الفراعنة

مصر القدیمة هی حضارة قدیمة فی الشمال الشرقی لأفریقیا، کانت مصر القدیمة مترکزه على ضفاف نهر النیل فی ما یعرف الآن بجمهوریة مصر العربیة. بدأت الحضارة المصریة فی حوالی العام 3150 ق.م، عندما وحد الملک [مینا] مصر العلیا والسفلى،
Thursday, April 24, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
الفراعنة
 الفراعنة

 






 

مصر القدیمة هی حضارة قدیمة فی الشمال الشرقی لأفریقیا، کانت مصر القدیمة مترکزه على ضفاف نهر النیل فی ما یعرف الآن بجمهوریة مصر العربیة. بدأت الحضارة المصریة فی حوالی العام 3150 ق.م، عندما وحد الملک [مینا] مصر العلیا والسفلى، وتطورت بعد ذلک على مدى الثلاث ألفیات اللاحقة. ضمت تاریخیاً سلسلة من الممالک المستقرة سیاسیاً، یتخللها فترات عدم استقرار نسبی تسمى الفترات المتوسطة. بلغت مصر القدیمة ذروة حضارتها فی عصر الدولة الحدیثة، وبعد ذلک دخلت البلاد فی فترة انحدار بطئ. هوجمت مصر فی تلک الفترة من قبل العدید من القوى الأجنبیة، وانتهى حکم الفراعنة رسمیاً حین غزت الإمبراطوریة الرومانیة مصر وجعلتها إحدى مقاطعاتها.
 الفراعنة
أهرامات الجیزة هی من بین أکثر الرموز المعروفة للحضارة مصر القدیمة.
 الفراعنة
خریطة مصر القدیمة، تبین المدن الرئیسیة وأماکن من عصر الاسر 3150 قبل المیلاد الى 30 قبل المیلاد
استمد نجاح الحضارة المصریة القدیمة فی القدرة على التکیف مع ظروف وادی نهر النیل. وساعد التنبؤ بالفیضانات والسیطرة على أضرارها فی إنتاج محاصیل زراعیة وافرة أسهمت فی التنمیة الاجتماعیة والثقافیة. وقامت السلطات ومع توافر المواد اللازمة باستغلال المعادن الموجودة فی منطقة الوادی والمناطق الصحراویة المحیطة به، وقامت بوضع نظام کتابة مستقل، ونظمت البناء الجماعی والمشاریع الزراعیة، بالإضافة للتجارة مع المناطق المحیطة به، وتعزیز القوى العسکریة للدفاع العسکری ضد الأعداء الخارج وتأکید الهیمنة الفرعونیة على البلاد. وقد کان تنظیم تلک الأنشطة وتحفیزها یتم من خلال نخبة من من البیروقراطیین والزعماء الدینیین والإداریین تحت سیطرة الفرعون الذی حرص على التعاون والوحدة للمصریین فی سیاق نظام محکم للمعتقدات الدینیة.
تضمنت إنجازات قدماء المصریین استغلال المحاجر، المسح وتقنیات البناء التی سهلت بناء الأهرامات الضخمة والمعابد والمسلات، بالإضافة لنظام ریاضیات عملی وفعال فی الطب. وأنظمة للری وتقنیات الإنتاج الزراعی، وأول ما عرف من السفن، والقیشانی المصری وتکنولوجیا الرسم على الزجاج، وأشکال جدیدة من الأدب، وأول معاهدة سلام معروفة. ترکت مصر القدیمة إرث دائم. ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصریة على نطاق واسع فی العالم، ونقلت آثارها إلى بقاع بعیدة من العالم. وألهمت الأطلال والبقایا خیال المسافرین والکتاب لعدة قرون، وأدت اکتشافات فی مطلع العصر الحدیث عن آثار وحفریات مصریة إلى أبحاث علمیة للحضارة المصریة تجلت فی علم أطلق علیه علم المصریات، ومزیداً من التقدیر لتراثها الثقافی فی مصر والعالم.
تاریخ مصر فی أواخر العصر الحجری القدیم، تحول المناخ فی شمال أفریقیا تدریجیاً إلى الحرارة والجفاف، مجبراً سکان المنطقة على الترکیز على طول وادی النیل، ومنذ أن بدأ الإنسان البدائی العیش فی المنطقة فی أواخر العصر الجلیدی منذ 120 الف سنة، أصبح نهر النیل شریان الحیاة فی مصر. الخصوبة المصحوبة مع فیضان النیل أعطت السکان الفرصة لتطویر الاقتصاد الزراعی وتدعیم استقرار مجتمع مرکزی أصبح کما یرعى البعض حجر الزاویة فی تاریخ الحضارة الإنسانیة.

فترة قبل الأسر

قبیل بدایة عصر ما قبل الأسر، کان المناخ المصری القاحل أقل قحلاً مما هو علیه الیوم. وغطت حشائش السافانا مناطق واسعة من مصر واجتازتها قطعان الرعی من ذوات الحوافر. کانت الثروة الحیوانیة والنباتیة أکثر غزارة من الآن فی جمیع المناطق، وساعد منطقة نهر النیل فی تکاثر جماعات من الطیور المائیة. کان الصید شائعاً بین المصریین فی تلک الفترة، التی أیضاً تم استئناس العدید من الحیوانات بها.
 الفراعنة
جرة تقلیدیة استخدمتها شعوب النقادة فی عصر ماقبل الأسرات.
فی نحو 5000 ق.م، عاشت قبائل صغیرة فی وادی النیل ونمت وطورت سلسلة من الثقافات التی کانت الزراعة وتربیة الحیوانات تسیطر علیها، بالإضافة للمقتنیات من الفخار والممتلکات الخاصة التی عثر علیها. کانت أکبر تلک الحضارات هی حضارة البداری فی مصر العلیا، التی اشتهرت بالسرامیک عالی الجودة، والأدوات الحجریة، واستخدامها للنحاس.
فی الشمال، تبعت البداری بحضارات أمراتیان وغیرزیان، التی أظهرت عدداً من التطورات التکنولوجیة. أثناء فترة حضارة الغیرزیان، أثبتت أدلة مبکرة وجود اتصال مع کنعان وساحل جبیل.
فی الجنوب، وازت حضارة النقادة حضارة البداری، وبدأت فی التوسع على طول النیل بنحو 4000 ق.م فی وقت مبکر أثناء حضارة النقادة، استورد المصریین القدماء حجر السج من إثیوبیا، الذی استخدم فی نقل الریش بالإضافة لأشیاءً أخرى. على مدى فترة حوالی 1000 سنة، تطورت حضارة النقادة من مجتمعات زراعیة صغیرة إلى حضارة قویة کان لقادتها السیطرة الکاملة على الناس والموارد فی وادی النیل. وسعا قادة النقادة على بسط سیطرتهم على مصر شمالاً على طول نهر النیل بتأسیس مراکز قوة فی هیراکونپولیس ثم فی أبیدوس. وتاجروا مع النوبة فی الجنوب، وواحات الصحراء الغربیة فی الغرب، وثقافات شرق البحر المتوسط فی الشرق.
صنعت شعوب النقادة مجموعة متنوعة من السلع الثمینة، فی انعکاس لزیادة الطاقة والثروة فی طبقة النخبة، والتی شملت طلاء الفخار والمزهریات الحجریة المزخرفة ذات الجودة العالیة، واللوحات الفنیة والمجوهرات المصنوعة من الذهب والالبید والعاج. وقاموا أیضاً بتطویر السیرامیک الصقیل المعروف بالقیشانی والذی کان یستخدم فی العصر الرومانی لتزیین الکؤوس والتمائم والتماثیل. وقبیل نهایة عصر ما قبل الأسرات، بدئت شعوب النقادة استخدام رموز کتابیة کان من شأنها فی نهایة الأمر التطور إلى نظام کامل للغة الهیروغلیفیة لکتابة اللغة المصریة القدیمة.

