الشباب

يقول الإمام الخميني قدس سره: "أراكم تنشطون لأجل الإسلام بصدق وبسلامة روح، وتضعون أنفسكم في معرض الموت، أتباهى وأفتخر أن بين المسلمين هكذا شباب راشدين وملتزمين بهذه الجهة نحن لا ينبغي أن
Monday, June 18, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الشباب
الشباب


يقول الإمام الخميني قدس سره: "أراكم تنشطون لأجل الإسلام بصدق وبسلامة روح، وتضعون أنفسكم في معرض الموت، أتباهى وأفتخر أن بين المسلمين هكذا شباب راشدين وملتزمين بهذه الجهة نحن لا ينبغي أن نخاف من القوى التي ليس لديها توكل على الله وتتوكل على الرشاش"1.
إن جيل الشباب هو الجيل المعول عليه في بناء مستقبل الأمة، فهم الأمل الصاعد والحلم الواعد لأي مجتمع في طور النمو، أو يحمل همّ الإستمرار. ومن هذا المنطلق كان الإمام الخميني قدس سره، يولي مسألة الشباب الكثير من الاهتمام، ويندر أن نجد خطابا توجيهيا من الإمام للشعب لم يذكر فيه أهمية الشباب وضرورة استثمار الطاقات الشابة لما فيه خير الأمة وصلاحها.
وسنتعرض في هذا الدرس إلى نظرة الإمام الخميني قدس سره إلى هذا الجيل، والمسؤوليات التي تلقى على عاتقه تجاه أمته، وعلى مسؤولية الأمة في المقابل عن جيل شبابها.

