مناظرات الامام الصادق علیه السلام

كانت للإمام الصادق (عليه السلام) احتجاجات ومناظرات كثيرة في شتى العلوم سواء الدينية منها والدنيوية ، مع أهل الملل والنحل ، والأديان الأخرى . سنورد بعضا منها لتعسر الإحاطة بجميعها .
Wednesday, September 3, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
مناظرات الامام الصادق علیه السلام
مناظرات الامام الصادق علیه السلام

 






 

كانت للإمام الصادق (عليه السلام) احتجاجات ومناظرات كثيرة في شتى العلوم سواء الدينية منها والدنيوية ، مع أهل الملل والنحل ، والأديان الأخرى . سنورد بعضا منها لتعسر الإحاطة بجميعها .

1 - مناظرة في التوحيد :

روي عن هشام بن الحكم ، أنه قال : سأل أحد الزنادقة الإمام الصادق (عليه السلام) قائلا : ما الدليل على أن الله صانع ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني ، علمت أن له بانيا ، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده . قال : فما هو ؟ قال : هو شيء بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي شيء إلى إثباته ، وإنه شيء بحقيقته الشيئية ، غير إنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس ، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره الزمان .
روي عن هشام بن الحكم ، أنه قال : سأل أحد الزنادقة الإمام الصادق (عليه السلام) قائلا : ما الدليل على أن الله صانع ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني ، علمت أن له بانيا ، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده . قال : فما هو ؟ قال : هو شيء بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي شيء إلى إثباته ، وإنه شيء بحقيقته الشيئية ، غير إنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس ، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره الزمان .
قال السائل : فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا . قال أبو عبد الله (عليه السلام) : لو كان ذلك كما تقول ، لكان التوحيد منا مرتفعا لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم ، لكنا نقول : كل موهوم بالحواس مدرك بها تحده الحواس ممثلا ، فهو مخلوق ، ولا بد من إثبات كون صانع الأشياء خارجا من الجهتين المذمومتين : إحداهما النفي إذا كان النفي هو الإبطال والعدم ، والجهة الثانية التشبيه بصفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف ، فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين ، والاضطرار منهم إليه ، إنهم مصنوعون ، وإن صانعهم غيرهم وليس مثلهم ، إن كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا ، وتنقلهم من صغر إلى كبر ، وسواد إلى بياض ، وقوة إلى ضعف ، وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها . قال الزنديق : فأنت قد حددته إذ أثبت وجوده ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : لم أحدده ولكني أثبته ، إذ لم يكن بين الإثبات والنفي منزلة . قال الزنديق : فقوله (الرحمن على العرش استوى) (1) ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : بذلك وصف نفسه ، وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه ، من غير أن يكون العرش محلا له ، لكنا نقول : هو حامل وممسك للعرش ، ونقول في ذلك ما قال : (وسع كرسيه السماوات والأرض) (2) ، فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ، ونفينا أن يكون العرش والكرسي حاويا له ، وأن يكون عز وجل محتاجا إلى مكان ، أو إلى شيء مما خلق ، بل خلقه محتاجون إليه (3) . قال الزنديق : فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض ؟ قال أبو عبد الله : في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنه جعله معدن الرزق ، فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول ، حين قال : ارفعوا أيديكم إلى الله عز وجل وهذا تجمع عليه فرق الأمة كلها . ومن سؤاله أن قال : ألا يجوز أن يكون صانع العالم أكثر من واحد ؟ قال أبو عبد الله : لا يخلو قولك إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه ويتفرد بالربوبية ، وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ، ثبت أنه واحد كما نقول ، للعجز الظاهر في الثاني ، وإن قلت : إنهما اثنان ، لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة ، أو مفترقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظمة ، والفلك جاريا ، واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر ، دل ذلك على صحة الأمر والتدبير ، وائتلاف الأمر ، وأن المدبر واحد (4) .
وعن هشام بن الحكم ، قال : دخل ابن أبي العوجاء على الصادق (عليه السلام) ، فقال له الصادق (عليه السلام) : يا ابن أبي العوجاء ! أنت مصنوع أم غير مصنوع ؟ قال : لست بمصنوع . فقال له الصادق : فلو كنت مصنوعا كيف كنت ؟ فلم يحر ابن أبي العوجاء جوابا ، وقام وخرج . وعن هشام بن الحكم ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها ، فقلت : الله ، مما هو مشتق ؟ قال : يا هشام ، الله مشتق من إله ، وإله يقتضي مألوها ، والاسم غير المسمى ، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد الاثنين ، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد ، أفهمت يا هشام ؟ قال : فقلت : زدني ! فقال : إن لله تسعة وتسعين اسما ، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ، ولكن لله معنى يدل عليه ، فهذه الأسماء كلها غيره ، يا هشام ، الخبز اسم للمأكول ، والماء اسم للمشروب ، والثوب اسم للملبوس ، والنار اسم للمحروق ، أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به أعداءنا والمتخذين مع الله غيره ؟ قلت : نعم . قال : فقال : نفعك الله به وثبتك ! قال هشام : فوالله ما قهرني أحد في علم التوحيد حتى قمت مقامي هذا . وروي أن الصادق (عليه السلام) قال لابن أبي العوجاء : إن يكن الأمر كما تقول - وليس كما تقول - نجونا ونجوت ، وإن يكن الأمر كما نقول - وهو كما نقول - نجونا وهلكت .

2 - مناظرة في حدوث العالم :

وروي أيضا أن ابن أبي العوجاء سأل الصادق (عليه السلام) عن حدث العالم ، فقال : ما وجدت صغيرا ولا كبيرا إلا إذا ضم إليه مثله صار أكبر ، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى ، ولو كان قديما ما زال ولا حال ، لأن الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل ، فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث ، وفي كونه في الأزل دخول في القدم ، ولن يجتمع صفة الحدوث والقدم في شيء واحد . قال ابن أبي العوجاء : هبك علمك في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت استدللت على حدوثها ، فلو بقيت الأشياء على صغرها ، من أين كان لك أن تستدل على حدوثها ؟ فقال (عليه السلام) : إنا نتكلم على هذا العالم الموضوع ، فلو رفعناه ووضعنا عالما آخر كان لا شيء أدل على الحدث ، ومن رفعنا إياه ووضعنا غيره ، لكن أجيبك من حيث قدرت أن تلزمنا ، فنقول : إن الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ضم شيء منه إلى شيء منه كان أكبر ، وفي جواز التغير عليه خروجه من القدم ، كما إن في تغيره دخوله في الحدث ، وليس لك وراءه شيء يا عبد الكريم (5) .

