صلة الرحم‏ و العصبیة

یقول الإمام الخمینی رحمه الله: "العصبیة واحدة من السجایا الباطنیة النفسانیة، ومن آثارها الدفاع عن الأقرباء، وجمیع المرتبطین به وحمایتهم، بما فی ذلک الارتباط الدینی أو المذهبی أو المسلکی، وکذلک الارتباط بالوطن وترابه.
Saturday, July 6, 2013
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
صلة الرحم‏ و العصبیة
 صلة الرحم‏ و العصبیة

 





 

یقول الإمام الخمینی رحمه الله: "العصبیة واحدة من السجایا الباطنیة النفسانیة، ومن آثارها الدفاع عن الأقرباء، وجمیع المرتبطین به وحمایتهم، بما فی ذلک الارتباط الدینی أو المذهبی أو المسلکی، وکذلک الارتباط بالوطن وترابه.
والعصبیة من الأخلاق الفاسدة والسجایا غیر الحمیدة، وتکون سبباً فی إیجاد مفاسد فی الأخلاق وفی العمل.
إن المرء إذا تعصّب لأقربائه أو أحبّته ودافع عنهم، فما کان بقصد إظهار الحق ودحض الباطل، فهو تعصب محمود ودفاع عن الحق والحقیقة...أما إذا تحرّک بدافع قومیته وعصبیته بحیث أخذ بالدفاع عن قومه وأحبته فی باطلهم وسایرهم فیه ودافع عنهم، فهذا شخص تجلّت فیه السجیة الخبیثة، سجیة العصبیة الجاهلیة، وأصبح عضواً فاسداً فی المجتمع... وصار فی زمرة أعراب الجاهلیة...
جاء فی الکافی عن أبی عبد اللَّه الصادق علیه السلام قال:(من تعصَّب أو تعصِّب له فقد خُلِع رِبقُ الإیمان من عنقه)(1)
وعن أبی عبد اللَّه الصادق علیه السلام قال: (من تعصّب عصّبه اللَّه بعصابة من النار)(2).
فصلة الرحم والأقرباء والتعاون معهم والتکافل مطلوبة إسلامیاً، ولکن إذا کان التعاون معهم على الباطل والظلم فهذا غیر مطلوب، یقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾(3).
وقد أمرنا اللَّه تعالى فی کتابه الکریم، أن لا نکون متعصِّبین لمن یمتّ‏ُ إلینا بصلة القربى، وأن یکون رائدنا هو الحقّ‏ُ والعدل، وأن نقول الحق ولو على أرحامنا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ کَانَ ذَا قُرْبَى﴾(4).

صلة الأرحام والقربى فی القرآن الکریم‏

من القضایا التی اهتم بها القرآن الکریم، قضیة الأرحام، وبتعبیره ذوی القربى، فإذا استقرأنا الآیات القرآنیة بخصوصهم، نرى بوضوح مدى عنایته واهتمامه بهذا الموضوع، وهنا نورد بعض الآیات فی هذا الخصوص کنموذج:
1- قال" تعالى:
﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِکُواْ بِهِ شَیْئًا وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَانًا وَبِذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَالْجَارِ ذِی الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِیلِ وَمَا مَلَکَتْ أَیْمَانُکُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ مَن کَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾(5)
هذه الآیة الکریمة تشیر إلى حق الوالدین وتوصی بالإحسان إلیهما، ونلاحظ قرن عدم الشرک باللَّه بالإحسان إلیهما، وفی هذا لفتة إلى أن ثمة ارتباطاً بین هاتین المسألتین، بحیث یکون ترک حقوق الوالدین وتجاهلها، فی مصاف الشرک باللَّه سبحانه، ثم إنها توصی بالإحسان إلى کل الأقرباء.
وفی قوله تعالى أخیراً: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ مَن کَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾.
إشارة إلى أن سبب قطیعة الرحم أو من أسبابها، التکبُّر، الذی عبّر عنه بالإختیال والفخر.
2- وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِیتَاء ذِی الْقُرْبَى...﴾(6).
لقد تعدَّدت الآیات التی تأمر بالإحسان إلى ذوی القربى، والإحسان إن کان حسناً، فهو إلى الأرحام أحسن وأجمل.
والمراجع للکتب الفقهیة یرى کثیراً من الفتاوى التی تشیر إلى مدى اهتمام الإسلام بالإحسان إلى ذوی القربى، کاستحباب الصدقة والزکاة والهدیة إلیهم، وإلى ما هنالک من أحکام.
3- قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَ بَنِی إِسْرَائِیلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَاناً وَذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِیمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّکَاةَ ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إِلاَّ قَلِیلاً مِّنکُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ﴾(7)
الآیة الکریمة تؤنِّب بنی إسرائیل، لأنهم لم یلتزموا بالأحکام التی وردت فیها، ومنها الإحسان إلى ذوی القربى، وهذا یشیر إلى مدى أهمیّة هذا الموضوع عند اللَّه تعالى.
4- قال تعالى:﴿وَلَا یَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنکُمْ وَالسَّعَةِ أَن یُؤْتُوا أُوْلِی الْقُرْبَى﴾(8).
هذه الآیة کما یُروى نزلت فی بعض الناس، کان قد آذاهم بعض قرابتهم، فحلفوا على أن لا یواصلوهم، ولکنّ اللَّه تعالى نهاهم عن ذلک.
وهذا مما یعطینا فکرة مهمّة أنه حتى ولو آذانا ذوو قرابتنا، وقاطعونا، بأی صورة من الصور، فعلینا أن لا نقاطعهم(9).

