منزلة المرأة في الاسلام

أجدني وأنا أتحدث عن الحقوق الزوجية منساقاً الى التحدث عن منزلة المرأة في الاسلام، ورعايته لها وعطفه عليها، ما جعلها حظيّة سعيدة في ظلاله.
Monday, August 4, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
منزلة المرأة في الاسلام
 منزلة المرأة في الاسلام

 






 

أجدني وأنا أتحدث عن الحقوق الزوجية منساقاً الى التحدث عن منزلة المرأة في الاسلام، ورعايته لها وعطفه عليها، ما جعلها حظيّة سعيدة في ظلاله.
ولا يستطيع الباحث ان يتبين أبعاد حظوتها وسعادتها في عهده الزاهر الا بالمقارنة بينها وبين غيرها من النساء اللاتي سبقنها أو تخلفن عنها في التأريخ، ليستجلي عزتها وتفوقها عليهن.
ولا يستطيع ان يتبين ذلك الا بدراسته على ضوء المبادئ السماوية الخالدة، والقيم المنطقية المبرئة من نوازع الهوى والجهل وسيطرة الأعراف والتقاليد التي لا تصلح أن تكون مقياساً ثابتاً وحكماً عدلاً في تمحيص الحقائق وتقييمها واستجلاء الواقع من المزيف منها، لتلونها بالمحيط الذي نبعت منه والظرف الذي شاعت فيه، فطالما استحسن العرف خلالاً قبيحة واستقبح سجاياً كريمة، متأثراً بدوافع هذا أو ذاك.
وانما يصلح العرف في التحكيم اذا كان مستنيراً بهدي اللّه تعالى وتوجيهه السديد الحكيم، فإنه آنذاك لا يخطئ في حكمه، ولا يزيغ عن العدل والصواب.

المرأة في التأريخ القديم

لقد اضطرب المعيار الاجتماعي في تقييم المرأة وتحديد منزلتها الاجتماعية في عصور الجاهلية القديمة أو الحديثة. وتأرجح بين الافراط والتفريط، وبين التطفيف والمغالاة، دون أن يستقر على حال رضي من القصد والاعتدال.
فاعتُبرت حيناً من الدهر مخلوقاً قاصراً منحطاً، ثم اعتُبرت شيطاناً يسوّل الخطيئة ويوحي بالشر، ثم اعتبرت سيدة المجتمع تحكم بأمرها وتصرفه بمشيئتها، ثم اعتبرت عاملة كادحة في سبيل عيشها، وحياتها.
وكانت المرأة في أغلب العصور تعاني الشقاء والهوان، مهدورة الحق مسترقة للرجل، يسخرها لأغراضه كيف يشاء.
وهي في تقييم الحضارة الرومانية في تأرجح واضطراب، بين التطفيف والمغالاة: اعتبرتها رقيقاً تابعاً للرجل، يتحكم فيها كما شاء. ثم غالت في قيمها فحررتها من سلطان الأب والزوج، ومنحتها الحقوق الملكية والارثية وحرية الطلاق، وحرية التبذل والاسفاف، فكانت الرومانية تتزوج الرجل بعد الآخر دونما خجل او استحياء.
فقد كتب «جوونيل 60 - 140 م» عن امرأة تقلبت في أحضان ثمانية أزواج في خمس سنوات. وذكر القديس «جروم 340 - 420 م» عن امرأة تزوجت في المرة الأخيرة الثالث والعشرين من أزواجها، وكانت هي الحادية والعشرين لبعلها(1)
ثم أباحوا لها طرق الغواية والفساد، مما سبب تفسخ المجتمع الروماني ثم سقوطه وانهياره.
وهي في عرف الحضارة اليونانية تعتبر من سقط المتاع، تُباع وتُشترى، وتعتبر رجساً من عمل الشيطان.
وقضت شرائع الهند القديمة (أن الوباء والموت والجحيم والسم والافاعي والنار... خير من المرأة) وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها الذي هو سيدها ومالكها، فاذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه، والا حاقت عليها اللعنة الأبدية.
وأما رأي التوراة في المرأة، فقد وضحه سفر الجامعة في الكلمات الآتية: (درت أنا وقلبي لاعلم ولابحث ولأطلب حكمة وعقلاً، ولاعرف الشر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون، فوجدت أمرّ من الموت المرأة، التي هي شباك، وقلبها شراك، ويداها قيود) (2)
وكانت المرأة في وجهة نظر المسيحية - خلال العصور الوسطى - مخلوقاً شيطانياً دنساً، يجب الابتعاد عنه.
قال «ليكي» في كتاب تأريخ أخلاق اوربا: «وكانوا يفرون من ظل النساء، ويتأثمون من قربهن والاجتماع بهن، وكانوا يعتقدون أن مصادفتهن في الطريق والتحدث اليهن - ولو كُنَّ أمهات وأزواجاً أو شقيقات - تحبط أعمالهم وجهودهم الروحية»(3)
وهكذا كان المجتمع الغربي فيما خلا تلك العصور، يستخف بالمرأة ولا يقيم لها وزناً. (فقد عُقد في فرنسا اجتماع سنة 586 م يبحث شأن المرأة وما اذا كانت تعد انساناً أو لا تعد انساناً. وبعد النقاش، قرر المجتمعون أن المرأة انسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل) وفي انجلترا حرّم «هنري الثامن» على المرأة الانجليزية قراءة الكتاب المقدس، وظلت النساء حتى سنة 1850 م غير معدودات من المواطنين، وظللن حتى سنة 1882 م ليس لهن حقوق شخصية، ولا حق لهن في التملك الخالص، وانما كانت المرأة ذائبة في ابيها أو زوجها(4)

