(1888-1959) جون فوستر دلس J.F.Dulles سياسي وقانوني أمريكي، ولد في واشنطن، وهو حفيد جون واطسون فوستر وزير خارجية الولايات المتحدة (1889-1893).
درس دَلس القانون في أمريكا، ثم استكمل دراسته في سويسرا وفرنسا، وتخصص في القانون الدولي، بدأ حياته العملية محامياً، واهتم بالسياسة الدولية، شارك في عدة مؤتمرات دولية، ثم عمل في المخابرات المركزية الأمريكية، وأصبح عضواً في وفد الولايات المتحدة إلى مؤتمر الصلح في فرساي بفرنسا 1918-1919، عمل مستشاراً لوزارة خارجية بلاده، وأصبح ممثلاً لها في منظمة الأمم المتحدة سنة 1946، وفي سنة 1949 أصبح عضواً بمجلس الشيوخ الأمريكي، ولما أصبح الجنرال دوايت ديفيد أيزنهاور Duight David Eisenhawer رئيساً للولايات المتحدة عينه وزيراً لخارجيتها سنة 1953.
تجلت اهتمامات دلس بوصفه وزيراً للخارجية في أربع مناطق حيوية لأمريكا خاصة وهي: الشرقان الأقصى والأوسط وأوربا وأمريكا اللاتينية. ولعل أهم إنجازاته في الشرق الأقصى، بعد معاهدة الدفاع المشترك مـع كل من الصين الوطنية وكـوريا الجنوبية إقامة منظمة حلف جنوب شرقي آسيا «السيتو» (SEATO) التي ضمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واستراليا ونيوزيلندا والفيليبين وتايلند والباكستان. مع ذلك، ماطل دلس لما طلبت فرنسا مساعدة الولايات المتحدة المباشرة في الهند الصينية، ثم رفض، واتهمته فرنسا بأنه يريد إحلال النفوذ ا لأمريكي محل نفوذها في الشرق الأقصى.
وفي الشرق الأوسط، تجلت أهم الأحداث خلال فترة دلس في قضيتين رئيستين هما: حلف بغداد وتأميم شركة قناة السويس، ثم مبدأ أيزنهاور. وكانت العراق، بمبادهة من رئيس وزرائها نوري السعيد، قد وقعت مع تركيا في بغداد معاهدة تحالف سميت (حلف بغداد)، وذلك بتاريخ 25/2/1955 لمدة خمس سنوات، وانضمت إليها بريطانيا والباكستان وإيران في العام نفسه، ودعم دلس هذا الحلف بقوة، ثم أدخل بلاده في اللجنة العسكرية للحلف. ولكن سياسته هنا أصيبت بنكسة بعد ثورة 1958 في العراق، فنزلت قوات عسكرية أمريكية في لبنان، ثم اضطرت إلى الانسحاب فيما بعد، وفشل الحلف بعد ذلك.
وفي مصر، كان مشروع السد العالي في أسوان من أولى اهتمامات الرئيس جمال عبد الناصر، وكانت مصر تنتظر دعما مالياً أمريكياً لإقامته، ولكن قبول عبد الناصر عرض الأسلحة السوفييتية الحديثة، ووصول شحنة من هذه الأسلحة فعلاً إلى مصر، أثار غضب دلس، فأعلن في 19/7/1956 بأن الولايات المتحدة قد سحبت عرضها بتمويل السد العالي، مما دفع القيادة المصرية إلى تأميم شركة قناة السويس في 26/7/1956 لتمويل السد العالي من عائداتها، وهو الأمر الذي أدى إلى العدوان الثلاثي، الذي انتهى بسبب الإنذار الروسي وضغط أمريكا على حلفائها بإنهاء ذلك العدوان، الذي عدّه دلس وأيزنهاور «قطيعة لجبهة الأطلسي، وضربة للأمم المتحدة وخيانة لواشنطن»، واضطر المعتدون إلى الانسحاب.
وفي أواخر سنة 1956، عرض دلس على الرئيس الأمريكي مشروعاً عرف باسم «مبدأ أيزنهاور» يتلخص في حق التدخل في حالة هجوم شيوعي، وإعطاء معونة اقتصادية للبلاد العربية التي تقبل هذا المشروع الذي أقره الكونغرس فعلاً.
