الاصول الفکریة للتکفیر

الغلو: هو الزیادة ومجاوزة الحد، وقد جاء النهی الصریح عن الغلو فی الدین فی الکتاب والسنة، قال الله عز وجل: (قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ لَا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ غَیْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا کَثِیرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِیلِ) (1)
Wednesday, April 24, 2013
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
الاصول الفکریة للتکفیر
 الاصول الفکریة للتکفیر

 

 الکاتب: نوری العلوی




 

الغلو: هو الزیادة ومجاوزة الحد، وقد جاء النهی الصریح عن الغلو فی الدین فی الکتاب والسنة، قال الله عز وجل: (قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ لَا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ غَیْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا کَثِیرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِیلِ) (1)
وعن ابن عباس رضی الله عنهما أن النبی صلى الله علیه وسلم قال: «إیاکم والغلو فی الدین؛ فإنما أهلک من کان قبلکم الغلو فی الدین» [رواه أحمد والنسائی وابن ماجه].
والتکفیر: هو الحکم بالکفر، والتکفیر حق لله تعالى ولرسوله وهو ثابت بالکتاب والسنة، قال الله عز وجل: (هُوَ الَّذِی خَلَقَکُمْ فَمِنکُمْ کَافِرٌ وَمِنکُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ) (2).
والکفر قد یکون أصلیاً ککفر الوثنیین وأهل الکتاب، وقد یکون طارئاً وهو الردة، وذلک أن المسلم قد یرتد کافراً بعد إسلامه، قال الله عز وجل: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ مَن یَرْتَدَّ مِنکُمْ عَن دِینِهِ فَسَوْفَ یَأْتِی اللّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ) (3)
والتکفیر نوعان:
تکفیر مطلق: وهو إطلاق الکفر على الأقوال والأفعال والاعتقادات المکفرة المخرجة من ملة الإسلام، فیقال: من قال کذا وکذا فقد کفر أو فهو کافر، کأن یقال: من سب الله عز وجل فقد کفر، ومن استعان بغیر الله فیما لا یقدر علیه إلا الله فهو کافر.
ویقال من فعل کذا وکذا فهو کافر، کأن یقال: من سجد للصنم فهو کافر، ومن ذبح لغیر الله فهو کافر.
والتفکیر المطلق کثیر فی کتاب الله عز وجل وفی سنة الرسول صلى الله علیه وسلم، فمن ذلک فی کتاب الله عز وجل قول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِیهَا هُدًى وَنُورٌ یَحْکُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ الَّذِینَ أَسْلَمُوا لِلَّذِینَ هَادُوا وَالرَّبَّانِیُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن کِتَابِ اللَّهِ وَکَانُوا عَلَیْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآیَاتِی ثَمَنًا قَلِیلًا وَمَن لَّمْ یَحْکُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِکَ هُمُ الْکَافِرُونَ ) (4).
وهذا النوع من التفکیر هو من رحمة الله عز وجل لأنه رادع للخلق عن الوقوع فی الکفر وسد مانع من الخروج عن الإسلام، ولذلک کان العلم به من العلم العام الذی ینبغی أن یشاع وأن یعرفه الخاصة والعامة والکبار والصغار فإن ذلک من النصح للخلق ومن حراسة الدین، وحفظ المسلمین من الوقوع فی أسباب الردة والعیاذ بالله.
ولم یفهم هذه الحقیقة کثیر من المثقفین الیوم، فألقوا باللائمة على العلماء الذین یطلقون، مثل تلک الإطلاقات بالتکفیر وتفریغ ضغائنهم علی من لایوافقهم الرای و یستخدمون آیات من القرآن الکریم ویحرفون معانیها بعد ما عقلوها لیضلوا المسلمین ویوقعوا الفتنة بینهم . فمن این جاء آل سعود بحکم تکفیر المسلم اذا لم یعترف بابن تیمیه هل ابن تیمیه هو الله (اسغفر الله)... الحقیقة هی ان العداوة لاهل البیت علیهم السلام متاصلة منذ یوم الغدیر ولحد الان فتشفوا بقتل آل الرسول وبداوا بالحسین علیه السلام واستمروا علی هذا المنهج الی یومنا هذا فیقتلون یومیا من اصحاب الحسین من یقع بایدیهم او امام اعینهم .
والنوع الثانی من نوعی التکفیر هو:
