وضوء النبي عن لسان أهل البيت عليهم السلام

إنّ أئمّة أهل البيت هم المرجع الثاني للمسلمين بعد كتاب اللّه فيما اختلفوا فيه، فإنّهم حفظة سنن رسول اللّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وعيبة علمه، فقد نصّ الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على ذلك في حديث الثقلين الذي اتّفق المسلمون على نقله
Friday, October 3, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
وضوء النبي عن لسان أهل البيت عليهم السلام
وضوء النبي عن لسان أهل البيت عليهم السلام

 






 

إنّ أئمّة أهل البيت هم المرجع الثاني للمسلمين بعد كتاب اللّه فيما اختلفوا فيه، فإنّهم حفظة سنن رسول اللّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وعيبة علمه، فقد نصّ الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على ذلك في حديث الثقلين الذي اتّفق المسلمون على نقله وصحته وقال: «إنّي تارك فيكم الثقلين، كتاب اللّه وعترتي».(1)
فإذا كانت هذه مكانة أهل البيت، فلنرجع إليهم في كيفيّة وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فإنّهم ارتشفوا من عذب معين، وحفظوا سنةّ الرسول بنقل كابر عن كابر، وإليك ما رووه:
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وأبي داود جميعاً، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ يقول: إنّ أبي كان يقول: إنّ للوضوء حدّاً من تعدّاه لم يؤجر، وكان أبي يقول: إنّما يتلدّد، فقال له رجل: وما حدّه؟ قال: تغسل وجهك ويديك، وتمسح رأسك ورجليك.(2)
2. علي، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر ـ عليه السَّلام ـ : «ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ؟» فقلنا: بلى، فدعا بقعب فيه شيء من ماء، ثم وضعه بين يديه، ثم حسر عن ذراعيه، ثم غمس فيه كفّه اليمنى، ثم قال: هكذا إذا كانت الكفّ طاهرة، ثم غرف فملأها ماءً فوضعها على جبينه، ثم قال: «بسم اللّه» وسدله على أطراف لحيته، ثم أمرّ يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها، ثم وضعه على مرفقه اليمنى وأمرّ كفّه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ثم غرف بيمينه ملأها، فوضعه على مرفقه اليسرى، وأمرّ كفّه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلّة يساره وبقية بلّة يمناه .
قال: وقال أبو جعفر ـ عليه السَّلام ـ : «إنّ اللّه وتر يحب الوتر، فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات: واحدة للوجه واثنتان للذراعين، وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلّة يمينك ظهر قدمك اليمنى، وتمسح ببلّة يسارك ظهر قدمك اليسرى»، قال زرارة: قال أبو جعفر ـ عليه السَّلام ـ : «سأل رجل أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ عن وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فحكى له مثل ذلك».(3)
3. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفر ـ عليه السَّلام ـ عن وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فدعا بطست أو تور فيه ماء، فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبّها على وجهه فغسل بها وجهه، ثم غمس كفّه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ لا يردها إلى المرفق، ثم غمس كفّه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى، ثم مسح رأسه وقدميه ببلل كفه، لم يحدث لهما ماءً جديداً، ثم قال: ولا يدخل أصابعه تحت الشراك، قال: ثم قال:إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول:(يا أيُّها الذِينَ آمنُوا إذا قُمتُم إلى الصلاةِ فاغسِلُوا وجُوهَكُم وأيدِيَكُم) .(4)
فليس له أن يدع شيئاً من يديه إلى المرفقين إلاّ غسله، لأنّ اللّه يقول: (اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)ثم قال: (وامسحوا برءُوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه.
قال: فقلنا: أين الكعبان؟ قال: ههنا، يعني: المفصل دون عظم الساق، فقلنا: هذا ما هو؟
فقال: هذا من عظم الساق، والكعب أسفل من ذلك.
فقلنا: أصلحك اللّه فالغرفة الواحدة تجزي للوجه وغرفة للذراع؟ قال: نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كلّه(5).
4. عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيوب، عن بكير ابن أعين، عن أبي جعفر ـ عليه السَّلا ـ قال: ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فأخذ بكفّه اليمنى كفّاً من ماء فغسل به وجهه، ثم أخذ بيده اليسرى كفّاً من ماء فغسل به يده اليمنى، ثم أخذ بيده اليمنى كفّاً من ماء فغسل به يده اليسرى، ثم مسح بفضل يديه رأسه ورجليه.(6)
(إِنّما يُريد اللّه ليذهبَ عَنكُمُ الرِّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً). (7)
نظرة عامّة في أخبار الغسل
قد تعرّفت على قضايا الكتاب، والسنّة النبويّة الصحيحة، في حكم الأرجل، وأنّهما قد أطبقا على المسح، من غير مرية ولا شكّ، لكن بقي الكلام في المأثورات عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ التي تعرب عن كون حكمها هو الغسل، فلا محيص عن دراستها وتحليلها. فنقول: إنّها على قسمين:
أ ـ ما روي بسند صحيح، رواه الشيخان البخاري ومسلم.
ب ـ ما روي بسند ضعيف.
1. أخرج مسلم، عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد اللّه بن عمرو بن سرح، وحرملة بن يحيى التجيبي، قالا: أخبرنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، أنّ عطاء بن يزيد الليثي أخبره، أنّ حمران مولى عثمان أخبره، أنّ عثمان بن عفان دعا بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ توضّأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : من توضّأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدّم من ذنبه.(8)
2. أخرج البخاري، عن موسى قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: تخلّف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ عنّا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار، مرتين أو ثلاثاً(9).
3. أخرج مسلم،عن زهير بن حرب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن حمران مولى عثمان: أنّه رأى عثمان، دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرّات فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرات، ثم قال: قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : من توضّأ نحو وضوئي هذا، ثم صلّـى ركعتين، لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدّم من ذنبه(10).
4. عن بشر بن المفضل، عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: كان رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يأتينا، فحدثتنا أنّه، قال: اسكبي لي وضوءاً ـ فذكرت وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ـ قالت فيه: فغسل كفّيه ثلاثاً، ووضأ وجهه ثلاثاً، ومضمض واستنشق مرة، ووضأ يديه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه مرّتين، بدأ بمؤخّر رأسه، ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما، ووضأ رجليه ثلاثاً ثلاثاً(11).
5. حدثنا موسى قال: حدثنا وهيب، عن عمرو، عن أبيه قال: شهدت عمرو بن أبي حسن، سأل عبد اللّه بن زيد عن وضوء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فدعا بتور من ماء، فتوضّأ لهم وضوء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاث غرفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل به وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين(12).
إنّ هذه الروايات وان نقلت بسند صحيح، لكنّ الاختلاف والتهافت في المضمون مريب جداً ومسقط لها عن الحجّية، وكلّها تحكي وضوء رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إذ الاختلاف والتهافت فيها من جوانب أربعة:
1. الاختلاف في عدد غسل اليدين.
2. الاختلاف في مقدار المسح.
3. الاختلاف في كيفيّة المسح من جهة التقديم والتأخير.
4. الاختلاف في عدد مسح الرأس.
وإليك البيان:
أمّا الأوّل: ففي رواية حمران مولى عثمان أَنّه غسل يده اليمنى إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك .
وفي رواية عبد اللّه بن زيد: ثم غسل يده مرتين إلى المرفقين.
وأمّا الثاني: ففي رواية الصحابية الربيع بنت معوذ بن عفراء: بأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما. مع أنّ المذكور في غير هذه الرواية أَنّه مسح رأسه دون أُذنيه ظهورهما وبطونهما.
وأمّا الثالث: ففي رواية الصحابيّة أَنّه بدأ بمؤخّر رأسه ثم بمقدّمه، ولكن في رواية عبد اللّه بن زيد: فمسح رأسه فأقبل بها وأدبر مرة واحدة
وأمّا الرابع: ففي رواية الصحابيّة أنّه مسح برأسه مرتين . مع أنّ المذكور في غيرها أنّه مسح رأسه. الظاهر في كونه مرّة واحدة إذ لو كان متعدداً لم يغفل الراوي عن نقله.
فوجوه الاختلاف هذه تعرب عن اضطراب الحديث وعدم إمكان الأخذ به، وتصوّر أَنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ توضأ بكيفيّات مختلفة، وإنّ كلّ واحد يروي ما رآه من الكيفيّة بعيد جداً خاصّة وأَنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إِنّما يتوضّأ بأفضل الكيفيّات ما لم تكن هناك ضرورة على ترك الأفضل.
