معاجز الإمام الصادق (عليه السلام) ومناقبه

الإمام باعتباره يمثل القيادة العامة للدعوة الإسلامية مطلقا ، والقاعدة التي تستند إليها في الحماية بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فليس هناك أي مانع عقلي من صدور المعجزة عنه، من أجل الحصول على مكسب رسالي عام يكون له أهمية
Sunday, August 31, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
معاجز الإمام الصادق (عليه السلام) ومناقبه
معاجز الإمام الصادق (عليه السلام) ومناقبه

 






 

الإمام باعتباره يمثل القيادة العامة للدعوة الإسلامية مطلقا ، والقاعدة التي تستند إليها في الحماية بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فليس هناك أي مانع عقلي من صدور المعجزة عنه، من أجل الحصول على مكسب رسالي عام يكون له أهمية خاصة في مجال الدعوة. وفي اعتقادنا في إمكانيات الإمام النفسية والروحية، التي هي منحة إلهية على ممارسة العمل الخارق، مبنية على الأسس الثابتة بعيدا عن المؤثرات العصبية. لكننا نقف هنا بتحفظ أمام كثير من المعاجز والكرامات التي ينسبها بعض المحدثين والرواة للإمام الصادق (عليه السلام) وغيره من أئمة أهل البيت (عليهم السلام). ولعل الدافع لهؤلاء الوضاعين لمثل هذه الأحاديث والروايات يعود إلى أحد أمرين. أحدهما: إعطاء معتقداتهم الفاسدة بغلوها صفة الواقعية التي تسندها الشواهد المعجزة، فيضطرهم ذلك إلى تصور بعض الخوارق وصياغتها بأسلوب منمق خيالي رائع، يتفق مع المستوى الذهني لبعض الرعاع من الناس، الذين اعتادوا على مثل هذه الأجواء الخيالية التي ابتكرها القصاصون والوضاعون ممن وظفتهم الدولة لإلهاء الناس وإبعادهم عن التفكير في مساوئ الحكم ومخازيه، ومن هنا كان لبيان المعجزة التي تعتمد العرض الأسطوري، تأثير نافذ في ذهنية الكثيرين من رعاع الأمة وجهالها. الأمر الثاني: ردة الفعل المواجهة للتيارات الفاسدة والوضع الذي دعا إليه الحكم القائم، من أجل تحقيق بعض المكاسب السياسية، بتيار آخر مماثل، ينتصر به لأهل البيت (عليهم السلام) وقضيتهم العادلة. فعندما يغفل التأريخ، أو يتغافل دور النصوص، وهي الصريحة باختصاص حق الإمامة والخلافة بهم، تشيع التأويلات والتكلفات التي تقتضيها العصبيات المذهبية نتيجة الإصرار على الانحراف عن خط أهل البيت (عليهم السلام)... والحق أن ما امتاز به أهل البيت (عليهم السلام) من خصائص فذة، وطاقات روحية خارقة، وما تفردوا به من تفوق علمي وفكري، ومعرفة إيمانية متكاملة، وما اختصوا به من تراث النبوة وأسرار الرسالة، هو نفسه الإعجاز الطبيعي الذي يثبت أفضليتهم، وبالتالي حقهم في الإمامة والخلافة، الذي هو منحة من الله سبحانه وتعالى حباهم بها، ليكونوا قادة الأمة وهداتها والأمناء على تحمل مسؤولياتها بإقامة مجتمع الحق والعدل والمساواة. إذن فالمعجزة التي يتميز بها الإمام عن غيره هي: أولا: العلم المتفوق، الذي يستمده الإمام من تراث النبوة، والذي يستمد نموه المستمر، ذلك الصفاء النفسي الملهم، والذي يكشف واقع الحق كما رسمه الله سبحانه وتعالى بعناية منه ولطف. ثانيا: استجابة الدعوة التي تكشف عن واقع الإخلاص النفسي لله، وشدة القرب منه تعالى وعنايته الخاصة بهم.
