النسیان لغة له معنیان .
الأول : یراد به الغفلة عن الشیء وعدم التذکر
الثانی : یراد به الشیء الساقط من متاع المرتحلین
أما اصطلاحاً : عند الأصولیین تعریفه : ( الغفلة عن معلوم فی غیر حال السنة )(1) .
وعرفه ابن نجیم : ( عدم الاستحضار للشیء وفی وقت حاجته ) وربما قیل « عدم ملااحظة الصورة الحاصلة عند العقل عما من شأن الملاحظة فی الجملة » (2).
وفی کشف الأستار عدة تعریفات :
1 ـ معنى یعتری الإنسان بدون اختیاره فیوجب له الغفلة عن الحفظ .
2 ـ عبارة عن الجهل الطارئ .
3 ـ جهل الإنسان بما کان یعلمه ضرورة مع علمه بأمور کثیرة لا بآفة .
4 ـ آفة تعترض للمخیلة مانعة من انطباع ما یرد من الذکر فیها .
ما الفرق بین السهو والنسیان
ربما أدعى البعض أن لا فرق بین اللفظین إلا أن فی ( الفرق فی اللغویة ) یذکر عدة وجوه .
الأول : إن النسیان إنما یکون عما کان ، والسهو عما لم یکن ، تقول نسیت ما عرفته ، ولا تقول سهوت عما عرفته ، وأنما تقول سهوت عن السجود فی الصلاة ، فتجعل السهو بدلاُ عن السجود الذی لم یکن .
الثانی : إن الإنسان إنما ینسى ما کان ذاکراً له ، والسهو یکون عن ذکر وعن غیر ذکر ، لأنه خفاء المعنى بما یمتنع إدراکه .
الثالث : الشیء الواحد محال أن یسهى عنه فی وقت ، ولا یسهى عنه فی وقت آخر ، وإنما یسهى فی الوقت الآخر عن مثله ، ویجوز أن ینسى الشیء الواحد فی وقت ، ویذاکره فی وقت آخر . وعرفه التفتارانی کما فی التلویح ثم قال وهو ما یسمى ذهولاً وسهواً . (3)
( وإذکر ربک إذا نسیت وقل عسى أن یهدین ربی لأقرب من هذا رشد )(4).
قال ابن کثیر فی تفسیره هذا إرشاد من الله ... تعالى لرسوله صلى الله علیه وآله وسلم الأدب فیما إذا عزم على شیء لیفعله فی المستقبل أن یرد ذلک إلى مشیئة الله عز وجل علام الغیوب الذی یعلم ما کان ، وما یکون ، وما لم یکن لو کان کیف یکون(5).
وکذلک أورد ابن کثیر وجهاً آخر فقال هذا إرشاد من الله تعالى لمن شاء الشیء بذکر الله تعالى لأن النسیان منشؤة الشیطان کما قال فی فتى موسى : وذکر الله تعالى طارد للنسیان ، فإذا ذهب الشیطان ذهب النسیان ، فذکر الله سبب للذکر .
من معانی النسیان : عدم الذکر .
کما فی قوله تعالى: فی قصة موسى وفتاه :( فلما بلغا مجمع بینهما نسیا حوتهما )(6).
وقوله تعالى : ( قال أرأیت إذا اوینا إلى الصخرة فإنی نسیت الحوت ) ،(7).
فالمراد هنا عدم الذکر أی التذکر .
ومن معنى النسیان الغفلة .
منه وقوله تعالى : ( ولکن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذکر وکانوا فرقا بور )(8).
بمعنى غفلوا عن ذکر الله ونسوا موعظته .
ومن معانی النسیان التأخیر .
قوله تعالى : ( ما ننسخ من آیة أو ننسها نأت بخیر منها أو مثله ) إذا همزت ( ننساها ) بمعنى نؤخرها(9).
وإذا قرأت ننساها بدون همزة فتکون بمعنى الترکر ومنه قوله تعالى :
( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض یأمرون بالمنکر وینهون عن المعورف ویقبضون أیدیهم نسوا الله فنسیهم ...)(10).
لما ترکوا أوامر الله وارتکبوا نواهیه ترکهم الله من رحمته عقوبة لهم .
ومن معانی النسیان : الساقط المتروک منه قوله تعالى :
( قالت یا لیتنی مت قبل هذا وکنت نسیاً منسی ) بمعنى متروکاً(11).
إلتزاماً فیما مضى أن نذکر بعض المصادیق البارزة للغلو والطوائف التی التزمت بها وبیان فساد العقائد وانحراف الطوائف عن مبدأ التوحید .
وقد ظهر ان تلک الطوائف التی لا تمت إلى الشیعة الإمامیة بصلة ، بل هی طوائف و فرق منحرفة ضالة توخت الطرق الملتویة لتحقیق مآربها وأهدافها المادیة ، بل وبعضها کان لهدف الإطاحة بالإسلام لأنهم یعدون من الزنادقة الذین نشطت دعوتهم فی أواخر الحکم الأموی واستمروا إلى عهد المتوکل العباسی .
المصادر :
1- کما فی التعریفات للجارجانی 816 ص 215 .
2- حاشیة الأزمیری 2 / 440
3- التلویح 2 / 160
4- الکهف / 24
5- تفسیر ابن کثیر 3 / 78
6- الکهف 61
7- الکهف 63
8- الفرقان 18
9- البقرة 106
10- التوبة 67
11- مریم 23
/ج