مزايا الشباب

سنتحدث في ما يلي عن بعض المزايا التي تحدث عنها الإمام الخميني قدس سره والتي يتحلى بها الشباب ومن هذه المزايا:
1- الإيمان
إن تمسك الشباب بالقيم الدينية والمبادى الأخلاقية مسألة في غاية الأهمية لأن الشباب هم روح الأمة النابض وهم أمل البناء لمستقبلها كما وأنهم الوجه الذي نرى المجتمع من خلاله غالبا، ومن هنا كان الإمام الخميني يؤكد على أن إحدى وسائل العدو لإخضاع الأمة هي إبعاد الشباب المؤمن عن إيمانه وتدينه، يقول قدس سره:
"إن الشباب الملتزم في طول التاريخ وخصوصاً الجامعيين المسلمين في الجيل الحاضر وجيل المستقبل، هؤلاء هم الذين يستطيعون بإلتزامهم وسلاحهم واستقامتهم وصبرهم أن يكونوا سفينة نجاة الأمة الإسلامية وبلدانهم، وهؤلاء الأعزاء هم الذين يكون استقلال وحرية ورقي وتعالي الأمم مرهوناً بجهودهم. وهؤلاء هم الهدف الأساسي للاستعمار ومستثمري العالم. وكل قطبٍ يعمل بقصد صيدهم، وبصيدهم تجر الأمم والبلدان إلى الهلاك والاستضعاف".
وكان قدس سره يؤكد على الشباب أنفسهم لكي يحافظوا على تدينهم ويجاهدوا أنفسهم في هذه المرحلة العمرية المفصلية، والتي تكون فيها إرادة الإنسان وعزيمته في أفضل حالاتهما؛ يقول قدس سره:
"أنتم الشباب يجب أن تبدأوا من الآن بهذا الجهاد، لا تَدَعوا قوى الشباب تذهب من أيديكم، بقدر ما تذهب قوى الشباب من يد الإنسان تزداد جذور الأخلاق الفاسدة فيه، ويصير الجهاد أصعب.
أنتم الشباب المستعدون الآن للجهاد، في سبيل صناعة أنفسكم يجب البدء من هذه السنين بصنع أفرادٍ يخلصون بلداً. إذا صنعتم أنفسكم وزرعتم الفضائل الإنسانية في أنفسكم، في ذلك الوقت ستكونون منتصرين في جميع المراحل".
2- اندفاع الشباب وحبُّ الشهادة
يعتبر الاندفاع من صفات الشاب البارزة، ويتجلى جمال هذه الصفة عندما تتصل بالالتزام والتدين، فحينئذ تشكل صورة من أروع صور التفاني في خدمة الإسلام وهذا ما كان يؤكد عليه الإمام قدس سره:
"عندما أشاهد هؤلاء الشباب الأعزاء في عنفوان الشباب الذين يطلبون مني مع البكاء، أنا المقصّر، الدعاء لأجل الشهادة، أيأس من نفسي وأخجل منهم، وعندما أنظر إلى صور هؤلاء الشهداء أغبطهم على قيمهم الإنسانية ومقاماتهم الإلهية التي أنا بعيد عنها بمراحل، وعندما ألتقي بأمهات وآباء هؤلاء الشباب والفتية صانعي الشهداء أحس بالضعة. أبارك لمقام نبي الإسلام العظيم صلى الله عليه وآله وسلم وحضرة بقية اللَّه الأعظم روحي لمقدمه فداء والأمة والأتباع الملتزمين والمجاهدين، وأشكر اللَّه تعالى ولي النعمة وحافظ الأمة".
فمن أهم آثار الإندفاع الإيماني حب الشهادة وعشقها، وهذا ما كان يتأثر له الإمام قدس سره بشدة فكان كثيرا ما يحدث الناس عن الشباب الذين يأتونه في حالة من البكاء ويطلبون الدعاء منه ليوفقوا للشهادة في سبيل الله عز وجل على جبهة الحق ضد الباطل، يقول قدس سره:
"إن قدرة اللَّه تبارك وتعالى هي التي جعلت شبابنا عشاق شهادة، كي يأتوا إلى هنا وبينهم أشخاص يصرون أن ادعو لهم ليصيروا شهداء، وأنا أقول لهم انتصروا، إن شاء اللَّه يكون لكم ثواب الشهيد".
3- الثقافة
رصيد الأمم ثقافتها، ورصيد الشاب وقيمته تتكوّن من نوع ثقافته، فلو كانت ثقافة الشباب ثقافة إيمانية جهادية أصبح الشباب رصيداً لصون الأمة وحصناً منيعاً لها، وأما لو كانت ثقافة الشباب ثقافة فاسدة أو مستوردة فهذا يعني أن الأمة تسير بأقدامها نحو نهايتها القريبة. هذا باختصار ما كان يؤكد عليه الإمام الخميني قدس سره في الكثير من توجيهاته ومنها قوله:
"الثقافة مبدأ جميع سعادات وشقاوات الأمة، إذا صارت الثقافة غير صالحة فهؤلاء الشباب الذين يربّون تربية الثقافة غير الصالحة، هؤلاء سيوجدون الفساد. الثقافة الاستعمارية تعطي البلد شاباً استعمارياً، الثقافة التي توضع بتخطيط الآخرين إذا كانت الثقافة ثقافة صحيحة فإن شبابنا سيكونون أصحاء".

