التحبب والتودد

ما هی الأمور التی ینبغی أن یمارسها الزوج والزوجة لکی تزداد المحبة فی البین الأسری؟ وکیف یمکن لنا أن نجعل الحاکم فی المنزل هو الحب والوئام؟ حتى لو کان لنا الکثیر من الأبناء، وکنا نعیل فی بیوتنا إخواناً وأخواتٍ فمحبة الزوج یجب أن
Wednesday, January 29, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
التحبب والتودد
 التحبب والتودد

 





 

ما هی الأمور التی ینبغی أن یمارسها الزوج والزوجة لکی تزداد المحبة فی البین الأسری؟ وکیف یمکن لنا أن نجعل الحاکم فی المنزل هو الحب والوئام؟ حتى لو کان لنا الکثیر من الأبناء، وکنا نعیل فی بیوتنا إخواناً وأخواتٍ فمحبة الزوج یجب أن تتقدم على محبة الآخرین؛ وإذا ما فعلنا ذلک سنصل بحول الله وقوته إلى نتیجة طیبة وحسنة.

الکبیرة التی تبدو صغیرة

إن علماء النفس یستخدمون عبارة "الصغار الکبار" فی بعض بحوثهم النفسیة، وهذه العبارة بحدّ ذاتها تحمل فی طیاتها لطافة خاصة، وکما تعلمون أن علم النفس هو علم خاص ودقیق، وأن أغلب عباراته تحمل هذه الصفة الممیّزة.
فعبارة "الصغار الکبار" على سبیل المثال تعنی أن بعض العبارات التی نستخدمها قد تبدو صغیرة وتافهة، لکنها فی حقیقة أمرها کبیرة وجلیلة، فهناک من العبارات التی نطلقها بین الفینة والأخرى ونتعامل بها مع أحبائنا ونعتبرها صغیرة قد تتسبب فی قلع جذور المحبة من قلوب الذین نتحدث إلیهم، لتبدّل الحب إلى بغض والوئام إلى عداوة، والعکس هو الصحیح.