صلة الرحم فی الأحادیث‏

کما کان للقرآن الکریم اهتمامه بموضوع الأرحام کان للأحادیث الشریفة الواردة عن الرسول صلى الله علیه وآله وأهل بیته‏ علیهم السلام أیضاً الاهتمام الکبیر والأحادیث کثیرة فی ذلک نذکر بعضاً منها:

الحث على صلة الرحم‏

یقول الإمام علی علیه السلام: (إنه لا یستغنی الرجل وإن کان ذا مال عن عترته ودفاعهم عنه بأیدیهم وألسنتهم وهم أعظم الناس حیطة من ورائه وألمهم لشعثه، أعطفهم علیه عند نازلة إذا نزلت به، ولسان الصدق یجعله اللَّه للمرء فی الناس خیر له من المال یرثه غیره، ألا لا یعدلنّ‏َ أحدکم عن القرابة...(10).
وعنه علیه السلام: (وأکرم عشیرتک فإنهم جناحک الذی به تطیر وأصلک الذی إلیه تصیر ویدک التی بها تصول)(11).

آثار صلة الرحم‏

إن لصلة الرحم إیجابیات مهمة على صعید الدنیا کما الآخرة والأحادیث فی هذا المعنى کثیرة نأتی على ذکر بعضٍ منها:
عن الإمام الباقر علیه السلام:
(صلة الأرحام تزکی الأعمال، وتنمی الأموال، وتدفع البلوى، وتیسر الحساب، وتنسئ الأجل "أی تطیل فی العمر"(12).
وعنه علیه السلام:
(صلة الأرحام تحسن الخلق وتسمح الکف وتطیب النفس وتزید فی الرزق وتنسئ فی الأجل)(13) .
وعن الإمام الصادق علیه السلام: (إن صلة الرحم والبر لیهونان الحساب ویعصمان من الذنوب)(14) .
قال أبو عبد الله علیه السلام: (قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: إنّ فی الجنّة درجة لا یبلغها إلا إمام عادل أو ذو رحم وصول أو ذو عیال صبور)(15)
فلو علم الإنسان کل هذا الأجر فی الآخرة عدا حسنات الصلة فی الدنیا لما قطع رحماً قط طوال عمره ولعمری کم هی واسعة رحمة اللَّه وکم هو کریم حتى یعطی کل هذا على صلة الرحم التی یتهاون بها الإنسان فی أغلب الأحیان.
وکما کان لصلة الرحم ایجابیات، فبطبیعة الأمر، إن لقطع الرحم سلبیات على مستوى الآخرة والدنیا، وهنا بعض الأحادیث:
قطع الرحم من أبغض الأعمال إلى اللَّه تعالى
‏جاء رجل إلى النبی صلى الله علیه وآله فقال: أی الأعمال أبغض إلى اللَّه؟ فقال صلى الله علیه وآله:
"الشرک باللَّه".
قال: ثم ماذا؟ فقال صلى الله علیه وآله:
"قطیعة الرحم"(16).
یوجب قرب الأجل‏
قال أمیر المؤمنین علیه السلام فی خطبته:
(أعوذ باللَّه من الذنوب التی تعجِّل الفناء، فقام إلیه عبد اللَّه بن الکواء، فقال: یا أمیر المؤمنین أوتکون ذنوب تعجِّل الفناء، فقال: نعم، وتلک قطیعة الرحم، إن أهل البیت لیجتمعون ویتواسون وهم فجرة فیرزقهم اللَّه وإن أهل البیت لیتفرقون ویقطع بعضهم بعضاً فیحرمهم اللَّه وهم أتقیاء)(17).
جاء رجل إلى أبی عبد اللَّه الصادق علیه السلام فشکا إلیه أقاربه، فقال علیه السلام: "أکظم غیظک وافعل" (أحسن إلیهم).
فقال: إنهم یفعلون ویفعلون: (من أنواع الإساءة).
فقال علیه السلام: "أترید أن تکون مثلهم فلا ینظر اللَّه إلیکم"(18)
وقال أمیر المؤمنین علیه السلام: " قطیعة الرحم تزیل النعم"(19).
المصادر :
1- الکافی، م. س، ج2، ص307
2- الأربعون حدیثاً، الإمام الخمینی، ص143 ـ 144.میزان الحکمة، ج3، ص1992
3- سورة المائدة، الآیة: 2.
4- سورة الأنعام، الآیة: 152.
5- سورة النساء، الآیة: 36.
6- سورة النحل، الآیة: 90.
7- سورة البقرة، الآیة: 83.
8- سورة النور، الآیة: 22. یأتل بمعنى یقصِّر ویترک.
9- میزان الحکمة، م.س، ج2، ص1054.
10- میزان الحکمة، م. س، ج2، ص1054.
11- میزان الحکمة / محمدی الریشهری :ج2 ص1054
12- میزان الحکمة / محمدی الریشهری :ج2 ص1055
13- میزان الحکمة / محمدی الریشهری :ج4 ص3528
14- میزان الحکمة / محمدی الریشهری :ج2 ص1001
15- 34- بحار الأنوار، م. س، ج71، ص90. میزان الحکمة / محمدی الریشهری :ج1 ص432
16- میزان الحکمة / محمدی الریشهری :ج1 ص274
17- 36- بحار الأنوار، م. س، ج 71، ص 137.
18- بحار النوار /ج71 ص137
19- غرر الحکم ودرر الکلم، الآمدی، ج1، ص 277.



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.