ربَّما یقول قائل: إذا کان هذا المُلک بهذه العظمة، وأنَّ الخلیفة لله فی الأرض والإمام هو منصوب من قِبَل الله تعالى: (إِنِّی جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) (1)، کما هو فی شأن إبراهیم وشأن أهل البیت (علیهم السلام)، فلماذا لا یصلحون الأرض فی لیلة وضحاها وفی ساعة وفی لمح البصر، ولماذا تکابد البشریة هذه المحن والامتحانات؟
هذا السؤال فی الحقیقة یغفل عن أوّلیات حکمة القضاء والقدر والسنن الإلهیة، من أنَّ الله أبى أن یجری الأمور بالجبر والإرجاء، کما أبى أن یجری الأمور بالتفویض والإیکال إلى مشیئة البشر یعیثون فی الأرض کما یشاءون فساداً وإفساداً وظلم، بل سُنّة الله جرت على أن یکون الحال أمراً بین أمرین، لا جبر ولا تفویض، لا بنحو قهر وإلجاء وجبر، ولا بنحو إیکال وانعزال للید الإلهیة ولقدرة التصرّف الإلهیة، بل أمر بین أمرین.
إذن سُنّة الله فی الظاهرة الاجتماعیة والظاهرة البشریة والظاهرة الخلقیة أن تجری الأمور بالاختیار والامتحان، لأنَّ ذلک هو سرُّ الخلقة، لیفوز الفائزون بالتقوى فی مرابح أخرویة وتجارة لن تبور فی الدار الآخرة، ومن ثَمَّ یکون هذا الجهاز وهذا الملک الذی بید خلیفة الله، لا یجبر البشریة على الإصلاح، کما أنَّه لا یترک الأمور ویلقی الحبل على الغارب، وإنَّما أمر بین أمرین.
وهذه فلسفة اجتماعیة وسُنّة إلهیة وحقائق قرآنیة أنَّ الأمور تجری بأسبابه، أمر بین أمرین، لا هو تفویض ولا هو جبر، وإنَّما هو اختیار وامتحان، وهنا یکون تشاطر فی المسؤولیة، بین لطف إلهی بإقامة خلیفة وإمام للبشر وجهاز خفی یدبّر ویکون یداً حاسمة أمام الإفساد والظلم وقطع النسل البشری - کسقف أدنى طبعاً - وفی غیبة الخفاء فی الأدوار، وبین شطر آخر تقع المسؤولیة والعاتق علیه من البشر.
الظاهرة الأولى فی أصحاب الکهف تبیّن لنا دروساً وعظاةً عقائدیة مهمّة حساسة، هذا البعد الأوّل هو ثبات أصحاب الکهف والرقیم الفتیة المؤمنة رغم قلّتهم فی مجتمع الضلال، إلاَّ أنَّهم مع ذلک ثبتوا على نهج الحقّ، وهذه عظة للأمّة الإسلامیّة، أنَّه رغم وجود أهل الضلالة والمکذّبین وهم الأکثریة المکذّبون بعقیدة وجود خلیفة الله فی الأرض والإمام، وأنَّ الدین سیظهر ویُظهره الله على یده لیملأ الأرض قسطاً وعدل، لم یثنهم تکذیب المکذّبین وجحود الجاحدین وإنکار المنکرین والمفسدین والظالمین عن الثبات على عقیدتهم.