وبعد هذا، لا يكون فيما ثبت للأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) من إعجاز في العلم واستجابة الدعوة، قصور عن إثبات الحق لهم وامتناعه عن غيرهم. أما تلك المعاجز التي رواها أناس لا أمانة لهم على النقل فلا يلزمنا تصديقها. ونحن أمام التباس كبير، نتج عنه تعرض عقيدة الشيعة إلى حملات مسعورة خطرة من التشهير، بالاتهام والبهتان، فلا بد لنا من إلقاء بعض الضوء على موجبات هذا الالتباس، والواقع الذي تلتزم به الشيعة في عقيدتها بعلم الأئمة في مثل هذه الإخبارات الغيبية. والواقع الذي لا جدال فيه أن علم الغيب من حيث كونه صفة ذاتية مما يختص به سبحانه وتعالى، الذي هو عالم الغيب والشهادة، دون أن يشاركه فيه أي موجود مهما كانت منزلته، ومهما كان مقامه. ويظهر من هذا أن الاتهام الباطل الظالم الذي ألصقه بعض كتبة التأريخ - منالمتقدمين والمتأخرين - بالشيعة من أنهم يعتقدون في أئمتهم علم الغيب، هو من الصفات الذاتية المختصة بالله سبحانه وتعالى، لا يعدو عن كونه تجن مفتعل وتجاوز على الحقيقة، وقد أنكر الأئمة أنفسهم هذه النسبة الباطلة بصراحة. وإليك بعض الأحاديث والروايات بهذا الخصوص: عن معمر بن خلاد، قال: سأل أبا الحسن (عليه السلام) (1) رجل من أهل فارس، فقال له: أتعلمون الغيب؟ فقال (عليه السلام): قال أبو جعفر (عليه السلام) (2): يبسط لنا العلم فنعلم، ويقبض عنا فلا نعلم. وعن الإمام الرضا (عليه السلام) في حديثه عن علامات الإمام، قال: وكل ما أخبر به من الحوادث قبل كونها - أي قبل وقوعها -، فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، توارثه عن آبائه عنه (عليه السلام)، ويكون ذلك مما عهد إليه جبرائيل من علام الغيوب عز وجل (3). وفي نهج البلاغة، عن الإمام علي (عليه السلام): ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله بقوله: *(إن الله عنده علم الساعة)* الآية. فيعلم الله سبحانه وتعالى ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخي أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا، أو في الجنة للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطم عليه جوانحي (4). وبعد هذا، فالذي عليه أتباع أهل البيت من الشيعة الإمامية الاثني عشرية، أن علم الغيب من الأمور المختصة بالله سبحانه وتعالى، وليست الإخبارات عن الحوادث المستقبلية التي أخبر بها الأئمة بعلم غيب، وإنما هي إشراقات من الوحي، اختص الله بها نبيه، فأسرها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ابن عمه الإمام علي (عليه السلام) وورثها عنه أبناؤه وأحفاده من أئمة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام). ومن ذلك الجامعة: وهي كتاب طوله سبعون ذراعا من إملاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخط الإمام علي (عليه السلام)، فيه ما يحتاج إليه الناس من الحلال والحرام وغيره حتى ليصل بالتفصيل إلى أرش الخدش. وقد وصفها الإمامان الباقر والصادق (عليهما السلام) وشهدها عندهما الثقات من أصحابهما، منهم أبو بصير. قال الإمام الصادق (عليه السلام): أما والله عندنا ما لا نحتاج إلى أحد، والناس يحتاجون إلينا، وإن عندنا الكتاب بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخط علي (عليه السلام) بيده، صحيفة طولها سبعون ذراعا، فيها كل حلال وحرام . وقال: إن الجامعة لم تدع لأحد كلاما، فيها الحلال، وفيها الحرام، وإن أصحاب القياس طلبوا العلم فلم يزدهم من الحق إلا بعدا، وإن دين الله لا يصاب بالقياس . قالوا: سميت الجامعة، وسميت بالصحيفة، وكتاب علي، والصحيفة العتيقة. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب الناس فيقول: والله ما عندنا كتاب نقرأه عليكم إلا كتاب الله تعالى، وهذه الصحيفة وكانت معلقة بسيفه، أخذها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وليس من شك أن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كان أعلم أهل زمانه وأفضلهم، بشهادة الأكابر من معاصريه، كالإمام مالك، وأبي حنيفة، وسفيان الثوري ، وغيرهم من أعلام أهل السنة، وحتى خصمه التقليدي الألد، منصور الدوانيقي العباسي، فقد اجتمعت كلماتهم على إطرائه وتفضيله، ووصفه بأنه أعلم أهل زمانه.
عن البرقي ، عن أبيه، عمن ذكره، عن رفيد مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة، كان والي العراق من قبل مروان، قال: سخط علي هبيرة وحلف ليقتلني، فهربت منه وعذت بأبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام)، فأعلمته خبري، فقال لي: انصرف إليه واقرأه مني السلام وقل له: إني قد أجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء، فقلت له: جعلت فداك، شامي خبيث الرأي، فقال: إذهب إليه كما أقول لك. فأقبلت فلما كنت في بعض البوادي استقبلني أعرابي فقال: أين تذهب، إني أرى وجه مقتول، ثم قال لي: أخرج يدك، ففعلت، فقال: يد مقتول، ثم قال لي: أبرز رجليك، فأبرزت رجلي، فقال: رجل مقتول، ثم قال لي: أبرز جسدك، ففعلت، فقال: جسد مقتول، ثم قال لي: أخرج لسانك، ففعلت: فقال لي: امض فلا بأس عليك، فإن في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي لانقادت لك. قال رفيد: جئت [الكوفة] حتى وقفت على باب ابن هبيرة، فاستأذنت، فلما دخلت عليه قال [ابن هبيرة]: أتتك بخائن رجلاه، يا غلام، النطع والسيف، ثم أمر بي فكتفت وشد رأسي، وقام علي السياف ليضرب عنقي، فقلت: أيها الأمير لم تظفر بي عنوة، وإنما جئتك من ذات نفسي، وها هنا أمر أذكره لك، ثم أنت وشأنك، فقال: قل، فقلت: أخلني [أي أخل المجلس]، فأمر من حضر فخرجوا. فقلت له: جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك: قد أجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء. فقال: الله، لقد قال جعفر [بن محمد] هذه المقالة وأقرأني السلام؟
فحلفت له، فردها علي ثلاثا، ثم حل أكتافي، ثم قال: لا يقنعني منك حتى تفعل بي ما فعلت بك. قلت: ما تنطلق يدي بذاك ولا تطيب به نفسي. فقال: والله ما يقنعني إلا ذاك، ففعلت به كما فعل بي، وأطلقته فناولني خاتمه وقال: أموري في يدك فدبر فيها ما شئت. (5)
محمد بن يحيى... عن يونس بن ظبيان، ومفضل بن عمر، وأبي سلمة السراج، والحسين بن ثوير بن أبي فاختة، قالوا: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) [الصادق] فقال: عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها، ولو شئت أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب لأخرجت. قال: ثم قال بإحدى رجليه فخطها في الأرض خطا فانفجرت الأرض، ثم قال بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر، ثم قال: انظروا حسنا، فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض يتلألأ فقال بعضنا: جعلت فداك، أعطيتم ما أعطيتم وشيعتكم محتاجون؟ قال: فقال (عليه السلام): إن الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة ويدخلهم جنات النعيم، ويدخل عدونا الجحيم. (6)
أبو علي الأشعري... عن جعفر بن محمد بن الأشعث، قال: قال لي: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به، وما كان عندنا منه ذكر ولا معرفة شيء مما عند الناس؟ قال: قلت له: ما ذاك؟ قال: إن أبا جعفرالدوانيقي قال لأبي محمد بن الأشعث: يا محمد، ابغ لي رجلا له عقل يؤدي عني، فقال له أبي: قد أصبته لك، هذا فلان بن مهاجر خالي، قال: فأتني به، قال: فأتيته بخالي، فقال له المنصور: يا ابن مهاجر، خذ هذا المال وأت المدينة وأت عبد الله بن الحسن بن الحسن، وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد فقل لهم: إني رجل غريب من أهل خراسان وبها شيعة من شيعتكم وجهوا إليك بهذا المال، وادفع إلى كل واحد منهم على شرط كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل لهم: إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم. فأخذ المال وأتى المدينة، فرجع إلى أبي جعفر المنصور ومحمد بن الأشعث عنده، فقال له المنصور الدوانيقي: ما وراءك؟ قال: أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم المال، خلا جعفر بن محمد، فإني أتيته وهو يصلي في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجلست خلفه وقلت حتى ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه، فعجل وانصرف، ثم التفت إلي فقال: يا هذا اتق الله ولا تغر أهل بيت محمد، فإنهم قريبو العهد بدولة بني مروان وكلهم محتاج. فقلت: وما ذاك أصلحك الله؟ قال: فأدنى رأسه مني وأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتى كأنه كان ثالثنا. قال له أبو جعفر المنصور: يا ابن مهاجر، اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيه محدث، وأن جعفر بن محمد محدثنا اليوم، وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة. (7)
الحسين بن محمد... عن أبي نصير، قال: كان لي جار يتبع السلطان فأصاب مالا، فأعد قيانا، وكان يجمع الجميع إليه ويشرب المسكر ويؤذيني، فشكوته إلى نفسه غير مرة فلم ينته، فلما ألححت عليه قال لي: يا هذا، أنا رجل مبتلى، وأنت رجل معافى، فلو عرضتني لصاحبك) أي الإمام الصادق عليه السلام) رجوت أن ينقذني الله بك. فوقع ذلك له في قلبي، فلما صرت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ذكرت له حاله، فقال لي (عليه السلام): إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك، فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة . فلما رجعت إلى الكوفة أتاني الرجل فيمن أتى، فاحتبسته عندي حتى خلا منزلي، ثم قلت له: يا هذا إني ذكرتك لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فقال لي: إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة . قال: فبكى ثم قال لي: الله، لقد قال لك أبو عبد الله هذا؟ قال: فحلفت له أنه قد قال لي ما قلت [له]، فقال لي: حسبك. ومضى، فلما كان بعد أيام بعث إلي فدعاني وإذا هو خلف داره عريان، فقال لي: يا أبا بصير، لا والله ما بقي في منزلي شيء إلا وقد أخرجته وأنا كما ترى، قال: فمضيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به، ثم لم يأت عليه أيام يسيرة حتى بعث إلي أني عليل فأتني. فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتى نزل به الموت، فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه، فغشي عليه غشية ثم أفاق، فقال لي: يا أبا بصير، قد وفى صاحبك لنا، ثم قبض رحمه الله، فلما حججت [السنة القابلة] أتيت أبا عبد الله فاستأذنت عليه، فلما دخلت قال لي ابتداء من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والأخرى في دهليز داره: يا أبا بصير، قد وفينا لصاحبك. (8)
أبو الحسن محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه... عن محمد بن سنان، قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل بابل (9)، فقال لهم: ويحكم، إنكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى (عليه السلام)، وإنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وإن أبا عبد الله جعفر بن محمد ساحر مثلكم، فاعملوا شيئا من السحر، فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل. فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور وصوروا له سبعين صورة من صور السباع لا يأكلون ولا يشربون، وإنما كانت صور، وجلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره، ووضع إكليله على رأسه. ثم قال لحاجبه ابعث إلى أبي عبد الله [جعفر]. قال: فدخل عليه، فلما أن نظر(عليه السلام) إليه وإليهم وبما استعدوا له، رفع يده إلى السماء [ودعا] ثم تكلم بكلام بعضه جهرا وبعضه خفيا، ثم قال (عليه السلام): ويحكم، أنا الذي أبطل سحركم، أنا حجة الله الذي أبطل سحر آبائكم في أيام موسى بن عمران. ثم نادى برفيع صوته قسورة خذهم [بإذن الله] فوثب كل سبع منها على صاحبه فافترسه في مكانه، ووقع المنصور عن سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني، فوالله لا عدت لمثلها أبدا. فقال (عليه السلام) له: قد أقلتك وعفوت عنك. قال: يا سيدي، فرد السباع إلى ما أكلوا، قال (عليه السلام): هيهات إن عادت عصا موسى فستعود السباع (10)
محمد ين يعقوب... عن علي بن أبي حمزة، قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية، فقال [لي]: استأذن لي على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فاستأذنت له، فأذن له، فلما أن دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك، إني كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا، وأغمضت في مطالبه. فقال (عليه السلام): لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم. قال: فقال الفتى: جعلت فداك، فهل [لي] مخرج منه؟ قال (عليه السلام): إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل. قال له: فأخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرفه تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله عز وجل الجنة. (قال): فأطرق الفتى (رأسه) طويلا ثم قال: قد فعلت جعلتفداك. قال ابن حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة، فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه، حتى ثيابه التي على بدنه. قال: فقسمت له قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا إليه بنفقة، قال: فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده، قال: فدخلت عليه يوما وهو في السوق (السوق: حالة نزع الروح من الميت)، قال: ففتح عينه ثم قال لي: يا علي وفى لي والله صاحبك، قال: ثم مات، فتولينا أمره، فخرجت [للحج] حتى دخلت على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فلما نظر إلي قال: يا علي، وفينا والله لصاحبك، قال: فقلت: صدقت جعلت فداك، هكذا والله قال لي عند موته (11).
