مارك شاغال

Sunday, February 22, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
مارك شاغال

(1887 ـ 1985) مارك زخاروفيتش شاغال Marc Chagall، مصور وحفار روسي فرنسي، ولد في منطقة ليوزنو قرب فيتيبسك Vitebsk (روسيا البيضاء)، وتوفي في سان ـ بول ـ ديفانس Saint-Paul-de-Vence بفرنسا.

عاش طفولته في بيئة محافظة على تقاليدها وعاداتها العائلية، وبدأ دراسة الرسم والتصوير عام 1906 في المدرسة المحلية على يد الفنان «بن» Penn، وسافر عام 1907 إلى سان بطرسبرغ[ر]، وانتسب إلى مدرسة الرسم في جمعية مشجّعي الفنانين، وتتلمذ على يد ليون باكست Léon Bakst. وفي عام 1910 سافر إلى باريس، لدراسة الفن الفرنسي المعاصر، وتعرّف هناك إلى فناني وشعراء «مدرسة باريس» التي جمعت مواهب العالم، وعرض في صالون «المستقلين» عام 1911. وفي عام 1914 عاد إلى فيتيبسك وبقي فيها حتى عام 1919. وعرض أعماله في بطرسبرغ وموسكو وبرلين، وأسهم في الاحتفالات الأولى للثورة الروسية. عاش شاغال في موسكو من 1920 إلى 1922. ثم في خارج روسيا: برلين وباريس والولايات المتّحدة الأمريكية، ومن عام 1948حتى وفاته في فرنسا.

بعد رحلته الأولى إلى أوربا، عاد شاغال إلى فيتيبسك عام 1914، كأنّه عاد إلى نبع لا ينضب من الإلهام، حيث رسم كثيراً من الأعمال السريعة في خلال خمس سنوات، أسماها «وثائق» منها: منزله ومنطقته وقريته والطبيعة ووجوه الفلاحين وغيرها، وآمن بأهمية تخزين هذه «المفردات المحلية»، عناصر ضرورية لكل حياته العملية القادمة.


أبدع شاغال، على امتداد ثمانين عاماً، عالمه الأسطوري، وفيه امتزجت على نحو مبكر الأسطورة والواقع، والحكايات الخرافية وعناصر الحياة اليومية لبلدته فيتيبسك، وأوجد في أشكاله خليطاً معقداً لمشاهداته البصرية وذاكرته الشعبية، مع فكر قومي طقسي وفلكلوري وحلمي، وإدراك بسيط وساذج للعالم، مع هلع طفولي.

هذه الطريقة الخيالية المستوحاة من الواقع، جعلت السورياليين، في عشرينات القرن العشرين، يهتّمون بلوحات شاغال، من خلال بحثهم عن أفكار مبدعين قريبة من أفكارهم. لكنّه اختلف عنهم، فطريقته الخيالية في خلط الأشكال لم تتجاوز التصورات الواقعية، ولم يكن فيها اختلاق متعمّد للرؤى المرعبة المفتعلة.

اهتم شاغال طول حياته المديدة، إضافة إلى التصوير، بتصميم المناظر المسرحية والأزياء والرسوم الجدارية والزجاج المعشّق وأعمال الخزف والفسيفساء، ففي عام 1910 ساعد في ديكورات باليه «نارسيس» Narcisse، ونفّذ رسوماً جدارية وديكورات في المسرح الصغير في موسكو عام 1919 ـ 1920، وصمّم ملابس وديكورات لباليه سترافنسكي «طائر النار» في نيويورك عام 1945.

وفي عام 1949 نفّذ رسوماً جدارية، وبدأ في 1963 العمل في رسوم سقف غراند أوبرا في باريس، وفسيفساء «الفصول الأربعة» للبنك الوطني في شيكاغو عام 1972، وزجاجاً معشّقاً لنوافذ متحف نيس. وفي عام 1977 نفّذ زجاجاً معشّقاً للمعهد الفني في شيكاغو، ولكنائس في فرنسا وبريطانيا عام 1978 وأعمالاً كثيرة غيرها.

بدأ شاغال بمزاولة الحفر منذ 1922ـ1923، وزيّن كتابه «حياتي» بأول خبرة له في الرسوم التوضيحية، أصدرتها دار نشر في برلين. وفي العام نفسه دعاه أمبرواز فوللار، صاحب دار نشر، إلى باريس لينفذ رسوماً توضيحية لرواية غوغول «الأرواح الميتة». وعمل فيها من 1923 إلى 1925 وطُبع في الكتاب 96 رسماً. سعى شاغال إلى خلق أشكال جديدة، تتناسب مع عالم الرواية، وحملت رسومه طابعاً فنياً ساخراً يتسم بالفكاهة والتهكّم، وأشكالاً تتناسب وحداثة فنون القرن العشرين، فبعضها قريب إلى الواقعية التقليدية، وأخرى للسوريالية الخيالية. وقبل أن يُنهي شاغال هـذه المجموعة، طلب إليه فوللار، رسوماً توضيحية أخرى لخرافات «لافونتين»، فأنجزها عام 1930. ثم نفّذ رسوماً لكتاب «ألف ليلة وليلة»، وأول عمل «ليتوغرافي» ملون، ورسوماً «للأوديسة» وليتوغراف لـ «بوريه» شكسبير.

قدم شاغال عام 1927 هدية لصالة تريتياكوف في موسكو 96 عملاً من رسوم «الأرواح الميتة»، وفي ستينات القرن العشرين، قدم إلى متحف بوشكين، في موسكو أيضاً، مجموعة من أعمال الطباعة على الحجر المكرّسة للشاعر الروسي ماياكوفسكي Maïakovski.


اعتمد شاغال، منذ بداية إبداعه عل الموضوعات  الخالدة في أعماله، كالولادة والموت والحب والسعادة والطيبة والشر، وقدّمها في مظاهر حياتية بسيطة، وفيها تُحلّق آلات موسيقية وحرفيون وعشاق وزهور ملونة وديكة حمراء وخنازير خضراء وأبقار حوامل وعنزات محيّرة، والفنان نفسه، وكلّها بعين شاعر دمج الأرض بالسماء. لقد حوّل شاغال عالم الحياة اليومية إلى عالم بأبعاد جديدة، فصار عالماً خيالياً.

أنتج شاغال، على امتداد حياته الطويلة، لوحات كثيرة، من أبرزها: «فوق المدينة» (1914ـ 1918) موجودة في صالة تريتياكوف في موسكو، و«النزهة» (1917ـ 1918) في المتحف الروسي في بيتربورغ، وفيها مشهد طيران خيالي لزوجة الفنان «بيلا»، وهي مرتفعة في سماء واسعة ومفتوحة، لكنّها مرتبطة بيد الفنان نفسه، يشغل الجسد الطائر القسم الأعلى من اللوحة المربعة تقريباً، وخطوط العمل والبقع اللونية الأساسية تقوّي زوايا اللوحة، وتُشكل توازناً للحركة المائلة، وهذا التوازن يجعل غير الطبيعي طبيعياً.

ولوحة «ديك» (1929ـ باريس)، تعود إلى مرحلة تنفيذ رسومه التوضيحية لخرافات «لافونتين»[ر] La Fontaine، إذ ابتكر شاغال هذا الديك الخرافي المفتخر بنفسه، يجلس عليه فارس، ويحضنه برقة ويقبله كعشيق..
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.