ناجي العلي

Wednesday, April 22, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ناجي العلي

(1936 ـ 1987) ناجي سليم حسين العلي، رسام (كاريكاتور) فلسطيني من مواليد قرية الشجرة عام 1936، وهي قرية تقع بين الناصرة وطبريا في الجليل الشمالي من فلسطين، شُرد من فلسطين عام 1948. لجأ إلى مخيم عين الحلوة في لبنان، وكانت حياته في المخيم صعبة وقاسية ومليئة بالمعاناة، لم يتمكن معها من متابعة الدراسة، فاتجه إلى العمل في البساتين والمصانع.

في عام 1957 سافر إلى السعودية بعدما حصل على دبلوم في (الميكانيك) وأقام فيها مدة سنتين عاد بعدها إلى لبنان. في عام 1960 دخل الأكاديمية اللبنانية للرسم، لكنه لم يتمكن من الدوام فيها أكثر من شهر، نتيجة ملاحقة الشرطة اللبنانية له، أما بقية العام فقد أمضاه في أحد سجونها.

في عام 1963 سافر إلى الكويت وعمل في مجلة «الطليعة» الكويتية رساماً ومخرجاً ومحرراً، ثم عمل في جريدة «السياسة» الكويتية من عام 1968حتى العام 1975. مع بداية عام 1974 عمل في جريدة «السفير» اللبنانية واستمر فيها حتى عام 1983.

انتخب في عام 1979 رئيساً لرابطة رسامي (الكاريكاتور) العرب. وفي عام 1982 اُعتُقِلَ في صيدا من قبل الإسرائيليين، لكنهم لم يلبثوا أن أطلقوا سراحه لأنهم لم يتمكنوا من التعرف على شخصيته. عاد إلى الكويت مرة أخرى عام 1983حيث عمل في صحيفة «القبس» الكويتية، ثم توجه إلى «لندن» بعد مضايقة أطراف عديدة له، وفيها تم الاعتداء عليه يوم 22/7/1987 وتوفي على إثره بتاريخ 29/8/1987.

    

نفذ الفنان ناجي العلي مئات الرسوم (الكاريكاتورية) السياسية والاجتماعية، جلها يدور حول قضية فلسطين والقضايا العربية المختلفة، نشرها في العديد من الصحف والمجلات داخل البلاد العربية وخارجها، كما أخذ بعضها طريقه إلى كراسات وكتب، منها (كاريكاتور ناجي العلي) الصادر عن المركز العربي للمعلومات (ش.م.م) في بيروت عام 1983 وفيه 364 رسماً منفذاً بالأبيض والأسود، تتحدث عن الهم الفلسطيني خاصة، والهم العربي عامة، وقد قدم له الكاتب طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة «السفير» اللبنانية والشاعر الفلسطيني محمود درويش. فتحت عنوان «ناجي العلي اسمنا الحركي» قال سلمان: «ناجي العلي هو الاسم الحركي لفلسطين ومن ثم فهو الرسم الحركي لقضية الثورة بوصفها الطريق الذي لا طريق غيره للعودة والتحرير وإنهاء ليل القهر الاستعماري الطويل».

وأضاف: «ناجي العلي هو الشجرة، ابنها، ظلها وجذورها المغروسة في الطين، يشد البحر إلى البحر، ويربط المشرق بالمغرب بشرايينه، فهؤلاء هم أهله ولو كرهوا أو تنكروا له بما هو حقيقتهم والمشهِّر اليومي بعجزهم المتعاظم. ولأن ناجي العلي هذا ابن النكبة فهو الحالم الأبدي بنصر لابد أن يأتي، وهو المحرض الدائم و(المشاغب) المستقوي بالحلم على الواقع المر، ومن هذا تكتسب لهجته ـ ريشته تلك النكهة الساخرة حتى لتنخر العظام نخراً».

وتحت عنوان «ناجي العلي خبزنا اليومي» قال درويش: «خط… خطان… ثلاثة ويعطينا مفكرة الوجع البشري. مخيف ورائع هذا الصعلوك الذي يصطاد الحقيقة بمهارة نادرة، كأنه يعيد انتصار الضحية في أوج ذبحها وصمتها. ودائماً أتساءل: من دَلَّهُ على هذا العدد الكبير من الأعداء الذين ينهمرون من كل الجهات، ومن كل الأيام، ومن تحت الجلد أحياناً؟» ثم يؤكد درويش قائلاً: «إنسانيته المرهفة التي تدله. الإنسان الطاهر فيه أشد حساسية من رادار معقد، يسجل بوضوح ساطع كل مخالفة تعتدي أو تحاول الاعتداء. إنه الحدس العظيم، والتجربة المأساوية. فلسطيني واسع القلب، ضيق المكان، سريع الصراخ، وطافح بالطعنات، وفي صمته تحولات المخيم». ثم يضيف: «وهذا الفنان قليل الاكتراث بالفن، هكذا يبدو لي بقدر ما هو فنان. ولايبدو لي أن الفن يفرحه أكثر من ذلك، لايبدو أن الفن يعنيه، لأن الفن يسيل من أطراف أصابعه، ولأنه ممتلئ بالناس الذين لاينضبون».
    