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: روى سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت معه أمشي وصار معنا أبو عبد الله البلخي فانتهينا إلىنخلة خاوية، فقال (عليه السلام): أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله تعالى فيك، قال: فتساقط علينا رطب مختلف الألوان فأكلنا حتى تضلعنا، فقال البجلي: جعلت فداك، سنة فيكم كسنة مريم، فقال (عليه السلام): نعم (12).
الثاقب في المناقب: عن علي بن أبي حمزة، قال: حججت مع الصادق (عليه السلام) فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة فحرك الإمام (عليه السلام) شفتيه بدعاء لم أفهمه، ثم قال: يا نخلة، أطعمينا مما جعل الله فيك من رزق عباده. قال: فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو الإمام (عليه السلام) بأوراقها وعليها الرطب، قال (عليه السلام): ادن وقل بسم الله فكل، فأكلت منها رطبا أطيب رطب وأعذبه، فإذن نحن بأعرابي يقول: ما رأيت كاليوم سحرا أعظم من هذا، فقال الإمام الصادق (عليه السلام): نحن ورثة الأنبياء ليس فينا ساحر ولا كاهن، بل ندعو الله فيجيب دعاءنا - فيستجيب دعاءنا -، وإن أحببت أن أدعو الله أن يمسخك كلبا تهتدي إلى منزلك وتدخل عليهم فتبصبص لأهلك. قال الأعرابي لجهله: بلى. فدعا الله تعالى، فصار كلبا في وقته، ومضى على وجهه. فقال لي الصادق (عليه السلام): فاتبعه، فاتبعته حتى صار إلى حيث يذهب فدخل منزله، فجعل يبصبص لأهله وولده، فأخذوا العصا فأخرجوه، فانصرفت إلى الصادق (عليه السلام) فأخبرته بما كان، فبينما نحن في حديثه إذ أقبل حتى وقف بين يدي الصادق (عليه السلام) وجعل دموعه تسيل، وأقبل يتمرغ في التراب ويعوي، فرحمه، ودعا الله تعالى فعاد أعرابيا. فقال الصادق (عليه السلام): هل آمنت يا أعرابي؟ قال: نعم ألفا ألفا (13).
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري - ومحمد بن الحسن الصفار، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: حججت مع أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فلما كنا في الطواف قلت له: جعلت فداك، يا ابن رسول الله، يغفر الله لهذا الخلق؟ فقال: يا أبا بصير، إن أكثر من نرى قردة وخنازير، قال: فقلت له: أرنيهم، قال: فتكلم بكلمات ثم أمر يده على بصري فرأيتهم كما قال: فقلت: جعلت فداك رد علي بصري، فمر يده فرأيتهم كما كانوا في المرة الأولى، ثم قال: يا أبا محمد، أنتم في الجنة تحبرون، وبين إطباق النار تطلبون فلا توجدون، والله لا يجتمع في النار منكم ثلاثة، لا والله ولا اثنان،لا والله ولا واحد (14).
الشيخ في أماليه: عن سدير الصيرفي، قال: جاءت امرأة إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقالت له: جعلت فداك [إني و] أبي (وأمي) وأهل بيتي نتولاكم، فقال لها أبو عبد الله (عليه السلام): صدقت، فما الذي تريدين؟ قالت له المرأة: جعلت فداك يا ابن رسول الله، أصابني وضح في عضدي، فادع الله أن يذهب [به] عني، قال أبو عبد الله (عليه السلام): اللهم إنك تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي العظام وهي رميم، ألبسها من عفوك وعافيتك ما نرى أثر إجابة دعائي؟ فقالت المرأة: والله لقد قمت، وما بي منه قليل ولا كثير (15).
الشيخ في أماليه:... عن داود بن كثير الرقي، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال لي مبتدءا من قبل نفسه: يا داود، لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرني ذلك، إني علمت أن صلتك له أسرع لفناء عمره وقطع أجله.
