اشراقة النور

فی السنتین الخامسة والسادسة للهجرة النبویة ، دخل المسلمون مرحلة جدیدة تمیزت بتثبیت الوجود والکیان الاسلامی بعد سنوات من النضال والمقاومة والمعاناة .
Monday, January 13, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
اشراقة النور
 اشراقة النور

 





 

فی السنتین الخامسة والسادسة للهجرة النبویة ، دخل المسلمون مرحلة جدیدة تمیزت بتثبیت الوجود والکیان الاسلامی بعد سنوات من النضال والمقاومة والمعاناة .
فقد بادر المسلمون فی هاتین السنتین الى القیام بحملات عسکریة هجومیة ضد أعدائهم الذین کانوا یتآمرون ویتهیئون للقضاء على القوة الاسلامیة الناشئة ، وبذلک یکون المسلمون قد تجاوزوا مرحلة الدفاع الى مرحلة المبادرة والهجوم .

ومن الغزوات التی حصلت خلال هاتین السنتین :

غزوة ذات الرقاع : ـ

والتی یروى أنها حصلت فی شهر المحرم من السنة الخامسة للهجرة ، حیث قاد رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) أربعمائة رجلٍ من أصحابه للهجوم على جماعة من غطفان من بنی محارب وبنی ثعلبة بنجد حیث بلغه انهم یعدّون العدة لمحاربته .(1)

غزوة دومة الجندل : ـ

وکانت فی شهر ربیع الأول فی السنة الخامسة للهجرة ، حیث هاجم رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) على رأس ألف من أصحابه جمعاً من المشرکین فی منطقة قریبة من دمشق الشام حیث یفصل بینها وبین الشام مسیر خمس لیال ، بینما تبعد عن المدینة مسیر خمسة عشر یوماً ، ویبدو أن هذه الغزوة کانت بمثابة رسالة واشارة لقیصر ملک الروم کما یشیر بعض المؤرخین . (2)

غزوة بنی المصطلق : ـ

وقعت فی شهر شعبان من السنة الخامسة للهجرة ، وبنوا المصطلق بطن من خزاعة کانوا یقیمون فی ناحیة بین مکة والمدینة وقد علم المسلمون أن بنی المصطلق یشترون الأسحلة والخیول استعداداً للهجوم على المسلمین ، فبادرهم رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) فی سبعمائة رجل من أصحابه فهزمهم . (3)

غزوة الخندق أو ( واقعة الأحزاب ) : ـ

وهی من المعارک الحاسمة والفاصلة فی تاریخ المسلمین ، حیث تآمر الیهود وقریش وغطفان والعدید من قبائل الکفار المعادیة وحشدوا لهم جیشاً کبیراً یقدر بعشرة الآف رجل مع استعداد عسکری ضخم ، وقرروا الهجوم على المدینة وانهاء الوجود الاسلامی .
وأمام هذا الحشد الرهیب الزاحف نحو المدینة شاور الرسول ( صلی الله علیه وآله وسلم) أصحابه فی الموقف وقرروا حفر خندق حول المدینة یمنع هجوم الأعداء علیها وکانت تلک فکرة سلمان الفارسی ( رضی الله عنه)
وبالفعل فوجئت الأحزاب بهذه الخطة ولم یستطیعوا اقتحام المدینة ، ولما اقتحم أبرز فرسان التحالف المعادی وهو عمرو بن عبد ودّ العامری والمعروف بقوته وشجاعته استقبله الإمام علی بن أبی طالب ( علیه السلام) بشجاعة نادرة وتصاول معه ثم أرداه قتیلاً مما أوقع الهزیمة فی نفوس الجیوش المتحالفة وعادت خائبة .
وأکدت غزوة الخندق التی وقعت فی شهر شوال فی السنة الخامسة للهجرة مناعة الدولة الاسلامیة وعجز الأعداء أمامها مهما تآمروا وحشدوا من قوة .