في أوربا: عمل دلس على تقوية الأحلاف المضادة للشيوعية مبتدئاً بدعم فكرة إعادة تسلح ألمانيا الاتحادية. وشدد على فكرة «أسرة الدفاع الأوربي» التي عارضتها فرنسا، وبعد مخاض عسير، قرر مؤتمر لندن الذي انعقد في عام 1954، إدخال ألمانيا في «الميثاق الأطلسي» وإنهاء احتلالها.
بقيت مشكلة برلين، التي كانت قد قسمت إلى منطقتين منفصلتين: شرقية وغربية، تفصل بينهما حدود دولية، واتخذت ألمانيا الديمقراطية من برلين الشرقية عاصمة لها، ثم انتقلت بحكومتها ومؤسساتها إليها سنة 1955، بعد حصار برلين الثاني سنة 1953. وكان الروس يحاولون جهدهم، طيلة وجود دلس في الخارجية الأمريكية، إنهاء احتلال برلين وسحب القوات الغربية منها، ولكن جميع الجهود بهذا الصدد باءت بالفشل.
في أمريكا اللاتينية: كان دلس يدعم فكرة «رابطة الدول الأمريكية» ويبذل قصارى جهده لإبعاد الشيوعية عنها، وكانت المبادئ الاشتراكية قد تسربت إليها. كما حدث في غواتيمالا، وفي كوستاريكا مثلاً، ولكن سياسة دلس أخفقت في كوبا حيث نشبت ثورة منذ 26/7/1953 على حكومة الجنرال ف. باتيستا F.Batista الدكتاتورية، وانتصرت الثورة في1/10/1959 بقيادة ڤيديل كاسترو، الذي أعاد تشكيل الحزب الشيوعي في بلده على المبادئ الماركسية اللينينية. فعمدت الولايات المتحدة إلى إلغاء اتفاقيتها الخاصة باستيراد السكر من كوبا، ثم أوقفت جميع العمليات التجارية والمالية معها، وشرعت في التحريض على كاسترو، ولكن جميع جهود دلس وتدابيره هذه باءت بالفشل.
وفي أوائل سنة 1959 اضطر جون فوستر دلس إلى الاستقالة من منصبه بسبب اشتداد وطأة المرض عليه. توفي في واشنطن، بعد أن جعل العالم يعيش أكثر من ست سنوات متوتراً يترقب خطراً محدقاً بسبب سياسة «حافة الحرب» التي اتبعها مع الكتلة الشيوعية القوية، ذات القدرات النووية المتطورة، مما كان يهدد العالم بأعظم كارثة في العصور الحديثة.
تجلت سياسة دلس في جهوده الحثيثة لمكافحة الشيوعية، ونجح في إنهاء نفوذ فرنسا وبريطانيا في الشرق الأوسط، وتقليصه في الشرق الأقصى. وتجلى خطر سياسته على العالم في مبدأ «الانتقام الكثيف» القاضي بأن ترد الولايات المتحدة على «العدوان الشيوعي» في أي مكان تختاره هي، حتى في قلب الاتحاد السوڤييتي أو الصين الشيوعية، مما كان يهدد بتحويل أي حرب صغيرة إلى حرب نووية مدمرة. وأصبحت الطائرات الأمريكية تجوب أجواء الكرة الأرضية ليل نهار مسلحة بالقنابل الذرية، كما استقر الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط والأسطول السابع في بحر الصين بالشرق الأقصى، ونشرت الولايات المتحدة قواعدها الجوية والبحرية في كل مكان. وكان دلس لا يعترف بحق الدول الأخرى بعدم الانحياز، ويشجع على المساعدة السخية للدول السائرة في فلك الولايات المتحدة.
وقد ساعدت دلس على انتهاج هذه السياسة عدة عوامل مهمة، أبرزها نجاح صاروخ «أطلس» Atlas العابر للقارات، ووضع أول قمر صنعي أمريكي في مداره، وإنشاء الوكالة الوطنية الأمريكية لرحلات الفضاء، ونجاح تجربة أول قنبلة هيدروجينية أمريكية، أضف إلى ذلك وفاة جوزيف ستالين في آذار 1953، والمصاعب الداخلية بالصين، والخلاف الصيني السوڤييتي، كل هذا ساعد على تنفيذ سياسات دلس بنجاح، وجعل له مركزاً بارزاً بين وزراء الخارجية الأمريكية في التاريخ المعاصر.
دلس
جون فوستر
Tuesday, January 6, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور