علي الرغم من الضعف الذي انتاب هيكل الخلافة في هذا العصر ، والانحلال الذي بدا يستشري في اوصال الدولة العباسية ، فقد بقي العباسيون علي نفس المنوال الذي سارعليه اسلافهم ابان عصر القوة والزدهار في التصدي لمدرسة الائمة عليه السلام وشيعتهم والنكاية بهم؛ذلك لان علاقة الحاكم بالامام تقوم علي اساس ثابت ، وهو الخوف من نشاط الامام ودوره الايجابي في الحياة الاسلامية ، والشعور بخطورة هذا الدور حتي وصل لدي الزعامات العباسية في هذا الفترة الی درجة الرعب ، فطوقوا الامام بحصار شديد ورقابة صارمة عليه ، وتربصوا به وباصحابه ، واخيرا تامروا علي حياته فسقط شهيدا في محراب الجهاد ولما يبلغ الثلاثين.
كان العباسيون يعيشون اوضاعا سلبية علي مستوي الالتزام الديني ، وقدم غالبيتهم نموذجا سيئا في هذا الاتجاه ، فكانوا يضيقون ذرعا باي امام من معاصريهم ، لمايتمتع به من سمو المكارم ومن شخصية علمية وروحية فذة تجتذب مختلف اوساط الامة ، التي تري في الامام الممثل الحقيقي لسيرة السلف الصالح والمصداق الاصيل لرسالة السماء ، وعندما تری تلك الاوساط تذمرالامام في موافقه تجاه السلطة وعدم رضاه عنها تزداد تمسكاً به ، ومن هنا يبرز تخوف السلطةمن الانقلاب علي نظامها لمصلحة خط الامامة ، الامر الذي تحرص معه علي ربط الامام بالجهاز الحاكم وتقريبه بشتي الوسائل ، كالسجن كما فعل الرشيد مع الامام الكاظم عليه السلام ، او ولاية العهد كما فعل المامون مع الامام الرضا عليه السلام ، اوالحجز والحصار كما فعل العباسيون من المعتصم الی المعتمد مع الامام الجواد والهادي والعسكري عليه السلام وذلك لدوام مراقبة الامام وتحديد حركته وفصله عن اتباعه وموالیه ومحبيه المؤمنين بمرجعيته الفكرية والروحية.
لقد رافق الامام العسكري عليه السلام اباه في رحلته المضيقة من المدينة المنورة الی سامراء ولما يزل صبيا ، وذلك حينما استدعي الامام الهادي عليه السلام من قبل المتوكل الی عاصمة البلاط العباسي انذاك ، ليكون محجوزا ومراقبا ومعزولا عن قاعدته العريضة ، وبعد ان وافاه الاجل في سنة (254هـ) استمر العباسيون بسياستهم تلك تجاه الامام العسكري عليه السلام وكما يلي :
اولا : مراقبة الامام عليه السلام وفرض الاقامةالجبرية عليه فرض العباسيون المعاصرون للامام العسكري عليه السلام الاقامة الجبرية عليه كما فرضوا علي ابيه عليه السلام ، وعملواعلي الحد من حرية حركته ، سوي انهم اوجبوا عليه ان يركب الی دارالخلافة في كل اثنين وخميس (1) ، لكفكفة نشاطاته وليكون تحت مراي ومسمع الخليفة وجهازه الحاكم.
ولم يكن الركوب الی دارالسلطان برضا الامام عليه السلام كما لم يكن طريقة الیه مامونا ، فقد جاء في الرواية عن ابي الحسن الموسوي الخبيري قال : « حد ثني ابي ، انه كان يغشي ابا محمد عليه السلام بسر من راي كثيرا ، و انه اتاه يوما فوجده وقد قدمت الیه دابته ليركب الی دارالسلطان ، وهو متغير اللون من الغضب ، وكان يجيئه رجل من العامة ، فاذا ركب دعا له وجاء باشياء يشنع بها عليه ، فكان عليه السلام يكره ذلك... » (2).
اما موقف الامام العسكري عليه السلام ازاء الملاحقة والمحاصرة والمراقبة التي فرضتها السلطة لتقييد تحركاته وشل عمله العلمي والحيلولة دون اداء دوره القيادي تجاه قواعده المؤمنة به ، هو احاطة اعماله بالسرية والكتمان والحيطة الا بالمقدار الذي تسمح به الظروف ، كما سار علي نهج ابيه الامام ابي الحسن الهادي عليه السلام الذي عاني من الحصار والرقابة ايضا في اتخاذ الوكلاء والقوام الثقات الذين يمثلون خط الامامة الاصيل في اطراف البلاد الشاسعة ، ليكون الامام عليه السلام قادرا علي ممارسة دوره في نشرالوعي الديني والعقائدي ، والحفاظ علي مفاهيم الرسالة والقيم الاسلامية المقدسة ، والاتصال مع قواعده الشعبية في ظل تلك الظروف العصبية.