3 - مناظرة في مسائل شتى :

ومن سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسائل كثيرة ، أنه قال :
كيف يعبد الله الخلق ولم يروه ؟ قال : رأته القلوب بنور الإيمان ، وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان ، وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ، ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها ، اقتصرت العلماء على ما رأت من عظمته دون رؤيته . قال الزنديق : أليس هو قادر أن يظهر لهم حتى يروه فيعرفونه فيعبد على يقين ؟ قال : ليس للمحال جواب . قال الزنديق : فمن أين أثبت أنبياء ورسلا ؟ قال (عليه السلام) : إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيما ، لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا أن يلامسوه ولا أن يباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ، ثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، وثبت عند ذلك أن له معبرون هم أنبياء الله وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدبين بالحكمة ، مبعوثين عنه ، مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد : من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، فلا تخلو الأرض من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته . ثم قال (عليه السلام) بعد ذلك : نحن نزعم أن الأرض لا تخلو من حجة ، ولا تكون الحجة إلا من عقب الأنبياء ، ما بعث الله نبيا قط من غير نسل الأنبياء ، وذلك أن الله شرع لبني آدم طريقا منيرا ، وأخرج من آدم نسلا طاهرا طيبا ، أخرج منه الأنبياء والرسل ، هم صفوة الله وخلص الجوهر ، طهروا في الأصلاب ، وحفظوا
في الأرحام ، لم يصبهم سفاح الجاهلية ، ولا شاب أنسابهم ، لأن الله عز وجل جعلهم في موضع لا يكون أعلى درجة وشرفا منه ، فمن كان خازن علم الله وأمين غيبه ومستودع سره وحجته على خلقه وترجمانه ولسانه ، لا يكون إلا بهذه الصفة ، فالحجة لا يكون إلا من نسلهم ، يقوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخلق بالعلم الذي عنده وورثه عن الرسول ، إن جحده الناس سكت ، وكان بقاء ما عليه الناس قليلا مما في أيديهم من علم الرسول على اختلاف منهم فيه ، قد أقاموا بينهم الرأي والقياس وإنهم إن أقروا به وأطاعوه وأخذوا عنه ، ظهر العدل ، وذهب الاختلاف والتشاجر ، واستوى الأمر ، وأبان الدين ، وغلب على الشك اليقين ، ولا يكاد أن يقر الناس به ولا يطيعوا له أو يحفظوا له بعد فقد الرسول ، وما مضى رسول ولا نبي قط لم تختلف أمته من بعده ، وإنما كان علة اختلافهم على الحجة وتركهم إياه . قال الزنديق : فما يصنع بالحجة إذا كان بهذه الصفة ؟ قال (عليه السلام) : قد يقتدى به ويخرج عنه الشيء بعد الشيء مكانه منفعة الخلق وصلاحهم ، فإن أحدثوا في دين الله شيئا أعلمهم ، وإن زادوا فيه أخبرهم ، وإن نفذوا منه شيئا أفادهم . ثم قال الزنديق : من أي شيء خلق الله الأشياء ؟ قال (عليه السلام) : لا من شيء . فقال الزنديق : كيف يجئ من لا شيء شيء ؟ قال (عليه السلام) : إن الأشياء لا تخلو إما أن تكون خلقت من شيء أو من غير شيء ، فإن كان خلقت من شيء كان معه ، فإن ذلك الشيء قديم ، والقديم لا يكون حديثا ولا يفنى ولا يتغير ، ولا يخلو ذلك الشيء من أن يكون جوهرا واحدا ولونا واحدا ، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروب شتى ؟ ومن أين جاء الموت إن كان الشيء الذي أنشئت منه الأشياء حيا ؟ ومن أين جاءت الحياة إن كان ذلك الشيء ميتا ؟ ولا يجوز أن يكون من حي وميت قديمين لم يزالا ، لأن الحي لا يجئ منه ميت وهو لم يزل حيا ، ولا يجوز أيضا أن يكون الميت قديما لم يزل لما هو به من الموت ، لأن الميت لا قدرة له ولا بقاء . قال الزنديق : فمن أين قالوا إن الأشياء أزلية ؟ قال (عليه السلام) : هذه مقالة قوم جحدوا مدبر الأشياء فكذبوا الرسل ومقالتهم ، والأنبياء وما أنبأوا عنه ، وسموا كتبهم أساطير ، ووضعوا لأنفسهم دينا بآرائهم واستحسانهم ، إن الأشياء تدل على حدوثها ، من دوران الفلك بما فيه ، وهي سبعة أفلاك وتحرك الأرض ومن عليها وانقلاب الأزمنة ، واختلاف الوقت ، والحوادث التي تحدث في العالم ، من زيادة ونقصان وموت وبلى ، واضطرار النفس إلى الإقرار بأن لها صانعا ومدبرا ، ألا ترى الحلو يصير حامضا ، والعذب مرا ، والجديد باليا ، وكل إلى تغير وفناء ؟ قال الزنديق : فلم يزل صانع العالم عالما بالأحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها ؟ قال (عليه السلام) : فلم يزل يعلم فخلق ما علم . قال الزنديق : أمختلف هو أم مؤتلف ؟ قال (عليه السلام) : لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف ، وإنما يختلف المتجزي ، ويأتلف المتبعض ، فلا يقال له : مؤتلف ولا مختلف . قال الزنديق : فكيف هو الله الواحد ؟ قال (عليه السلام) : واحد في ذاته ، فلا واحد كواحد ، لأن ما سواه من الواحد متجزي ، وهو تبارك وتعالى واحد لا يتجزى ، ولا يقع عليه العد .
قال الزنديق : فلأي علة خلق الخلق وهو غير محتاج إليهم ، ولا مضطر إلى خلقهم ، ولا يليق به التعبث بنا ؟ قال (عليه السلام) : خلقهم لإظهار حكمته وإنفاذ علمه وإمضاء تدبيره . قال الزنديق : وكيف لا يقتصر على هذه الدار فيجعلها دار ثوابه ومحتبس عقابه ؟ قال (عليه السلام) : إن هذه الدار دار ابتلاء ، ومتجر الثواب ومكتسب الرحمة ، ملئت آفات ، وطبقت شهوات ، ليختبر فيها عبيده بالطاعة ، فلا يكون دار عمل دار جزاء . قال الزنديق : أفمن حكمته أن جعل لنفسه عدوا ، وقد كان ولا عدو له ، فخلق كما زعمت (إبليس) فسلطه على عبيده يدعوهم إلى خلاف طاعته ، ويأمرهم بمعصيته ، وجعل له من القوة كما زعمت ما يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم ، فيوسوس إليهم فيشككهم في ربهم ، ويلبس عليهم دينهم فيزيلهم عن معرفته ، حتى أنكر قوم لما وسوس إليهم ربوبيته ، وعبدوا سواه ، فلم سلط عدوه على عبيده ، وجعل له السبيل إلى إغوائهم ؟ قال (عليه السلام) : إن هذا العدو الذي ذكرت لا تضره عداوته ، ولا تنفعه ولايته ، وعداوته لا تنقص من ملكه شيئا ، وولايته لا تزيد فيه شيئا ، وإنما يتقى العدو إذا كان في قوة يضر وينفع ، إن هم بملك أخذه ، أو بسلطان قهره ، فأما إبليس فعبد ، خلقه ليعبده ويوحده ، وقد علم حين خلقه ما هو وإلى ما يصير إليه ، فلم يزل يعبده مع ملائكته حتى امتحنه بسجود آدم ، فامتنع من ذلك حسدا وشقاوة غلبت عليه فلعنه عند ذلك ، وأخرجه عن صفوف الملائكة ، وأنزله إلى الأرض ملعونا مدحورا فصار عدو آدم وولده بذلك السبب ، ما له من السلطة على ولده إلا الوسوسة ،
والدعاء إلى غير السبيل ، وقد أقر مع معصيته لربه بربوبيته . قال الزنديق : أفيصلح السجود لغير الله ؟ قال (عليه السلام) : لا . قال الزنديق : فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ؟ قال (عليه السلام) : إن من سجد بأمر الله سجد لله إذا كان عن أمر الله . قال الزنديق : فمن أين أصل الكهانة ، ومن أين يخبر الناس بما يحدث ؟ قال (عليه السلام) : إن الكهانة كانت في الجاهلية ، في كل حين فترة من الرسل ، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الأمور بينهم ، فيخبرهم عن أشياء تحدث ، وذلك من وجوه شتى : فراسة العين ، وذكاء القلب ، ووسوسة النفس ، وفتنة الروح ، مع قذف في قلبه ، لأن ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة ، فذلك يعلمه الشيطان ويؤديه إلى الكاهن ، ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف . وأما أخبار السماء : فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك ، وهي لا تحجب ، ولا ترجم بالنجوم ، وإنما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب تشاكل الوحي من خبر السماء ، فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله ، لإثبات الحجة ونفي الشبهة ، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الأرض ، فيقذفها إلى الكاهن ، فإذا قد زاد كلمات من عنده ، فيخلط الحق بالباطل ، فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به ، فهو ما أداه إليه الشيطان لما سمعه ، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه ، فمنذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة ، واليوم إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا للناس بما يتحدثون به ، وما يحدثونه ، والشياطين تؤدي إلى الشياطين ، ما يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق ، ومن قاتل قتل ، ومن غائب غاب ، وهم بمنزلة الناس أيضا ، صدوق وكذوب . قال الزنديق : وكيف صعدت الشياطين إلى السماء ، وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة ، وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود (عليه السلام) من البناء ما يعجز عنه ولد آدم ؟ قال (عليه السلام) : غلظوا لسليمان كما سخروا وهم خلق رقيق ، غذاؤهم النسيم ، والدليل على كل ذلك صعودهم إلى السماء لاستراق السمع ، ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء إليها بسلم أو بسبب . قال الزنديق : فأخبرني عن السحر ما أصله ؟ وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه ، وما يفعل ؟ قال (عليه السلام) : إن السحر على وجوه شتى ، وجه منها : بمنزلة الطب ، كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء ، فكذلك علم السحر ، احتالوا لكل صحة آفة ، ولكل عافية عاهة ، ولكل معنى حيلة . ونوع آخر منه : خطفة وسرعة ومخاريق وخفة . ونوع آخر : ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم . قال الزنديق : فمن أين علم الشياطين السحر ؟ قال (عليه السلام) : من حيث عرف الأطباء الطب ، بعضه تجربة وبعضه علاج . قال الزنديق : فما تقول في الملكين هاروت وماروت ؟ وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر ؟ قال (عليه السلام) : إنهما موضع ابتلاء وموقع فتنة ، تسبيحهما : اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا وكذا ، ولو يعالج بكذا وكذا لكان كذا ، أصناف السحر ، فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما ، فيقولان لهم : إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم . قال الزنديق : أفيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك ؟ قال (عليه السلام) : هو أعجز من ذلك ، وأضعف من أن يغير خلق الله ، إن من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك الله في خلقه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ، ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته ، وإن من أكبر السحر النميمة ، يفرق بها بين المتحابين ، ويجلب العداوة على المتصافيين ، ويسفك بها الدماء ، ويهدم بها الدور ، ويكشف بها الستور ، والنمام أشر من وطئ الأرض بقدم ، فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب ، إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء ، فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج ، فأبرئ . قال الزنديق : فما بال ولد آدم فيهم شريف ووضيع ؟ قال (عليه السلام) : الشريف المطيع ، والوضيع العاصي . قال الزنديق : أليس فيهم فاضل ومفضول ؟ قال (عليه السلام) : إنما يتفاضلون بالتقوى . قال الزنديق : فتقول إن ولد آدم كلهم سواء في الأصل لا يتفاضلون إلا بالتقوى ؟ قال (عليه السلام) : نعم ، إني وجدت أصل الخلق التراب ، والأب آدم والأم حواء ، خلقهم إله واحد ، وهم عبيده ، إن الله عز وجل اختار من ولد آدم أناسا طهر ميلادهم ، وطيب أبدانهم ، وحفظهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء .

4 - مناظرة ابن أبي ليلى في الفضاء :

وعن سعيد بن أبي الخضيب قال : دخلت أنا وابن أبي ليلى المدينة ، فبينما نحن في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل جعفر بن محمد (عليه السلام) ، فقمنا إليه ، فسألني عن نفسي وأهلي ثم قال : من هذا معك ؟ فقلت : ابن أبي ليلى قاضي المسلمين ! فقال : نعم . ثم قال (عليه السلام) له : أتأخذ مال هذا فتعطيه هذا ، وتفرق بين المرء وزوجه ، ولا تخاف في هذا أحدا ؟ قال : نعم . قال (عليه السلام) : فبأي شيء تقضي ؟ قال : بما بلغني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أبي بكر وعمر . قال (عليه السلام) : فبلغك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أقضاكم علي بعدي ؟ قال : نعم . قال (عليه السلام) : فكيف تقضي بغير قضاء علي (عليه السلام) وقد بلغك هذا ؟ ! قال : فاصفر وجه ابن أبي ليلى . ثم قال : التمس مثلا لنفسك ، فوالله لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا .

5 - مناظرة ابن جريج في حديث :

أن الله يغضب لغضب فاطمة . . . : وعن الحسين بن زيد ، عن جعفر الصادق (عليه السلام) : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة (عليها السلام) : يا فاطمة ، إن الله عز وجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك . قال : فقال المحدثون بها . قال : فأتاه ابن جريج (6) فقال : يا أبا عبد الله ، حدثنا اليوم حديثا استهزأه الناس . قال (عليه السلام) : وما هو ؟ قال : حديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة (عليها السلام) : إن الله ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك . قال : فقال (عليه السلام) : إن الله ليغضب فيما تروون لعبده المؤمن ويرضى لرضاه ؟ فقال : نعم . قال (عليه السلام) : فما تنكر أن تكون ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤمنة ، يرضى الله لرضاها ، ويغضب لغضبها . قال : صدقت ، الله أعلم حيث يجعل رسالته (7) .

