مواقف الإمام السجاد من الصحابة والعلماء

كان موقف الإمام (عليه السّلام) من ألصحابه وعلماء أهل زمانه النصح والإرشاد. ومراقبة أعمالهم وتقديم المشورة لهم تجاه أنفسهم وتجاه الأمة، ليصحح الانحراف الذي يحصل عندهم ثم يدلهم على الموقف الإسلامي الصحيح للحوادث
Sunday, August 24, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
مواقف الإمام السجاد من الصحابة والعلماء
 مواقف الإمام السجاد من الصحابة والعلماء

 






 

كان موقف الإمام (عليه السّلام) من ألصحابه وعلماء أهل زمانه النصح والإرشاد. ومراقبة أعمالهم وتقديم المشورة لهم تجاه أنفسهم وتجاه الأمة، ليصحح الانحراف الذي يحصل عندهم ثم يدلهم على الموقف الإسلامي الصحيح للحوادث والسلوكيات وتوضيح مفاهيم الشريعة الإسلامية وأصولها حينما تلتبس عليهم الأمور، فيجلي الأمر أمامهم ويوضح لهم حكم الله في المسائل واضحاً جلياً لا لبس فيه، ثم يحذرهم من التقرب من الملوك ومداهنتهم أو تأييد الأشخاص غير المخلصين للإسلام والذين يقومون بثورات لأجل المنصب وكرسي الحكم لا لأجل رفع كلمة الله الواحد القهار وسوف نعطي مثلين على سبيل الذكر لا الحصر.

موقف الإمام مع الحسن البصري:

عمد الإمام إلى تصحيح سلوك العلماء وتقويم أخلاقهم وتوجيه النقد لهم بكل أدب واحترام، فيحاور العالم حتى يعترف بخطئه ويقدم للإمام كل تقدير وتبجيل معترفاً له بالآية الكريمة: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) (1)
رأى الامام علي بن الحسين (عليه السّلام) الحسن البصري عند الحجر الأسود يقص فقال: يا هذا أترضى نفسك للموت؟ قال: لا. قال: فعملك للحساب؟ قال: لا، قال فثمَّ دار للعمل؟ قال: لا، قال: فللَّه في الأرض معاذ غير هذا البيت؟ قال:لا، قال: فلم تشغل الناس عن الطواف!؟ ثم مضى. قال الحسن: ما دخل مسامعي مثل هذه الكلمات من أحد قط أتعرفون هذا الرجل؟ قالوا: هذا زين العابدين. فقال الحسن: (ذرية بعضها من بعض)(2)

موقف الإمام مع الزهري:

كان للإمام (عليه السّلام) مواقف رائعة تجاه الزهري حيث وضح له معالم الدين وحكمة التشريع.
(كان الزهري عاملاً لبني أمية فعاقب رجلاً فمات إثر العقوبة فخرج الزهري هائماً متوحشاً ودخل إلى غار، فطال مقامه تسع سنين، قال: وحج علي بن الحسين (عليه السّلام) فأتاه الزهري فقال له الإمام: إني أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك، فابعث بديّة مسلمة إلى أهله واخرج إلى أهلك ومعالم دينك، فقال له: فرَّجت عني يا سيدي! الله أعلم حيث يجعل رسالته ورجع إلى بيته)(3)

موقف الإمام (عليه السّلام) من الأمة

اهتم الإمام (عليه السّلام) اهتماماً واسعاً كبيراً بشؤون أمته فاتبع أساليب متنوعة وذلك حسب الظروف والأحوال وحسب الجماعات والأشخاص نذكر من هذه الأساليب:

أ - تفقد شؤون الأمة:

اهتم الإمام بكل ما تحتاج إليه الأمة الإسلامية في حياتها المعنوية كما في حياتها المادية. فكان (عليه السّلام) يتفقد شؤون الفقراء والمساكين لأنه كان يحبهم ويشفق عليهم فيجالسهم ويستمع إلى مشاكلهم... وكان يخرج ليلاً يحمل على ظهره الغذاء والطعام والطحين وكل ما تحتاج إليه العائلة، وقد غطى وجهه لئلا يعرفه أحد، فيطرق باب المساكين باباً باباً ويعطيهم رزق الله... وقد ترك هذا العمل آثاراً على ظهره، اكتشف بعد وفاته حين غسلوه وكفنوه (عليه السّلام). فكان الإمام بهذا العمل يعيش الهاجس الروحي مع الأمة ويستشعر المسؤولية الكبرى تجاهها إذعاناً منه لحديث جده رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من أصبح ولم يهتم بشؤون المسلمين فليس بمسلم)... وعن عمر بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره فقالوا: ما هذا؟ فقالوا: كان يجمل جُرُبَ الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة)(4)
وعن شبيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين (عليه السّلام) يُقوِّت مائة أهل بيت بالمدينة، وكانوا يعيشون ولا يدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون بالليل...