بدایة عصر الأسر

 الفراعنة
لوحة نارمر یصور توحید الأرضین.
•قام کاهن مصری فی القرن الثالث قبل المیلاد بتصنیف الفراعنة بدایةً من مینا وحتى عصره إلى 30 أسرة حاکمة، وهو نفس التصنیف الذی ما یزال یستعمل حتى الیوم . واختار أن یبدأ تصنیفه الرسمی بالملک مینی (أو مینا بالیونانیة) الذی یسود الاعتقاد أنه وحد مملکتی مصر العلیا والسفلى معاً فی حوالی العام 3200 ق.م. وقد حدث الانتقال إلى دولة واحدة موحدة تدریجیاً، بشکل أکبر مما کان الکتاب المصریون القدماء یعتقدوا، ولیس هناک أی سجلات معاصرة عن مینا. ومع ذلک یعتقد بعض الباحثین الآن أن مینا الأسطوری هو نفسه الفرعون نارمر، الذی صوّر وهو یرتدی الزی الملکی على لوحة نارمر الاحتفالیة فی خطوة رمزیة للتوحید.
فی عصر الأسر المبکرة حوالی 3150 ق.م، بسط أول فرعون سیطرته على مصر السفلى عن طریق إنشاء عاصمة فی ممفیس، التی أمکن من خلالها السیطرة على القوة العاملة والزراعة فی منطقة الدلتا الخصبة، بالإضافة إلى السیطرة على حرکة التجارة المتجهة إلى الشام. وقد عُکست سلطة ونفوذ الفراعنة فی ذلک الوقت على وضع مقابرهم وهیاکلها، والتی کانت تستخدم للاحتفال بالفرعون بعد وفاته. طورت الملکیة وقوتها بإضفاء الفراعنة لعامل الشرعیة فی سیطرة الدولة على الأرض والعمل والموارد التی لا غنى عنها لبقاء ونمو الحضارة المصریة القدیمة.

الفترة الانتقالیة الأولى

بعد انهیار الحکومة المرکزیة فی مصر فی نهایة عصر المملکة القدیمة، أصبحت الإدارة غیر قادرة على تدعیم اقتصاد واستقرار البلاد. ولم یکن باستطاعة حکام الأقالیم الاعتماد على الملک للمساعدة فی وقت الأزمات، وأدت الفترة التی تلاتها نقص الغذاء والنزاعات والخلافات السیاسیة إلى زیادة حدة المجاعات والحروب الأهلیة صغیرة الحجم. وعلى الرغم من تلک المشاکل الصعبة، قام القادة المحلیین مستهترین بالفرعون، باستغلال استقلالهم الجدید لتأسیس حضارة مزدهرة فی المحافظات. وبالسیطرة على موارد المقاطعات الخاصة، أصبحت الأقالیم والمقاطعات أکثر ثراءً من الناحیة الاقتصادیة؛ وهی حقیقة شهدها جمیع فئات المجتمع. وقد اعتمد وتکیف الحرفیون المحلیون على زخاف کانت ممنوعة سابقاً فی عصر الدولة القدیمة، بالإضافة لأسالیب أدبیة جدیدة اتجه إلیها کانت تعرب عن التفاؤل وأصالة هذه الفترة.
بدأ الحکام المحلیین التنافس مع بعضهم البعض على السیطرة على الأراضی والسلطة السیاسیة، مبتعدین عن ولائهم للفرعون. وبحلول 2160 ق، م، سیطر الحکام فی هیراکلیوبولس على مصر السفلى، بینما سیطرت أسرة إنتیف، إحدى العشائر المنافسة فی طیبة، على مصر العلیا. ومع نمو سلطة وسیطرت الإنتیف إلى الشمال، أصبح الصدام بین العشیرتین أمراً حتمیاً. وقامت قوات طیبة بقیادة منتوحوتپ الثانی بهزیمة حاکم هیراکلیوبولس، معیدین توحید الأرضین وبدایة عصر نهضة ثقافیة واقتصادیة عرفت باسم الدولة الوسطى.

الدولة الوسطى

 الفراعنة
أمنمحات الثالث، آخر حاکم کبیر من عصر الدولة الوسطى
استعاد فراعنة الدولة الوسطى رخاء البلاد واستقرارها، مما أدى لتحفیز الفن والأدب ومشاریع البناء الضخمة. حکم منتوحوتپ الثانی وخلفائه من الأسرة الحادیة عشر البلاد من طیبة کعاصمة للبلاد، ولکن سرعان ما تغیر الأمر عند تسلیم الوزیر أمنمحات الأول الملکیة للأسرة الثانیة عشر فی 1985 ق.م، عندما غیّر العاصمة وجعلها لتجتاوی التی تقع فی الفیوم الآن. ووضع فراعنة الأسرة الثانیة عشر خطة بعیدة الأمد للاستصلاح الأراضی ونظم الری لزیادة الإنتاج الزراعی فی البلاد. وأکثر من ذلک، استعاد الجیش منطقة النوبة الغنیة بالمحاجر والذهب، وعمل العمال على بناء هیکل دفاعی فی شرق الدلتا أطلق علیه اسم "جدران الحاکم" لصد الهجمات الخارجیة.
ازدهرت البلاد فی الفن والدین فی ظل الأمن العسکری والسیاسة والأمن الزراعی. وعلى عکس موقف نخبة الدولة القدیمة تجاه الآلهة، شهدت الدولة الوسطى زیادة فی التعبیر عن "التقوى الشخصیة" أو ما یمکن أن یسمى "دیموقراطیة الحیاة الآخرة"، التی تعطی لکل فرد روحاً من الممکن أن تکون مرحباً بها بجوار الآلهة بعد الموت. کما تمیز الأدب فی المملکة الوسطى بالمؤلفات المتطورة المواضیع والشخصیات المکتوبة فی أسلوب بلیغ وجرئ، والنحت النافر والتصویری لفترة الاعتقالات الخفیة، کانت تفاصیل فردیة وصلت إلى مستویات جدیدة من الکمال التقنی.
سمح آخر حکام الدولة الوسطى، أمنمحات الثالث، بالمستوطنین الآسیویین بالعیش فی منطقة الدلتا، لتوفیر قوة عاملة کافیة لا سیما فی التعدین النشط وبناء المدن. ولاحقاً، أدت أعمال البناء الطموحة تلک، وأنشطة التعدین، بالإضافة إلى عدم کفایة فیضانات النیل لاحقاً فی مُلکة، إلى توتر اقتصادی عجل من الاضمحلال إلى الفترة الانتقالیة الثانیة خلال عصر الأسرتین الثالثة عشر والرابعة عشر. وخلال هذا الاضمحلال، بدئت الطائفة الأجنبیة الآسیویة فی السیطرة على منطقة الدلتا، مما أدى لاحقاً وفی نهایة المطاف إلى بسط سلطتهم على مصر وعرفوا بالهکسوس.

الفترة الانتقالیة الثانیة والهکسوس

فی حوالی 1650 ق.م، ومع ضعف سلطة فراعنة الدولة الوسطى، سیطر المهاجرین والمستوطنین الآسیویین الذین یعیشون فی منطقة شرق الدلتا فی بلدة زوان على المنطقة وأجبرت الحکومة المرکزیة على التراجع إلى طیبة، حیث کان یعامل الفرعون کتابع ویدفع الجزیة. قلد الهکسوس ("الحکام الأجانب" أو "الملوک الرعاة") نماذج الحکم والحکومة المصریة، فنصبوا أنفسهم فراعنة، وبالتالی دمجت العناصر المصریة فی ثقافة العصر البرونزی.
وجد ملوک طیبة أنفسهم بعد انسحابهم محاصرین بین الهکسوس من الشمال وحلیفة الهکسوس، مملکة کوش من الجنوب. وبعد مرور ما یقارب 100 عام على سیطرة الهکسوس على الحکم الذی کان یتصف بالتراخی والخمول الثقافی، استطاعت قوات طیبة من جمع ما یکفی من القوة لتحدی الهکسوس لصراع استمر لمدة 30 عام، وذلک قبل حلول العام 1555 ق.م وقد تمکن الفرعونان سقنن رع الثانی وکامس من هزیمة النوبیین فی الکوش، لکن یرجع فضل القضاء على الهکسوس نهائیاً فی مصر لخلیفة کامس الفرعون أحمس الأول. فی عصر الدولة الحدیثة التی تلت ذلک، أصبحت العسکریة أولویة رئیسیة بالنسبة إلى الفراعنة الذین سعوا إلى توسیع لحدود مصر وتأمین هیمنة کاملة لها فی الشرق الأدنى.
 الفراعنة
أقصى حد الإقلیمیة لمصر القدیمة القرن 15 قبل المیلاد

