
هی إحدى فرق الخوارج تمیزت بالتطرف والعنف أسسها نافع بن الأزرق فی النصف الثانی من القرن الأول وسمیت بالأزارقة نسبة إلى مؤسسها نافع بن الأزرق الذی کفرّ جمیع المسلمین ما عدا فرقته .
عوامل الظهور:
ـ القمع الأموی الذی طال الخوارج خلق ردود فعل عنیفة لدى بعض المتطرفین من الخوارج الذین رغبوا فی مواجهة العنف بالعنف کرد طبیعی للمواجهة مع الأمویین فتمخض من ذلک نشوء الأزارقة .ـ ادى الخلاف الفکری بین الخوارج حیث کان نافع بن الأزرق یرى ان من خالفه فهو مشرک فیحل له ماله ودمه وبین الرأی الآخر القائل خلاف ذلک ، أدى هذا الخلاف إلى تفرق القوم ونشأة فرقة الأزارقة .
ـ کان لشخصیة نافع بن الأزرق الدور الأکبر فی استقطاب المزید من الرجال ، وذلک لأنه کان یتمیز بمواهب قویة مکنته من قیادة أعنف فرق الخوارج وأشدها تطرفا ، إضافة إلى خصائصه الأخرى من قبیل مقدرته الخطابیة الفذة وشجاعته، تلک الصفات وغیرها جعلته ذا تأثیر عظیم على أصحابه وزعیماً کبیراً من زعماء الخوارج .
النشأة والتطور :
ـ نشأت هذه الفرقة فی مدینة البصرة بعد ان اتخذت العنف مبدأ لانتشارها ، فاستطاعوا ان ینتشروا فی مدینة الأهواز بعد الهجوم الذی شنوه علیها وعلى المدن التی بعدها من بلدان فارس وکرمان وکان ذلک فی أیام عبد الله بن الزبیر وقتلوا عماله علیها ، واتخذوا الأهواز مقرا لهم ، واستطاعوا تقویة مرکزهم عن طریق جبی الأموال .ـ إن الاحداث التی وقعت فی مدینة البصرة بعد وفاة یزید بن معاویة ساعدت الأزارقة على العمل على نشر نفوذهم وأفکارهم .
الأفکار والمعتقدات :
ـ مخالفیهم من هذه الأمة مشرکین وبهذا استحلوا قتل أطفالهم واستحلال نسائهم ، وزعموا ان اطفال مخالفیهم مشرکون مخلدون فی النار .ـ أوجبوا امتحان من قصد عسکرهم إذا ادعى انه منهم وذلک بان یدفع إلیه أسیر من مخالفیهم ویأمره ، بقتله فان قتله صدقوه فی دعواه أنه منهم ، وان لم یقتله قالوا : هذا منافق ومشرک وقتلوه .
ـ ذهبوا إلى تکفیر عثمان وطلحة والزبیر وعائشة وعبد الله بن عباس وتخلیدهم فی النار جمیعا .
ـ قولهم بإن من ارتکب کبیرة کَفَرَ کُفْرَ ملة خرج بها عن الإسلام جملة ویکون مخلدا فی النار مع سائر الکفار ، واستدلوا على ذلک بکفر إبلیس وقالوا ما ارتکب إلا کبیرة حیث أمر بالسجود لآدم ( علیه السلام ) فامتنع وإلا فهو عارف بوحدانیة الله تعالى .
ـ اعتقدو بأَنه لا یحل لأحد من الأزارقة ان یجیب أحداً من غیرهم إذا دعاهم للصلاة ، وان لا یأکلوا من ذبائحهم وان لایتزوجوا منهم .
ـ قالوا : إن الإمامة لا تختص بشخص إلا ان یجتمع فیه العلم والزهد فإذا اجتمعا کان إماماً .
ـ کفّروا علیاً (علیه السلام)وقالوا : إن الله أنزل فی شأنه { ومن الناس من یعجبک قوله فی الحیاة الدنیا ویشهد الله على ما فی قلبه وهو ألد الخصام } ، وصوَّبوا عبد الرحمن بن ملجم وقالوا : ان الله أنزل فیه ومن الناس من یشری نفسه ابتغاء مرضاة الله.
ـ اسقطوا الرجم عن الزانی : إذ لیس فی القرآن ذکره ، وأسقطوا حد القذف عمن قذف المحصنین من الرجال مع وجوب الحد على قاذف المحصنات من النساء .
ـ قالوا : بتکفیر القعدة عن القتال وهم أول من أظهر البراءة منهم ، وکفَّروا من لم یهاجر إلیهم .
ـ قالوا بإن التقیة غیر جائزة لا فی القول ولا فی العمل مستدلین بقوله تعالى : إذا فریق منهم یخشّوْنَ الناس کخشیة الله .