ومن هنا كانت له عليه السلام امتدادت واسعة في المواقع الاسلامية ، ويدل علي ذلك عملية تنظيم الوكلاء والقوام ، اذ كان له وكيل في كل منطقة له فيها اتباع وشيعتة ياتمرون بامره وينضوون تحت ولايته ، وكانوا يتصلون به عليه السلام عن طريق المراسلة او المكاتبة ، ويجيبهم عن طريق التواقيع الصادرة عنه ، ومن خلالها يمارس ايضا عملية عزل شخص او تعيين اخر مكانه ، ويعطي سائر ارشاداته لهذا وذلك من اصحابه.
وكان عليه السلام يتبع اقصي اجراءات الحذر والاحتراز في ايصال تلك التواقيع الى اصحابه و من بين تلك الاجراءات انه كان يضع بعض كتبه في خشبة مدورة طويلة ملء الكف كانها (رجل باب) ليرسلها الی العمري (3).
وكان اصحابه ايضا يدققون في خطه وياخذون منه نسخة لكي لايقعوا في محذور التزوير ، قال احمد بن اسحاق : « دخلت الی ابي محمد عليه السلام فسالته ان يكتب لانظر الی خطه فاعرفه اذا ورد ، فقال : نعم. ثم قال : يااحمد ، ان الخط سيختلف عليك ما بين القلم الغليظ والقلم الدقيق فلا تشكن ، ثم دعا بالدواة » (4).
وكان الوكلاء والقيمون يحتاطون كثيرا في ايصال المال الامام عليه السلام وفي حمل مكاتباته وتواقيعه ، فتجد اوثق وكلائه واعظمهم شاناعثمان بن سعيد العمري السمان ، يتجربالسمن تغطية علي هذا الامرـ يعني علي نشاطه في مصلحة الائمة عليه السلام ـ وكان الشيعة اذا حملوا الی ابي محمد عليه السلام مايجب عليهم حمله من الاموال انفذوا الی ابي عمروا ، فيجعله في جراب السمن وزقاقه ، ويحمله الی ابي محمد عليه السلام تقية وخوفا (5).
ان المتبع لدراسة حياة الامامين العسكريين عليهما السلام يري ان المكاتيب والتواقيع قد اتخذت حيزاً واسعاً من مساحة تراثهما (6) ، كمايتبين له دورها في تعميق الوعي الاسلامي الاصيل ، وتعزيز مبادي مدرسة اهل البيت عليهم السلام ، والتمهيد لغيبة ولده الحجة عليه السلام من بعده ، فضلا عن المزيد من المكاتبات المتعلقة بالابواب الفقهية والمسائل الشرعية المبثوثة في كتب الفقه والمجاميع الحديثية ، وكان للوكلاء دور رئيسي في ايصالها من والی الامام عليه السلام.
ومن بين وكلاء الامام العسكري عليه السلام : ابراهيم بن عبدة النيسابوري (7) ، وايوب بن نوح بن دراج النخعي (8) ، وجعفر بن سهيل الصيقل (9) ، وحفص بن عمرو العمري المعروف بالجمال (10) ، وعلي بن جعفر الهماني البركمي (11) ، والقاسم ابن العلاء الهمداني (12) ، وابوعمرو عثمان بن سعيد العمري ابنه محمد ، اللذان قال فيهما الامام العسكري عليه السلام علي ما رواه احمد بن اسحاق عنه عليه السلام : « العمري وابنه ثقتان فما اديا فعني يؤديان ، وما قالا فعني يقولان ، فاسمع لهما واطعهما ، فانهما الثقتان المامونان » (13). ومنهم ايضا محمد بن احمد بن جعفر القمي (14) ، ومحمد بن صالح بن محمد الهمداني (15) ، وغيرهم.
من هنا يتضح ان المراقبة والحصار والاقامة الجبرية وغيرها من الممارسات لم تقطع الامام عليه السلام بشكل كلي عن المناطق التي يتملك فيها اتباعا وجماهير تدين بامامته وتومن بمرجعيته ، بل استطاع ان يكسر بعض حاجز الحصار والاحتجاب القسري بالمكاتبة والوكلاء ، واتاح له هذا الاسلوب ان يمهد ذهنية شيعته كي تتقبل امر الغيبة دون مضاعفات وتداعيات قد تكون غير محمودة لولا هذا التمهيد.
ايداعه عليه السلام السجن
تعرض الامام العسكري عليه السلام خلال خلافة المعتز والمهتدي والمعتمد الی السجن اكثر من مرة ، وكانوا يوكلون به اشخاصا من ذوي الغلظة علي ال ابي طالب والعداء لاهل البيت عليه السلام من امثال : علي بن اوتامش (16) ، واقتامش (17) ،ونحرير (18) ، وعلي بن جرين ، وكان المعتمد يسال علي بن جرين عن اخباره عليه السلام في كل مكان و وقت ، فيخبره انه يصوم النهار ويصلي الليل (19) ، كما كان العباسيون يدخلون علي بعض مسؤولي السجن ومنهم صالح بن وصيف ، فيوصونه بان يضيق عليه ويؤذيه (20).وكانوا لايفارقونه حتي في الاعتقال حيث كانت الرقابة السرية تطارده واصحابه بدس الجواسيس بين اصحابه في السجن ، وكان احدهم يدعي انه علوي وهو جمحي ، وقد هيا كتابا جعله في طيات ثيابه كتبه الی السلطان يخبره بما يقولون ويفعلون (21).
ويصف ابو يعقوب اسحاق بن ابان طريقة حراسة السجن الذي يودع فيه الامام عليه السلام ومراقبته الصارمة بقوله : « ان الموكلين به لايفارقون باب الموضع الذي حبس فيه عليه السلام بالليل والنهار ، وكان يعزل الموكلون ويولي اخرون بعد انتجدد عليهم الوصية بحفظه والتوفر علي ملازمة بابه » (22).
اما موقف الامام عليه السلام من السجن والسجانين ، فهو اقامة الحجة الواضحة عليهم عن طريق افعاله وزهده وعبادته وصلاحه ، وقد استطاع من خلال هذا الاسلوب ان يفرض هيبته علي غالبيتهم ، حتي ان بعضهم يرتعد خوفا وفزعا بمجرد ان ينظر الیه ، قال بعض الاتراك الموكلون به حينما كان في سجن صالح بن وصيف : « ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله ، ولايتكلم ولايتشاغل بغير العبادة ، فاذا نظر الینا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لانملكه من انفسنا » (23).
وحينما حل في سجن علي بن اوتامش ، وكان شديد العداوة لال البيت عليه السلام غليظا علي ال ابي طالب ، فضلا عن انه اوصي من قبل السلطة بان يفعل به ويفعل علي ماجاء في الرواية ، لكنه تاثر بهدي الامام عليه السلام ومكارم اخلاقه ، فوضع خده علي الارض تواضعا له ، وكان لايرفع بصره الیه اجلالا واعظاما ، وخرج من عنده وهو احسن الناس بصيرة واحسنهم فيه قولا (24).
وحينما اوصي العباسيون صالح بن وصيف عندما حبس ابومحمد الحسن العسكري عليه السلام عنده بان يضيق عليه ، قال لهم صالح وهو يلعن اعتذاره وعجزه عن هذا الامر : « ما اصنع به وقد وكلت به رجلين من شر من قدرت عليه ، فقدصاروا من العبادة والصلاة والصيام الی امر عظيم ». (25)
ملاحقة شيعته وموالیه
طاردت السلطة شيعة الامام باعتبارهم قاعدته ، ولاحقت اصحابه ورواد مدرسته باعتبارهم عمقة القادر علي التاثير والاستقطاب ، وتعرضوا للسجن والتشريد والقتل ، وكانوا يعرضون علي السيف لمجرد اعتقادهم بامامته بشهادة ابرز وزراء البلاط انذاك ، وهو عبيدالله بن يحيي بن خاقان ، فقد روي عنه ابنه وهو احمد بن عبيدالله الذي كان يتولي الضياع والخراج في قم انه قال : « لمادفن (الامام العسكري عليه السلام) جاء جعفر بن علي اخوه الی ابي (عبيدالله بن خاقان) فقال : اجعل لي مرتبة اخي وانا اوصل الیك في كل سنة عشرين الف دينار ، فزبره ابي وقال له : يااحمق ، ان السلطان جرد سيفه في الذين زعموا ان اباك واخاك ائمة ليردهم عن ذلك فلم يتهيا له ذلك » (26).وفي ربيع الاول سنة 254هـ قتلوا الكثير من اصحاب الائمة وشيعتهم في قم التي تشكل قاعدة مهمة من قواعد الامام عليه السلام ، فقد نقل المؤرخون ان مفلحا وباجور اوقعا باهل قم في هذه السنة فقتلا منهم مقتلة عظيمة (27).
وكان بعض الاصحاب يكتبون الی الامام عليه السلام مستغيثين من ضيق الحبس وثقل الحديد ، وقسوة العمال وظلمهم ، والفقر وقلة ذات الید ، فيهرع عليه السلام الی سلاح الانبياء ليعينهم بالدعاء علي نوائب الدهر.
وبلغت قسوة العمال اشدها معهم ، فكان موسي بن بغا يعاقب بالف سوط او القتل ، وللامام عليه السلام دعاء طويل قنت فيه عليه لما شكاه اهل قم لظلمه وجوره ، وطلب منهم ان يقنتوا عليه كذلك.
وتعرض كثير منهم للمطاردة والسجن ، وقد اشارابن الطباغ المالكي الی ذلك في معرض حديثه عن الخلف الحجة حيث قال : « خلف ابومحمد الحسن من الولد ابنه الحجة عليه السلام القائم المنتظرلدولة الحق ، وكان قد اخفي مولده وستر امره لصعوبة الوقت وشدة طلب السلطان وتطلبه للشيعة وحبسهم والقبض عليهم » (28).
وسجن بعضهم مع الامام العسكري عليه السلام، وكان منهم ابو هاشم داود بن القاسم الجعفري ، والقاسم بن محمد العباسي ، ومحمد بن عبيدالله ، ومحمد بنابراهيم العمري ، والحسين بن محمد العقيقي (29) وغيرهم.
ولم تنته هذه المحاولات حتي بعد شهادة الامام العسكري عليه السلام مسموما سنة 260هـ ، اذ تحدثت المصادر عن القاء حلائله واصحابه في السجن ، وانه جري عليهم كل عظيم من اعتقال وتهديد وتصغير واستخفاف وذل (30).
اما موقفه عليه السلام مما يجري علي اصحابه ، فيمكن تلخيصه في ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الاول : الدعاء علي اعدائهم
وقد ذكرنا انفا انه عليه السلام كان يرفدهم بالدعاء في احرج الظروف واحوجها ، ومن ذلك الدعاء الذي وراه عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : كنت عند مولاي ابي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه ، اذ وردت الیه رقعة من الحبس من بعض موالیه ، يذكر فيها ثقل الحديد وسوء الحال وتحامل السلطان ، فكتب الیه : « ياابا عبدالله ، ان الله عليه السلام يمتحن عباده ليختبر صبرهم ، فيثيبهم علي ذلك ثواب الصالحين ، فعليك بالصبر ، واكتب الی الله عزوجل رقعة وانفذها الی مشهد الحسين بن علي صلوات الله عليه ، وارفعها عنده الی الله عزوجل ، وادفعها حيث لايراك احد ، واكتب في الرقعة »ثم اورد دعاء طويلاكان منه قوله : « اللهم اني قصدت بابك ، ونزلت بفنائك ، وعتصمت بحبلك ، واستغثت بك ، واستجرت بك ، ياغياث المستغيثين اغثني ، يا جارالمستجيرين اجرني ، يااله العاملين خذ بيدي ، انه قد علا الجبارة في ارضك ، وظهروا في بلادك ، واتخذوا اهل دينك خولا ، واستاثروا بفيء المسلمين ، ومنعوا ذوي الحقوق حقوقهم التي جعلتها لهم ، وصرفوها في الملاهي والمعازف ، واستصغروا الاءك ، وكذبوا اولياءك ، وتسلطوا بجبريتهم ليعزوا من اذللت ، ويذلوا من اعززت ، واحتجبوا عمن يسالهم حاجة ، اومن ينتجع منهم فائدة... » (31).وفي هذا الدعاء يشير الامام العسكري عليه السلام الی مظاهر الفوضي والفساد والظلم التي طبعت الحياة السياسية انذاك ، فذكر استئثار رجالات السلطة بفيء المسلمين ، ومنعهم ذوي الحقوق حقوقهم التي جعلها الله لهم ، وتبديدها في اسباب اللهو علي حساب فقر الفقراء والمصالح التي تفوت بذلك. ومن دعاء طويل له عليه السلام علي موسي بن بغا الذي شكاه اهل قم لجوره وظلمه ، قال عليه السلام : « اللهم وقد شملنا زيغ الفتن ، واستولت علينا غشوة الحيرة ، وقارعنا الذل والصغار ، و حكم علينا غير المامونين في دينك ، وابتز امورنا معادن الابن (الابن : جمع ابنة ، الحقد والعداوة والعيب) ممن عطل حكمك ، وسعي في اتلاف عبادك ، وافساد بلادك.
اللهم وقد عاد فيئنا دولة بعد القسمة ، وامارتنا غلبة بعد المشورة ، وعدنا ميراثا بعد الاختيار للامة ، فاشتريت الملاهي والمعازف بسمهم الیتيم والارملة ، وحكم في ابشار المومنين اهل الذمة (32) ، وولي القيام بامورهم فاسق كل قبيلة ، فلا ذائد يذودهم عن هلكة ، ولاراع ينظر الیهم بعين الرحمة ، ولاذو شفقة يشبع الكبد الحري من مسغبة ، فهم اولو ضرع بدار مضيعة ، واسراء مسكنة وحلفاء كابة وذلة. اللهم وقد استحصد زرع الباطل ، وبلغ نهايته ، واستحكم عموده ، واستجمع طريده ، وخذرف وليده ، وبسق فرعه ، وضرب بجرانه ، اللهم فاتح له من الحق يدا حاصدة تصرع قائمه ، وتهشم سوقه ، وتجب سنامه ، وتجدع مراغمه ، ليستخفي الباطل بقبح صورته ، ويظهر الحق بحسن حليته. .. » (33).
