من هم الشیعة

الشیعة الإمامیة ـ انطلاقاً من‌ الکتاب‌ والسنّة وتعالیم‌ وتوصیات‌ أئمة أهل‌ البیت‌ ( علیهم السلام ) ـ یکِنّون‌ کل‌ احترام‌ للمرأة ، ویقیمون‌ لها وزناً کبیراً ، ولهم‌ فی مجال‌ مکانة المرأة وشؤونها وحقوقها وبخاصة فی صعید التعامل‌ الأخلاقی‌ معها
Wednesday, May 15, 2013
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
من هم الشیعة
 من هم الشیعة

 





 

الشیعة الإمامیة ـ انطلاقاً من‌ الکتاب‌ والسنّة وتعالیم‌ وتوصیات‌ أئمة أهل‌ البیت‌ ( علیهم السلام ) ـ یکِنّون‌ کل‌ احترام‌ للمرأة ، ویقیمون‌ لها وزناً کبیراً ، ولهم‌ فی مجال‌ مکانة المرأة وشؤونها وحقوقها وبخاصة فی صعید التعامل‌ الأخلاقی‌ معها والمِلکیة والنکاح‌ والطلاق‌ والحضانة والرضاع‌ والعبادات‌ والمعاملات‌ أحکام‌ رائعة وجدیرة بالاهتمام‌ فی روایات‌ أئمتهم‌ وفقههم‌ .
ویحرّم‌ الشیعةُ الجعفریة : الزنا ، واللّواط‌ ، والرّبا ، وقتل‌َ النفس‌ المحترمة ، وشرب‌ الخمر ، والقمار ، والغدر ، والمکر ، والغِش‌ّ والخدیعة ، والإحتکار ، والتطفیف‌ ، والغصب‌ ، والسرقة ، والخیانة ، والغِل‌ّ ، والغِناء والرقص‌ ، والقذف‌ ، والتهمة ، والنمیمة والفساد ،
وإیذاء المؤمن‌ ، والغیبة ، والسب‌ّ والفحش‌ ، والکِذب‌ والبهتان‌ وغیر ذلک من‌ الکبائر والصغائر ، ویحاولون‌ ـ دائماً ـ الابتعاد عنها ، وتجنّبها ما أمکن‌ . ویسعون‌ جهدَهم‌ لمنعها فى‌ ، المجتمع‌ بالوسائل‌ المختلفة کتألیف‌ ونشر الکتب‌ والکراسات‌ الأخلاقیة والتربویة ، وإقامة المجالس‌ والمحاضرات‌ ، وخطب‌ الجمعة و . . . .
ویهتمّون‌ بفضائل‌ الأخلاق‌ ومکارمها ، ویعشقون‌ المواعظ‌ ، ویُبادرون‌ إلى استماعها ، ویعقِدون‌ لذلک المجالس‌َ والحلقات‌ فی البیوت‌ والمساجد والساحات‌ ، فی المواسم‌ والمناسبات‌ رَغبةً فی الاتّعاظ‌ ، ومن‌ هنا یهتمون‌ بأدعیة جلیلةِ الفائدة ، عظیمةِ المحتوى‌ ، وردت‌ عن‌ رسول‌ الله ( صلى الله علیه و آله ) والأئمة الطاهرین‌ من‌ أهل‌ بیته‌ مثل‌ : دعاء کُمَیْل‌ ، ودعاء أبی ‌حمزة ، ودعاء السمات‌ ، ودعاء الجوشن‌ الکبیر ، ودعاء مکارم‌ الأخلاق‌ ، ودعاء الافتتاح‌ ( الذی‌ یُقرأ فی شهر رمضان‌ ) وهم‌ یقرأون‌ هذه‌ الأدعیة والمناجیات‌ الرفیعة المضامین‌ فی خشوع‌ وروحانیة ، وفی حالة خاصة من‌ البکاء والضّراعة ، لأنها توجب‌ تهذیب‌ نفوسهم‌ ، وتقربهم‌ إلى الله ( وهذه‌ الأدعیة موجودة فی موسوعة تحت‌ عنوان‌ موسوعة الأدعیة الجامعة صدرت‌ مؤخراً ، کما هی‌ موجودة کذلک فی کتب‌ الأدعیة ، المتداولة بینهم‌ والمعروفة فی أوساطهم‌ ) .