الانقطاع عن الخلیفة وأثره فی الإیمان:
البعد الثانی فی أصحاب الکهف والرقیم أنَّ القرآن الکریم یستعرض لنا ظاهرة غیابهم وغیبتهم عن البشریة التی هی لیست غیبة زوال عن وجه الأرض، ولکن هی نوع من الغیبة کانت مدّتها مئات السنین ثلاثمائة. لأنَّه لم یحدّد لنا القرآن الکریم هنا العدد المرصود لغیبة أصحاب الکهف، هذه الظاهرة من غیبة أصحاب الکهف ثمّ بعث الله عز وجل لهم وإظهارهم للبشر، رغم وجود تلک الثلّة البشریة بین أیدی وظهرانی المجتمع، ولم یزایلوا موقعهم من مواقع قریبة من مجتمعهم فی الکهف الذی أووا إلیه، لکن رغم ذلک کانوا غائبین عن معرفة البشر لهم وعن الشعور بهم، بعد ذلک أظهرهم الله عز وجل، هذه الظاهرة یذکرها لنا القرآن الکریم لتکون عبرة وعظة، یقول القرآن الکریم: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) (2)، ولیس أسطورة أو خرافة والعیاذ بالله أو ثرثرة قصص أو سحر وخیال، القرآن ذکر حقّ وبصیرة وبصائر، هذا الحقّ والحقیقة الموجودة فی غیبة أصحاب الکهف ثمّ عودهم إلى البشریة وظهورهم وتعرّف البشر علیهم، یرید القرآن الکریم أن یرمز أو یومئ أو یلوح کما یقول هو عن مغزى ذلک وحکمة ذلک: (وَکَذَلِکَ أَعْثَرْنَا عَلَیْهِمْ) (3)، کانوا موجودین، لکن لم تتفطَّن الأجیال البشریة المعاصرة لولادة أصحاب الکهف ولا الأجیال التی أتت بعد ذلک ولا الأجیال بعده، کم ظهر من النسل والجیل البشری حتَّى أصبحت قصَّة أصحاب الکهف ومناوءة الملک دقیانوس الظالم لهم واستضعافه لهم قصَّة فیما غبر فی التاریخ بالنسبة للأجیال البشریة.
هذا الدرس القرآنی فی السُنّة الإلهیة یرید من الإمّة الإسلامیّة أن تتَّعظ وأن لا تکذب ولا تجحد ولا تنکر وجود الإمام الخلیفة الثانی عشر للنبیّ (صلى الله علیه وآله وسلم) من ذرّیة فاطمة وذرّیة علی (علیهما السلام)، وأنَّ عقیدة الحقّ والحقیقة یجب أن یثبت علیها أهل الحقّ، وأنَّ غیاب الإمام المهدی بالرغم من تطاول الأمد والسنین لا یدعوننا إلى التکذیب بآیات الله، لأنَّ وعد الله حقّ. وسیظهر الدین على ید الإمام المهدی فیملأها قسطاً وعدلاً.
إذن المغزى الثانی الذی ینوّه ویرکّز علیه القرآن الکریم فی قصَّة أصحاب الکهف هو: (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (4)، من هو الذی تکون العاقبة له؟ العاقبة هی لأهل التقوى.
عاقبة أصحاب الحقّ والإیمان:
إنَّ جملة من المنکرین والجاحدین لعقیدة الإمام المهدی یوصمون أهل الحقّ المعتقدین والمتیقّنین بحیاة الإمام المهدی، والمؤمنین بأنَّ غیبته غیبة خفاء بأنَّهم (کهوفیون)، نعم نحن من الذین نعتقد بسورة الکهف وبما فیها من حقائق وعقائد قرآنیة، فسورة الکهف تتعرَّض إلى إرهاص غریب بالنسبة للبشر، لکنَّه لیس غریباً فی السُنّة الإلهیة من إخفاء جماعة الحقّ الذین رغم زوال أجیال وأجیال لم یُبادوا وأعثر الله علیهم وبعثهم لینجزوا الوعد الإلهی الذی هو وعد الحقّ، و(إِنَّ الأْرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ) (5)، و(وَلَقَدْ کَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّکْرِ أَنَّ الأْرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ) (6)، هذا وعد الله الحقّ، وإنَّ الذی یظهر الدین یجعله الله إماماً کما ذکرت لنا سورة القصص: (وَنُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الأْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ) (7).
إذن سُنّة الله أن یجعل المستضعفین أهل الحقّ الذین هم دائماً فی حالة استضعاف من قِبَل الظالمین والمفسدین، المنکرین والجاحدین، وهم فئة قلیلة فی قبال الفئة الکثیرة من أهل الضلال والعتو والفساد، لکن الله یأبى إلاَّ أن تکون سُنّته بأن یظهر هذا الدین ویجعل العاقبة لأهل التقوى، ولأهل الیقین وأهل الحقّ، ویجعل منهم الإمام للأرض.
وقد ورد فی الروایات الإسلامیّة أنَّ أصحاب الکهف سیکونون من أصحاب المهدی (علیه السلام) یبعثهم الله لینصروه.(8)
فهذه العبرة والدرس الکبیر الذی یرید أن یبیّنه لنا القرآن الکریم هو أنَّه سیجری فی هذه الأمّة ما جرى لمن سبقهم من الأمم، وذلک بأن یغیَّب جماعة من أهل الحقّ عن معرفتنا وشعورنا وفیما یقومون به من أدوار، ولکن لا یدعوَنَّکم ذلک إلى إنکارهم وجحودهم، أو إنکار القدرة الإلهیة فی ذلک، وأنَّ الله عز وجل سیبعثهم أو یظهرهم لکم ولو بعد أجیال وأجیال من الأمّة الإسلامیّة.