ب - مواجهة المشبهة والملحدين:

وكما تصدى الإمام (عليه السّلام) للانحراف الأخلاق لدى الأمة الإسلامية تصدى أيضاً للانحراف العقائدي والفكري الذي طرأ على فكر بعض قطاعات الأمة من فئات خبيثة منحرفة عن الخط الإسلامي السليم. كان (عليه السّلام) يقاوم هذا الانحراف بكل ما يملك من جهود حتى وصل به الحد إلى الارتياع من هذه الانحرافات في الفكر والعقيدة. فنراه (عليه السّلام) في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم إذ سمع قوماً يشبهون الله بخلقه ففزع لذلك وارتاع، ونهض حتى أتى قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فوقف عنده ورفع صوته يناجي ربه ومما قاله في مناجاته:
(إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة جلالك فجهلوك وقدَّروك بالتقدير على غير ما أتت به شبِّهوك، وأنا بريء يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك، ليس كمثلك إلهي ولم يدركوك فظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك وفي خلقك يا إلهي مندوحة عن أن يناولوك بل سوَّوك بخلقك فمن ثمَّ لم يعرفوك. واتخذوا بعض آياتك رباً فبذلك وصفوك فتعاليت ياآلهي عمّا به المشبهون نعتوك)(5)
لقد حارب الإمام زين العابدين المشبهة والملحدين بالدعاء، هذا الأسلوب الذي هو الصفة المميزة له في تلك الظروف هو أسلوب غير مباشر(6)، وهو المفضل والمؤثر أكثر في التبليغ وقد استعمله النبي إبراهيم الخليل (عليه السّلام) في تذكير قومه بانحرافهم عن عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد، فعبدوا الشمس والقمر والنجوم التي سرعان ما تزول وتأفل:
(فلما جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال: هذا ربي، فلما أفل قال: لا أحب الافلين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين) (7)

ج - التربية والتثقيف:

اتخذ الإمام السجاد جانب الموعظة والإرشاد ركناً أساسياً في مسيرته الحياتية في تبليغ الأمة الإسلامية، فنراه تارة يلقي الخطب والمواعظ بصورة عامة، وتارة أخرى نجده يخصص جلسات خاصة ومواعيد ثابتة لأصحابه يوجههم ويؤهلهم ويربيهم لتحمل الأمانة، والتكليف الشرعي، والتزام المسؤولية الاجتماعية، فكان له موعد مع أصحابه في كل يوم جمعة يوعظهم ويذكرهم ويبلغهم ما هم عليه قادمون، وما هم عنه مسؤولون. وقد استخدم الإمام (عليه السّلام) أسلوب الدعاء استخداماً ناجحاً في تربية الأمة وتوجيهها الوجهات الصحيحة في الأخلاق والاجتماع والسياسة والدين، وسوف نعرض في فصل لاحق أثر الدعاء في تربية الأمة وتثقيفها.

د- تحديد العلاقة مع أهل البيت (عليهم السّلام):

اختلف الناس في حبهم وفي بغضهم لأهل البيت (عليهم السّلام) فبعضهم أبغضهم حتى عدهم من الخوارج، والبعض الآخر أحبهم حتى ألههم، وقد تعرض أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) لمثل هذه الحالات، فكان يخطب بين الجموع التي تجتمع تحت منبره وتسمع ما يقول: أشهد أنك أنت الله، وفي الطرف الآخر من يقول: لله درّك كاذباً)(8)
ويروى أنه مر بجماعة كانوا يأكلون في شهر رمضان، فسألهم أعن سفر أم مرض؟ وحذرهم من النار. فأجابوه: أندخل النار وأنت وأنت، فنزل عن دابته وسجد وقال: أنا عبد من عبيد الله... وقد شاهد الإمام زين العابدين (عليه السّلام) فئة من شيعته قد أوغلوا في حبهم حتى أخرجهم عن الصراط السوي وعن خط الإسلام السليم. فتحول الحب لأهل البيت (عليهم السّلام) إلى غلو ثم تأليه وبالتالي إضفاء صفات عليهم ما أنزل الله بها من سلطان. فما كان من الإمام إلا أن يقاومهم بحزم ويجابههم بكل ما يملك من أساليب، فأفهمهم وأرشدهم بأن عملهم هذا هو انحراف عن الإسلام وبعيد كل البعد عن خط أهل البيت (عليهم السّلام)، خط الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حب فيه عيب عليهم ومنقصة لهم.
روى ابن شهاب الزهري قال: حدثنا علي بن الحسين (عليه السّلام) وكان أفضل هاشمي أدركناه، قال: (أحبونا حب الإسلام، فما زال حبكم لنا حتى صار شيناً علينا)(9). أي أحبونا حباً يكون موافقاً لقانون الإسلام ولا يخرجكم عنه، ولا زال حبكم لنا حتى أفرطتم وقلتم فينا ما لا نرضى به، فصرتم شيناً وعيباً علينا، حيث يعيبوننا الناس بما تنسبون إلينا.
وفي رواية أخرى (عن علي بن الحسين (عليه السّلام) قال: يا معشر أهل العراق، يا معشر أهل الكوفة، أحبونا حب الإسلام ولا ترفعونا فوق حقنا)(10). فكلام الإمام واضح تمام الوضوح في الطلب من الشيعة أن يحبوا أهل البيت (عليهم السّلام) حب الإسلام بحيث لا يخرجهم هذا الحب عن إطار الإسلام، وعن صورة الإيمان، وحدود الشريعة الإسلامية ومن يخرج عن هذه الحدود فقد خرج بطبيعة الحال عن الإسلام.
المصادر :
1- سورة آل عمران: الآية24
2- بحار الأنوار، ج46، ص132 عن المناقب، ج3، ص297
3- المصدر السابق، ص132
4- الإرشاد للمفيد، ج2، ص153
5- الإرشاد للمفيد، ج2، ص153
6- أسلوب نعبر عنه (إيَّاك أعني واسمعي يا جارة)
7- سورة الأنعام: الآية 76-80
8- دراسات في نهج البلاغة للشيخ محمد مهدي شمس الدين
9- بحار الأنوار، ج46، ص73، عن إرشاد المفيد، ص271
10- حلية الأولياء، ج3، ص137



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.