الدولة الجدیدة

أنشأ فراعنة المملکة الجدیدة فترة ازدهار غیر مسبوقة بتأمین حدودها وتعزیز العلاقات الدبلوماسیة مع جیرانها. شنت الحملات العسکریة تحت قیادة تحتمس الأول وحفیده تحتمس الثالث مدت نفوذ الفراعنة فی سوریا وبلاد النوبة، تدعیماً للولاء وفتح فرص الحصول على الواردات الحساسة مثل البرونز والخشب. وبدء ملوک وفراعنة الدولة الحدیثة حملة بناء واسعة النطاق لتعزبز الإله أمون، الذی ازدادت عبادته وکانت مقراً فی معبد الکرنک. کما أنهم شیدوا الصروح لتمجید الإنجازات الخاصة بهم، سواء کان حقیقیةً أو تخیلاً. وقد استخدمت الملکة الأنثى حتشبسوت مثل هذه الدعایة لتضفی شرعیة على دعواها إلى العرش. وتمیز عصرها الناجح بالبعثات التجاریة إلى بنط، ومعبد جنائزی أنیق، بالإضافة إلى زوج من المسلات الضخمة ومعبد فی الکرنک. وعلى الرغم من إنجازاتها، سعى ربیب حتشبسوت، تحتمس الثالث لمحو ارثها قبیل نهایة حکمة، الأمر الذی قد یکون بدافع الانتقام لاغتصابها عرشه.
 الفراعنة
أربعة تماثیل ضخمة لرمسیس الثانی الجناح مدخل معبد أبو سمبل له.
حوالی العام 1350 ق.م، هُدِدَ استقرار الدولة الجدیدة عندما وصل أمنحوتب الرابع إلى العرش، الذی وضع سلسلة من الإصلاحات الفوضویة والجذریة. بتغیر اسمه إلى إخناتون (أی عبد أتون)، روج أمنحوتب الرابع إله الشمس أتون على أنه الإله الأعلى، وعلى أنه واحدٌ لا شریک له، ووحد عبادة جمیع الآلهة فی عبادة أتون، حیث قمع ومنع عبادة آلهة أخرى غیر أتون، وهاجم سلطة وقوة المؤسسة الکهنوتیة فی ذلک الوقت. بالإضافة لنقله العاصمة إلى مدینة أخناتون الجدیدة (تل العمارنة حالیاً)، ولم یکترث للشؤون الخارجیة وانکب على استیعاب نفسه فی دینة الجدید وأسلوبه الفنی. بعد وفاته، تم التخلی سریعاً عن عبادة أتون، وقام کلٌ من توت عنخ أمون وخپر خپرو رع آی، وحورمحب بمسح جمیع التفاصیل العائدة لبدعة إخناتون، أو کما تعرف باسم فترة تل العمارنة.
وعند تولی رمسیس الثانی العرش، والمعروف أیضاً برمسیس العظیم، وذلک فی حوالی 1279 ق.م، عمل على بناء المزید من المعابد، وإقامة المزید من التماثیل والمسلات، بالإضافة لإنجابه أطفال أکثر من أی فرعون فی التاریخ. وقاد بجراءة فی معرکة قادش ضد الحیثیین، والتی أسفرت وبعد قتالٍ عنیف دام لأکثر من 15 عاماً، عن أول وأقدم معاهدة سلام عرفها التاریخ، وکان ذلک فی العام 1258 ق.م. وکانت ثروة مصر ونمائها الاقتصادی والاجتماعی سبباً جعل مصر وأرضها أرضاً مغریة للغزو من القوى الأجنبیة، خاصةً اللیبیین وشعوب البحر. تمکن الجیش فی بدایة الأمر من صد هذه الغزوات وردعها، ولکن مع زیادة وتکثیف الغزوات فقد مصر السیطرة على أراضی سوریا وفلسطین. وزاد تأثیر التهدیدات الخارجیة مع تفاقم المشاکل الداخلیة مثل الفساد وسرقة المقابر والاضطرابات المدنیة. وقام کبار الکهنة فی معبد أمون فی طیبة بجمع مساحات شاسعة من الأرض والثروة، وأدت قوتهم المتزایدة إلى انشقاق البلاد خلال الفترة الوسطى الثالثة (عصر الاضمحلال الثالث).
 الفراعنة
حوالی 730 قبل المیلاد اللیبیین من الغرب کسر الوحدة السیاسیة للبلد.

الفترة الانتقالیة الثالثة

بعد وفاة رمسیس الحادی عشر فی 1078 ق.م، فرض سمندس السلطة على الجزء الشمالی من مصر، وجعل مدینة تانیس مقر حکمه. أما الجنوب، فقد کان واقع فعلیاً تحت سیطرة "کهنة آمون فی طیبة"، الذین اعترفوا بحکم سمندس بالاسم فقط. وخلال هذا الوقت، استقر اللیبیون ضمن قبائل فی منطقة غرب الدلتا، وبدأ شیوخ تلک القبائل فی زیادة سلطتهم تدریجیاً. وسیطر أمراء لیبیا على الدلتا تحت إمارة شیشنق الأول فی 945 ق.م، وأسس ما یسمى أسرة بوباستیس التی حکمت لنحو 200 عاما. کما سیطر شیشنق أیضا على جنوب مصر من خلال وضع أفراد من أسرته فی مراکز کهنوتیة هامة. ولکن بدأت سیطرة اللیبیون فی التآکل مع نشأت سلالات منافسة فی منطقة دلتا وتهدید أسرة مملکة الکوش من الجنوب. وبحلول 727 ق.م، غزا الملک الکوشی بعنخی الشمال، وسیطر فی نهایة المطاف على طیبة والدلتا.
انهارت هیبة مصر بعیدة المدى انهیرا کبیرا نحو نهایة الفترة الوسطى الثالثة. حیث قل حلفائها الأجانب فی إطار نفوذ الإمبراطوریة الآشوریة وبحلول 700 قبل المیلاد أصبحت الحرب بین البلدین أمرا حتمیا. بدء الآشوریین هجومهم وغزوهم على مصر فی الفترة بین 671 و 667 ق.م. وقد امتلأت منطقة کل من الملکی الکوشیین طهارقة وخلیفته، تنتامانى، بصراع مستمر مع الآشوریین، ضد الحکام النوبیین الذین تمتعوا بالعدید من الانتصارات. فی نهایة المطاف، دفع الآشوریین الکوشیون وأجبروهم على العودة إلى النوبة، واحتلوا ممفیس، وعزلوا معابد طیبة.

العصر المتأخر

مع عدم وجود خطط دائمة للغزو، ترک الآشوریون السیطرة على مصر لسلسلة من التوابع التی أصبحت تعرف باسم ملوک سایت من الأسرة السادسة والعشرین. وبحلول 653 ق.م تمکن ملک السایت إبسماتیک الأول من طرد الآشوریین بفضل المرتزقة الیونانیة الذین تم تجنیدهم لتشکیل أول بحریة مصریة. ثم امتد تأثیر الیونان بشکل کبیر حیث أصبحت مدینة نیکراتیس وطن الیونانیین فی منطقة دلتا. واستقر ملوک سایت فی مقرهم الجدید فی العاصمة سایس لفترة وجیزة لکونها شهدت نشاط فی الاقتصاد والثقافة، ولکن فی 525 ق.م، بدأ الفرس ذو النفوذ بقیادة قمبیز الثانی، غزوهم لمصر، وفی النهایة اسر الفرعون بسماتیک الثالث فی معرکة الفرما. ثم تولى قمبیز الثانی لقب فرعون رسمیا، لکنه حکم مصر من مسقط رأسه شوشان، وترک مصر تحت حکم أحد الساتراب. وقد شهد القرن الخامس قبل المیلاد نجاح بعض الثورات ضد الفرس، ولکن مصر لم تکن قادرة على الإطاحة الدائمة بالفرس.
وبعد ضم مصر من قبل الفرس، انضمت مصر مع قبرص وفینیقیون فی الساتراب السادس من الامبراطوریة أخمینیونیة الفارسیة. انتهت الفترة الأولى من الحکم الفارسی على مصر، والمعروفة أیضاً بالأسرة السابعة والعشرین، فی 402 ق.م، وفی الفترة ما بین 380-343 ق.م، حکمت الأسرة الثلاثون کأخر الأسر الملکیة المحلیة فی مصر، والتی انتهت من مع حکم الملک ناخثورب الثانی. حدثت بعد ذلک محاولة متواضعة لاستعادة الحکم الفارسی، تعرف أحیاناً باسم الأسرة الحادیة والثلاثون، بدئت فی 343 ق.م، وانتهت بعدها فی 332 ق.م بتسلیم الحاکم الفارسی مازاسیس بتسلیم مصر إلى الإسکندر الأکبر من دون قتال.

