جورجيو ڤازاري

Saturday, May 30, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
جورجيو ڤازاري

(1511-1574) جورجيو ڤازاري Giorgio Vasari مصور ومعمار وكاتب، ولد في مدينة أرتسو Arezzo التوسكانية في إيطاليا، في كنف عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى لأب يعمل في صناعة الخزف، إذ كان يملك في مكان قصي من توسكانيا فرناً خزفياً يعود إلى العهود القديمة، ويحتوي أواني غير مشوية، مما سهل عليه تقليد النماذج الأثرية. سلك جورجيو طريق أبيه المهني، ففي مذكراته ذكر أنه أقدم وهو في الثامنة على دراسة الرسم والتصوير بمساعدة صديق العائلة الفنان لوكا سينيوريلّي L.Signorelli.

حصّل بفضل والده درجة عالية من المعرفة في مجال العلوم الإنسانية، وعلى يد المعلمين أنطوني ساكون A.Saccone وجوفاني بولاسترا G.Pollastra اللّذين شجعاه على حب الآداب، وعلَّماه اللغة اللاتينية، وعلم الأساطير (الميثولوجيا)، وعرَّفاه عالم الحضارات القديمة.

في عام 1524، وعند بلوغه الثانية عشرة قدَّمه والده إلى الكاردينال سلفيو باسيريني S.Passerini، إبَّان زيارته لمدينة أرتسو، فأعجب الكاردينال بامتلاك الفتى ناصية اللغة اللاتينية، فشمله برعايته وانتقل إلى فلورنسا. وراح يواظب على الدروس اليومية في الآداب بإشراف المعلم بيير فاليريانو P.Valeriano إلى جانب الأمراء الصغار. وفي هذه الفترة تردد على مرسم الفنان الشهير ميكلانجلو Michelangelo، وأقام في قصر آل مديتشي الذين انفردوا بسيادة فلورنسا فيما بعد.

كان ڤازاري منذ حداثته فناناً نشيطاً، وعَمِلَ إلى جانب المصورين البارزين في عصر النهضة: روسو Rosso، ورافايلو Raffaello ونفذَّ في مشاغلهما كثيراً من اللوحات الزيتية ذات موضوعات أسطورية مثل صراع الساتير Satyres (شياطين الحقول). وحظي ڤازاري بشهرة واسعة في عمر لا يتجاوز الواحد والعشرين ربيعاً. وكان حِرفياً متمكناً، واثقاً من نفسه، ويجيد استخدام الفرشاة بسلاسة. كما كان متمكناً من الرسم مما جعله محط اهتمام كبير فيما بعد.

وفي روما، كان ڤازاري على علاقة وطيدة بميكلانجلو، فأفاد منه وأخذ عنه كثيراً من المعارف القيمة، وساعده على تصميم بعض أعماله، ولاسيما العمل المسمى «الصبر» Patience الموجود حالياً في قصر بيتي Pitti.
      

ترأس ڤازاري بفضل تعدد مواهبه فريقاً من المعماريين في بلاط الأمير كوسما Kosma، فكُلِّفَ العمارة الداخلية لقصر آل مديتشي، فزيَّن قاعاته، وصمم أثاثه وسجاده الجداري، وأضحى وزيراً للفنون في البلاط الفلورنسي.

وفي عام 1560 شيد مبنى أوفيتسي Uffizi لاستخدامه مجمعاً لإدارات فلورنسا، ولكنه صار فيما بعد متحفاً لكنوز الفن النفيسة التي جمعها آل مديتشي. وتتجلى قيمة القصر وسماته المعمارية المميزة في اعتماد الحلول الأفقية لواجهته، إضافة إلى عزل الطابق الأرضي بصف من الأعمدة الضخمة والشرفات المرتفعة، والتقشف في العناصر المستخدمة في البناء، والتخلي عن النسب الكلاسية أي الانسجام والهدوء. وبناءً على تزكية من ميكلانجلو نفَّذ ڤازاري السلالم الشهيرة لمكتبة لورنزينا في فلورنسا. والجدير بالذكر أن ميكلانجلو قيّم عالياً ڤازاري معماراً تفوق قدراته الرسم والتصوير، ونصحه مراراً بحصر اهتمامه بالعمارة.