الاتجاه الثاني : احسانه عليه السلام الیهم
وقد كان يامر قوامه ووكلاءه باالتخفيف من وطاة الفقر عن كواهلهم ، ويعطي المعوزين منهم ما يرفع عنهم اسباب العوز والحاجة ، وممن شملهم بره واحسانه ابوهاشم الجعفري ، وعلي بن ابراهيم بن موسي بن جعفر ، وابو يوسف الشاعر (34) ، وغيرهم.الاتجاه الثالث : تحذيرهم من الفتن
حيث كان عليه السلام يمارس دوره كقائد لموالیه واصحابه وراع لمصالحهم ومدافع عن قضاياهم في حدود فسحة ضيقة محكومة بالرقابة والضغط ، وعلي هذا الصعيد كان عليه السلام يحذرهم الاخطار والفتن المدحقة بهم ، ومن الوقوع في احابيل السلطة ، ويساعدهم في اخفاء نشاطهم بحسب الامكان ، ويهيء الجماعة الصالحة لغيبة ولده الحجة عليه السلام الذي يملا الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا. وفي هذا الاتجاه اوصي اصحابه ان يكونوا علي اهبة من فتنة تظلهم عند موت المعتز (35).وحذرهم من الاذاعة وطلب الرئاسة مشددا علي التقوي واداء الامانة ، فقد جاء في الرسالة له عليه السلام الی بعض بني اسباط : « اياك والاذاعة وطلب الرئاسة ، فانهما يدعوان الی الهلكة...واقرا من تثق به من موالی السلام ، ومرهم بتقوي الله العظيم واداء الامانة واعلمهم ان المذيع علينا حرب لنا » (36).
واكد علي الكتمان والحيطة حتي انه عليه السلام قال لاحد اصحابه : « اذا سمعت لنا شاتما فامض لسبيلك التي امرت بها ، واياك ان تجاوب من يشتمنا ، او تعرفه من انت ، فاننا ببلد سوء ومصر سوء » (37).
وقال لاحد اصحابه حينما اراد ان يصرح بامامته عليه السلام : « انما هو الكتمان او القتل ، فاتق الله علي نفسك » ، وفي رواية : « فابقوا علي انفسكم » (38).
وبلغت درجة الحيطة لديه عليه السلام انه اوصي بعض اصحابه ان لايسلم عليه او يدنو منه ، فقد ترصده اصحابه يوما عند ركوبه الی دار الخلافة ليسلموا عليه ، فخرج التوقيع منه عليه السلام الیهم : « الا لايسلمن علي احد ، ولايشير الی بيده ، ولا يومئ ، فانكم لاتامنون علي انفسكم » (39).
ونادي عليه السلام يوما حمزة بن محمد بن احمد بن علي بن الحسين بن علي ، وقد اراد الاقتراب منه حينما خرج مع السلطان واحس منه خلوة : « لا تدن مني ، فان علي عيونا ، وانت ايضا خائف » (40).
مواقف العباسيين :
لغرض استجلاء موقف السلطة من الامام لابد من استعراض موقف الحاكمين من بني العباس علي انفراد حسب التسلسل التاريخي ، وقد ذكرنا ان الامام العسكري عليه السلام عاصر في سني امامته (254 ـ 260هـ) شطرا من خلافة المعتز والمهتدي وبعض سني خلافة المعتمد ، لكنا سوف نذكر بعضا من مواقف المتقدمين الذين عاصروا الامام العسكري عليه السلام منذ ولادته الی ان تسنم الامامة (232 ـ 254هـ) ومع كون هذه المدة تقع ضمن فترة امامة ابيه لكن الامام العسكري عليه السلام واكب احداثها وعاني ومن اثارها وعاش شتي الصعوبات والظروف القاسية التي واجهت اباه من قبل؛منذ استدعائه من المدينة الی سامراء حتي وفاته مرورا بالحصار والاقامة والاعتقال محاولات الاغتيال.علي انه لم ينقل لنا التاريخ تفاصيل العلاقة بين الامام عليه السلام وبين كل واحد من خلفاء عصره ، عدا اخبار اعتقاله وتنبؤاته بموت بعضهم او قتله ، وموقف الخلفاء من الشيعة بشكل عام والطالبيين بشكل خاص الذين طالهم السجن والتشريد والقتل صبرا علي يد اجهزة السلطة.اولا ـ المتوكل (232 ـ 247هـ)
وهو جعفر بن المعتصم بن الرشيد ، بويع بعده وفاة اخيه الواثق في ذي الحجة سنة232هـ ، وكان عمر الامام العسكري عليه السلام نحو ثمانية اشهر ونصف ، اذ ولد عليه السلام في الثامن من ربيع الاخر سنة232.ان السمة الغالبة علي المتوكل هي النصب والتجاهر لال البيت عليهم السلام والحقد السافر عليهم وعلي من يمت لهم بصلة نسب او ولاء ، وقد اجمع علي هذا الامر غالبية المؤرخين حتي : اولئك اعتبروه ناصرا للسنة وشبهوه بالصديق وعمر بن عبد العزيز.