غزوة بنی قریظة : ـ

وهم من الیهود وقد تآمروا مع الأحزاب ضد المسلمین فی واقعة الخندق لذلک بادرهم النبی ( صلى الله علیه وآله ) بالهجوم بعد الخندق مباشرة أواخر شهر ذی القعدة للسنة الخامسة للهجرة ، وحاصرهم وکانوا متحصّنین فی منطقتهم حوالی عشرین لیلة ، حتى استسلموا ، محکّمین أحد الصحابة فی أمرهم وهو سعد بن معاذ فحکم بقتل رجالهم المحاربین وسبی نسائهم وصارت أموالهم الکثیرة وأسلحتهم غنائم عظیمة للمسلمین . (4)
اضافة الى هذه المعارک الهامة کانت هناک سرایا کثیرة خلال هاتین السنتین ، حیث بعث رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) بعض فرق جیشه لمواجهة القوى المناوئة للمسلمین ، ومنها : (5)
1 ـ سریة نجد بقیادة محمد بن مسلمة فی شهر المحرم السنة السادسة للهجرة
2 ـ سریة عکاشة بن محصن الى الغمر قرب المدینة فی ربیع الأول السنة السادسة
3 ـ سریة أبی عبیدة الى ذی القصة قرب المدینة
4 ـ سریة زید بن حارثة الى بنی سلیم بالجموم قرب المدینة
5 ـ سریة زید بن حارثة الى الطراف
6 ـ سریة زید بن حارثة الى العیص فی شهر جمادی الأولى للنسة السادسة
7 ـ سریة زید بن حارثة الى جسمس خلف وادی القرى فی شهر جمادی الثانی للسنة السادسة
8 ـ سریة زید بن حارثة الى وادی القرى بین الشام والمدینة فی شهر رجب السنة السادسة
9 ـ سریة علی بن أبی طالب الى بنی سعد بن بکر بفدک فی شهر شعبان للسنة السادسة
10 ـ سریة عبد الرحمن بن عوف الى دومة الجندل فی شهر شعبان أیضاً
11 ـ سریة کرز بن جابر الفهری الى العرتین فی شهر شوال للسنة السادسة
12 ـ سریة عبدالله بن رواحة الى اسیر بن زارم الیهودی فی شهر شوال أیضاً الى العدید من السریا الأخرى .
أما الحدث الأهم فی السنة السادسة للهجرة على الصعید العسکری والسیاسی فکان صلح الحدیبیة حیث خرج رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) فی شهر ذی القعدة للسنة السادسة على رأس حوالی ( 1500 ) من أصحابه قاصداً دخول مکة للعمرة وزیارة البیت الحرام ، فکان فی ذلک أحراج کبیر لقریش ، مما دفعها للمفاوضات مع المسلمین والتی انتهت بعقد اتفاقیة الصلح بین قریش والمسلمین والتی عرفت بصلح الحدیبیة ، وکان محتواها اعتراف قریش بکیان الإسلام ووجود المسلمین (6) وقد سماها القرآن الکریم فتحاً مبیناً ( إنا فتحنا لک فتحاً مبیناً ) . (7)
وهکذا تجذرت قوة المسلمین خلال هذه الفترة ، واستثماراً لذلک وتتوجیاً له بعث رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) رسائل الى ملوک العالم ککسرى ملک الفرس وقیصر ملک الروم والنجاشی ملک الحبشة ، کما بعث للمنذر بن ساوى زعیم عبد القیس حاکم البحرین وجیفربن جلندی وعباد بن جلندی صاحبی عمان ، والى المقوقس صاحب الاسکندریة وغیرهم . . . وقد تضمنت تلک الرسائل دعوة الملوک الى الاسلام وتعریفهم بدعوته وقد استجاب العدید منهم للدعوة واعتنق الاسلام مع قومه .
هذا على المستوى السیاسی العام ، أما على المستوى الداخلی للمجتمع الاسلامی فقد کانت مبادئ الاسلام وقیمه تتعمق فی النفوس أکثر على حساب رواسب الجاهلیة والکفر ، وکانت محاولات المغرضین غیر الصادقین فی اسلامهم تفشل فی إثارة النعرات الجاهلیة ، کما حصل فی غزوة بنی المصطلق من تحریض رأس النفاق ابن اُبی على الفتنة بین المهاجرین والأنصار لکن محاولته وئدت بوعی المسلمین وتصدی رسول الله ( صلى الله علیه وآله )