1 ـ النظافة والطهارة

إن إحدى المسائل التی أکدّ علیها الدین الإسلامی الحنیف هی مسألة النظافة، فالفرد المسلم یجب علیه أن یکون نظیفاً أینما حلّ، سواء فی الدار أو فی الشارع أو المجامع العمومیة، فقد نشاهد بعض الأفراد لا یهتمون کثیراً لهذه المسألة الحساسة، وینظرون إلیها على أنها مسالة جانبیة وصغیرة وتافهة مما یبعث على نفور الآخرین منهم.إن الأفراد الذین یردون المجتمع ورائحة العرق تفوح من أحدهم، بالإضافة على قمیصه التی غدت یاقته سوداء من کثرة الاستعمال لا یمکن أن ینظر إلیهم نظرة طبیعیة، فلو تحدث شخص إلیکم وکانت اسنانه صفراء، وکانت رائحة فمه نتنة ماذا یمکن أن تقولوا عنه؟ فقد یسمّی البعض منهم نفسه ضمن دائرة حزب الله، وجواربه تزکم الأنوف، وهذا ما حدث بالفعل على أیامنا هذه، حیث ظهرت فی المجتمع ظاهرة عدم الاهتمام بالمظهر الخارجی، وعدم الاهتمام بالنظافة، وإذا ما سألت أحدهم عن السبب أجابک بأنها مسائل لا ینبغی الاهتمام بها، وما دام القلب طاهراً تهون بقیّة المسائل!!.
کان أغلب الشباب على زمن الطاغوت یتمثّلون بالغرب الکافر، فترى حالات "الهیبیة" و"البیتل" وما إلى ذلک من المصطلحات والعبارات المستوردة من خارج البلاد الإسلامیة، وکانوا یطیلون شعور رؤوسهم ویرتدون بناطیل قذرة ممزّقة ویسیرون فی الشوارع حفاة، أو بأحذیة لا یرض العاقل أن یضع فیها قدمه، وقد امتدت تلک الحالة فشملت شباب ثورتنا الإسلامیة هذا الیوم حتى لترى البعض ممن یدّعی الانتماء إلى حزب الله یترک لحیته وشاربه بدون ترتیب، ویرتدی ما رثّ من الثیاب ویفتعل أفعالاً وأقوالاً یفهم منها أنه متشبّه بالدراویش الذین أداروا ظهورهم للدنیا فی حُقَبٍ زمنیة بائدة.
فالذی یدّعی أنه من حزب الله، یجب علیه أن یهتم بمظهره أولاً، وأن یراعی مسائل النظافة والطهارة لأن الباری تعالى یحب النظیف الطاهر، ویمقت القذر الشعث، ومن یفعل ذلک فهو من حزب الشیطان ولا علاقة له بحزب الله أبداً.
إن الإسلام العظیم لا یطلب منک شراء ما غلا ثمنه من الملابس، ولکنه یقول، علیکم بالنظافة والترتیب والنظم، فالرجل الشعث القذر ممقوت فی مجتمعه، ممقوت فی منزله فی محل سکناه، ولا یظن من یفعل ذلک أنَّ الناس سینظرون إلیه نظرة مقدسة وسامیة، کلا، وألف کلا، فالناس تحبّ النظافة، وتتودد إلى النظیف.إن البعض من المتدینین ینظر إلى مسألة السواک، ومسألة نظافة حذائه على أنها مسائل تافهة وصغیرة وحقیرة، ولکن الأمر غیر ذلک، لأنها کبیرة إذا ما أمعنت النظر فیها، وإنها تقلّل من أهمیّة الفرد إذا ترکت، فکیف لک أن تتحدث للآخرین ورائحة فمک نتنة؟ ألا تخجل من ذلک؟ ألا تستحی من نفسک؟.
قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم ).
"لولا أن أشق على أمتی لأمرتهم بالسواک مع کل صلاة"(1).
فالرجل الذی ینام إلى جانب زوجته وهو على تلک الحال، ستتحمله زوجته لعدة ایام، وبعد ذلک یبدأ العد التنازلی فی التحمل لیصل ـ لا سمح الله ـ إلى مرحلة الصفر، عنها تشرع الزوجة بالاحتجاج والتحجّج على هذه الحالة الوضیعة.
وکذا الأمر بالنسبة للزوجة التی تفوح منها رائحة التعرق ورائحة الفم النتنة، وفی جمیع الأحوال نقول، إن البدن المتعرق عار عرفی، وعار شرعی، لأن الإنسان ینبغی له أن یکون نظیفاً فی مجتمعه، وفی منزله، وفی السفر والحضر، وإن "النظافة من الإیمان". کما جاء عن الرسول الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم ).
فإذا أردت التعرف على المسلم الحقیقی فانظر إلى نظافته وإلاَّ فإسلامه ناقص، وهذا ما یسمّیه علماء النفس بالصغائر الکبیرة.