دور الشباب

1- اغتنام الشباب
من الأمور التي أولاها الإمام الخميني قدس سره أهمية بالغة مسألة اغتنام الشباب لفترة شبابهم في إصلاح النفس ومجاهدتها، وأن يحذر الشاب كل الحذر من الأحابيل التي ينصبها له إبليس وجنوده في هذه المرحلة، ومن أجمل ما أوصى به الإمام الخميني قدس سره في هذا المجال ما ورد في وصيته لابنه السيد أحمد قدس سره، حيث يقول له:
"وصية من أبٍ عجوز أهدر عمره ولم يتزوّد للحياة الأبدية ولم يخطُ خطوةً خالصةً لله المنان، ولم ينجُ من الأهواء النفسانية والوساوس الشيطانية، لكنه غير آيسٍ من فضل وكرم الكريم تعالى وهو يأمل بعطف وعفو الباري جلّ وعلا، ولا زاد له سوى هذا.. إلى إبنٍ يتمتّع بنعمة الشباب متاحة أمامه فرصة لتهذيب النفس وللقيام بخدمة خلق الله، والأمل أن يرضى عنه الله تعالى، كما رضي عنه أبوه"2.
ثم يقول له في قسم آخر من الوصية محذرا إياه من حيل الشيطان ومكائده: "يقول لكم (أي الشيطان): أنتم شبان، ووقت الشباب هذا هو وقت التمتع والحصول على اللذات، فاسعوا الآن بما يساهم في إشباع شهواتكم، ثم توبوا إن شاء الله في أواخر أعماركم، فإن باب رحمة الله مفتوحة والله أرحم الراحمين؛
2- وصية الإمام الخميني قدس سره لابنه السيد أحمد الخميني رحمه الله.
وكلما زادت ذنوبكم، فإن الندم والرغبة في الرجوع إلى الحق سيزداد، وسيكون التوجه إلى الله تعالى أكبر والاتصال به جلّ وعلا أشدّ، فما أكثر أولئك الذين تمتعوا في شبابهم، ثم أمضوا آخر أيامهم بالعبادة والذكر والدعاء وزيارة مراقد الأئمة عليهم السلام والتوسل بشفاعتهم، فرحلوا عن هذه الدنيا وهم سعداء!"3.
2- جهاد الشباب
"يا أعزائي الشباب الذين عين أملي متعلقة بكم، احملوا القرآن بيد وباليد الأخرى السلاح، ودافعوا عن كرامتكم وشرفكم حتى تسلبوا منهم قدرة التفكير في التآمر عليكم. رحماء مع أصدقائكم ولا تقصروا بإيثارهم بكل ما لديكم، كونوا واعين فعالم اليوم هو عالم المستضعفين، وآجلاً أو عاجلاً سيكون النصر لهم، وهم وارثو الأرض والحكام بأمر اللَّه". الجهاد في أيام الشباب نقطة مهمة من النقاط التي ترتبط بدور الشباب في بناء الأمة، ومن خلال الكلام الذي ذكرناه أعلاه، نعلم كم يولي الإمام أهمية لجهاد الشباب، وكم يضع من الآمال الكبرى عليهم، فهم كما يقول قدس سره:
"نحن لدينا أمل أن يكون شبابنا في هذه الأوقات كما كانوا منذ البداية، وأن يذهبوا إلى الحرب، لإيصال الإسلام إلى النصر، وإخراج الإسلام من شر القوى الكبرى الأجنبية والأفكار العوجاء الداخلية الموجودة في داخل البلدان الإسلامية".

مسؤولية الأمة تجاه شبابها

كما أن للشباب دورا في بناء الأمة، فإن في المقابل على الأمة مسؤولية كبرى في رعاية الشباب من الجهة الثقافية والدينية والحياتية، ولهذا كثيرا ما كان يوصي إمامنا الراحل قدس سره المسؤولين بالرعاية الدائمة للشباب، ويؤكد باستمرار على الاهتمام بشؤونهم وملاحظة همومهم، كما يؤكد على العلماء إيلاء الشباب هذه الأهمية الاستثنائية:
3- وصية الإمام الخميني قدس سره لابنه السيد أحمد الخميني رحمه الله.
"أوصي جميع علماء البلد، سواءً في القرية أو المدن أو في أي مكان هم، أن يرغّبوا هؤلاء الشبّان، وأن يذهبوا باتجاه هؤلاء الشبان، أن يتكلموا معهم، يلاطفوهم... هؤلاء الشباب الذين أنفقوا جميع قواهم لأجل خدمة هذا الإسلام وخدمة هذا البلد".
ومن يتأمل في خطاب الإمام قدس سره للشباب يشعر بمدى الحب الكبير الذي يحتلونه في قلبه الكبير، فمن خطاباته في حضور جمع منهم يقول:
"كذلك أنا أشكركم أنتم الشباب الأعزاء، فعلاقتي بكم كعلاقة الأب بولده، والأخ بالأخ، أشكركم لأنكم شرفتموني بزيارتكم كي أرى جمالكم عن قرب".