وهُم‌ یَهتمون‌ بقبُور ومراقد النبی‌ّ ( صلى الله علیه و آله ) ، والأئمة من‌ أهل‌ بیته‌ المطهرین‌ وذریّته‌ الطیّبین‌ المدفونین‌ فی البقیع‌ ، بالمدینة المنورة حیث‌ مرقد الإمام‌ الحسن‌ المجتبى‌ ، والإمام‌ زین‌العابدین‌ ، والإمام‌ محمد الباقر ، والإمام‌ جعفر الصادق‌ .
و فی النّجف‌ الأشرف‌ حیث‌ مرقد الإمام‌ علی‌ّ ( علیه السَّلام ) .
وکربلاء حیث‌ مرقد الإمام‌ الحسین‌ بن‌ علی ( علیه السَّلام ) وإخوته‌ وأبنائه‌ وأبناء عمومته‌ ، وأصحابه‌ الذین‌ استشهدوا معه‌ یوم‌ عاشوراء .
وفی‌ سامراء حیث‌ مرقد الإمام‌ الهادی‌ والعسکری ( علیهما السلام ) .
وفی‌ الکاظمیة حیث‌ مرقد الإمامین‌ الجواد والکاظم‌ ( علیهما السلام ) ، وکل‌ ذلک بالعراق‌ .
وفی مدینة مشهد بإیران‌ حیث‌ مرقد الإمام‌ الرضا ( علیه السَّلام ) .
وفی‌ قم‌ ، وشیراز حیث‌ مراقد أبنائهم‌ وبناتهم‌ ، وفی‌ دمشق‌ حیث‌ مرقد بطلة کربلاء السیدة زینب‌ .
وفی‌ القاهرة حیث‌ مرقد السیدة نفیسة ( وهی‌ من‌ کرائم‌ أهل‌ البیت‌ ) .
وذلک احتراماً لرسول‌ِ الله ( صلى الله علیه و آله ) ، لأن‌ّ الرجل‌َ یُحفَظ‌ فی وُلده‌ ، وتکریم‌ ذریة الرّجُل‌ تکریم‌ له‌ ، ولأن‌ّ القران‌ الکریم‌ مدح‌ آل ‌عمران‌ ، وآل‌ یس‌ وآل‌ إبراهیم‌ وآل‌ یعقوب‌ وأشاد بهم‌ ، وکان‌ بعضهم‌ غیر أنبیاء ، وقال‌ : (ذُرِّیَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ) (1) .
و لأن‌ّ القرآن‌ لم‌ یعترض‌ْ على‌ مَن‌ قالوا : ( لَنَتّخِذَن‌ّ عَلَیْهِم‌ْمَسْجِداً )(2) أی‌ لَنبنِیَن‌ّ ونقیمَن‌ّ على‌ مراقد أصحاب‌ الکهف‌ مسجداً ، لِیُعْبَدَ الله إلى جانبهم‌ ، ولم‌ یصف‌ عملهم‌ بالشّرک ، لأن‌ّ المسلم‌ المؤمن‌َ یرکع‌ ویسجُد لله ویعبده‌ وحده‌ ، وإنما یأتی‌ بذلک إلى جانب‌ ضریح‌ هؤلاء الأولیاء المطهّرین‌ الطیبین‌ لتقدّس‌ المکان‌ بهم‌ ، کما حصلت‌ لمقام‌ إبراهیم‌ قداسة وکرامة فقال‌ الله تعالى‌ : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَیْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِیمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِیمَ وَإِسْمَاعِیلَ أَن طَهِّرَا بَیْتِیَ لِلطَّائِفِینَ وَالْعَاکِفِینَ وَالرُّکَّعِ السُّجُودِ) (3) .