وأمّا رواية عبد اللّه بن عمر فهي على الخلاف أدلّ، لأنّها تعرب أَنّ عبد اللّه ابن عمر و رهطه كانوا يمسحون الأرجل طيلة أعوام، ومن البعيد أن يكون مثله غافلاً عما هو الواجب.
فليس في الرواية إِذن أي دلالة على غسل الأرجل، وإنّما توهم من توهم ذلك، لأنّ البخاري ذكرها تحت عنوان باب غسل الرجلين، ومن المعلوم أنّ تبويب المحدّث وذكر الحديث تحت عنوان لا يثبت ظهوراً له فيه، فعلى المجتهد بذل الجهد في فهم الرواية.
بقي الكلام في أنّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لماذا دعا بالويل للأعقاب من النار؟ فيه وجوه واحتمالات أرجحها أَنّه كان قوم من طغام العرب يمشون حفاة ولا يبالون من تلبيس الأرجل بأي نجاسة، وكانوا يتوضّؤون ويمسحون أرجلهم دون غسلها قبل الوضوء من آثار النجاسة، فتوعّدهم النبي بما قال.
على أنّ النبي من أفصح العرب وأفضل من نطق بالضاد، فلو أراد بكلمته هذه التنبيه على وجوب غسل الأرجل لأتى بكلمة واضحة الدلالة، ترشد المكلّف إلى وظيفته لا أن يتوصل بكلمة غامضة لإفادة مراده، أعني قوله: «ويل للأعقاب من النار».
وهذه هي حال الصحاح من الروايات، وإليك ما نقل في ذلك المجال من ضعافها، وحسبك ما نذكره فيما يلي:
1. عن ابن أبي مليكة قال: رأيت عثمان بن عفان يسأل عن الوضوء؟ فدعا بماء فأُتي بميضاة، فأضفى على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يده اليمنى ثلاثاً وغسل يده اليسرى ثلاثاً أدخل يده فأخذ ماءً فمسح برأسه وأُذنيه فغسل بطونهما وظهورهما مرّة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يتوضّأ(13).
وفي سنده ابن أبي مليكة، قال عنه البخاري وأحمد: منكر الحديث.(14) وقال ابن سعد: له أحاديث(15)، وقال ابن معين: ضعيف، وقال النسائي: متروك(16).
2. أخرج ابن ماجة بسنده عن هشام بن عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمان بن ميسرة، عن المقدام بن معد يكرب أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ توضّأ فغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً(17).
وفي سنده عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، قال عنه ابن المديني: مجهول لم يرو عنه غير حريز بن عثمان(18).
3. أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني أبو جعفر المدني، قال: سمعت ابن عثمان بن حنيف ـ يعني: عمارة ـ قال: حدثنا القيس، قال: إنّه كان مع النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في سفر فأُتي بماء فقال على يديه من الأناء فغسلهما مرة، وغسل وجهه وذراعيه مرة مرة وغسل رجليه بيمينه كلتيهما(19).
وفي سنده عمارة بن عثمان بن حنيف وهو مجهول، فعن خزيمة بن ثابت أنّه لا يعرف(20).
4. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: أَنّ رجلاً أتى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فقال: يا رسول اللّه، كيف الطهور؟، فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مسح برأسه، فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أُذنيه، وبالسباحتين باطن أُذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم(21).
وفي سنده عمرو بن شعيب، قال عنه أحمد بن حنبل: له أشياء مناكير وإنّما نكتب حديثه نعتبر به فأمّا أن يكون حجة، فلا(22).
5. أخرج النسائي، أخبرنا محمّد بن آدم، عن ابن أبي زائدة، قال: حدثني أبي وغيره، عن أبي إسحاق، عن أبي حية الوادعي، قال: رأيت علياً توضأ فغسل كفّيه حتى أنقاهما، ثم تمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً وغسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل قدميه إلى الكعبين، ثم قام، فأخذ فضل طهوره فشرب وهو قائم ثم قال: أحببت أن أُريكم كيف كان طهور النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ (23).
وهذا الحديث ساقط بسقوط سنده من عدة جهات:
الأُولى: أنّ أباحيّة راوي هذا الحديث نكرة من أبهم النكرات، وقد أورده الذهبي في الكنى من ميزانه، فنصّ على أنّه لا يُعرف، ثم نقل عن ابن المديني وأبي الوليد الفرضي النصّ على أنّه مجهول، وقال أبو زرعة: لا يسمّى(24).