قال داود: وكان لي ابن عم معاند ناصبي خبيث بلغني عنه وعن عياله سوءحاله فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكة، فلما صرت في المدينة أخبرني أبو عبد الله (عليه السلام)، الحديث. ورواه الشيخ أيضا في مجالسه بالسند والمتن (16).
الشيخ في مجالسه... عن هشام بن أحمد، قال: أرسل إلي أبو عبد الله (عليه السلام) في يوم شديد الحر فقال لي: إذهب إلى فلان الإفريقي فاعترض جارية عنده، في حالها كذا وكذا ومن صفتها كذا، فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده فلم أر ما وصف لي (عليه السلام)، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: عد إليه فإنها عنده. فرجعت إلى الإفريقي، فحلف لي: ما عنده شيء إلا وقد عرضه علي، ثم قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليس مما يعرض، فقلت له: اعرضها علي، فجاء بها متوكئة على جاريتين تخط برجليها الأرض، فأرانيها فعرفت الصفة، فقلت: بكم هي؟ فقال لي: إذهب [بها] إليه فيحكم فيها. ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها فما قدرت عليها، وأخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنها نظرت إلى القمر [وقع] في حجرها. فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالتها، فأعطاني مائتي دينار، فذهبت بها إليه، فقال الرجل: هي حرة لوجه الله تعالى إن لم يكن بعث إلي بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالته. فقال [أبو عبد الله (عليه السلام)] يا بن الأحمر، أما إنها تلد مولودا ليس بينه وبين الله حجاب (17).
محمد بن الحسن الصفار: جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) - وكان له أخ جارودي - فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): كيف أخوك؟ قال: جعلت فداك، خلفته صالحا، قال (عليه السلام): وكيف هو؟ قال: مرضي في جميع حالاته، وعنده خير إلا أنه لا يقول بكم. قال: وما يمنعه؟ قال: قلت: جعلت فداك، يتورع من ذلك. قال: فقال لي: إذا رجعت إليه فقل له: أين كان ورعك ليلة نهر بلخ أن تتورع؟ قال: فانصرفت إلى منزلي وقلت لأخي: ما كانت قصتك ليلة نهر بلخ؟ تتورع من أن تقول بإمامة جعفر (عليه السلام) ولا تتورع من ليلة نهر بلخ؟ قال: ومن أخبرك؟ قلت: إن أبا عبد الله (عليه السلام) سألني فأخبرت إنك لا تقول به تورعا. فقال لي: قل له: أين كان ورعك ليلة نهر بلخ؟ فقال: يا أخي أشهد أنه كذا كلمة لا يجوز أن تذكر، قال: قلت: ويحك اتق الله، كل ذا، ليس هو هكذا. قال: فقال: ما علمه؟ والله [ما] علم به أحد من خلق الله إلا أنا والجارية ورب العالمين. قال: قلت: وما كانت قصتك؟ فقال: خرجت من وراء النهر وقد فرغت
من تجارتي، وأنا أريد مدينة بلخ، فصحبني رجل معه جارية حسناء حتى عبرنا نهر بلخ، فأتيناه ليلا فقال لي الرجل مولى الجارية: إما أحفظ عليك وتقدم أنت وتطلب لنا شيئا تقتبس نارا، أو تحفظ علي وأذهب أنا؟ فقلت: أنا أحفظ عليك واذهب أنت. [قال:] فذهب الرجل، وكنا إلى جانب غيضة، فأخذت الجارية وأدخلتها الغيضة فواقعتها وانصرفت إلى موضعي، (قال): ثم أتى مولاها واضطجعنا حتى قدمنا العراق، فما علم به أحد فلم أزل به حتى سكن، ثم قال: وحججت به من قابل فأدخلته إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وأخبرته بالقصة فقال: أستغفر الله من ذلك وحسنت طريقته (18).
في الخرائج: روى هشام بن الحكم أن رجلا من الجبل أتى أبا عبد الله (عليه السلام) ومعه عشرة آلاف درهم وقال لأبي عبد الله (عليه السلام): اشتر لي دارا أسكنها إذا قدمت وعيالي معي، ثم مضى إلى مكة، فلما رجع أنزله الإمام الصادق (عليه السلام) داره، وقال: اشتريت لك دارا في الفردوس الأعلى، حدها الأول إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والثاني إلى علي (عليه السلام)، والثالث إلى الحسن (عليه السلام)، والرابع إلى الحسين (عليه السلام)، وكتب له صكا بذلك. فلما سمع الرجل ذلك قال: أحسنت، ففرق الإمام (عليه السلام) تلك الدراهم على أولاد الحسن والحسين (عليهما السلام) وانصرف الرجل، فلما وصل - أهله - المنزل اعتل علة الموت، فلما حضرته الوفاة جمع أهل بيته وحلفهم أن يجعلوا الصك معه في قبره، ففعلوا ذلك، فلما أصبحوا غدوا على قبره فوجدوا الصك على ظهر القبر، [مكتوب] على ظهر الصك، وفى ولي الله جعفر بن محمد بما قال (19).
في البصائر: بإسناده عن الحسين بن موسى الحناط، قال: خرجت أنا وجميل، وعائذ الأحمسي حاجين، فكان عائذ يقول: إن لي إلى أبي عبد الله (عليه السلام) حاجة أريد أن أسأله عنها، قال: فدخلنا عليه، فلما جلسنا قال لنا (عليه السلام) مبتدءا: من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك. قال: فغمزنا عائذ لما قمنا وقلنا: ما حاجتك؟ قال: الذي سمعنا منه. قلنا: كيف كانت هذه حاجتك؟ قال: إني رجل لا أطيق القيام بالليل - أي بصلاة الليل - فخفت أن أكون مأثوما مأخوذا به فأهلك.