6 - مناظرة ابن أبي العوجاء في بعض آي القرآن الكريم :

وعن حفص بن غياث ، قال : شهدت المسجد الحرام وابن أبي العوجاء يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى : (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) (8) ما ذنب الغير ؟
قال (عليه السلام) : ويحك هي هي وهي غيرها ! قال الزنديق : فمثل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا ، قال : نعم ، أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ، ثم ردها في ملبنها ، فهي هي وهي غيرها . وروي أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز وجل في قصة إبراهيم (عليه السلام) : (قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) (9) ، قال : ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم (عليه السلام) . قيل : وكيف ذلك ؟ فقال (عليه السلام) : إنما قال إبراهيم (عليه السلام) : فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، فإن نطقوا فكبيرهم فعل ، وإن لم ينطقوا فكبيرهم لم يفعل شيئا ، فما نطقوا ، وما كذب إبراهيم (عليه السلام) . فسأل عن قوله في سورة يوسف : (أيتها العير إنكم لسارقون) (10) ؟ قال (عليه السلام) : إنهم سرقوا يوسف من أبيه ، ألا ترى أنه قال لهم : (قالوا ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك) (11) ؟ ولم يقل سرقتم صواع الملك ، إنما سرقوا يوسف من أبيه . فسأل عن قول إبراهيم : (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) (12) ، قال : ما كان إبراهيم سقيما ، وما كذب ، إنما عنى سقيما في دينه ، أي مرتادا (13) .

7- مناظرة في معنى حديث اختلاف أمتي رحمة :

وعن عبد المؤمن الأنصاري قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إن قوما رووا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : اختلاف أمتي رحمة ؟ فقال : صدقوا . قلت : إن كان اختلافهم رحمة ، فاجتماعهم عذاب ؟ قال : ليس حيث تذهب وذهبوا ، إنما أراد الله عز وجل : (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (14) أمرهم أن ينفروا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويختلفوا إليه ويتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم ، إنما أراد اختلافهم في البلدان لا اختلافا في الدين ، إنما الدين واحد . وروي عنه صلوات الله عليه : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل لكم به ولا عذر لكم في تركه ، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل وكانت في سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي ، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا ، إنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم ، بأيها أخذ اهتدي ، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم ، واختلاف أصحابي لكم رحمة . قيل : يا رسول الله ، من أصحابك ؟ قال : أهل بيتي (15) . قال محمد بن الحسين بن بابويه القمي (رضي الله عنه) : إن أهل البيت لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمر الحق ، وربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية ، والتقية رحمة للشيعة ، ويؤيد تأويله (رضي الله عنه) أخبار كثيرة . منها : ما رواه محمد بن سنان ، عن نصر الخثعمي ، قال : سمعت أبا عبد الله يقول : من عرف من أمرنا : أن لا نقول إلا حقا ، فليكتف بما يعلم منا ، فإن سمع منا خلاف ما يعلم ، فليعلم أن ذلك منا دفاع واختيار له . وعن عمر بن حنظلة ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة ، أيحل ذلك ؟ قال (عليه السلام) : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهي عنه ، وما حكم له به فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت ، ومن أمر الله عز وجل أن يكفر به ، قال الله عز وجل : *(يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به)* . قلت : فكيف يصنعان وقد اختلفا ؟ قال (عليه السلام) : ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضيا به حكما ، فإني قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكم ولم يقبله منه ، فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد ، والراد علينا كافر وراد على الله ، وهو على حد من الشرك بالله . قلت : فإن كان كل واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا ، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فيما حكما ، فإن الحكمين اختلفا في حديثكم ؟ قال (عليه السلام) : إن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر .

8- مناظرة أبي حنيفة في القياس :

وعن بشير بن يحيى العامري ، عن ابن أبي ليلى ، قال : دخلت أنا والنعمان أبو حنيفة على جعفر بن محمد ، فرحب بنا فقال (عليه السلام) : يا ابن أبي ليلى ، من هذا الرجل ؟ فقلت : جعلت فداك ، من أهل الكوفة ، له رأي وبصيرة ونفاذ . قال (عليه السلام) : فلعله الذي يقيس الأشياء برأيه ؟ ثم قال (عليه السلام) : يا نعمان ، هل تحسن أن تقيس رأسك ؟ قال : لا . قال (عليه السلام) : ما أراك تحسن أن تقيس شيئا ، فهل عرفت الملوحة في العينين ، والمرارة في الأذنين ، والبرودة في المنخرين ، والعذوبة في الفم ؟ قال : لا . قال (عليه السلام) : فهل عرفت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان ؟ قال : لا . قال ابن أبي ليلى : قلت : جعلت فداك ، لا تدعنا في عمياء مما وصفت . قال (عليه السلام) : نعم ، حدثني أبي ، عن آبائه (عليهم السلام) ، أن رسول الله قال : إن الله خلق عيني ابن آدم من شحمتين فجعل فيهما الملوحة ، فلولا ذلك لذابتا ولم يقع فيهما شيء من القذى إلا أذابه ، والملوحة تلفظ ما يقع في العين من القذى ، وجعل المرارة في الأذنين حجابا للدماغ ، وليس من دابة تقع في الأذن إلا التمست الخروج ، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ فأفسدته ، وجعل الله البرودة في المنخرين حجابا للدماغ ، ولولا ذلك لسال الدماغ ، وجعل العذوبة في الفم منا من الله تعالى على ابن آدم ليجد لذة الطعام والشراب . وأما كلمة أولها كفر وآخرها إيمان ، فقول لا إله إلا الله . ثم قال (عليه السلام) : يا نعمان ، إياك والقياس ، فإن أبي حدثني عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله قال : من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه الله تبارك وتعالى مع إبليس ، فإنه أول من قاس حيث قال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، فدعوا الرأي والقياس ، فإن دين الله لم يوضع على القياس (16) .

9 - مناظرة أبي حنيفة في القياس والرأي :