من وصية الإمام الخميني قدس سره لابنه السيد أحمد الخميني قدس سره: بنيّ:

أتحدث إليك الآن لأنك مازلت شابّاً، عليك أن تنتبه إلى أن التوبة أسهل على الشبان، كما أن اصلاح النفس وتربيتها يتم بسرعة أكبر لدى الشبان، في حين أن الأهواء النفسانية والسعي للجاه وحب المال والغرور أكثر وأشدّ بكثير لدى الشيوخ منه لدى الشبان. أرواح الشبان رقيقة شفافة سلسة القياد، وليس لدى الشبان من حب النفس وحب الدنيا بقدر ما لدى الشيوخ؛ فالشاب يستطيع بسهولة - نسبيّاً - أن يتخلص من شر النفس الأمارة بالسوء، ويتوجّه نحو المعنويات. وفي جلسات الوعظ والتربية الأخلاقية يتأثر الشبان بدرجة كبيرة لا تحصل لدى الشيوخ. فلينتبه الشبان، وليحذروا من الوقوع تحت تأثير الوساوس النفسانية والشيطانية، فالموت قريب من الشبان والشيوخ على حدّ سواء، وأيّ من الشبان يستطيع الاطمئنان إلى أنه سيبلغ مرحلة الشيخوخة؟! وأي إنسان مصون من حوادث الدهر؟! بل قد يكون الشبان أكثر تعرضاً لحوادث الدهر من غيرهم.
بنيّ:
لا تضيّع الفرصة من يديك، واسع لإصلاح نفسك في مرحلة الشباب. على الشيوخ أيضاً أن يعلموا أنهم ما داموا في هذا العالم، فإنهم يستطيعون جبران ما خسروا وما ضيّعوا، وان يكفّروا عن معاصيهم، فإن الأمر سيخرج من أيديهم بمجرد انتقالهم من هذا العالم، والتعويل على شفاعة أولياء اللهو، والتجرؤ في ارتكاب المعاصي من الخدع الشيطانية الكبرى. وتأمّل أنت، يا من تعوّل على شفاعتهم غافلاً عن الله ومتجرئاً على المعاصي، تأمّل في سيرتهم، وانظر في أنينهم وبكائهم ودعائهم وتحرّقهم وذوبانهم أمام الله، واعتبر من ذلك.
يروى أن الصادق عليه السلام جمع أهل بيته في أواخر عمره وقال لهم: "إنكم ستردون على الله بأعمالكم، فلا تظنوا أن قرابتكم لي ستنفعكم يوم القيامة". وان كان هناك احتمال بأن تنالهم الشفاعة لأن الارتباط المعنوي حاصل بينهم وبين الشافع لهم، فالرابطة الإلهية بينهم تجعلهم مؤهلين أكثر من غيرهم لنيل الشفاعة، وإن لم يحصل هذا الأمر لهم في هذا العالم، فلعله يحصل لهم بعد تنقيات وتزكيات وأنواع من العذاب البرزخي أو الجهنمي، حتى يصبحوا بعده لائقين للشفاعة، والله العالم بحدود ما سيصيبهم.
فضلاً عن هذا، فإن الآيات التي وردت في القرآن الكريم حول الشفاعة لا تبعث - بعد التأمل فيها - الاطمئنان في الإنسان، قال تعالى: "مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ". وقال: "وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى". وأمثال ذلك من الآيات التي تثبت موضوع الشفاعة، ولكنها في الوقت نفسه لا تبعث الاطمئنان لدى الإنسان ولا تسمح له بالاغترار بها؛ لأنها لم توضح من هم أولئك الذين ستكون الشفاعة من نصيبهم، أو ما هي شروطها، ومتى تكون شاملة لهم.
نحن نأمل الشفاعة، ولكن ينبغي أن يدفعنا هذا الأمل نحو طاعة الحق تعالى، لا نحو معصيته...
المصادر :
بحثاً عن الطريق في كلام الإمام، ج4، ص 16.
 


نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.