فلیس‌َ من‌ صلّى‌ خلف‌ المقام‌ یکون‌ قد عَبَدَ المقام‌َ ، ولا من‌ تعبّد الله بالسعی‌ بین‌ الصفا والمروة یکون‌ قد عبد الجبلین‌ ، إنما اختار الله لعبادته‌ مکاناً مبارکاً مُقدّساً ینتسب‌ إلى الله نفسه‌ فی المآل‌ ، فان‌ّ للأیام‌ والأمکنة قداسة کیوم‌ عرفة ، وأرض‌ منى‌ ، وأرض‌ عرفات‌ ، وسبب‌ قداستها هو انتسابها إلى الله تعالى‌ .
ولهذا السّبَب‌ِ أیضاً ، یهتم‌ الشیعةُ الجعفریّةُ ـ کغیرهم‌ ، من‌ المسلِمین‌ الواعین‌ المدرِکین‌ لشأن‌ رسول‌ الله ( صلى الله علیه و آله ) وأهل‌ بیته‌ِ الطاهرین‌ ـ بزیارة مراقدِ أهل‌ البیت‌ ( علیهم السلام ) ، تکریماً لهم‌ ، ولأخذ العبرةِ منهم‌ وتجدیداً للعهد معهم‌ وتأکیداً للقیم‌ التی جاهدوا من‌ أجلها ، واستشهدوا للحفاظ‌ علیها ، لأن‌ّ الزوار لهذه‌ المراقد یذکرون‌ فی هذه‌ الزیارات‌ فضائل‌ أصحابها ، وجهادهم‌ وإقامتهم‌ للصلاة وایتأهم‌ للزکاة ، وما تحمّلوا فی طریق‌ ذلک من‌ الأذى‌ والعذاب‌ ، مضافاً إلى مشاطرة النبی‌ّ الکریم‌ ـ بهذا التعاطف‌ مع‌ ذریته‌ المظلومین‌ ـ حُزْنَه‌ُ ( صلى الله علیه و آله ) علیهم‌ .
ألیس‌ هو القائل‌ فی قضیة استشهاد حمزة : ( ولکن‌ّ حمزةَ لا بواکی‌ له‌ )( کما فی کتب‌ التاریخ‌ والسیرة ) ؟
وألیس‌ هو بکى‌ فی موت‌ إبراهیم‌ ولده‌ العزیز؟
وألیس‌ کان‌ یقصد البقیع‌َ لزیارة القبور؟
وألیس‌ هو القائل‌ : ( زوروا القبور فانها تذکّرُکُم‌ْ بالاخرة ) ؟
نعم‌ ، إن‌ّ زیارة قبور الأئمّة من‌ أهل‌ البیت‌ النبوی‌ّ وما یُذکَر فیها من‌ سیرتهم‌ ومواقفهم‌ الجهادیة تذکّر الأجیال‌َ اللاحقة بما قدّمه‌ أولئک العظماء فی سبیل‌ الإسلام‌ و المسلمین‌ من‌ تضحیات‌ جِسام‌ ، کما وتزرع‌ فیهم‌ روح‌َ الشّجاعة والبَسالة والإیثار ، والشهادة فی سبیل‌ الله .
انه‌ عَمَل‌ إنسانی‌ حضاری‌ عقلائی‌ّ ، فالأمم‌ تخلّد عظمائها ، ومؤسسی‌ حضاراتها ، وتحیی‌ مناسباتهم‌ بکل‌ّ شکل‌ ولون‌ ، لأن‌ّ ذلک یبعث‌ على‌ الافتخار والإعتزار بقیمهم‌ ، ویزید من‌ التفاف‌ الأمم‌ حولها وحول‌ قیمها .
وهذا هو نفس‌ ما أراده‌ القران‌ عندما أشاد فی آیاته‌ بمواقف‌ الأنبیاء والأولیاء والصالحین‌ وذکر قصصهم‌ .