وفي رواية أخرى : أن الصادق (عليه السلام) قال لأبي حنيفة لما دخل عليه : من أنت ؟ قال : أبو حنيفة . قال (عليه السلام) : مفتي أهل العراق ؟ قال : نعم . قال : بما تفتيهم ؟ قال : بكتاب الله . قال (عليه السلام) : وإنك لعالم بكتاب الله ، ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ؟ قال : نعم . قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل : *(وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين)*(17) أي موضع هو ؟ قال أبو حنيفة : هو ما بين مكة والمدينة ، فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى جلسائه ، وقال (عليه السلام) : نشدتكم بالله ، هل تسيرون بين مكة والمدينة ولا تأمنون على دمائكم من القتل ، وعلى أموالكم من السرق ؟ فقالوا : اللهم نعم . فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ويحك يا أبا حنيفة ! إن الله لا يقول إلا حقا ، أخبرني عن قول الله عز وجل : (ومن دخله كان آمنا) (18) ، أي موضع هو ؟ قال : ذلك بيت الله الحرام ، فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى جلسائه وقال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل تعلمون : أن عبد الله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل ؟ قالوا : اللهم نعم . فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ويحك يا أبا حنيفة ! إن الله لا يقول إلا حقا . فقال أبو حنيفة : ليس لي علم بكتاب الله ، إنما أنا صاحب قياس . قال أبو عبد الله (عليه السلام) : فانظر في قياسك - إن كنت مقيسا - أيما أعظم عند الله القتل أم الزنا ؟ قال : بل القتل . قال : فكيف رضى في القتل بشاهدين ، ولم يرض في الزنا إلا بأربعة ؟ ! ثم قال (عليه السلام) له : الصلاة أفضل أم الصيام ؟ قال : بل الصلاة أفضل . قال (عليه السلام) : فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام ، وقد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة . قال له (عليه السلام) : البول أقذر أم المني ؟ قال : البول أقذر . قال (عليه السلام) : يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني ، وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول . قال : إنما أنا صاحب رأي .
قال أبو حنيفة : لا أتكلم بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس . قال الإمام (عليه السلام) : كلا ، إن حب الرئاسة غير تاركك ، كما لم يترك من كان قبلك . . . تمام الخبر . وعن عيسى بن عبد الله القرشي ، قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : يا أبا حنيفة ، قد بلغني أنك تقيس ، فقال : نعم . فقال : لا تقس ، فإن أول من قاس إبليس لعنه الله حين قال : (خلقتني من نار وخلقته من طين) ، فقاس بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم بنورية النار وعرف ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر . * * * وعن الحسن بن محبوب ، عن سماعة ، قال : قال أبو حنيفة لأبي عبد الله (عليه السلام) : كم بين المشرق والمغرب ؟ قال : قال مسيرة يوم للشمس بل أقل من ذلك ، قال : فاستعظمه . قال : يا عاجز ، لم تنكر هذا ، إن الشمس تطلع من المشرق ، وتغرب في المغرب في أقل من يوم . . . تمام الخبر .

10 - مناظرة بعض المعتزلة في الإمامة والعقائد :

عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة ، فيهم عمرو بن عبيد ، وواصل بن عطاء ، وحفص بن سالم وأناس من رؤسائهم ، وذلك أنه حين قتل الوليد ، واختلف أهل الشام بينهم ، فتكلموا فأكثروا وخطبوا فأطالوا . فقال لهم أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) : إنكم قد أكثرتم علي فأطلتم ، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم ، فليتكلم بحجتكم وليوجز . فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال : قتل أهل الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض ، وتشتت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروءة ، ومعدن للخلافة ، وهو محمد ابن عبد الله بن الحسن ، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثم نظهر أمرنا معه ، وندعو الناس إليه ، فمن بايعه كنا معه وكان منا ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ونرده إلى الحق وأهله ، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك ، فإنه لا غنى بنا عن مثلك ، لفضلك ولكثرة شيعتك . فلما فرغ ، قال أبو عبد الله (عليه السلام) : أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا : نعم ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ثم قال (عليه السلام) : إنما نسخط إذا عصي الله ، فإذا أطيع الله رضينا ، أخبرني يا عمرو ، لو أن الأمة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤونة ، فقيل لك : ولها من شئت ، من كنت تولي ؟ قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين . قال : بين كلهم ؟ قال : نعم . فقال (عليه السلام) : بين فقهائهم وخيارهم ؟ قال : نعم . قال (عليه السلام) : قريش وغيرهم ؟ قال : العرب والعجم . قال (عليه السلام) : فأخبرني يا عمرو أتتولى أبا بكر وعمر أو تتبرأ منهما ؟ قال : أتولاهما .
قال (عليه السلام) : يا عمرو ، إن كنت رجلا تتبرأ منهما ، فإنه يجوز لك الخلاف عليهما ، وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما ، قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا ، ثم ردها أبو بكر عليه ولم يشاور أحدا ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة ، فخرج منها الأنصار غير أولئك الستة من قريش ، ثم أوصى الناس فيهم بشيء ما أراك ترضى أنت ولا أصحابك . قال : وما صنع . قال : أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام ، وأن يتشاور أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم إلا ابن عمر ويشاورونه وليس له من الأمر شيء ، وأوصي من كان بحضرته من المهاجرين والأنصار - إن مضت ثلاثة أيام ولم يفرغوا ويبايعوه - أن تضرب أعناق الستة جميعا ، وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان أن تضرب أعناق الاثنين ، أفترضون بهذا فيما تجعلون من الشورى بين المسلمين ؟ قالوا : لا . قال (عليه السلام) : يا عمرو ، دع ذا ، أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إليه ، ثم اجتمعت لكم الأمة ولم يختلف عليكم منها رجلان ، فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا ولم يؤدوا الجزية ، كان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المشركين في الجزية ؟ قالوا : نعم . قال : فتصنعون ماذا ؟ قالوا : ندعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية . قال (عليه السلام) : فإن كانوا مجوسا وأهل كتاب وعبدة النيران والبهائم وليسوا بأهل كتاب ؟ قالوا : سواء . قال (عليه السلام) : فأخبروني عن القرآن ، أتقرؤونه ؟ قال : نعم . قال (عليه السلام) : إقرأ (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (19) ، قال (عليه السلام) : فاستثنى الله عز وجل واشترط من الذين أوتوا الكتاب ، فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم . قال (عليه السلام) : عمن أخذت هذا ؟ قال : سمعت الناس يقولونه . قال (عليه السلام) : فدع ذا ، فإنهم إن أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم ، كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال : أخرج الخمس وأقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليها . قال (عليه السلام) : تقسمه بين جميع من قاتل عليها ؟ قال : نعم . قال (عليه السلام) : فقد خالفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فعله وفي سيرته ، وبيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم ، فسلهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم وأن لا يهاجروا ، على أنه إن دهمه من عدوه دهم فيستفزهم فيقاتل بهم ، وليس لهم من الغنيمة نصيب ، وأنت تقول بين جميعهم ، فقد خالفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته في المشركين . دع ذا ، ما تقول في الصدقة ؟ قال : فقرأ عليه هذه الآية : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها . . .) (20) إلى آخرها . قال (عليه السلام) : نعم ، فكيف تقسم بينهم ؟ قال : أقسمها على ثمانية أجزاء ، فأعطي كل جزء من الثمانية جزءا . فقال (عليه السلام) : إن كان صنف منهم عشرة آلاف ، وصنف رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة ، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف ؟ قال : نعم .