2 ـ إظهار المحبة

قال رسول الله صلوات الله وسلامه علیه:
"إذا أحب أحدکم أخاه فلیعلمه"(2).
وقال أیضاً صلوات الله علیه:
"قول الرجل للمرأة إنّی أحبک لا یذهب من قلبها ابداً"(3).
إن هذا القول بحسب الظاهر أمر عادی، ولذا فإن الکثیر منکم لا یتفوّهون به أمام زوجاتهم، بالرغم من أنها عبارة ضروریة ولا بد من استعمالها على الأقل مرة واحدة فی کل شهر.إن بعض النساء یستحین أن یذکرن هذه الجملة عند أزواجهن، بالرغم من أن السلام والمجاملات صارت من أجل تلک العبارة، وإنها تأتی بعد الحدیث الحار والسؤال عن الأحوال، ولذا أکّد الإسلام على ضرورة إباحتها حینما یجد الإنسان نفسه محبَّا لصاحبه، ولهذا السبب أکّد الإسلام العظیم على التزاور، وعدّ قطیعة الرحم من الکبائر، وإن عدم التزاور والعیادة أمر مبغوض یمیت المحبّة فی مهدها، لذا أطلب من الإخوة والأخوات أن یهتموا کثیراً بهذا الأمر، ویظهروا ما فی قلوبهم من محبة حتى تعمّ المودة والألفة فی مجتمعاتنا الإسلامیة.
فما المانع فی أن یقول الرجل لزوجته بتبسم، إن جمیع الدنیا فی جانب وأنت لوحدک فی الجانب الآخر، وإننی أفضلک على ما فی الدنیا جمیعاً؟.
قد یرى البعض هذه المسائل صغیرة وحقیرة، ولکنها کبیرة فی واقعها وکبیرة جداً لأنها تشیع المحبة والوئام فی النفوس، وتحفّز على العمل والنشاط.
قال الإمام الصادق جعفر بن محمد سلام الله علیه:
"لا غنى للزوج عن ثلاثة أشیاء فیما بینه وبین زوجته وهی الموافقة، لیجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحُسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهیئة الحسنة فی عینها، وتسعته علیها"(4).
لقد أخبرتنا الروایات الکثیرة بان المرأة التی تتزین وترتب حالها، وتمدّ مائدتها قبل أن یحضر زوجها إلیها، ثم تستقبله بثغر باسم، وعبارات جمیلة یغلق الله تعالى دونها أبواب جهنم، وجاء فی الخبر أیضاً بأن المرأة هی التی تفتح لزوجها باب الدار، ولا تسمح لأبنائها فعل ذلک لکی تستقبله بوجه حسن وبعبارة لطیفة ثم تأتی به إلى المائدة کی یطعم لذیذاً، ولو لم یکن کذلک.
قد تعترض بعض النساء على هذه المسألة، فتقول إحداهن إن الرجل یتجرأ ویطمع فی الأکثر من ذلک إذا ما رآنا على تلک الحال، ونقول إن الأمر یستوجب أن تقوم النساء بمثل هذه الأعمال لکی یحظین بقلوب الأزواج، ولکی یستطعن إدارة منازلهن على أکمل وأفضل وجه.عن ورّام بن أبی فارس فی کتابه قال: قال الإمام موسى بن جعفر الکاظم"ع":
"أیّما امرأة خدمت زوجها سبعة أیام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار، وفتح لها ثمانیة أبواب الجنة تدخل من أیّها شاءت، وما من امرأة تسقی زوجها شربة من ماء إلاَّ کان خیراً لها من عبادة سنة.."(5).
وقال الرسول الأمین محمد صلوات الله وسلامه علیه:
"لا یخدم العیال إلاّ صدیق، أو شهید، أو رجل یرید الله به خیر الدنیا والآخرة.."(6).