الثانية: أنّ هذا الحديث تفرّد به أبو إسحاق وقد شاخ ونسي واختلط، فتركه الناس ولم يروه عنه إلاّ أبو الأحوص وزهير بن معاوية الجعفي، فعابهم الناس بذلك، قال أبو زرعة: إنّه سمع من أبي اسحاق بعد الاختلاط(25).
الثالثة: أنّ هذا الحديث يعارض الأحاديث الثابتة عن أمير المؤمنين وعن أبنائه الميامين، أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، ويخالف كتاب اللّه، فليضرب به عرض الجدار.
6.عن عبد الرحمن بن عباد بن يحيى بن خلاد الزرقي، قال: دخلنا على عبد اللّه بن أُنيس، فقال: ألا أُريكم كيف توضّأ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وكيف صلّـى؟ قلنا: بلى.
فغسل يديه ثلاثاً ثلاثاً ومسح برأسه مقبلاً ومدبراً وأمس أذنيه وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم أخذ ثوباً فاشتمل به وصلّـى، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يتوضّأ ويصلّـي. رواه الطبراني في الأوسط (26).
وفي سنده عبد الرحمن بن عباد بن يحيى بن خلاد الزرقي، وهو مجهول لم أجد من ترجم له(27).
7. عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : أَنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ رأى رجلاً يصلّـي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أن يعيد الوضوء والصلاة(28).
وفي سنده بقية بن الوليد، وهو كثير التدليس عن الضعفاء، وقال عبد الحق: بقية لا يحتج به(29).
8. عن ابن عباس قال: دخلت على رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وهو يتطهّر وبين يديه إناء قدر المدّ وإِن زاد فقلّما زاد، وإِن نقص فقلّما نقص، فغسل يديه وتمضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً وخلّل لحيته، وغسل ذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه وأُذنيه مرتين مرتين، وغسل رجليه حتى أنقاهما، فقلت: يا رسول اللّه هكذا التطهّر ؟ قال: هكذا أمرني ربي عزّ وجلّ (30).
وفي سنده نافع أبو هرمز، ضعّفه أحمد وجماعة، وكذّبه ابن معين، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة(31).
9. عن أبي النضر: أَنّ عثمان دعا بالوضوء وعنده الزبير وطلحة وعلي وسعد، فتوضّأ وهم ينظرون، فغسل وجهه ثلاث مرات، ثم أفرغ على يمينه ثلاث مرات وعلى شماله ثلاث مرات، ومسح برأسه ورشّ على رجله اليمنى ثلاث مرات ثمّ غسلها، ثم رشّ على رجله اليسرى ثم غسلها ثلاث مرات، ثم قال للّذين حضروا: أُناشدكم اللّه عزّ وجلّ أتعلمون أَنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يتوضّأ كما توضّأت الآن؟ قالوا: نعم وذلك لشيء بلغه(32).
وفي سنده غسان ابن الربيع، ضعّفه الدارقطني، وقال عنه الذهبي: ليس بحجّة في الحديث(33).
10.عن وائل بن حجر قال: حضرت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وقد أتى بإناء فيه ماء، فأكفأ على يمينه ثلاثاً، غمس يمينه في الإناء فأفاض بها على اليسرى ثلاثاً، ثم غمس اليمنى فحفن حفنة من ماء فتمضمض بها واستنشق واستنثر ثلاثاً، ثم أدخل كفّيه في الإناء فحمل بهما ماءً فغسل وجهه ثلاثاً، ثم خلّل لحيته ومسح باطن أُذنيه وأدخل خنصره في داخل أُذنه ليبلغ الماء، ثم مسح رقبته وباطن لحيته من فضل ماء الوجه وغسل ذراعه اليمنى ثلاثاً حتى جاوز المرفق وغسل اليسرى مثل ذلك باليمنى حتى جاوز المرفق، ثم مسح على رأسه ثلاثاً ومسح ظاهر أُذنيه ومسح رقبته وباطن لحيته بفضل ماء الرأس، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثاً وخلّل أصابعها وجاوز بالماء الكعب ورفع في الساق الماء، ثم فعل في اليسرى مثل ذلك، ثم أخذ حفنة من الماء بيده اليمنى فوضعه على رأسه حتى انحدر من جوانب رأسه، وقال: هذا تمام الوضوء، فدخل محرابه، وصفّ الناس خلفه. رواه الطبراني في الكبير (34).
