علاقة الانسان ببیئته

لقد ضُمّن الإسلام مجموعة من المبادئ والقواعد التی تضبط سلوکیات الإنسان فی تعامله مع بیئته بما یصونها ویحفظها، وحدد الصلاحیات والسلوکیات التی ینبغی للانسان ان یتبعها لیحیی حیاة طیبة آمنة ، منها:
Monday, January 20, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
علاقة الانسان ببیئته
علاقة الانسان ببیئته

 





 

لقد ضُمّن الإسلام مجموعة من المبادئ والقواعد التی تضبط سلوکیات الإنسان فی تعامله مع بیئته بما یصونها ویحفظها، وحدد الصلاحیات والسلوکیات التی ینبغی للانسان ان یتبعها لیحیی حیاة طیبة آمنة ، منها:

الدعوة إلى الإصلاح والنهی عن الفساد والإفساد:

الفساد ضد الصلاح، وهو کل سلوک بشری یفسد نعم اللَّه ویحیلها إلى مصدر ضرر وخطورة على الحیاة، وقد نهى الإسلام عن الفساد والإفساد: ﴿... وَلا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا..﴾(1).

فکل شی‏ء بما فیه الأرض بشؤونها قائم على الصلاح ولکن الإنسان هو الذی یفسد، وفی قوله تعالى:

﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِی الْأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیهَا وَیُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا یُحِبُّ الْفَسَادَ﴾(2).

ورد أنها نزلت فی الأخنس بن شریق الذی أقبل على النبی وأعلن إسلامه ثم خرج فمرّ بزرع فأحرقه، وحمر فعقرها فذکر تعالى ما فعله الأخنس بأنه إفساد ومخالف للسلوک الإسلامی القویم.

الدعوة إلى الاعتدال:

على الإنسان نبذ الإسراف وسلوک الطریق الوسطى فلا افراط ولا تفریط، وهو مبدأ عام لا یختص فی جانب معین، فقد نهى الإسلام عن الإسراف لما فیه من أضرار کثیرة، وهو کل سلوک یتعدى الحدود المعقولة والمقبولة، وإذا عطفنا الکلام على موضوع البیئة فإنه یتمثل فی الاستخدام المفرط لموارد البیئة بما یشکل خطراً وضرراً على البیئة ومواردها:

﴿...وَکُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ﴾(3).
﴿... وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِیراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ کَانُوا إِخْوَانَ الشَّیَاطِینِ وَکَانَ الشَّیْطَانُ لِرَبِّهِ کَفُوراً﴾(4).

فهذا النص القرآنی عامّ فیشمل کل سلوک إنسانی.
والحق أن الإسراف فی استخدام موارد البیئة قد یهدّد البشریة بأخطار کثیرة فمثلاً الإسراف فی قطع الأشجار والنباتات أدى إلى مثل جرف التربة الفیضانات العنیفة انتشار التصحّر، الاختلال فی دورة الأوکسجین وثانی أوکسید الکربون وغیر ذلک. والقرآن دعا من خلال هذه الایات إلى الاعتدال والوسطیة، أی الاستخدام الراشد والاستثمار دون استنزاف لأن اللَّه جعل لکل شی‏ء قدراً ومنها البیئة، والموازنة بین القدرة الانتاجیة للبیئة وبین النمو السکانی، والموازنة بین الأعمال اللازمة لاشباع احتیاجاته المتسارعة وبین المحافظة على البیئة سلیمة خالیة من العطب والخلل، فلا تعنی حمایة البیئة أن نترک کنوز الأرض فی مواقعها، ولا التحریم المطلق للاستفادة من ثروات الأرض الحیوانیة والنباتیة بل تعنی الاستفادة دون إسراف لأن البیئة لیست ملکاً لجیل بعینه یتصرف بها کیف یشاء بل هی میراث البشریة.

رعایة الأحیاء الفقیرة:

کما دعا الإسلام إلى الحفاظ على موارد البیئة ومکوّناتها، ودعا إلى عدم الإسراف فی استخدامها فإنه حارب أیضاً کل ما یؤدی إلى فسادها، ولا شک أن الفقر هو أحد الأسباب الکامنة لانتشار الأمراض والأوبئة، لذلک رغب الإسلام فی بناء مجتمع یتکامل أبناؤه اجتماعیاً، وإضافة إلى ما أوجبه من فرائض مالیة کالخمس والزکاة، دعا إلى الإنفاق والتصدق بما یرفع حاجة المحتاجین، وما أکثر الآیات الشریفة الواردة فی ذلک:

﴿وَمَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِیتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ کَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُکُلَهَا ضِعْفَیْنِ فَإِنْ لَمْ یُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ﴾(5).

الدعوة إلى استزراع الأرض وحمایة البیئة:

أودع تعالى فی مکونات البیئة الحیویة الکثیر من المنافع الملموسة وغیر الملموسة التی سخرها بقدرته وحکمته لخدمة الإنسان وتوفیراً لمتطلبات حیاته قال تعالى:

﴿وَهُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْکُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَهَا...﴾(6).
﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَکُمْ فِیهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْکُلُونَ﴾(7).

وهذه الآیات واردة فی مقام المِنّة على الإنسان وأنه تعالى أنعم بها على الإنسان فواجبه هو أن یقوم بشکرها والمحافظة علیها من التلف أو التلوّث أو غیر ذلک.
لأن هذه المخلوقات والکائنات تشارکه الحیاة وأن وجودها مهم لاستمراره.

الابتعاد عن المعاصی:

فإن المعاصی لا یقتصر أثرها على العقاب الأخروی بل إن بعضها سبب فی انتشار الأمراض الخبیثة.
فعن رسول اللَّه صلى الله علیه وآله وسلم:
"یا علی فی الزنا ست خصال ثلاث منها فی الدنیا، وثلاث فی الاخرة فأما التی فی الدنیا فیذهب بالبهاء، ویعجّل الفناء ویقطع الرزق"(8).
وعن الإمام الباقر علیه السلام:
"... وإن الیمین الکاذبة وقطیعة الرحم لتذرانّ الدیار بلاقع من أهلها... "(9).
وفی روایة أخرى عن الإمام الباقر علیه السلام: وجدنا فی کتاب رسول اللَّه صلى الله علیه وآله وسلم: "... وإذا منعوا الزکاة منعت الأرض برکتها من الزرع والثمار والمعادن کلها"(10).
وبمضمون هذه الروایات وردت روایات أخرى کثیرة تثبت الأثر الدنیوی للذنوب وخصوصاً على مستوى الرزق والثمر والمطر.
ولیس أدل على ذلک من الآیة الکریمة:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْیَةً کَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً یَأْتِیهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا کَانُوا یَصْنَعُونَ﴾(11).

وهکذا فإن اتباع الإنسان لهواه، ورکضه وراء شهواته واشباع غرائزه على حساب المثل العلیا، وترجیحه لرغبات یومه دون التفات إلى غده، یُحدث الفساد فی الکون کلّه:

﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِیهِنَّ...﴾(12).

المصادر :
1- الاعراف:85.
2- البقرة:205.
3- الاعراف:31.
4- الاسراء:26-27.
5- البقرة:256.
6- النحل:14.
7- النحل:5.
8- میزان الحکمة، ح‏7648.
9- وسائل الشیعة، ج‏21، ص‏493.
10- الکافی، ج‏2، ص‏374.
11- النحل:112.
12- المؤمنون:71.



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.