أسرة البطالمة

غزا الإسکندر الأکبر مصر فی 332 ق.م، ووجد مقاومة لا تذکر من الفرس، فی حین رحب به من قبل المصریون باعتباره المخلص من الحکم الفارسی. استندت الإدارة التی أنشئها البطالمة خلفاء الأسکندر، على النموذج المصری للحکم، واتخذت من مدینة الإسکندریة الجدیدة عاصمة لها. وکان الغرض الأساسی لها هو عرض قوة وسیادة الحکم الیونانی، وأصبحت مقرا للتعلیم والثقافة، وترکزت فی مکتبة الإسکندریة الشهیرة. وأضاءت منارة الإسکندریة الطریق لکثیر من السفن التجاریة التی تتدفق عبر المدینة، حیث جعل البطالمة التجارة والمشاریع المدرة للدخل، مثل صناعة ورق البردى، على رأس الأولویات.
ولم تحل الثقافة الیونانیة محل الثقافة الوطنیة المصریة، حیث أید البطالمة التقالید الاجتماعیة والدینیة المتبعة على مر الزمان فی محاولة لضمان ولاء السکان. وقاموا ببناء معابد جدیدة على غرار الطراز المصری لدعم المعتقدات الدینیة التقلیدیة، وصوروا أنفسهم کالفراعنة. من جهة أخرى، اندمجت بعض التقالید المصریة والیونانیة معا، حیث ولفت الألهة المصریة مع الیونانیة فی إطار دینی واحد، مثل سیرابیس، وأعمال الزخرفة الیونانیة التی جسدت وتأثرت بالزخارف المصریة التقلیدیة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتهدئة المصریین، اعترض البطالمة تمرد محلی کان من الأسر المحلیة المنافسة، وتجمع الإسکندریة ذو النفوذ الذی تشکل بعد وفاة بطلیموس الرابع. بالإضافة إلى ذلک، ومع ازدیاد اعتماد روما على واردات الحبوب من مصر، أولى الرومان اهتماماً کبیراً للحالة السیاسیة للبلاد. وأدى تواصل الثورات المصریة، والطموح السیاسی لدى البعض والمعارضین السوریین الأقویاء إلى عدم استقرار الأوضاع الداخلیة، مما أجبر روما على إرسال قوات لتأمین البلاد باعتبارها مقاطعة من الامبراطوریة.

الهیمنة الرومانیة

 الفراعنة
جسدت لوحات مومیاوات الفیوم تداخل الثقافة الرومانیة مع الثقافة المصریة الفرعونیة.
أصبحت مصر محافظة من الإمبراطوریة الرومانیة فی العام 30 ق.م، بعد هزیمة مارکوس أنطونیوس والملکة البطلمیة کلیوباترا السابعة من قبل أغسطس قیصر فی معرکة أکتیوم. واعتمد الرومان بشکل کبیر على شحنات الحبوب القادمة من مصر، وقمعت الفیالق الرومانیة التمرد والمتمردین، وساعدت فی تحصیل الضرائب الکبیرة، وکافحت ظاهرة قطاع الطرق والتی کانت منتشرة بکثرة فی ذلک الوقت. وأصبحت الإسکندریة مرکزاً متزاید الأهمیة على طریق التجارة مع الشرق، فی الوقت الذی زاد فیه الطلب فی روما على وسائل الرفاهیة والکمالیات.
على الرغم من أن الرومان کانوا أکثر عداءً تجاه المصریین من الیونانیین، استمرت بعض التقالید مثل التحنیط وعبادة الآلهة التقلیدیة. وازدهر فن تصویر المومیاء، وصور بعض من الأباطرة الرومان أنفسهم کالفراعنة، ولکن لیس بنفس القدر فی عصر البطالمة. وأصبحت الإدارة المحلیة رومانیة فی الأسلوب ومغلقة أمام المصریون.
منذ منتصف القرن الأول المیلادی، ترسخت وانتشرت الدیانة المسیحیة فی الإسکندریة لأنها کانت تعد عبادة أخرى یمکن أن تکون "مقبولة". غیر أنه دین لا یقبل الوثنیة ویسعى إلى الحصول على المهتدین من الوثنیة ویهدد التقالید الدینیة الشعبیة. وأدى ذلک إلى اضطهاد المتحولین إلى المسیحیة، وبلغ هذا الاضطهاد ذروته فی عملیات التطهیر الکبیرة فی عصر دیوکلتیانوس بدءا من عام 303 میلادی، إلا أنه وفی نهایة المطاف استطاعت المسیحیة أن تنتشر بعد إعتناق إمبراطور مصر لها. وفی سنة 391 میلادی أصدر الإمبراطور المسیحی ثیودوسیوس الأول تشریعاً یحظر الطقوس الوثنیة وأغلق المعابد. وبذلک أصبحت الإسکندریة مسرحاً لأعمال شغب مناهضة للوثنیة وتدمیر للرموز الدینیة الخاصة والعامة. ونتیجة لذلک، استمرت ثقافة مصر الوثنیة فی الانحدار والاندثار. فی حین واصل السکان الأصلیین التحدث بلغتهم، اختفت ببطء القدرة على قراءة الکتابات الهیروغلیفیة حیث تضاءل دور کهنة وکاهنات المعابد المصریة. وتم تحویل بعض المعابد إلى کنائس، وتهجیر أخرى.

الحکومة والاقتصاد

 الفراعنة
تمثال الفرعون کان یصور عادة ارتداء الرموز الملکیة والسلطة.
کان الفرعون -من الناحیة النظریة على الأقل- العاهل المطلق للبلاد، ویملک السیطرة الکاملة على الأرض ومواردها. وکان الملک القائد الأعلى للجیش ورئیس للحکومة، والذی اعتمد على مسؤولین بیروقراطیین فی إدارة شؤونه. الرجل الثانی فی القیادة والمسئول عن الإدارة هو الوزیر، الذی یعد نائب الملک وممثله، حیث نسق عملیات مسح الأراضی، والخزانة، وبناء المشاریع، والنظام القانونی والمحفوظات. وعلى الصعید الإقلیمی، کانت البلاد مقسمة إلى ما یصل إلى 42 منطقة إداریة تسمى کل منها قطاعات یحکمها رئیس القطاع، الذی کان مسؤولا أمام الوزیر عن نطاق سلطته. وشکلت المعابد العمود الفقری والبنیة الأساسیة للاقتصاد. حیث لم یقتصر دورها على أنها دور العبادة فقط، ولکن کانت مسؤولة أیضاً عن جمع وتخزین الثروة الوطنیة فی نظام من مخازن الحبوب والخزانات التی یدیرها المشرفین ثم یقوموا بإعادة توزیعها.
کان جزء کبیر من الاقتصاد ینظم مرکزیا ومحکم برقابة صارمة. على الرغم من أن المصریین القدماء لم یستخدموا العملات حتى العصر المتأخر، إلا أنهم استخدموا نوع من نظام مقایضة المال،باستخدام أکیاس قیاسیة من الحبوب و"الدیبن "،ذات وزن تقریبی 91 جراماً من النحاس والفضة. حیث تقاضى العمال أجورهم بالحبوب؛ فالعامل البسیط قد یکسب خمسة حصص ونصف (ما یقارب 200 کجم) من الحبوب شهریا، فی حین أن کبیر العمال قد یکسب سبعة حصص ونصف (250 کجم). کانت الأسعار ثابتة فی جمیع أنحاء البلاد ومسجلة فی قوائم لتسهیل التجارة، على سبیل المثال کانت تکلفة القمصان خمسة دیبن من النحاس، فی حین أن تکلفة البقرة 140 دیبن. کما أمکن تبادل الحبوب مع السلع الأخرى، وفقا لقائمة الأسعار الثابتة. وخلال القرن الخامس قبل المیلاد، اخترع المال وقدم إلى مصر من الخارج. فی البدایة استخدمت العملات کقطع موحدة من المعدن النفیس بدلا من المال الحقیقی، ولکن سرعان ما اعتمد التجار الدولیون على العملات فی القرون التالیة.