وکان للوحی الآلهی دور أساسی فی انجاح عملیة تجذیر القیم الایمانیة الجهادیة فی نفوس المسلمین ، حیث کان یکشف ویفضح الحالات النفاقیة التی کانت تحصل فی تلک الفترة من قبل بعض المنضوین تحت رایة الاسلام ، ففی غزوة الخندق تخلفت طائفة من المنافقین عن العمل فی حفر الخندق بمبرر الضعف والعجز . کما أن البعض کان یتسلل ویهرب خفیة عن القیام بواجبه ، فنزل الوحی متحدثاً عن هذه الظاهرة موبخاً المنافقین کاشفاً لسلوکهم ، وذلک فی أواخر سورة النور من قوله ( تعالى ) : ـ ( إنما المؤمنون الذین آمنوا بالله ورسوله وإذا کانوا معه على أمر جامع لم یذهبوا حتى یستئذنوه ) الى قوله ( تعالى ) : ( قد یعلم الله الذین یتسللون منکم لواذاً فلیحذر الذین یخالفون عن أمره أن تصیبهم فتنة أو یصیبهم عذاب ألیم )(8)
على الصعید العائلی بالنسبة للرسول ( صلى الله علیه وآله ) فقد أضاف الى حیاته العائلیة بعض الزوجات خلال هاتین السنتین حیث تزوج جویریة بنت الحارث من سبایا غزوة المصطلق ـ التی سبق ذکرها ـ فی شهر شعبان السنة الخامسة للهجرة .
کما تزوج فی السنة السادسة تقریباً ابنة عمته زینب بنت جحش بعد ان طلقها زید بن حارثة فی قصة مشهورة تحدث عنها القرآن الکریم فی سورة الأحزاب ( آیة 37 وما بعدها)
وقد اُضیفت هاتان الزوجتان الى زوجات خمس کن لدى رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) وهن :
1 ـ سودة بنت زمعة
2 ـ عائشة بنت أبی بکر
3 ـ حفصة بنت عمر بن الخطاب
4 ـ أم سلمة بنت أبی أمیة
5 ـ زینب بنت خزیمة (9)
ولم تنجب أی واحدة من هذه الزوجات لرسول الله ( صلی الله علیه وآله وسلم ) شیئاً ومن الأحداث العائلیة البارزة فی بیت رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) خلال هذه الفترة ، ما حصل لزوجته عائشة بنت أبی بکر عند رجوعها من غزوة بنی المصطلق السابقة الذکر حیث تخلفت فی الصحراء تبحث عن عقد لها أضاعته ، ولم یلتفت المسلمون وسار رکبهم ظانین أنها فی هودجها فلما وصلوا المدینة لم یجدوها
لکنها فیما بعد لقیها أحد الصحابة فی الطریق وهو صفوان بن المعطل السلمی فجاء بها الى المدینة . فوجد المنافقون فیما حصل فرصة سانحة لإثارة الشکوک حول زوج رسول الله ، مما سبب الأذى والحرج لرسول الله ، والذی أذن لعائشة أن تبقى آنذاک فی منزل أبیها حتى نزل الوحی من الله یبرئ ساحتها فی بضع آیات من سورة النور وعرفت هذه القضیة بقصة الإفک . (10)
وشهدت هذه الفترة صعوبة اقتصادیة بالغة للمسلمین کما تشیر بعض قصص غزوة الخندق (11) وحتى الطبیعة بخلت علیها بمائها حیث أجدب الناس جدباً شدیداً فاستسقى رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) بالناس فی رمضان فی السنة السادسة . (12)
وفی هذه الفترة تألق نجم علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) أکثر فی سماء المجتمع الإسلامی ، حیث حسمت شجاعته الرائعة الموقف لصالح المسلمین فی واقعة الخندق بقتله عمرو عبد ودّ العامری .
وکانت اشراقة النور بولادة السیدة زینب ( علیه السلام ) خلال هذه الفترة التی تحدثنا عن أجوائها وظروفها وأوضاعها فان اقوال المؤرخین قد اختلف فی تحدید تاریخ ولادتها ، والأرجح من أقوال المؤرخین قولان :
السنة الخامسة فی الخامس من شهر جمادى الأول أو السنة السادسة مطلع شهر شعبان. أی بین سنتی : ( 626 م ـ 627 م) (13)
المصادر :
1- سیرة الرسول وخلفاؤه/ السید علی الحسنی ج 3 ، ص 257
2- تاریخ الاسلام / الحافظ الذهبی ـ کتاب المغازی ـ ص 258 .
3- المصدر السابق ، ص 259 .
4- الکامل فی التاریخ / ابن الأثیر ، ج 2 ، ص 185 .
5- المغازی / الحافظ الذهبی ص 350 ـ 361 .
6- سیرة الرسول وخلفائه / السید علی الحسنی ج 3 ، ص 407 .
7- سورة الفتح
8- سورة النور ، الآیة ( 62 ـ 64 )
9- الکامل فی التاریخ / ابن الأثیر ، ج 2 ، 307 .
10- سیرة الرسول وخلفائه / السید علی الحسنی ج 3 ، ص 281 .
11- المصدر السابق ص 319 .
12- الکامل فی التاریخ / ابن الأثیر ج 2 ، ص 210 .
13- زینب الکبرى / النقدی ص 18 .



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.