قال السيوطي : « كان المتوكل معروفا بالتعصب »
وقال الذهبي : « كان المتوكل فيه نصب وانحراف »
وقال ابن الاثير : « كان المتوكل شديد البغض لعلي بن ابي طالب ولاهل بيته ، وكان يقصد من يبلغه عنه انه يتولي عليا واهله باخذ المال والدم ، وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث ، وكان يشد علي بطنه تحت ثيابه مخدة ويكشف راسه وهو اصلع ويرقص بين يدي المتوكل ، والمغنون يغنون ، قد اقبل الاصلع البطين خليفة المسلمين ، يحكي بذلك عليا عليه السلام والمتوكل يشرب ويضحك...
وانما كان ينادمه ويجالسه جماعة قد اشتهروا بالنصب والبغض لعلي ، منهم : علي بن الجهم الشاعر الشامي من بني شامة بن لؤي ، وعمرو بن الفرج الرخجي ، وابو السمط من ولد مروان بن ابي حفصة من موالی بني اميه ، وعبدالله بن داود الهاشمي المعروف بابن اترجه ، وكانوا يخوفونه من العلويين ، ويشيرون عليه بابعادهم والاعراض عنهم والاساءة الیهم ، ثم حسنوا له الوقيعة في اسلافهم الذين يعتقد الناس علو منزلتهم في الدين ، ولم يبرحوا به حتي ظهر منه ما كان... » (41).
ولايمكن ان يجرا احد من هؤلاء الذين ذكرهم ابن الاثير علي النيل من امير المؤمنين عليه السلام وعموم اهل البيت امام احد سلاطين بني العباس ، لولا علمهم المسبق بعداء ذلك (الخليفة) السافر لاهل البيت عليهم السلام وحقده المقيت عليهم ، وحرصه علي تشجيع ثقافة النصب و البغض و افشائها في اوساط الناس عن طريق بعض المرتزقة من الشعراء وغيرهم.
ومن هنا كان زمان المتوكل ايذانا ببدء عهد الظلم والتعسف علي اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم؛لان المتوكل امعن في التنكيل بهم واسرف في القتل والحبس والحصار والتشريد وصنوف الاذي والعنت ، وفيما يلي نذكر بعض اجراءاته في هذا الاتجاه :
1ـ استدعاء الامام الهادي الی سامراء وايذاؤه
كان المتوكل حريصا علي محاصرة الامام الهادي عليه السلام ووضعه تحت الرقابة وعزله عن الجمهور المسلم الذي كان ينتفع به ويعظمه وعن شيعته وموالیه في المدينة ، لهذا كتب باشخاصه مع اهل بيته وموالیه ، من مدينة جده صلى الله عليه و اله يثرب الی عاصمة الملك العباسي انذاك سامراء.
اسباب الاستدعاء
انما ينطلق المتوكل في كل مواقفه مع الامام الهادي عليه السلام عليه السلام وشيعته من البغض الذي يكنه لاهل بيت النبوة ، وفضلا عن ذلك فقد ذكر المؤرخون سببين مرتبطين دفعاالمتوكل الی اشخاص الامام عليه السلام سامراء وهما :السبب الاول : هاجس الخوف الذي يراود المتوكل من انصراف الناس الی الامام عليه السلام لما عمله من التفاف الناس حوله في المدينة ، نقل سبط ابن الجوزي عن علماء السير قولهم : « انما اشخصه المتوكل الی بغداد ، لان المتوكل كان يبغض عليا عليه السلام وذريته ، فبلغه مقام علي عليه السلام بالمدينة ، وميل الناس الیه فخاف منه » (42).
وعبرعن هذا المعني ايضا يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط ، قال : « بلغني ان الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه ، لئلا تنصرف الیه وجوه الناس ، فيخرج هذا الامر عنهم ، يعني بني العباس » (43).