المرأة في المجتمع العربي الجاهلي:

وقد لخص الأستاذ الندوي حياة المرأة في المجتمع العربي الجاهلي، حيث قال:
«وكانت المرأة في المجتمع الجاهلي عرضة غبن وحيف، تُؤكل حقوقها وتُبتز أموالها، وتحرم من ارثها، وتعضل بعد الطلاق أو وفاة الزوج من ان تنكح زوجاً ترضاه، وتورث كما يورث المتاع أو الدابة، وكانت المرأة
في الجاهلية يطفف معها الكيل، فيتمتع الرجل بحقوقه ولا تتمتع هي بحقوقها، ومن المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرم على الإناث، وكان يسوغ للرجل ان يتزوج ما يشاء من النساء من غير تحديد.
وقد بلغت كراهة البنات الى حدّ الوأد، وكانوا يقتلون البنات بقسوة، فقد يتأخر وأد المؤدة لسفر الوالد وشغله، فلا يئدها الا وقد كبرت وصارت تعقل، وكان بعضهم يلقي الانثى من شاهق»(5)

المرأة في الحضارة الغربية الحديثة:

ولما بلغت الحضارة الغربية الحديثة أوجها، نالت المرأة فيها - بعد جهاد شاق وتضحيات غالية - حريتها وحقوقها، وغدت تستشعر المساواة بالرجل، وتشاطره الأعمال في الدوائر والمتاجر والمصانع، ومختلف الشؤون والنشاطات الاجتماعية.
وابتهجت المرأة الغربية بهذه المكاسب التي نالتها بالدموع والمآسي، متجاهلة واقع غبنها وخسرانها في هذا المجال. ولو أنها حاكمت وعادلت في ميزان المنطق بين المغانم التي حققتها والمغارم التي حاقت بها... لأحست بالأسي والخيبة والخسران.
فقد خدعها دعاة التحرر في هذه الحضارة المادية، وغرروا بها واستغلوا سذاجتها استغلالاً ماكراً دنيئاً. استغلوها لمضاربة الرجل،
ومكايدته حينما بدأ يطالب بمضاعفة أجور العمل وتخفيف ساعاته، فاستجابت لذلك... تعمل اعمال الرجل قانعة بأجر دون أجره.
واستغلوا انوثتها في الحقل التجاري لمضاعفة الأرباح المادية، لقدرتها على اجتذاب الزبائن وتصريف البضائع، مستثيرين كوامن الجنس في نفوسهم فأي استغلال أنكى وأسوأ من هذا الاستغلال؟
وكان عليها بعد هذا أن تضطلع بمهامها النسوية من الحمل والوضع والتربية والتدبير المنزلي، الى جانب كفاحها في سبيل العيش كيلا يمسها السغب والحرمان لنكول الرجل عن اعالتها في الغالب.وبالرغم مما حققته المرأة الأروبية من صنوف الانجازات والمكاسب، فانها تعتبر في المعيار المنطقي خاسرة مخفقة، قد خسرت أزاء تحررها دينها وأخلاقها وكرامتها، وأصبحت في حالة مرزية من التبذل والاسفاف. كما شهد به الغربيون أنفسهم مما أوضحناه سالفاً ونزيده ايضاحاً في الابحاث التالية.
المصادر :
1- الحجاب للمودودي ص 22
2- (الاصحاح 14 الفقرة 17) مقارنة الأديان ج 3 الاسلام ص 196 بتصرف للدكتور أحمد شلبي
3- ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، للسيد الندوي ص 160
4- مقارنة الأديان، للدكتور احمد شلبي ج 3 ص 200
5- ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، للسيد الندوي ص 57 بتصرف

 



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.