ـ أوجبوا على المرأة الحائض أن تؤدی جمیع أعمالها العبادیة ولا تنقص منها شیئاً.
ـ اعتبروا دار مخالفیهم دار کفر ویجوز فیها قتل الأطفال والنساء وهم فی نظرهم مثل کفار العرب وعبدة الأوثان .
ـ قالوا بجواز ان یبعث الله تعالى نبیاً یعلم انه کافر بعد نبوته ، أو کان کافراً قبل بعثته .
ـ حرموا على الرجل ان قطع صلاته حتى ولو سرق سارق ماله أو فرسه اثناء صلاته .
ـ اوجبوا قطع ید السارق من العضد فی القلیل والکثیر .
ـ قالوا إن أبا بکر وعمر عملا بکتاب الله وسنة الرسول ( صلی الله علیه وآله وسلم ) وکانا نموذجاً صالحاً للحکم الدینی ، أما عثمان بن عفان فقد ظلَّ صالحاً خلال السنوات الست الأولى من حکمه ثم خالف بعد ذلک حکم القرآن وبدّل سنة الرسول ( صلی الله علیه وآله وسلم ) فأصبح کافراً ، أما علی ( علیه السلام) فان سیرته حسنة مرضیة وکان مثالا للخلیفة الصالح حتى نهایة معرکة صفین وقبوله بالتحکیم فکفر فی نظرهم .
أبرز الشخصیات :
نافع بن الأزرقعطیة بن الأسود
عبد الله بن الماحوز
عمرو بن أبی عمیر العنبری
قطری بن الفجاءة المازنی
عبیدة بن هلال الیشکری
محرز بن هلال
صخر بن حبیب التمیمی
صالح بن مخراق العبدی
عبد ربه الکبیر
عثمان بن مأمون
عبد الله بن مأمون
مواقع الانتشار :
ـ انتشرت الأزارقة فی مدینة البصرة والأهواز وفارس وکرمان وسابور .
أحداث :
کتب نافع بن الأرزق کتاباً إلى عبد الله بن إباض وعبد الله بن الصفار : « سلام على أهل طاعة الله من عباد الله ، فان من الأمر ان من تخلف عنی فلا تبتغی ولایته ولا نجاة له وقد حرّم الله ولایتهم ، والمقام بین أظهرهم ، وأجازة شهادتهم ، وأکل ذبائحهم ، وقبول علم الدین عنهم ، ومناکحتهم ، ومواریثهم » فقرأه عبد الله بن الصفار ، فأخذه فوضعه خلفه ، فلم یقرأه على الناس خشیة أن یتفرقوا ویختلفوا ، فقال له عبد الله بن إباض ، مالک لله أبوک : أی شیء اصبت !! أ أن قد أصیب إخواننا ، أو أسر بعضهم ؟ فدفع الکتاب إلیه ، فقرأه فقال : قاتله الله ، أی رأی رأى ؟ صدق نافع بن الأزرق ، لو کان القوم مشرکین کان أصوبَ الناس رأیا وحکماً فیما یشیر به ، وکانت سیرته ( ص ) فی المشرکین ، ولکنه قد کذّب وکذبنا فیما یقول ، ان القوم کافر بالنعم والأحکام ، وهم براءة من الشرک ، ولا تحل لنا إلا دماؤهم ، وما سوى ذلک من أموالهم فهو علینا حرام ، فقال ابن الصفار : برئ الله منک فقد قصرت ، وبرئ الله من ابن الأزرق فقد غلا ، برئ الله منکما جمیعا ، وقال الآخر : فبرئ الله منک ومنه .من ذاکرة التاریخ :
ـ أقبل أحد أشداء الخوارج وهو أبو الوازع الراسبی وکان نافع یخطب فی أصحابه ، ویحثهم على الجهاد فقال له : یا نافع لقد أُعطِیتَ لساناً صارماً وقلباً کلیلا ، فلوددت ان صرامة لسانک کانت لقلبک ، وکلال قلبک کان للسانک ، أتعض على الحق وتقعد عنه ، وتقبح الباطل وتقیم علیه ؟ فقال نافع : إلى ان تجمع من اصحابک من تنکی به عدوک ، فقال أبو الوازع :لسانـک لا تـنکی به الـقوم إنـما * تنال بکفیک الـنـجـاة من الـکـرب
فجاهد أناسا حاربوا الله واصطبروا * عسى الله ان یخزی غَوِیَّ بنی حـرب
ثم قال : والله لا ألومک ونفسی ألوم ، ولأغدون غدوة لا انثنی بعدها أبدا ، ثم اشترى سیفا فقتل أحد أعداء الخوارج وأخذ یستعرض الناس ، حتى قتل فی بنی یشکر .
المصدر : تحقیق راسخون 2014
/ج