَأَنَّفُ) بِهِ جَليسُهُ"3.
"تنظّفوا بكل ما استطعتم، فإن الله تعالى بنى الإسلام على النـظافة ولن يدخل الجنـّة إلَّا كلُّ نظيف".
من مظاهر النــّظافة
1ـ تقليم الأظافر: عنه(صلى الله عليه واله وسلم):"تقلُيْم الأظافرِ يمنُع الداءَ الأعظمَ ويدرُّ الرّزَقْ"4.
2ـ البدن: عنه(صلى الله عليه واله وسلم):"إنَّ الله يُبْغِضُ مِنْ عبادِهِ القاذورةَ الذي يتأنّفُ بِهِ مَنْ جلسَ إليهِ"5.
3ـ الأسنان: عنه(صلى الله عليه واله وسلم):"السِّواكُ مطهِّرَةُ الفمِ ومرضاةٌ للرّبِّ"6.
4ـ نظافة البيوت: عنه(صلى الله عليه واله وسلم):"كنسُ البيوتِ ينفي الفقرَ"7.
وعنه(صلى الله عليه واله وسلم):"لا تُبَيِّتُوا القمامةَ في بيوتِكُمْ وَأَخْرِجوها نهاراً فَإنَّها مَقَعَدُ الشَّيْطانِ"8.
اللباس
ورد عن الإمام الرضا(عليه السلام): قال لأُبَي ما تقول في اللباس الحسن؟ فأجاب: بلغني أنَّ الحسن(عليه السلام) كان يلبس وإنَّ جعفر بن محمّد كان يأخذ الثوب الجديدَ، فيأمُر به فيغمسُ في الماء، فقال لي:"إِلْبِسْ وَتَجَمَّل... وتلا الآية:﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾9 10.
فالإسلام أحلّ للمسلم أن يلبس ما يشاء من اللباس الذي يكسبه جمالاً ومظهراً حسناً، ولكن حرّم عليه بعض اللّباس.
أحلّ الإسلام للمسلم أن يلبس ما يشاء من اللباس الذي يـُكْسِبـُه جمالاً ومظهراً حسناً، ولكن حرّم عليه بعض اللباس.
اللـباس المحرّم
1ـ لباس الشهرة: وهو اللباس الذي يجعل الإنسان في مقام الاستهزاء. ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"منْ لبِسَ لباسَ شُهرةٍ في الدّنيا ألبسَهُ الله ثيابَ الذُّلِّ يومَ القيامةِ"11.
2ـ لبس الرجل لباس المرأة وبالعكس: فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):"لَعَنَ الله... والمُتَشَبِّهينَ مِنَ الرّجالِ بالنساءِ والمتشبِّهات منَ النساءِ بالرّجالِ"12.
3ـ التشبـّه بالكافرين: بعض الشبّان والشابّات يقلّدون الكفّار والمطربين وغيرهم في لباسهم وحلاقة الشعر وتسريحه وغير ذلك، وهذا العمل يدخل الثقافة المعادية إلى بيوتنا حتّى نتخلّى شيئاً فشيئاً عن ثقافتنا وتقاليدنا، وهذا ما عبّر عنه الإمام القائد بالغزو الثقافيّ.
4ـ لبس الحرير للرجال: فقد ورد النّهي عنه من الشارع المقدّس، فهو محرّم لبسه، وإذا صلّى به الرّجل بطلت صلاته.
ويقول الإمام الخمينيّ قدس سره:"لا يجوزُ لِبْسُهُ للرِّجالِ في غيرِ الصّلاةِ أَيْضاً"13.
تقليد الكفّار يدخل الثقافة المعادية إلى بيوتنا ما يجعلنا نتخلّى شيئاً فشيئاً عن ثقافتنا وتقاليدنا.
ـ لا يجوز لبس الثياب التي تحمل شعاراتٍ ودعايات للخمر والمسكر14.
ـ لا يجوز لبس وشراء اللباس الذي فيه ترويج وتقليد للثقافة الغربيّة، من حيث الخياطة أو اللون أو غير ذلك، أو تقوية لاقتصادهم المعادي15.