والامام عليه السلام لم يكن في موقع الدعوة الی الثورة ضد الخلافة العباسية ، لان الظروف الموجودة انذاك لم تكن تسمح بمثل هذا العمل ، وقد عرف الامام عليه السلام بعد استدعائه هواجس نفس المتوكل ، فبين له انه ليس همه استلام السلطة ولاتنزع نفسه الكريمة الی شيء من هذا الحطام ، وذلك حينما استعرض المتوكل جيشه بحضور الامام عليه السلام وقد بلغ تسعين الفا من الترك ، فقال عليه السلام : « نحن لاننافسكم في الدنيا ، نحن مشتغلون بامرالاخرة ، ولاعليك مما تظن » (44).
السبب الثاني : الدور الذي مارسه بعض الحاقدين من عمال بني العباس في الوشاية بالامام الی المتوكل ، ومنهم عبدالله بن محمد بن داود الهاشمي ، المعروف بابن اترجة اوبريحة (45) ، وكان يتولي ادارة الحرب والصلاة في الحرمين.
قال المسعودي : كتب بريحة...الی المتوكل : ان كان لك في الحرمين حاجة فاخرج علي بن محمد منها ، فانه قد دعا الناس الی نفسه واتبعه خلق كثير؛وتابع كتبه الی المتوكل بهذا المعني (46).
وقال الشيخ المفيد : سعي بابي الحسن عليه السلام الی المتوكل ، وكان يقصده بالاذي (47).
وقال الیعقوبي : كتب الی المتوكل يذكر ان قومايقولون انه الامام (48).
ومهما يكن فان افعال الوشاة توقظ شكوك المتوكل واحقاده وتثير توجسه الكامن في نفسه تجاه الامام عليه السلام .
كتاب الاستدعاء
ذكر الشيخ المفيد انه لما اباالحسن عليه السلام سعاية عبدالله بن محمد به ، كتب الی المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه ويكذبه في ماوشي به الیه ، فتقدم المتوكل باجابة الامام عليه السلام بكتاب دعاه فيه الی حضور العسكر علي جميل الفعل والقول. ثم اورد نسخة الكتاب.وكان جواب المتوكل الذي استدعي بموجبه الامام عليه السلام الی سامراء هادئا لينا ، تظاهر فيه بتعظيم الامام عليه السلام واكرامه ، و وعده فيه باللطف والبر ، وذكر فيه براءته مما نسب الیه واتهم به من التحرك ضد الدولة ، وانه امر بعزل الوالی الذي سعي به ـ وهو عبدالله بن محمد ـ عن منصبه و ولي محله محمد بن الفضل ، وادعي في اخر الكتاب انه مشتاق الی الامام عليه السلام ، ثم افضي الی بيت القصيد وهو ان يشخص الامام عليه السلام الی سامراء مع من اختارمن اهل بيته وموالیه ، وان يرافقه يحيي بن هرثمة الذي ارسله لاداء هذه المهمة علي راس الجند.
ولا يعدو كتاب المتوكل كونه مناورة حاول الالتفاف من خلالها علي الامام عليه السلام واحتواء نشاطه ، او قل هو صيغة دبلوماسية من قبيل ذر الرماد في العيون ، اذ لم يكن المتوكل صادقا فيما وعد ، فحينما دخل يحيي بن هرثمة المدينة فتش دارالامام عليه السلام حتي ضج اهل المدينة ، ولما وصل ركب الامام عليه السلام الی سامراء احتجب عنه المتوكل في الیوم الاول ، ونزل عليه السلام الامام في خان الصعالیك ، وامر بتفتيش داره في سامراء مرات عديدة ، ولم يمض مزيد من الوقت حتي عزل محمد بن الفضل وولي مكانه محمد بن الفرج الرخجي المعروف بعدائه السافر لال البيت عليهم السلام.
ويبدوا ان المتوكل قد صاغ كتابه بصيغة الرجاء ، وكانه ترك للامام عليه السلام الخيار في الشخوص او البقاء ، غيرانه الاكراه بعينه ، اذ انه بعث الكتاب مع الجند وقادتهم الذي ارسلهم لاداء مهمة اشخاص الامام ، ثم (ان الامام ان لم يذهب حيث امره يكون قد اثبت تلك التهمة علي نفسه ،واعلن العصيان علي الخلافة ، وكلاهما مما لاتقتضية سياسة الامام ) عليه السلام.
ولعل اوضح دليل علي الزام الامام عليه السلام بهذا الامر هو تصريحه عليه السلام بذلك في حديث رواه المنصوري عن عم ابيه ابي موسي ، ثم قال : « قال لي يوم الامام علي بن محمد عليه السلام : يا ابا موسي ، اخرجت الی سر من راي كرها... ».
المصادر :
1- المناقب لابن شهر اشوب4 : 446 ، الغيبة/الشيخ الطوسي : 215/179
2- الغيبة للشيخ الطوسي : 206/174ـ مؤسسة المعارف الاسلامية ـ قم ـ 1417هـ ، بحارالانوار50 : 276/50.