الحالة الاجتماعیة

کان المجتمع المصری مجتمع طبقی بدرجة عالیة، وکانت الفئة الاجتماعیة عنصر مهم فی کیان وشخصیة المرء. احتل المزارعون النصیب الأکبر من السکان فی ذلک الوقت، إلا أن المنتجات والأراضی الزراعیة کانت مملوکة من قبل الدولة أو المعبد أو فی بعض الأحیان تکون مملوکة من قبل أحد الأسر النبیلة. کما خضع المزارعون لضریبة العمل، وکانوا یعملون فی مشاریع البناء أو الری بنظام سخرة|السُخرة. أما الفنانین والحرفیین، فقد کانوا بمرکز أعلى وأرقى من فئة المزارعین، إلا أنهم کانوا أیضاً تحت سیطرة الدولة المباشرة، حیث کانوا یعملون فی معابد الدولة، وبتلقون رواتبهم مباشرةً من خزینة الدولة. وشکل الکُتاب والمسؤولون الطبقة العلیا فی مصر القدیمة، أو ما یسمى "طبقة التنورة البیضاء" فی إشارة إلى الملابس البیضاء التی کانت بمثابة علامة على مکانتهم. وصور الأدب والفن بشکل واضح وضع الطبقة العلیا من الشعب، حیث حظوا بنصیبٍ وافرٍ من الذکر والإشارة فی مجالات الثقافة المختلفة. واحتل الکهنة والأطباء والمهندسین المدربین على اختصاصات معینة المرتبة ما قبل مرتبة النبلاء. وقد عرفت مصر القدیمة العبودیة فی ذلک الوقت، لکن لا تزال المعلومات والدلائل علیها ذات نطاق ضیق.
ساوى قدماء المصریون قانونیاً بین جمیع الطبقات الاجتماعیة، من الرجال والنساء إلا العبید، حیث کان لأقل الفلاحین التقدم بالالتماس إلى الوزیر وحاشیته طلباً للعدل. وجعل لکلٌ من الرجال والنساء الحق فی امتلاک وبیع الممتلکات، وتنظیم العقود والحق فی الزواج والطلاق، بالإضافة للحق فی المیراث وإنشاء محاکم للفض بین المنازعات القانونیة. وقد أمکن للمتزوجین التملک معاً، وبصورة مشترکة. بالإضافة إلى حمایة المرأة عند الطلاق، حیث تنص عقود الزواج على الالتزامات المالیة للزوج على زوجته وأولاده حتى بعد الطلاق. وبمقارنة النساء مع نظرائهم فی الیونان القدیمة، بل وحتى مع حضارات أکثر حداثة، کانت للمرأة المصریة فی ذلک الوقت حریة اختیار، وفرص متاحة للتحقیق أکثر من أی امرأة أخرى فی تلک الحقبة. فأصبحت نساء مثل حتشبسوت وکلیوباترا من الفراعنة، فی حین أن البعض الآخر مارس سلطة کبیرة مثل زوجات آمون المقدسة. وعلى الرغم من کل تلک الحریات، لم تشارک المرأة المصریة القدیمة فی الأدوار الرسمیة الرئیسیة، وخدمت کعنصر ثانوی فی المعابد، وعموماً، لم تکن المرأة تحصل على نفس القدر من التعلیم مقارنةً مع الرجال.
 الفراعنة
وکانت تماثیل الکتبة النخبة وتعلیما جیدا. تقییم والضرائب، والاحتفاظ بالسجلات، وکانت مسؤولة عن الإدارة.

النظام القانونی

رأس الفرعون النظام القانونی رسمیاً، وکان مسؤولاُ عن سن القوانین وتحقیق العدالة، والحفاظ على القانون والنظام، وهو مفهوم لدى المصریین القدماء ویشار إلى بالآله ماعت. وعلى الرغم من عدم وجود أی قوانین باقیة حتى الآن من مصر القدیمة، أظهرت وثائق إحدى المحاکم أن القانون المصری کان قائم على وجود نظرة عامة حسیة بالصواب والخطأ، حیث کان یشدد على ضرورة التوصل إلى اتفاقات وتسویات سلمیة للنزاعات والصراعات. وکان مجلس الشیوخ المحلی، المعروف باسم الکینبیت فی الدولة الجدیدة، المسؤول عن البت فی القضایا والخلافات الصغیرة التی تعرض على المحکمة. أما عن النزاعات والصراعات الأشد خطورة، مثل القتل، واختلاس أراضی الدولة، والسطو على المقابر فکانت تحال إلى ما یسمى الکینبیت الکبیر الذی یترأسه الوزیر أو الفرعون نفسه فی بعض الحالات. وکان من المتوقع أن یمثل المدعون والمدعى علیهم بأنفسهم ویُطلب منهم قسم الیمین على قول الحقیقة. فی بعض الحالات، أخذت الدولة دور کل من المدعی العام والقاضی، وکان تعذیب المتهم بالضرب للحصول على اعتراف وأسماء أی من المتآمرین أمرٌ لا بآس به. ولا یهم إذا ما کانت التهم تافهة أو خطیرة، حیث یقوم کتبة المحکمة بتوثیق الشکوى، والشهادة، والحکم الصادر فی القضیة للرجوع إلیها فی المستقبل عند الحاجة.
ینطوى العقاب فی الجرائم البسیطة إما على فرض الغرامات، أو الضرب، أو التشویه فی الوجه، أو النفی، وهذا یتوقف على شدة الجریمة. أما الجرائم الخطیرة مثل القتل وسرقة المقابر فکانت عقوبتها الإعدام، والتی تتم بقطع الرأس، أو الإغراق، أو وضع الجانی على عمود لیخترق جسمه. وقد تمتد العقوبة لتشمل عائلة الجانی. وابتداء من المملکة الجدیدة، لعب الأوراکل (أشخاص على اتصال بالآله) دوراً رئیسیاً فی النظام القانونی، وإقامة العدل فی القضایا المدنیة والجنائیة. حیث کانوا یقومون بسؤال الآله سؤال یکون جوابه "نعم" أو "لا" بشأن صحة وحقیقة قضیةً ما. ثم یصدر الإله الحکم، یقوم به عدد من الکهنة، عن طریق اختیار واحدة أو أخرى مباشرةً، أو التحرک إلى الأمام أو الخلف، أو الإشارة إلى واحد من الأجوبة المکتوبة على قصاصة من ورق البردی أو قطعة حجر.

الزراعة

 الفراعنة
عمال الإغاثة قبر حراثة الحقول، حصاد المحاصیل، ودرس الحبوب تحت إشراف أحد المشرفین.
ساهمت مجموعة من المعالم الجغرافیة المواتیة فی نجاح الثقافة المصریة القدیمة، والتی من أهمها کانت التربة الخصبة الغنیة والناجمة عن الفیضان السنوی لنهر النیل. ولذلک کان المصریون القدماء قادرون على إنتاج کمیة وافرة من الغذاء، والتی تسمح للسکان بتکریس مزید من الوقت والموارد للأنشطة الثقافیة والتکنولوجیة والفنیة. کما کانت إدارة الأراضی أمر بالغ الأهمیة فی مصر القدیمة بسبب الضرائب المقررة على أساس مساحة الأراضی المملوکة للشخص.
اعتمدت الزراعة فی مصر على دورة نهر النیل. عرف المصریون ثلاثة فصول فی السنة؛ أخت (الفیضان)، بیریت (الزراعة)، شیمو (الحصاد). ویستمر موسم الفیضانات من یونیو وحتى سبتمبر، حیث یرسب على ضفاف النهر طبقة من الطمی الغنیة بالمعادن المثالیة لزراعة المحاصیل. بعد انحسار میاه الفیضان، یبدأ موسم النمو من أکتوبر وحتى فبرایر. ثم یزرع ویحرث المزارعون البذور فی الحقول، والتی کانت تُروى من المصارف والقنوات. وکان اعتماد المزارعین على میاه النیل بشکل أساسی لکون نصیب مصر السنوی من الأمطار قلیلٌ نسبیاً بالمقارنة بحجم الفیضان. وفی الفترة من مارس إلى مایو، یستخدم المزارعون المنجل لحصد محاصیلهم، ثم تدخل الحبوب فی عملیة لفصل القش من الحبوب، بعد ذلک تقشر الحبوب وتخمر لصنع الجعة أو تخزن لاستخدامها لاحقاً.
قام المصریون القدماء بزراعة قمح ایمر والشعیر، وعدد آخر من محاصیل الحبوب، والتی تستخدم لصنع مکونان الغداء الرئیسیان، الخبز وشراب الشعیر. واقتلعوا نباتات الکتان قبل ازدهارها، والتی تزرع من أجل ألیاف سیقانها. ثم تنقسم هذه الألیاف على مدى طولها وتنسج إلى خیوط والتی تستخدم فی نسج أقمشة الکتان لصنع الملابس. کما استخدام البردی النامی على ضفاف النیل لصنع الورق. أما الخضروات والفاکهة، فقد کانت تزرع فی حدائق مخصصة، بالقرب من منطقة سکنیة ومرتفع، وکانت لابد أن تسقى بالید. وشملت الخضراوات الکراث والثوم والبطیخ والقرع والبقول، والخس وغیرها من المحاصیل، بالإضافة إلى العنب الذی صُنع منه الخمر.
 الفراعنة
المحاریث حقوله مع زوج من الثیران، کما تستخدم الحیوانات من عبء ومصدرا من مصادر الغذاء.

الحیوانات

اعتقد المصریون أن العلاقة المتوازنة بین الناس والحیوانات عنصرا أساسیا فی النظام الکونی، ومن ثم أعتقد أن الإنسان والحیوان والنبات أعضاء من کیان واحد. ولذلک کانت الحیوانات، سواء المستأنسة أو البریة، تشکل مصدراً حیویاً للروحانیة، والرفقة، ومؤازرة القدماء المصریین. وشکلت الماشیة أهم الموارد الحیوانیة؛ وکانت الحکومة تجمع الضرائب على الثروة الحیوانیة فی إحصاءات رسمیة منتظمة، وعکس حجم القطیع مکانة وأهمیة النبلاء أو المعبد التی تملکها. وربى المصریون القدماء أیضاً الأغنام والماعز والخنازیر. أما الطیور المستأنسة مثل البط والإوز والحمام فقد حجزت فی شباک ورُبیت فی مزارع، حیث غُذیت بالإکراه بالعجین لغرض تسمینها. وکان النیل مصدراً وفیراً من الأسماک والثروة السمکیة. واستأنس النحل منذ -على الأقل- عصر الدولة القدیمة، وزودت المصریین بالعسل والشمع.
وکان استخدام الحمیر والثیران إما لغرض الحمل والنقل أو الحرث وتنسیق التربة. ساهمت الثیران -الخَصبة تحدیداً- بلحومها وکانت جزءاً أساسیاً من طقوس القرابین. وأدخل الهکسوس الخیول فی المرحلة الانتقالیة الثانیة إلى البلاد، ولم تظهر الإبل کحیوانات عاملة إلا فی العصر المتأخر رغم اکتشافها منذ الدولة الحدیثة. وهناک أیضا أدلة تشیر إلى أن الفیلة استخدمت لفترة قصیرة فی العصر المتأخر، ولکن تم الاستغناء عنها إلى حد کبیر بسبب نقص المراعی البریة التی تحتاجها. کانت الکلاب والقطط والقرود حیوانات ألیفة لدى العامة، فی حین أن الحیوانات الأکثر تطرفاً وغرابة على المصریین مثل الأسود، کانت تستورد من وسط أفریقیا وتمتلک من قبل النبلاء والملوک فقط. وقد لاحظ هیرودوت أن المصریین هو الشعب الوحید فی ذلک الوقت الذی ربى الحیوانات داخل منازلهم. وخلال الفترتین، فترة ما قبل الأسر والعصر المتأخر، انتشرت بشکل کبیر وشعبی للغایة عبادة الآله فی شکل وهیئة حیواناتهم، مثل القط باستت، وأبو منجل تحوت، وقد ربیت هذه الحیوانات فی المزارع بأعداد کبیرة لغرض طقوس التضحیة.

الموارد الطبیعیة

مصر هی منطقة غنیة بأحجار البناء والدیکور مثل خام النحاس والرصاص والذهب، والأحجار شبه الکریمة. أتاحت هذه الموارد الطبیعیة لقدماء المصریین بناء النصب التذکاریة، ونحت التماثیل، وصناعة الأدوات وأنماط المجوهرات. وفی التحنیط، استخدم المحنطون الملح من واد النطرون لصنع المومیاء، والجبس لصنع الجص. وتم العثور على تکوینات صخریة تحمل معادن خام فی أماکن، حیث وجدت فی صحراء سیناء، والودیان البعیدة فی الصحراء الشرقیة، مما تطلب بعثات استکشافیة کبیرة الحجم تحت سیطرة الدولة لجلب والحصول على الموارد الموجودة هناک. کما کان هناک مناجم ذهب کثیفة فی النوبة، وتعد واحدة من أولى الخرائط المعروفة فی العالم هی لمنجم ذهب فی هذه المنطقة. کما کانت منطقة وادی الحمامات ابرز مصادر الجرانیت والأحجار الرملیة والذهب. وکان حجر الصوان أول معدن جمع واستخدم فی صنع الأدوات، وتعتبر الفأس الیدویة المصنوعة من الصوان هی أقرب شواهد السکن فی وادی النیل. وقد قشرت العقیدات من المعادن بعنایة لجعل الشفرات والنصال معتدلة الصلابة والمتانة حتى بعد استخدام النحاس لهذا الغرض.
واستخرج المصریون الرصاص من منطقة جبل الرصاص، وعمدوا على إدخال صناعته إلى التماثیل الصغیرة وأثقال شبکة الصید. وکان النحاس هو أکثر المعادن الهامة لصنع الأدوات فی مصر القدیمة، وکانت تصهر فی أفران من المرمر الخام المستخرج من سیناء. وجمع العمال الذهب بغسل کتل الذهب لتصفیته من الشوائب وأخذ الرواسب، أو -فی بعض الأحیان- عن طریق تکریر عملیة طحن کتل الذهب وغسلها لتفریقها عن الکوارتز. أما رواسب الحدید فتم العثور علیها فی مصر العلیا، ولم تستخدم إلا فی العصر المتأخر. وکانت أحجار البناء عالیة الجودة توجد بوفرة فی مصر؛ حیث وجد وبحث المصریون القدماء عن الحجر الجیری على طول وادی النیل، والجرانیت من أسوان، والبازلت والحجر الرملی من أودیة الصحراء الشرقیة. انتشرت رواسب أحجار الزینة مثل الرخام السماقی والأحجار الرملیة، والمرمر والکارملین فی أنحاء الصحراء الشرقیة، وجمعت حتى قبل نشأة الأسرة الأولى. وفی الفترتین البطلمیة والرمانیة، استخرج عمال المناجم الزمرد فی منطقة وادی سیکات، وحجر الجمشت الکریم من وادی الهدی.

التجارة

تعامل المصریون القدماء بالتجارة مع الدول الخارجیة المجاورة للحصول على السلع الغریبة النادرة التی لا توجد فی مصر. وبدأت التجارة مع النوبة فی عصر ما قبل الأسر، لجلب على الذهب والبخور. أقاموا أیضا نشاطاً تجاریاً مع فلسطین، حیث اتضح من نمط أباریق الزیت الفلسطینیة التی وجدت فی قبور فراعنة الأسرة الأولى. واستمرت مستعمرة مصریة فی جنوب کنعان حتى قبل الاسرة الأولى بقلیل. وقام الملک نارمر بتصدیر الفخار المصری المنتج فی کنعان إلى مصر.
و مع بدایة حکم الأسرة الثانیة، تاجر المصریین جبیل وأصبحت مصدراً حیویاً لنوعیة الأخشاب غیر الموجودة فی مصر. وبعد تولی الأسرة الخامسة الحکم، وفرت بلاد بنط للمصرین الذهب، والراتنجات المعطرة وخشب الأینوس والعاج، وبعض الحیوانات البریة مثل القردة والرباح. واعتمدت مصر فی القصدیر على الأناضول، حیث وردت لهم کمیات کبیرة من القصدیر وامدادات ضروریة من النحاس، اللذان یعتبران ضروریاً لصنع البرونز. وقد اهتم المصریون بحجر اللازورد الأزرق وقدروا قیمته، غیر انه تطلب الحصول علیه جلبه من أفغانستان البعیدة. وشملت قائمة شرکاء المصریین فی البحر الأبیض المتوسط الیونان وکریت، اللذان قدما سلع وإمدادات کان أهمها زیت الزیتون. وفی مقابل الواردات الفاخرة والمواد الخام التی استوردتها مصر، صدرت مصر بشکل رئیسی الحبوب، والذهب، والکتان، وورق البردى، إضافة إلى السلع تامة الصنع، متضمنتاً المواد المصنوعة من الحجارة والزجاج.