ـ قصّ الشعر تشبّهاً بأعداء الإسلام وترويجاً لثقافتهم غير جائز16.
ـ لا يجوز للرجال لبس ما يختصّ بالنساء17.
ـ لبس الذهب أو تعليقه على الرقبة حرام على الرّجال مطلقاً18.
من آداب اللباس
عن الإمام الصادق (عليه السلام):"إِنَّ الله يُحِبُّ الجمالَ والتَّجَمُّلَ، ويَكْرَهُ البُؤْسَ والتَّباؤُسَ، فإنَ الله عَزَّ وجلَّ إذا أنعمَ على عبدٍ نعمةً أحبَّ أَنْ يَرى عَلَيْهِ أَثَرَها، قيل: وَكَيْفَ ذلِكَ؟ قال (عليه السلام): يُنَظِّفُ ثَوْبَهُ، وَيُطَيِّبُ ريحَهُ، وَيُحَسِّنُ دارَهُ، وَيَكْنِسُ أَفْنِيَتَهُ، حَتَّى أَنَّ السِّراجَ قَبْلَ مَغيبِ الشَّمْسِ يَنْفي الفَقْرَ، وَيزيدُ في الرِّزْقِ".
الدعاء
كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا لبس ثوباً يقول:"اللهمَّ اجعلْهُ ثوبَ يُمْنٍ وَبَرَكَةٍ، اللهمَّ ارْزُقْني فيهِ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبادَتِكَ وَالْعَمَلَ بِطَاعَتِكَ، الحمدُ للهِ الَّذي رَزَقَني ما أَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ في النَّاسِ".
لـِبس ثياب القطن
ففي الرواية أنّ لباسَ القطن هو لباسُ أهل البيت، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):"البِسُوا ثيابَ القُطْنِ فَإِنُه لباسُ رَسولِ الله (صلى الله عليه واله وسلم) وَهُوَ لِباسُنا".
لبس الثوب الأبيض
عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):"لَيْسَ مِنْ ثيابِكُمْ شَيْ‏ٌء أَحْسَنُ مِنَ البَياضِ فَالْبِسوهُ وَكَفِّنُوا فيهِ مَوْتاكُمْ".
طيّ الثياب
عن الإمام الباقر (عليه السلام):"طَيُّ الثيابِ راحَتُها وَهُوَ أَبْقى لَها".
غسل الثياب
إنّ الثوب النظيف يرفع من قدر الإنسان في عين الآخرين، فيحترمونه ويقدِّرون اهتمامه بالنظافة والترتيب. ففي الرواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال:"الثَّوْبُ النَّقيُّ يَكْبتُ العَدُوَّ".وفي رواية أخرى عن النبيِّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم):"مَنِ اتّخذَ ثَوْباً فَلْيُنَظِّفْهُ"19.
المصادر :
1-مستدرك سفينة البحار، ج‏10، ص‏93.
2- ميزان الحكمة، ج‏4، ص‏3303.
3-مستدرك الوسائل، ج‏3، ص‏236.
4-وسائل الشيعة، ج‏2، ص‏131.
5-وسائل الشيعة، ص‏134.
6-م.ن، ص‏7.
7-ميزان الحكمة، ج‏4، ص‏3302.
8-م.ن.
9-بحار الأنوار، ج67، ص298.
10- الأعراف: 32.
11- م.ن، ج‏67، ص‏316.
12-وسائل الشيعة، ج‏17، ص‏284.
13-تحرير الوسيلة، ج‏1، ص‏145، م‏15.
14- أجوبة الاستفتاءات، ج‏2، ص‏103، س‏294.
15- م.ن، س‏292.
16-أجوبة الإستفتاءات، ج‏2، ص‏101، س‏290.
17-م.ن، ص‏100، س‏287.
18-م.ن، ج‏1، ص‏325، س‏1086.
19- مظهر المؤمن، سلسلة الاجتماعيّات الاسلاميّة, جمعيّة المعارف ج، ص.