تهذیب السمع

هذا السمع فی الحقیقة ما هو إلّا باب إلى قلب الإنسان وعقله، وإنّ نفس العضو المختصّ بالسمع أی الأذن لا یملک مصفاة تصفّی ما یصلح سماعه أم لا، بل إنّها تستقبل أیّ شی‏ء سواء کان حسناً أم قبیحاً...
Saturday, May 31, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
تهذیب السمع
 تهذیب السمع

 






 

هذا السمع فی الحقیقة ما هو إلّا باب إلى قلب الإنسان وعقله، وإنّ نفس العضو المختصّ بالسمع أی الأذن لا یملک مصفاة تصفّی ما یصلح سماعه أم لا، بل إنّها تستقبل أیّ شی‏ء سواء کان حسناً أم قبیحاً...

حقّ السمع

عن الإمام السجّاد علیه السلام: (وأمّا حقّ السمع، فتنزیهه عن أن تجعله طریقاً إلى قلبک، إلّا لفوهة کریمة تُحدِث فی قلبک خیراً أو تُکسب خُلقاً کریماً، فإنّه باب الکلام إلى القلب یؤدّی إلیه ضروب المعانی، على ما فیها من خیر أو شرّ، ولا قوّة إلّا بالله)(1)
یختصر الإمام السجّاد علیه السلام فی رسالة الحقوق وفی کلمات قلیلة حقّ السمع الّذی لا بدّ وأن نراعیه ولکنّه یشیر فی أوّل کلامه علیه السلام إلى تأثیر السمع فی القلب، ومعرفة هذا التأثیر یعتبرها الإمام علیه السلام من أوّل الحقوق.
ومن هنا یأتی دور الإنسان، فعلیه أن یتحکّم بما یسمعه من خلال وجوده فی الأماکن الّتی لا یضطرّ فیها لسماع أمر غیر مرغوب فیه، أو على الأقلّ عدم الإصغاء إلیه.
فما هو المطلوب أن ننزّه أسماعنا عنه؟ هناک الکثیر من الضوابط الشرعیّة الّتی ینبغی مراعاتها، والکثیر من الانحرافات الّتی ینبغی تنزیه الأذن عن سماعها، ولکن سنشیر إلى أمر یُعتبر من أخطر المحرّمات على الأذن، وهو استماع الغناء.

نزّه سمعک عن الغناء

والغناء هو ترجیع الصوت على الوجه المناسب لمجالس اللهو، وهو من المعاصی ویحرم على المغنّی والمستمع، وأمّا الموسیقى فهی العزف على آلاتها، فإن کانت بالشکل المتعارف فی مجالس اللهو والعصیان فهی محرّمة على عازفها وعلى مستمعها أیضاً(2).
فالغناء من المحرمات الّتی جاء بها الکتاب یقول الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَن سَبِیلِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَیَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِینٌ﴾(3)، وفی الروایة عن الإمام الباقر علیه السلام: "الغناء ممّا وعد الله علیه النار"، وتلا هذه الآیة(4).
وفی روایة أخرى عن الإمام الصادق علیه السلام قال: "الغناء یورث النفاق، ویعقب الفقر"(5).
وکما یُحرم الاستماع للغناء فإنّه لا یجوز الحضور فی مجلس الغناء والموسیقى المطربة اللهویّة المناسبة لمجالس اللهو والعصیان إذا أدّى ذلک للاستماع إلیها أو إلى تأییدها(6).