بحقّ لو تسمّى سورة الکهف بأنَّها سورة الإمام المهدی لکانت جدیرة بهذه التسمیة، بعد ذلک فی الحقیقة تستعرض الآیات الکریمة تفصیل هذین البعدین، بالإضافة إلى أبعاد أخرى، فالحری بنا أن نتابع بقیّة الآیات لنتعرَّف على ظاهرة أصحاب الکهف والرقیم.(9)
الثبات على الإیمان والفیض الإلهی:
الثبات على الإیمان أوجد من قبل الباری زیادةَ فیض الهدى منه تعالى على الفتیة المؤمنة والثلّة المؤمنة، رغم عیشها فی غربة، بلحاظ الأکثریة المخالفة لهم من أهل الضلال، ولکن ثباتهم ورباطة جأشهم، وإن لم یلتقوا بنبیّ زمانهم أو برسول زمانهم أو بخلیفة الله فی الأرض، ولم یتعرَّفوا علیه، ولم یرتبطوا به، إلاَّ أنَّه کان على علم بهم، فإنَّ لله عز وجل خلیفة فی الأرض فی کلّ زمان، وهذا درس لأهل الإیمان، أنَّهم رغم احتجاب معرفتهم وشعورهم بشخص ومصداق من یعتقدونه بحقائق القرآن وحقائق السُنّة القطعیة بأنَّه إمام للبشریة ومنصوب من قبل الله وهو الإمام المهدی الثانی عشر من خلفاء خاتم الأنبیاء، هذا لا یزلزلهم عن ثباتهم. ولا یزلزلهم عن الاستقامة فی طریق الحقّ. اتّعاظاً بما یذکره لنا القرآن الکریم من أصحاب الکهف: (إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) (10).
وعندما یستقیم الإنسان یفرغ الله علیه صبراً ورباط، (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا) ، قاموا من براثن الضلال، استیقظوا من غفلة الانحراف إلى طریق الاستقامة والهدایة؛ لأنَّ التعبیر بالقیام فی القرآن الکریم: (قُلْ إِنَّما أَعِظُکُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَکَّرُوا) (11)، لیس المراد منه القیام البدنی بقدر ما یراد منه الصحوة والیقظة وعدم الغفلة وسبات الضلالة، (إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالأْرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً * هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ) (12).
فالوسیط بین الله عز وجل وبین البشر لا بدَّ أن یکون منصوباً من قبل الله، والنصب علیه بیّنات شرعیة وبیّنات إلهیة وآیات ربّانیة، وهو معنى السلطان، فکلّ من نتَّخذه وسیلة ووسیطاً بین البشر وبین الله عز وجل لا بدَّ أن یکون علیه سلطان بیّن، أنظر هذه المعرفة الفطریة الصائبة المستقیمة عند أصحاب الکهف، (لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ)، لا بدَّ من سلطان بیّن، ومن یتَّخذه البشر واسطة بینهم وبین ربّهم خلیفة وباباً یتوجَّهون به إلى الباری تعالى لا بدَّ أن تقوم علیه البیّنات والبراهین الإلهیة على جعله ونصبه وسیلة بین الله وخلقه (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ کَذِباً) ، فلا یمکن جعل شخصیة وجعل أشخاص بشریین وسطاء ووسائل توجّه إلى الله عز وجل إلاَّ بنصب من الله، کما یقول الباری تعالى لإبراهیم: (إِنِّی جاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِماماً) ، وکما فی قوله تعالى لخاتم المرسلین: (وَما أَرْسَلْناکَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ) (13)، وکما فی قوله تعالى أیضاً فی شأن خاتم النبیّین وأهل بیته: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُکَ)، یعنی توجَّهوا بک ولاذوا بحضرتک أوّل، ثمّ: (فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ)، لا بدَّ أن یضمّ الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) شفاعتهم إلى عبادة العباد واستغفار العباد وتوبتهم، (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِیماً) (14)، وکما فی قوله تعالى فی شأن خاتم المرسلین: (وَإِذا قِیلَ لَهُمْ تَعالَوْا) یعنی إلى رسول الله، (یَسْتَغْفِرْ لَکُمْ رَسُولُ اللَّهِ) (15)، اجعلوه وسیلة، اجعلوه واسطة، فهذا منصوب من قبل الله، وهو المبعوث رحمة، وأنتم تنفرون عن من نصبه الله رحمة للعالمین تبتعدون عنه تتنکَّرون عن التوسّل به تتنکَّرون عن التوجّه به یا للجاحد من الحظّ الأوکس،(16) ومن السقوط ومن سلب التوفیق، لماذا؟ لأنَّ الله عز وجل جعله باب رحمة للعالمین، وهو خاتم الأنبیاء، فأنت تأنف عن التوسّل به والتوجّه به إلى الله، هذا على أیّة حال من - کما یقال - سلْب التوفیق، وانتکاس الفطرة، یتنکَّرون للتوجّه والتوسّل بسیّد الأنبیاء وأهل بیته (علیهم السلام) الذین جعلهم وسیلة أیضاً فی قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبى) (17)، وفی قوله الآخر: (قُلْ ما سَأَلْتُکُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَکُمْ إِنْ أَجْرِیَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ) (18)، فیستنتج المسلم من هذه الآیات المتعدّدة أنَّ مودّة أهل البیت هی السبیل إلى الله عز وجل بنصّ القرآن الکریم.
الاعتزال عن المجتمع الظالم:
(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما یَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ)، الاعتزال هنا اعتزال المسار واعتزال المنهاج، وقد کان نهج التقیّة واضحاً فیهم، والتقیّة تعنی البرنامج الأمنی لأهل الحقّ لأن یحافظوا على أنفسهم فی قِبال أهل الضلال، فسُنّة التقیّة هی سُنّة إخفاء، والمسایرة فی الظاهر مع أهل الضلال، هذه سُنّة قرآنیة یستعرضها لنا القرآن الکریم فی أصحاب الکهف، وهو عبارة عن البرنامج الأمنی للحفاظ على إیمانهم وثباتهم على الحقّ، فالتقیّة فی الواقع على طرف النقیض مع النفاق، النفاق هو إضمار الباطل وإظهار الحقّ، وأمَّا التقیّة فهی إضمار الحقّ خوفاً من الظالمین والمفسدین والعتاة، وإظهار مسایرتهم ومداهنتهم مع ما علیه الظالمون من الباطل.
العنایة الإلهیة فی الحفاظ على حجج الله:
بعد ذلک یستعرض لنا القرآن الکریم بقیّة ظاهرتهم: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِکَ مِنْ آیاتِ اللَّهِ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً) (19).
وفیها تفاصیل مکث أصحاب الکهف فی خفائهم، وکیف أنَّ الله عز وجل یبیّن ویهیّئ ویمکّن لهم من أسباب العیش مدّة طویلة فی خفاء من شعور الناس وعدم معرفتهم بموضعهم، لماذا؟ ما هو المغزى وما هی الحکمة من هذه التفاصیل؟ لیبیّن الله عز وجل أنَّ تغیّب ثُلّة بشریة عن معرفة البشر وعن الشعور بهم، هذا من سنن الله الجاریة، فإذا کان أهل الصلاح یغیّبهم الله عن الشعور البشری بهم، فکیف بک بالحجج المنصوبین من قبله لیکونوا فی فسحة وأمان وسعة نشاط، وحیویة فی الحرکة من دون أن یحول بین قیامهم بالأدوار والمسؤولیة، فالذی یحول بینهم وبین تلک الأدوار والمسؤولیة هم قوى الظلم وقوى الظلام والشرّ، فهذا إذن أمر معهود فی القرآن وهو سُنّة إلهیة ولیس بدعاً.
المصادر :
1- البقرة: 124
2- الکهف: 13
3- الکهف: 21
4- الکهف: 12
5- الأعراف: 128
6- الأنبیاء: 105
7- القصص: 5
8- تفسیر العیاشی 2: 32
9- تفسیر الطبری 15: 247 – 249
10- الکهف: 13 و14
11- سبأ: 46
12- الکهف: 14 و15
13- الأنبیاء: 107
14- النساء: 64
15- المنافقون: 5
16- الصحاح 3: 989/ الوکس یعنی النقص
17- الشورى: 23
18- سبأ: 47
19- الکهف: 17
/ج