والشیعة الجعفریّة یَستشفِعُون‌ برسول‌ الله ( صلى الله علیه و آله ) والأئمة من‌ أهل‌ بیته‌ المطهرین‌ ویتوسّلون‌ بهم‌ إلى الله تعالى‌ ، لمغفرة الذنوب‌ ، وقضاء الحوائج‌ ، وشفاء المرضى‌ ، لأن‌ّ القران‌ هو الذی‌ سَمَح‌ بذلک بل‌ دعى‌ إلیه‌ ، حیث‌ قال‌ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوکَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِیمًا ) (4) .
و قال‌ : { وَ لَسَوْف‌َ یُعْطِیَک رَبَک فَتَرْضى‌ } وهو مقام‌ الشفاعة .
 
فکیف‌ یُعقَل‌ أن‌ یُعطى‌َ الله لنبیّه‌ الکریم‌ مقام‌ الشفاعة للمذنبین‌ ، ویعطیه‌ مقام‌َ الوسیلة لذوی‌ الحاجات‌ ثم‌ یمنع‌ الناس‌َ ، من‌ طَلَب‌ الشفاعة منه‌ ، أو یحرم‌ النبی‌ّ من‌ الإستفادة‌ من‌ هذا المقام ‌؟!
ألیس‌ الله تعالى‌ حکى‌ عن‌ أولاد یعقوب‌ أنّهم‌ طلبُوا الشفاعة من‌ والدهم‌ وقالوا له‌ : ( یا أَبانَا اسْتَغْفِرْ
لَنا ذُنُوبَنا اِنّا کُنّاخاطِئِین‌َ ) فلم‌ یعترض‌ علیهم‌ ذلک النبی‌ُ الکریم‌ُ المعصوم‌ُ بل‌ قال‌ : ( سَوْف‌َ أَسْتَغْفِرُ لَکُم‌ْ ) ؟
و لا یمکن‌ لأحد أن‌ یدّعیأن‌ّ النبی‌ّ والأئمة صلوات‌ الله علیهم‌ أموات‌ ، فطلَب‌ُ الدعاء منهم‌ لا یفید ، وذلک لأن‌ّ الأنبیاء أحیاء وخاصّة رسول‌ الله ( صلى الله علیه و آله ) ، الذی‌ قال‌ عنه‌ سبحانه‌ : (وَکَذَٰلِکَ جَعَلْنَاکُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَکُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَیَکُونَ الرَّسُولُ عَلَیْکُمْ شَهِیدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی کُنتَ عَلَیْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن یَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَیْهِ وَإِن کَانَتْ لَکَبِیرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِینَ هَدَى اللَّهُ وَمَا کَانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمَانَکُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِیمٌ) (5) أی‌ شاهداً .
و قال‌ : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَى اللَّهُ عَمَلَکُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَیْبِ وَالشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُکُم بِمَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (6) .
و هذه‌ الآیة جاریة ومستمرة إلى یوم‌ القیامة جریان‌َ الشمس‌ والقمر ، واستمرار اللیل‌ والنهار .
و أیضاً لأن‌ّ النبی‌ والأئمة من‌ أهل‌ بیته‌ شهداء ،
والشهداء ، أحیاء ، کما قال‌ الله تعالى‌ أکثر من‌ مرة فی کتابه‌ العزیز .
والشیعة الجعفریّةُ یحتفلون‌ بموالید النبی‌ّ والأئمة من‌ أهل‌ بیته‌ صلوات‌ الله علیهم‌ أجمعین‌ ، ویقیمون‌ المآتم‌ فی وفیاتهم‌ ، ذاکِرین‌ فیها فضائلَهم‌ ومناقبَهم‌ ومواقِفَهم‌ الرشیدةَ ، التی وَرَدت‌ بالنَقل‌ الصّحیح‌ تبعاً للقران‌ الذی‌ ذکر مناقب‌ النبی‌ّ ( صلى الله علیه و آله ) وغیره‌ من‌ الرسل‌ ، وأشادَ بها ، ولَفَت‌َ الأنظارَ إلیها للاتّساء والاقتداء ، وللاعتبار والاهتداء .
