بلا شک إن القرآن له أثر کبیر على شخصیة الإنسان وصقلها وتطویرها ونجاح الإنسان وسعادته وحیاته المطمئنة....
هناک تساؤلات یطرحها البعض حول أسرار تأثیر القرآن على شخصیة الإنسان، مثلاً:
• ما هی العلاقة بین ارتباط الإنسان بالقرآن الکریم ونجاحه فی الحیاة؟
• هل التمسک بالقرآن له اثر فی نجاح الإنسان فی الحیاة؟
• ما هو دور القرآن فی صقل شخصیة الإنسان وتکوین شخصیة ناجحة؟
• ما هو دور القرآن فی علاج الأمراض النفسیة المستعصیة؟
ویمکن القول إن أفضل عمل على الإطلاق یمکن لإنسان أن یقوم به هو تلاوة القرآن والعمل بما فیه وتطبیق ما أمر به الله والابتعاد عما نهى عنه الله. ان هناک قناعة راسخة وهی أن القرآن یؤثر بشکل کبیر على شخصیة الإنسان.
إبنة الرئیس الشیشانی رمضان قادروف البالغة من العمر اربعة عشر عاما حفظت جمیع سور القرآن خلال عامین ومنحت لقب " الحافظة".
عندما تقرأ بعض الکتب فی البرمجة اللغویة العصبیة أو فی فن إدارة الوقت أو فی فن التعامل مع الآخرین، یقول لک المؤلف: إن قراءتک لهذا الکتاب قد تغیر حیاتک، ومعنى هذا أن أی کتاب یقرأه الإنسان یؤثر على سلوکه وعلى شخصیته لأن الشخصیة هی نتاج ثقافة الإنسان وتجاربه وما یقرأ ویسمع ویرى.
طبعاً هذه کتب بشریة یبقى تأثیرها محدوداً جداً، ولکن عندما یکون الحدیث عن کتاب الله تعالى الذی خلق الإنسان وهو أعلم بما فی نفسه وأعلم بما یصلحه، فإنه من الطبیعی أن نجد فی هذا الکتاب العظیم کل المعلومات التی یحتاجها الإنسان فی حیاته وآخرته. فهو النور وهو الشفاء وهو الهدى ... وفیه نجد الماضی والمستقبل، وهو الکتاب الذی قال الله عنه: (لَا یَأْتِیهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَکِیمٍ حَمِیدٍ) (1).
ویمکن أن نؤکد لک بأن کل آیة تقرأها وتتدبرها وتحفظها یمکن أن تحدث تغییراً فی حیاتک! فکیف بمن یقرأ القرآن ویحفظه فی صدره؟! بلا شک أن تلاوة الآیات وتدبرها والاستماع إلیها بخشوع، یعید بناء شخصیة الإنسان من جدید، حیث إن القرآن یحوی القواعد والأسس الثابتة لبناء الشخصیة. فان الله عز وجل خلق الانسان ولن یتخلی عنه (أَیَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن یُتْرَکَ سُدًى)(2).
فان الله سبحانه وتعالی یکفی عبده المهم من الدنیا اذا اتکل علی الله (أَلَیْسَ اللَّهُ بِکَافٍ عَبْدَهُ وَیُخَوِّفُونَکَ بِالَّذِینَ مِن دُونِهِ وَمَن یُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) (3) . والاتکال علی الله افضل من الاتکال علی عباد الله فی جمیع الامور وخاصة فی الامور المادیة والتی هی فی یومنا هذا من اهم الامور التی یعنی بها الانسان :(وَیَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُ وَمَن یَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِکُلِّ شَیْءٍ قَدْرًا) (4) طبعا بشرط التقوی .
وسوف أذکر لکم تجربة بسیطة عن مدى تأثیر القرآن على شخصیة الإنسان، بل تأثیر آیة واحدة منه! فقد قرأتُ ذات مرة قوله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئًا وَهُوَ خَیْرٌ لَکُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَیْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَکُمْ وَاللَّهُ یَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(5). وقلتُ لابد أن هذه الآیة تحوی قانوناً محکماً یجلب السعادة لمن یطبقه فی حیاته.
فقد کنتُ قبل قراءتی لهذه الآیة أحزن بسبب حدوث خسارة أو مصیبة ما أو أجد شیئاً من الخوف من المستقبل، لأننی أتوقع أمراً سیئاً قد یحدث، أو أمر بلحظات من القلق نتیجة انتظاری لشیء ما أرغب فی تحقیقه... وهکذا مجموعة من المظاهر التی تجعل شخصیتی قلقة أحیاناً.
وبعد أن تأملت هذه الآیة وتدبرتها جیداً بل طویلاً، وجدتُ بأن الله تعالى قد قدَّر کل شیء، ولن یحدث شیء إلا بأمره، ولن یختار لی إلا الخیر لأنه یعلم المستقبل، أما أنا فلا أعلم. وهکذا أصبحتُ أنظر لکل شیء نظرة متفائلة بدلاً من التشاؤم... أصبحتُ أفرح بکل ما یحدث معی حتى ولو کان محزناً فی الظاهر، وأصبحتُ أتوقع حدوث الخیر دائماً ولو أن الحسابات تخالف ذلک.
فالله تعالى کتب علیَّ کل ما سیحدث معی فلماذا أحزن؟ ومادام الله موجوداً وقریباً ویرى ویسمع ویتحکم فی هذا الکون فلم الخوف أو القلق أو الاکتئاب؟؟! وبما أن الله قد قدَّر علیَّ هذا الأمر واختاره لی فلا بدّ أن یکون فیه الخیر والنفع والسعادة...
وهکذا تغیرت شخصیتی تغیراً جذریاً، وانقلبت إلى شخصیة متفائلة وسعیدة وتخلصت من مشاکل کثیرة کان من المحتمل أن تحدث لولا أن منَّ الله علیَّ بتدبر هذه الآیة وفهمها وتطبیقها فی حیاتی العملیة.
والآن تصوروا معی حجم التغییر الذی سیحدث فیما لو قرأ الإنسان القرآن کاملاً وتدبره وحفظه وعمل بما فیه!! إن تغیرات کبیرة جداً ستحدث، بل إن شخصیتک سوف تنقلب 180 درجة نحو الأفضل.
وخلاصة القول: إن التمسک بالقرآن والمحافظة على تلاوته یؤثر إیجابیاً على شخصیة الإنسان، ویرفع النظام المناعی لدیه، ویقیه من الأمراض النفسیة، ویساعده على النجاح واتخاذ القرارات الصائبة، إن القرآن هو طریقک للإبداع والقیادة والسعادة والنجاح!
المصادر :
1- فصلت: 42
2- القیامه :36
3- الزمر :36
4- الطلاق : 3
5- البقرة: 216
/ج