تکفیر المعین: وهو الحکم على شخص معین بأنه کافر خارج عن ملة الإسلام وهذا بشروطه من عدل الله عز وجل وإقامة شرعه، لذلک فإن هذا النوع من التکفیر إنما هو من اختصاص القضاة وکبار المفتین، وهو باب خطیر، فإن تکفیر المسلم إن لم یصح کفره هو وصف للإسلام بالکفر؛ لهذا قال النبی صلى الله علیه وسلم: «من قال لأخیه یا کافر فقد باء بها أحدهما».
وقبل ذلک قال عز وجل فی کتابه العزیز: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَیْکُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ کَثِیرَةٌ کَذَٰلِکَ کُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَیْکُمْ فَتَبَیَّنُوا إِنَّ اللَّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرًا) (5)
فالخطأ بتکفیر المسلم الذی لا یستحق التکفیر جریمة عظیمة وورطة کبیرة، بل الخطأ بترک تکفیر من حقه التکفیر أهون من الخطأ بتکفیر من لا یستحق التکفیر؛ ذلک أن ترک تکفیر المسلم هو بقاء على الأصل، فقد ثبت إسلامه بیقین، والیقین لا یزول بالشک.
فلو تمسک بالیقین الأول ولو بوجود ذرة شک لکانت حجة ظاهرة، ولم یزل العلماء یقولون: من ثبت إسلامه بیقین لا یزول عنه إلا بیقین مثله، وحسب الإنسان ذرات القلق والشک التی یوجدها اختلاف العلماء فی بعض المسائل، وحسبه اختلاف حکم المفتین والقضاة فکی إذا کان أئمة الشأن ومعظم علماء الأمة فی جهة عدم التکفیر.
وإنما ذکرت هذا لأن الغلاة فی التکفیر یقولون: لا یجوز ترک تکفیر المرتد کما لا یجوز تکفیر المسلم، وبینهما فرق ظاهر .
والغلو فی التکفیر یدخل على نوعی التکفیر:
فالغلو فی التکفیر المطلق یکون باعتقاد أن بعض الأقوال والأفعال من المکفرات المخرجة من الملة وهی لیست کذلک:
- فمن ذلک اعتقاد أن کل من حکم بغیر ما أنزل الله فهو کافر خارج عن ملة الإسلام.
- ومن ذلک اعتقاد أن من أطاع غیره فی الحکم بغیر ما أنزل فهو کافر ولو لم یکن متقداً ولا مستحلاً.
- ومن ذلک التکفیر بالاستحلال العملی لم یجاهر بالمعصیة.
- ومن ذلک القول بأن تنظیم المعصیة کفر مخرج من الملة.
- ومن ذلک القول بأن کل من أعان کفاراً على مسلم فقد کفر مطلقاً.
- ومن ذلک القول بأن الامتناع عن شریعة متواترة بمجرد ترک العمل کفر مخرج من الملة.
- ومن ذلک أن الوظیفة المفصلیة فی دولة کافر کفر مخرج من الملة.
وکل هذه الامور التی یتذرع بها الوهابیون والسلفیون لقتل المسلمین موجودة بلدانهم ویخضع لها ویطبقها فقهاؤهم قبل حکامهم ،
وغیر ذلک من الاعتقادات والتأصیلات الفاسدة، والذین أصلوا هذه الأصول هم فی الحقیقة مفتتحو باب التکفیر والتفجیر، ومفتتحو باب الفتنة التی تعصف بالأمة الیوم. ومن الواضح الجلی للعیان فانهم وکلاء الیهودیة والصهیونیه وذلک لاننا نری الیهود والصهاینة یعیشون بینهم بعز وامان ولهم معهم علاقات تجاریة ودبلوماسیة، وتلاحظ المکفرین یقطعون الاف الکیلومترات للبحث عن مسلم من اتباع اهل البیت علیهم السلام لیقتلونه.
وأما الغلو الذی یدخل فی تکفیر المعین فإنهم ینصبون أنفسهم قضاة على الناس، ویجعلون من طائفتهم جماعة المسلمین التی من حاربها فقد حارب الإسلام ومن کان معها فهو مع الإسلام، ثم یصدرون الأحکام ویهدرون الدماء ثم ینفذون أحکامهم على من قدروا علیه.
وهذا غایة فی الانحراف والفساد، فلو أن کل من عنت له نفسه أصدر أحکامه على الناس وقضى فیهم بما تملیه علیه آراؤه لما استقرت الحیاة لماج الناس ووقع الهرج واختلط الحابل بالنابل.
ثم إن قاعدة تکفیر المعین لابد فیها أولاً من ثبوت الحکم على المعین وثبوت صدور القول المکفر أو الفعل المکفر، وهذا لا یتأتى إلا بالقضاء. ولابد فی تکفیر المعین ثانیاً من وجود شروط التکفیر فی المعین انتفاء الموانع من الجهل والخطأ والتأویل ونحو ذلک، وکل ذلک لا یتأتى إلا بالقضاء الشرعی لإقامة الحجة، فإن الإسلام إنما جاء لهدایة البشر لا لإبادة البشر. باسلوب عرعور وبعرور توضع المتفجرات فی المساجد والحسینیات والمدارس ویقتل الشیوخ والاطفال والنساء عسی ان یکون بینهم کافر؟؟؟ و ینفذون عملیاتهم الرذیلة وقت الاذان اذ یقول المؤذن اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله ؟؟؟