اللغة

تصنف اللغة المصریة کلغة شمال أفرو آسیویة، ترتبط ارتباطاً وثیقاً بالبربریة واللغات السامیة. ولها تاریخ أطول من أی لغة على وجهه الأرض، حیث کُتبت من 3200 ق.م إلى العصور الوسطى والمتبقیة، وظلت تنطق لفترة أطول بعد توقف کتابتها. وقد تطورت اللغة المصریة ومرت بمراحل عدة، فبدایةً کانت اللغة المصریة القدیمة، ثم أصبحت المصریة الوسطى، وبعد ذلک ظهرت اللغة المصریة المتاخرة، ثم الدیموطیقیة والقبطیة. ولا تظهر الکتابات المصریة أی اختلافات قبل القبطیة، ولکنها کانت على الأرجح منطوقة فی جمیع أنحاء ممفیس وطیبة.
وکانت تعتبر المصریة القدیمة لغة اصطناعیة، إلا أنها تحولت لاحقاً وأصبحت أکثر تحلیلیة. ثم طور المصریون القدماء المواد السابقة المحددة وغیر المحددة التی تحل محل تصریف اللواحق القدیمة. وقد حدث بالإضافة لما سبق تغیر فی ترتیب الجمل فمن "فعل فاعل مفعول به" إلى "فاعل فعل مفعول به". وتحولت واستبدلت فی نهایة المطاف الهیروغلیفیة المصریة والهیراطیقیة والکتابات المحلیة إلى أبجدیة أکثر صوتیة هی الأبجدیة القبطیة. ولا یزال یستخدم القبط هذه الأبجدیة فی قداسات الکنسیة القبطیة الأرثوذکسیة، بل وترکت أثراً فی اللهجة العربیة المصریة.

الأصوات وقواعد اللغة

لدى اللغة المصریة القدیمة 25 ساکناً مماثلاً لجمیع سواکن اللغات الأفرو-آسیویة. وقد شملت الحروف الساکنة المشددة والحلقیة، والأوقاف الصوتیة والغیر صوتیه، بالإضافة للحروف الاحتکاکیة بغیر صوت والأصوات الساکنة والغیر صوتیه. کما تشمل ثلاث أحرف علة طویلة وثلاث قصیرة، والتی توسعت لاحقاً إلى نحو تسعة. ویتشابه أصل الکلمة الأساسیة المصریة بالسامیة والبربریة، وهو جذر ثلاثی أو ثنائی الحروف الساکنة وشبه الساکنة وتضاف اللواحق لتُکون الکلمات. واقتران الفعل یتوافق مع شخص. على سبیل المثال، الهیکل الثلاثی الساکن س-م-ع هو الجوهر الدلالی لکلمة 'سمع'؛ الاقتران الأساسی هو 'یسمع'. إذا کان الفاعل هو اسما، لا تضاف اللواحق إلى فعل: 'تسمع المرأة'.
وقد اشتقت الصفات من الأسماء فی عملیة أطلق علیها علماء المصریات اسم نیسباشین لتشابها مع النحو العربی. وتکون الکلمة على نظام یکون فیه الُمسند - الفاعل فی الجمل اللفظیة والوصفیة، والفاعل - الٌمسند فی الجمل الاسمیة والظرفیة. ویمکن أن یُنقل الفاعل إلى بدایة الجملة إذا کان طویل ویلیها الضمیر العائد. تبطل الأفعال والأسماء بحرف ن، فی حین یستخدم ن-ن فی الجمل الظرفیة والوصفیة. ویقع التشدید أو النبر على المقطع اللفظی الأخیر أو قبل الأخیر.

الکتابة

 الفراعنة
حجر رشید (کالیفورنیا تمکین 196 قبل المیلاد) اللغویین لبدء عملیة فک الرموز من الهیروغلیفی.
تعود الکتابة الهیروغلیفیة إلى سنة 3200 قبل المیلاد، وتتألف من نحو 500 رمز. ویمکن للرمز الهیروغلیفی أن یمثل کلمة أو صوت أو شیء محدد صامت، وقد یخدم نفس الرمز أغراضاً ومعانی مختلفة فی سیاقات مختلفة. وکانت الهیروغلیفیة کتابة رسمیة، مستخدمة على النصب التذکاریة الحجریة وفی القبور، وکانت على درجة عالیة جداً من الدقة فی الوصف. أما فی الکتابات الیومیة، فقد استخدم الکُتاب شکل الأحرف المطبعیة المتصلة فی الکتابة، وتدعى الهیراطیقیة، وهی أسرع وأسهل. وبینما یمکن قراءة الکتابة الهیروغلیفیة الرسمیة ضمن صفوف أو أعمدة وفی أی من الاتجاهین (على الرغم من جرت العادة بالقراءة من الیمین إلى الیسار)، کانت الهیراطیقیة دائما مکتوبة من الیمین إلى الیسار، وعادة فی صفوف أفقیة ثم ظهر شکل جدید من أشکال الکتابة، وهی الکتابة الدیموطیقیة أو الشعبیة، وأصبح أسلوبها هو أسلوب الکتابة السائد، وهو شکل من أشکال الکتابة -بالإضافة إلى الهیروغلیفیة الرسمیة- التی صاحبت النص الیونانی على حجر رشید.
فی حوالی القرن الأول المیلادی، بدأت الأبجدیة القبطیة تستخدم جنباً إلى جنب مع الکتابة الشعبیة. القبطیة هی أبجدیة إغریقیة مع إضافة بعض العلامات والرموز الدیموطیقیة. وعلى الرغم من أن الهیروغلیفیة کانت مستخدمة فی دورٍ شرفی حتى القرن الرابع المیلادی، لم یکن یقرؤها سوى عددٌ قلیلٌ من الکهنة. وفی الوقت الذی تم فیه حل المؤسسات الدینیة التقلیدیة، فُقدت تقریبا المعرفة بالکتابة الهیروغلیفیة. وترجع محاولات فک تلک النصوص إلى التاریخ البیزنطی والعصر الإسلامی فی مصر، ولکن کانت القفزة النوعیة فی سنة 1822، بعد اکتشاف حجر رشید الذی أدى لسنوات من البحث من قبل توماس یونج وجان فرانسوا شامبلیون تم حل طلاسم الهیروغلیفیة کاملة تقریبا.
الأدب
 الفراعنة
إدوین سمیث على ورق البردی الجراحیة (حوالی 16 قبل المیلاد القرن) یصف هو مکتوب التشریح والتداوی، وهیری.
ظهرت الکتابة لأول مرة مع الملکیة على العلامات والتسمیات للمواد التی وجدت فی المقابر الملکیة. کان هذا فی المقام الأول هو مهنة الکُتاب، الذین عملوا من مؤسسة مفتاح الحیاة أو دار الحیاة. وقد ضم الأخیر مکاتب ومکتبات (سمیت دار الکتب) ومعامل ومراصد فلکیة. وکانت أشهر قطع الأدب المصری القدیم مثل نصوص الأهرام ونصوص التوابیت مکتوبة بالکلاسیکیة المصریة، والتی استمرت بکونها لغة وطریقة الکتابة حتى حوالی 1300 ق.م. ثم أتى شکل أخر من اللغه المصریة والذی بدأ فی الدولة الحدیثة وفیما تلى، وقد تمثل هذا الشکل الحدیث فی وثائق رامیسید الإدارة، وقصائد الحب والقصص، بل وحتى النصوص الشعبیة والقبطیة. وخلال هذه الفترة، تطورت تقالید الکتابة إلى السیرة الذاتیة الشخصیة على القبور، مثل تلک التی فی حرخوف ووینى. وقد ضع النوع المعروف باسم سابیت (تعالیم) لرصد التعلیمات والتوجیهات من أشهر النبلاء؛ وتعد بردیة إیبویر قصیدة بُکائیة التی عهدت على وصف الکوارث الطبیعیة والاضطرابات الاجتماعیة مثال شهیر على هذا النوع.
وتعد قصة سنوحى التی کتبت باللغة المصریة الوسطى، من کلاسکیات الأدب المصری القدیم. وشهدت هذه الفترة أیضاً کتابة بردیة وستکار، وهی عبارة عن مجموعة من القصص تُروى إلى خوفو من أبناؤه بخصوص الکهنة والمعجزات على یدهم فی هذا الوقت. کما تعد تعالیم أمینیموبی تحفة من الأدب الشبه شرقی. وقبیل نهایة عهد الدولة الحدیثة، استخدمت اللغة المصریة الحدیثة التی کانت بمثابة لغة عامیة لسابقتها فی کتابة نصوص شعبیه شهیرة مثل قصة وینامون وتعالیم آنی. وتحکى قصة وینامون عن نبیل سُرق وهو فی طریقه لشراء خشب الأرز من لبنان، وعن صراعه من أجل العودة إلى مصر. وابتداءً من القرن السابع قبل المیلاد تقریباً، أصبح سرد القصص والتعالیم کتعالیم أونکشوشونکی الشهیرة، وکذلک الوثائق الشخصیة والتجاریة بالطریقة الدیموطیقیة المصریة. وکانت العدید من القصص المکتوبة بالدیموطیقیة خلال الحقبة الیونانیة-الرومانیة، کانت تتحدث عن فترات تاریخیة سابقة، عندما کانت مصر دولة مستقلة یحکمها أشهر الفراعنة مثل رمسیس الثانی.

