الامام محمّد الجواد علیه السلام

هو الإمام التاسع من أئمّة أهل البیت علیهم السلام ، ولد بالمدینة المنورة فی شهر رمضان من سنة خمس وتسعین بعد المائة، فورث الشرف من آبائه واجداده، واستسقت عروقه من منبع النبوّة، وارتوت شجرته من منهل الرسالة.
Thursday, October 10, 2013
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
الامام محمّد الجواد علیه السلام
الامام محمّد الجواد علیه السلام

 





 

هو الإمام التاسع من أئمّة أهل البیت علیهم السلام ، ولد بالمدینة المنورة فی شهر رمضان من سنة خمس وتسعین بعد المائة، فورث الشرف من آبائه واجداده، واستسقت عروقه من منبع النبوّة، وارتوت شجرته من منهل الرسالة.
قام بأمر الولایة بعد شهادة والده الامام الرضا علیه السلام عام 203 هجری، واستشهد ببغداد عام 220 هجری، أدرک خلافة المأمون وأوائل خلافة المعتصم.
أمّا إمامته ووصایته فقد وردت فیها النصوص الوافرة(1).
یلقّب بالجواد والقانع والمرتضى والنجیب والتقی والزکی وغیرها من الألقاب الدالّة على علو شأنه وارتفاع منزلته.
لمّا استشهد الامام الرضا علیه السلام کان الإمام الجواد علیه السلام فی المدینة وقام بأمر الإمامة بوصیة من ابیه وله من العمر تسع او عشر سنین، وکان المأمون قد مارس معه نفس السیاسة التی مارسها مع أبیه علیه السلام خلافاً لاسلافه من العباسیین، حیث إنّهم کانوا یتعاملون مع أئمّة أهل البیت بالقتل والسجن، وکان ذلک یزید فی قلوب الناس حبّاً لاهل البیت وبغضاً للخلفاء، ولمّا شعر المأمون بذلک بدّل ذلک الاسلوب باسلوب آخر وهو استقدام أهل البیت من موطنهم إلى دار الخلافة لکی یشرف على حرکاتهم وسکناتهم، وقد استمرت هذه السیاسة فی حقّهم الى الإمام الحادی عشر کما هو معروف.
وما کان من المأمون عندما استقدم الإمام الى مرکز الخلافة، إلاّ أن شغف به لما رأى من فضله مع صغر سنّه وبلوغه فی العلم والحکمة والأدب وکمال العقل مالم یساوه فیه احد من مشایخ أهل الزمان، فزوّجه ابنته امّ الفضل وحملها معه الى المدینة، وکان حریصاً على اکرامه وتعظیمه واجلال قدره، ونحن نکتفی فی المقام بذکر أمرین:
1 - لمّا توفّی الإمام الرضا علیه السلام وقدم المأمون بغداد اتّفق أنّ المأمون خرج یوماً یتصیّد، فاجتاز بطرف البلدة وصبیان یلعبون ومحمّد الجواد واقف عندهم، فلمّا أقبل المأمون فرّ الصبیان ووقف محمّد الجواد، وعمره آنذاک تسع سنین، فلمّا اقترب منه الخلیفة قال له: یا غلام ما منعک أن لا تفرّ کما فرّ أصحابک؟! فقال له محمّد الجواد مسرعاً: «یا أمیر المؤمنین فرّ أصحابی فرقاً والظنّ بک حسن أنّه لا یفرّ منک من لا ذنب له، ولم یکن بالطریق ضیق فأنتحی» فأعجب المأمون کلامه وحسن صورته فقال له: ما اسمک یا غلام؟ قال: «محمّد بن علی الرضا علیه السلام » فترحّم على أبیه(2).
2 - لمّا أراد المأمون تزویج ابنته أمّ الفضل من الإمام الجواد ثقل ذلک على العباسیین وقالوا له: نشهدک الله أن تقیم على هذا الامر الذی عزمت علیه من تزویج ابن الرضا فانّا نخاف أن تخرج به عنّا أمراً قد ملّکناه الله! وتنزع منّا عزّاً قد ألبسناه الله! فقد عرفت ما بیننا وبین هؤلاء القوم قدیماً وحدیثاً، وما کان علیه الخلفاء الراشدون قبلک من تبعیدهم والتصغیر بهم، وقد کنّا فی وهلة من عملک مع الرضا حتى کفى الله المهم من ذلک - إلى أن قالوا-: إنّ هذا الفتى وإن راقک منه هدیه فإنّه صبی لا معرفة له فأمهله حتى یتأدّب ویتفقّه فی الدین ثمّ اصنع ما ترى.
قال المأمون: ویحکم إنّی اعرف بهذا الفتى منکم، وإنّ أهل هذا البیت علمهم من الله تعالى وإلهامه، ولم یزل آباؤه أغنیاء فی علم الدین والادب من الرعایا الناقصة عن حد الکمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر حتى یتبیّن لکم ما وصفت لکم من حاله. قالوا: رضینا.
فخرجوا واتّفق رأیهم على أنّ یحیى بن أکثم یسأله مسألة وهو قاضی الزمان فأجابهم المأمون على ذلک.
