علي بن يقطين

علي بن يقطين بن موسى البغدادي مسكناً ، والكوفي أصلاً ، مولى بني أسد يكنى أبا الحسن ، من وجوه هذه الطائفة ، جليل القدر ، وقد ضمن له الإمام الكاظم (علیه السلام)الجنة وأن لا تمسه النار ، وفي الكشي أحاديث دلت على عظم شانه وجلالة
Monday, September 22, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
علي بن يقطين
 علي بن يقطين

 






 

علي بن يقطين بن موسى البغدادي مسكناً ، والكوفي أصلاً ، مولى بني أسد يكنى أبا الحسن ، من وجوه هذه الطائفة ، جليل القدر ، وقد ضمن له الإمام الكاظم (علیه السلام)الجنة وأن لا تمسه النار ، وفي الكشي أحاديث دلت على عظم شانه وجلالة قدره ، وأنه كان يحمل إلى الإمام الكاظم (علیه السلام)أموالاً طائلة ، فربما حمل مائة ألف إلى ثلاثمائة ألف ، وكان علي يبعث في كل سنة من يحج عنه حتى أحصى له في بعض السنين مائة وخمسين أو ثلاثمائة ملبي ، وكان يعطي بعضهم عشرة آلاف وبعضهم عشرين ألف ، مثل الكاهلي وعبد الرحمن بن الحجاج وغيرهما ، ويعطي أدناهم ألف درهم ، له كتب رواها عنه أبنه الحسن وأحمد بن هلال مات سنة 182 في أيام حياة أبي الحسن الكاظم ببغداد ، وأبو الحسن في سجن هارون وقد بقى فيه أربع سنين . كان علي بن يقطين وزيراً اهارون الرشيد وكان يشرف على بلاد واسعة وكان من أقرب المستشارين لهارون الرشيد وفي الوقت ذاته كان من الموالين لأهل البيت (علیه السلام)(1)
أن سياسة التقية أو العمل السري لم تكن سياسة مرحلية مؤقتة ، بل كانت بمثابة استراتيجية عمل بعيدة المدى ، فلعل أئمة الهدى رأوا أن تمكين رجالهم من مراكز الحكم بصورة أو بأخرى ، أفضل وسيلة لإصلاح أمر الأمة ، ولم يجدوا حاجة إلى التغيير السريع في قمة الهرم السلطوي ، وتحمل مسؤوليات الحكم بصورة مباشرة وحتى ولو لم يكن بناء الأمة الحضاري قد بلغ من النصج ما يحتمل نظاماً إلهيّاً ، كالذي كان أهل البيت (علیه السلام)يريدونه .
وبتعبير آخر : إن استراتيجية ( التقاطع ) مع نظام الحكم وذلك بالسيطرة على مراكزه الهامة ، وشل قدرته من الداخل عن المعارضة ربما كانت الاستراتيجية المثلى لتلك الظروف .

قصة الدرّاعة :

في الوقت الذي كان علي بن يقطين مقرباً إلى الرشيد ، كان جواسيسه لا يفتأون يحيطون به وبسائر الوزراء ، إذ كان هاجس موالاة وزراءه للإمام الحق موسى بن جعفر (علیه السلام)يلاحق الرشيد ليل نهار ، إلاّ أن العلم الإلهي الذي كان لأئمة آل البيت (علیه السلام)منع الرشيد من إثبات أي شيء بحق علي بن يقطين ، كما أن انضباط علي بن يقطين وشدة التزامه بالأوامر القيادية فوّتت على الرشيد فرصاً كثيرة ، ومنها ما ذكرت قصة الدرّاعة التي نبيِّنها فيما يلي : -
روى إبراهيم بن الحسن بن راشد ، عن ابن يقطين قال : ( كنت واقفاً عند هارون الرشيد إذ جاءته هدايا ملك الروم ، وكان فيها درّاعة ديباج سوداء منسوجة بالذهب لم أر أحسن منها ، فرآني أنظر إليها فوهبها لي ، وبعثتها إلى أبي إبراهيم (علیه السلام)ومضت عليها برهة تسعة أشهر وانصرفت يوماً من عند هارون بعد أن تغدّيت بين يديه ، فلمّا دخلت داري قام إليّ خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل على يده وكتاب لطيف ختمه رطب ، فقال : أتاني بهذا رجل الساعة فقال : أوصله إلى مولاك ساعة يدخل ، ففضضتُ الكتاب وإذ به كتاب مولاي أبي إبراهيم (علیه السلام)وفيه : يا علي هذا وقت حاجتك إلى الدرّاعة وقد بعثت بها إليك ، فكشفت طرف المنديل عنها ورأيتها وعرفتها ، ودخل عليّ خادم هارون بغير إذن فقال : أجب أمير المؤمنين .
قلت : أيًّ شيء حدث ؟ قال لا أدري .
فركبت ودخلت عليه ، وعنده عمر بن بزيع واقفاً بين يديه فقال : ما فعلت بالدرّاعة الّتي وهبتك ، قلت : خلع أمير المؤمنين عليّ كثير من دراريع وغيرها فعن أيّها يسألني ؟ قال : درّاعة الديباج السوداء الرّومية المذهّبة ، فقلت : ما عسى أن أصنع بها ألبسها في أوقات وأصلّي فيها ركعات ، وقد كنت دعوت بها عند منصرفي من دار أمير المؤمنين السّاعة لألبسها ، فنظر إلى عمر بن بزيع فقال : قل يحُضرها ، فأرسلت خادمي جاء بها ، فلمّا رآها قال : يا عمر ما ينبغي أن تنقل على عليّ بعد هذا شيئاً ، قال : فأمر لي بخمسين ألف درهم حملت مع الدرّاعة إلى داري ، قال عليّ بن يقطين : وكان الساّعي ابن عم لي فسوَّد اللـه وجهه وكذَّبه والحمد لله ) (2)