11 - أصحاب الصادق (عليه السلام) يناظرون بحضرته :

وروي عن يونس بن يعقوب ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، فورد عليه رجل من أهل الشام ، فقال : إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك . فقال له أبو عبد الله : كلامك هذا من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من عندك ؟ فقال : من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعضه ومن عندي بعضه . فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : فأنت إذن شريك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ ! قال : لا .
قال (عليه السلام) : فسمعت الوحي من الله تعالى ؟ قال : لا . قال (عليه السلام) : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال : لا . قال : فالتفت إلي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال : يا يونس ، هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم . ثم قال (عليه السلام) : يا يونس ، لو كنت تحسن الكلام كلمته . قال يونس : فيا لها من حسرة . فقلت : جعلت فداك ، سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام يقولون : هذا ينقاد [وهذا لا ينقاد] ، وهذا ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا نعقله وهذا لا نعقله ! فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : إنما قلت ويل لقوم تركوا قولي بالكلام ، وذهبوا إلى ما يريدون . ثم قال : اخرج إلى الباب فمن ترى من المتكلمين فأدخله . قال : فخرجت فوجدت حمران بن أعين ، وكان يحسن الكلام ، ومحمد ابن نعمان الأحول وكان متكلما ، وهشام بن سالم ، وقيس الماصر وكانا متكلمين ، وكان قيس عندي أحسنهم كلاما ، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين ، فأدخلتهم ، فلما استقربنا المجلس ، وكنا في خيمة لأبي عبد الله (عليه السلام) في طرف جبل في طريق الحرم ، وذلك قبل الحج بأيام ، فأخرج أبو عبد الله رأسه من الخيمة ، فإذا هو ببعير يخب ، قال : هشام ورب الكعبة . قال : وكنا ظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل ، وكان شديد المحبة لأبي عبد الله ، فإذا هشام بن الحكم ، وهو أول ما اختطت لحيته ، وليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا ، فوسع له أبو عبد الله (عليه السلام) وقال : ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ، ثم قال لحمران : كلم الرجل - يعني : الشامي - .فكلمه حمران وظهر عليه ثم قال : يا طاقي كلمه ، فكلمه فظهر عليه محمد بن نعمان مؤمن الطاق . ثم قال لهشام بن سالم : كلمه . فتعارفا ، ثم قال لقيس الماصر : كلمه ، وأقبل أبو عبد الله (عليه السلام) يتبسم من كلامهما ، وقد استخذل الشامي في يده ، ثم قال للشامي : كلم هذا الغلام - يعني : هشام بن الحكم - فقال : نعم . ثم قال الشامي لهشام : يا غلام ، سلني في إمامة هذا - يعني أبا عبد الله (عليه السلام) - . فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال له : أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه ، أم خلقه لأنفسهم ؟ فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه . قال : ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا ؟ قال : كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم به ، وأزاح في ذلك عللهم . فقال له هشام : فما هذا الدليل الذي نصبه لهم ؟ قال الشامي : هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . قال هشام : فبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ؟ قال : الكتاب والسنة . فقال هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه ، حتى رفع عنا الاختلاف ، ومكننا من الاتفاق ؟ فقال الشامي : نعم . قال هشام : فلم اختلفنا نحن وأنت ، جئتنا من الشام تخالفنا ، وتزعم أن الرأي طريق الدين ، وأنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين ؟ فسكت الشامي كالمفكر ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ما لك لا تتكلم ؟ قال : إن قلت : إنا ما اختلفنا كابرت ، وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت ، لأنهما يحتملان الوجوه ، ولكن لي عليه مثل ذلك .
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : سله تجده مليا . فقال الشامي لهشام : من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم ؟ فقال : بل ربهم أنظر لهم . فقال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم ويبين لهم حقهم من باطلهم ؟ فقال هشام : نعم . قال الشامي : من هو ؟ قال هشام : أما في ابتداء الشريعة فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأما بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فعترته . قال الشامي : من هو عترة النبي القائم مقامه في حجته ؟ قال هشام : في وقتنا هذا أم قبله ؟ قال الشامي : بل في وقتنا هذا . قال هشام : هذا الجالس ، يعني : أبا عبد الله (عليه السلام) ، الذي تشد إليه الرحال ، ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن جده . قال الشامي : وكيف لي بعلم ذلك ؟ فقال هشام : سله عما بدا لك . قال الشامي : قطعت عذري ، فعلي السؤال . فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أنا أكفيك المسألة يا شامي ، أخبرك عن مسيرك وسفرك ، خرجت يوم كذا ، وكان طريقك كذا ، ومررت على كذا ، ومر بك كذا . فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول : صدقت والله ، فقال الشامي : أسلمت لله الساعة . فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : بل آمنت بالله الساعة ، إن الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والإيمان عليه يثابون . قال : صدقت ، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإنك وصي الأنبياء . قال : فأقبل أبو عبد الله (عليه السلام) على حمران فقال : يا حمران ، تجري الكلام على الأثر فتصيب . فالتفت إلى هشام بن سالم فقال : تريد الأثر ولا تعرف . ثم التفت إلى الأحول فقال : قياس رواغ ، تكسر باطلا بباطل ، إلا أن باطلك أظهر .
ثم التفت إلى قيس الماصر فقال : تكلم وأقرب ما يكون من الخبر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبعد ما تكون منه ، تمزج الحق بالباطل ، وقليل الحق يكفي من كثير الباطل ، أنت والأحول قفازان حاذقان . قال يونس بن يعقوب : فظننت والله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما ، فقال : يا هشام ، لا تكاد تقع تلوي رجليك ، إذ هممت بالأرض طرت ، مثلك فليكلم الناس ، اتق الزلة ، والشفاعة من ورائك (21) . والملاحظ من هذه المناظرة أنه (عليه السلام) يوجه أصحابه إلى انتهاج أسلوب الجدل بالحق وبالتي هي أحسن ، ويحذرهم من الوقوع في الباطل والجدل العقيم الذي لا يهدي إلى سواء السبيل ، ويهديهم (عليه السلام) إلى أسس الكلام مبينا لهم خير أسوة منهم وهو هشام بن الحكم ، ليكون مثالا لهم في سلوك طريق الحق في الكلام ، وقدوة في انتهاج سبيل المناظرة والاحتجاج .

12- مناظرة هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد في الإمامة :

وعن يونس بن يعقوب ، قال : كان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين ومؤمن الطاق وهشام بن سالم والطيار وجماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال أبو عبد الله : يا هشام . قال : لبيك يا ابن رسول الله ! قال : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟ قال هشام : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أجلك وأستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك .
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : إذا أمرتكم بشيء فافعلوه . قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، وعظم ذلك علي ، فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة ، وأتيت مسجد البصرة ، فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ، ثم قلت : أيها العالم ، أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟ قال : اسأل . قلت له : ألك عين ؟ قال : يا بني أي شيء هذا من السؤال ، إذن كيف تسأل عنه ؟ فقلت : هذه مسألتي . فقال : يا بني سل ، وإن كانت مسألتك حمقى . قلت : أجبني فيها ، قال : فقال لي : سل . فقلت : ألك عين ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص . قال : قلت : ألك أنف ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشم به الرائحة . قال : قلت : ألك لسان ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به . قال : قلت : ألك أذن ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات . قال : قلت : ألك يدان ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللين من الخشن . قال : قلت : ألك رجلان ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أنتقل بهما من مكان إلى مكان . قال : قلت : ألك فم ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها .
قال : قلت : ألك قلب ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أميز به كلما ورد على هذه الجوارح . قال : قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا . قلت : وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته ردته إلى القلب ، فتيقن بها اليقين وأبطل الشك . قال : فقلت : فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم . قلت : لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ، قال : نعم . قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماما ، يصحح لها الصحيح وينفي ما شكت فيه ، ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك ؟ ! قال : فسكت ولم يقل لي شيئا . قال : ثم التف إلي فقال لي : أنت هشام ؟ قال : قلت : لا ، فقال لي : أجالسته ؟ فقلت : لا . قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : فأنت إذن هو . ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت . فضحك أبو عبد الله ، ثم قال : يا هشام ، من علمك هذا ؟ قلت : يا ابن رسول الله ؟ جرى على لساني . قال : يا هشام ، هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى (22) .