الثقافة

معظم المصریین القدماء کانوا مزارعین مرتبطین بالأرض. وکانوا یسکنون منازل وبیوت شدیدة الخصوصیة، تقتصر فقط على أفراد الأسرة الواحدة، وبنیت من الطوب اللبن من أجل الإبقاء علیها باردة فی حرارة النهار. وکان لکل منزل مطبخ مفتوح السقف، یتضمن غالباً حجر الرُحى لطحن الدقیق وفرن صغیر لصنع الخبز. وکانت الجدران تطلى باللون الأبیض وتغطى أغلب الأوقات بستائر من الکتان. وتغطی الأرضیات بحصیر من القصب، فی حین یتألف الأثاث من کراسى خشبیة وأسرة ترفع من الأرض ومائدة فردیة.
اهتم المصریون القدماء بدرجة کبیرة بالنظافة والمظهر. وکان نهر النیل هو حوض الاستحمام الرئیسی لدیهم، مستخدمین صابوناً مصنع من الدهن الحیوانی والطباشیر. واعتاد الرجال حلق کل أجسادهم بغرض النظافة، واستخدموا الزیوت العطریة لتغطیة روائح الجسد. وکانت جمیع الملابسه مصنوعه من الکتان البسیط، ویلغب علیها اللون الأبیض، وقد لجأ کلاً من رجال ونساء الطبقة الحاکمة إلى ارتداء الشعر المستعار والمجموهرات ومستحضرات التجمیل کنوعاً من التجمُل. بینما لم یرتد الأطفال الملابس حتى بلوغ الثانیة عشر من العمر، وهو سن البلوغ والنضوج لدى قدماء المصریین، ویتم أیضاً إجراء مراسم الختان والبدء فی حلق شعر الرأس لدى الذکور فی هذا السن. وکانت الأم هی المسؤولة عن رعایة الأطفال، بینما تقع مسؤولیة الأب على تزوید الأسرة بالمال.
وکانت الموسیقى والرقص ترفیهاً شعبیاً ومنتشر لأفراد الطبقة المتوسطه ومافوقها. وشملت الأدوات الموسیقیة بدایةً المزامیر والعیدان، قبل أن تتطور لاحقاً وتنتشر الأبواق وأنابیب القرع وتصبح أدوات شعبیه ومنتشره. فی عصر الدولة الحدیثة، استخدم المصرییون الجرس والصنج والدف والطبلة والعود فی العزف، واستوردوا القیثارة من آسیا. وکانت الآلات الشبه جلجلیة مثل الصُلاصل تستخدم بشکل مهم فی المراسم والاحتفالات الدینیة.
تمتع المصریون القدماء بمجموعة متنوعة من الأنشطة الترفیهیة، بما فیها الألعاب والموسیقى. فکانت لعبة سینیت من أوائل الألعاب لدى المصریین القدماء، وظهرت بعدها لعبة أخرى تدعى میهین، وکلاهم ألعاباً لوحیة تلعب على لوح. أما ألعاب الزهر والألعاب الکرویة فکانت شائعه عند الأطفال، وتم أیضاً توثیق المصارعة کلعبة کما وجد فی قبر بنی حسن. بینما استخدم أغنیاء المجتمع المصری القدیم الصید ورکوب القوارب کنوع من الترفیه.
ساعدت الحفریات والاکتشافات فی القریة العمالیة دیر المدینة بصعید مصر، على الحصول على معلومات دقیقة عن الوضع الاجتماعی لدى قدماء المصریین فی تلک القریة والتی استمر لأکثر من 400 سنة. حیث أسهمت تلک الحفریات ودراستها عن معلومات فی الجانب الإجتماعی والتنظیم والعمل وظروف المعیشه لم تکتشف فی جمیع الحفریات والاکتشافات الأخرى بهذا التفصیل الدقیق.

المطبخ

حافظ المطبخ المصری القدیم على استقرار نسبی لفترات طویلة على مر الزمن، حتى أنه ما زالت توجد تشابهات بین المطبخین الحدیث والقدیم. تألف النظام الغذائی الشعبی من الخبز وبیرة الشعیر، وتکون الخضروات مثل البصل والثوم، والفاکهة مثل التمر والتین کإضافات. وینتشر النبیذ واللحم فی الأعیاد الدینیة فقط عند العامة، بینما اعتادت الطبقة الحاکمة علیهم بشکل أکثر انتظاماً. وأکل السمک واللحم والدجاج بأکثر من طریقة، حیث جففت وطبخت وشویت على شوایات.
 الفراعنة
قاعات معبد الکرنک مبنیة بصفوف من الأعمدة الکبیرة.

العمارة

 الفراعنة
معبد حورس فی إدفو هو نموذج للعمارة المصریة.
شملت العمارة المصریة القدیمة على بعض المعالم الأکثر شهرةً فی العالم، أهمها کانت أهرامات الجیزة ومعبد الکرنک فی طیبة. وکانت الدولة هی المسؤول والممول لمشاریع البناء، إما للأغراض الدینیة والاحتفالیة أو لتعزیز وإظهار سلطة وقوة الفرعون. احترف المصریون القدماء حرفة البناء، واستطاع المعماریون ببناء بنایات حجریة ضخمه ذات تفاصیل دقیقة باستخدام أدوات بسیطة وفعالة فی نفس الوقت.
لم تصمد مع ذلک المنازل الشخصیة للمصریین القدماء حتى الآن سواء کانوا من الطبقة الحاکمة والنخبة أو العمال وغیرهم، حیث استعملوا مواد سریعة التلف وغیر قویة مثل الطین اللبن والخشب للتخفیف من درجة الحرارة. عاش الفلاحون فی منازل بسیطه، فی حین أن القصور الکبیرة ذات التفاصیل المعماریة الدقیقة کانت للطبقة الحاکمة والنخبة. استطاع عدد قلیل من قصور الطبقة الحاکمة فی المملکة الجدیدة من الصمود جزئیاً، مثل تلک القصور الموجودة فی مالکاتا وتل العمارنة، ووجد بها تفاصیل دقیقة وغنیه بالزینه والصور لأشخاص وطیور وبرک میاه وآلهة وتصامیم معماریة وهندسیة. بینما بنیت المعابد والبنایات الهامة بغرض البقاء إلى الأبد من الحجر بدلاً من الطوب اللبن.
تتکون المعابد المصریة القدیمة الباقیة الأولى، مثل تلک التی فی الجیزة، من قاعات مغلقة فردیة مع ألواح سقف مدعمة بالأعمدة. تطورت الهندسة فی عصر الدولة الحدیثة، وأضاف المعماریون الصرح والساحات المفتوحة والبهو واعتمدوا هذه التصامیم حتى دخول العصر الیونانی-الرومانی. اشتهر القبور ذات تصمیم المصطبة فی الفترات الأولى من مصر القدیمة، وهی مبنى مستطیل الشکل ذو سطح مسطح مبنی من الطوب اللبن أو الحجر یغطی تحته غرفة الدفن والتی توجد تحت الأرض. هرم زوسر المدرج مثلاً، هو عبارة عن ستة مساطب حجریة فوق بعضها البعض. کانت الأهرامات هی التصامیم الشائعه لمقابر الفراعین فی الدولة القدیمة والوسطى، قبل أن یتخلى عنها حکام اللاحقین لصالح المقابر الصخریة الأقل ظهوراً.
المصدر : تحقیق راسخون2014



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.