نعم‌ ، یتجنّب‌ُ الشیعةُ الجعفریّةُ فی هذه‌ الاحتفالات‌ الأفعال‌َ المحرّمة ، کالاختلاط‌ المحرّم‌ بین‌ الرّجال‌ والنّساء وأکل‌ِ المحرّم‌ وشربه‌ ، والغُلوّ فی المدح‌ والثّناء ، وغیرها من‌ التصرّفات‌ التی تتنافى‌ وروح‌َ الشریعة الإسلامیة المقدّسة ، وتتجاوز حدودَها المسلَّمة ، أو لا تنطبق‌ علیها آیة أو روایة صحیحة ، أو قاعدة کلیّة مستنبطة من‌ الکتاب‌ والسنّة بالاستنباط‌ الصحیح‌ .
ویستفیدُ الشیعةُ الجعفریةُ من‌ کُتب‌ تَحتوى‌ على‌ أحادیث‌ِ الرّسول‌ الأکرم‌ و أهل‌ بیته‌ المطهّرین‌ صَلَوات‌ُ الله علیهم‌ ، أجمعین‌ مثل‌ : ( الکافی‌ ) لِثقة الاسلام‌ الکُلینی ، و « من‌ لا یَحْضُره‌ُ الفقیه‌ُ » للشیخ‌ الصّدوق‌ ، و « الإستبصار » و « التهذیب‌ِ » للشیخ‌ الطوسی‌ّ ، وهی‌ کُتب‌ قیّمة فی مجال‌ الحدیث‌ .
و هذه‌ الکتب‌ ، وان‌ احتوت‌ على‌ أحادیث‌ صحیحة إلاَّ أنّها ـ رغم‌ ذلک ـ لم‌ یُطلِق‌ علیها أصحابُها ومؤلّفِوُها ولا الشیعة الجعفریّةُ عنوان‌ : الصحیح‌ ، ولهذا لا یلتزم‌ الفقهاء الشیعةُ بصحة جمیع‌ أحادیثها ، بل‌ یأخذون‌ ما تثبت‌ عندهم‌ صحتُه‌ منها ، ویترکون‌ مالا یرونه‌ صحیحاً ، أو حَسَناً ، أو مما یمکن‌ الأخذ به‌
حسب‌َ تعابیر علم‌ الدرایة والرّجال‌ وقواعد علم‌ الحدیث‌ .
کما یستفیدون‌َ ـ فی مجال‌ِ العقیدة والفقه‌ِ والدعاء والأخلاق‌ ـ من‌ کتب‌ اُخرى‌ رُویت‌ فیها روایات‌ متنوعة عن‌ الأئمة الطاهرین‌ مثل‌کتاب‌ : ( نهج‌البلاغة ) الذی‌ ألفه‌ السید الرضی‌ّ رحمه‌ الله من‌ : خطب‌ الإمام‌ علی ( علیه السَّلام ) ورسائلِه‌ وحِکَمِه‌ القصار .
و مثل‌ رسالة الحقوق‌ و « الصحیفة السجادیة » للإمام‌ زین‌ العابدین‌ علی بن‌ الحسین‌ ( علیهما السلام ) ، والصحیفة العَلَویة للإمام‌ علی ( علیه السَّلام ) ، و « عیون‌ أخبار الرضا » ، والتوحید ، والخصال‌ ، وعلل‌ الشرائع‌ ، ومعانی‌ الأخبار للشیخ‌ الصدوق‌ رضی الله عنه .
وربما استنَد الشیعةُ الجعفریة إلى أحادیث‌ صحیحة ، لرسول‌ الله ( صلى الله علیه و آله ) ، وَرَدت‌ فی مصادر إخوانهم‌ من‌ أهل‌ السنّة والجماعة فی مختلف‌ المجالات‌ من‌ دون‌ تعصب‌ ، أو تزمّت‌ ، وتشهدُ بذلک مؤلفاتُهم‌ قدیماً وحدیثاً ، حیث‌ وردت‌ فیها أحادیث‌ من‌ صحابة النبی‌ّ ( صلى الله علیه و آله ) وأزواجه‌ ومشاهیر الصحابة وکبار الرواة کأبی هریرة وأنس‌ وغیرهما ، بشرط‌ صحّته‌ وعدم‌ معارضته‌ للقران‌ والأثر الصحیح‌ ، والعقل‌ الحصیف‌ وإجماع‌ العلماء .