سرية الاتصالات :

كيف كان يتم الاتصال بين الإمام موسی بن جعفر عليهما السلام وبين شيعته المتخفّين من أمثال علي بن يقطين ؟
نحن لا نعرف مزيداً من التفاصيل حول طبيعة الاتصالات ، إلاّ أن الباحث باستطاعته أن يتعرف على القضايا من خلال بعض الأخبار المتناثرة ، وهكذا الحادثة الثانية تبين أبعاد الاتصالات السرية التي كانت تتم بين أئمة الهدى وشيعتهم .
عن محمد بن مسعود ، عن الحسين بن شكيب ، عن بكر بن صالح ، عن إسماعيل بن عباد القصري، عن إسماعيل بن سلام وفلان بن حميد ، قالا : ( بعث إلينا علي بن يقطين فقال : اشتريا راحلتين ، وتجنبا الطريق - ودفع إلينا أموالاً وكتباً - حتى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن موسى (علیه السلام)ولا يعلم بكما أحد ، قال : فأتينا الكوفة واشترينا راحلتين وتزوّدنا زاداً ، وخرجنا نتجنب الطريق ، حتى إذا صرنا ببطن الرمة شددنا راحلتنا ، ووضعنا لها العلف ، وقعدنا نأكل ، فبينما نحن كذلك ، إذ راكب قد أقبل ومعه شاكري ، فلما قرب منَّا فإذا هو أبو الحسن موسى (علیه السلام)، فقمنا وسلّمنا عليه ، ودفعنا إليه الكتب وما كان معنا ، فأخرج من كمّه كتباً فناولنا إيّاها فقال : هذه جوابات كتبكم .
قال : فقلنا : إنّ زادنا قد فني فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة ، فزرنا رسول اللـه وتزوّدنا زاداً فقال : هاتا ما معكما من الزّاد ، فأخرجنا الزّاد إليه فقلّبه بيده فقال : هذا يبلّغكما إلى الكوفة ، وأما رسول اللـه (صلی الله عليه وآله وسلم) فقد رأيتماه ، إني صليت معهم الفجر ، وإنّي أريد ان أصلي معهم الظهر ، انصرفا في حفظ اللـه ) (3)

التقية حتى في كيفية الوضوء :