وفي سنده سعيد بن عبد الجبار، قال عنه محمد بن مخلد الرعيني: لايعرف(35).
وفي سنده أيضاً محمد بن حجر، قال عنه الزهري: مجهول(36).
11. عن أنس بن مالك عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: إذا توضّأ أحدكم فليمضمض ثلاثاً فإنّ الخطايا تخرج من وجهه ،ويغسل يديه ثلاثاً، ويمسح برأسه ثلاثاً، ثم يدخل يديه في أُذنيه، ثم يفرغ على رجليه ثلاثاً. رواه الطبراني في الأوسط (37).
وفي سنده أبو موسى الحناط، وهو متروك(38).
12. محمّد بن جابر، عن عبد اللّه بن بدر قال: نزل القرآن بالمسح، فأمرنا رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بالغسل فغسلنا. رواه الطبراني في الكبير (39).
وفي سنده محمد بن جابر وهو ضعيف، كان أعمى واختلط عليه حديثه، وقال عنه عمرو بن علي: كثير الوهم، متروك الحديث، وقال البخاري: ليس بالقوي، يتكلّمون فيه، روى مناكير(40).
13. وعن ابن عباس: أَنّ أَعرابياً أتى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فقال: يا رسول اللّه كيف الوضوء؟ فدعا رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بوضوء فغسل يده اليمنى ثلاثاً، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء، ثم مضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه وظاهر أُذنيه مع رأسه، ثم غسل رجليه ثلاثاً، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد فقد تعدّى وظلم. رواه الطبراني في الكبير (41).
وفي سنده سويد بن عبد العزيز، قال عنه البخاري: في بعض حديثه نظر، وقال أحمد: ضعيف، متروك، وقال النسائي: ليس بثقة(42).
قد عرفت مكانة هذه الروايات من حيث ضعف رواتها وعدم وثاقتهم، ومع ذلك كلّه فلنا حول هذه الروايات صحيحها وضعيفها تأمّلات:
1.يكفي في عدم صحّة الاحتجاج أنّها مخالفة لكتاب اللّه سبحانه، ولا قيمة لرواية مهما صحّ سندها إذا كانت معارضة للكتاب، ولا يمكن أن يقال أنّها ناسخة له، لما عرفت أنّ الكتاب لا ينسخ بالرواية خصوصاً الآحاد منها، مضافاً
إلى أنّ سورة المائدة هي السورة الأخيرة التي اتّفقت الأُمّة على عدم نسخ شيء منها، فهل يمكن أن ينزل الوحي في أواخر عمر النبي بالمسح ثم ينسخه بالغسل؟!
على أنّ حبر الأُمّة وعيبة الكتاب والسنّة: عبد اللّه بن عباس كان يحتجّ بالكتاب على المسح، ويقول: افترض اللّه غسلتين ومسحتين، ألا ترى أنّه ذكر التيمم وجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين؟!
وكان يقول: الوضوء غسلتان ومسحتان، ولمّا بلغه أنّ الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية تزعم أنّ النبي توضّأ عندها فغسل رجليه، أتاها يسألها عن ذلك، وحين حدّثته به قال ـ غير مصدّق بل منكراً ومحتجاً ـ إنّ الناس أبوا إلاّ الغسل، ولا أجد في كتاب اللّه إلاّ المسح.
2. أنّها لو كانت حقّاً لاربت على التواتر، لأنّ الحاجة إلى معرفة طهارة الأرجل في الوضوء حاجة عامّة لرجال الأُمّة ونسائها، أحرارها ومماليكها، وهي حاجة ماسّة لهم في كلّ يوم وليلة، فلو كان هناك حكم غير المسح بين الحدّين حيث دلّ عليه الكتاب، لَعَلِمَهُ المكلّفون في عهد النبوة وبعده، وكان مسلّماً بينهم، ولتواترت أخباره عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في كل عصر ومصر، فلا يبقى مجال لإنكاره ولا الريب فيه، ولمّا لم يكن الأمر كذلك ظهر لنا الوهن المسقط لتلك الأخبار عن درجة الاعتبار.