یَرى‌ الشیعةُ الجعفریّةُ بأن‌ّ ما لحق‌ بالمسلمین‌ قدیماً وحدیثاً من‌ الِمحَن‌ والویلات‌ ما کان‌ إلا نتیجة أمرین‌ هما :
أوّلا : تجاهُل‌ أهل‌ِ البیت‌ : کقادة مؤهّلین‌ للقیادة ، وتجاهل‌ إرشاداتهم‌ وتعالیمهم‌ ، وبخاصة تفسیرهم‌ للقران‌ الکریم‌ .
و ثانیاً : التفرّق‌ والتشتت‌ والاختلاف‌ والتنازع‌ بین‌ المذاهب‌ والفِرَق‌ الإسلامیة .
و لهذا یسعى‌ الشیعةُ الجعفریة دائماً إلى توحید صفوف‌ ، الأمّة الإسلامیة ، ویمدّون‌ ید المحبّة والاُخوة إلى الجمیع‌ ، محترِمین‌ اجتهادات‌ علماء تلک الفرق‌ والمذاهب‌ ، وأحکامها .
و فی هذا السبیل‌ ، دأب‌َ علماء الشیعة الجعفریة منذ القرون‌ الإسلامیة الاُولى‌ على‌ ذکرِ آراء الفقهاء غیر الشیعة فی مؤلّفاتهم‌ الفقهیّة والتفسیریة والکلامیة مثل‌ : ( الخلاف‌ ) فی مجال‌ الفقه‌ ، للشیخ‌ الطوسی‌ ، و مجمع‌ البیان‌ فی مجال‌ التفسیر ، للطبرسی‌ ، والذی‌ مدحه‌ أبرز علماء الأزهر .
و مثل‌ تجرید الاعتقاد لنصیر الدین‌ الطوسی‌ فی مجال‌ العقیدة ، والذی‌ قام‌ بشرحه‌ علاء الدّین‌ القوشجی‌ الأشعری‌ .
ویرى‌ علماء الشیعةِ الجعفریة البارزون‌ ضرورةَ الحِوار بین‌ علماء المذاهب‌ الإسلامیة المختلفة فی مجالات‌ الفقه‌ِ والعقیدة والتاریخ‌ ، والتفاهم‌ فی قضایا المسلمین‌ المعاصرة ، والاجتناب‌ عن‌ التراشق‌ بالتهم‌ ، وتسمیم‌ الأجواء بالسّباب‌ ، حتى‌ تتهیّأ أرضیة مناسبة لإیجادِ تقارب‌ منطقی‌ بین‌ فصائل‌ الأمّة الإسلامیة وشرائحها المتعدّدة ، لسدّ الطریق‌ على‌ أعداء الإسلام‌ والمسلمین‌ ، الذین‌ یَبحثون‌ عن‌ الثَغَرات‌ لتوجیه‌ ضربة قاضیة إلى کافة المسلمین‌ ، من‌ دون‌ استثناء .
وفی هذا السّیاق‌ لا یُکفّرُ الشیعةُ الجعفریةُ أحداً من‌ أهل‌ِ القِبلة قط‌ّ ، مهما کان‌ مذهَبَه‌ الفقهی‌ ومنحاه‌ العقیدی‌ الاّ ما أجمع‌ ، المسلمون‌ على‌ تکفیره‌ ، ولا یُعادونهم‌ ، ولا یسمحون‌ بالتآمر علیهم‌ ، ویحترمون‌ اجتهادات‌ الفِرَق‌ والمذاهب‌ الإسلامیة ویرون‌ عَمَل‌َ من‌ یَنتقل‌ من‌ مذهبه‌ إلى مذهب‌ الشیعة الجعفریة الإمامیة
مُجزیاً ومُسقطاً للتکلیف‌ ومُبرِءاً للذمّة ، اذا کان‌ قد عمل‌ وفْق‌ مذهبه‌ فی الصلاة والصیام‌ والحج‌ والزکاة والنکاح‌ والطلاق‌ والبیع‌ والشراء وغیرها ، فلا یجب‌ علیه‌ قضاء مافات‌ من‌ هذه‌ الفرائض‌ ، کما لا یجب‌ علیه‌ تجدید صیغة النکاح‌ أو الطلاق‌ مادام‌ أجراهما وفق‌ المختار من‌ مذهبه‌ .
و هم‌ یتعایشون‌ مع‌ إخوانهم‌ المسلمین‌ فی کل‌ مکان‌ کما لو کانوا إخوةً وأقارب‌ .
نعم‌ ، لا یوافقون‌ المذاهب‌َ الاستعماریّة کالبهائیة والبابیّة والقادیانیّة وما شاکل‌ ذلک ، بل‌ یخالفونها ویحاربونها ویحرّمون‌ الانتماء إلیها .
وإذا کان‌ الشیعة - أحیاناً ولیس‌ دائماً - یستخدمون‌ التقیة ، وهی تعنی کتمان‌ ماهم‌ علیه‌ من‌ المذهب‌ والمعتقد ، وهو أمر مشروع‌ بنص‌ القرآن‌ الکریم‌ ومعمول‌ به‌ بین‌ المذاهب‌ الإسلامیة فی ظروف‌ الصراع‌ الطائفی‌ الحاد ، فهو لأحد عاملین‌ :
أحدهما : الحفاظ‌ على‌أنفسهم‌ ودمائهم حتى‌ لا تذهب‌ هدراً .
وثانیهما : الحفاظ‌ على‌ وحدة المسلمین‌ وعدم‌ تعرضها للتصدّع‌ .
ویرى‌ الشیعة الجعفریة أن‌ّ من‌ أسباب‌ تأخّر المسلمین‌ الیوم‌ ، هو التخلّف‌ الفکری‌ والثقافی‌ والعلمی‌ والتکنولوجی ، وأن‌ّ العلاج‌ یکمُن‌ فی توعِیة المسلمین‌ رجالاً ونساءً ، ورَفْع‌ِ مستواهم‌ الفکری‌ والثقافی‌ والعلمی‌ّ بإیجاد المراکز العلمیة کالجامعات‌ والمعاهد ، والاستفادة من‌ مُعطیات‌ العلم‌ِ الحدیث‌ فی رفع‌ المشاکل‌ الاقتصادیة ، والعِمرانیة ، والصِناعیة ، وزرع‌ الثقة فی نفوس‌ أبناء الأمّة لِدفعهم‌ إلى میادین‌ العمل‌ ، والنشاط‌ إلى أن‌ یتحقق‌َ الاکتفاء الذاتی‌ ، ویُقضى‌ على‌ حالة التبعیّة و الذیلیّة للأجانب‌ .
و لهذا أسّس‌ الشیعةُ الجعفریةُ ، أینما حلّوا ونزلوا ، مراکز علمیّة وتعلیمیّة ، وأقامُوا معاهد لتخریج‌ اختصاصیّین‌ فی مختلف‌ العلوم‌ . کما انخرطوا فی الجامعات‌ِ والمعاهد فی کل‌ بَلَد ، وتخرّج‌ منهم‌ علماء وفنیّون‌ فی مختلف‌ الأصعدة الحیویّة قد نالوا مراکز علمیة متقدمة .
یرتبط‌ الشیعةُ الجعفریةُ بعلمائِهم‌ وفقهائِهم‌ عن‌ طریق‌ ما یسمّى‌ بینهم‌ بالتقلید فی الأحکام‌ ، فإلیهم‌ یرجعون‌ فی مشکلاتهم‌ الفقهیّة ، ویعملون‌ فی جمیع‌ مجالات‌ حیاتهم‌ طبقاً لآراء الفقهاء ، لأن‌ّ الفقهاء ـ فی عقیدتهم‌ ـ وکلاء آخرِ الأئمةِ الطاهرین‌ ونوّابه‌ العامّین‌ ، وحیث‌ أن‌ّ علمأهم‌ وفقهأهم‌ لا یعتمدون‌ فی معایشهم‌ واقتصادهم‌ على‌ الدّول‌ والحکومات‌ ، لهذا یحظَون‌ بثقة ، کبیرة وعالیة من‌ قبَل‌ أبناء هذه‌ الطائفة الکبرى‌ .
