
کان إسلام عمر بن الخطاب بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله علیه و سلم إلى أرض الحبشة فرارا من ظلم وتعسف وملاحقة المستضعفین من المسلمین والتنکیل بهم .
أحمد عن یونس عن ابن اسحاق قال : حدثنی عبد الرحمن بن الحارث عن عبد العزیز بن عبد الله عن عبد الله بن عامر بن ربیعة عن أمه لیلى قالت : کان عمر بن الخطاب من أشد الناس علینا فی إسلامنا فلما تهیأنا للخرج إلى أرض الحبشة جاءنی عمر بن الخطاب و أنا على بعیری فقال : أین یا أم عبد الله ؟ فقلت له : آذیتمونا فی دیننا فنذهب إلى أرض الله عز و جل حیث لا نؤذى فی عبادة الله فقال : صحبکم الله فذهب ثم جاءنی زوجی عامر بن ربیعة فأخبرته بما رأیت من رقة عمر فقال : أترجین یسلم ؟ فقلت : نعم فقال : و الله لا یسلم حتى یسلم حمار الخطاب
أحمد عن یونس عن ابن اسحاق قال : ثم إن قریشا بعثت عمر بن الخطاب و هو یومئذ مشرک فی طلب رسول الله صلى الله علیه و سلم و رسول الله صلى الله علیه و سلم فی دار فی أصل الصفا
و لقیه النحام و نعیم بن عبد الله بن أسد أخو بنی عدی بن کعب قال : و أسلم قبل ذلک و عمر متقلد سیفه فقال : یا عمر أین تراک تعمد ؟ فقال : أعمد إلى محمد هذا الذی سفه أحلام قریش و سفه آلهتنا و خالف جماعتنا فقال له النحام : و الله لبئست الممشى مشیت یا عمر و لقد فرطت و أردت هلکة بنی عدی بن کعب أو تراک تنفلت من بنی هاشم و بنی زهرة و قد قتلت محمدا صلى الله علیه و سلم فتحاورا حتى ارتفعت أصواتهما فقال له عمر : إنی لأظنک قد صبأت و لو أعلم ذلک لبدأت بک فلما رأى النحام أنه غیر منته قال : فإنی أخبرک أن أهلک و أهل ختنک قد أسلموا و ترکوک و ما أنت علیه من ضلالتک فلما سمع عمر تلک المقالة بقولها قال : و أیهم ؟ قال : ختنک و ابن عمک و أختک فانطلق عمر حتى أتى أخته و کان رسول الله صلى الله علیه و سلم إذا أتته الطائفة من أصحابه من ذوی الحاجة نظر إلى أولی السعة فیقول : عندک فلان فلیکن إلیک فوافق ذلک ابن عم عمر و ختنه : زوج أخته : سعید بن زید بن عمرو بن نفیل فدفع إلیه رسول إلیه رسول الله صلى الله علیه و سلم خباب بن الأرت مولى ثابت بن أم أنمار حلیف بنی زهرة و قد أنزل الله عز و جل : { طه ما أنزلنا علیک القرآن لتشقى إلا تذکرة لمن یخشى } و کان رسول الله صلى الله علیه و سلم دعا لیلة الخمیس فقال : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبی الحکم بن هشام فقال ابن عم عمر و أخته : نرجو أن یکون دعوة رسول الله صلى الله علیه و سلم لعمر فکانت فأقبل عمر حتى انتهى إلى باب أخته لیغیر علیها ما بلغه من إسلامها فإذا خباب بن الأرت عند أخت عمر یدرس علیها { طه } و یدرس علیها { إذا الشمس کورت } و کان المشرکون یدعون الدراسة " الهیمنة " فدخل عمر فلما أبصرته أخته عرفت الشر فی وجهه فخبأت الصحیفة و راغ خباب فدخل البیت فقال عمر لأخته : ما هذه الهیمنة فی بیتک ؟ قالت : ما عدا حدیثا یتحدث به بیننا فعذلها و حلف ألا یخرج حتى تبین شأنها فقال له زوجها سعید بن زید بن عمرو بن نفیل : إنک لا تستطیع أن تجمع الناس على هواک یا عمر و إن کان الحق سواه فبطش به عمر فوطئه وطیا شدیدا و هو غضبان فقامت إلیه أخته تحجزه عن زوجها فنفحها عمر بیده فشجها فلما رأت الدم قالت : هل تسمع یا عمر ؟ أرأیت کل شیء بلغک عنی مما یذکر من ترکی آلهتک و کفری باللات و العزى فهو حق أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله فائتمر أمرک و اقض ما أنت قاض فلما رأى ذلک عمر سقط فی یدیه فقال عمر لأخته : أرأیت ما کنت تدرسین ؟ أعطیک موثقا من الله لا أمحوها حتى أردها إلیک و لا أرتبک فیها فلما رأت ذلک أخته و رأت حرصه على الکتاب رجت أن تکون دعوة رسول الله صلى الله علیه و سلم له فقالت : إنک نجس { و لا یمسه إلا المطهرون } و لست آمنک على ذلک فاغتسل غسلک من الجنابة و أعطنی موثقا امنن إلیه نفسی ففعل عمر فدفعت إلیه الصحیفة و کان عمر یقرأ الکتاب فقرأ { طه 00 ، } حتى إذا بلغ { إن الساعة آتیة أکاد أخفیها لتجزى کل نفس بما تسعى } إلى قوله { فتردى } و قرأ { إذا الشمس کورت } حتى بلغ { علمت نفس ما أحضرت } فأسلم عند ذلک عمر فقال لأخته و ختنه : کیف الإسلام ؟ قالا : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له و أن محمدا عبده و رسوله و تخلع الأنداد و تکفر باللات و العزى ففعل ذلک عمر و خرج خباب بن الأرت و کان فی البیت داخلا فکبر خباب و قال : أبشر یا عمر بکرامة الله فإن رسول الله صلى الله علیه و سلم قد دعا لک أن یعز الله الإسلام بک قال عمر : فدلونی على المنزل الذی فیه رسول الله صلى الله علیه و سلم فقال له خباب بن الأرت : أنا أخبرک فأخبره أنه فی الدار التی فی أصل الصفا فأقبل عمر و هو حریص على أن یلقى رسول الله صلى الله علیه و سلم و قد بلغ رسول الله صلى الله علیه و سلم أن عمر یطلبه لیقتله و لم یبلغه إسلامه فلما انتهى عمر إلى الدار استفتح فلما رأى أصحاب رسول الله صلى الله علیه و سلم عمر متقلدا بالسیف أشفقوا منه فلما رأى رسول الله صلى الله علیه و سلم وجل القوم قال : افتحوا له فإن کان الله عز و جل یرید بعمر خیرا اتبع الإسلام و صدق الرسول و إن کان یرید غیر ذلک لم یکن قتله علینا هینا فابتدره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله علیه و سلم و رسول الله صلى الله علیه و سلم یوحى إلیه فخرج رسول الله صلى الله علیه و سلم حین سمع صوت عمر و لیس علیه رداء حتى أخذ بمجمع قمیص عمر و ردائه فقال له رسول الله صلى الله علیه و سلم : ما أراک منتهیا یا عمر حتى ینزل الله بک من الرجز ما أنزل بالولید بن المغیرة ثم قال : اللهم اهد عمر فضحک عمر فقال : یا نبی الله أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله فکبر أهل الإسلام تکبیرة واحدة سمعها من وراء الدار و المسلمون یومئذ بضعة و أربعون رجلا و إحدى عشرة امرأة
أحمد عن یونس عن ابن اسحاق قال : قال عمر حین أسلم :
( الحمد لله ذی المن الذی وجبت ... له علینا أیاد ما لها غیر )
( و قد بدأنا فکذبنا فقال لنا ... صدق الحدیث نبی عنده الخبر )
( و قد ظلمت ابنة الخطاب ثم هدى ... ربی عشیة قالوا قد صبا عمر )
( و قد ندمت على ما کان من زلل ... بظلمها حین تتلى عندها السور )
( لما دعت ربها ذا العرش جاهدة ... و الدمع من عینها عجلان یبتدر )
( أیقنت أن الذی تدعوه خالقها ... فکاد یسبقنی من عبرة درر )
( فقلت أشهد أن الله خالقنا ... و أن أحمد فینا الیوم مشتهر )
( نبی صدق أتى بالحق من ثقة ... وافی الأمانة ما فی عوده خور )
أحمد عن یونس عن ابن اسحاق قال : حدثنی نافع عن ابن عمر قال : لما أسلم عمر بن الخطاب قال : أی أهل مکة أنقل للحدیث ؟ قالوا : جمیل بن معمر الجمحی فخرج عمر و خرجت وراء أبی و أنا غلیم أعقل کلما رأیت حتى أتاه فقال : یا جمیل هل علمت أنی أسلمت ؟ فوالله ما راجعه الکلام حتى قام یجر رداءه و خرج عمر معه و أنا مع أبی حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته : یا معشر قریش إن عمر قد صبا فقال عمر : کذبت و لکنی أسلمت فبادروه فقاتلهم و قاتلوه حتى قامت الشمس على رؤوسهم و بلح فجلس و عرشوا على رأسه قیاما و هو یقول : اصنعوا ما بدا لکم فأقسم بالله لو قد کنا ثلاث مائة رجل لقد ترکتموها لنا أو ترکناها لکم فبینا هم على ذلک إذ أقبل شیخ من قریش علیه حلة حبرة و قمیص قومسی فقال : مه ؟ فقالوا : خیرا عمر بن الخطاب صبا فقال : فمه ؟ رجل اختار لنفسه دینا أترون بنی عدی بن کعب یسلمون لکم صاحبکم هکذا عن الرجل ؟ فوالله لکأنما کان ثوب کشف عنه فلما قدمنا المدینة قلت : یا أبة من الرجل صاحب الحلة الذی صرف القوم عنک ؟ قال : ذاک العاصی بن وائل السهمی
أحمد نا یونس عن ابن اسحاق قال : حدثنی المنکدر أن أعرابیا من بنی الدیل قال حیث بلغه أمر رسول الله صلى الله علیه و سلم و ظهوره و اختلاف الناس بها قال : فما فعل الأصلع الطوال الأعسر ؟ مع أی الحزبین هو ؟ فوالله لیملأنها غدا خیرا أو شرا یعنی عمر بن الخطاب ..
المصدر:
سیره ابن اسحاق ص160
/ج