أثر الغناء فی القلب‏

إنّ لکلّ عمل یقوم به الإنسان أثراً فی قلبه، ویتبع الأثر فی حُسنه أو قبحه طبیعة العمل، فإن کان العمل طاعة لله تعالى کان الأثر إیجابیّاً وحسناً ویجلب توفیقاً من الله تعالى، ولکنّ الطامّة الکبرى فی أثر الأعمال الناشئة من حبّ الدنیا الّذی یُعتبر أساس کلّ المعاصی ومنه الغناء، یقول الإمام الخمینیّ: "اعلم أنّ ما تناله النفس من حظّ فی هذه الدنیا، یترک أثراً فی القلب، وهو من تأثیر الملک والطبیعة، وهو السبب فی تعلّقه بالدنیا. وکلّما ازداد التلذّذ بالدنیا، اشتدّ تأثّر القلب وتعلّقه بها وحبّه لها، إلى أن یتّجه القلب کُلّیّاً نحو الدنیا وزخارفها، وهذا یبعث على الکثیر من المفاسد. إنّ جمیع خطایا الإنسان وابتلاءه بالمعاصی والسیّئات سببها هذا الحبّ للدنیا والتعلّق بها"، وعن الإمام الصادق علیه السلام: "حُبّ الدُّنْیَا رَأْسُ کُلّ خَطِیئَةٍ"(7).
وللاستماع إلى الغناء أثر کبیر فی القلب الّذی یهمّ السالکین إلى الله تعالى أن یبقى أبیضَ ناصعاً غیر ملوّث بأکدار المعاصی، فمن آثاره:
1- یورث النفاق: عن الإمام الصادق علیه السلام: (استماع اللهو والغناء ینبت النفاق کما ینبت الماء الزرع)(8).
2- مجلس الغناء محلّ غضب الله: مجلس الغناء محلُّ غضب الله، فقد قال الإمام الصادق علیه السلام: (لا تدخلوا بیوتاً الله مُعْرِضٌ عن أهلها)(9)
وعنه علیه السلام: (بیت الغناء لا یُؤمَن فیه الفجیعة، ولا یُجاب فیه الدعوة، ولا یدخله الملائکة)(9)
3- یعذّب مستمعه بأنواع من العذاب:
روی عن رسول الله صلى الله علیه واله: (یُحشر صاحب الغناء من قبره أعمى وأخرس وأبکم)(11)
وعن رسول الله صلى الله علیه واله: (خمسة لا ینظر الله إلیهم یوم القیامة.. إلى أن قال: والمغنّی)(12)
4- قد یؤدّی إلى الزنا:
الغناء سبب ومقدِّمة للوقوع فی الزنا، فعن رسول الله صلى الله علیه واله: (الغناء رَقیَّة الزنا)(13)
وحیث إنَّ الغناء هو صوت لهویّ ینبع من الشهوة واللذّة الحیوانیّة، فإنَّ من آثاره السیِّئة تحریک شهوة المغنِّی والمستمع، فیغفلان عن ذکر الله والآخرة بنحو یهیّئهما لارتکاب الفحشاء.
تحذیر من رسول الله صلى الله علیه واله
ولذلک جاء تحذیر رسول الله صلى الله علیه واله من عواقب الغناء فعنه صلى الله علیه واله: (یظهر فی أمّتی الخسف والقذف. قالوا: متى ذلک؟ قال صلى الله علیه واله: إذا ظهرت المعازف والقینات وشربت الخمور. والله لیبیتنّ أناس من أمّتی على أشر وبطر ولعب فیصبحون قردة وخنازیر لاستحلالهم الحرام، واتخاذهم القینات، وشربهم الخمور، وأکلهم الربا، ولبسهم الحریر)(14)
ثواب من نزّه نفسه عن الغناء
ما ورد کان لمن لم ینزِّه نفسه عن الغناء، فماذا ینتظر من نزّه نفسه عنه؟
عن الإمام الرضا علیه السلام: (من نزّه نفسه عن الغناء فإنَّ فی الجنة شجرة یأمر الله عزَّ وجلَّ الریاح أن تحرّکها، فیسمع منها صوتاً لم یسمع مثله، ومن لم یتنزّه عنه لم یسمعه)(15)

خلاصة الکلام

إنَّ مستعمری العالم یخافون دائماً من وعی الشعوب، وخاصّة الشباب، ولذلک فإنّ جانباً من برامجهم الواسعة لاستمرار الاستعمار وإدامته هو إغراق المجتمعات بالغفلة والجهل والضلال، وتوسعة وسائل اللهو المفسدة.
ونشر الغناء والموسیقى هو من أهمّ الوسائل الّتی یصرّ علیها المستعمرون لتخدیر أفکار الناس، وإضعاف إرادتهم فی المقاومة.
- السمع باب إلى قلب الإنسان وعقله، وإنّ العضو المختصّ بالسمع أی الأذن لا یملک مصفاة تصفّی ما یصلح سماعه أم لا، بل إنّها تستقبل أیّ شی‏ء سواء کان حسنا أم قبیحاً .
- إنّ لکلّ عمل یقوم به الإنسان أثراً فی قلبه، ویتبع الأثر فی حسنه أو قبحه طبیعة العمل، فإن کان العمل طاعة لله تعالى کان الأثر إیجابیّاً وحسناً ویجلب توفیقاً من الله تعالى، ولکن الطامّة الکبرى فی أثر الأعمال الناشئة من حبّ الدنیا الّذی یعتبر أساس کلّ المعاصی ومنه الغناء
- الاشتغال بالملاهی والغناء من الکبائر ومن لهو الحدیث ومن قول الزور ومن اللغو، وهو یورث النفاق ویبعد الملائکة ویؤدّی إلى الزنا والفواحش، ویبعد عن ذکر الله، وهو إحدى وسائل الاستعمار لإضعاف المسلمین وإرادتهم ومقاومتهم .