وفي الخرائج: عن شعيب العقرقوفي، بإسناده عن إبراهيم بن مهزم قال: خرجت من عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة ممسيا، فأتيت منزلي بالمدينة، وكانت أمي معي، فوقع بيني وبينها كلام، فلما كان الغد صليت الغداة وأتيت أبا عبد الله (عليه السلام)، فلما دخلت عليه قال لي مبتدءا: يا مهزم، ما لك ولخالدة، أغلظت لها البارحة، أماعلمت أن بطنها منزل قد سكنته، وأن حجرها مهد قد غمزته، وثديها وعاء قد شربته، قال: قلت: بلى. قال (عليه السلام): فلا تغلظ لها (20)
وفيه عنه أيضا، وفي البحار عن المناقب... عن مفضل بن عمر، قال: كنت أنا وخالد الجواز، ونجم الحطيم، وسليمان بن خالد على باب الإمام الصادق (عليه السلام)، فتكلمنا فيما يتكلم فيه أهل الغلو [في الأئمة]، فخرج علينا الصادق (عليه السلام) بلا حذاء ولا رداء وهو ينتفض ويقول: لا يا خالد، لا يا مفضل، لا يا سليمان، لا يا نجم، *(بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)*. قلت: والله لا قلت فيك بعد اليوم إلا ما قلت في نفسك. وقال صالح بن سهيل: كنت أقول في الصادق ما تقول الغلاة، فنظر إلي قال: ويحك يا صالح، إنا والله عبيد مخلوقون لنا رب نعبده ، وإن لم نعبده عذبنا (21).
وروى الشيخ الطوسي في أماليه، بإسناده إلى أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، قال: حدثني من سمع حنان بن سدير يقول: سمعت أبا سدير الصراف يقول: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله، ناولني رطبة، فناولني واحدة فأكلتها، ثم قلت: يا رسول الله، ناولني أخرى، فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلما أكلت واحدة سألته أخرى حتى أعطاني ثمانية رطبات فأكلتها، ثم طلبت منه أخرى فقال لي: حسبك. قال: فانتبهت من منامي. فلما كان الغد دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) وبين يديه طبق مغطى بمنديل كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم كشف الطبق فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فعجبت لذلك وقلت: جعلت فداك ناولني رطبة، فناولني فأكلتها وطلبت أخرى حتى أكلت ثماني رطبات، ثم طلبت منه أخرى فقال لي: لو زادك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لزدناك. فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان (22)
في الخرائج: عن شعيب العقرقوفي، قال: بعث معي رجل بألف درهم، فقال لي: أريد أن أعرف فضل أبي عبد الله (عليه السلام) على أهل بيته، ثم قال: خذ خمسة دراهم مستوقة فاجعلها في الدراهم، وخذ من الدراهم خمسة فصيرها في لبنة (دراهم مستوقة: أي مغشوشة وباطلة. واللبنة: جيب في القميص) قميصك، فإنك تعرف ذلك، ففعلت، فأتيت بها إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فنثرها وقال: هاك خمستك وهات خمستنا (23). * * * وفيه أيضا... عن الحارث بن حصيرة الأزدي، قال: قدم رجل من أهل الكوفة إلى خراسان، فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). قال: ففرقة أطاعت وأجابت، وفرقة جحدت وأنكرت، وفرقة ورعت ووقفت. قال: فخرج من كل فرقة رجل، فدخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فكان المتكلم منهم الذي ورع ووقف، وقد كان مع بعض القوم جارية فخلا بها ووقع عليها، فلما دخل على الإمام (عليه السلام) كان هو المتكلم، فقال له: أصلحك الله، قدم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس إلى طاعتك وولايتك، فأجابه قوم، وأنكر قوم، وورع قوم ووقفوا. قال (عليه السلام): فمن أي الثلاث أنت؟ قال: أنا من الفرقة التي ورعت ووقفت. قال (عليه السلام): فأين كان ورعك ليلة نهر بلخ يوم كذا وكذا؟ قال: فارتاب الرجل [ووجم] (24)
في الخرائج: روي أن بحر الحناط، قال: كنت قاعدا عند فطر بن خليفة فجاء ابن الملاح فجلس ينظر إلي، فقال لي فطر: حدث إن أردت وليس عليك بأس، فقال ابن الملاح: أخبرك بأعجوبة رأيتها من ابن البكرية (يعني الإمام الصادق عليه السلام) ، قال: ما هي؟ قال: كنت قاعدا [عنده] وحدي أحدثه ويحدثني، إذ ضرب يده إلى ناحية المسجد شبه المتفكر، ثم استرجع فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قلت: ما لك؟ قال: قتل عمي زيد الساعة، ثم نهض فذهب، فكتبت قوله في تلك الساعة، وفي ذلك الشهر، ثم أقبلت إلى الفرات، فلما كنت في الطريق استقبلني راكب، فقال: قتل زيد بن علي في يوم كذا في ساعة كذا، على ما قال أبو عبد الله (عليه السلام). فقال ابن خليفة: إن عند الرجل علما جما (25).
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري:... عن إبراهيم بن وهب قال: أوتي أبو عبد الله (عليه السلام) بشاة حائل عجفاء، فمسح على ظهرها - ضرعها - فدرت اللبن فاستوت (26).