13- موافقة الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة استعمل التورية في المناظرة :

وبالإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) أنه قال : قال بعض المخالفين بحضرة الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة : ما تقول في العشرة من الصحابة ؟ قال : أقول فيهم القول الجميل الذي يحط الله به سيئاتي ، ويرفع به درجاتي . قال السائل : الحمد لله على ما أنقذني من بغضك ، كنت أظنك رافضيا تبغض الصحابة . فقال الرجل : ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله . قال : لعلك تتأول ما تقول ، فمن أبغض العشرة من الصحابة ؟ فقال : من أبغض العشرة من الصحابة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . فوثب فقبل رأسه فقال : اجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم . قال : أنت في حل وأنت أخي ، ثم انصرف السائل ، فقال له الصادق (عليه السلام) : جودت ، لله درك ! لقد عجبت الملائكة من حسن توريتك وتلفظك بما خلصك ولم تثلم دينك ، زاد الله في قلوب مخالفينا غما إلى غم ، وحجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في تقيتهم . فقال أصحاب الصادق (عليه السلام) : يا ابن رسول الله ، ما عقلنا من كلام هذا إلا موافقته لهذا المتعنت الناصب . فقال الصادق (عليه السلام) : لئن كنتم لم تفهموا ما عنى فقد فهمنا نحن ، فقد شكره الله له ، إن ولينا الموالي لأوليائنا المعادي لأعدائنا ، إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه ، وفقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه ، ويعظم الله بالتقية ثوابه .
قال : من عاب واحدا منهم فعليه لعنة الله . أي : من عاب واحدا منهم ، هو : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) . وقال في الثانية : من عابهم وشتمهم فعليه لعنة الله ، وقد صدق لأن من عابهم فقد عاب عليا (عليه السلام) لأنه أحدهم ، فإذا لم يعب عليا ولم يذمه فلم يعبهم جميعا وإنما عاب بعضهم ، ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية ، كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله ونبوة موسى ، وتفضيل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على جميع رسل الله وخلقه ، وتفضيل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) والخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين ، وإلى البراءة من فرعون ، فوشى به واشون إلى فرعون وقالوا : إن حزقيل يدعو إلى مخالفتك ، ويعين أعداءك على مضادتك . فقال لهم فرعون : ابن عمي وخليفتي في ملكي وولي عهدي ، إن كان قد فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره نعمتي ، وإن كنتم عليه كاذبين فقد استحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مساءته ، فجاء بحزقيل وجاء بهم فكاشفوه وقالوا : أنت تجحد ربوبية الملك وتكفر نعماءه . فقال حزقيل : أيها الملك هل جربت علي كذبا قط . قال : لا . قال : فسلهم من ربهم ؟ قالوا : فرعون . قال : ومن خلقكم ؟ قالوا : فرعون هذا . قال : ومن رازقكم الكافل لمعايشكم ، والدافع عنكم مكارهكم ؟ قالوا : فرعون هذا . قال حزقيل : أيها الملك فأشهدك وكل من حضرك : أن ربهم هو ربي ، وخالقهم هو خالقي ، ورازقهم هو رازقي ، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي ..

14 - مناظرة الزنادقة في إعجاز القرآن :

وعن هشام بن الحكم ، قال : اجتمع ابن أبي العوجاء وأبو شاكر الديصاني الزنديق وعبد الملك البصري وابن المقفع عند بيت الله الحرام ، يستهزءون بالحاج ويطعنون بالقرآن . فقال ابن أبي العوجاء : تعالوا ننقض كل واحد منا ربع القرآن وميعادنا من قابل في هذا الموضع ، نجتمع فيه وقد نقضنا القرآن كله ، فإن في نقض القرآن إبطال نبوة محمد ، وفي إبطال نبوته إبطال الإسلام وإثبات ما نحن فيه . فاتفقوا على ذلك وافترقوا ، فلما كان من قابل اجتمعوا عند بيت الله الحرام ، فقال ابن أبي العوجاء : أما أنا فمفكر منذ افترقنا في هذه الآية : (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) (23) فما أقدر أن أضم إليها في فصاحتها وجميع معانيها شيئا ، فشغلتني هذه الآية عن التفكر في ما سواها . فقال عبد الملك : وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) (24) ولم أقدر على الإتيان بمثلها . فقال أبو شاكر : وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (25) لم أقدر على الإتيان بمثلها . فقال ابن المقفع : يا قوم ، إن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : (وقيل يا أرض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين) (26) لم أبلغ غاية المعرفة بها ، ولم أقدر على الإتيان بمثلها . قال هشام بن الحكم : فبينما هم في ذلك ، إذ مر بهم جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فقال : *(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)*(27) فنظر القوم بعضهم إلى بعض وقالوا : لئن كان للإسلام حقيقة لما انتهت أمر وصية محمد إلا إلى جعفر بن محمد ، والله ما رأيناه قط إلا هبناه واقشعرت جلودنا لهيبته ، ثم تفرقوا مقرين بالعجز (28) . وقد جاءت الآثار عن الأئمة الأبرار (عليهم السلام) : بفضل من نصب نفسه من علماء شيعتهم لمنع أهل البدعة والضلال عن التسلط على ضعفاء الشيعة ومساكينهم وقمعهم بحسب تمكنهم وطاقتهم ، فمن ذلك ما روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) أنه قال :
قال جعفر بن محمد (عليه السلام) : علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا ، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة ، لأنه يدفع عن أديان محبينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم .

15- مناظرة سفيان الثوري وبعض المتصوفة في الزهد :

دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأى عليه ثيابا بيضا كأنها غرقئ البيض (29) فقال له : إن هذا ليس من لباسك . فقال (عليه السلام) له : اسمع مني وع ما أقول لك فإنه خير لك عاجلا وآجلا إن كنت أنت مت على السنة والحق ولم تمت على بدعة ، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في زمان مقفر جشب (30) فإذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفارها . فما أنكرت يا ثوري ، فوالله - إني لمع ما ترى - ما أتى علي مذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته . فقال : ثم أتاه قوم ممن يظهر التزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف ، فقالوا : إن صاحبنا حصر من كلامك ولم تحضره حجة . فقال (عليه السلام) لهم : هاتوا حججكم . فقالوا : إن حججنا من كتاب الله .
ودعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير ، وأهل العلم قليل ، وقد قال الله : (وفوق كل ذي علم عليم) (31) .