من قصص العلماء

جاء فی کتاب (دار السلام) للمحقّق النوریّ: عن السیّد حسن بن السیّد علیّ الأصفهانیّ أنّه قال: کنت مشغولاً بطلب العلم فی النجف الأشرف حین مات أبی، وتعهّد بأعمال أبی بعض أخوتی، ولم یکن لی علم بتفاصیلها، وبعد مضیّ سبعة أشهُر من وفاته توفّیت أمّی فی أصفهان، وحملوا جنازتها إلى النجف الأشرف، وفی لیلة من تلک اللیالی رأیت والدی فی المنام فقلت له: إنّک توفّیت فی أصفهان وأنت الآن فی النجف الأشرف، فقال بلى. بعد وفاتی نقلونی إلى هذا المکان. فسألته عن والدتی قریبة منک؟ فقال: هی فی النجف ولکن فی مکان آخر، وعلمت أنّها لیست بدرجة أبی فسألته عن حاله فقال:
کنت فی الضیق والشدّة والآن ارتحت منهما فتعجّبت وقلت: هل مثلک من یعذب؟ فقال: نعم، إنّ الحاجّ رضا کان له علیّ دین وکان یطالبنی به، لذا کنت فی شدّة.
یقول السیّد حسن الأصفهانیّ: فاستیقظت فزعاً، وکتبت رؤیای لأخی الّذی کان وصیّاً لوالدی وطلبت منه التحقیق فی ذلک، فکتب لی فی الجواب: إنّنی فتشت فی دفاتر دیون والدی فلم أجد اسم حاجّ رضا، فکتبت إلیه: إجهد أن تعرف ذلک الشخص ثمّ تسأله ما إذا کان یطلب والدی.
فکتب لی فی الجواب: سألته: فقال: نعم کنت أطلب والدک ولم یکن یعلم بذلک أحد إلّا الله وقد سألتک بعد وفاته: هل یوجد اسمی فی سجلّ الدائنین؟ فقلت لا، ولم یکن لدیّ سند استند إلیه فی ذلک الدین، ولم یکن لی طریق لإثباته.
لمّا سمعت ذلک أردت أن أدفع له ذلک المبلغ فلم یقبل، وقال قد أبرأت ذمّته.
تأمّل أیّها المؤمن فی هذا الحدیث: عن الإمام الباقر علیه السلام:(الظلم ثلاثة، ظلم یغفره الله، وظلم لا یغفره، وظلم لا یدعه الله، فأمّا الظلم الذی لا یغفره الله فالشرک، وأمّا الظلم الذی یغفره الله فظلم الرجل فیما بینه وبین الله، وأمّا الظلم الذی لا یدعه فالمداینة بین العباد)(16).
المصادر :
1- تحف العقول، الحرّانی، ص257
2- أجوبة الإستفتاءات، السید علی الخامنئی، ج2، ص23
3- لقمان:6
4- وسائل الشیعة (آل البیت)، الحر العاملی، ج17، ص305
5- میزان الحکمة ج12، ص230
6- أجوبة الإستفتاءات، السید علی الخامنئی، ج2، ص119
7- الأربعون حدیثاً، الإمام الخمینی الحدیث السادس
8- میزان الحکمة
9- میزان الحکمة
10- وسائل الشیعة، الحرّ العاملی، ج17، ص 303
11- مستند الشیعة، المحقّق النراقی، ج14، ص132
12- مستدرک الوسائل، المیرزا النوری، ج13، ص 213
13- بحار الأنوار، المجلسی، ج76، ص 247
14- وسائل الشیعة، الحرّ العاملی، ج17، ص 311
15- میزان الحکمة ص‏ 317
16- الذنوب الکبیرة، دستغیب، ج‏2، ص‏22



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.