ارتبطت رسوم الفنان ناجي العلي بشخصية لم تفارقها أبداً هي «حنظلة» الطفل الفقير الذي يدير ظهره للمتلقي، بحيث تحولت هذه الشخصية إلى توقيع الفنان، وحنظلة هذا، كما يقول الفنان العلي هو طفل من مخيم عين الحلوة وعد الجماهير أن يظل محافظاً على روحه، وهو نوع من المخاطبة الذاتية للقراء. وقد رسم شَعرَه كالقنفذ لأن القنفذ سلاحه في شعره، وقد عمد إلى رسمه حافياً دائماً، فتحول معها حنظلة إلى أيقونة تحفظ الفنان، وإلى علامة للرفض تتبدى في وضعه ليده وراء ظهره من دون أن يتكلم، وهذه الحركة جسدها الفنان العلي بعد حرب تشرين، إذ شعر أن هذا الطفل أصبح ضميراً قومياً، يقف بأفق إنساني، هو ليس ابن عين الحلوة وحسب، بل هو ابن النيل وابن الخليج وباقي المناطق العربية.

يرى الشاعر الفلسطيني سميح القاسم أن ناجي العلي الظاهرة الأكثر سخونة وإرباكاً في فن (الكاريكاتور) العربي على امتداد العقود الخمسة التي سبقت وفاته، وقد خرج من دائرة الانتماء الوطني إلى دائرة الانتماء القومي فالإنساني. أما الشاعر اللبناني عباس بيضون فيراه أشهر فنان فلسطيني وهو من كبار رسامي (الكاريكاتور)، ومن الفنانين النادرين الذين أُتيح لهم أن يغزوا ضمير شعب، وأن تتكلم أعمالهم بلسان شعب.

أخلص ناجي العلي لفنه وقضيته إلى آخر قطرات دمه. استشرف المستقبل، وبشّّر بثورة أطفال الحجارة، والانتفاضة الفلسطينية الباسلة في وجه المحتل الإسرائيلي، وكان مجابهاَ عنيداً للمتخاذلين، وسماسرة الأرض والأوطان، وأعداء الأمة.

كان (الكاريكاتور) سلاحه الأمضى في النضال من أجل قضية شعبه وأمته، وكان يجد فيه عزاءً ومتنفساً له، ولغةً تُخاطب جميع الناس، ولاسيما الفقراء منهم، بحيث أصبحت رسومه بما تحمل من رموز وإشارات وأشكال مباشرة، تصب جميعها، في قضية النضال الوطني والقومي العربي، خبز الفقراء اليومي.

إلى جانب إتقانه رسم (الكاريكاتور)، وصدق القضايا التي نهض بها؛ كان ناجي العلي يحمل رؤية واسعة وشاملة لقضية شعبه، تتجاوز في عمقها ووضوحها أدبيات الساسة والمثقفين، فقد أكد أكثر من مرة أنه ضد التسوية، لكنه مع السلام، وهو مع تحرير فلسطين، وفلسطين عنده ليست الضفة الغربية أو غزة، وإنما هي تمتد من المحيط إلى الخليج، مما يؤكد الهاجس القومي النبيل الذي كان يسكنه، ويعمل من أجل تحقيقه.

تعرض الفنان العلي لتهديدات كثيرة من أبناء شعبه وأمته قبل عدوه، ومع ذلك لم يستكن أو يلن أو يتراجع عن المبادئ التي آمن بها، وسخّر فنه من أجلها، ومن ثم، دفع حياته ثمناً لهذه المواقف. فقد تلقى يوماً تهديداً من شخصية فلسطينية معروفة تقول: «أنهم سيحرقون أصابعه بالأسيد إن استمر في رسمه»، فكان جوابه الصريح والقوي والواضح، أنه سيرسم بأصابع رجله إن هم قطعوا أصابع يديه.

    تنبأ ناجي العلي بملاقاته الشهداء والأحرار في موعد لن يخلفه عندما قال: «أنا على موعد هناك، ولن أخلفه، سنلتقي ذات يوم… الجميع… الشهداء وأبناء المخيمات والمغتربون هنا وهناك، حاملين صورة الوطن في العيون، و«فاطمة» الفلسطينية التي حملت هموماً تئن تحت وطأتها الجبال… سندق ساري علم فلسطين في تراب الوطن… وسنستمر». وقد صدق هذا الفنان بما وعد، تاركاً حنظلة ينأى بوجهه تجاه وطنه الفلسطيني، حالماً بالعودة يوماً، إلى أرض الشهداء والأنبياء.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.