و تؤمّن‌ُ الحوزات‌ُ العلمیةُ الدینیةُ ـ وهی مراکز لتخریج‌ الفقهاء ـ حاجاتها الاقتصادیة من‌ أموال‌ الخمس‌ والزکاة التی یدفعها الناس‌ إلى الفقهاء رغبةً وطواعیةً ، وکوظیفة شرعیة مثل‌ الصلاة والصیام‌ .
ولوجوب‌ دفع‌ الخمس‌ عند الشیعة الإمامیة من‌ أرباح‌ المکاسب‌ أدلة واضحة ورد قسم‌ منها فی جملة من‌ الصحاح‌ والسنن‌ أیضاً ( راجع‌ کتب‌ مبحث‌ الخمس‌ الاستدلالی‌ عند فقهاء الشیعة ) .
یرى‌ الشیعةُ الجعفریةُ أن‌ّ من‌ حق‌ المسلمین‌ أن‌ یتمتعوا بحکومات‌ إسلامیة تعمل‌ وفق‌ الکتاب‌ِ والسنّة ، وتحفظ‌ُ حقوق‌ المسلمین‌ ، وتقیم‌ُ علاقات‌ عادلة وسلیمة مع‌ الدول‌ الاُخرى‌ ، وتحرس‌ حدودها ، وتضمن‌ استقلال‌ المسلمین‌ ثقافیاً ، واقتصادیاً وسیاسیاً ، لیکون‌ المسلمون‌ أعزّاء کما أراد الله لهم‌ إذ قال‌ تعالى‌ : ( وَلِلّه‌ِ الْعِزّةُ ولِرَسُولِه‌ِ ولِلْمُؤمِنِین‌َ ) .و قال‌ تعالى‌ : ( وَلا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأَنْتُم‌ُ اْلأعْلَوْن‌َ اِن‌ْ کُنْتُم‌ْ مُؤمِنِین‌َ ) .
ویرى‌ الشیعة أن‌ّ الإسلام‌ ـ بوصفه‌ الدین‌ الکامل‌ والجامع‌ ـ یحتوى‌ على‌ منهج‌ دقیق‌ لنظام‌ الحکم‌ ، وأن‌ّ على‌ علماء الأمّة الإسلامیة العظیمة أن‌ یجتمعوا ویتباحثوا فیما بینهم‌ لاستجلاء الصورة الکاملة لهذا المنهج‌ ، وهذا النظام‌ ، لیُخرِجوا هذه‌ الأمّة من‌ الحیرة ومن‌ دوامة المشاکل‌ التی لا تنتهی‌ ، والله الناصر والمعین‌ . ( اِن‌ْ تَنْصُرُوا اللهَ یَنْصُرْکُم‌ْ ویُثَبّت‌ْ أَقْدامَکُم‌ْ ) .
هذه‌ أبرز الخطوط‌ فی مجال‌ العقیدة والشریعة عند الشیعة الإمامیة المسمّاة بالجعفریّة أیضاً .
وهذه‌ الطائفة الیوم‌ یعیش‌ أبناؤها إلى جانب‌ إخوتهم‌ المسلمین‌ فی جمیع‌ البلاد الإسلامیة ، وهی‌ حریصة على‌ الحفاظ‌ على‌ کیان‌ المسلمین‌ وعزّتهم‌ ، ومستعدة لبذل‌ النفس‌ والنفیس‌ فی هذا السبیل‌ .
المصادر :
1- آل عمران /34
2- الکهف /21
3- البقرة /125
4- النساء /64
5- البقرة /143
6- التوبة / 105



 

 



نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.