وفشلت محاولات الوشاة ورجال مباحث النظام في كشف حقيقة علي بن يقطين ، فقام الرشيد بنفسه بعملية التجسس عليه ، فكانت عاقبته الفشل أيضاً كما في الخبر التالي : -
روى محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضل قال : ( اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء هو من الأصابع إلى الكعبين ؟ أم من الكعبين إلى الأصابع ؟ فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى (علیه السلام)أن أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب إليّ بخطك ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء اللـه ، فكتب إليه أبو الحسن (علیه السلام): فهمتُ ما ذكرتَ من الاختلاف في الوضوء والذي آمرك به في ذلك فأن تتمضمض ثلاثاً وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلل شعرلحيتك وتمسح رأسك كله ، وتمسح ظاهر أذنيك . وباطنها ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ولا تخالف ذلك إلى غيره .
فلما وصل الكتاب إلى عليّ بن يقطين تعجب بما رسم فيه ، ممّا أجمع العصابة على خلافه ، ثم قال : مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره ، وكان يعمل في وضوئه على هذا الحدّ ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالاً لأمر أبي الحسن (علیه السلام)، وسعي بعليّ بن يقطين إلى الرشيد ، وقيل له : إنه رافضي مخالف لك .
فقال الرشيد لبعض خاصّته : قد كثر عندي القول في عليّ بن يقطين والقذف له بخلافنا وميله إلى الرفض ولست أرى في خدمته لي تقصيراً ، وقد امتحنته مراراً فما ظَهَرْتُ منه على ما يُقذف به ، وأحبّ أن استبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك فيتحرز منّي .
فقيل له : إنّ الرّافضة يا أمير المؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخفّفه ولا ترى غسل الرّجلين فامتحنه يا أمير المؤمنين من حيث لا يعلم ، بالوقوف على وضوئه ، فقال : أجل إنّ هذا الوجه يظهر به أمره ، ثم تركه مدّة وناطه بشيء من الشغل في الدّار ، حتّى دخل وقت الصلاة ، وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه وصلاته ، فلمّا دخل وقت الصلاة وقف الرّشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى عليّ بن يقطين ، ولا يراه هو، فدعا بالماء للوضوء ، فتمضمض ثلاثاً ، واستنشق ثلاثاً ، وغسل وجهه ثلاثاً ، وخلّل شعر لحيته ، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ، ومسح رأسه وأذنيه ، وغسل رجليه والرشيد ينظر إليه .
فلما رأه وقد فعل ذلك ولم يملك نفسه حتّى أشرف عليه بحيث يراه ، ثمّ ناداه : كذب يا علي بن يقطين من زعم أنّك من الرافضة ، وصلحت حاله عنده ، وورد عليه كتاب أبي الحسن (علیه السلام): ابتداءً من الآن يا علي بن يقطين فتوضّأ كما أمر اللـه ، واغسل وجهك مرة فريضة ، وأخرى إسباغاً ، واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح مقدم رأسك وظاهر قدميك بنداوة وضوئك ، فقد زال ما كان يخاف عليك والسلام ) (4)
كان المسيّب نائب رئيس شرطة النظام سندي بن شاهك ، وكان موكلاً بسجن الإمام (علیه السلام)، وكان يوالي الإمام (علیه السلام)كما يظهر من بعض التواريخ ، وكان يتصل بالشيعة ويأمرهم بما يوصيه الإمام ، والواقع أن كثير ممن سجن الإمام عندهم قالوا بولايته لما شاهدوا منه من المعاجز ، فهذا بشّار مولى السندي بن شاهك يقول : ( كنت من أشد الناس بغضاً لآل أبي طالب (علیه السلام)، فدعاني السندي بن شاهك يوماً فقال لي : يا بشار إنّي أريد أن أئتمنك على ما ائتمنني عليه هارون ، قلت : إذن لا أبقي فيه غاية ، فقال : هذا موسى بن جعفر قد دفعه إلّي وقد وكّلتك بحفظه ، فجعله في دار دون حرمه ووكّلني عليه ، فكنت أقفل عليه عدّة أقفال ، فإذا مضيت في حاجة وكّلت امرأتي بالباب فلا تفارقه حتّى أرجع قال بشّار : فحوّل اللـه ما كان في قلبي من البغض حبّاً ، قال : فدعاني (علیه السلام)يوماً فقال : يا بشّار امضِ إلى سجن القنطرة فادع لي هند بن الحجاج وقل له : أبو الحسن يأمرك بالمصير إليه ، فإنّه سينهرك ويصيح عليك ، فإذا فعل ذلك ، فقل له : أنا قد قلت لك وابلغت رسالته ، فإن شئت فافعل ما أمرني ، وإن شئت فلا تفعل ، واتركه وانصرف ، قال : ففعلت ما أمرني وأقفلت الأبواب كما كنت أقفل وأقعدت امرأتي على الباب وقلت لها : لا تبرحي حتّى آتيك .
وقصدت إلى سجن القنطرة فدخلت إلى هند بن الحجّاج ، فقلت : أبو الحسن يأمرك بالمصير إليه ، قال : فصاح عليّ وانتهرني فقلت له : أنا قد أبلغتك وقلت لك ، فإن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل ، وانصرفت وتركته وجئت إلى أبي الحسن (علیه السلام)فوجدت امرأتي قاعدة على الباب والأبواب مغلقة ، فلم أزل أفتح واحداً منها حتى انتهيت إليه فوجدته وأعلمته الخبر ، فقال : نعم قد جائني وانصرف ، فخرجت إلى امرأتي فقلت لها : جاء أحد بعدي فدخل هذا الباب ؟ فقالت : لا واللـه ما فارقت الباب ولا فتحت الأقفال حتى جئت )(5)
المصادر :
1- باقتضاب عن شرح مشيخة الفقيه : ص47 عنه هامش كتاب البحار : ص 178 ، ج 48
2- موسوعة البحار : ج48 ص 59 - 60
3- نفس المصدر : ص 35
4- نفس المصدر : ص 38 - 39
5- نفس المصدر : ص 241



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.