16- مناظرة الطبيب الهندي في أسرار خلق الإنسان :

علل الشرائع ، والخصال : روى ابن بابويه ، عن الربيع صاحب المنصور ، قال : حضر أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) مجلس المنصور يوما وعنده رجل من الهند يقرأ كتب الطب ، فجعل أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ينصت لقراءته ، فلما فرغ الهندي قال له : يا أبا عبد الله أتريد مما معي شيئا ؟ قال : لا ، فإن ما معي خير مما معك . قال : وما هو ؟ قال : أداوي الحار بالبارد ، والبارد بالحار ، والرطب باليابس ، واليابس بالرطب ، وأرد الأمر كله إلى الله عز وجل ، وأستعمل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) : واعلم أن المعدة بيت الداء ، والحمية هي الدواء وأعود البدن ما اعتاد . فقال الهندي : وهل الطب إلا هذا ؟ فقال الصادق (عليه السلام) : أفتراني عن كتب الطب أخذت ؟ قال : نعم . قال : لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه ، فأخبرني أنا أعلم بالطب أم أنت ؟ فقال الهندي : لا بل أنا . قال الصادق (عليه السلام) : فأسألك شيئا . قال : سل . قال : أخبرني يا هندي كم كان في الرأس شؤون ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم جعل الشعر عليه من فوقه ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم خلت الجبهة من الشعر ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كان لها تخطيط وأسارير ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كان الحاجبان من فوق العينين ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم جعلت العينان كاللوزتين ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم جعل الأنف فيما بينهما ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كان ثقب الأنف في أسفله ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم جعلت الشفة والشارب من فوق الفم ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم احتد السن ، وعرض الضرس ، وطال الناب ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم جعلت اللحية للرجال ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم خلت الكفان من الشعر ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم خلا الظفر والشعر من الحياة ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كان القلب كحب الصنوبر ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كانت الرية قطعتين ، وجعل حركتها في موضعها ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كانت الكبد حدباء ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم كانت الكلية كحب اللوبيا ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم جعل طي الركبتين إلى خلف ؟ قال : لا أعلم . قال : فلم تخصرت القدم ؟ قال : لا أعلم .
فقال الصادق (عليه السلام) : لكني أعلم . قال : فأجب . قال الصادق (عليه السلام) : كان في الرأس شؤون لأن المجوف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد . وجعل الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الأدهان إلى الدماغ ، ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويرد الحر والبرد الواردين عليه . وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين ، وجعل فيها التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه (32) الإنسان عن نفسه ، كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه . وجعل الحاجبان من فوق العينين ليراد عليهما (33) من النور قدر الكفاف ، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه . وجعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء . وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ، ويخرج منها الداء ، ولو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل ، وما وصل إليها دواء ، ولا خرج منها داء . وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ ، ويصعد فيه الأراييح (34) إلى المشام ، ولو كان في أعلاه لما أنزل داء ، ولا وجد رائحة . وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لئلا يتنغص (35) على الإنسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه . وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى . وجعل السن حادا لأن به يقع العض ، وجعل الضرس عريضا لأن به يقع الطحن والمضغ ، وكان الناب طويلا ليسند (36) الأضراس والأسنان كالاسطوانة في البناء . وخلا الكفان من الشعر لأن بهما يقع اللمس ، فلو كان فيهما شعر ما درى الإنسان ما يقابله ويلمسه (37) . وخلا الشعر والظفر من الحياة لأن طولهما سمج (38) وقصهما حسن ، فلو كان فيهما حياة لألم الإنسان لقصهما (39) . وكان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه دقيقا ليدخل في الرية فتروح عنه ببردها ، لئلا يشيط الدماغ بحره . وجعلت الرية قطعتين ليدخل بين مضاغطها فيتروح عنه بحركتها . وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة ويقع جميعها عليها فيعصرها ليخرج ما فيها من البخار . وجعلت الكلية كحب اللوبيا لأن عليها مصب المني نقطة بعد نقطة ، فلو كانت مربعة أو مدورة احتبست النقطة الأولى إلى الثانية (40) فلا يلتذ بخروجها الحي ، إذ المني ينزل من فقار الظهر إلى الكلية ، فهي كالدودة تنقبض وتنبسط ، ترميه أولا فأولا إلى المثانة كالبندقة من القوس . وجعل طي الركبة إلى خلف لأن الإنسان يمشي إلى ما بين يديه فيعتدل الحركات ، ولولا ذلك لسقط في المشي . وجعل القدم مخصرة لأن الشيء إذا وقع على الأرض جميعه ثقل ثقل حجر الرحى ، فإذا كان على حرفه دفعه الصبي وإذا وقع على وجهه صعب نقله على الرجل . فقال له الهندي : من أين لك هذا العلم ؟ فقال (عليه السلام) : أخذته عن آبائي (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، عن جبرئيل ، عن رب العالمين جل جلاله الذي خلق الأجساد والأرواح . فقال الهندي : صدقت وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله وعبده ، وأنك أعلم أهل زمانك (41)
المصادر :
1- طه : 5
2- البقرة : 255
3- الاحتجاج : 332
4- الاحتجاج : 331
5- الاحتجاج : 336
6- في المصدر : ابن جريح ، تصحيف صوابه ما أثبتناه ، وهو عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج القرشي الأموي ، مات نحو سنة 150 ه‍، تهذيب الكمال 18 : 338
7- الاحتجاج : 354
8- النساء : 56
9- الأنبياء : 63
10- يوسف : 70
11- يوسف : 72
12- الصافات : 88
13- الاحتجاج : 354
14- التوبة : 122
15- الاحتجاج : 355
16- الاحتجاج : 358
17- سبأ : 17
18- آل عمران : 97
19- التوبة : 29
20- التوبة : 60
21- الاحتجاج : 364
22- الاحتجاج : 367
23- يوسف : 80
24- الحج : 73
25- الأنبياء : 24
26- هود : 44
27- الإسراء : 88
28- الاحتجاج : 377
29- غرقئ البيض : القشرة الرقيقة الملتصقة ببياض البيض
30- القفر : خلو الأرض من الماء والكلأ
31- تحف العقول : 348 - 353 ، والآية من سورة يوسف : 76
32- أي ينحاه ويبعده عن نفسه
33- في نسخة : ليرد عليهما . وفي أخرى : ليوردا
34- في نسخة : ويصعد فيه الروائح . وفي أخرى وكذا العلل : الأرياح
35- أي لئلا يتكدر على الإنسان طعامه وشرابه . وفي نسخة : لكيلا يتنغص
36- في نسخة : ليشد الأضراس . وفي العلل : ليشتد الأضراس . وفي الخصال : ليشيد الأضراس
37- في نسخة : ما درى الإنسان ما يعالجه ويلمسه
38- في نسخة : لأن طولهما وسخ . وفي العلل : لأن طولهما وسخ يقبح
39- في نسخة : لألم الإنسان بقصهما
40- في نسخة وفي الخصال : احتبست النطفة الأولى إلى الثانية
41- علل الشرائع : 44 . الخصال 2 : 97



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.