لکن الشیطان أوحى إلى هؤلاء الغلاة بما یتجاوزون به ذلک کله، وبعدم استعمال قاعدة التکفیر من ثبوت الشروط وانتفاء الموانع،
والحقیقة أن هذه بدعة منکرة وسابقة خطیرة، فکلام الأئمة فی التفریق بین علیة المقدور علیه وغیر المقدور علیه إنما هو فی العقوبة والضمان لا فی إقامة الحجة، فإذا أقامت الحجة فرقوا بین المقدور علیه وغیر المقدور علیه، فالخوارج الذین خرجوا على علی بن أبی طالب علیه السلام لا شک أنهم طائفة ممتنعة، وإنما لم یکفروا لتأویلهم ومع ذلک فقد أقام علیهم الصحابة الحجة وأرسل إلیهم علی علیه السلام عنه ابن عباس رضی الله عنهما فناظرهم ورجع منهم من رجع ثم بعد ذلک قاتلهم الصحابة رضی الله عنهم، فلابد إذاً من إقامة الحجة على الطائفة الممتنعة؟
ثم إن الناس فی المجتمعات الإسلامیة الیوم لیسو بطائفة ممتنعة، حتى الجیوش وإن کانوا أصحاب منعة فلیسوا بطائفة ممتنعة بالمصطلح الفقهی.
فالامتناع لابد أن یکون عن شریعة من الشرائع مع وجود المنعة وعدم القدرة على الوصول إلى الأفراد، وأفراد الجیش والأمن الیوم یعیشون بین الناس، والوصول إلیهم سهل میسور، فهم متواجدون فی مجتمعات الناس وفی أسواقهم وفی مساجدهم، بل ولیس امتناع الحاکم عن تطبیق بعض الأحکام هو مقصود الفقهاء بالامتناع عن الشریعة، وإنما الامتناع برفض الإقرار ورفض القبول والالتزام بالواجب لا بمجرد ترک العمل والتطبیق، ثم هذه القوات والجنود لا یشعرون بامتناع عن شریعة وقتال دون ذلک الامتناع، فهم حین یدفعون عن الحاکم لا یدور بخلدهم امتناع عن شریعة ولا دفاع عن ممتنع عن شریعة کما هو حال مانعی الزکاة مثلاً، وإنما یدفعون عن الحاکم لأنه رأس الدولة والممثل الأول للنظام بصرف النظر عن مخالفات هذا الحاکم أو ذاک، فکیف یکون هؤلاء طائفة ممتنعة عن شریعة متواترة.
بل الحقیقة أن هؤلاء الغلاة أصّلوا لأنفسهم أصولاً جعلتهم یلتقون مع الخوارج شاءوا أم أبوا.
ولعل من أخطر الأصول الفکریة التی تَؤُز الغُلاة أزّاً إلى التکفیر ثم القتل والتفجیر هو زعمهم أن تکفیر المرتدین من الکفر بالطاغوت والبراءة من الکفر، وذلک من أرکان (لا إله إلا الله)، وهو ملة إبراهیم التی أمرنا باتباعها، وألف فی ذلک بعض منظریهم رسالة "ملة إبراهیم" والحقیقة أن التکفیر الذی هو من صمیم التوحید والبراءة التی هی ملة إبراهیم هی البراءة من الکفر من حیث هو کفر والتکفیر للکفار الأصلیین من الوثنیین، وأهل الکتاب ومن کفره معلوم من الدین بالضرورة، وأما المسلم الذی أصله الإسلام وقال أو فعل ما هو کفر فالحکم علیه مسألة فقهیة تختلف فیها أنظار القضاة والمفتین، فالحکم علیه بالردة من تنزیل الحکم الشرعی على الواقعة فقد یرى أحد المفتین أو القضاة صراحة ما قال أو فعل هذا المعین.
وقد یرى بعضهم أن لهذا القائل أو الفاعل تأویلاً أو عذراً یدفع عنه حکم والتکفیر.
إن قول العلماء: "ومن لم یکفر الکافر فهو کافر"، إنما یعنون به الکافر الأصلی (الذی یعبد الاوثان او لایعترف بوجود الله سبحانه وتعالی ، وهم کثیرون فی الجزیرة العربیة)، والکافر بالوصف وأما المرتد فمن لم یکفره له وجهة نظره وحسبه أنه متمسک بالأصل وهو الإسلام وهو الیقین محقق وحسبه أنه ولد من أبوین مسلمین فیقین إسلامه لیس فیه أدنى ذرة شک ولا ما هو دون ذلک.
ومن الأصول الفکریة للغلو فی التکفیر القول بأن مسائل الحاکمیة والموالاة لا عذر بالجهل فیها لأنها معلومة من الدین بالضرورة؟
کیف وقد خالف الغلاة فیها کبار أئمة السلفیة فی هذا الزمان وخلفهم ألوف من العلماء والدعاة وطلبة العلم.
آن الأوان أن یراجع هؤلاء أنفسهم وأن یراجعوا أصولهم، وأن یلتفت العلماء والدعاة والمصلحون لنقض فکرهم؛ فإن الفکر المنحرف هو الخطر الحقیقی على الأمة بما یجنیه من ویلات، ولکن الفکر المنحرف لیس فکر الغلاة وحدهم، بل فکر الجُفاة کذلک، فإن فکر الجفاة هو الذی ولد فکر الغلاة.
المصادر :
1- المائدة /77
2- التغابن:2
3- المائدة:54
4- المائدة:44
5- النساء:94



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.