محمد بن الحسن الصفار - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري... عن زياد ابن أبي الحلال، قال: اختلف الناس في جابر بن يزيد الجعفي وعجائبه وأحاديثه، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عنه، فابتدأني (عليه السلام) من غير أن أسأله، فقال: رحم الله جابر بن يزيد الجعفي، فإنه كان يصدق علينا، ولعن الله المغيرة بن سعيد فإنه كان يكذب علينا (27). * * * عدة مصادر: محمد بن الحسن الصفار... عن بكر بن محمد، قال: خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله (عليه السلام) فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق وهو جنب ونحن لا نعلم، حتى دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فرفع رأسه إلى أبي بصير، فقال: يا أبا محمد، أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء؟ فرجع أبو بصير ودخلنا (28). * * * محمد بن الحسن الصفار... عن خالد بن نجيح الجواز، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، وعنده خلق، فقنعت رأسي وجلست ناحية وقلت في نفسي: ويحكم ما أغفلكم؟! عند من تتكلمون؟ عند رب العالمين. قال: فناداني ويحك يا خالد، إني والله عبد مخلوق، ولي رب أعبده، وإن لم أعبده والله عذبني بالنار، فقلت: لا والله لا أقول فيك أبدا إلا قولك في نفسك (29)
الثاقب في المناقب: أن أبا عبد الله (عليه السلام) أمر معتبا غلامه أن يسرج حماره، فركب وخرجنا معه حتى برزنا إلى الصحراء - في حديث طويل - ومضينا حتى انتهينا إلى جب بعيد القعر، وليس فيه ماء، [فقال البلخي: اسقنا من هذا الجب، فإن هذا الجب بعيد القعر، وليس فيه ماء]، فدنا إليه (عليه السلام) وقال: أيها الجب السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك . قال [البلخي]: فوالله لقد رأينا الماء يغلي غليانا حتى ارتفع على وجه الأرض فشرب وشربنا.
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال:... عن زيد الشحام، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: يا زيد جدد عبادة [ربك] وأحدث توبة، قال: قلت: نعيت إلي نفسي جعلت فداك، قال (عليه السلام): يا زيد، ما عندنا خير لك وأنت من شيعتنا، إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا، والله لأنا أرحم بكم منكم بأنفسكم، كأني أنظر إليك ورفيقك في درجتك في الجنة (30).
أبو علي الطبرسي في إعلام الورى:... عن حيان السراج، قال: سمعت السيد ابن محمد الحميري يقول: كنت أقول بالغلو، وأعتقد غيبة محمد بن الحنفية، (وقد ضللت في ذلك) زمانا، فمن الله علي بالصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) فأنقذني من النار وهداني إلى سواء الصراط، فسألته بعدما صح عندي بالدلالة التي شاهدتها منه أنه حجة الله على خلقه وأنه الإمام الذي افترض الله طاعته. فقلت له: يا ابن رسول الله، قد روي لنا أخبار عن آبائك (عليهم السلام) في الغيبة وصحة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عليه السلام): إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وآخرهم الحجة القائم بالحق، بقية الله في الأرض، وصاحب الزمان، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. قال السيد: فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق (عليه السلام) تبت إلى الله تعالى علىيديه، وقلت: قصيدتي التي مطلعها: تجعفرت باسم الله والله أكبر * وأيقنت أن الله يعفو ويغفر وهي تنيف على الخمسين بيتا، سنذكرها في آخر الكتاب. وكان حيان السراج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية، وكان السيد ابن محمد الحميري بلا شك كيسانيا قبل ذلك، ويزعم أن محمد بن الحنفية هو المهدي وأنه مقيم في جبل رضوى، وفي شعره ما يدل على ذلك. وفي شعره الذي ذكرنا مطلعه دليل على رجوعه عن ذلك المذهب وقبوله إمامة الصادق (عليه السلام). ودليل آخر أنه (عليه السلام) دعاه إلى إمامته، وعلى صحة القول بغيبة الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه (31).
ابن شهرآشوب، قال: بلغ الإمام الصادق (عليه السلام) قول الحكيم بن العباس ما فعل أبو حمزة الثمالي؟ قال: خلفته صالحا، قال (عليه السلام): إذا رجعت فاقرأه السلام واعلمه أنه يموت في شهر كذا ويوم كذا. قال أبو بصير: جعلت فداك، والله لقد كان بكم آنس وكان لكم شيعة. قال(عليه السلام): صدقت، ما عند الله خير له. قلت: شيعتكم معكم؟ قال: إذا هو خاف الله، وراقب الله وتوقى الذنوب، فإذا فعل ذلك كان له درجتنا. قال: فرجعت تلك السنة فما لبث أبو حمزة يسيرا حتى توفي (32) (رحمه الله).
وقال إبراهيم بن مسعود: كان رجل من التجار يختلف إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) وبينه وبينه مودة، وهو معروف بحسن حاله، فجاء بعد حين إلى جعفر ابن محمد وقد ذهب ماله وتغير حاله، فجعل يشكو إلى جعفر، فأنشد جعفر (عليه السلام):
فلا تجزع وإن أعسرت يوما * فقد أيسرت بالزمن الطويل
ولا تيأس فإن اليأس كفر * لعل الله يغني عن قليل
ولا تظنن بربك ظن سوء * فإن الله أولى بالجميل
وعن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت مع أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق بين مكة والمدينة، فالتفت فإذا عن يساره كلب أسود، فقال له: ما لك قبحك الله، ما أشد مسارعتك، فإذا هو في الهواء يشبه الطائر، فتعجبت من ذلك، فقال: هذا أعثم بريد الجن، مات هشام الساعة، وهو طائر ينعاه.