3- الرواية في مناقب ابن شهر اشوب4 : 460.
4- المناقب لابن شهراشوب4 : 466 ، بحارالانوار50 : 286.
5- الغيبة الطوسي : 354/314.
6- المجلد الثاني من كتاب (معادن الحكمة في مكاتيب الائمة عليهم السلام) للمولي محمد علم الهدي المتوفي سنة1115هـ
7- معجم رجال الحديث1 : 250/205.
8- رجال النجاشي : 102/254.
9- معجم رجال الحديث4 : 73/2169.
10- معجم رجال الحديث6 : 144/3800.
11- معجم رجال الحديث11 : 293/7968.
12- راجع : مصباح المجتهد للشيخ الطوسي : 826 ـ اعمال شعبان ـ بيروت ـ مؤسسة فقه الشيعة ـ 1411هـ .
13- الغيبة للشيخ الطوسي : 360/322.
14- معجم رجال الحديث14 : 318/10080.
15- معجم رجال الحديث16 : 184/10967.
16- في بعض المصادر : بارمش اونارمش.
17- اصول الكافي/للشيخ الكليني1 : 508/8باب مولد ابي محمد الحسن
18- اصول الكافي1 : 513/26 من الباب السابق ، الارشاد2 : 334.
19- اثبات الوصية/المسعودي : 253 ـ انصاريان ـ قم ـ 1417هـ ، مهج الدعوات/: 343 ، بحارالانوار50 : 314.
20- اصول الكافي1 : 512/23 من الباب السابق ، الارشاد2 : 334 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 462.
21- المناقب لابن شهر اشوب4 : 470 ، اعلام الوري2 : 141 ، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي2 : 682/1و2 ، بحار الانوار50 : 54/10و312/10.
22- بحارالانوار50 : 304/80عن عيون المعجزات.
23- الكافي1 : 512/23من الباب السابق ، الارشاد2 : 334.
24- الكافي1 : 508/8 من الباب المتقدم ، الارشاد2 : 329.
25- الكافي1 : 512/23 من الباب المتقدم ، الارشاد2 : 334.
26- اصول الكافي1 : 505/1من الباب المتقدم ، الرشاد2 : 324.
27- تاريخ الطبري9 : 381 ، الكامل في التاريخ6 : 196. حوادث سنة 254هـ .
28- اصول الكافي1 : 508/10 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 466و 468 ، كشف الغمة/الاربلي3 : 314 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي2 : 1083 ـ دارالحديث ـ قم ـ 1422هـ ، بحارالانوار50 : 292/66. المناقب لابن شهر اشوب4 : 460 ، بحارالانوار50 : 282/59. مهج الدعوات : 67 ، بحارالانوار85 : 230. الفصول المهمة2 : 1091.
29- الغيبة للشيخ الطوسي : 227/194 ، الفصول المهمة2 : 1084 ، بحار الانوار50 : 306/2و312/10.
30- الارشاد2 : 336.
31- بحارالانوار/المجلسي102 : 238/5 عن الكتاب العتيق للغروي ـ المكتبة الاسلامية.
32- الكامل في التاريخ6 : 116 سير اعلام النبلاء13 : 326/149.
33- مهج الدعوات لابن طاووس : 67 ـ طهران ـ 1323هـ ، بحارالانوار85 : 229/1.
34- اصول الكافي1 : 506/3و507/10 ، بحارالانوار50 : 294/69.
35- كشف الغمة3 : 295 ، بحارالانوار50 : 298/72.
36- كشف الغمة3 : 293 ، بحار النوار 50 : 296 ـ 297.
37- المناقب لابن شهر اشوب4 : 461.
38- اثبات الوصية : 251 ، كشف الغمة3 : 302 ، بحارالنوار50 : 290/63.
39- الخرائج والجرائح1 : 439/20 ، بحارالانوار50 : 269/24.
40- الثاقب في المناقب/لابي جعفر محمد بن علي الطوسي : 573/520 ـ دارالزهراء ـ 1411.
41- الكامل في التاريخ6 : 108 ـ 109.
42- تذكرة الخواص : 322.
43- دلائل الامامة/الطبري : 419/382 ـ مؤسسة البعثة ـ قم ـ1413هـ ، نوادر المعجزات/الطبري : 188/7 ـ مؤسسة الامام المهدي عليه السلام ـ قم 1410هـ .
44- الخرائج والجرائح1 : 414/19 ، الثاقب في المناقب : 557 ، كشف الغمة3 : 185 ، بحارالانوار50 : 155/44.
45- او بريهة ، راجع : الكامل في التاريخ6 : 245.
46- اثبات الوصية : 233.
47- الارشاد2 : 309.
48- تاريخ الیعقوبي2 : 484.
/ج