المصادر :
1- حديث متّفق عليه رواه أصحاب الصحاح والمسانيد.
ـ أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم وهو الحديث 873 من أحاديث كنز العمال: 1/173.
ـ أخرجه الإمام أحمد من حديث زيد بن ثابت في الجزء الخامس من مسنده: 492.
ـ أخرجه الطبراني في الكبير عن زيد بن ثابت أيضاً وهو الحديث 873 من أحاديث الكنز: 1/173.
ـ أخرجه الحاكم في الجزء الثالث من المستدرك: 148، ثم قال: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين.
ـ أخرجه الذهبي في تلخيص المستدرك: 3/148. معترفاً بصحته على شرط الشيخين.
ـ أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري في الجزء الثالث من مسنده: 394، الحديث 10747.
ـ أخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن سعد عن أبي سعيد وهو الحديث 945 من أحاديث الكنز: 1/186.
ـ أخرجه ابن حجر في أواخر الفصل 2 من الباب 9 من الصواعق المحرقة: 75.
2- الكافي: ج 3/21، كتاب الطهارة.
3- الكافي: ج3/25، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء، الحديث 4.
4- المائدة: 6.
5- الكافي: 3/25، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء، الحديث 5.
6- المصدر نفسه: الحديث 2.
7- الأحزاب:33.
8- صحيح مسلم:3/107، كتاب الطهارة، الحديث برقم 226; أخرجه البخاري أيضاً بسنده:1/51، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً; سنن النسائي:1/80، كتاب الطهارة، باب حدّ الغسل; جامع الأُصول:7/154; سنن الترمذي برقم 48، 49 في الطهارة; مجمع الزوائد:1/229.
9- صحيح البخاري:1/52، باب غسل الرجلين.
10- صحيح مسلم:3/111، الحديث برقم4، باب صفة الوضوء وكماله.
11- جامع الأُصول: 7/164 برقم 5149، سنن الترمذي:1/48 برقم 33 في الطهارة.
12- صحيح البخاري: 1/81برقم 186.
13- جامع الأُصول:7/155.
14- التاريخ الكبير:5/260.
15- الطبقات الكبرى:5/364.
16- الميزان: 2/550.
17- سنن ابن ماجة:1/156، الحديث457.
18- ميزان الاعتدال:2/594، برقم 4986; الطبقات الكبرى:7/457، الجرح والتعديل:5، الترجمة1362.
19- جامع الأُصول:7/165 برقم 5150;: سنن النسائي: 1/79 في الطهارة.
20- تهذيب الكمال:21/254برقم 4191; ميزان الاعتدال:3، الترجمة6032.
21- جامع الأُصول: 7/161 برقم 5147; سنن أبي داود: برقم 122 في الطهارة.
22- سير أعلام النبلاء:5/165; ميزان الاعتدال:3/263; لسان الميزان:7/325.
23- جامع الأُصول:7/153; سنن النسائي:1/79، سنن الترمذي:1/67 برقم 48; سنن ابن ماجة:1/155 الحديث456; مسند أحمد بن حنبل:1/259، الحديث1383.
24- ميزان الاعتدال:4/519 برقم 10138; تهذيب الكمال:33/269 برقم 7334.
25- ميزان الاعتدال:2/86، ترجمة زهير بن معاوية برقم 2921.
26- مجمع الزوائد:1/233.
27- مجمع الزوائد:1/233.
28- جامع الأُصول: 7/168; سنن أبي داود، الحديث175.
29- ميزان الاعتدال:1/231 برقم 1250.
30- مجمع الزوائد:1/232.
31- ميزان الاعتدال:4/243برقم 9000.
32- مجمع الزوائد:1/229.
33- ميزان الاعتدال:3/334 برقم 6659.
34- مجمع الزوائد:1/232.
35- ميزان الاعتدال:2/147برقم 3224; تهذيب الكمال:10/523برقم 2307.
36- ميزان الاعتدال:3/511برقم 7360.
37- مجمع الزوائد:1/233.
38- المصدر السابق.
39- مجمع الزوائد:1/234.
40- تهذيب الكمال:24/564برقم 5110.
41- مجمع الزوائد:1/231; المعجم الكبير:11/62، الحديث11091
42- ميزان الاعتدال:2/251برقم3623.



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.