أخلاق الشیعة

عند دراسة و ملاحظة شریحة من الطبقة الأولى من الشیعة تتضح لنا أمور هامة ، أعرضها أمام القارئ الواعی الرائد للحق والموضوعیة ، وإلا فما أکثر من یقرأ ولا یتجاوز مضمون السطور عینیه ، وقد یقرأ أحیانا ولا یرید أن یصدق ما یقرأ مع توفر
Saturday, April 12, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
أخلاق الشیعة
أخلاق الشیعة

 





 

عند دراسة و ملاحظة شریحة من الطبقة الأولى من الشیعة تتضح لنا أمور هامة ، أعرضها أمام القارئ الواعی الرائد للحق والموضوعیة ، وإلا فما أکثر من یقرأ ولا یتجاوز مضمون السطور عینیه ، وقد یقرأ أحیانا ولا یرید أن یصدق ما یقرأ مع توفر شرائط الصحة فیما یقرأه ومع وجود الثقة النفسیة بمضمون ما یقرأه ، ولکنه التکوین النفسی والذهنی الذی ینشأ علیه الإنسان منذ الصغر فیکاد یکون غریزة من الغرائز التی یطبع علیها الإنسان .
تعقیب على الرواد من الشیعة هذه الأمور التی ذکرت أنی سأعرض لها تعقیبا على نوعیة الرواد الأوائل هی : أولا : إن هؤلاء الشیعة مع أنهم کانوا من الذاهبین إلى أولویة الإمام علی (علیه السلام ) بالخلافة لأنه الإمام المفترض الطاعة المنصوص علیه ومع اعتقادهم بأن من تقدم علیه أخذ ما لیس له ومع امتناع کثیر منهم من البیعة للخلیفة الأول واعتصامهم ببیت الإمام علی (علیه السلام) مع کل ذلک لم یعرف عن أحد منهم أنه شتم فردا من الصحابة أو تناوله بطریقة غیر مستساغة بل کانوا أکبر من ذلک وأصلب عودا من خصومهم - مما یدل على أن بعض من عرف بظاهرة شتم الصحابة إنما صدر منه ذلک کعملیة رد فعل لأفعال متعددة وسنمر على ذلک قریبا - إنهم مع اختلافهم مع الحکم لم یلجأوا إلى شتم أو بذاء لأنهم یعرفون أن الحقوق لا یوصل إلیها بالشتم ولیس الشتم من شیم الأبطال ، والذی یرید أن یسجل ظلامة أو یشیر إلى حق سلیب فإن طرق ذلک لیس منها الشتم فی شئ ،
وإنما هناک مناهج سلیمة فی الوصول لذلک ، وقد حرص أمیر المؤمنین (علیه السلام )على تربیة أتباعه على المنهج السلیم ومن مواقفه فی ذلک ما رواه نصر بن مزاحم قال : مر أمیر المؤمنین (علیه السلام)على بعض من کان فی جیشه بصفین فسمعهم یشتمون معاویة وأصحابه فقال لابن عدی ولعمر بن الحمق وغیرهما : کرهت لکم أن تکونوا لعانین شتامین تشتمون وتبرأون ولکن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سیرتهم کذا وکذا ومن أعمالهم کذا وکذا کان أصوب فی القول وأبلغ فی العذر وقلتم مکان لعنکم إیاهم وبراءتکم منهم اللهم احقن دماءهم ودماءنا ، وأصلح ذات بیننا وبینهم واهدهم ، من ضلالهم حتى یعرف الحق من جهله منهم ، ویرعوی عن الغی والعدوان منهم من لهج به لکان أحب إلی وخیرا لکم فقالوا : یا أمیر المؤمنین نقبل عظتک ونتأدب بأدبک ( 1 ) إن هذا الموقف منه (علیه السلام)لیشعرهم أن الشتم وسیلة نابیة ولیست کریمة ثم هی بعد ذلک تنفیس عن طاقة یمکن الاستفادة منها بادخارها وصرفها فی عمل إیجابی یضاف لذلک أن الشتم مدعاة للإساءة لمقدسات الشاتم نفسه ومن هنا حرم الفقهاء شتم الصنم إذا أدى إلى شتم الله تعالى مستفیدین ذلک من قوله تعالى : * ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَیَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَیْرِ عِلْمٍ )(2)
من أجل ذلک کله کان الشیعة أطهر ألسنة من أن یشتموا وأبعد عن هذا الموقف النابی ولذلک رأینا کثیرا من الباحثین یؤکدون هذا الجانب فی حیاة الرواد الأوائل من الشیعة مع أنهم یثبتون عقیدتهم بتقدیم الإمام علی (علیه السلام)ومن هؤلاء :
أ - الدکتور أحمد أمین : یقول عن هؤلاء إنهم قسم المقتصد الذی یرى بأن أبا بکر وعمر وعثمان ومن شایعهم أخطأوا إذ رضوا أن یکونوا خلفاء مع علمهم بفضل علی وإنه خیر منهم (3) .
ب - ابن خلدون یقول : کان جماعة من الصحابة یتشیعون لعلی ویرون استحقاقه على غیره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلک وأسفوا له إلا أن القوم لرسوخ قدمهم فی الدین وحرصهم على الإلفة لم یزیدوا فی ذلک على النجوى بالتأفف والأسف (4) .
ج‍ - ابن حجر فی الإستیعاب : یقول فی ترجمة أبی الطفیل : عامر بن واثلة بن کنانة اللیثی أبو الطفیل أدرک من حیاة النبی ( صلی الله علیه وآله وسلم ) ثمان سنین وکان مولده عام أحد ومات سنة مائة ویقال : إنه آخر من مات ممن رأى النبی ، وقد روى نحو أربعة أحادیث وکان محبا لعلی وکان من أصحابه فی مشاهده وکان ثقة مأمونا یعترف بفضل الشیخین إلا أنه یقدم علیا إنتهى باختصار (5 ) .
وبعد هذه المقتطفات أود أن ألفت النظر أنی خلال مراجعاتی کتب التاریخ لم أر فی الفترة التی تمتد من بعد وفاة النبی حتى نهایة خلافة الخلفاء من عمد إلى الشتم من أصحاب الإمام ، وإنما هناک من قیم الخلفاء وقیم الإمام وحتى فی أشد جمحات عاطفة الولاء لم نجد من یشتم أحدا ممن تقدم الإمام بالخلافة یقول أبو الأسود الدؤلی :
أحب محمدا حبا شدیدا * وعباسا وحمزة والوصیا
یقول الأرذلون بنو قشیر * طول الدهر ما تنسى علیا
أحبهم لحب الله حتى * أجئ إذا بعثت على هویا
بنو عم النبی وأقربوه * أحب الناس کلهم إلیا
فإن یک حبهم رشدا أصبه * ولست بمخطئ إن کان غیا (6 )
یضاف لذلک أنه حتى فی الفترة الثانیة أی فی عهود الأمویین کان معظم الشیعة یتورعون عن شتم أحد من الصحابة ، أو التابعین : یقول ابن خلکان فی ترجمة یحیى بن یعمر : کان شیعیا من القائلین بتفضیل أهل البیت من غیر تنقیص لغیرهم ( 7 ) .
المصادر :
بتصرف من /هویة التشیع للدکتور الشیخ أحمد الوائلی
1- صفین لنصر بن مزاحم ص 115
2- الأنعام : 108
3- فجر الإسلام ص 268 .
4- تاریخ ابن خلدون ج3 ص 364 .
5- الإستیعاب ج 2 ص 452 .
6- الکامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج 7 .
7- وفیات الأعیان ج 2 ص 269 .



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.