واجتمع القوم فی یوم اتّفقوا علیه ، وامر المأمون أن یفرش لابی جعفر دست ففعل ذلک، وجلس یحیى بن أکثم بین یدیه، وقام الناس فی مراتبهم، والمأمون جالس فی دست متّصل بدست أبی جعفر علیه السلام.
فقال یحیى بن أکثم للمأمون: أتأذن لی یا أمیر المؤمنین أن أسال أبا جعفر؟
فقال: استأذنه فی ذلک.
فأقبل علیه یحیى وقال: أتأذن لی جعلت فداک فی مسألة؟
فقال: «سل إن شئت».
فقال: ما تقول جعلت فداک فی مُحرم قتل صیداً؟
فقال الامام أبو جعفر علیه السلام: « فی حل أو حرم؟ عالماً کان المحرم أو جاهلا؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حرّاً کان المحرم أو عبداً؟ صغیراً کان أو کبیراً؟ مبتدئاً کان بالقتل أو معیداً؟ من ذوات الطیر کان الصید أم غیرها؟ من صغار الصید أم کبارها؟ مصرّاً کان على ما فعل أو نادماً؟ لیلاً کان قتله للصید أم نهاراً؟ محرماً کان بالعمرة إذ قتله أو بالحج کان محرماً؟».
فتحیّر یحیى وبان فی وجهه العجز والانقطاع، وتلجلج حتى عرف أهل المجلس أمره.
فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفیق لی فی الرأی، ثمّ قال لأبی جعفر علیه السلام: اخطب لنفسک فقد رضیتک لنفسی وأنا مزوّجک أمّ الفضل ابنتی(3).
ولمّا تمّ الزواج قال المأمون لابی جعفر: إن رأیت جعلت فداک أن تذکر الجواب فیما فصّلته من وجوه قتل المُحرم الصید لنعلمه ونستفیده.
فقال الامام أبو جعفر علیه السلام : «إنّ المحرم إذا قتل صیداً فی الحل وکان الصید من ذوات الطیر وکان من کبارها فعلیه شاة، فإن أصابه فی الحرم فعلیه الجزاء مضاعفاً، فإن قتل فرخاً فی الحل فعلیه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله فی الحرم فعلیه الحمل وقیمة الفرخ، وإن کان من الوحش وکان حمار وحش فعلیه بقرة، وإن کان نعامة فعلیه بدنة، وإن کان ظبیاً فعلیه شاة، فإن قتل شیئاً من ذلک فی الحرم فعلیه الجزاء مضاعفاً هدیاً بالغ الکعبة، وإذا أصاب المحرم ما یجب علیه الهدی فیه وکان إحرامه بالحج نحره بمنى، وإن کان احرامه بالعمرة نحره بمکّة، وجزاء الصید على العالم والجاهل سواء، وفی العمد له المأثم وهو موضوع عنه فی الخطأ، والکفّارة على الحر فی نفسه، وعلى السیّد فی عبده، والصغیر لا کفّارة علیه وهی على الکبیر واجبة، والنادم یسقط بندمه عنه عقاب الآخرة، والمصر یجب علیه العقاب فی الآخرة».
فقال له المأمون: أحسنت یا أبا جعفر...(4).
رجوع الامام الجواد علیه السلام إلى المدینة:
ثمّ إنّ أبا جعفر بعد أن أقام مدّة فی بغداد هاجر إلى المدینة وسکن بها مدّة إلى أن توفّی المأمون وبویع المعتصم، ولم یزل المعتصم متفکّراً فی المام أبی جعفرعلیه السلام یخاف من اجتماع الناس حوله ووثوبه على الخلافة، فلأجل ذلک مارس نفس السیاسة التی مارسها أخوه المأمون من قبله فاستقدم الإمام الجواد علیه السلام إلى بغداد سنة 220(5) وبقی فیها علیه السلام حتى استشهد فی آخر ذی القعدة من تلک السنة، وله من العمر 25 سنة وأشهر. ودفن عند جدّه الامام موسى بن جعفر علیه السلام فی مقابر قریش.
ولا یخفى أنّه لو کان تاریخ وروده إلى بغداد هی سنة 225 هجری، یکون له یوم وفاته 30 سنة من العمر لأنّه ولد عام 195 هجری.
وقال ابن شهر آشوب: إنّه قبض مسموماً(6).
فسلام الله على إمامنا الجواد یوم ولد، ویوم استشهد ، ویوم یبعث حیّاً.
 
المصادر :
1- أنظر الکافی 1 / 320 - 323، اثبات الهداة 3 / 321 - 328.
2- الفصول المهمّة 266.
3- الارشاد 319 - 321، وإعلام الورى 352 وللقصّة صلة فراجع.
4- الارشاد 322.
5- وفی الارشاد 326، وفی اعلام الورى 304: وکان سبب ورود الإمام الى بغداد إشخاص المعتصم له من المدینة، فورد بغداد للیلتین بقیتا من محرّم الحرام سنة 225 هجری... ثمّ یقول: وکان له یوم قبض 25 سنة.
6- ابن شهر آشوب: المناقب 4 / 379.



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.