الهدیة وأثرها فی البیت

إن الروایات المتواترة عن الرسول الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم ) وآله الأطهار تؤکد على مسألة التهادی، مهما کانت الهدیة بسیطة، کونها تذهب بالضغینة والأحقاد من القلوب وتعمل عمل السحر فی النفوس، فمن أراد أن یکسب قلب امرأته صوبه لا بأس أن یعمل بهذه الروایات الشریفة والتی تحبذّ أن یهدی الرجل لزوجته بین الفینة والفینة هدیة متواضعة یعبّر فیها عن حبّه لها.
قد لا یأخذ البعض هذه المسألة بعین الاعتبار بالرغم من أهمیتها البالغة فی جلب المحبة، وباحتواء قلب المرأة الظامئ للعطف والحنان.
إن مثل هذه المسائل تزید فی فعالیة الرجل والمرأة داخل وخارج الدار، وتجعل من المنزل محلاً للسرور والحبور، وإذا ما رأینا بعض البیوت یسودها البرود فلنعلم بأن السبب فی ذلک هو عدم التزام أحد الزوجین بالوصایا الأخلاقیة والاجتماعیة التی وردتنا عن الرسول وآله الأطهار بصدد إفشاء المحبة والود فی البین الأسری.
فقد یرى الرجل زوجته غیر متجمّلة، ولا متزینة، وإذا ما تحدثت بدا علیها العبوس والغضب، فیشرع هو الآخر بالتحجج والتعنّت، والغضب بسرعة لأنه لم یرَ من زوجته غیر ذلک، وإذا ما کان محباً لها فی الشهر الأول من الزواج، ففی الشهر الثانی سیتهاوى ذلک الحب ویزول إلى غیر رجعة.أما العاقل من الناس فهو ذاک الذی یتمکن من ترویض زوجته حسبما یرید وکیفما یرغب، فتراه یدخل الدار وفی یده هدیة متواضعة، وإذا ما رأى وجهاً عبوساً بحث عن السبب بسرعة، وأفرد هو عن وجهه کیما یستطیع حلّ ذلک العبوس، فإن لم تکن الزوجة متزیّنة أشار إلیها بطریقة فنیة ذکیة لتخجل من عملها ذاک، وإن لم تکن طاهیةً شیئاً یطعمه، قام هو إلى المطبخ لیهیء له ولها طعاماً معجوناً بالرحمة والرأفة والود، عندها ستضطر الزوجة إلى القیام بوظائفها على أفضل وجه.
وخلاصة القول إن الهدیة سواء کانت ورداً أو خاتماً أو کتاباً لا یخلو من التأثیر أبداً، بل أن له فی النفس لآثاراً وآثاراً، هذا إذا ما أردنا إحکام علائقنا الاجتماعیة والأسریة، ورغبنا فی زیادة أحبابنا وأعزائنا، ولا ینبغی لنا فی کل الأحوال أن نأخذ هذه المسائل الصغیرة الکبیرة إلاَّ بعین الاعتبار والأهمیة.

الأصمعی والمرأة الصابرة

کان الأصمعی وزیراً للمأمون، ذلک المأمون الذی کان أحد شیاطین عصره، وأحد دهاة زمانه، وکان الأصمعی عالماً یُشکّ فی أمره.
قال الأصمعی: کنت أرافق المأمون فی قافلة صید ترفیهیة ـ والصید الترفی الذی کان یقوم به حکام بنی أمیة وبنی العباس حرام بنظر الإسلام، کونه تبذیر وإسراف وإتلاف لثروات وأموال المسلمین ـ، وفی أثناء المسیر أضعت القافلة لأرى نفسی وحیداً فی صحراء قاحلة، وبعد مسیرة تحمّلیة شاهدت من بعید خیمة تلوح فی الأفق فتحرکت صوبها لأجد فیها امرأة شابة جمیلة فسلمت علیها، وجلست فی ظل خیمتها وقلت لها: هل لی شربة ماء؟ فتغیّر لونها وقالت: لم اکتسب إذناً من زوجی فی مثل هذا الأمر، وإن کان لک أن تشرب شیئاً فهذا غدائی أقدّمه لک وهو ضیاح من لبن.
یقول الأصمعی: شربتُ اللبن وجلست فی ظل الخیمة ساعة، بعدها شاهدت فارساً على جمل، فقامت المرأة من جلساتها وحملت بیدها قلیلاً من الماء وکأنی بها تنتظر ذلک الفارس.نعم، وصل الفارس إلى الخیمة وکان زوجها، فقدمت له الماء لیشرب ثم نزل من جمله وإذا به رجل عجوز، أسود الشکل قبیح، لا یُطاق منظره، سیء الخلق والأخلاق، فهمّت المرأة نفسها وجاءته بطبق وإبریق لتغسل له یدیه ورجلیه ووجهه.
بدأ زوجها بالتحجج، وإثارة ما لا یثیره العاقل الفطن، حیث کان یسیء مخاطبتها، وتتلطف له بالردّ، ولسوء خلقه لم أتحمل الجلوس فی ظل خیمته بل فضلت الجلوس فی الشمس المحرقة بعیداً، على أن أجلس إلى خیمته واستمع إلى سوء أدبه.
وما إن تحرکت حتى قامت امرأته لتودیعی، حیث لم یکن هو مهتماً لهذا الموضوع بالمرة، وعندما دنت المرأة منی قلت لها.
أیها المرأة، إنک شابة جمیلة، فلِمَ ارتباطک بهذا الشیخ العجوز الذی لا یمتلک من حطام الدنیا إلاَّ أخلاقاً سیئة وجملاً هزیلاً، بالإضافة إلى شکله القبیح؟!.
فأجابت بعد أن بان علیها الامتعاض: أیها الرجل أترید الإیقاع بینی وبینه، ألام تعلم بأن الدنیا زائلة والآخرة دائمة، وإننی بعملی هذا أروم رضا الله تعالى، ألم تسمع قول رسول الله صلى الله علیه وآله:
"الإیمان نصفان: نصف فی الصبر، ونصف فی الشکر"(7).
وإن تحمّلی لسوء خلقه یصل بی إلى درجات الصبر السامیات، وعلیه یجب أن أشکر الباری تعالى على هذه النعمة، فنعمة الصبر تحتاج إلى شکر، لذا سأدیم خدمتی لزوجی حتى یکتمل إیمانی.
هذه هی المرأة المسلمة الحقیقیة، لا تلک التی تنساق وراء المغریات بسهولة، وهذا ما شاهدناه ـ مع الأسف ـ فی بعض النساء اللواتی تنکّرن للأدب، وللعرف، وللشرع.
فقد تقول بعضهن لزوجها: بأن فلاناً أفضل منک مادیاً، وإنه یجود بماله فی سبیل سعادة زوجته، وهذا خطأ فاضح، وخطرٌ ما بعده خطر.وقد یقول الرجل لزوجته: إن فلاناً من الناس یمتلک زوجة جمیلة ومؤدبة وملتزمة، وهذا القول یقلع جذور المحبة من قعر قلب الزوجة، على العکس من ذلک الذی یقول لزوجته؛ لم أرَ أجمل منک وأسمى، بالرغم من أنها متوسطة الجمال، فتجیبه بأنه رجل ونعم الرجل، وإن محبته استولت على کیانها فلا ترى أفضل منه رجلاً، وقد یتطلب الأمر أن یکذب الرجل على زوجته حینما یقول لها إنک أجمل من فی العالم، ویحلّ الإسلام مثل هذا الکذب کونه یرتّب أوضاع الأسرة الواحدة، ویلمّ شعثها.
إن هذه الصغائر من الأعمال والأقوال من منظار المحبة کبیرة وعظیمة، وهی دلیل على قوة شخصیة الرجل الذی یتطلّع لبناء جیل متکامل مع زوجته وأم أبنائه، وکذا بالنسبة للمرأة العاقلة الخیّرة.
جاء فی الکثیر من الأخبار والروایات الواردة عن الرسول الأمین(صلی الله علیه وآله وسلم ) وأهل بیته الأطهار"ع" أن المرأة التی تخرج من دارها تفوح منها رائحة العطر، أو یشمّ منها رائحة طیّبة تلعنها الملائکة حتى ترجع إلى بیتها، وعلیه أطلب من النساء أن لا یتعطرن بعطرٍ فیشم الأجنبی رائحته، ولا تضع ثیابها أو إزارها فی مکان فیه عطر لئلا تقتبس تلک الثیاب رائحة یمکن أن تُشمّ فیما لو خرجت إلى السوق، ولتعلم التی یُشم منها ریح طیّب بأن الجدران والشجر والمدَر والأرض والزمان تلعنها، ولا تظنّ أن هذه الأشیاء ناقصة الشعور والحس، فقد قال الباری تعالى فیهن:
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِیهِنَّ وَإِن مِّن شَیْءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰکِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ إِنَّهُ کَانَ حَلِیمًا غَفُورًا) (8).
ونفس هذه المرأة لو تعطرت لزوجها، ودخلت فراشه لاستغفرت لها ملائکة السموات والأرض حتى تفیق، وإن المولى تعالى سیرضى عنها وکذا الرسول الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم ) وأهل بیته الأطهار سلام الله علیهم أجمعین.
والجدیر بالذکر أن التعطر للزوج قد یکون بالنسبة للمرأة شیئاً لیس له أیة أهمیة تذکر، وأقول لها إن ذلک یسهم فی جلب محبة الرجل نحوها.أیتها المرأة! لا ینبغی لک أن تقلّلی من أهمیتک فی المجتمع فتردین محلتک أو مکان سکناک بإزار براق لمّاع، وعطر یفوح شذاه إلى أول الحارة وما إلى ذلک من التبرّج الذی یثیر أحاسیس الشاب والرجال ویؤدی بالمجتمع إلى الهاویة:
(وَقَرْنَ فِی بُیُوتِکُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِیَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِینَ الزَّکَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا) (9).
ایتها السیدة! إن الإسلام یحرّم الملابس المثیرة، ویعتبرها ألبسة شهرة وجلب نظر، وإن السیدة التی تمتلک شخصیة لا یتأتى لها فعلى ذلک، وإن من تفعل ذلک جاهلة ووضیعة ومریضة کونها محتاجة إلى نظر الآخرین، وکأنها تسعى لإشاعة الفحشاء بین أفراد المجتمع الواحد.
فالمرأة المسلمة ینبغی لها جلب نظر زوجها صوبها لا جلب نظر الآخرین من خلال تبذّل وتبرّج واستهتار بالقیم والأعراف السامیة التی أقرّها الإسلام الحنیف.
یقول بعض الرجال، إنه یحاول دائماً إسکات زوجته بالصراخ والعویل، وإذا ما سألته عن السبب یقول لک: أخاف أن تتسلط علیّ إن لم أفعل معها ذلک.
أیها السید! إن کلامک ذاک شیطانیٌّ محض، وما علیک إلا أن تکون سلیم القلب، ذلق اللسان، وإذا ما قلت لها بأنک تحبّها، وأنک بدونها لا تعرف الرفاه ولذیذ العیش ستنقاد لک کانقیاد الفرس لراکبها، وأعلم أنّ الصراخ والعویل یسلب المحبة، ویجّر إلى الویلات والمصائب، ناهیک عن انعکاسه السلبی على طبیعتک الإنسانیة.جاء فی الخبر أن الرسول الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم ) کان عند عائشة، وإن إحدى نسائه کانت قد طبخت عصیدة فأرادت أن یذوق منها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم ) شیئاً، فجاءت إلیه بصحن منها، وما إن طرقت الباب حتى خرجت إلیها عائشة لتسألها عن مجیئها، فقالت لها طبخت عصیدة وأحببت أن یذوق منها الرسول الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم ) فهلاَّ أخذتیها منی لیطعمها، وعندها أخذت عائشة صحن العصیدة ورمت به بعیداً، فخرج الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم ) ونظر إلى عائشة لیقول لها بکل أدب بأن الذی فعلته إسراف، واعتداء على الآخرین، وإتلافٍ لصحن لا تملکه لذا علیها ان تؤدی إلى صاحبة الصحن ما یضمن لها شراء مثله، وأن تعتذر لها، وأن تتوب إلى الله توبة نصوحاً.
إن حدیث الرسول ذلک إلى عائشة کان فی قمة الأدب، ولا عجب فی ذلک فهو الحبیب المؤدب الذی کان أحسن الناس خلقاً وخُلقاً.
عن عائشة أنها سُئلت: کیف کان رسول الله صلى الله علیه وآله إذا خلا فی بیته؟ قالت:
"کان ألین الناس، وکان رجلاً من رجالکم، إلاَّ أنه کان ضحاکاً بسّاماً"(10).
المصادر :
1- فروع الکافی/ ج3، ص22.
2- بحار الأنوار/ ج74، ص182.
3- وسائل الشیعة/ ج14، ص10.
4- تحف العقول/ ص 238.
5- وسائل الشیعة/ ج14، ص123.
6- بحار الأنوار/ ج104، ص132.
7- کنز العمال/ خ61.
8- الإسراء/44
9- الأحزاب/33
10- الطبقات /ج1، ص365



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.