في عام 1563، وبمساع من ڤازاري افتتحت أكاديمية الفنون المسماة Accademia del Disegno حيث دُعي سبعون عضواً للإشراف والتدريس فيها، وفي مقدمتهم ميكلانجلو لتعليم النحت والتصوير والعمارة.

لم يكن تنفيذ الموضوعات التاريخية أمراً مستجداً في زمن رافايلّو، وفي منتصف القرن السادس عشر بدأ الاهتمام بهذه المشاهد، وأضحت دُرْجة وتقليداً لدى كثير من الفنانين ومنهم ڤازاري الذي نفَّذ في قصر كانشيليريا (العدل) Cancelleria في روما (مشاهد تمثل الأسقف بولص الثالث). كما نفذ مشاهد رمزية وتمثيلية حيث أتاح اطلاعه الواسع على مجال الآداب مناخاً ملائماً لظهورها، وراح يرسم منذ عام 1556 لوحات كبيرة مستعيناً بمجموعة كبيرة من الأسماء المعروفة والتلاميذ، وفيها أدخل المشاركين في ظروف تاريخية مشابهة، كما وضع دراسات قيَّمة ضمَّت وجوهاً وآثاراً معمارية؛ وكأنه أراد أن يكون رساماً تاريخياً. وبهذه الطريقة نفَّذ تزيينات (ديكورات الخمسمئات) cinquecento أو القرن السادس عشر التي بدأت في عام 1563 في قاعات القصر القديم Palazzo Vecchio، وقد صوَّر فيها تاريخ فلورنسا وتاريخ عائلة مديتشي التي نشرت العلم والمعرفة، والتي ظلَّت أهم حدث سياسي انشد إليه ڤازاري.
    
  

لم يعر ڤازاري اهتماماً للجانب التصويري في لوحاته، وإنَّما ركَّز على الجانب التزييني، وعالج موضوعات دينية وأسطورية وأدبية، بغية إرضاء طموحات آل مديتشي، وتجسيداً لعظمة فلورنسا. ولكن هذه المسائل المطروحة في لوحاته لم ترض مؤرخي الفن والنقاد عبر العصور. ففي القرن التاسع عشر وبظهور الكلاسية المحدثة برزت الانتقادات اللاذعة، منها على سبيل المثال أحكام ليونيللو فينتوري Lionello Venturi الذي قدَّم لوحات ڤازاري على أنها لا تطاق: «لوحات ڤازاري كأنها مسرح لا يهتم بالبعد الزمني، وإنما باللحظة الآنية فقط».

في الفترة التي ألَّف فيها مخطوطه «حياة أعظم المصورين والنحاتين والمعماريين البارزين» Lives of the Most Eminent Painters, Sculptors and Architects، اقتصر على النوم ثلاث ساعات في اليوم. وعندما أضحى المخطوط جاهزاً اطَّلع عليه الأمير كوسما مديتشي الذي حوَّله إلى مطبعة القصر، ليخرج إلى النور في ربيع عام 1550 في مجلدين. وقوبل بترحاب واسع وحظي بنجاح كبير، فقد غطى حياة الفنانين الطليان، وأعمالهم الفنية بدءاً من تشيمابويه Cimabue حتى ميكلانجلو بطريقة واضحة وموضوعية. كما نقل إلينا بأسلوب نقدي كثيراً من الأخبار عن الحياة التشكيلية. ويُعدُّ ڤازاري من مؤرخي الفن العباقرة، فقد كان نشيطاً واسع المعرفة، سبق عصره ووضع العديد من المفاهيم ومن دونه لن تكون معرفتنا عن الفن كاملة. توفي ڤازاري في فلورنسا من دون أن ينجب أطفالاً، تاركاً إرثه الفني في حوزة ابن أخيه.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.