وعن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: اشتريت من مكة بردة وآليت على نفسي أن لا تخرج من ملكي حتى تكون كفني، فخرجت بها إلى عرفة فوقفت فيها الموقف، ثم انصرفت إلى المزدلفة، فبعد أن صليت فيها المغرب والعشاء رفعتها وطويتها ووضعتها تحت رأسي ونمت، فلما انتبهت لم أجدها، فاغتممت لذلك ما شديدا ، فلما أصبحت صليت وأفضيت مع الناس إلى منى، فإني والله في مسجد الخيف إذ أتاني رسول أبي عبد الله جعفر الصادق ويقول لي: قال لك أبو عبد الله: تأتنا في هذه الساعة، فقمت مسرعا حتى دخلت على أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) وهو في فسطاطه، فسلمت عليه وجلست فالتفت إلي وقال: يا إبراهيم، نحن نحب أن نعطيك بردة تكون لك كفنا، قلت: والذي خلق إبراهيم لقد كانت معي بردة نعدها لذلك، ولقد ضاعت مني في المزدلفة. فأمر غلامه فأتاني ببردة فتناولتها فإذا هي والله بردتي بعينها. فقلت: بردتي يا سيدي. فقال: خذها وأحمد الله تعالى يا إبراهيم، فقد جمع الله عليك يا إبراهيم.
وروي عن جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال لغلامه: يا فد، إذا كتبت رقعة أو كتابا في حاجة وأردت أن تنجح حاجتك التي تريد فاكتب في رأس الورقة بقلم غير مديد: (بسم الله الرحمن الرحيم، وعد الله الصابرين المخرج مما يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون، جعلنا الله وإياكم من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، قال: يا فد، فكنت أفعل ذلك فتنجح حوائجي.
وهناك أحاديث وروايات جمة في معاجز الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، آثرنا الاكتفاء بهذا القدر روما للاختصار.
المصادر :
1- الظاهر أنه الإمام الرضا (عليه السلام)
2- يقصد به الإمام الباقر (عليه السلام) جده صلوات الله وسلامه عليه
3- الإمام الرضا: 273
4- نهج البلاغة، شرح محمد عبده: 239، طبعة دار الأندلس، بيروت
5- أصول الكافي 1: 394، الحديث 3
6- ) أصول الكافي 1: 394، الحديث 4
7- أصول الكافي 1: 394، الحديث 6
8- أصول الكافي 1: 394، الحديث 5
9- وفي رواية: أهل كابل
10- مدينة المعاجز، للسيد هاشم البحراني 5: 246. ودلائل الإمامة: 144. والاختصاص، للشيخ المفيد: 246 - 247. والثاقب في المناقب 12: 207
11- الكافي 5: 106، الحديث 4. وعنه البحار 47: 372، الحديث 105. وفي الوسائل 12: 144، الحديث 1 عنه. وعن التهذيب 6: 331، الحديث 41
12- البحار 47: 76 - 77، الحديث 45 - 46. مناقب ابن شهرآشوب 4: 240. الجرح والتعديل 2: 718. دلائل الإمامة: 124
13- الثاقب في المناقب: 423، الحديث 9، والصفحة 198، الحديث 4. الخرائج 1: 296، الحديث 3. وأخرجه في كشف الغمة 2: 199 - 200
14- بصائر الدرجات: 270، الحديث 4، وعنه الخرائج 2: 827، الحديث 40، والبحار 47: 77، الحديث 49 و50، عن بصائر الدرجات: 264، الحديث 8، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 223
15- أمالي الطوسي 2: 21، وعنه مناقب ابن شهرآشوب 4: 232، والبحار 47: 64، الحديث 4
16- أمالي الطوسي 2: 27 - 28. وعنه البحار 23: 339، الحديث 12، و47: 64، الحديث 3، و74: 93، الحديث 20
17- أمالي الطوسي 2: 331. وعنه البحار 48: 8، الحديث 11 و12. وإعلام الورى: 299. وإرشاد المفيد: 302 و308
18- بصائر الدرجات: 249، الحديث 16. وعنه البحار 47: 75، الحديث 43. وفي إثبات الهداة 3: 106، الحديث 100
19- الدمعة الساكبة: 394
20- الدمعة الساكبة: 395
21- الدمعة الساكبة: 381
22- الدمعة الساكبة: 397
23- الدمعة الساكبة: 382
24- الدمعة الساكبة: 383
25- الدمعة الساكبة: 390
26- دلائل الإمامة: 113
27- ) بصائر الدرجات: 238، الحديث 12. وعنه البحار 46: 327، الحديث 6، و47: 69، الحديث 20. والعوالم 19: 382، الحديث 1. ودلائل الإمامة: 133. وكشف الغمة 2: 194. وابن شهرآشوب في المناقب 4: 219
28- بصائر الدرجات: 241، الحديث 23. وفي البحار 47: 336، الحديث 8. والوسائل 1: 489، الحديث 1
29- مدينة المعاجز: 349
30- دلائل الإمامة: 134
31- وفيات الأعيان: 222 - 223
32- دلائل الإمامة: 117



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.